<div tag="7|80|” >رحلتي مع الإرشاد ( الجزء الأول)
أول ما بدأت رحلتي في عالم الإرشاد منذ 35عاما في أول سنة لي أمارس فيها التعليم في مدرسة روضة سدير المتوسطة ، إذ قمت بعمل المشرف الاجتماعي آنذاك عندما كانوا يسمون المرشد الطلابي مشرفا اجتماعيا ولكن المشكلة أنني لاأعرف في الإرشاد شيئا ولا علم لي بالخدمة الاجتماعية كذلك، فأنا خريج لغة عربية وإلى جانب عملي كمدرس قمت بعمل المشرف الاجتماعي وعندما زارني موجه التربية الاجتماعية بمنطقة سديرالتعليمية أثنى على جهودي ،فقلت في قرارة نفسي لعل ذلك من باب التشجيع فأنا لم أفعل شيئا يذكر لافتقاد الخبرة من جهة ولعدم التخصص من جهة أخرى على الرغم أن طلاب المدرسة لايزيدون على 35 طالبا، وعندما انتقلت للرياض وجهت لمدرسة ثانوية الجزيرة فعملت مدرسا للغة العربية فيها ومن ثم رشحت للوكالة ، وكان يعمل معي في نفس المدرسة مشرف اجتماعي ، وعندما أنظر إلى عمله أجده يعمل طول الوقت في المقصف المدرسي ولكنه لايمارس عمله في الخدمة الاجتماعية وبعد عام جاء إلى المدرسة مشرف اجتماعي آخر أفضل بكثير من الأول ولكن كل جهوده يصرفها في جماعات النشاط المدرسي إذ المدرسة في عهده وبجهوده نالت المركز الأول على منطقة الرياض ثلاث مرات ولإيماني بأهمية النشاط المدرسي في المدرسة إلا أني أرغب من المشرف الاجتماعي أن يعمل في دراسة حالات الطلاب ورعاية الطلاب المتأخرين دراسيا فالطلاب يواجهون صعوبات دراسية ولا أحد يلتفت لهذه الأمور وعند رجوعي من أمريكا بشهادة الماجستير في الإرشاد النفسي كنت أحلم أكون مرشدا طلابيا في أي مدرسة ،لقد ترسب في نفسي حب المساعدة للناس ، وحب هذا المجال الإنساني فكنت أزور المدرسة وألتقي بالمرشدين فالبعض أرتاح للعمل معه ،وأشجعه لاسيما المرشد المتمكن المحب لمهنة الإرشاد ، أما المرشد الكسول ، فأحاول أن أصلح من أمره وأساعده للتخلص من كسله ، أحيانا أقول هذا مرشد متميز : كيف يكون في هذه المدرسة التعبانه ؟، كثرة طلاب ومدير غير متفهم للعملية الإرشادية ،ومبنى مستأجرو عدم تعاون المعلمين معه لماذا لاينتقل هذا المرشد عن هذه المدرسة السيئة؟ ، فأرد على نفسي ، إذا انتقل هذا المرشد المتميز لمن نترك أبناءنا أليس في وجوده تعويض لما يوجد في هذه المدرسة من سوء؟ فأعدل عن فكرتي، وازور مرشدا آخر فأصاب بالإحباط، لماذا ؟ لأن هذا المرشد بعيد جدا عن الإرشاد ، على الرغم من أن المدرسة التي يعمل فيها مدرسة نموذجية لامن حيث المبنى ولا من حيث الإدارة المدرسية والمعلمين والإمكانات الأخرى ، فأرى في وجه مدير المدرسة عدم الارتياح وعدم الرضا عن هذا المرشد ، وكأن مدير المدرسة يعاتبني ، بل قال لي إذا كان هذا الإرشاد الذي يقولون عنه فلا نريد مرشدا فقلت لماذا ؟ فقال هذا المرشد يفسد أكثر مما يصلح !! قلت وكيف يفسد؟؟ قال أولا: الطلاب لايعرف عنهم شيئا ، ثانيا:أشغلني كثيرا بكثرة استئذانه من المدرسة حتى أنه أفسد علي بقية المدرسين ، لأنه إذا جاء لي مدرس يطلب الاستئذان ورفضت قال لي وفلان يستأذن ويغاب يعني المرشد ولا تقول له شيئا، فوضعني في حرج شديد بين المدرسين 0
