هل كان علينا أن نخلد الشعراء المادحين ، أم أنه قد يداخلنا الإحساس بالمبالغة في قصائدهم من أجل أشياء غير استحقاق الممدوح ….
لكن القصائد التي جسدت المروءات وحملت راية المبادئ تستوقف القارئ في محاولة منه لفهم العظمة فيمن جسدوا الحقّ والعدل على الأرض ، قد يكون منهم معتصم الإسلام الذي لبّى الصرخة بكل إباء وشرف.
هي وقفة متأخرة عند قصيدة لطالما رددنا أبياتها بزهو المعتصم ، وحق له أن يزهو ، وبزهو الشاعر ،وحق له أن يزهو إذ حملت ذاكرته للتاريخ موقعة أعادت الكرامة لأمّة ولأمة استنجدت بنخوة المعتصم ؛معتصم زخر ديوان شاعرنا بالتغني بانتصاراته في الداخل والخارج ، وهل للمعتصم أعداء داخل الدولة ، نعم ، فهذا عالم الحاقدين والخائنين لا يفتأ يقلق الآمة ويزعزع استقرارها …
فهنيئا للمعتصم هذا الإعجاب ملخصا في حكمة أبي تمام ..
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب ؟
وهنيئا للشاعر خلود ذكره بين الناس ، شاعر مترفع عن الدنايا ،ثاقب الرؤية والرأي ، طيب الأخلاق والصفات ، مثقف ذو إطلاع واسع على علوم عصره ، يعرف المنطق والفلسفة كما يعرف الشرع والسنة النبوية ، شاعر كانت حلقات المسجد بيته الثاني الذي استقى منه عمق الإسلام وسير أبطاله ، ثم بدأ يكتب شعرا متين الصنعة ، قويّ السبك ، رصين المعاني رغم ما فيها من تعقيد معنويّ ولفظيّ ، لكنّ مدرسته الأخلاقية جعلت شعره مزدهرا كعصره ، فمنه نستخرج براعم العزة والإباء والأنفة، كما تخرج الأرض الخصيبة نباتها الطيب ، ساعيا للتقدم والرفعة .
ففي الوقت الذي راح فيه المعتصم يبني دولة قوية خالية من الفتن ولقلاقل ، راح شاعرنا يؤسس لشعر جديد السبك ، متكئا على الفلسفة والمنطق ، فمن (سر من رأى) سر القارئ من قائد ما فتئ يخطط لدولة مستقرة مزدهرةالبنيان والعلم والحضارة ، ولم يقعد عن نصرة (ملطية ) إحدى مدن زبطرة على حدود الدولة العباسية ، حين هاجمها الروم بفظاعة وهمجية ، فسبوا أهلها العزل ، وسفكوا الدماء بلا رحمة ولا ضمير ..وحين نقلت إليه صرخة المرأة رمى بكأس الماء من يده ،مناديا بالنفير والحرب .. فينطلق صوت أبي تمام آنذاك مادحا :
لبيت صوتا زبطريا هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرد العرب
صوت حرّ يغني للأحرار وللنصر ، وللمروءة ، يغني لصانع الفتوحات والبطولات فيشدو مغردا:
يا يوم وقعة عمورية انصرفت منك المنى حفلا معسولة الحلب
أبقيت جد بني الإسلام في صعد والمشركين ودار الشرك في صبب
هذا شاعرنا ، توقفنا عند ما أحبه في القائد ، فنمت براعم الفخر والاعتزاز ، وابتسمت لنا كلماته ، فعشقنا الصدق ، والمديح ، وعادت بنا الذاكرة لتمنحنا حظوظ النصر ، وتهب لشعرائنا الثقافة المتنوعة التي تصقل الموهبة وترتفع بالشعر إلى مراتب الخلود.
ويكفي أن نردد معا بعضا من الأبيات الرائعة لأبي تمام :
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فافعل ما تشاء
لمزيد من الإطلاع :
العصر العباسي الأول / عبد المنعم ماجد
ظهر الإسلام / أحمد أمين
لكن القصائد التي جسدت المروءات وحملت راية المبادئ تستوقف القارئ في محاولة منه لفهم العظمة فيمن جسدوا الحقّ والعدل على الأرض ، قد يكون منهم معتصم الإسلام الذي لبّى الصرخة بكل إباء وشرف.
