صفات معلمي مدرسة المستقبل

إن صفات معلمي مدرسة المستقبل هي ذاتها صفات معلم الأمس ومعلم الحاضر ، فالمعلم صاحب الرسالة السامية ،ومن يرقى بعقول أبنائنا ويبني حاضرهم ويسهم في تخطيط مستقبلهم ، تبقى صفاته جلية واضحة كوشاح يزدان به يميزه عن غيره من فئات المجتمع العاملة على نهضته .

ونحن اليوم نحاول أن نخط بإجلال أهم هذه الخصال إسهاما منا في إعلاء شأن المعلم :

1- المعاملة الحسنة : وهي تلك المعاملة التي أكدت عليها الشرائع السماوية كافة ، وأكملها المصطفى الكريم في رسالته حين ذكرها قائلا : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " .
والمعاملة الحسنة التي محورها حسن الخلق مطلب أساسي للمعلم ، فبها يكسب قلوب المتعلمين وينال ثقتهم ؛ ليصب بسهولة ويسر العلوم والمعارف في أذهان متفتحة وعقول متقبلة نهمة عطشة .
فكم بالمعاملة الحسنة تسهلت الأمور الصعاب ولانت القلوب الغضاب .
وحسن الخلق لا يجلب لصاحبه إلا الخير ، فما عهدنا شخصا تحلى به خسر ، فالبركة تحيط به أينما حل.
وهذه المعاملة نجدها في كافة تعاملاته مع طلابه وزملائه من المعلمين وكذلك مع أولياء أمورهم، أو من يصادفهم في محيط مدرسته ، فهو متعاون مع غيره وحريص على العمل الجماعي ومتقبل للرأي الآخر .
والمعاملة الحسنة تتطلب أخلاقيات وصفات حميدة يتحلى بها هذا المعلم ، مما ينعكس على ألفاظه المستخدمة وأفعاله التي يقوم بها ، فهو يعامل طلابه برقة واحترام واهتمام ومجاملة ومرح ، كما يحرص على كسر حاجز الغربة بينه وبين طلابه ؛ كي يحقق الألفة والتواصل والتفاعل المشترك .

2- الصبر : معلمنا في الميدان يصادف الكثير ، ففي كل يوم يواجه أمرا جديداً ، وهو يتعامل مع فئات مختلفة ، وكل فئة لها مميزاتها ، وهو بطبعه البشري قد يواجه أموراً وضغوطاً أيضاً ، فقد لا يحتمل يوماً صوتا ً مزعجاً أو تصرفاً مستغرباً من المتعلمين ، لكنه يجب ألا يتجرد من صفة الصبر ، هذا الخلق الذي تحلى به الأنبياء والرسل ، فأصحاب الرسالة صابرون ، وهو صاحب رسالة ، فالمولى – عز شأنه – وهو القادر والمالك وصاحب الأمر قد خلق السموات والأرض في ستة أيام وهو القادر على ذلك في يوم واحد أو في طرفة عين ، فالتدرج والصبر مفتاح الكون .
ومعلمنا لابد أنه يتذكر ما قرأه أبو موسى الأشعري في رسالة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – :" عليك بالصبر ، واعلم أن الصبر صبران أحدهما من الآخر ، الصبر في المصيبات حسن وأفضل من الصبر عما حرم الله تعالى ، واعلم
أن الصبر ملاك الإيمان ، وذلك بأن التقوى أفضل البر ، والتقوى الصبر "
فهذا المعلم قادر على التعامل مع السلوكيات المختلفة بفطنة وروية .

