القديمة و الحديثة، و في التربية المعاصرة، و تحديد أهداف التعليم الاساسي في المنظومة التربوية
و نقارن أهدافنا مع بعض أهداف التعليم الأساسي في بعض دول العالم.
تعريف الهدف (but. goal) إن بعض المصطلحات التربوية من الناحية اللغوية نجدها ثرية و غنية من حيث مرادفاتها ومعانيها. مثل مفهوم الهدف فهو في العربية يحمل معنى الغاية كما يحمل معنى الغرض (Objet) و القصد (Exprés)…
و ما إلى ذلك من معاني هذا المصــطلــح الذي يـصـعب علـى الباحث وضـع حـد فـاصل. وقاطع بينه وبين تلك المعاني المترادفة والمتداخلة في المعنى عند الاسـتعمال، فإذا ذكرنا مفهوم الهدف. فليس معنى ذلك أننا لا نقصد في معناه دلالة الغاية أو الغرض أو القصد، فمعانيها كلها مترادفة، و لكن الباحث غالبا ما يريد التدقيق في مضمون ما يعبر عنه من مفاهيم، و لكن تأبى كل كلمة على الإنسان أن يجمد على استعمالها هي فقط دون مرادفاتها الأخريات في هذا الموضوع.
وعلى الإجمال فإننا إذا ما حددنا مفهوم الهدف فإننا بالتأكيد لا يمكن أن نستبعد من ذهننا معاني الألفاظ الأخرى، وهي بالتأكيد كذلك لا يمكن أن تخرج عن نطاق المفهوم المراد بها جميعا في الموضوع. فالتعبير الملخص التالي، للمعاني المقدمة: الهدف، أو الغرض، أو الغاية، أو القصد، هو ما تجمله العبارة التالية:
الهدف هو: " نتيجة متوقعة في الذهن يتركز على تحقيقها الفعل الإرادي للانسان " (1) الهدف أو الغرض من مميزاته أنه ينشط وينظم ويرشد الفعل الإنساني لبلوغ الغاية، وهذه الغاية، قد نصل إلى نتائجها فورا، أو قريبا، أو بعد زمن، أو مباشرة، أو بصورة غير مباشرة، وقد يكون عاما أو نوعيا، وهذه الغاية تتحكم فيها القوانين والعوامل الموضوعية اثناء السلوك أو الاجراء
مثل أهداف الدوافع الفيزيولوجية والبيولوجية الفطرية، كما أنهــا تتحكــم فيهــا العوامــل الذاتـيــة كـالادارة والخبرة والذكاء… وغير ذلك. كما أن الهدف يشير إلى أن هناك نهاية للمطاف يمكن الوصول إليها بواسطة سـلوك غريزي أو متعلـم، أي أن هناك نتيجة حاسمة بالنسبة للفعل السلوكي الحركي أو الذهني أوالسعي بمختلف الانشطة التي كانت حيوية قبل الوصول إلى تلك الغاية.
وفي المجال التربوي: كثيرا ما نجد بعض المربين يتعصبون لاستعمال مفهوم أو مصطلح دون آخر ويؤكدون بحزم على معنى دون آخر للمترادفات بصفة قهرية، أو تعسفية، وتبقى المسألة تربويا أو علميا قائمة في دائرة النقاش البيزنطي للكلــمة، أو فــي دائــرة النـزاع "الــدوغماتي" (1) أو القطعية والجمود الذهني: "dogmatisme" للمفهوم، وينصرف ذهنهم عن كل ليونة وتكييف للفهم أو التجاوز، لصرف الاهتمام بما هو أهم من المفهوم أو المصطلح ذاته، وهو تأثيره ونتائجه، وفائدته الملموسة التي تحقق تطورا وتغيرا مفيدا في المجال التربوي، أو البحث العلمي عموما.
وعلى الرغم من تداخل المفاهيم التربوية المذكورة إلا أن أحمد عزت راجح حاول أن يميز بينها من وجهة نظر علم النفس، وقال: "الهدف goal أو الغاية Aim: هو ما يشبع الدافع وإليه يتجه السلوك، ويكون في العادة شيئا خارجيا" (أي عــن ذات الشــخص). كما أنــه فرق بين معنى الهـدف والغرض بقوله: "الغرض Purpose فهو ما يتصوره الفرد في ذهنه من غايات يقصد إلى بلوغها أو يعزم على تجنبها". كما أنه قد حدد الغاية بقوله:"الغاية من خصائص سلوك الإنسان والحيوان (وعملية التربية الهادفة سلوك) إنه نشاط يهدف إلى غاية هي إرضاء دوافع. أي خفض ما يعانيه من توتر وضيق يثيره نشاط الدافع. ومن الخصائص التي تميز سلوك الكائنات الحية عن حركة الجمادات، وهي التي تجعل سلوك هذه الكائنات تتسم بالمرونة والتغير والتنوع والقابلية للتكيف وفق الظروف المتغيرة، وليس من الضروري-( في بعض الحالات المرضية أو غير العادية للكائن الحي )- أن تكون الغاية من السلوك شعورية، أي قد لا تكون واضحة ماثلة في ذهن الفرد أثناء قيامه بالسلوك.
إن هذا التفسير للغاية نابع من المدرسة الغرضية purposive Schools: التي تــرى أن الـغــايــات والاغراض تقوم بدورهام في تحديد سلوك الكائن الحي، وتوجيهه، فكل سلوك يصدر عن الانسان أو الحيوان يهدف إلى غاية، ويتجه إلى تحقيق غرض حتى إن لم يكن ذلك المتصرف شاعرا بهذا الغرض كالافعال الغريزية واللاشعورية والمرضية
(2). ومن الصعب جدا فهم الهدف هكذا لوحده فهو مرتبط بعدة ارتباطات، إما ان يكون مرتبطا بتعريف التربية، أو بالقيم، أو مرتبطا بالمنهاج، أو بالتقويم، أو بالسلــوك الفردي أو الــجماعي…..
وما إلى ذلك من نتائج يرمي الفعل الارادي والسلوك الانساني إلى تحقيقه. كما أنه لا يمكن تعريف التربية دون أن نربطها بالهدف، إن التربية عمل وفعل إرادي ومقصود في غالب الاحيان ما لم يكن ذلك الفعل فطريا كنمو المظاهر الوراثية ونمو الجسم بالطبيعة وفعل الغدد….
فالهدف التربوي هو نتيجة يمكن أن يتحقق بواسطة السلوك والعمل التعليمي الــذي دعــت الحاجــة الطبيعية إليــه كحاجة حب النفس للمعرفة والاطلاع التي يحركها العقل بنشاطه الطبيعي وبناء على ذلك فإن تعريف الهدف لا يتحدد إلا بتحديد نوع النشاط الانساني بمختلف تصرفاته وتحركاته. وتلخيصا للقول فإننا نصنف تعريف "الهدف" إلى الاصناف التالية: أولا: التعريفان الفلسفيان:
1- الهدف: "هو نتيجة متوقعة في الذهن يتركز على تحقيقها الفعل الارادي للانسان
(3). 2- الهدف: "هو نهاية عملية، وتكون لهذه العملية بداية، ويربط ما بين البداية والنهاية خطوات مترابطة متكاملة تتلو الواحدة منها الاخرى في ترتيب يؤدي إلى تحقيق الغاية " (1) ثانيا: التعريفان النفسيان: 1- الهدف: " هو ما يشبع الدافع، وإليه يتجه السلوك، ويكون في العادة شيئا خارجيا " (2) 2- الهدف: " هو الموضوع، أو مجموعة الموضوعات التي يسعى الفرد للتوصل إليها، والهدف هو النتيجة النهائية التي يحاول الفرد الوصول إليها مثلما يحاول الفرد الحصول على الطعام "
(3) ثالثا: التعريف الاجرائي للهدف: الهدف: " مفهوم السلوك الموجه نحو الهدف. Goal Directed Behavior: ويعني به تلك الاستجابات التي يمكن أن تفسر خصائصها الموضوعية الملاحظة على أساس أنها موجهة لاكتساب الهدف "
(4) وعليه فإننا إذا ما لاحظنا التعريفين من الصنف الاول فإننا سنجدها تنتمي إلى النوع الفلسفي والوصف المجرد لتعريف الهدف، أما التعريفان من الصنف الثاني فإنهما ينتسبان إلى النوع النفسي لتحديد هدف سلوك الانسان، أما الصنف الاخير فيتميز بتحديد إجرائي يمكن التحكم في السلوك بالملاحظة والتفسير ومعرفة الخصائص الموضوعية للموضوع الذي يستجيب إليه السلوك الموجه نحو غاية. إن هذا التعريف الاخير يتماشى تماما مع التعريف الاجرائي للتقويم الذي حددناه في الفصل الثاني، حيث أن الهدف من هذا البحث والدراسة هو التعرف على مدى مصداقية وموضوعية الامتحانات لشهادة التعليم الاساسي بالنسبة لاهداف التربوية والنفسية والاجتماعية المحددة محليا وعالميا.
