د. العنزي يستشهد بالأبحاث العلمية
حان الوقت لإنشاء أقسام خاصة للعلاج بالموسيقى!
د. محمد عودة العنزي
لغة العلم الحديث هي اللغة القائمة على البراهين والدليل والبحث العلمي المحايد والسليم حسب المعايير العلمية المعروفة وليست اللغة القائمة على الأهواء الذاتية أو الآراء الشخصية أو الأيدلوجيا المتطرفة أو اللغة التي تساير الثقافة السائدة للمجتمع أو رغبات الناس ومحاولة إرضائهم ومجاملتهم، فالإنسان أولا وقبل كل شيء هو الأصل فالمعرفة الإنسانية تتجاوز كل الحدود والثقافات والأفكار وهي ملك للبشر جميعا لهم الحق المشترك للاستفادة منها وتسخيرها في خدمة الإنسان وتطوره ورقيه ونموه، والطب الحديث بصفته أحد أبرز العلوم الإنسانية الحديثة هو النموذج المثالي على معاملة الإنسان كقيمة روحية وجسدية متجاوزا أي إعتبار آخر، والطب الحديث إهتم إهتماما بالغا بالعلاج وإيجاد الأدوية العلاجية المناسبة لكل مرض حتى نجح في القضاء على الكثير من الأمراض ومازال يصارع في سبيل إيجاد العلاج المناسب للكثير من الأمراض الأخرى التي لم يتوصل لعلاجها حتى الآن، فالعلاج الطبي قبل السماح بإستخدامه يخضع للعديد من التجارب الصارمة بل إن الكثير من الأدوية والعقاقير المتداولة حاليا لها الكثير من الضرر والأعراض الجانبية، ولكن فائدتها لشفاء المريض أكثر بكثير من أعراضها الجانبية ولهذا يسمح بتداولها، إلا أن الشيء الملفت للنظر أن العلاج الوحيد الذي إتفقت جميع البحوث والدراسات العلمية على فائدته الدائمة ولم يثبت علميا ضرره على المريض إطلاقا هو العلاج بالموسيقى فلا يوجد علاج في تاريخ البشرية الحديث خضع للتجارب العلمية المكثفة مثل العلاج بالموسيقى فقد أجريت آلاف الأبحاث العلمية في معظم دول العالم على العلاج بالموسيقى خلال القرن العشرين وحتى الآن وجميعها أثبتت بلا إستثناء الفائدة الكبيرة للعلاج بالموسيقى للكثير من الأمراض العضوية والنفسية تجاوز في بعض الحالات تأثير الدواء الكيميائي والعقاقير الطبية، ويُعرف العلاج بالموسيقى بأنه الاستخدام الموصوف للموسيقى بمختلف أنواعها من أجل استعادة وتحسين الصحة العاطفية والجسدية والفسيولوجية والروحية للمريض، ويهدف العلاج بالموسيقى إلى مساعدة الأشخاص على حدوث التغيرات الطبيعية في النمو والسلوك والتطور، مما يساعدهم على الانتقال من العزلة إلى المشاركة الفعالة مع العالم من حولهم. فالعلاج بالموسيقى هو أقصى وأرقى درجات العلاج النفسي والبدني فجميع الأبحاث العلمية بلا إستثناء تؤكد بأن الموسيقى تقلل من الإجهاد والأرق، وتزيل الألم، والكآبة، وتزيد النشاط البدني والذهني . وعلماء الحضارة العربية والإسلامية مثلا كانوا من أوائل العلماء في إستخدام الموسيقى في العلاج وإجراء الدراسات وكتابة الرسائل عن دورها في الشفاء من الأمراض فابن سينا ألف كتاب (الشفاء) هو خلاصة ما جاء في موسيقى الشفاء، كما أنه ألف كتاباً آخر في الموسيقى، أطلق عليه إسم (المدخل إلى علم صناعة الموسيقى). وقد عالج المرضى النفسيين أيضاً عن طريق الموسيقى وعن طريق زراعة أنواع مختلفة من الأزهار تدخل البهجة إلى قلوبهم. أما الرازي فقد كان بارعا في علم الموسيقى والألحان وعازفا على العود وقد استخدم الموسيقى في العلاج وتسكين الآلام، فكان يعزف بعض الوقت في أماكن تواجد المرضى، وأشد ما كان يدهشه عندما يرى المرضى الذين يعانون آلاما قاسية يلتفون حوله ويطلبون منه المزيد، إذ كان يشملهم السرور والبهجة عندما يسمعون هذه الألحان الشجية وينسون آلامهم المبرحة. فأدرك أثر الموسيقى في تخفيف الآلام وفي شفاء بعض الأمراض وللفارابي دور مهم في العلاج بالموسيقى، عزف على آلة القانون مرة فأضحك الحاضرين، وعزف ثانية فأبكاهم ثم عزف ثالثة فأنامهم. كذلك لا ننسى الدور الرائد الذي قام به العالم الكبير الكندي في علاج المرضى