تحدي الإعاقة.. يفعّل الإرادة ويصنع الأبطال
أن يحقق الشخص انجازات عالمية فهو إنسان متميز يملك من القدرات الشيء الكثير وأن يتكرر هذا الانجاز فهو شخص طموح متميز، وأن يكون الإنسان سببا في نجاحات الآخرين فهو رجل خارق للعادة، وأن يحلم بما هو أكثر ليرفع علم بلاده في المحافل الدولية فهو مواطن بدرجة امتياز، وأن يواجه كل المعوقات ويحولها إلى دوافع للنجاح فهو إنسان غير عادي.
هذا هو البطل الإماراتي والعربي والدولي والعالمي عبد الله العرياني الحاصل على تسع ميداليات ذهبية في الرماية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف والذي يطمح إلى تحطيم الأرقام القياسية في اولمبياد بكين 2022 الذي يشارك فيه نخبة من رماة العالم من ذوي الاحتياجات الخاصة. ما جعل العرياني وزملاءه أبطالاً بكل المقاييس ما حققوه من انجازات رياضية استطاعوا تحقيقها وهم على كراسي متحركة لازمتهم منذ سنوات طويلة عندما تعرض لحوادث سير أفقدتهم الحركة. ويتحدث العرياني حول إعاقته وكيف استطاع أن يحول الإعاقة إلى حافز لحصد الميداليات الذهبية واستكمال مشواره الرياضي الذي بدأه قبل تعرضه للإعاقة إثر حادث سير آلم به منذ عدة سنوات.
ويقول أنا لست معاقاً لأنني جزء من هذا المجتمع والوطن الغالي الذي ينتظر مننا الكثير لنقدمه له بعد نلنا منه الكثير، ونملك الكثير من الإمكانيات التي تؤهلنا للقيام بدور فاعل ومحوري في جوانب عدة وهذا ما أتمنى أن يؤمن به كل شاب شأت الأقدار أن يتعرض لحادث يقعده على الكرسي المتحرك الذي يمكن أن يكون عامل مساعد ودافع حقيقي للانجاز واثبات الذات.
ويتحدث العرياني حول انجازاته في مشوار حصد الميداليات الذهبية قائلا: حققت تسع ميداليات ذهبية في بطولات عدة على مستوى العالم بعد أن سجلت اسمي كأول لاعب عربي في اتحاد الرماة المعاقين وشاركت في أول بطولة جمعت نخبة من أبطال العالم شاركت فيها بإمكانيات فردية بسيطة وبمعلومات بسيطة عن قوانين الرياضة كونها خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة ولم يتبادر إلى ذهني أن تكون هناك بطولة للمعاقين خصوصا وان اتحاد المعاقين لم يدرج هذه الرياضة ضمن الرياضات المدرجة، أضف إلى ذلك عدم وجود أندية محلية لهذه الرياضة.
وبعد التجهيز لأول مشاركة في بطولة أسياد ماليزيا الخاصة بالمعاقين عام 2022 حققت المركز الأول بعد أن حققت رقما قياسيا كان 600 من 600 نقطة وأصبحت أول لاعب عربي يشارك ويحقق البطولة من أول مشاركة ضمت العديد من الأسماء وأصحاب الخبرات السابقة.
ويضيف العرياني: قبل الإعاقة كنت بطل العرب وبعد الإعاقة أصبحت بطلا دوليا، ومعنى ذلك أن الإعاقة لم تحدني عن تحقيق انجازات حقيقية، بل زادت من انفتاحي على الآخرين سواء في محيط أسرتي أو المجتمع، وهذا ما أتمنى أن يبادر إليه كل أخواني من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا ينقصهم سوى الإرادة والعزيمة لتحقيق انجازات كبيرة في نواحي.
إنجازات متوالية
ومثال على ذلك المجموعة من اللاعبين بنادي العين لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحققون انجازات متوالية في رياضات متنوعة تتناسب وطبيعة إعاقة كل شخص منهم، بالإضافة إلى نادي العين للرماية والذي بدأ بلاعب واحد والآن أصبح لدية فريق مكون من ستة لاعبين مع العلم أن مشاركتنا لأولمبياد بكين كان من الممكن أن تكون بأكثر من لاعب ولكن قوانين اللعبة أو الاولمبياد تقتضي أن يشارك نصف المتأهلين فقط.
ويؤكد عبد الله الاحبابي على أنه وضع رجله في طريق النجومية والذهب بعد أن خرج من عزلته التي دامت لسنوات بعد حادث سير وقع له وهو في سن الخامسة عشرة وكان نتيجته أن توفي أحد أصدقائه فيما تعرض هو وابن عمه الذي كان معه آنذاك إلى الإصابة بالشلل النصفي الذي جعلهم يلازمون الكرسي المتحرك.
ويقول الاحبابي: ظللت فترة طويلة وأنا حبيس حجرتي، وكنت اشعر حينها أنني شبه ميت فأنا لا استطيع الحراك بعد أن كنت شاباً لا يعرف السكون يقضي جل يوم في الحركة وفجأة وبعد حادث سير أُقر فيه أننا كنا مخطئين لأن سائق السيارة رحمه الله كان يقود على سرعة 160 كلم في الساعة في شارع المرور بالقرب من شعبية فلج هزاع وبسرعة وفي لمح البصر وقع الحادث.
وهنا وبكل صراحة ألوم أسرنا التي أتاحت لنا قيادة السيارة في وقت مبكر وأتمنى ألا يتكرر هذا الخطاء وأن يبادر كل أب أو أم إلى منع أولادهم من قيادة السيارة في سن مبكرة مهما اقتضى الأمر، وبعد وقوع الحادث ونتيجة لعملية النقل الخاطئ إلى المستشفى أصبت وابن عمي بالإعاقة علما أن من نقلنا كان في نيته إنقاذ أرواحنا ولكنها إرادة الله تعالى التي لا راد لها.
ويضيف الاحبابي بعد محاولات وجهود من الأسرة والأصدقاء قررت أن اترك عزلتي وان أنزع رداء الإحباط وكان البديل ساعتها الدراسة والبحث عن عمل وبعد أن وفقت فكرت في تحقيق ذاتي أكثر وكان الحل وقتها هو الرياضة وبدأت في ممارسة الرياضة عن طريق الاشتراك في العاب القوى ضمن نادي العين للمعاقين،بدأت في تحقيق انجازات في تلك الرياضات.
وعن انجازاته يقول الاحبابي: أنا حاليا موظف ولي دخلي الخاص بي وفي الرياضة حققت ذهبية في العاب القوى في ماليزيا، وفي التشيك فضيتين وانتقلت إلى الرماية لأعطي مجال لباقي الشباب واللاعبين في النادي وكانت الرماية في بداية تأسيسها تحتاج إلى لاعبين فانخرطت كثاني لاعب بالفريق وحققت في تركيا في العام الماضي 593 نقطة بالبندقية الهوائية وهذا خلال أول سنة مشاركة لي، وما زال لدي الكثير لأحققه في الموسم القادم من خلال البطولات والمشاركات العالمية.
وخلال السنة الثانية أطمح في تحقيق الرقم كامل وعندي القدرة على تحقيق لان املك الإمكانيات وأحب اللعبة التي ترتبط أصلا بتراثنا وتاريخنا وبتوفيق من الله رح أحقق الرقم النهائي وتنافس الإبطال في المناسبات العالمية.
سليم المستكا