وهذا سيتم تفصيله فيما بعد، وفي فصول لاحقة. تعريف الهدف التربوي: Educational Objective من خصائص الهدف أنه يقود، ويوجه ويرشد السلوك الارادي لغـرض الـوصــول إلى المـســعـى وتحقيقه، فلو لا تلك القيادة، وذلك الارشاد والتوجيه للفعل والحركة لانتاب العمل الانساني في تعثرات، وفوضى ويصبح السلوك لا يحقق غاية مبتغاة محددة، ويغدو النشاط وبذل المجهود لا يعني أي شيء ويتساوى حينذاك النشاط وعدمه في القيمة، أو تصير العملية السلوكية آلية روتينية وتقليدية لا يرجى من نتائجها أية فائدة تذكر، وبالتأكيد فإن ذلك العمل في النهاية لا يؤدي بالانسان أو المجتمع إلى أي تغيير أو تطور فكري أو ثقافي، أو حضاري يذكر – كما حدث ذلك في التربية البدائية -وذلك على اعتبار طبعا – أن التربية الهادفة والمقصودة هي الاداة المرشحة والمتفق عليها بأنها الافضل والاوثق للتغيير الفكري والثقافي للفرد وللجماعة وتخدم أغراض المجتمع على خير ما يرام – والمدرسة هي المؤسسة التقليدية الوحيدة التي أنشــأها المجـتمــع لـتنوب عـنه في تـربية وتثقيف أبنائه، ولا توجد مؤسسة اجتماعية أخرى تقوم بهذا الدور، إلا إذا استثنينا دور الاسرة في التربية.
إن تعريف الهدف التربوي يخضع لكثير من العوامل حتى يمكن تحديده، فتحديده بالتعريف يخضع للعوامل الفلسفية، والعلمية، و النفسية، والاجتماعية، والامنية، والاقتصادية، ويقوم على فلسفة للقيم ومباديء العقائد الدينية والروحية، كما يخضع للعوامل والظروف التاريخية زمانا ومكانا، كما يخضع لاساليب التربية وطرائق التعليم، ووسائل التــقويم…. وما إلــى ذلك من عــوامل متشابكة، ومتظافرة تفرض نفسها لكي تصبح مدار التربية، ومراميها وغاياتها. وكما أشرنا آنفا أن "الهدف" لا يمكن تعريفه وتحديده ما لم يكن مرتبطا ومستندا إلى مفاهيم تربوية أو نفسية معينة. أو قيم اجتماعية وأن تحديد التعاريف للاهداف التربوية، يشترط فيها وضوح اشتقاقها، وما هي المطالب الفردية أو الاجتماعية التي ينبغي أن تؤديها تلك الاهداف.
ويركز المربون على أهمية وضوح الاهداف التربوية عند وضعها وتحديدها. وكما يذكر "رالف تايلر" إذا كان علينا أن نخطط برنامجا تربويا، وأن نبذل جهودا لتحسينه باستمرار، فإنه من الضروري جدا أن يكون لدينا بعض الادراك للاهداف التي نريد أن نصل إليها، وتصبح هذه الاهداف التربوية المعايير التي في ضوئها تختار المواد وتنظم محتوياتها، وتعد أساليب التدريس والاختبارات والامتحانات، وكل جوانب البرنامج التربوي هي في الحقيقة وسائل لتحقيق أهداف تربوية رئيسية، وعلى ذلك إذا كان علينا أن ندرس برنامحا تربويا معينا دراسة منظمة وذكية ينبغي علينا أولا أن نتأكد من معرفة الاهداف التربوية المراد تحقيقها "
(1). فإذا كان " رالف تايلور " من المربين الاوائل في التربية المعاصرة الذين أكدوا على ضرورة توضيح الاهداف التربوية قبل بداية أي مشروع فإن " محمد الهادي عفيفي " قد أكد على هذه الضرورة مرددا صداه بقوله: "… وذلك لان تجديد محتوى التعليم واختيار وسائله، والتعرف على مشاكله، وتقويم نتائجه لا بد أن يكون في ضوء أهداف تربوية واضحة مشتقة من المطالب الملقاة على المجتمع من نوع المدنية التي يسعى إلى تحقيقها في كل مرحلة من مراحل تطوره "
(2). وقد عمق في هذه الفكرة أكثر " شاكر قنديل " بقوله "… فوضوح الاهداف، وقابليتها للتنفيذ يساعد واضعي المناهج في عملية الاختيار من بين بدائل واختيارات في المحتوى، وفي طريقة التنفيذ، كما أن وضوح الهدف يعطي توجيها للمدرس في تخطيط وتنفيذ وتقييم نتائجه. فإن وضوح الاهداف هو " بوصلة " واضع الاسئلة في التمييز بين المهم والاقل أهمية فيما يقدمه لطلابه، لذلك لا نبالغ إن قلنا أن الاهداف التربوية الصحيحة هي التربية الصحيحــة، وإذا كــانت التــربية هي وسيلة الاستمرار والنمو للمجتمع، فإن اهداف المجتمع لابد وأن تنعكس إجرائيا في نظمه التربوية، وهو ما نطلق عليه الاهداف التربوية، ولذا فإن الاهداف التربوية لا بد وأن تكون مشتقة من قيم المجتمع وأهدافه، وأن تكون قابلة للتنفيذ، ومراعية لامكانات الواقع، وظروف كل عصر. وأن تكون قابلة للتنفيذ على مراحل "
(3) وبناء على ذلك فإنه يمكن أن يؤجل التفكير في أهداف التعليم إلى وقت الشروع في تنفيذ العملية التربوية بل هي أول خطوة يمكن أن يفكر فيها واضعو المناهج، لكي تكتسب الاهداف التربوية دلالتها الحقيقية، وتصبح قابلة للتحقيق، وبذلك يصبح من الممكن توجيه التعليـم نحـو أغراض هامــة لـلـفــــرد والمجتمع، وكما يقول " ماجر. Mager ": "إذا كنتم من البداية لا تعرفون إلى أين أنتم متجهون، فإنكم قد تجدون أنفسكم في وجهة أخرى بدون أن تشعروا بذلك". ونــظرا لكثــرة التــعـاريف الواردة في تــحـديد الاهـداف التربوية أو الهـدف مـن التربية، قديمها وحديثهـا وعامها وخاصها ومختلف اتجاهاتها، فإننا نـرى أن نصنف تعاريف الاهداف التربوية إلـى التصانيف التالية:
1- تعريف الهدف التربوي بناء على ارتباطه بتربية وتعليم الفرد المؤسس على قيم شخصية و اجتماعية. 2- تعريف الهدف التعليمي بناء على تحقيق السلوك الاجرائي المحدد، وقياسه بالتقويم والاختبار. تعاريف الصنف الاول: 1- تعريف أفلاطون ( 427-347 ق.م ) للهدف التربوي: يقول: " إن الهدف من التربية هو أن يصبح الفرد عضوا صالحا في المجتمع، وذلك بمعرفته للخير والفضيلة. وتربية الفرد ليست غاية لذاتهـــا، وإنما هي غاية بالنسبة للغاية الكبرى وهي نجاح المجتمع وسعادته " (1). 2- تعريف أرسطو ( 284 – 322 ) ق. م للهدف التربوي: يقول: " إن الهدف من التربية هو أن يستطيع الفرد عمل كل ما هو مفيد وضروري في الحرب والسلم، وأن يقوم بما هو نبيل و خير من الاعمال، وبذلك يصل الفرد إلى حالة السعادة "
(2). 3- تعريف فينورينو الايطالي ( 1378 – 1446 م ) يقول: "الهدف من التربية والتعليم هو تنمية الفرد من جميع نواحيه: العقلية، والخلقية، والجسمية، لا لمهنة خاصة، ولكن ليكون مواطنا صالحا مفيدا لمجتمعه قادرا على أداء الواجب العام والخاص "
(3). 4- تعريف فرانسيس بيكـون الانجليزي (1561- 1626 م ) يقول: " إن الغرض الذي يجب أن تسعى التربية لتحقيقه هو النمو الكامل المتكامل للفرد، ويجب أن تسعى لتمكين الانسان من فهم أسرار الطبيعة، وتسخيرها لخير البشرية وتقدمها. والتربية هي وسيلة لتحقيق أغراض عملية نفعية بدلا من أن تكون وسيلة لتكديس المعلومات، وحشو ذهن التلميذ بالقوانين والمعلومات النظرية التي لا صلة لها بالمحيــط والوقع "
(4). 5- تعريف جون هنري بستالوتزي السويسري ( 1746 – 1827م ): يعتقد أن "هدف التربية هو تنمية قدرات الفرد واستعداداته، وتوفير الفرص لنمو صفة الاعتماد على النفس فيه، ومساعدة نفسه بنفسه"(5) 6- تعريف جون فردريك هربارت الالماني ( 1776- 1841م ): يعرف هدف التربية كما يلي:"هدف التربية هو الفضيلة، إن كلمة فضيلة تعبر عن هدف التربية كله، فالفضيلة هي فكرة الحرية الداخلية كحال ثانية من حالات النفــس"
(6) كمـا يعـتقـد أن الـهدف من التربية: "هو تكـوين الاخلاق الـحسـنة، وغرس روح الخير والفضيلة في نفس التلميذ، مع تحقيق النمو الكامل المتكامل المنسجم أو المتعدد الجوانب"
(7) 7- تعريف هربارت سبنسرالانـجليزي (1820- 1903 م) كــان يعــتقـد أن "الغــاية الاساسـية للـتربية والهدف الاعلى لها هو الاعــداد للحياة الكاملــة للفرد وذلـك بواسـطة اختيـار الخبـرات والانشــــــطة والوسائل الصالحة، لتحقيق ذلك الهدف الاعلى بنجاح "
(8) 8- تعريـف جون ديـوي الاميركي (1889- 1952م) يرى بأن الهدف التربوي: "هو مساعدة الفرد على النمو الكامل والمتكامل لشخصيته، وعلى تفتح استعداداته، وطاقاته وتنميتها، ومساعدته على التكيف المستمر، مع بيئته الاجتماعية والطبيعية، وتزويده بالخبرات التي يتطلبها ذلك التكيف " (1) 9- تعريف رالف تايلور الاميركي: يحدد تعريف الهدف التربوي في ثلاثة عناصر: "
1. تعليم النشء كيفية التكيف مع المجتمع
.2. تنمية القدرة على مواجهة المشكلات، والاستغـــلال في التوجـــه الذاتي، والحرية في قيادة النفس.