3- الكفاية العلمية والتربوية : كمطلب أساسي للمعلم ، وهذا ما يميزه عن المتعلم ، فهو مصدر للمعلومة ، منظم لما ذُكر في الكتاب المدرسي ، موجه لطلابه نحو البحث والاكتشاف الإثرائي لموضوعات المنهاج ، مشبع لفضول الفئة المتميزة والطامحة نحو المزيد ، معالج لضعاف المتعلمين وأصحاب القدرات المتواضعة ، وكفايته هذه مواكبة لكل ما يستجد سعياً لتحقيق نتاجات عالية ، فيكون قادراً على التوصيل وإثارة اهتمامات المتعلمين ، كاسباً ودهم ، معززاً إيجابياتهم ، ومعالجاً سلبياتهم .
كما يتصف هذا المعلم باطلاعه الواسع على النظريات التعليمية ، وإلمامه بالاتجاهات الحديثة في طرائق التدريس والقضايا التربوية وأساسيات المادة .

4- الإبداع والابتكار : " بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون " البقرة 117 . فالإبداع شغل الشاغلين ومحط أنظار الكثيرين ، نجده في كل المجالات ، ونحن حري بنا كتربويين أن نعنى به ، فالفئة التي نتعامل معها تحيط بها مؤثرات كثيرة مما يجعلها في رغبة دائمة وملحة لما هو جديد ومبتكر ، وهذه الرغبة تجعل معلمنا يسعى إلى التجديد في درسه ومادته ، فلا يكرر ما قدمه أسلوباً وتقويماً محققا بذلك المتعة لنفسه وللمتعلمين ، وطارداً الملل والرتابة عن الحصة الدرسية ، موظفاً بذلك أمتع الوسائط التعليمية وأحدثها من تقنيات تلامس اهتمامات متعلميه من جيل التقانة والحداثة .

5- التنمية الذاتية : معلمنا في مدرسة المستقبل يسعى جاهداً لتحقيق تنمية ذاتية خاصة به ، فنجده في عامه الدراسي باحثاً مرةً ، أو مشاركاً في برنامج ٍ تدريبيٍ ، و معداً لدراسةٍ ، وثالثة ًمعمماً لنتائج بحوثٍ إجرائية ٍ قام بها أو قرأ عنها ، فهو لا ينتظر بذلك إقحامه في برنامج تدريبي أو دورة تربوية ٍ إنما يبحث عن تحقيق تنميته بنفسه مسارعاً بذلك الخطى ، ومحققاً لأكبر فائدة ٍ خلال العام الدراسي الواحد ، وكأنه قد وضع على عاتقه هذا الأمر كجزء من مسؤولياته المهنية .

6- روح المبادرة : المبادرة صفة قيادية تعين الفرد على اتخاذ قراراته المناسبة ، فهو يواجه ما يعترضه باقتدار .
وتنمية روح المبادرة تجعل الفرد يتعرف على مسؤولياته فيستثمر طاقاته بما ينفع ؛ فيكون منتجاً و إيجابياً .
والمعلم المبادر هو الذي يطرح أفكاره ويعرض قدراته بتواضع ودون افتخار أمام الآخرين من زملاء وإدارة وتوجيه ، فيوضح ما يمتلكه كي تُستغل في مكانها الصحيح فتعمم الفائدة، ويُجرى تقييمها بشكل صحيح .
وهذا ما يذكرنا بقصة يوسف – عليه السلام – حينما سأل الملك أن يوليه خزائن المملكة لأمانته ونزاهته ، "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " .
والمباردة تضفي على صاحبها روح الإيثار والتعاون وتغليب المصلحة العامة ، وهي صفات يسعى إليها المعلم الناجح .

