صورة العبارة بحيث تعين الأديب على أداء معانيه بصورة مختلفة
حسبما تقتضيه الجملة ويطلبه الوزن والقافية في بعض الأحيان .
قال فيه عبدالقاهر : " هو كنز من كنوز البلاغة " وهو يحتوي على نوع من
الإيجاز , ويعرض المعنى في أقل ما يمكن من اللفظ فمثلاً
إذا قلنا : انتصر سعد بن أبي وقاص على الفرس في القادسية , لا شك
أننا نجد فرقاً في قوة العبارات وإيجازها عن قولنا :
انتصر جيش المسلمين على الفرس في القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص.
كما أن للمجاز دروباً واسعاً من دروب المبالغة في التعبير فمثلاً قول الشاعر
ملكْنَا فكان العفْوُ منَّا سجِيَّةً
فلما ملكتُ سالَ بالدَّم أَبْطَحُ .
فالشاعر يفتخر بأن قومه قدر ولكنهم عفوا وصفحو ا بينما المخاطبون
حينما قدروا أسرفوا في سفك الدماء حتى سال الدم بالإبطح – وهو المكان
الواسع فيه دقائق الحصى – ولكن المجاز صَوَّرَ كثرة الدم حتى غمر المكان
وطفح من كل جوانبه , وكأن المكان نفسه وبما فيه يسيل , مبالغةً في كثرة
الدم وغمْر المكان به .
وقد يكون من مقاصد المجاز العقلي التحايل على دفع التهمة والتملص
من الجريمة فيسند الفعل إلى سببه , كما قالوا :
فلان قتله جهله وكأنما يريدون أن يبرئون قاتله من جريمة القتل .
ولعل ذلك يذكرنا بقصة سيدنا عمار بن ياسر – رضي اله عنه –
فقد كان في جند علي – رضي الله عنه – يوم صِفِّين , فلما قتل اضطرب
أهل الشام لعلمهم بقول النبي – صلى الله عليه وسلم –
" عمَّارٌ تقتله الفئة الباغية " فقال لهم معاوية :
إنما قتله من أخرجه , فقد وجد معاوية في المجاز دفعاً للتهمة عن جماعته .
جزيت خيرا
سلااامي