3. الحياة الصالحة للفرد والجماعة في ضوء المجتمع الديمقراطي "
(2) إن هذا الصنف من التعاريف – ولو أنها تاريخية أهدافه عامة في تحديد الهدف التربوي، يسعى إليها كل المجتمع في كل عصر في أي مكان تقريبا -ما عدا غير المتحضر – إلا أنها في الحقيقة تحتوي على كثير من أصول وجذور أهداف التربية، التي لا يمكن أن يخرج أو يشذ عنها أي نظام تربوي متمدن في العالم. فنلاحظ أنه من أول تعريف للفيلسوف والمربي اليوناني أفلاطون (ق.م)… إلى آخر تعريف لمعلم من معالم التربية في القرن العشرين ( رالف تايلور ) كلهم يؤكدون في تعاريفهم للأهداف التربوية على عناصر في التربية – مع اختلاف جزئي فيما بينهما – يجب أن تسعى لتحقيقها في آخر المطاف كغاية تربوية، وهذه العناصر التربوية كأهداف نلخصها فيما يلي:
أ- تكوين وتنمية الفرد بالتربية بجميع استعداداته وطاقاته الشخصية لخدمة ذاته بذاته.
ب- إعداده إعدادا متكاملا للتكيف مع الحياة الاجتماعية والجماعة، والاندماج في البيئة وحل مشكلاتها
ج- تزويده بالمعارف والخبرات العلمية والخلقية الفاضلة. د- التأكيد على القيم، والاخلاق والمثل العليا والفضائل الصالحة للفرد والمجتمع.
هـ- مساعدة الفرد على تكوين العلاقات السلوكية الحسنة بينه وبين الآخرين. هذه هي ركائز أهداف التربية. كما نلاحظ من ناحية أخرى أن " الهدف التقويمي" غائب في هذه التعاريف، وذلك إما بحكم أن المعلومات التربوية وما ينص عليه التعريف يجب أن تبنى عليها المناهج لتنفيذها عن طريق التلقين، وإما أن الامتحانات والتقاويم لا اهمية لها أو لا تجرى، وأن الحياة الواقعية والعملية هي الامتحان المباشر، أي يكون التقويم من خلال التعلم والسلوك. على الرغم من عمومية هذه التعاريف غير الشفافة والتي تخلق نوعا من الضبابية أثناء إعداد المناهج وكيفية تنفيذها،…. وتقويمها، ولكنها تبين لنا معظم ملامح الاجابة على الاسئلة مثلا: لماذا نـربي ؟ ومن هو الشخص المثالي الذي ينتظره المجتمع والاسرة من أن تخرجه المدرسة وتتجسد فيه الغايات المثلى ؟…
وغير ذلك. إضافة إلى ذلك فإن عبد المجيد نشواتي يوضح لنا ميزة هذه العمومية ( أهداف تربوية عامة ) فيقول: "إن المربين يميزون عادة بين فئتين من الاهداف: فئة "الاهداف التربوية" وفئة "الاهداف التعليميـــة". ويعود هذا التمييز إلى درجة العمومية أو التخصيص، التي تتصف بها هذه الاهداف وإلى دورها في العملية التربوية، وإلى طبيعة الجماعات التي تضعها "
(3). وهذا ما نص عليه قبل ذلك "رالف تايلور" إذ ذكر " أن الاهداف في التحليل النهائي لها في الحقيقة، هي بالتأكيد أمور تقوم على الاختيار….وتعتبر بمثابة أحكام ذاتية للمسؤولين عن التعليم، ولذا فإنه من الضروري أن تكون هناك فلسفة تربوية شاملة للاستعانة بها في إصدار الاحكام "
(4). ويشير عبد المجيد نشواتي أن "الاهداف التربوية " تشير إلى الغايات القصوى للعملية التربويـة (أهداف تربوية عامة يسعى إلى تحقيقها كل مجتمع ) التي ترمي إلى التأثير في شخصية الفرد لجعله مواطنا يتسم باتجاهات وقيم معينة "
(5) وقد صنف "رالف تايلور " كنموذج ومثال للاهداف التربوية العامة على حسب تقسيمه لجوانب الحياة التي يمكن أن يفكر فيها المربي وهي كالتالي: 1- حماية الحياة الصحية والمحافظة عليها. 2- ( استغلال ) المصادر الطبيعية للثروة.
3- إنتاج البضائع، وتقديم الخدمات وتوزيع العائد من الانتاج.
4- استهلاك البضائع والانتفاع بالخدمات.
5- وسائل الاتصال والانتقال.
6- النواحي الترويحية.
7- التذوق الجمالي.
8- الدين.
9- التربية الاسرية.
10- التوسع في الحرية.
11- تكامل الفرد.