هي وقفة متأخرة عند قصيدة لطالما رددنا أبياتها بزهو المعتصم ، وحق له أن يزهو ، وبزهو الشاعر ،وحق له أن يزهو إذ حملت ذاكرته للتاريخ موقعة أعادت الكرامة لأمّة ولأمة استنجدت بنخوة المعتصم ؛معتصم زخر ديوان شاعرنا بالتغني بانتصاراته في الداخل والخارج ، وهل للمعتصم أعداء داخل الدولة ، نعم ، فهذا عالم الحاقدين والخائنين لا يفتأ يقلق الآمة ويزعزع استقرارها …
فهنيئا للمعتصم هذا الإعجاب ملخصا في حكمة أبي تمام ..
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب ؟
وهنيئا للشاعر خلود ذكره بين الناس ، شاعر مترفع عن الدنايا ،ثاقب الرؤية والرأي ، طيب الأخلاق والصفات ، مثقف ذو إطلاع واسع على علوم عصره ، يعرف المنطق والفلسفة كما يعرف الشرع والسنة النبوية ، شاعر كانت حلقات المسجد بيته الثاني الذي استقى منه عمق الإسلام وسير أبطاله ، ثم بدأ يكتب شعرا متين الصنعة ، قويّ السبك ، رصين المعاني رغم ما فيها من تعقيد معنويّ ولفظيّ ، لكنّ مدرسته الأخلاقية جعلت شعره مزدهرا كعصره ، فمنه نستخرج براعم العزة والإباء والأنفة، كما تخرج الأرض الخصيبة نباتها الطيب ، ساعيا للتقدم والرفعة .
ففي الوقت الذي راح فيه المعتصم يبني دولة قوية خالية من الفتن ولقلاقل ، راح شاعرنا يؤسس لشعر جديد السبك ، متكئا على الفلسفة والمنطق ، فمن (سر من رأى) سر القارئ من قائد ما فتئ يخطط لدولة مستقرة مزدهرةالبنيان والعلم والحضارة ، ولم يقعد عن نصرة (ملطية ) إحدى مدن زبطرة على حدود الدولة العباسية ، حين هاجمها الروم بفظاعة وهمجية ، فسبوا أهلها العزل ، وسفكوا الدماء بلا رحمة ولا ضمير ..وحين نقلت إليه صرخة المرأة رمى بكأس الماء من يده ،مناديا بالنفير والحرب .. فينطلق صوت أبي تمام آنذاك مادحا :
لبيت صوتا زبطريا هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرد العرب
صوت حرّ يغني للأحرار وللنصر ، وللمروءة ، يغني لصانع الفتوحات والبطولات فيشدو مغردا:
يا يوم وقعة عمورية انصرفت منك المنى حفلا معسولة الحلب
أبقيت جد بني الإسلام في صعد والمشركين ودار الشرك في صبب
هذا شاعرنا ، توقفنا عند ما أحبه في القائد ، فنمت براعم الفخر والاعتزاز ، وابتسمت لنا كلماته ، فعشقنا الصدق ، والمديح ، وعادت بنا الذاكرة لتمنحنا حظوظ النصر ، وتهب لشعرائنا الثقافة المتنوعة التي تصقل الموهبة وترتفع بالشعر إلى مراتب الخلود.
ويكفي أن نردد معا بعضا من الأبيات الرائعة لأبي تمام :
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فافعل ما تشاء
لمزيد من الإطلاع :
العصر العباسي الأول / عبد المنعم ماجد
ظهر الإسلام / أحمد أمين
شكرا زميلتي العزيزة علي جهودك المتواصلة في دعم و إثراء الميدان التربوي . بوركت جهودك .
جزيت خيرا أستاذتنا الفاضلة على هذا الموضوع المفيد
في ميزان حسناتك إن شاء الله
في ميزان حسناتك إن شاء الله