عادة أخرج من المنزل صباحا وأتوجه إلى إحدى المدارس لزيارة أحد المرشدين في مدرسته، فينتابني شعور غريب، أقول في نفسي من هذا المرشد الذي سوف أزوره؟ هل سأفيده ؟وأطبق معه ماتعلمته في الجامعة من أسس ونظريات الإرشاد ؟ أم ماذا ؟ وعندما أصل للمدرسة وأقابل مدير المدرسة فيقول لي ببرود شديد ، هل تريد رفيقك المرشد ، إنه غير موجود أو أنه مكلف بعمل لايمت للإرشاد بصلة ، فأجلس مع المدير قليلا ، ونتحدث عن الإرشاد ، فأحس أن مدير المدرسة لايعرف عن الإرشاد شيئا أو انه فهم الإرشاد فهما خاطئا ، كانت نفسي تحدثني أنني سألتقي بالمرشد وأزوره في غرفته وأطلع على أعماله الإرشادية ، ولكن هذا لم يحصل وقلت يكفي أن أرى آثار المرشد في المدرسة ، وتجولت بصحبة المدير في أروقة المدرسة وفي الفصول الدراسية ولم أشاهد إلا لوحة الشرف فقط وصحف قديمة أكثرها لايمت للإرشاد بصلة ، أحسست من خلال جولتي أ لا تأثير للمرشد في المدرسة ، بعد ذلك انتقلت لمدرسة مجاورة للمدرسة التي زرتها ولم أجد مرشدها ، فاستقبلني مديرها استقبالا حار ا ، وقال لي لدينا مرشد متميز ، قلت له كيف حكمت عليه انه متميز قال لديه سجلات كثيرة ولا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا ويكتبها ، قلت له هل هذاهو الإرشاد في نظرك؟ قال نعم الإدارة تطلب منه هذه السجلات ، ونحن نلبي رغبة الإدارة التعليمية ، حتى تكون مدرستنا في مقدمة المدارس ، قلت له والتلميذ ماحظه من جهود المرشد ؟هل يعقد حلقات نقاش للطلاب أو هل يدربهم على الحوار ، هل يقوم بالتوجيه الجمعي 00الخ ، قال لي ليس لديه وقت ليلتقي بالطلاب أو يتحدث معهم، قلت له وهل يشارك في حضور دورات أو محاضرات قال : لا أنا لا أدعه يخرج من المدرسة !!!قلت له هل لديه مكتبة خاصة بالإرشاد من أجل أن ينمو نموا مهنيا قال لا : هو لايحب القراءة ، حزنت كثيرا وقلت في نفسي إلى هذا الحد وصل الضعف بالإرشاد 0
أتذكر مرة عندما بدأت في جولاتي التوجيهية للمرشدين في مدينة الرياض ولأول زيارة لي لمدرسة متوسطة وسط الرياض ، لما دخلت المدرسة وقابلت مديرها ، وكانت تظهر عليه سيماء الوقار إذ هو من الرعيل الأول ،-رحمه الله- وعند ما تجاذبنا أطراف الحديث وجاء ذكر المرشد الطلابي بمدرسته ، قال لي اسمح لي يا أستاذ إبراهيم أن أخبرك بالحقيقة ، فقلت تفضل قال هذا المرشد لايصلح لي ، ولماذا؟: قال : من بداية العام الدراسي وهو لم يعمل شيئا ، ثم أخذني إلى غرفة من غرف المدرسة وأطلعني على عدة لوحات ، وقال كل هذه اللوحات أنا الذي أحضرتها لاأدري هل هي من عمل الطلاب أم أحضرها من خارج المدرسة من عند خطاط ؟، المهم أنني قلت له ليس هذا عمل المرشد ، هذا عمل جماعات النشاط المدرسي ، على أي حال خرجت من الغرفة و قابلت المرشد في غرفته ، فلم أجده فعل شيئا ، كما ذكر ذلك مدير مدرسته ، وبقدرة قادر بعدما تركت الإرشاد بالمنطقة ، وانتقلت للوزارة تحول هذا المرشد إلى مشرف ، كيف؟ ، لاأدري !!!، سألت أحد الإخوة الطيبين في قسم الإرشاد كيف تحول هذا المرشد إلى مشرف ، إنني أعرفه لايصلح للإرشاد فضلا عن الإشراف ، فقال لي : لقد تغيرت حاله ، فقلت لعل ذلك يكون صحيحا ، هذه حالة من الحالات التي صادفتها في رحلتي مع التوجيه الإرشاد وغيرها كثير 0