12- الاستكشاف والاستطلاع. وإنه من الممكن أن نختار أي تصنيف آخر لكي نحقق هذه الغاية، وهدفنا في كل جانب من جوانب الحياة هو تناول جانب من جوانب الحياة "
(1). ومن أمثلة النماذج للاهداف العامة للتربية في اميركا حوالي 1938 ما أورده "س. م لندفل" حيث قال: "ومن الامثلة على البيانات الخاصة بالاهداف العامة للتربية المجموعة المألوفة من الاغراض التي وضعتها "لجنة الســياسات التربوية" في الدلـــــيل المسمى "أغراض التربيـــة في الديمقراطية الاميركية" أما المقدمة التي انطلق منها واضعوهذا الدليل فهي المبدأ التالي:"إن الهدف العام للتربية في اميركا في الوقت الحاضر، هو تطوير الفرد إلى أقصى حد ممكن ضمن إطار البناء الحالي للمجتمع الاميركي الصناعي الديمقراطي " وصنف واضعو الدليل أغراض: التربية في أربعة أبواب كبرى:
1- الاهداف الخاصة بتحقيق الذات. 2- الاهداف الخاصة بالعلاقات الانسانية. 3- الاهداف الخاصة بالكفاية الاقتصادية. 4- الاهداف الخاصة بالمسؤولية المدنية. ثم انتقل المؤلفون إلى تحديد دلالة كل من هذه الابواب الكبرى ففصلوا القول فيها "
(2) أما الفئة الثانية، هي "الاهداف التعليمية" كما يشير عبد المجيد نشواتي تشير إلى الاغراض التي تنشدها العملية التعليمية – التعلمية، والتي تتجلى في عملية اكتساب الفرد لأنماط سلوكية أدائية معينة من خلال المواد الدراسية والطرق التعليمية المتنوعة، والمتوفرة في الاوضاع المدرسية "
(3). ويمتاز هذا النوع من الاهداف التعليمية في تعاريف الصنف الثاني بما يلي: تعاريف الصنف الثاني: تعريف الهدف التعليمي بناء على تحقيق السلوك الاجرائي المحدد، و قياسه بالتقويم والاختيار تعريف الهدف التعليمي: الهدف التعليمي هو وصف لتغير سلوكي نتوقع حدوثه في شخصية التلميذ فنتيجة لمروره بخبرة تعليمية وتفاعله مع موقف تدريسي "
(4). وعليه فإنه يطالب واضعو المناهج بضرورة تحديد الاهداف التعليمية تحديدا إجرائيا لكي يمكن اختيار الخبرات التعليمية المناسبة لهذه الاهداف، كما يمكن اختيار أنسب طرق التدريس، وأنسب أساليب التقويم، أما إذا كانت الاهداف غامضة، وغير محددة، فإنه سوف يترتب على ذلك تخبط في بناء المنهج، وفي تنفيذه على السواء، كما يترتب عليه زيادة الاهتمام بنواحي معينة في السلوك على حساب بقية النواحي. ومن هنا تظهر أهمية العناية بصياغة الاهداف التعليمية وكتابتها بطريقة سلوكية إجرائية"
(1) إننا سنعرض هنا بعض تعاريف الاهداف التعليمية المبنية على أساس السعي لتحقيق السلوك الاجرائي المحدد للمتعلم، وهي كما يلي:
1- تعريف ماجر Mager: " الهدف التعليمي هو قصد معلن عنه بتصريح، يصف التغيرات التي نرغب في إحداثها عند الطالب ذلك التصريح الذي يجب أن يحدد ما يحدث فيه من التغيرات والتحولات بعد متابعته بنجاح لتعليم معين "
(1) 2- تعريف بلوم Bloom: " الاهداف صيغ صريحة لتغيرات نود إحداثها لدى التلاميذ خلال عملية تربوية"(2) 3- تعريف واينمو: " إن عرض أهداف برنامج تعليمي ما، يجب أن يحدد ردود أفعال وسلوك ملاحظ، وقابل للقياس من طرف الطلاب الذين تتبعوا بنجاح برنامج هذه المادة إلى النهاية " (3). هذه بعض التعاريف المرتبطة بهذه الفئة، التي تخصص الاهداف التربوية العامة المذكورة آنفا والتي تتسم بالتجريد والعمومية في الالفاظ، مثل الشخصية المتكاملة وتنمية القدرات والمواطـن الـصـــالــــح والاخلاق الفاضلة والتكيف الاجتماعي….الخ.
وإذا أردنا أن نحدد " الهدف السلوكي الاجرائي " فإننا نحدده بالعبارات التي لخصها عبد المجيد نشواتي بقوله: " الهدف السلوكي عبارة تصف الاداء المتوقع قيام المتعلم به، بعد الانتهاء من تدريس وحدة تعليمية معينة، أي يصف الحاصل التعليمي،
أو السلوك النهائي للمتعلم، أكثر مما يصف الوسائل المستخدمة في الوصول إلى هذا السلوك "
(4). إن هذا التحديد هو وصف قريب جدا من تعريف "ماجر" السابق ذكره، وبناء على تلك التعــاريف وهذا التحديد للسلوك الاجرائي، فإن المدرس أو الهيئة المعنية بتحديد الاهداف السلوكية في التعليم فإنه لا يجب أن تقع في شرك المبالغة، والطموح للهدف الذي لا يمكن بلوغه، عند تحديد الهدف السلوكي للمتعلم أو لانقدر معاني الالفاظ التي يحملها الهدف التعليمي المحدد، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تظهر في السلوك مباشرة كقولهم "القدرة على التفكير في…"
أو "القدرة على الفهم" أو "اسـتغلال المـيـول والاتجاهات " أو " تكوين الاخلاق و القيم و المثل العليا…" لأن مثل هذه الالفاظ التي يحملهــا الهـــدف التعليمي تنتمي إلى الاهداف التربوية العامة أكثر من انتمائها للاهداف التعليمية أو السلوكية الاجرائية:أي توقع حدوث سلوك مباشر و واضح بعد الانتهاء من تدريس وحدة تعليمية، و لذا فإنه يجب تحديد الكلمات و الالفاظ المكونة لصياغة الهدف الاجرائي، و ذلك مما يستلزم و يسهل أداؤه و فعله و اجراؤه حسيا بعد التدريس: مثل، قولنا: " الهدف من الوحدة التعليمية أو الدرس: قدرة التلميذ على حل مسائل حسابية عديدة في النسب المئوية، أو: استطاعة التلميذ على القراءة الصحيحة و عدم الاخطاء، و لا يخطئ في قراءته ثلاثة أخطاء. أو يستطيع تحرير إنشاء صحيح التعبير في صفحة لمدة ساعة….و هكذا لأنه هذا هو السلوك المنتظر من الطالب القيام به، فهو سلوك مشاهد و حسي. و من جهة أخرى يستطيع المعلم قياسه و تقويمه و ضبط نوعيته، و تقدير قوة الطالب أو ضعفه بالنقطة.
و كما يذكر "ماجر 1975 Majer" " أن الهدف السلوكي يتكون من بنية معينة تتضمن الخصائص السابقة و تمكن المعلم من صياغة أهدافه على نحو ملائم، وتساعده على إيصال قصده التعليمي إلى طلابه لهذا يجب أن يجيب " الهدف السلوكي " الناجح على الاسئلة التالية: ما هو السلوك أو الاداء المتوقع قيام المتعلم به بعد عملية التعليم ؟ و ما هي الشروط أو الظروف التي يظهر فيها السلوك من خلالها ؟ ما هو مستوى الاداء المقبول الذي يحدد مدى تحقق الهدف المرغوب فيه ؟ "
(1). و إذا رجعنا إلى تحليل مضمون تعاريف هذه الفئة للاهداف التعليمية السلوكية نجدها تحتوي على عنصرين مهمين على الاقل – لبحثنا هذا – وهما: أولا: إنها تشمل على تعريف متكامل لموضوع البحث، و تتوافق إلى حد كبير مع فرضيات البحث المذكورة في الفصل الاول و المقرر تطبيقها على الاختبارات في الميدان ( اختبارات السنة 9 أساسي ) فهي تعرف الهدف التعليمي السلوكي الاجرائي إلى حد بعيد و الذي يمكن قياسه و تقويمه بوسائل الدراسة المنهجية للبحوث العلمية.
ثانيا: إن هذه التعاريف تربط تعريف الهدف التعليمي بالمنهج الدراسي، الذي هو أساس من أسس إعداده و تحضيره في جميع المستويات، حيث أن ذلك الارتباط يسمح للمدرسين بقدر كبير على فهم المنهاج أكثر و يسعون لتحقيق غاياته مع المتعلمين الذين بدورهم يجب أن يفهموا أهدافه و مراميه القريبة و البعيدة بصورة أفضل، و يمكن للمدرسين في آن واحد بإعادة النظر فيما هو غيـر ملائـــم، لادخــــال أهـــداف وعناصر لخبرت جديدة تفرضها ضرورة التحولات و التغيرات في الحياة اليومية بأكملها سواء من الناحية العلمية،
أو الاقتصادية، أو السياسية أو التاريخية… ثالثا: إن هذه التعاريف تربط الهدف التعليمي بالتقويم الاجرائي و خاصة التعريف الاخير ( واينمو) وذلك لما من علاقة قوية بين الاهداف التعليمية المحددة و العملية التقويمية، و قد أشار المربي (لوبورشار) إلى هذه العلاقة مرة و قال:"إن كلمة ( هدف تربوي ) ليس لها أي مدلول في المجال التربوي، إذا نحن عزلناها عن التقويم، إذ أنه لا وجود لهدف تربوي لا يمكن تقويمه في كل لحظة "
(2). أسس صياغة الاهداف التربوية والتعليمية: إذا كنا تعرضنا في العنصر السابق لتحديد فئتين من الاهداف، وهما: الاهداف التربوية و الاهداف التعليمية، و بينا الفرق بين النوعين، و ما يحقق كل نوع من الاغراض التي تخدم شخصية الفرد أو المجتمع و البيئة، إلا أن هذين النوعين من الاهداف تحتاج إلى معايير تبنى عليها و أسس تحدد صياغتها بصورة منطقية و علمية لكي تصبح صالحة للتنفيذ الاجرائي تخدم المجالات التي حددت لها بالسلوك الفعلي، و إننا نحدد أسس صياغة الاهداف كالتالي: أولا: أسس صياغة الاهداف التربوية:
1- الاهداف التربوية يجب ألا تكون أهدافا نهائية: أي أن تكون التربية عملية مستمرة لا تستقر عند غاية معينة تحققها، و إنما تجعل من الهدف عند تحقيقه وسيلة لما بعده من أهداف تؤدي إلى نتائج مطردة للتحسن و التطور، و بذلك تستخدم تلك الاهداف استخداما تجريبيا. و كما يقول: " جون ديوي " في هذا الصدد: " ينبغي للمربين أن يحذروا من الاهداف التي يزعم أنها عامة أو نهائية. فلا شك أن كل عمل مهما بلغ من التحديد هو عام بما يتفرع عنه من العلاقات، لأنه يفضي إلى ما لا حصر له من الاشيـــاء، وعلى قدر ما تجعلنا الفكرة العامة أشد يقظة لتلك العلاقات لا يمكن أن تكون عامة إلى حد بعيد…"
(1). إن هذا الاساس له جذر في الفلسفة "البرغماتية" حيث أن البراغماتيين ينكرون بشدة تحديد الاهداف التربوية مسبقا – كما هو سار عندنا – لأن طريقة التدريس عندهم هي طريقة حل المشكلات و طريقة المشروعات، اللتان هما في استمرار اتوالد و تفرع الاهداف، بمعنى أن موضوع المشكل أو المشروع هو الذي يفرض الهدف الذي شارك التلاميذ و المدرسون في اختياره في البداية أي لديه ارتباط بميولهم وحاجاتهم الفكرية و المادية. و يقولون: " إننا لا نستطيع أن نتهكن بالمستقبل، و لا نستطيع أن نتحكم ونستبد بالاجيال المقبلة بوضع اهداف خاصة بالحياة… "
(2). فهم لا يقدمون هدفا جامدا للتربية لأن الحياة الحاضرة في نظرهم في تجدد دائم لحضارة و مدنية أفضل حسب ما تتطلبه الظروف و الاحداث الواقعية.
