رحلتي مع الإرشاد(22)
أحببت أن أضمن رحلتي هذه المرة استشارة كتبها الدكتور / إبراهيم الخضير(استشاري الطب النفسي المعروف) عن مشكلة مدرسية نفسية معروفة وهي رفض الطفل للمدرسة ، وكيف تمت معالجة هذه المشكلة؟ ومار أيكم في العلاج الذي تم على يد البروفسور إيزك ماركس؟ وإليكم ماتضمنته هذه المقالة 0
________________________________________
ابني يبلغ من العمر 13عاماً، وكان يسير بشكلٍ جيد في الدراسة، ولكن عندما انتقل إلى المرحلة المتوسطة، رفض الذهاب إلى المدرسة. حاولنا بشتى الوسائل والطرق لجعله يذهب إلى المدرسة، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. فهو يرفض الذهاب إلى المدرسة، بالرغم من عمليات الترغيب والترهيب التي نمارسها معه.. ولكن للأسف لم تُجد أي وسيلةٍ في ثنيه عن رأيه وسلوكه : عدم الذهاب إلى المدرسة مهما كان الأمر!. لم أرد أن أكون شديداً أو قاسياً معه، فحاولت اللجوء إلى أشخاص مُتخصصين في علم النفس وطبيب نفسي. ورغم العلاجات النفسية السلوكية وأيضاً الدوائية، حيث صرف له الطبيب دواء مُضاد للاكتئاب، ولكن لم يحصل أي تقدمٍ يذكر.! فمازال ابني قعيد البيت، ويرفض الذهاب إلى المدرسة ،وأنا في حيرةٍ من أمري، ولا أريد أن أستخدم القسوة معه، وعندي أمل أن يعود إلى المدرسة من تلقاء نفسه، دون أي تدخلات أخرى.. لا أعرف هل أنا مُحق أو أنني أتوّهم، وهل تفكيري علمي وعقلاني أم أنه تفكير تغلُب عليه العاطفة ولن يقود إلى أي نتيجة إيجابية فاعلة؟ آمل أن أتلقى رداً منك، لأني في حالة تشوّش في كيفية التصرف في هذا الموقف، ولكم خالص الشكر والتقدير لتقبلكم استفسارات القراّء.
الرياض
الأخ الفاضل، موضوع امتناع الأطفال عن الذهاب إلى المدرسة، ليس أمراً غير شائع، بل هو قد يحدث تحت ظروف مُعينة مثل الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، بالضبط كما حدث مع ابنك الذي بدأ رفض الدراسة أو امتنع عن الذهاب إلى المدرسة بعد أن انتقل من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة. علاج مثل هذه الحالات هو عودة الطالب إلى المدرسة في أقرب فرصة، أي أن يُمنع من أن يرفض الذهاب إلى المدرسة، ولكن للآسف فإن كثيراً من الأهل يظنون أن الأمر سهل، ويتباطئون في إعادة الابن إلى المدرسة، ويخشون استخدام الحزم في إعادة الابن إلى المدرسة بل يستسهلون الأمر ويعتقدون بأن الطفل سوف يعود من تلقاء نفسه بكل بساطة بعد يوم أو يومين ولكن غالباً لا يحدث هذا !. فامتناع الطفل عن الذهاب إلى المدرسة، وهو أمرٌ معروف في الانتقال من مرحلةٍ إلى أخرى. العلاج السلوكي قد يُساعد على عودة الطفل إلى المدرسة، ولكن ليس هذا العلاج دائماً ينجح، أما موضوع العلاج الدوائي ، إذا لم يكن الطفل يُعاني من اكتئاب فلا أعتقد أنه ذو فائدةٍ تُذكر.