قابلت أحد المرشدين الذي اعرفه شخصيا بهدوئه وتمرسه مع الحالات الفردية ، فقلت له يا أستاذ محمد لاأراك تهتم بالحالات الفردية مع أنها لب الإرشاد ، فالذي لايحسن دراسة الحالة لايفقه شيئا في الإرشاد وهو متخصص في القياس النفسي ، فقال لي يا أستاذ إبراهيم المدرسة غير مهيأة لتطبيق مفاهيم الإرشاد ، فسكت لأني أعلم بذلك ،وليس لدي ما أرد به عليه، كانت بالفعل تضايقني زيارة مثل هذا المرشد ، الذي يريد أن يعمل ولكنه لايجد من يعينه ،ولا يجد البيئة المناسبة للعمل الإرشادي ، فهو مثل الطبيب البارع الذي يعمل في مستشفى ويتعامل مع ممرضة جاهلة أو مهملة أو إدارة مستشفى غافلة ، أو أعداد كثيرة من المرضى لايتمكن من تشخيص حالاتهم وعلاجهم، وبالتالي يكون ذلك عائقا له في عمله فوجود البيئة الإرشادية مهم جدا ليمارس المرشد عمله بإتقان ، وصار ينطبق على المرشد والطبيب قول الشاعر :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ======= إياك إياك أن تبتل بالماء 0
لم تكن طريقتي في التوجيه علم الله تصيد الأخطاء أو إحراج المرشد بكثرة الأسئلة إنما كنت لبقا أكثر من اللازم خوفا من أن يفر من وجهي المرشد فأنا معلم أولا وناقل خبرة ثانيا، لقد أثرت في كلمات قالها لي أحد مديري المدارس الابتدائية عندما قابلته في زيارة لمدرسته قال لي بالحرف الواحد أنت يا أستاذ إبراهيم ناقل خبرة أنت مثل النحلة تنتقل من زهرة إلى زهرة فلا يجد منك المرشد إلا العسل)، وكحامل المسك لايجد منه المشتري إلا طيب الرائحة هذه حقيقة الإشراف كما أعرفها ويعرفها غيري من المشرفين، لكن المشكلة التي تقلقني في الإشراف أن أكثر المرشدين تنقصهم الخبرة والتدريب فما درسوه في الجامعة عن الإرشاد وحتى في دبلوم الإرشاد لم يكن كافيا لممارسة هذه المهنة العظيمة ،كما أن بعضهم حفظ نظريات لم يستطع أن يطبقها في الميدان التربوي فهو مثل الرجل الذي أكل كثيرا فأصابته التخمة ، فلم تستطع معدته هضم ما أكل، لقد حاولت عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد في منطقة الرياض التعليمية الاتصال بالجامعات ( مركز خدمة المجتمع ) من أجل الرفع من كفاية المرشد الطلابي بالمدرسة، ولم يلب طلبي سوى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية –جزاهم الله خيرا-الذين قاموا مشكورين بتنظيم دورة استمرت أسبوعين عن أعظم مشكلة يواجهها التعليم ، وهي مشكلة التأخر الدراسي ، وقد شاركت في هذه الدورة بمحاضرة عن التأخر الدراسي أسبابه وعلاجه ، كما اتصلت بمركز البحوث التطبيقية في الدرعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بطلب إقامة دورة في دراسة الحالة للمرشدين، وقد أنبتني على ذلك وزارتي الموقرة لأنني اتصلت بالمركز المذكور مباشرة دون الرجوع إليها ، ولست بصدد تعداد ما بذلته من جهود وأنا رئيس لقسم التوجيه والإرشاد والمكافأة التي أحصل عليها من وزارتي العزيزة الرفض والجحود ، لكن أنا لايهمني ذلك إذا كنت راضيا بما أعمل وأحتسب اجري عند الله إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا 0
عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد في منطقة الرياض التعليمية جاء لي المراسل بمعاملة من مكتب سعادة المدير العام وقد كان فحوى المعاملة طلب من مدير مدرسة لكا تب وقد شرح عليها سعادة المدير (ارسلوالهم مرشدا طلابيا ، فتعجبت كيف نرسل لهم مرشدا وهم يطلبون كاتبا؟ ألهذا الحد هانت وظيفة المرشد على بعض المسئولين!!! ومواقف كثيرة يؤلمني ذكرها0