2- إن تبني الاهداف التربوية على حاجات التلميذ و فعالياته الذهتية بما في ذلك دوافعه الفطرية و عاداته المكتسبة. إن هذا الاساس قائم على أساس ديمقراطي سليم في التعليم و ذلك لما فيه من احترام للفرد، وللشخصية الانسانية، فهو ينطلق من قوى التلاميذ المتحررة في طريق مرسوم لتحقيق خطة معينة والوصول إلى هدف معين. إن هذا الاساس مرتبط بنظرية التربية التقدمية، تلك التي تقول بأنه من الاسس الاولى لتحديد الاهداف التربوية هو اهتمامات المتعلمين،
و يستخدمونها كأساس لأهداف المنهج، لأنهم يرون أن " التربية عملية ناشطة " و هي تتضمن مجهودات المتعلم الناشطة و عموما يتعلم التلميذ الاشياء التي يمارسها و يتعلمها بنفسه، إذا تناولنا المواقف التعليمية في المدرسة مسائل تثير اهتمام المتعلم فإنه سوف يشارك فيها، و يتناول تلك المواقف بفاعلية، كما تنمي فيه القدرة على مواجهة مواقف جديدة في الحياة كلما نشأت "
(3). و لكن هذا الاساس لا يؤيده كثير من غير التقدميين. 3
– ارتباط الهدف بالبيئة و المصالح لتحقيق حاجات التلاميذ و فعاليتهم: و أفيد صياغة للأهداف هو أن نعبر عنها في ألفاظ تميز نوع السلوك الذي ينمى في التلميذ. و يبين في آن واحد جوانب الحياة الذي ينطبق عليه ذلك السلوك. فإذا كانت للتلميذ مصالح يستطيع رؤيتها و التفكير فيها بوضوح و يرى أنه يمكن أن يستغلها في البيئة و المحيط،كأن يصبح مهندسا، أو مزارعا كبيرا، أو رجل أعمال، فإنه يسعى بكل ما أوتي من قوة لتحقيقها، فيصبح تعلمه و سلوكه العقلي مطبوع بطابع غرضي له أهميته و آثاره المفيدة، و الحصول على الشهادة له أهمية للتلميذ إن أدرك أنه سيجد وظيفة تتوافق و مؤهله و تخصصه، و يسعى بنشاط لتحقيق ذلك، أما إذا لم يكن للشهادة أهمية و مصلحة و لا ترتبط بالتوظيف في الحياة العملية فإن الهدف التربوي يخمد. إذن فالهدف التربوي ينبغي أن ينبع من المواقف و الظروف الاجتماعية الملحة.
4- "جعل الاهداف التربوية تنبع من الخبرة و تعمل كوسيلة للسيطرة عليها و توجيهها، فكل فرد يجب أن تكون له أهدافه الواقعية التي تنبع من المواقف العملية التي يواجهها و التي يتصارع معها. و مثل هذه الاهداف لا نستقبلها معدة جاهزة من الآخرين، و لكنها نابعة من المواقف المتغيرة، و لا تتصف بأنها خارجة على الموقف التعليمي أو قامت السلطات الجارجية عن الموقف بوضعها. و لقد صدق أفلاطون عندما قال "
إن العبيد وحدهم هم الذين يتلقون أهدافهم معدة جاهزة من الآخرين ". و الاهداف التربوية التي تنبع من الخبرة ليست هي الاهداف المرغوب فيها فحسب، و لكنها هي الاهداف التي تؤسس رغبتها على القيم. فليس كل ما يرغبه الانسان من أهداف يكون هو المرغوب فيه، والاهداف المرغوب فيها بالنسبة لأي فرد، هي تلك الاهداف التي يختارها عن ذكاء من بين الاهداف التي تظهر في الخبرة الواقعية " (1). يظهر من هذه الاسس المعيارية التي ركز عليها محمد لبيب النجيحي يربط بينها عامل مشترك و هو التيار أو الاتجاه التقدمي، الذي يركز كثيرا على اهتمامات الاطفال و حاجا تهم، و مشكلاتهم، و خبراتهم و إن هذه الاسس أهملت تماما ما يراه "الاساسيون.Essentialists " أساسا لتحديد الاهداف التعلمية و التعليمية كالمحافظة على التراث الثقافي المتضخم عبر الاجيال، و نقل القيم و المثل العليا… و غير ذلك.
