التصنيفات
الالعام لمادة التربية الموسيقية

مكانة الموسيقى في التربية

مكانة الموسيقى في التربية

 علاقة الموسيقى بالتربية علاقة وثيقة ، فكل منها تعتمد على الأخرى ، فالتربية تعتمد على الموسيقى في بناء شخصية الطفل الذي سينمو و يصبح شاباً له قيمة في المجتمع ، و الموسيقى تحتاج إلى أساليب التربية و مفاهيمها في التعليم لنشر التذوق الموسيقي الجيد و الوصول إلى إمكانية تحقيق الإبداع الفني لذوي المواهب في هذا المجال
 فنرى اليونان القديمة قد اهتمت بالموسيقى على اعتبار أنها أداة من أدوات التربية قبل أن تكون فناً جميلاً يبتغى لذاته ، فقد جعل أفلاطون للدولة حق الإشراف على الموسيقى لما لها من تأثير في تكوين الشخصية المتزنة المتناسقة ، و كذا في تنمية ملكة الخلق و الابتكار 0
 وقد تأثرت الحضارة الأوروبية بالتربية اليونانية في العصور الوسطى فقد جعلت الموسيقى من ضمن المواد التي تدرس إلى جانب الهندسة و الحساب و الفلك 0
 وفي عهد الإقطاع في أوروبا كانت الموسيقى مظهراً من مظاهر الرقي و الثقافة فكان الكثير من الموسيقيين و الشعراء من الملوك و الأمراء 0
 كذلك في عصر النهضة نجد أن الموسيقى قد حظيت باهتمام بالغ بسب اهتمام أوروبا في ذلك الوقت بإحياء المثل اليونانية القديمة 0
 وفي القرنين الثامن والتاسع عشر عمل كثير من المفكرين و المربين على دفع الحياة الإنسانية إلى آفاق أسمى و أفضل 0 وكان (جان جاك رو سو )من أوائل المربين الذين اهتموا بالبحث في أنواع الموسيقى المناسبة للتربية في المراحل المختلفة و إتاحة الفرصة لكل طفل لممارسة التعبير الذاتي بالأصوات الموسيقية ، و باستخدام أنواع معينة من الغناء الشعبي لما فيه من أصالة كما أشار إلى تبسيط طرق التعليم حتى يستفيد النشء ، و يتقنه و تنمو ملكاته الفنية 0
 كذلك (بستالوزي ) المربي السويسري المعروف ، كانت له أراء من حيث ضرورة الموسيقى لتكوين الشخصية المنسقة ، بينما ينادي ( فروبل ) المربي الألماني بجعل الموسيقى (و الفنون التشكيلية ) محور تكوين الطفل في المرحلة الأولى من حياته التعليمية ، حتى ينال كل طفل النمو الوجداني الكامل : و بطريقة الإيقاع الحركي (لدالكروز ) ذلك الموسيقي و المربي السويسري ، نجد أنه قد أحيا المثل الأفلاطونية ، و جعل عنصر الإيقاع بمثابة تيار مستمر لتنمية التناسق و التوازن النفسي و العضلي للفرد عن طريق الحركات الإيقاعية 0
 وهكذا نرى أن الموسيقى على مر العصور القديمة و الوسطى و الحديثة ، كانت لها مكانتها كأداة و وسيلة من وسائل التربية ، و كان ينظر لها نظرة دقيقة في تربية النشء و لا ننسى الحكمة اليونانية القديمة بأن (التربية الرياضية لتربية الجسم و الموسيقى لرياضة الروح ) 0

الموسيقى و التربية

الموسيقى :
الموسيقى فن و لغة و علم 0
 من ناحية كونها فن :
فهي يجب أن تكون ممتعة للأذن لإحداث الرضا النفسي و الهدوء الوجداني و قد بين ( دارون ) أثر الموسيقى من الناحية الوجدانية من طبيعتنا فقال (( لو قدر لي أن أحيا حياتي هذه مرة أخرى ، لكنت رسمت لنفسي خطة قراءة شئ من الشعر ، و الإصغاء إلى شئ من الموسيقى مرة على الأقل في الأسبوع ، إذ من المحتمل أن في ذلك إحياء لما خمد الآن من أجزاء المخ التي كان من الممكن المحافظة على بقائها بالاستعمال 0 إن فقدان هذا الذوق فقدان للسعادة و ربما تسبب ذلك في إفساد الذهن و كذا الصفات الأدبية بإضعاف الناحية الوجدانية من طبيعتنا ))
 من ناحية كونها علم :
نجد أن الموسيقى قد ارتبطت بالعلوم الطبيعية ، سابقة في ذلك مختلف الفنون نتيجة لاعتمادها على الصوت الذي يمكن قياس أطواله ، وتميز كل صوت عن الآخر تبعاً للتموجات التي يصدرها 0 ومن هنا تأتي الفاعلية الإبداعية التي هي بناء جديد من مواد مألوفة ، و يأتي دور الفنان المبدع في تطوير و تنسيق الربط بين الأصوات الموسيقية