لاأستطيع أن أقول إنني سعيد عندما تركت الإرشاد لأنني تركته وهو في حالة يرثى لها ، على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها إخوة لي في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في وزارة التربية والتعليم ، فالإخوة الزملاء –علم الله – أنهم يعملون بجد وإخلاص ولكن اليد الواحدة لاتصفق كما يقولون: أعتقد أن هناك حلقة مفرغة لاندري أين منتهاها ، لقد كان ولايزال الإرشاد محاربا من المسئولين الكبار في وزارتنا الموقرة ، لقد قال أحد المسئولين الكبار في اجتماع حضره معالي الوزير السابق لسنا بحاجة لإحداث وحدات إرشادية لأن طلابنا ليسوا مجانين أي إحباط سيصاب به المنتمي لهذه الوحدات أو الإرشاد وهو يسمع هذا الكلام من مسئول كبير ؟؟ 0وقال أحد وكلاء الوزارة لبعض خريجي قسم علم النفس والخدمة الاجتماعية أنتم لأتبرأ بكم الذمة فتخصصكم لاينا سب الإرشاد ، أي إحباط سيصاب به من يعمل في هذا المجال أمثالي 0
لقد تركت العمل الرسمي في الإرشاد ولكني لاأزال أمارس عملي الإرشادي من خلال المنتد يات والصحافة وأجد سعادة لاتعدلها سعادة عندما أوجه شخصا ما يحتاج إلى توجيه أو استشارة ، كما أنني قرأت من الكتب التي تحويها مكتبتي في سنة واحدة مالم أقرأه في عشر سنوات ، وكتبت مقالات اجتماعية ونفسية وتربوية وإرشادية مالم أكتبه في خمس سنوات ماضية- والحمد لله- على نعمته وصحتي- ولله الحمد -تحسنت كثيرا أفضل مما كانت عليه عندما كنت أمارس العمل الروتيني القاتل قابع في المكتب وبين جدران الوزارة الموقرة ، والله أعلم0
أول ما بدأت رحلتي في عالم الإرشاد منذ 35عاما في أول سنة لي أمارس فيها التعليم في مدرسة روضة سدير المتوسطة ، إذ قمت بعمل المشرف الاجتماعي آنذاك عندما كانوا يسمون المرشد الطلابي مشرفا اجتماعيا ولكن المشكلة أنني لاأعرف في الإرشاد شيئا ولا علم لي بالخدمة الاجتماعية كذلك، فأنا خريج لغة عربية وإلى جانب عملي كمدرس قمت بعمل المشرف الاجتماعي وعندما زارني موجه التربية الاجتماعية بمنطقة سديرالتعليمية أثنى على جهودي ،فقلت في قرارة نفسي لعل ذلك من باب التشجيع فأنا لم أفعل شيئا يذكر لافتقاد الخبرة من جهة ولعدم التخصص من جهة أخرى على الرغم أن طلاب المدرسة لايزيدون على 35 طالبا، وعندما انتقلت للرياض وجهت لمدرسة ثانوية الجزيرة فعملت مدرسا للغة العربية فيها ومن ثم رشحت للوكالة ، وكان يعمل معي في نفس المدرسة مشرف اجتماعي ، وعندما أنظر إلى عمله أجده يعمل طول الوقت في المقصف المدرسي ولكنه لايمارس عمله في الخدمة الاجتماعية وبعد عام جاء إلى المدرسة مشرف اجتماعي آخر أفضل بكثير من الأول ولكن كل جهوده يصرفها في جماعات النشاط المدرسي إذ المدرسة في عهده وبجهوده نالت المركز الأول على منطقة الرياض ثلاث مرات ولإيماني بأهمية النشاط المدرسي في المدرسة إلا أني أرغب من المشرف الاجتماعي أن يعمل في دراسة حالات الطلاب ورعاية الطلاب المتأخرين دراسيا فالطلاب يواجهون صعوبات دراسية ولا أحد يلتفت لهذه الأمور وعند رجوعي من أمريكا بشهادة الماجستير في الإرشاد النفسي كنت أحلم أكون مرشدا طلابيا في أي مدرسة ،لقد ترسب في نفسي حب المساعدة للناس ، وحب هذا المجال الإنساني فكنت أزور المدرسة وألتقي بالمرشدين فالبعض أرتاح للعمل معه ،وأشجعه لاسيما المرشد المتمكن المحب لمهنة الإرشاد ، أما المرشد الكسول ، فأحاول أن أصلح من أمره وأساعده للتخلص من كسله ، أحيانا أقول هذا مرشد متميز : كيف يكون في هذه المدرسة التعبانه ؟