عن طريق الموسيقى. أما في العصر الحديث فقد استخدمت الموسيقى لأول مرة بعلاج المرضى خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. فقد كان الملحنون يزورون الجنود المصابين، ويعزفون لهم، مما أدى إلى تحسن صحة المصابين بصدمات نفسية من آثار الحرب . ومن ثَمَّ نشأ أول برنامج في العصر الحديث لمنح شهادة علمية في العلاج بالموسيقى العلاجية في جامعة ميتشجان الأمريكية عام 1944، وبعد ذلك انتشر العلاج بالموسيقى وصار علمًا مستقلاً بذاته يُدرَّس في معاهد متخصصة ولعل أشهرها المعهد الأمريكي للعلاج بالموسيقى الذي تأسس سنة 1950، وأصبحت الكثير من كليات الطب في مختلف دول العالم تحرص على وضعه ضمن خططها الدراسية وإنتشرت عيادات العلاج بالموسيقى بسرعة كبيرة جدا وافتتحت أقسام للعلاج الموسيقي في معظم المستشفيات سواء في الغرب أو الشرق، كما تم تأسيس المئات من الجمعيات العلمية للعلاج الموسيقي في غالبية دول العالم وإصدار المجلات العلمية المتخصصة في ذلك بعد أن ثبت علميا أهمية الموسيقى ودورها الرائد في العلاج من عشرات الأمراض العضوية والعصبية والنفسية والسلوكية، أو من بعض الإعاقات في النمو أو النطق ومشكلات الكلام والتخاطب والتواصل والمشكلات الناتجة عن تعرض الشخص إلى العدوان وفي حالات إصابات الدماغ والحبل الشوكي، والإعاقات الجسدية، والآلام الحادة والمزمنة، وفي حالات القلق وغياب التركيز الذهني، ويساعد العلاج بالموسيقى على تحسين صورة الذات والوعي بالجسد، بما ينعكس ايجابياً في زيادة مهارات التواصل، وزيادة القدرة على استخدام الطاقة بشكل سليم، والإقلال من السلوكيات العدوانية للأفراد وحب التواصل مع الآخرين والبعد عن العزلة الإجتماعية، وتحسين المهارات الحركية والاستقبال السمعي، والتحفيز على التعبير عن الشعور والأفكار والضبط الوجداني، وزيادة القدرة على الاستقلالية وبناء الشخصية وتحسين القدرة على الإبداع والتخيل والابتكار كما أن الموسيقى يمكنها تحسين قوة الإبصار بدرجة كبيرة جدا بل إنها قد استخدمت أيضا في علاج أمراض ضغط الدم فالاستماع إلى الموسيقى الهادئة لمدة ساعة يوميا يؤدي إلى علاج مرض الضغط العالي لأنها تعمل على انخفاض ضغط الدم الانبساطي تعادل انخفاض الضغط نتيجة تعاطي الأدوية الطبية لمدة 6 أيام. وإبتكرت جامعة فلوريدا، لأول مرة في التاريخ إستعمال الموسيقى في غرف الولادة لتخفيف آلام الطلق والتسريع بعملية الولادة. كما ثبت علميا بأنّ الموسيقى تزيد نسبة تناول الحليب عند الأطفال الخدّج، فالموسيقى تولد في النفس رقة المشاعر وسماء الروح والانطلاق للحياة وحب العمل والإنتاج وتغرس في نفس الفرد حب التجدد والذوق السليم. كما أنها تبعد عن المريض الهموم والأحزان، وتساعده على تمضية العمر فرحا وسعادة. إن الأبحاث العلمية التي تؤكد على أهمية الموسيقى في العلاج لا تكاد تحصى من كثرتها ولكنها جميعها تتفق على نتيجة واحدة بدون إستثناء وهي أن الموسيقى العلاجية ضرورية ومهمة وأثبتت فعاليتها في علاج الكثير من الأمراض فعلى سبيل المثال وليس الحصر أظهر تقرير أعده أحد علماء جامعة أكسفورد أن الموسيقى تقلل من الإجهاد، وتحسن الأداء الرياضي، وكذلك الحركة العصبية للمصابين بالأمراض العصبية. كما أثبت أطباء العظام في واشنطن إن الموسيقى تخفف من آلام المفاصل وإن المرضى الذين استمعوا للموسيقى سجلوا درجات أقل من الألم ودرجة الاستجابة لديهم ارتبطت بمدى هدوء المقطوعة الموسيقية وقام الباحثون باختبار آثار الموسيقى وفعاليتها في تخفيف آلام المفاصل عند أكثر من ستين مريضا ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين وتم تقسيمهم إلى مجموعتين بحيث استمعت الأولى لمقطوعة موسيقية لمدة عشرين دقيقة كل صباح لمدة اسبوعين، بينما جلست المجموعة الثانية في جو هادئ دون أية أصوات موسيقية