التصنيفات
التربية الخاصة

ذوي القدرات العقلية الخاصة "زواج حائر بين علم و دين "

المعاقون ذهنيا

زواج حائر بين العلم والدين

المصدر : http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=75602

تعتبر قضية زواج المعاقين ذهنيا من أكثر القضايا التي تشغل بال المهتمين بهذه الفئة والقائمين على رعايتهم ، وذلك بهدف وجود من يقوم على رعايتهم بعد فقد ذويهم أو وفاة والديهم ، ولكن الأمر قيد برأي الشرع حتى وقت قريب .

محيط ـ بدرية طه

مفتى مصر الدكتور على جمعة

واستمرت حالة الجدل هذه إلى أن أصدر الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية فتوى تبيح للمعاقين ذهنيا الزواج قياسا على إباحة الشريعة الإسلامية الزواج للمجنون ، لما فيه من مصلحة للمعاق الذي يشعر بالشهوة والعاطفة والمحتاج إلي سكن ونفقة
ورعاية، مثل بقية بني جنسه، مع زيادته عليهم باحتياج في بعض النواحي التي مرجعها لحياته الخاصة .

وأوضح جمعة أن زواج المعاق من الحقوق الملحة له مادام يتوفر فيه الأركان الصحيحة للزواج، فإن كانت الشريعة الإسلامية قد أباحت زواج المجنون من مجنونة، فزواج المعاق إعاقة عقلية بسيطة جائز من باب أولي، ولا حرج فيه ما دام محاطاً بالحرص علي مصلحته محفوفاً برعاية منافعه .

وأضاف: الأصل أن القائم علي رعاية المعاق ذهنياً والوالدين أو أحدهما، تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة دائرة معها، فإن كان الزواج في مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية، فلا يجوز شرعاً الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو قريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات والروابط التي تنظم حياة هؤلاء المعاقين .

وأشار جمعة إلي أن تأخير زواج المعاقين ذهنياً وتأخير جلب المصلحة لهم، حيث توافرت مقدماتها، فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب علي الظن حصوله للمعاقين، موضحاً أن من يقوم بتحديد المصالح البدنية والنفسية من هذا الزواج هم الأطباء المتخصصون، وعند الاختلاف والنزاع في كون الزواج مصلحة للمعاق من عدمه يتم اللجوء للقضاء لرفع هذا النزاع.

السفيرة مشيرة خطاب

وانتهى جمعة إلى عدم وجود ما يمنع المعاق ذهنياً من الزواج، لأن الزواج شيء والإنجاب شيء آخر، فالزواج فيه أنس ورحمة ومودة وتعاون ومصاهرة ومعان سامية كثيرة، ولو كان الإنجاب ضرورياً لازماً مرتبطاً كلياً بالزواج، لما صح زواج العقماء .

وحول هذه الفتوى كان العديد من ردود الأفعال بين المهتمين بهذه الفئة وبين رأي الدين والشرع والحلول المقدمة لتجنب الأثار السلبية حول هذه الفتوى .

كلمة أهل العلم

ومن جانبه ، أهتم المجلس القومي للطفولة والأمومة بمناقشة هذه القضية مؤخراً ، بقصد دمجهم في المجتمع بصورة طبيعية وتأهيلهم لمستقبل أكثر أمانا .

حيث تقول السفيرة مشيرة خطاب الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة "إذا كان الزواج حق من الحقوق الإنسانية التي يكفلها الدستور لكل أفراد المجتمع فإنه يجب علينا أن نقف عند حق المعاق ذهنيا في الزواج والإنجاب لا لشيء إلا لأننا نعمل سويا على الحد من الإعاقة ومن احتمال انتقالها إلى أبناء المعاقين .

