يقدم هذا الجزء اثنتا عشرة قاعدة فسيولوجية مهمة لتحقيق أهداف التدريب وضمان التقدم فيه مع تفادي الإعياء والإصابات.
تعتمد قيمة التدريب على جاهزية الفرد الفسيولوجية والنفسية ، ولأن الجاهزية تأتي مع البلوغ (اكتمال النمو) فإن الأفراد غير البالغين يفتقرون إلى الاستعداد الفسيولوجي للاستجابة الكاملة للتدريب . والجاهزية تعني أيضاً الغذاء الملائم والراحة الكافية للاستفادة من التدريب ، كما أن الجاهزية النفسية تعني القدرة على تأخير الملل وتعني تقديم التضحيات المتعلقة بالتدريب المستمر.
يؤدي التدريب إلى تغيرات في الجسم نتيجة لتكيفه للأعباء الإضافية ، إلا أن التغيرات من يوم إلى يوم تعد صغيرة ولا يمكن قياسها ، لذلك فإن الصبر مطلب أساسي لتحقيق تكيفات يمكن قياسها ويمكن أن يستمر ذلك لأسابيع بل أشهر ، والاستعجال في تحقيق تلك التكيفات يمكن أن يتسبب بالمرض أو الإصابة . وتتضمن التكيفات التالي: زيادة الإنزيمات ، وتحسين التنفس و وظيفة القلب و الدورة الدموية وحجم الدم، وتطوير القوة والتحمل والقدرة العضلية ، وتتحسن العظام والأربطة والمفاصل والأنسجة الضامة . وتؤكد هذه القاعدة على أنه لا يمكن الاستعجال في التدريب .
يستجيب الأفراد لنفس البرنامج التدريبي بطريقة مختلفة للأسباب التالية :
· الوراثة: على الرغم من أن الإنسان يرث العديد من الصفات (مثل البنية البدنية ، وصفات الألياف العضلية وحجم القلب والرئتين) إلا أن عوامل بيئية مثل الغذاء والتدريب تؤثر أيضاً على هذه الخصائص. لذلك وعلى الرغم من كون حوالي 25% من العوامل المرتبطة باللياقة الهوائية والتحمل تحدد بالوراثة إلا أن المتبقي عرضة للتغيير.
· النضج: الجسم الناضج هو الذي يتحمل مزيداً من التدريب ، فالرياضيون الأقل نضجاً لا يستجيبون للتدريب بنفس الكفاءة فهم بحاجة إلى مزيد من الطاقة للنمو والتطور.
· التغذية: التدريب يحدث تغيرات في الأنسجة والأعضاء تتطلب بروتين ومواد أخرى غذائية. لذلك فإنه بدون الغذاء الملائم فإن أفضل البرامج التدريبية يمكن أن يخفق.
· النوم والراحة: يتطلب الرياضيون الصغار 8 ساعات من النوم أو أكثر في اليوم. وقلة الراحة سوف تقلل من فاعلية البرنامج التدريبي.
· مستوى اللياقة: يكون التطور الناتج من التدريب في أوجه عندما تكون اللياقة البدنية الابتدائية منخفضة. ولكن لاحقاً عندما تكون اللياقة البدنية مرتفعة فإن ساعات طويلة من الجهد البدني سوف تكون مطلوبة لتحقيق قليل من التطور فيها.
· التأثيرات البيئية: يجب تعليم الأطفال كيف يتعرفون على قدراتهم على تحمل ضغوط بيئية مثل الحرارة، والبرودة، والمرتفعات، وتلوث الهواء وأن يخفضوا من شدة التدريب عندما تكون هذه الضغوط في أوجها.
· المرض أو الإصابة: بالطبع سوف يؤثر المرض أو الإصابة على الاستجابة للتدريب ، لذلك فلابد من التأكد من الشفاء التام قبل العودة إلى التدريب.
· الدافعية: يعمل الأفراد بجد وتتم الاستفادة بصورة أكبر عندما يكون هناك دافعية، وعندما يكون الجهد المبذول من أجل أهداف شخصية فإن التدريب يكون أسهل.
حتى تتحقق التكيفات المطلوبة فلابد أن يشكل التدريب عبءً ، حيث لابد أن يتعدى الجهد المبذول الأعباء اليومية كبداية ومع التكيف يمكن زيادة هذا العبء ، ويرتبط معدل التطور بثلاثة عوامل : التكرار والشدة والمدة . وتنطبق هذه القاعدة على كل أنواع التدريب ، فمثلاً يمكن من خلال زيادة الأوزان بالتدرج أن تزيد القوة العضلية، كما يمكن لرياضيي التحمل زيادة مدة وشدة التدريب لزيادة الأداء في المسابقة . وفي الحقيقة فإن زيادة الحمل تؤدي إلى إثارة بعض التغيرات في العضلات وبعض أنظمة الجسم مما يترتب علية زيادة قدرة الجسم على أداء الجهد البدني .