الحل الناجع في علاج رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة هو إرغامه على الذهاب إلى المدرسة تحت أي ظروف، ولو اضطر ولي الأمر إلى أن يلجأ إلى القوة الرقيقة وأخذ الطفل إلى المدرسة، حتى ولو أدعى المرض أو عدم قدرته على الذهاب لمرضٍ أو آلام في أي جزء من بدنه أو حا ول أن يدعي أنه سوف يُغمى عليه أو يتشنج، فلابد من أخذه إلى المدرسة في أقرب فرصة، وكلما بكر الأهل في أخذ الطفل إلى المدرسة، كلما كان الأمر أكثر سهولةً. بقاء الطفل في المنزل والرضوخ لرغباته والاستجابة لإدعاء المرض يُصعّب الأمر في المستقبل. فكلما مر يوم أو أسبوع كلما صعُبت عودته إلى المدرسة. يروي البروفسور إيزك ماركس في كتابه "التعايش مع الخوف: محاولة لفهم القلق والتغلب عليه" في فصل خاص برفض الذهاب للمدرسة عند الأطفال، بأن إجبار الطفل للذهاب إلى المدرسة هو العلاج الناجع لإنهاء هذا الرفض. ويروي بأن ابنه رفض صباح أحد الأيام الذهاب إلى المدرسة، وأدعى بأنه مريض، وأنه يُعاني من آلام في بطنه، وحاول أن يستفرغ، وألقى بنفسه على الأرض يتلوى من آلام البطن، ولكن بروفسور ماركس حمل طفله الذي كان يبكي بشدة وأخذه إلى المدرسة، حتى أن الناس كانوا ينظرون إليه بغيض ومستاءون من هذا الأب القاسي الذي يُجبر ابنه المريض الذي يبكي ويتلوى من الألم وتنتابه نوبات من حالات محاولة الاستفراغ، ولكن البروفسور والعارف جيداً بهذا الأمر، واصل طريقه إلى المدرسة حاملاً ابنه الذي يصرخ ويولول حتى وصل به إلى المدرسة، وأدخله إلى الفصل وهو يبكي ويتلوى مُدعيّاً أنه يُعاني من آلام في بطنه، وأنزله مع زملائه الذين شاهدوا زميلهم يعود مُجبراً، باكياً . حاول الطفل أن يخرج لكن والده منعه من الخروج وأجبره على البقاء في الفصل مع زملائه. بقي الطفل يبكي لبضع دقائق ثم صمت وبعد قليل انخرط مع زملائه الطلاب في نشاطهم الدراسي. وغادر الوالد المدرسة وهو متأكد أنه فعل ما كان يجب عليه أن يفعله.
هذا هو الحل لرفض الطفل أو الطالب الذهاب إلى المدرسة. فالاستجابة لمماطلات الطفل وتهديداته وكذلك إدعائه المرض، قد يقود إلى نتائج سلبية على المدى البعيد، لأن الطفل يختبر مدى حزم الأهل في إجباره على الذهاب إلى المدرسة. قد يُهدّد الطفل بانه سوف يفعل أمورا غريبة، مثل إيذاء نفسه ولكنه لا يفعل ذلك إذا لمس الحزم من ولي أمره وجدية الأهل في أن يذهب ويعود إلى المدرسة تحت أي ظروف!.
أكرر بأن علاج رفض الذهاب إلى المدرسة هو عودته إلى المدرسة بأسرع وقتٍ ممكن، حتى ولو أضطر الوالد أو ولي الأمر إلى أن يستخدم الحزم والشدة في عودة الطفل إلى المدرسة، كما فعل البروفسور ايزك ماركس مع ابنه الذي أصبح الآن مهندساً مشهوراً في بريطانيا. أما الاستجابة لرغبات الطفل وتهديداته فهذا قد يُعقّد الأمر ويؤخر الطفل عن الدراسة وربما تأخر عن زملائه في الدراسة أو ربما لم يعد مرةً أخرى للدراسة إلا بعد سنواتٍ يُضيعها من عمره.
د.ابراهيم بن حسن الخضير
والسؤال الآن هو : هل إجبار الطفل على الذهاب لمدرسته هو الحل ؟أريد أن أعرف الإجابة منكم أيها الإخوة والأخوات ،وهذا السؤال مجرد استطلاع رأي فلربما نجد حلا أفضل مما ذكر في هذه الاستشارة وشكرا للجميع 0