وأضافت خطاب في الندوة التي نظمها المجلس لمناقشة قضية زواج المعاقين ذهنيا "انه عملا بمبدأ إعلاء حقوق الطفل ومراعاة المصلحة الفضلى له فإننا يجب أن نعمل تصنيف أنواع الإعاقة الذهنية ودرجاتها، وأي نوع منها يسمح فيه بالزواج والإنجاب معا، وأيهما لا يسمح بالإنجاب وأيها يمنع الزواج، وألا يسمح بالزواج للمعاق ذهنيا إلا بالحصول على شهادة موثقة من مركز طبي متخصص، وكذلك لابد من تحديد الضمانات التي توفرها الدولة لتكفل نجاح هذا الزواج، ونحدد دور المجتمع المدني والخدمات التي يمكن أن يؤديها لمعاونة المعاق ذهنيا على أعباء الحياة الزوجية وخاصة رعاية الأطفال".

ويرى مصطفي كمال ـ مسؤول برنامج الإعاقة بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، أنه من الصعب أن يتم اتخاذ قرار أو فتوي واحدة بإجازة زواج المعاقين ذهنياً، لأن درجات الإعاقة الذهنية ليست واحدة، وهناك من تسمح لهم حالتهم بالقدرة علي الزواج وهم المعاقون إعاقة بسيطة، بينما يوجد من تمنعه إعاقته من الزواج أصلاً.

ويؤيده في الرأي الدكتور عادل عاشور، أستاذ طب الأطفال والوراثة بالمركز القومي للبحوث ، فيقول إن المعاقين ذهنياً درجات، منها بسيطة ومتوسطة وعميقة وخطيرة.. ومن يصلح للزواج فيهم هم المعاقون ذهنياً بدرجة بسيطة فقط ويكون الزواج تحت إشراف الأهل،فلا يجوز أن يكون الطرفان معاقين ذهنياً من الدرجة الخطيرة، مشيراً إلي أنه من حسن الحظ أن أغلب المعاقين يكون لديهم قصور في الإنجاب، إلا أن هناك البعض القادر علي إنجاب أطفال طبيعيين أو مشوهين كما أن إجهاض المرأة الحامل المعاقة غير شرعي.

وهناك من يرفض هذه القضية بصورة قاطعة حيث يقول الدكتور سيد جمعة مستشار التأهيل الاجتماعي " أغلب زيجات المعاقين غير ناجحة، ويكون الهدف منها منذ البداية الاستغلال والمنفعة؛ فالمعاقون لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. وأشار إلى أنه عاين بنفسه بعضا من هذه الحالات غير الناجحة؛ ففي إحدى هذه الحالات تزوجت فتاة معاقة من شخص شاذ جنسيا، وهذه ليست حالة واحدة، فأغلب الزيجات تقع تحت مظلة استغلال الشخص المعاق ولا سيما إذا كان ثريا" .

أـ دـ عادل عاشور

وأضاف " يجب أن نضع في اعتبارنا عدة أشياء تتضح من خلال الأسئلة التالية: كيف يمكن للمعاقين أن يكوّنوا أسرة وكيف سيستطيعون تربية أولادهم؟ وهل يمكن لوالد المعاق ووالدته أن يعيشا معه مدى الحياة لكي يتابعاه؟ وفي حالة ما إذا كان الزوج والزوجة معاقين فكيف يمكن لهما ممارسة حياتهما الزوجية كما أمرنا الله؟ وكيف يمكن أن تحمي المعاقة نفسها إذا وقعت ضحية استغلال زوجها الصحيح بأي شكل من الأشكال".

رأي الشرع

يري الشيخ هاني بن عبد الله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة أن المعاق ذهنيا لا فرق بينه وبين الصحيح فله أن يتزوج متى رضي الطرف الآخر بإعاقته ، وانه يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً، وسدُّ احتياجاتهم العضوية والنفسية حق مكفول لهم كغيرهم، ، وهذا من أصول رعاية المعاق ومساعدته على ممارسة حياته بأقرب صورة إلى الحالة الطبيعية للإنسان.