7- التفاؤل : وهو روح المعلم المندفع نحو العمل والإنجاز ، فبتفاؤله يتقدم ويفكر ويحاول تحقيق الأفضل ، فيملأ طريقه سعادةً وحصادا .
فنظرته لطلابه مشرقة يفوح منها روح النجاح والإنتاج ، فنجده دائماً يردد :" طلابي سيفهمون وسينجحون وسيتميزون في مادتي ، وإن كان الصف ضعيفاً خلال هذا الفصل الدراسي ، سيتغير الحال الفصل الدراسي التالي ، وإن لم تتحقق النتائج في هذا الباب ستتحقق في الباب التالي ، وهكذا …..
فنظرته تفاؤلية بعيدة عن التشاؤم تنم عن حسن ظن برب العباد ، والرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – يدعونا إلى ذلك قائلاً : " تفاءلوا بالخير تجدوه "
ولاننسى قول الشاعر :
أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً

8- النشاط والإيجابية : والنشاط صفة تميز هذا المعلم الباحث عن الحركة المستمرة المثمرة ، والتي محورها الطالب ، ولا يقتصر نشاطه على الحصة الدرسية واستثمار جزئياتها ، إنما ليتعداه إلى ما بعد الحصة الصفية ، فيعد خططاً للأنشطة اللاصفية ، مراعياً بذلك اهتمامات المتعلمين وحاجاتهم وفروقاتهم ، ويوزعها بعدالة على المتعلمين ؛ ليقومها فيما بعد ، كما نجده حريصاً على إعطاء الفرصة لطلابه للمشاركة في المسابقات والأنشطة المختلفة ، إيماناً منه بأهميتها في خلق روح التنافس المحقق للغايات والمكتشف للطاقات ، فهو بذلك يرعى إبداعاتهم وميولهم .

9- الانتماء : والشعور بالانتماء مطلب إنساني واجتماعي ، فكلنا يظهر ولاءه إلى جماعة أو جهة تفاخراً وانتساباً ، فينعكس ذلك على عمله وتصرفاته ، ومعلم مدرسة المستقبل يظهر ولاءً لامحدود حيال طلابه ، ومدرسته ، ومجتمعه ووطنه ، فنراه يقوم بأي عمل بدافع الحب والانتماء ، فهو يسعى من أجلهم ، ويتطور لهم ، ويبتكر بسببهم ، فالشعور بالانتماء يخالجه في حركاته وسكناته مما يجعله يسارع الخطى من أجل مخرجات أفضل دون النظر إلى عائد أو مردود أو جهد إضافي .

10- التحفيز لمتعلميه : إن المعلم الناجح يسعى دائما إلى استقطاب متعلميه ، وسعيه هذا دؤوب من أجل اكتشاف ميولهم وقدراتهم ومعرفة مستوى تحصيلهم ؛ وكي يحقق ذلك يحرص على تحفيزهم وتشجيعهم ، فهو مؤمن بأهمية التحفيز كدافع يدفع المرء للأفضل ويمنحه فرصةً لمنافسة الآخرين ، فنجده ينوع في تحفيزه بين المعنوي والمادي ، مراعياً بذلك واقع الفروق الفردية للمتعلمين ، وباحثاً عن احتياجاتهم ورغباتهم ، مقدراً ما يقدمونه من استجابات ، وهو بذلك لا يكرر أساليبه المحفزة كي لا يفقد تجاوبهم معه .

ويبقى المعلم في نهاية المطاف محور كل عملية تربوية تعليمية ناجحة في أي زمان ومكان ، وتحت أي ظرف وإمكانيات ،ناجحاً بمقدار ما يحققه من مخرجات ، وبعدد من يؤهلهم من طلاب مساهمين في بناء الوطن ، ومشاركين في رفعة المجتمع ، مما يجعله قادراً على التعايش في مدرسة المستقبل بسهولة ٍ ويسر .

زميلتي ( أبجد هوز ) رسالة تقدير أخطها لك على الموضوع الرائع ..
** إن المعلمين كالبدر في صفحةالسماء ليلا .. فبهم يسمو العلم والأخلاق **
أخي ( موجه تربوي ) : شرفني مرورك ، وأسعدني تحفيزك
أعاننا المولى على خدمة الميدان .
صفات أتمنى أن يتصف بها كل العاملين في حقل التربية والتعليم
أخي جاسر : حقق الله أمنياتنا ، وسدد مرامينا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top