 ومن ناحية كونها لغة :
فالموسيقى لغة عالمية ، تميزت عن باقي اللغات بأنها اللغة الوحيدة التي تخاطب جميع الأجناس و الشعوب ، بلسان واحد و إن اختلفت لهجاتها0
قال بيتهوفن ( الموسيقى هي الحلقة التي تربط حياة الحس بحياة الروح ، فهي لغة يمكن أن تعبر عن كل ما يخالج النفس البشرية من شعور ، سواء كان حسياً بسيطاً أم ارتقى إلى أسمى مشاعر الإنسانية ) 0 وقد استخدمت الموسيقى على اختلاف أنواعها باختيار المناسب منها لإحداث التأثير المطلوب في الأغراض الآتية :
الترويحية – الدينية – الحربية – الزيادة الإنتاجية – العلاجية – التربوية 0
و هكذا نرى أن الموسيقى تلعب دوراً هاماً في الحياة ، قال أفلاطون ( لا يمكن لأحد أن يحيا بدون موسيقى ) 0 و قال سبنسر ( إن الموسيقى تهيئ للأعداد لحياة كاملة )

التربية :

معنى التربية هو إعداد الأفراد إعداداً صالحاً للحياة الاجتماعية السوية ، و ما تتميز به من حضارة طبقاً لنظام اجتماعي معين 0 و بهذا تشمل التربية كل جوانب الشخصية من جسمية و نفسية و عقلية و اجتماعية 0

1. فمن الناحية الجسمية :
ترمي التربية إلى تنشئة أفراد أصحاء أقوياء الجسم قادرين على تحمل مسئولية الحياة 0
2. و من الناحية النفسية :
ترمي التربية إلى إرضاء الدوافع و الحاجات النفسية و استغلال الانفعالات و العواطف و النزعات في تنشئة أفراد متكاملي الشخصية 0
3. ومن الناحية العقلية :
ترمي التربية إلى تدريب العقل على التفكير الصحيح ، و تزويده بالمعلومات التي تعينه على القدرة على فهم البيئة المحيطة به ، و حسن التصرف في المواقف ، و حل المشكلات التي تقابله في الحياة بطريقة منطقية واقعية تخضع للأسس و القواعد العلمية 0
4. ومن الناحية الاجتماعية :
ترمي التربية إلى إعداد الأفراد إعداداً خلقياً فتعمل على تنشئتهم على أخلاق طيبة و سلوك فاضل يرضى عنه المجتمع ، فالسلوك الفاضل مبعث للسلام و الرخاء و الرقي و الفضيلة 0
• والموسيقى لكونها فن و علم و لغة ، قد تسهم إسهاماً جذرياً في العملية التربوية شاملة من الناحية التربوية و التعليمية بعناصرها الأربعة وهي :

1. اللحن :
و هو الشق الصوتي في الموسيقى أو هو تتابع سلسلة من الأصوات تختلف في مددها الزمنية و درجة ارتفاعها و شدتها 0
2. الإيقاع :
وهو الشق الزمني للصوت الموسيقي ، و بمعنى أخر هو تدفق و تموج اللحن ، وفق ترتيب خاص لنبراته القوية و الضعيفة و لعلاماته في مددها الزمنية 0

3. الطابع الصوتي: و هو يتميز بثلاث عناصر هي :
1. النوع ( اختلاف مصدر الصوت باختلاف نوعية الآلات مثل: صوت الكمان و صوت القانون
2. درجة شدة الصوت ( القوة و اللين ) 0
3. الطبقة ( الحدة والغلظ )0
4. الهارموني :
وهو سلسلة من الأصوات المنسجمة المتوافقة تسمع معاً في وقت واحد وفق قواعد خاصة 0
و المواد الموسيقية التي تكون عناصر التربية الموسيقية تعتبر وسيلة هامة من وسائل التربية:
 فالإيقاع الحركي يفيد الناحية الجسمية :
1. يسهم الإيقاع الحركي في نمو الطفل جسمانياً ، و إكسابه مبادئ خلقية سليمة و حركات مهذبة ، و ثقة بالنفس و صفات و عادات تجعل منه شخصية منتبهة ، علاوة على إكسابه شيئاً من المعلومات العامة 0
2. يمهد الإيقاع الحركي السبيل أمام الطفل ليتذوق الموسيقى الجيدة ، فيشعر بتفاصيلها عن طريق غير مباشر، وبأسلوب يرضى احتياجاته للحركة المستمرة ، حيث إنه يصاغ و يقدم للأطفال على شكل ألعاب موسيقية و قصص حركية ، لذا نجد أ، الطفل يتعلم بطريقة تسعده و ترضيه نفسياً و عقلياً ، حيث أن عملية التعلم مستمدة من طبيعة حبه للحركة 0
3. من خلال اللعب و الحركة على أنغام الموسيقى ، و تحت تأثير معاني الأناشيد و القصص الهادفة ينمو الطفل جسمياً و ذهنياً و اجتماعياً ، وعن طريق ذلك نجد نحن الكبار الفرص لفهم هذا الطفل ودراسة خصائصه فاللعب مفتاح الاستمتاع و التربية و الحياة 0

