أبوظبي
روعة يونس:
تخلو المكتبات العامة عادة، خاصة في الصيف، من الرواد، حتى لتكاد تكون خاوية على عروشها! فالدراسة تتوقف، ومعظم الناس على سفر. لكن الثقافة التي تتمثل في العلم والرغبة في المعرفة قادرة دائماً على تقديم استثناء القاعدة، وكسر القوالب الجامدة. الحياة التي تسري في أركان دار الكتب الوطنية -المجمع الثقافي- التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، تثبت أن أبوابها مفتوحة في كل الفصول، يؤكد ذلك مرتادوها الشباب من الجنسين ومختلف الجنسيات، ممن اختاروا أن يقضوا الصيف في أرجائها، ليسافروا بين الكتب والدوريات، ويستظلوا بأشجار الثقافة ويغوصوا في بحر العلوم التي تقدمها لهم الدار على أطباق من ورق، ليتمتعوا بجمال المعرفة.
لذا تواصل الدار خلال أشهر الصيف إصدار نشرتها الشهرية الإلكترونية، لعرض أحدث الإصدارات العربية والأجنبية، التي تم اقتناؤها وعرض أهم فعاليات وبرامج الدار، لتضع القراء في أجواء كل جديد في مجال الكتب والمعلومات.
14 ساعة معرفة
في زيارتنا للدار، التقينا بداية مع مي السفاريني- مشرفة في المكتبة، لنقف على بعض المعلومات الخاصة بدوام المكتبة ومدى الإقبال عليها، فقالت: ”تقدم الدار طيلة أشهر الصيف خدماتها للباحثين والقراء على مدى أربع عشرة ساعة يومياً من الثامنة صباحاً وحتى العاشرة مساءً، وكذلك أيام الخميس والجمعة -عدا السبت- حيث تكون ساعات العمل من التاسعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً ومن الخامسة إلى الثامنة مساءً، أما الجمعة فيكون الدوام من الخامسة إلى الثامنة مساءً فقط. وتسجل فترة المساء وقت الذروة بالنسبة للإقبال، وثمة قراء قدامى، فضلاً عن قراء جدد جذبتهم الدار حين وجدوا ضالتهم على رفوفها”.
بهدوء مطبق لا يُسمع فيه سوى حفيف ورق الكتب حين تقلّبه الأصابع، دخلنا إلى القاعة الرئيسة، لمحنا بعض الشبان والشابات، وهم منهمكون في المطالعة، ومنهم من يختار من الرفوف كتابه المنشود، استطعنا أن ننفرد بالبعض جانباً، لسؤالهم عن سبب وجودهم في المكتبة واهتماماتهم القرائية.
سلطان الفلاحي، طالب جامعي، اعتاد في كل صيف أن يركب الطائرة ويسافر إلى بلد ما للسياحة، لكنه في هذا الصيف قرر البقاء في الديار، يقول: ”أحببت البقاء في بلدي، فحجزت مقعدي في المكتبة لا الطائرة، وفي حين يزور أهلي بلداً أوروبياً للاصطياف به، أكون هنا خلال شهر واحد قد طفت على جناحي الكتب أكثر من 20 بلداً”.
وجدتُ ضالتي
أما نضال أبو طرابة، مصوّر، فقد وجد في دار الكتب الوطنية ضالته من الكتب التي يرى أنها ”تسد احتياجات الفئات المهنية المختلفة كالمهندسين والأطباء وغيرهم. فأنا مصوّر فوتوغرافي، وأبحث عن كتب تخص مهنتي وكذلك التصوير التلفزيوني، وعثرت عليها في الدار، لذا سأقضي نحو شهرين معها كما لو أنني أخضع لدورة تعليمية”.
من جهتها قررت ردينة يوسف، طالبة ثانوية عامة، تنمية معلوماتها التاريخية والجغرافية المتعلقة بالإمارات، لأن مكتبات الدار توفر العناوين الخاصة بكل منطقة الخليج، لهذا، ”أنوي خلال هذا الشهر أن أتزود بمعلومات كثيرة عن الإمارات التي احتضنتني وأهلي 20 عاماً، قبل عودتي إلى بلدي الأم للدراسة في جامعتها لأرويها لزملائي الجدد”.
وجدت بشرى السالم، خريجة حديثة، أنها أمام كنز حقيقي، وعبرت عن ذلك بقولها: ”دراستي للأدب العربي تحرضني على قراءة الأعمال الكاملة لرموز الأدب العربي والعالمي، بمن فيهم أصحاب الجوائز، وليس هناك سوى هذه الدار التي توفر ”الأعمال الكاملة” للأدباء والمبدعين العرب وسواهم، مما يعني أن أشهر هذا الصيف بالنسبة لي، هي الأهم لأنني أمام كنز حقيقي”.
بينما وجدت الطالبة الجامعية مريم الكعبي، في الصيف فرصتها لتعويض رسوبها في مساقين مهمين، وحسب تعبيرها ”لولاهما لكنت تخرجت قبل شهر!. وتؤمن لي الدار أمرين حيويين، أولهما: جو مثالي للدراسة مفعم بالتركيز، وثانيهما: المراجع والدوريات العربية والانجليزية التي ترفد دراستي وأبحاثي لهذين المساقين”.
يذكر أن دار الكتب الوطنية تمنح عضوية للراغبين في استعارة المواد المسموح بإعارتها، ويسمح بثلاثة كتب عربية أو كتابين باللغات الأخرى في المرة الواحدة، ومدة الإعارة 15 يوماً يمكن تجديدها لمدة 15 يوماً أخرى.