موضحا أنه لابد من إطلاع الطرف الآخر على حاله ومعرفته بوضعه تماماً فإن عدم اطلاعه غش له وخيانة محرمة. ، ويرى ألا يكون الطرف الآخر مجنوناً ولا زائل العقل، بل يتزوج المتخلف عقلياً امرأة سليمة العقل، وتتزوج المتخلفة عقلياً برجل سليم العقل، وسبب ذلك أن اجتماع زائلي العقل لا يحقق أي مصلحة، وهو مع ذلك سبب لضرر بينهما كما هو ظاهر.

ويضيف الجبير أن يكون سقيم العقل منهما مأموناً، أما الذي يتصف بالعدوانية بالضرب أو الإفساد فلا يجوز له الزواج؛ لأن زواجه سبب لحصول الضرر، والضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية. – وآخر الشروط أن يرضى أولياء المرأة بهذا الزواج؛ لأن فيه ضرراً قد يلحقهم.

ويوافقه في الرأي الدكتور محمد رأفت عثمان ، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر حيث يقول " يجوز يجوز للفتاة أو الفتى السليم أن يتزوج معاقا إذا رضي أحد الطرفين بذلك، وكان كل منهما عالما بعيب الآخر؛ لأن الرضا بين الزوجين من أهم الضوابط الشرعية، فضلا عن توافر شرط القدرة على الإنفاق للزوج المعاق، سواء من خلال عمل يعمل به أو من خلال ولي أمره؛ لأنه لا يعقل أن يتزوج وهو لا يستطيع الإنفاق على أسرته، وهذا الشرط ينطبق على الأصحاء أيضا. وعن حكم تعقيم الأنثى المعاقة دفعا لضرر وجود أطفال يحملون نفس الصفات يقول يجوز التعقيم إذا أثبتت الأبحاث أو الاختبارات الوراثية أن الأولاد سيكونون معاقين بطريقة يقينية؛ ففي هذه الحالة يباح التعقيم؛ لأن الموازنة تكون بين أمرين هما إنجاب أطفال معاقين، أو عدم إنجاب أطفال من الأساس ولكل منهما ضرره، والقاعدة الشرعية تقول إنه إذا تعرض الإنسان لأمرين في كليهما ضرر، يتم الأخذ بأخفهما ضررا؛ لدفع الضرر الأعظم منه، والأعظم في هذه الحالة إنجاب أطفال معاقين؛ لأنه يسبب آلاما شديدة لأهله طوال حياته، فضلا عن تعرض الأطفال أنفسهم لآلام نفسية شديدة جراء إعاقتهم".

وعن حكم أجهاض الحامل المعاقة يقول إذا ثبت بصورة قاطعة أن الجنين الذي تحمله المرأة سيكون معاقا يجوز إجهاضها قبل أن يصل إلى 120 يوما، أما إذا وصل في رحم أمه إلى 120 فلا يجوز إجهاضها؛ لأن الروح الإنسانية تكون قد دبت فيه كما ورد في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي ما معناه "أن أحدكم يمكث في بطن أمه 40 يوما نطفة، ثم 40 يوما علقة، ثم 40 يوما مضغة، ثم يأمر الله الملك فينفخ فيه الروح"، فبعد وصول الجنين إلى 120 يوما يكون إنسانا عاديا مثله مثل أي إنسان، غاية ما هنالك أنه صغير الحجم لم يكتمل نموه بعد، فلا فرق بينه وبين أي إنسان مولود.

ولو تصورنا أن المرأة التي ولدت إنسانا معاقا فهل يجوز قتله؟ لا يجوز قتله فهذا مثل هذا، هذا أيضا ينطبق على المعاقة التي حملت سفاحا أنه لا يجوز إجهاضها بعد 4 أشهر.