، كثرة طلاب ومدير غير متفهم للعملية الإرشادية ،ومبنى مستأجرو عدم تعاون المعلمين معه لماذا لاينتقل هذا المرشد عن هذه المدرسة السيئة؟ ، فأرد على نفسي ، إذا انتقل هذا المرشد المتميز لمن نترك أبناءنا أليس في وجوده تعويض لما يوجد في هذه المدرسة من سوء؟ فأعدل عن فكرتي، وازور مرشدا آخر فأصاب بالإحباط، لماذا ؟ لأن هذا المرشد بعيد جدا عن الإرشاد ، على الرغم من أن المدرسة التي يعمل فيها مدرسة نموذجية لامن حيث المبنى ولا من حيث الإدارة المدرسية والمعلمين والإمكانات الأخرى ، فأرى في وجه مدير المدرسة عدم الارتياح وعدم الرضا عن هذا المرشد ، وكأن مدير المدرسة يعاتبني ، بل قال لي إذا كان هذا الإرشاد الذي يقولون عنه فلا نريد مرشدا فقلت لماذا ؟ فقال هذا المرشد يفسد أكثر مما يصلح !! قلت وكيف يفسد؟؟ قال أولا: الطلاب لايعرف عنهم شيئا ، ثانيا:أشغلني كثيرا بكثرة استئذانه من المدرسة حتى أنه أفسد علي بقية المدرسين ، لأنه إذا جاء لي مدرس يطلب الاستئذان ورفضت قال لي وفلان يستأذن ويغاب يعني المرشد ولا تقول له شيئا، فوضعني في حرج شديد بين المدرسين 0
عادة أخرج من المنزل صباحا وأتوجه إلى إحدى المدارس لزيارة أحد المرشدين في مدرسته، فينتابني شعور غريب، أقول في نفسي من هذا المرشد الذي سوف أزوره؟ هل سأفيده ؟وأطبق معه ماتعلمته في الجامعة من أسس ونظريات الإرشاد ؟ أم ماذا ؟ وعندما أصل للمدرسة وأقابل مدير المدرسة فيقول لي ببرود شديد ، هل تريد رفيقك المرشد ، إنه غير موجود أو أنه مكلف بعمل لايمت للإرشاد بصلة ، فأجلس مع المدير قليلا ، ونتحدث عن الإرشاد ، فأحس أن مدير المدرسة لايعرف عن الإرشاد شيئا أو انه فهم الإرشاد فهما خاطئا ، كانت نفسي تحدثني أنني سألتقي بالمرشد وأزوره في غرفته وأطلع على أعماله الإرشادية ، ولكن هذا لم يحصل وقلت يكفي أن أرى آثار المرشد في المدرسة ، وتجولت بصحبة المدير في أروقة المدرسة وفي الفصول الدراسية ولم أشاهد إلا لوحة الشرف فقط وصحف قديمة أكثرها لايمت للإرشاد بصلة ، أحسست من خلال جولتي أ لا تأثير للمرشد في المدرسة ، بعد ذلك انتقلت لمدرسة مجاورة للمدرسة التي زرتها ولم أجد مرشدها ، فاستقبلني مديرها استقبالا حار ا ، وقال لي لدينا مرشد متميز ، قلت له كيف حكمت عليه انه متميز قال لديه سجلات كثيرة ولا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا ويكتبها ، قلت له هل هذاهو الإرشاد في نظرك؟ قال نعم الإدارة تطلب منه هذه السجلات ، ونحن نلبي رغبة الإدارة التعليمية ، حتى تكون مدرستنا في مقدمة المدارس ، قلت له والتلميذ ماحظه من جهود المرشد ؟هل يعقد حلقات نقاش للطلاب أو هل يدربهم على الحوار ، هل يقوم بالتوجيه الجمعي 00الخ ، قال لي ليس لديه وقت ليلتقي بالطلاب أو يتحدث معهم، قلت له وهل يشارك في حضور دورات أو محاضرات قال : لا أنا لا أدعه يخرج من المدرسة !!!قلت له هل لديه مكتبة خاصة بالإرشاد من أجل أن ينمو نموا مهنيا قال لا : هو لايحب القراءة ، حزنت كثيرا وقلت في نفسي إلى هذا الحد وصل الضعف بالإرشاد 0