ثانيا: أسس صياغة الاهداف التعليمية. (السلوكية – الاجرائية) إن الأغراض الاربعة الكبرى التي وضعتها " لجنة السياسات التربوية " – المذكورة آنفا – إذا ما فصلت و حددت مجالاتها، و أبوابها، و عينت دلالات كل غرض في تصنيف و كل ما يمكن أن يتعلمه التلميذ، و ما ينتظر منه أن يتغير فيه أو يتحسن، أو يزداد فيه بصورة مستمرة، بحيث يمكن قياس ذلك السلوك و الاداء بأسلوب من أساليب الاختبار و الامتحان. فإنه بالتأكيد سيصبح ذلك الاداء و التنفيذ المطلوب هو " الهدف التعليمي " ( سلوكي، أو إجرائي )،
و على سبيل المثال:" الاهداف المتعلقة بالعلاقات الانسانية " فهذا باب من أبواب الاهداف العامة، فإن دلالة هذا الهدف التربوي العام، تتضح إذا ما فصلناها بالتخصيص في بنود أكثر تحديدا فيما سيتناوله التلميذ بالدراسة لكي يتعلم و يتصرف، فيختار لها موضوعات، سواء في مادة القراءة، أو الاخلاق، أو التربية المدنية،… و غيرها مما تتحدث عن تكوين صداقات حميمة و خيرة و متنوعة مع الغير "و موضوعات التعاون، و المجاملة، و أساليب الترابط الاسري، و المحافظة على القيم، و الادارة المنزلية و أساليب الديمقراطية….و غير ذلك، مما يجعل التلميذ يقتنع فكريا بفضائل ذلك التصرف، ثم يحوله لا شعوريا أو بالتقليد و التعود إلى سلوكه الفعلي التنفيذي في القسم و المدرسة و الحياة الاجتماعية عامة، و بذلك يمكن قياس سلوكه بالملاحظة والاختبار. إن أية عملية تستهدف صياغة "الاهداف التعليمية " بطريقة تبين إجراءها و تنفيذها سلوكيا، فإنه يجب أن تلتزم و تراعي عند تحديدها و صياغة بنودها الاسس التالية:
1- أن يكون الهدف محددا و واضحا بدقة، فإذا ما غمض الهدف، فإنه سيقع اختلاف كبير في تفسيره وتأويله و بالتالي سيقع أختلاف أكبر في اختيار الخبرة التي من خلالها يتم – أو لا يتم – تحقيقه، وحينذاك لا يمكن قياسه و تقويمه بموضوعية.(2) 2- الاشارة إلى السلوك المتوقع من التلميذ بالتدقيق، سواء أثناء التعلم، أو الاستجابة أثناء التقويم والاختبار. كقولنا، مثلا في مادة العلوم: " تعرف التلميذ على الماء في الطبيعة "، فهذا البند لا يمثل هدفا دقيقا و محددا للاجراء و التنفيذ، فهو يشير إلى الموضوع، و لا يشير إلى تأثيره في سلوك و ذهن التلميذ و لا يحدد هل يعرف التلميذ دواعي سريانه أو ركوده، تبخره أو جموده، أو تأثيره في الانســــان أو النبات أو طبيعة وجوده في البر أو البحر، نوعيته أو فوائده و مضاره،…. و غير ذلك. بينما إذا حدد البند الهدف مثل قولنا:" معرفة تأثير وجود الماء في الطبيعة على النبات أو الحيوان… " يكون الهــــدف التعليمي دقيقا. (3)
3- يمكن ملاحظة الهدف في ذاته، و في تحقيق نتائجه – سواء أكان بسيطا أم مركبا – أي يكون هناك معيار نستخدمه لتقويم و قياس نجاح التلميذ في اجرائه و أدائه و تحقيقه، كأن نحدد بقولنا مثلا في صياغة هدف في مادة الجغرافيا " أن يحفظ التلميذ البلدان المصدرة للبترول " فإن هذا الهدف هو من النوع السلوكي التذكري، يمكن ملاحظة نتائجه، و قياس تنفيذه بصورة مضبوطة. 4- يحدد الهدف بصورة يمكن قياسه واختباره، فإن ذلك التحديد يساعد على معرفة مدى تحققه، إما بتعديل في السلوك. أو إزالته أو إحداث أنماط سلوكية جديدة، بعد أداء التلميذ للهدف على نحو مقبول(1) 5- أن يرد في بنود الهدف التعليمي ما يعرف باسم " الحد الادنى للأداء " فإن ذلك سوف يساعد على قياس مدى تعلمه، ومدى تحققه بالاختبار و التقويم، و يذكر ذلك بالمدة الزمنية، و كمية الاداء، و بطريقة كيفية مثل قولنا في بند الهدف في مادة الحساب " أن يجيب كتابيا في مدة ساعة 70% من المسائل الحسابية المشتملة على ثلاث عمليات من العمليات الاربع " (2)
6- أن تحتوي عبارات بنود الهدف على " فعل سلوكي " أو إجرائي يشير إلى نوع السلوك و المستوى المعين المقصود تنفيذه من ذلك النوع، و الذي يريد أن يبلغه و يحققه التلميذ: و للسلوك ثلاثة أنواع: (السلوك المعرفي – و السلوك الوجداني – و السلوك الحركي ) – التي سنشير إليها في فصل لاحق – ولكل منها عدة مستويات. (3) 7- عبارات البنود في الاهداف التعليمية ( السلوكية ) يجب أن تكون مستنبطة و مرتبطة بالاهداف التربوية العامة (4) 8- يجب بيان و تحديد الهدف التعليمي السلوكي (الهدف الخاص) في ضوء حاجات التلميذ، بمعنى يجب ألا يخرج كثيرا عن نطاق محاور اهتمام التلاميذ، و من المعروف أن عملية التعلم لا تتحقق بنجاح إلا إذا وقع بعض التغيرات في عقل التلميذ و جسمه (نمو الاستعدادات و القابليات) حتى لا تضيع مجهودات المعلم أثناء التدريس بدون تحقيق الهدف السلوكي المبتغى " (5). 9- أن تصاغ الاهداف التعليمية على أساس مستوى التلميذ لأنه هو محور العملية التعليمية، و ليس على أساس مستوى المعلم، و يجب ترتيبها و تصنيفها بناء على أنواع السلوك المرغوب فيه (6). 10- أن تصاغ الاهداف التعليمية في صورة تكامل لأنواع السلوك التي يطلب من المتعلم القيام بها بناء على تصنيف أهداف " بلوم " (7). هذه هي الاسس المتعلقة بصياغة الاهداف التعليمية، و أحيانا يصطلح عليها باسم"الاهداف الاجرائية" وهنا يحسن بنا أن نشير إلى التعريف الاجرائي للاداء. الاجراء من الناحية اللغوية: يعني نقل مفهوم، أو تعريف، أو مبدإ من المستوى المجرد إلى المستوى الملموس للعملية، والتطبيق المباشر، أو تنفيذه عمليا و فعليا.
تعريف ( بيرون 1973. pieron ) للاداء و الانجاز و هو: ذكر الاجراءات التي تسمح بقياس سلوك فعلي و نتائجه، و بكل بساطة معرفته و تمييزه من بين الاهداف الاخرى الكثيرة " (8) تعريف ( بيرزيا. Birzea) يعرف الهدف الاجرائي كما يلي: " هو صياغة هدف في عبارات سلوكية ملاحظة، أو مراتب سلوكية ملاحظة تحت شروط معينة " (1). إذن الهدف الاجرائي: هو عبارة عن ذكر و تحديد الاداءات و الافعال و السلوكات العملية الفعلية ( تنفيذ عمل حركي أو فكري) في وقت معين و بكمية معينة، مما يسمح ذلك السلوك المنجز و حساب و تقدير نتائجه، و إن هذا الهدف الاجرائي مميز بمميزات فعلية سلوكية يختلف عن مميزات السلوكية للاهداف الاخرى. و تلك المميزات الادائية قابلة للتحقيق و الملاحظة و القياس. و يضيف نفس المصدر محددا الهدف الاجرائي: " يكون الهدف إجرائيا إذا كان شخصان و أكثر يفهمانه بنفس الكيفية و يقومانه بنفس الطريقة " و هو يمثل " الهدف الخاص للدرس " و لكنه محدد بعبارات سلوكية ملاحظة و مقاسة، وتنجز تحت شروط معينة، و مجسمة في الواقع (2) و بناء على ذلك فإن السلوك الاجرائي يمكن أن يختبر و يقاس بناء على بعض المحكمات أو النماذج الاختبارية، و قياسه.
و معرفة نتائجه يظهر جليا بواسطة التمارين و الاختبارات التقويمية. و إن هذا التحديد للاهداف الاجرائية يساعدنا على تمييز أنواع الاهداف التي تدخل في مجال تقويمنا للاهداف بعملية المسح، و إنه مبدئيا هذا النوع من الاهداف التعليمية الاجرائية تأتي في الدرجة الثانية بالنسبة لمستويات الاهداف التعليمية. مستويات الاهداف التربوية والتعليمية، ومن يحددها ؟ لولا ارتباط دراستنا و بحثنا المسحي لتقويم مدى تحقيق الاهداف التعليمية في التعليم الاساسي الجزائري لما تعرضنا لذكر هذه المستويات. إن أوضح تقسيم لهذه المستويات، هو التقسيم الذي أورده عبد المجيد نشواتي، حيث يذكر بأن هناك اختلافا واضحا بين الاهداف التربوية العامة، و الاهداف السلوكية الاجرائية، و يكمن سر ذلك الاختلاف في درجة التجريد و العمومية في التحديد أو في التخصيص، و تحديد السلوك الادائي. و إن علم النفس التربوي يعتني بدراسة الاهداف السلوكية، لأن مسؤولية تطبيقها يقع على عاتق المعلم، فيزوده بالمعلومات المفيدة المتعلقة بخصائصها و مكوناتها و مبرراتها و اساليب صياغتها لكي يسهل له القيام بمهامه التعليمية و التقويمية، و هذه المستويات يقسمها عبد المجيد نشواتي إلى ثلاث مستويات
و هي: 1- المستوى العام للاهداف (اهداف عامة): يتميز هذا المستوى العام من الاهداف بأنها ذات درجة مرتفعة من حيث التعميم و التجريد، والدرجة المنخفضة، من حيث التخصيص و التحديد، و هي عادة ما يطلق عليها عبارة " الاهداف التربوية " مثل قولهم: " تنمية العقيدة الدينية و الروحية " و " غرس القيم و الاخلاق و المثل العليا " أو " تنمية التفكير المنطقي " أو " خلق المواطن الصالح ,,… و غيـــر ذلك. إن مثل هذه الاهداف تعنى بوصف النتائج النهائية لمجمل العملية التربوية، و تسعى إلى التأثير السلوكي في جماعة المواطنين، و تزويد الهيئات أو السلطات التربوية بموجهات عامة يستعان بها كدليل عند تخطيط العمل التربوي، و هي أهداف عامة. إن مثل هذه الاهداف غالبا ما تضعها لجان أو هيئات وطنية تضم بعض رجال العلم في التربية و علم النفس و علم الاجتماع و الفلسفة و رجال الفكر المتخصصين في السياسة و الاقتصاد.