محاذير وتساؤلات

وعن كيف يتكون حياة المتخلفين عقليا في الزواج و من يسر لهم أمورهم تقول دراسة وصفية ناقشت في المجلس القومي للطفولة والأمومة أن هناك الكثير من المحاذير قبل زواج المعاقين ذهنيا لتجنب الكثير من المشاكل حال فشل توافقهم الاجتماعي والزواجي من بينها ضرورة إقامة برنامج تدريبي للمعاقين ذهنيا لارتفاع توافقهم الزواجي وتأهيلهم لهذه الحياة بمسئوليتها. مع ضرورة توعية القائمين على تدريبهم حتى يتدربوا على كيفية تعديل السلوك الجنسي عند المعاق ذهنيا، وأيضا تدريبهم على التوافق الاجتماعي والزواجي.

كما أوصت الدراسة بإقامة ندوات لآباء وأمهات المعاقين عقليا بهدف توعيتهم بكيفية التعامل مع أولادهم في سن المراهقة، مع إقامة برامج لتوعية المجتمع كله بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا يتسبب المجتمع بإصابتهم بالانعزالية والإحباط.

وتمنت الدراسة في توصياتها أن يقام قرية محمية للمتزوجين من المعاقين عقليا وخاصة الذين يعانون من حالات تدني التوافق الزواجي وأن يكون هناك قائمين على رعايتهم وتوعيتهم وتدريبهم وربما قد يصلوا لدرجة عالية من التوافق مما يؤدي إلى استقلالهم عن القرية .

طرح رائع وشكرا
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيل الشارقة
طرح رائع وشكرا
مرورك عزيز و يكفي أنك عسى أن تكونوا من المستفيدين من هذا الموضوع أو القضية الشائكة ..
كما وكنا نأمل أن تشاركوننا بالنقد الهادف الذي من خلاله نستفيد و يكون مشاطرة في هذه القضية الإنسانية الإجتماعية …
الزميل العزيز فعلا الموضوع مهم وشائك واعتقد أنه لا مانع من الزواج مع اخد الحيطه مع الحالات التى يمكن ان تورث الاعاقة مثل حالات متلازمه داون أو التى يطلق عليها التسمية الشعبيه الاشخاص المنغوليون لان هدا النوع من الاعاقة راجع الى خلل فى كروموسومات الخليه والتى لها الدور الاكبر فى بناء صفات الجنين بالتوفيق ( وليد اختصاصى تربية خاصة)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وليد حتا الشارقة
الزميل العزيز فعلا الموضوع مهم وشائك واعتقد أنه لا مانع من الزواج مع اخد الحيطه مع الحالات التى يمكن ان تورث الاعاقة مثل حالات متلازمه داون أو التى يطلق عليها التسمية الشعبيه الاشخاص المنغوليون لان هدا النوع من الاعاقة راجع الى خلل فى كروموسومات الخليه والتى لها الدور الاكبر فى بناء صفات الجنين بالتوفيق ( وليد اختصاصى تربية خاصة)

الأخ الفاضل الأستاذ : وليــد ،، تحية طيبة

لم نتبارك حقيقة بوجودك فقط بل بتعقيبك و نقدك الهادف و وجودك اللافت للنظر ،،
و هــذا بــاعث للأكثر فــي الإشتراك نحـــو الوصول
للأهداف المشتركة بين الباحثون و المتخصصون أو المهتمون ،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن القطيف الشارقة

الأخ الفاضل الأستاذ : وليــد ،، تحية طيبة

لم نتبارك حقيقة بوجودك فقط بل بتعقيبك و نقدك الهادف و وجودك اللافت للنظر ،،
و هــذا بــاعث للأكثر فــي الإشتراك نحـــو الوصول
للأهداف المشتركة بين الباحثون و المتخصصون أو المهتمون ،،،

شكرا زميلى العزيز على كلماتك الرقيقة بالتوفيق

اشكرك على كلماتك الرقيقة بالتوفيق