حتى يتم تحقيق التكيفات المطلوبة باستخدام قاعدة زيادة الحمل فلابد من التدرج في التدريب ، فمثلاً زيادة حمل التدريب بسرعة تؤدي إلى عدم قدرة الجسم على التكيف بل بدلاً من ذلك يتأثر الجسم سلباً .
ويتم تحقيق التدرج من خلال :
· التكرار: جرعات تدريبية في اليوم ، في الشهر ، في السنة
· الشدة: حمل التدريب في اليوم ، أو في الأسبوع ، أو في الشهر ، أو السنة
· المدة: مدة التدريب بالساعة في اليوم ، أو الأسبوع ، أو الشهر ، أو السنة
ولكن التدرج لا يعني الاستمرار فلابد من راحة . كما أنه يمكن التدرج في التدريب من عام إلى خاص ، ومن الجزء للكل ومن الكمية للكيفية .
التمرين خاص ، فعندما تهرول فإنك توظف أليافاً عضلية معينة ، ونظام ومصادر طاقة معينة . وتختلف التكيفات الناتجة من التدريب التحملي الهوائي عن تلك الناتجة من تدريب الأثقال . والتدريب الخاص يؤدي إلى نتائج خاصة ، فالتدريب بالدراجات ليس هو الأفضل للجري والعكس صحيح . كما أن الأداء يتطور بصورة أمثل عندما يكون التدريب خاص بالنشاط الحركي المعني ، ولكن الخصوصية لا تعني عدم التدريب العام على الإطلاق .
للابتعاد عن الملل ولاستمرار الرغبة فلابد من تنويع التدريب، وهناك قاعدتين للتنويع: جهد/راحة و صعب/سهل، فالتكيف يحدث عندما يتبع الجهد بالراحة وتلحق الصعوبة بالسهولة . والإخفاق في تنويع التدريب يؤدي إلى الملل وضعف الأداء، فتتابع الجرعات التدريبية مرتفعة الشدة بدون راحة كافية سوف تعيق التقدم . ويمكن تحقيق التنويع من خلال تغيير الروتين التدريبي، فمثلاً يمكن أداء التدريب في أماكن مختلفة وحالات مختلفة .
لابد أن تسبق الأنشطة مرتفعة الشدة بإحماء للأسباب التالية:
· رفع درجة حرارة الجسم
· رفع التنفس ومعدل ضربات القلب
· الحماية من تمزقات العضلات والأوتار والأربطة
ويشتمل الإحماء على تمرينات إطالة وتمرينات ترفع شدة المجهود بالتدريج ، وتحمل التهدئة نفس أهمية الإحماء فالتوقف المفاجئ من التدريب سوف يؤدي إلى اضطراب الدورة الدموية وبطء التخلص من مخلفات العمليات الأيضية ، كما أنه يمكن أن يساهم في التشنج والتعب ومشاكل أخرى . وتشتمل التهدئة على أنشطة منخفضة الشدة وتمرينات إطالة مما يكفل استمرار ضغط العضلات على الأوردة والذي بدوره يساعد الدورة الدموية على التخلص من الفضلات .
الوصول إلى مستويات عالية من القدرة على الأداء يتطلب سنوات من الجهد ، ويسمح طول أمد التدريب بالنمو والتطور والتقدم التدريجي واكتساب المهارات وتعلم الاستراتيجيات، كما يسمح بفهم مكتمل للرياضة . فلذلك يجب عدم الاستعجال في التدريب فكثافة التدريب والاستعجال فيه ربما يقود إلى الاحتراق البدني والذهني وربما الترك المبكر للرياضة . والامتياز والتفوق يأتيان للذين يثابرون من خلال برنامج تدريبي متقن طويل الأمد .
تنتكس معظم التكيفات الناتجة من أشهر من التدريب المرهق عند الانقطاع عنه . ويتطلب تحسين التحمل الهوائي وقتاً أطول من فقدانه ، فمع الراحة السريرية يمكن أن يصل التدهور إلى 10% في الأسبوع . وعلى الرغم من أن القوة العضلية تتدهور (تفقد) بصورة أبطأ من التحمل الهوائي إلا أن عدم الاستخدام سوف يؤدي إلى ضمور أفضل العضلات تدريباً . ولتفادي الانتكاس يبقى اللاعب في برنامج تدريبي طول العام يتكون من فترات تدريبية مرتفعة الجهد متبوعة بفترات راحة نسبية وتنويع.
الاعتدال مطلوب في جميع جوانب الحياة، فالتدريب بشدة مرتفعة ولفترات طويلة وبسرعة سوف يؤدي إلى تدهور الجسم . لذلك فلابد من التدرب على الاعتدال في كل شيء متضمناً ذلك برنامج التدريب البدني.
كل فرد لديه طاقات كامنة للوصول إلى أعلى مستويات الأداء، ومع ذلك فإن أغلب الأفراد لا يقتربون من إمكاناتهم القصوى . لذلك سوف يساعد الانتظام على التدريب في تحقيق الإمكانات القصوى وبالتالي تطوير الأداء