لنفس المدة. ولاحظ العلماء أن هؤلاء المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقي سجلوا درجات أقل من الألم عن المجموعة الثانية وانخفضت مستويات الألم وشدتها بعد الاستماع لتلك الألحان. كذلك فقد نصح الباحثون في جامعة ستانفورد الأمريكية الأشخاص كثيري النسيان بالاستماع للموسيقى الكلاسيكية بعد أن ثبتت قدرتها على تحسين قدرات التعلم وقوة الذاكرة . واكتشف العلماء أيضا أن أداء الأشخاص المصابين بمرض الشيخوخة المعروف بالزهايمر كان أفضل في المهمات الاجتماعية والنشاطات بعد استماعهم للمقطوعات الموسيقية كما أثبتت دراسة أجريت في مركز نيوإنجلند المعروف في أمريكا بأن العلاج بالموسيقى يقلل من الألم الذي يشعر به المريض بعد إجراء العمليات الجراحية. واعتمدت نتائج تلك الدراسة على نتائج 14 دراسة أخرى أجريت سابقاً على حوالي خمسمائة مريض ممن أجريت لهم عمليات جراحية متنوعة. ومن خلال تلك الدراسات وجد العلماء أن الموسيقى تخفف من الحاجة لعقار المورفين كما أنها تخفف شعور المرضى الذين استمعوا لها بالألم أكثر من هؤلاء الذين لم يستمعوا للموسيقى. وقد تم نشر نتائج تلك الدراسة في أشهر مجلة طبية في العالم وهي التي تصدر عن جامعة هارفارد العريقة، ولهذا يحرص بعض الجراحين على أن يستمع المريض إلى الموسيقى الكلاسيكية قبل إجراء العمليات الجراحية. وذكرت دراسة طبية أخرى أن الموسيقى لها أثر فعال في علاج المرضى يكاد أن يتساوى مع الأدوية التقليدية التي تستخدمها المستشفيات في علاجهم, وبينت التجارب غالبية المرضى شعروا بالتحسن بعد الاستماع للموسيقى بدرجة أكبر من مفعول الأدوية التقليدية من أجل تهدئة الأعصاب أو النوم. وأظهرت الدراسة التي شملت المرضى الذين يعانون من أمراض انفصام الشخصية أو الاكتئاب أن العديد منهم نجحوا في التخلي كليا عن الأدوية النفسية والاستعاضة عنها بالموسيقى.
إن دور الموسيقى العلاجية لا ينكره إلا من لا يريد أن يرى الشمس في كبد السماء وخصوصا ونحن في عصر الطب المبني على البراهين، ولهذا فأصبح وجود أقسام خاصة في المستشفيات للعلاج بالموسيقى ضرورة عصرية وعلمية تبنتها معظم مراكز ومستشفيات العالم. وقد حان الوقت من أجل فهم أن الطب الحديث ليس فقط في كتابة الوصفات والعقاقير الطبية ولكن في تبني مختلف طرق العلاج النفسي والروحي والجسدي ومنها العلاج الموسيقي، ولهذا فإنني أدعو مستشفياتنا الحكومية والخاصة لتبني مثل هذا التوجه العلمي الضروري الذي أثبت فعاليته في كل الأزمان والأماكن .
وأشكرك على مجهودك الواضح وتعبك على تنويع الموضوعات والبرامج المفيدة للجميع 0*********************وبارك الله فيكي**************************
واحب أن أضيف شئ صغير وهو أن بعض أنواع الموسيقى هي التي تستخدم في العلاج بالموسيقى مع اختلاف انواع الأمراض العصبية…….. فمنهم من يحتاج إلى موسيقى هادئة ومنهم من يحتاج إلى موسيقى حزينة ومنهم من يحتاج إلى موسيقى بها شجن بل ونحن أيضاً كل منا يستريح لنوع ما من الموسيقى مع اختلاف البيئة المحيطة بكل شخص .
أشكرك مرة ثانية واتمنى لك التوفيق والنجاح الدائم
أنا أشاركك الرأئ أستاذة هدى في أن الموسيقى لها علاجات كثيرة من الناحية النفسية ويجب البدء في العلاج بها في دولنا العربية وأنا كتبت في المنتدي عن تجربة الولادة بعد الاستماع إلى الموسيقى لعدة أشهر وتمت بسهولة مع تجربة عدة شهور بالاستماع إلى آلة الناي والعازف رضا بدير وتحت أشراف دكتور وأعلن عن نجاح التجربة وتآثير الموسيقى الغير عادي طبعا بعد قدرة الله تعالى وفضله0
وأشكرك على مجهودك الواضح وتعبك على تنويع الموضوعات والبرامج المفيدة للجميع 0*********************وبارك الله فيكي************************** |
للمتابعة الجميلة ورأيك دائماً الصائب والذى ننتظره دائماً.
مرور كريم من أخ فعلا كريم00