و قد تحدد في المواثيق الوطنية، أو تنبثق عن الهيئات في برلمان الدولة. 2- المستوى المتوسط للاهداف: يشير هذا المستوى إلى الاهداف ذات الدرجة المتوسطة من حيث التعميم و التجريد، و يطلق عليها عبارة " الاهداف التعليمية الضمنية " (جودوين – و كلاوس ماير 1975. Goodwin And Klausmeier)، و تعني بوصف انماط السلوك أو الاداء النهائي المتوقع صدوره من المتعلم بعد تدريس مادة دراسة معينة، أو منهاج دراسي معين، كقولهم " تنمية القراءات المهارية، والكتابية، و الحسابية لدى المتعلم " و تسعى مثل هذه الاهداف إلى تزويد المعلمين بموجهات تساعدهم على أداء عملهم التعليمي لكي يسعوا بدورهم لتحقيقها في المرحلة المعينة لها ثم تقويمها. و يضع هذه الاهداف بعض الهيئات أو السلطات التربوية المعينة (في الوزارة) كالسلطات المسؤولة عن وضع المناهج، و تطويرها أو المسؤولة على تأليف الكتب المدرسية. 3- المستوى (المتخصص) للاهداف: (أهداف خاصة): يشير هذا المستوى إلى الاهداف ذات الدرجة المرتفعة من التحديد و التخصيص، و الدرجة المنخفضة من العمومية و التجريد، و يطلق عليها عبارة: " الاهداف التعليمية الظاهرية "،
سلوك اجرائي ظاهر (جودواين، و كلاوس ماير 1975)، أو "الاهداف السلوكية (ماجر 1965. Mager)، و تعنى هذه الاهداف بوصف السلوك أو الأداء الذي يترتب على المتعلم القيام به بعد الانتهاء من تدريس وحدة دراسية معينة، و ذلك من خلال التحديد الدقيق جدا لهذا السلوك بحيث يستطيع كل من المعلم و المتعلم و الملاحظ الخارجي تمييزه من غيره، و الوقوف على مدى تحققه، كالقول " بأنه يجب على المتعلم أن يجيب على 70% من تمارين قسمة الاعداد الصحيحة التي يتكون فيها المقسوم على عددين، و المقسوم عليه من عدد واحد، دون استخدام أية وسيلة. ". يضع المعلم عادة هذا النوع من الاهداف، و قد يساهم الموجه (المفتش) التربوي في صياغتها، وذلك لهدف تزويد المتعلم بتفصيلات السلوك النهائي الذي يجب أداؤه بعد التعلم،
و تزويد المعلم بالوسائل التي تمكنه من القيام بعملية التقويم. (1). إن تحديد الاهداف – إلى حد اليوم ليست بمشكلة بالنسبة للمعلم، لأن التعليم له طابع موحد في جميع المدارس و المستويات و هناك هيئة خاصة للبرمجة في الوزارة التي هي المسؤولة على تحديد الاهداف التعليمية – من نوع المستوى (اهداف تعليمية ضمنية)، و من المستوى المتخصص (اهداف تعليمية ظاهرية " خاصة ") – مع اعداد المناهج لكل مادة في كل مرحلة من مراحل التعليم الاساسي، و هيئات أخرى تحدد ذلك للمستويات الاخرى، بصورة موحدة، مع توصيتهم بتكييف تلك الصياغة حسب الصف أو المنطقة بشرط ألا يكون ذلك التكييف خارجا عن نطاق المضمون. و من الصعوبات التعليمية عدم وجود دليل موحد يحظى بقبول الجميع، من حيث تحديد الاهداف التعليمية و السلوكية، و تقرير أنواع النشاط (المواد)، و محتوى الاختبارات التي تقيس مستوى تحقيق الاهداف الاجرائية بعد نهاية كل درس، أو بعد فترة قصيرة أسبوعية أو شهرية أو فصلية أو حتى مرحلية، و إن هذه الصعوبات قد أزيلت و أعفي المعلم منها، فما عليه إلا أن يتبع التعليمات و يطبق و ينفذ ما هو جاهز.
إذا ما حاولنا أن نقارن بصورة بسيطة بين المستويات الثلاث للاهداف (عامة- و ضمنية- و ظاهرية) نجد أن الاهداف التربوية العامة، هي أهداف مشتركة بين كثير من المواد الدراسية، فلا تستطـيـع مـــــادة واحدة لوحدها تحقيقها، فالمواطن الصالح " مثلا كهدف عام، فإن التلميذ يكتسب هذه المواطنة من مادة الدين، و التربية المدنية، و نصوص القراءة، و من الاخلاق و التاريخ و حتى من الحساب و الهندسة.. و غير ذلك، كما أن هذه الاهداف – إذا كان التعليم موحدا – فإن أفراد الوطن الواحد يشتركون في اكتسابها و تحقيقها و تنفيذها، و ذلك على افتراض أن توحيد التعليم يوحد أهداف الامة. كما و أن هذه الاهداف مشتركة بين كشير من الدول، حيث أن معظمها تتخذها أهدافا و غايات لها. أما أهداف المستوى المتوسط (الاهداف التعليمية الضمنية) فإن أهداف هذا المستوى تكون نوعا ما خاصة بكل دولة، أو بكل مؤسسة أو هيئة تعليمية، و لها أن تكيف الاهداف العامة حسب تاريخها ومبادئها و اتجاهاتها السياسية، و ظروفها المادية و الاقتصادية، و معطيات الامة كلها، وعلى حسب آمالها و ما يتطلبه المجتمع و المخططات التعليمية و العلمية و الاقتصادية و العسكرية…..
و ما تريد أن تحققه في الامد القصير و الطويل. و إن هذا النوع تحدده الهيئات في مراحل متطورة، كأهداف مراحل التعليم الاساسي، في الطور الاول و الطور الثاني، و الطور الثالث، أو اهداف مرحلة التعليم الاساسي كلها، و من خلال تحقيق هذه الاهداف تتحقق الاهداف العامة، و لا يمكن معرفة مدى تحقيقه إلا بالاختبارات العديدة. و إن هذا النوع من مستوى الاهداف هو الذي يركز عليه تقويمنا المسحي، و يبحث عنها لكي يقيس مداها و مقدارها، وذلك إذا ما سلمنا جدلا أن " هدف التقويم هو قياس مدى التقدم الذي يحرزه التلاميذ نحو تحقيق أهداف التدريس المرسومة مسبقا " و أن التقويم بدلالة تعاريفه. تنص على انه تبنى على معرفة لاهداف التعليم، و إذا لم تحدد قبل بدء التعليم، يجب أن تحدد قبل بدء التقويم، و بناء على ذلك فالتقويم معيار قياس أهدافه – كما يذكر (س.م.لندقل) – هو الاجابة على السؤال التالي: " ما مدى اتقان الطلاب للأشياء التي يفترض أنهم تعلموها ؟ ذلك لأن مدى اتقان التلاميذ للاشياء التي يفترض أنهم تعلموها لا يمكن تحديده إلا بعد معرفة " ما يفترض في التلاميذ أن يكون قد تعلموه. " و من هنا يتضح ان أية دراسة تقويمية يجب أن تستهل بتحديد للاهداف التعليمية.
