تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة، وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، جزءا من صحراء برية شاسعة تحتل جزءا كبيرا من شبه الجزيرة العربية، وهي منطقة شديدة القسوة تقطنها مجتمعات استطاعت التأقلم والعيش فيها رغم انخفاض معدلات الأمطار الموسمية وارتفاع درجات الحرارة
تعتبر صحراء الربع الخالي من أكثر المناطق قساوةً على الأرض، وقد كانت مكانا مختلفا تماما في الفترة بين 9000 و 6000 سنة مضت، عندما كانت الظروف المناخية أقل قسوة من الآن، حيث يوجد في الصحراء آثار بحيرات قديمة ومجاري أنهار جافة وطرق قوافل مهجورة منذ زمن بعيد، إلى جانب بقايا مستوطنات في أماكن لا وجود للماء فيها اليوم، كلها عبارة عن أدّلة على حدوث تغيّر تدريجي في المناخ عبر العصور. وقد اعتمدت الحياة البشرية في هذه المنطقة على الترحال والعيش المقتصد الذي تُعرف به قبائل البدو الرحّل. وقد كان هناك رابط قوي على مدى قرون بين التقاليد العربية والعالم الطبيعي وفقا لتعاليم القرآن الكريم. وكانت حياة الترحال متمركزة في الواحات حيث كانت القبائل تنتقل مع مواشيها من مرعى إلى آخر حسب تغير المواسم بهدف تجنب الاستغلال الزائد للموارد النادرة في المنطقة
تُغطي معظم منطقة الربع الخالي كثبان رملية يصل ارتفاعها أحيانا إلى 300 متر. ومع عدم استقرار هذه الكثبان الكثيفة، بدأت حركة التعرية الناتجة عن الرياح في الكشف عن أدّلة مرتبطة بحياة أوائل سكان منطقة جنوب الجزيرة العربية. وقد كشف مسح أثري أقيم سنة 2022 في منطقة أم الزمول بالقرب من الحدود السعودية العمانية عن منطقة تاريخية غنية تم العثور فيها على آلاف الأدوات المصنوعة من الصوان، بما في ذلك العديد من رؤوس السهام وبعض الأدوات ذات الأشكال الهلالية والتي كانت تستخدم على الأرجح لصقل قصبات الرماح الخشبية، كلها مكتشفات تدّل على أن سكان المنطقة كانوا يقضون جزءا من وقتهم في الصيد
ولا شك أن منطقة أم الزمول كانت بؤرة تمركز السكان بسبب توفر الماء فيها. وتشير الأبحاث الجيولوجية الأثرية في المنطقة إلى وجود بحيرات قديمة شاسعة في الماضي. كما تشير المكتشفات المتمثلة في الهاونات والأدوات المصنوعة من الصوان، إلى أن سكان تلك المنطقة كانوا يطحنون الحبوب ويستخدمون النباتات كجزء من نظامهم الغذائي المتنوع نوعا ما. كما قد يشير ذلك إلى توفر مراعي جيدة لحيواناتهم في تلك المنطقة آنذاك
ويبدو جليا أن المنطقة كانت مأهولة بشكل موسمي، ويدّل العثور على حبتين من الخرز المصنوعتين من الصدف البحري على أن سكان المنطقة كانوا أيضا مرتبطين بالمناطق الساحلية، وربما كانوا يقضون جزءا من السنة على السواحل يعيشون على الأسماك والثدييات المائية، ثم يعودون إلى المناطق الداخلية في المواسم المناسبة للاستفادة من الخيرات النباتية ودرجات الحرارة الأكثر اعتدالا