من الأخطاء الشائعة في الإرشاد تقديم الإرشاد على التوجيه و هومن تقديم العموم على الخصوص ، فكل مرشد موجه ولاعكس ، فالتوجيه يقوم به أي فرد المعلم الأب الجد إمام المسجد أو رجل الهيئة وغيرهم، ولكن الإرشاد لايقوم به إلا رجل أو امرأة متخصصة ، فالتوجيه أولا وإذا لم يفد التوجيه فالإرشاد ثانيا وهكذا ، ونحن عندما نطبق هذا القول على مدارسنا لانجد مع الأسف الشديد إلا توجيه ، لآن غالبية من يدعي أنه يطبق الإرشاد هم من غير المتخصصين في الإرشاد ، لذا فمعيار تطبيق الإرشاد في مدارسنا يميل إلى الانحدار بسبب ضعف الإرشاد الحقيقي ، الذي يركز على اكتشاف قدرات واستعدادات التلميذ وميوله ، ومساعدة الطفل والمراهق في التغلب على ما يواجهه من مشكلات سلوكية أو تربوية أو نفسية أو اجتماعية، كذلك مساعدته على اختيار نوع الدراسة التي تتناسب مع هذه القدرات والميول ، كما أن ألإرشاد يساعد الثلمبذ على صنع قراره بنفسه لاما يمليه عليه المرشد أو والده وكثير من الطلاب درسوا دراسات لاتتناسب مع قدراتهم أو ميولهم ففشلوا والسبب في ذلك فقدان الإرشاد ، إذا عملية التوجيه والإرشاد متلازمتان ، فلا يجوز تقديم الإرشاد على التوجيه 0
من الغريب أن البعض يعتقد أنه يستطيع القيام بالعملية الإرشادية لمجرد أنه يرغب في ذلك فالدافع له الحماس فقط ، دون أن يكلف نفسه بالتدريب ليكتسب هذه المهارة أعني مهارة الإرشاد ، فنرى الكثير ممسكا بمهنة الإرشاد مع أنه لايمارس المهنة إما أنه يفقد التخصص المناسب أو أن شخصيته أساسا لاتصلح للإرشاد ، أو أنه ليس لديه التدريب الكافي لممارسة هذه المهنة 0
من الأمور التي يركز عليها التربيون في المدارس أعني بعض مديري المدارس وبعض المعلمين التركيز على منع الطلاب من إطالة شعورهم ، بعض الطلاب يمتنعون عن تقصيرها على الرغم من الضغوط التي تأتيهم من البيئة المحيطة بهم ، أتذكر موقفا مر علي في المدرسة التي كنت أدرس فيها ومع أحد طلابي وكان شعره طويلا ، وحاول معه المدير ورفض وحاول معه المراقب فلم يمتثل حتي أنهم هددوه بقصه بالقوة ، وكان هذا الطالب من أسرة معروفة ومرموقة ، فبدل أن يهددوه هم صار هو يهددهم ، فقلت له دعوه لي وسترون ما أفعل به ، فناديته ودخلت معه إلى غرفة المعلمين ، وتحدثت معه بلباقة واحترام وأثنيت عليه أولا وقلت له أنت قدوة في هذه المدرسة فلو تركناك وشأنك فإن جميع الطلاب الذين يطيلون شعورهم لن نستطيع أمرهم بالحلاقة لأنهم سيقولون وفلان أعني أنت ، فقال لي إذا كنت أنت تأمرني بالحلاقة فسأخرج الآن وأحلق شعري وأعود علشانك ، فشكرته على قوله وقلت له إنك لم تخيب ظني فيك- بارك الله فيك- ، فخرج مسرعا للحلاق القريب من المدرسة وحلق شعره وعاد ، فتعجب المدير والمدرسون ، وقالوا ماذا فعلت معه وقد عجزنا عنه ، فقلت اسألوه ، إن معظم مشاكل الطلاب تحل بالكلمة وبالتقدير والاحترام لشخصية الطالب لا بالقوة والتسلط ، ولن يمتثل المراهق لك أمام أعين زملائه التي تراقبه كيف يتصرف: 0
يقول علماء النفس إن 75% من مشاكل الطلاب في المدرسة قد زحفت إليها من الأسرة والمجتمع ، معني ذلك أن معظم مشاكل الطلاب مشاكل اجتماعية تلقتها المدرسة من الخارج والمدرسة تكتوي بنارها ، وعلى المدرسة مسئولية حل هذه المشاكل ، حتى تضمن الإدارة المدرسية انضباط طلابها وتهيئة الجو المدرسي ليكون صالحا لتلقي العلم ، ومن الملاحظ أن المدارس تختلف عن بعضها البعض تبعا للحي الموجودة فيه المدرسة فمدرسة في حي راق يغلب على سكان الحي الوعي والثقافة وارتفاع المستوى الاقتصادي ، فنجد في الغالب طلاب المدرسة منضبطين ومقبلين على طلب العلم إلا أن هناك بعض الطلاب لديهم مشاكل أخرى نتيجة البذخ وارتفاع مستوى المعيشة المفرط وانشغال الآباء عن متابعة الأبناء ، وهذه مشكلة الطبقات المخملية من الناس التي تعتقد أن المال كل شيء في الحياة ، والمال إذا لم يكن هناك عقل يديره صار وبالا على صاحبه ، أما المدارس التي توجد في أحياء شعبية فالمشكلة الكبرى التي يواجهها الطلاب هي مشكلة الفقر والفقر يؤدي إلى مشاكل اجتماعية خطيرة كالطلاق والعنف الأسري والاكتئاب ، و تنعكس هذه المشاكل على المدرسة 0
قال لي أحد المرشدين : إنك برحلاتك هذه قد أحبطت المرشدين ، كفاك سوداوية ، فقلت له إنني أدافع عن المرشدين وأحمل همومهم ، واتمنى أن أرى الإرشاد يوما لابسا أجمل حلله وفي أفضل حال مما هو عليه الآن ، فهل تعجبكم صورة الإرشاد الحالية؟ وهل يرضيكم وضع الإرشاد في مدارسنا ؟ وهل تتفقون مع هذا الأخ المرشد إذا كان يعجبكم ما قاله فسوف تتوقف رحلتي الطويلة الشاقة مع الإرشاد اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد والله المستعان على ماتصفون 0
أسأل الله لك التوفيق في رحلاتك الإرشادية .. وااااااااااااااااصل المسير وبالتوفيق
فالمجتمع بحاجة لأمثالك وبارك الله فيك وسدد خطاك ووفقك لما فية مصلحة الأمة الإسلامية والعربية