(1). و عليه فإن تقويمنا للامتحانات لنيل شهادة التعليم الاساسي يكون مرتبطا أولا و قبل كل شيء بتحديد أهداف التعليم الاساسي في الجزائر، و سيأتي ذكرها لاحقا. أما الاهداف التي هي في المستوى الثالث " المستوى المحدد للاهداف " فهي أهداف اجرائية، يمكن قياسها بالتدريبات و التمارين التي تجري بعد الدرس، فهي أهداف خاصة و محددة، أي اجرائية و أدائية بصورة مجزأة و بالتالي فإنها لا يمكن أن تكون مجالا للتقويم في بحثنا هذا، و ممكن بواسطة هذه الاهداف الاجرائية التنفيذية الجزئية، و بتراكم عدة أهداف مطبقة تتكون لدينا الاهداف على " المستوى المتوسط "
(أهداف تعليمية ضمنية) و بمجموعها أو بمجموع نتائج الفروض و التمارين اليومية و الاسبوعية أو الشهرية يمكن قياسها حينذاك بالتقويم المسحي. كما و أن طبيعة هذا النوع الاخير من الاهداف قد يتطلب مسحا آخر، أو منهجا آخر في البحث العلمي التربوي. نماذج للأهداف التربوية العامة المختلفة المصادر بعد أن تعرضنا فيما تقدم للاهداف التربوية و التعليمية في صورة تعاريف و مفاهيم و أسس وتصنيف لها بصورة مجملة و عامة، فإن موضوعية البحث تستلزم منا نوعا من التخصيص و التحديد للاهداف ولذا فإننا في هذا العنصر من البحث نحاول أن نستعرض بعض الاهداف التربوية العامة التي تتقيد بها بـعـــض الدول – مع تفاوت فيما بينها – و الاهداف المعاصرة، و اهداف التربية الاساسية التي تبنتهــا مـنـظــمــة " اليونسكو"، و أهداف التربية في بعض دول العالم العربي، و كل ذلك باختصار،
و أهداف التعليم الاساسي في الجزائر. و الهدف من وراء كل ذلك هو التمييز بين مختلف الاهداف في بعض الدول والمنظمات و مقارنتها بالاهداف التربوية عندنا في الجزائر و لكي نحكم على مكانة اهداف التعليم الاساسي عندنا بالنسبة للاهداف في التعليم الاساسي المحدد، و من ناحية أخرى فإن هذه الاهداف نجعلها هي المحك في الحكم على سلامتها و دقتها في المرامي، و من ناحية ثالثة فإن نموذج بلوم و تصنيفه للاهداف يحتاج إلى سند و معيار يدعمه أثناء مناقشة النتائج عند إجراء تحليل المضمون لأسئلة اختبارات شهادة التعليم الاساسي. نصرح في البداية أن تلك الاهداف يصعب حصرها، فعندما يحاول الباحث أن يتناول تلك الاهداف التربوية و التعليمية بالتقصي و البحث و يحاول ضبطها و بإيجاز فإنه قد يتيه في كثرتها و تفاصيلها وتشعبها و تؤدي به إلى متاهات غير موضوعية يصعب الخروج منها، و ذلك لأن الاهداق التربوية تختلف من بلد لآخر، و من زمن لآخر،
و من فلسفة تربوية بلد لفلسفة أخرى، ومن مبادئ دينية أو سياسية لأخرى،… إلخ، وذلك يتوقف على احتياجات و طبيعة المجتمع، و اختلاف الافراد و حاجاتهم، إلا ان هناك هدفا يصبو إلى تحقيقه أي مجتمع كان – كما تذكر الباحثة " فائقة سعيد الصالح " – و هو يتمثل في توفير الانسجام الاجتماعي بين أعضاء هذا المجتمع لضمان الوجود المستمر لثقافته لكي يكتسب تماسكه وتقدمه وازدهاره " (1)، " و من هذا المنطلق تحدد المجتمعات اهدافها العامة للتربية التى تنشدها حاضرا و مستقبلا، كما تحدد الوسائل التى تحقق هذه الاهداف وتعمل على الوصول إلى اهداف أبعد – غايات -للمستقبل. و ذلك من خلال عملها المستمر في تلبية متطلبات التنمية الحديثة، و تطوير التعليم فيها، بغية الوصول إلى تلك الاهداف المرجوة " (2).
I- النموذج العالمي للاهداف التربوية: فاذا ما ذكرنا قبل قليل نموذجا واحدا للاهداف التربوية العامة وهي
الاهداف التى حددتها " لجنة السياسات التربوية " في أميريكا، مع نموذج " رالف تايلور" المذكورين آنفا (3)،
وهما اهداف منبثقة من أميريكا لوحدها، و لكننا هنا نذكر الاهداف العامة للتربية التى تتفق عليها اكثر من دولة (4)،
ونوجزها فيما يلي:
1- تكوين الفرد و المجتمع المتعلم المثقف، ليتكيف و يشارك في نهضة المجتمع.
2- إعداد المواطن الصالح المستنير القادر على القيام بالمسؤوليات، و المشاركة في تطوير الحياة.
3- تمكين المجتمع من تحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي من أجل رفاهية الافراد و سعادتهم.
4- مساعدة الفرد على النمو نموا طبيعيا متكاملا، من جميع جوانب شخصيته، مع مراعاة الفروق الفردية….
5- تعزيز و تطوير شخصية الفرد لتمكينه من استغلال جميع قدراته و إثبات نفسه في جميع مواقف الحياة.
6- تمكين الفرد من الاستفادة إلى أقصى الاستفادة من ثمرات التقدم العلمي والتكنولوجي و تطبيقاتها الفعلية في الحياة. 7- تعزيز ديانة الافراد، و القيم الخلقية و القومية، و المدنية بالمفهوم الصحيح للدين و قيمه. معظم الدول المتفقة على تكوين هذه الاهداف التربوية في الافراد و الجماعات متفقة من ناحية أخرى على أن هذه الاهداف و الغايات لاتتحقق إلا بإلزامية التعليم و مجانيته على الاقل في المرحلة الاساسية من التعليم (الابتدائي) (5).
II- نموذج الاهداف التربوية للمنظمة العالمية للتربية و الثقافة والعلوم (اليونسكو). بعد أن ذكرنا الحلقة الاولى من الانموذج للاهداف التربوية العامة العالمية المتفق عليها أكثر من دولة فإننا سنتطرق إلى الحلقة الثانية من النماذج للاهداف التربوية العامة التي تختصر إلى أضيق حلقة من الاولى و هي اهداف منظمة " اليونسكو" العالمية. على الرغم من أن منظمة " اليونسكو" تهتم " باهداف التربية الاساسية " أكثر مما تهتم " باهداف التعليم الاساسي "، – مع العلم ان هناك فروقا بين التنظمين و المصطلحين –
فإننا سنقتصر على ذكر أهداف التربية الاساسية و ذلك لما بين النظامين من علاقة كبيرة في الاهداف، و سنتعرض لبيان هذه العلاقة عند تعرضنا لاهداف المدرسة الاساسية، ثم بعد ذلك نبين كيف يمكن أن تقاس هذه الاهداف، وتقوم مناهجها بناء على معايير تحددها المنظمة،
و النموذج المحدد لاهداف التربية الاساسية يتمثل في النقاط التالية:
1- " القدرة على التفكير و التعبير (القراءة – و الكتابة – و المحادثة – و حسن الاصغاء – و الحساب).
2- الدربة المهنية: (في الزراعة، و أعمال الحقل، و في البناء، و النسيج، و المهن الاخرى المفيدة، و بعض الدربة البسيطة في الامور الفنية، و التجارية الضرورية للتقدم الاقتصادي).
3- الخبرة المنزلية: (كتهيئة الطعام، و العناية بالاطفال، و المرضى).
4- الحذق المستعمل للتعبير الذاتي في الفنون، و الاشغال اليدوية.
5- التربية الصحية المتصلة بالفرد و الجماعة.
6- معرفة البيئة الطبيعية المحلية، و ما يحيط بها و فهمها، و فهم التطورات الطبيعية (العلم العملي المبسط).
7- معرفة البيئة البشرية المحلية، و ما يحيط بها و فهمها، (المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية، والقانونية و الحكومية). 8- معرفة الاقطار الاخرى من العالم، و الشعوب التي تعيش فيها. 9- تنمية الصفات التي تجعل الناس صالحين للمعيشة في العالم الحديث كالمحاكمة الشخصية، و الاقدام، و التحرر من الخوف و الاوهام، و الفهم لوجهات النظر المختلفة، و العطف عليها. 10- الرقي الروحي و الاخلاقي، و الايمان بالمثل العليا الاخلاقية، و التعود عليها عند العمل. (أي الضمير المهني)، و واجب امتحان المعايير التقليدية و تعديلها لكي تصلح للظروف الجديدة "
(1). هذه هي الاهداف الاساسية العامة للتربية من وجهة نظر هذه المنظمة، و إذا ما حاولنا أن تربط بين ما تسعى إليها التربية الاساسية لمنظمة اليونسكو، و موضوع التقويم، نجد أن المنظمة تسعى إلى أن يهدف التقويم إلى قياس مدى تحقيق الاهداف المرسومة. و إنها قد أكدت من خلال برنامجها للتربية الاساسية على تحديد الاهداف مسبقا، لكي يتسنى تقويمها من خلال المنهاج المخطط محليا، كما هو واضح في النص التالي: "…. لذلك كانت معالجة أمور التربية الاساسية على الصورة المتقدمة، تستلزم أن تكون الغايات واضحة في الاذهان منذ البداية، كما تستلزم تقويم الاعمال التي أجريت لكي نرى إلى أي مدى تحققت الغايات المطلوبة، و يجب أن توجه المعايير التالية القائمين على نشر التربية الاساسية في تقويم مناهجهم بوجه عام.
|