أتذكر مرة عندما بدأت في جولاتي التوجيهية للمرشدين في مدينة الرياض ولأول زيارة لي لمدرسة متوسطة وسط الرياض ، لما دخلت المدرسة وقابلت مديرها ، وكانت تظهر عليه سيماء الوقار إذ هو من الرعيل الأول ،-رحمه الله- وعند ما تجاذبنا أطراف الحديث وجاء ذكر المرشد الطلابي بمدرسته ، قال لي اسمح لي يا أستاذ إبراهيم أن أخبرك بالحقيقة ، فقلت تفضل قال هذا المرشد لايصلح لي ، ولماذا؟: قال : من بداية العام الدراسي وهو لم يعمل شيئا ، ثم أخذني إلى غرفة من غرف المدرسة وأطلعني على عدة لوحات ، وقال كل هذه اللوحات أنا الذي أحضرتها لاأدري هل هي من عمل الطلاب أم أحضرها من خارج المدرسة من عند خطاط ؟، المهم أنني قلت له ليس هذا عمل المرشد ، هذا عمل جماعات النشاط المدرسي ، على أي حال خرجت من الغرفة و قابلت المرشد في غرفته ، فلم أجده فعل شيئا ، كما ذكر ذلك مدير مدرسته ، وبقدرة قادر بعدما تركت الإرشاد بالمنطقة ، وانتقلت للوزارة تحول هذا المرشد إلى مشرف ، كيف؟ ، لاأدري !!!، سألت أحد الإخوة الطيبين في قسم الإرشاد كيف تحول هذا المرشد إلى مشرف ، إنني أعرفه لايصلح للإرشاد فضلا عن الإشراف ، فقال لي : لقد تغيرت حاله ، فقلت لعل ذلك يكون صحيحا ، هذه حالة من الحالات التي صادفتها في رحلتي مع التوجيه الإرشاد وغيرها كثير 0
قابلت أحد المرشدين الذي اعرفه شخصيا بهدوئه وتمرسه مع الحالات الفردية ، فقلت له يا أستاذ محمد لاأراك تهتم بالحالات الفردية مع أنها لب الإرشاد ، فالذي لايحسن دراسة الحالة لايفقه شيئا في الإرشاد وهو متخصص في القياس النفسي ، فقال لي يا أستاذ إبراهيم المدرسة غير مهيأة لتطبيق مفاهيم الإرشاد ، فسكت لأني أعلم بذلك ،وليس لدي ما أرد به عليه، كانت بالفعل تضايقني زيارة مثل هذا المرشد ، الذي يريد أن يعمل ولكنه لايجد من يعينه ،ولا يجد البيئة المناسبة للعمل الإرشادي ، فهو مثل الطبيب البارع الذي يعمل في مستشفى ويتعامل مع ممرضة جاهلة أو مهملة أو إدارة مستشفى غافلة ، أو أعداد كثيرة من المرضى لايتمكن من تشخيص حالاتهم وعلاجهم، وبالتالي يكون ذلك عائقا له في عمله فوجود البيئة الإرشادية مهم جدا ليمارس المرشد عمله بإتقان ، وصار ينطبق على المرشد والطبيب قول الشاعر :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ======= إياك إياك أن تبتل بالماء 0
لم تكن طريقتي في التوجيه علم الله تصيد الأخطاء أو إحراج المرشد بكثرة الأسئلة إنما كنت لبقا أكثر من اللازم خوفا من أن يفر من وجهي المرشد فأنا معلم أولا وناقل خبرة ثانيا، لقد أثرت في كلمات قالها لي أحد مديري المدارس الابتدائية عندما قابلته في زيارة لمدرسته قال لي بالحرف الواحد أنت يا أستاذ إبراهيم ناقل خبرة أنت مثل النحلة تنتقل من زهرة إلى زهرة فلا يجد منك المرشد إلا العسل)، وكحامل المسك لايجد منه المشتري إلا طيب الرائحة هذه حقيقة الإشراف كما أعرفها ويعرفها غيري من المشرفين، لكن المشكلة التي تقلقني في الإشراف أن أكثر المرشدين تنقصهم الخبرة والتدريب فما درسوه في الجامعة عن الإرشاد وحتى في دبلوم الإرشاد لم يكن كافيا لممارسة هذه المهنة العظيمة ،كما أن بعضهم حفظ نظريات لم يستطع أن يطبقها في الميدان التربوي فهو مثل الرجل الذي أكل كثيرا فأصابته التخمة ، فلم تستطع معدته هضم ما أكل، لقد حاولت عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد في منطقة الرياض التعليمية الاتصال بالجامعات ( مركز خدمة المجتمع ) من أجل الرفع من كفاية المرشد الطلابي بالمدرسة، ولم يلب طلبي سوى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية –جزاهم الله خيرا-الذين قاموا مشكورين بتنظيم دورة استمرت أسبوعين عن أعظم مشكلة يواجهها التعليم ، وهي مشكلة التأخر الدراسي ، وقد شاركت في هذه الدورة بمحاضرة عن التأخر الدراسي أسبابه وعلاجه ، كما اتصلت بمركز البحوث التطبيقية في الدرعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بطلب إقامة دورة في دراسة الحالة للمرشدين، وقد أنبتني على ذلك وزارتي الموقرة لأنني اتصلت بالمركز المذكور مباشرة دون الرجوع إليها ، ولست بصدد تعداد ما بذلته من جهود وأنا رئيس لقسم التوجيه والإرشاد والمكافأة التي أحصل عليها من وزارتي العزيزة الرفض والجحود ، لكن أنا لايهمني ذلك إذا كنت راضيا بما أعمل وأحتسب اجري عند الله إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا 0
عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد في منطقة الرياض التعليمية جاء لي المراسل بمعاملة من مكتب سعادة المدير العام وقد كان فحوى المعاملة طلب من مدير مدرسة لكا تب وقد شرح عليها سعادة المدير (ارسلوالهم مرشدا طلابيا ، فتعجبت كيف نرسل لهم مرشدا وهم يطلبون كاتبا؟ ألهذا الحد هانت وظيفة المرشد على بعض المسئولين!!! ومواقف كثيرة يؤلمني ذكرها0
لاأستطيع أن أقول إنني سعيد عندما تركت الإرشاد لأنني تركته وهو في حالة يرثى لها ، على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها إخوة لي في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في وزارة التربية والتعليم ، فالإخوة الزملاء –علم الله – أنهم يعملون بجد وإخلاص ولكن اليد الواحدة لاتصفق كما يقولون: أعتقد أن هناك حلقة مفرغة لاندري أين منتهاها ، لقد كان ولايزال الإرشاد محاربا من المسئولين الكبار في وزارتنا الموقرة ، لقد قال أحد المسئولين الكبار في اجتماع حضره معالي الوزير السابق لسنا بحاجة لإحداث وحدات إرشادية لأن طلابنا ليسوا مجانين أي إحباط سيصاب به المنتمي لهذه الوحدات أو الإرشاد وهو يسمع هذا الكلام من مسئول كبير ؟؟ 0وقال أحد وكلاء الوزارة لبعض خريجي قسم علم النفس والخدمة الاجتماعية أنتم لأتبرأ بكم الذمة فتخصصكم لاينا سب الإرشاد ، أي إحباط سيصاب به من يعمل في هذا المجال أمثالي 0
لقد تركت العمل الرسمي في الإرشاد ولكني لاأزال أمارس عملي الإرشادي من خلال المنتد يات والصحافة وأجد سعادة لاتعدلها سعادة عندما أوجه شخصا ما يحتاج إلى توجيه أو استشارة ، كما أنني قرأت من الكتب التي تحويها مكتبتي في سنة واحدة مالم أقرأه في عشر سنوات ، وكتبت مقالات اجتماعية ونفسية وتربوية وإرشادية مالم أكتبه في خمس سنوات ماضية- والحمد لله- على نعمته وصحتي- ولله الحمد -تحسنت كثيرا أفضل مما كانت عليه عندما كنت أمارس العمل الروتيني القاتل قابع في المكتب وبين جدران الوزارة الموقرة ، والله أعلم0
سيرة طيبة وممتعة ومفيدة
نتمنى أن نتواصل معها
شكراً للمتميز إبراهيم الدريعي
مع تحياتي
نتمنى أن نتواصل معها
شكراً للمتميز إبراهيم الدريعي
مع تحياتي
معتز غباشي ———– أخ عزيز وزميل كريم الله يعطيك العافية على الرد وحسن التقدير 00