 والتذوق الموسيقي والإدراك السمعي يفيد الناحية النفسية 0
الشعور بالسعادة و السرور عند سماع الموسيقى الجيدة لأن التربية الوجدانية من أهم أهداف التربية الموسيقية0 لذا يجب الاهتمام بكل ما يرمي إلى تنمية حاسة تذوق الموسيقى وتقديرها ، ومنهج التربية الموسيقية يعمل على إسعاد التلاميذ بتهيئة الجو الموسيقي حولهم ، وإشاعة الألحان المناسبة في جنبات اليوم المدرسي ، مما يحرك عواطفهم ويثير وجدانهم ، ويحثهم على الفضائل و الأخلاق السامية ، فالحواس أبواب النفس ، ولا يصل شئ إلى العقل إلا عن طريقها ، وتلعب الأذن دوراً أساسيا هاماً بالنسبة للعملية التربوية التعليمية ، لذلك كانت حاسة السمع من الحواس التي يجب الاعتناء بتدريبها موسيقيا منذ الطفولة ، لأنها تساعد على النمو العقلي فضلاً عن أن المعلومات تنتقل إلى الذهن بوسائل مختلفة ، من أهمها حاسة السمع 0
وراعى منهج التربية الموسيقية حب الموسيقى المبني على إدراك و فهم ، بإعطاء الأطفال الفرصة للاستماع إلى ألوان منتقاة و متنوعة من الموسيقى الجيدة تتناسب و مداركهم حسب سنهم بغية تنشئة المستمع القادر على فهم ما يسمع ، و التعود على ممارسة آداب الاستماع و الإصغاء ، فأطفال اليوم سيصبحون في المستقبل جمهرة المستمعين 0 و القلة المختارة موسيقياً منهم هي التي يمكن أن يخرج منها النقاد المتخصصون ، و العازفون المبدعون ، و المؤلفون القادرون على الإبداع 0

 والصولفيج (القراءة الإيقاعية و الغنائية ) و القواعد النظرية تفيد الناحية العقلية 0
يتصل هذا المجال اتصالاً وثيقاً بالناحية النظرية فهو يعمل على تنمية قدرات التلميذ و إذكاء إمكاناته الدفينة و إيقاظها ، فعن طريقه يدرك التلميذ التركيب العملي للأشياء التي يدرسها نظرياً ، فاختلاف الأصوات الموسيقية مثلاً بعد التدريب عليها عملياً يجعل الطفل يفهم أن هذا الاختلاف لا يأتي اعتباطاً ، ولكنه نتيجة لأسس وقواعد معينة 0
وهذا الإدراك المبني على الممارسة العملية يدفع الطفل للتفكير ، وهذا التفكير خطوة أساسية لتنمية قدراته الموسيقية 0
 والباند و الفرق الموسيقية و الإنشاد الجماعي و الكورال يفيد من الناحية الاجتماعية0
كل هذه الأنشطة تسهم إسهاما جذرياً في تربية التلميذ تربية اجتماعية ، تلبي متطلباته الغريزية في ممارسة حياة اجتماعية ، فالطفل مخلوق اجتماعي بطبعه ، والوحدة والانعزال أمراض نفسية واجتماعية تثير فيه عوامل الخوف والرهبة مما حوله ، وهذا تأكيد للقول بأن (( الفرد ضعيف بنفسه قوي بالجماعة )) هذه ظواهر نلمسها بسهولة في الأطفال ، فالطفل يبكي إذا ترك وحده ، ويكتئب إذا تخلى عم أقرانه ، ويفرح إذا شارك أترابه ضروب اللعب 0 ولذلك فإن أنشطة الموسيقى التي تمارس بشكل جماعي توفر فرص التجانس بين أفراد الفريق ، و تبث في نفس التلميذ احترام الجماعة ، وترقى بمواهبه وحواسه ، وتغذي ميوله ، كما تعمل على زيادة القدرة لدى الطفل على الانتباه الإرادي لمصلحة المجموعة ، وغرس بذور التعاون و الطاعة في نفسه وإكسابه عادة التجاوب لتوجيه القائمين على تربيته 0

وهكذا نرى أن الموسيقى تتناسب تناسباً صحيحاً مع مركبات الشخصية المتعددة الجوانب عند الإنسان ، و التي تحقق مجموعاً متزناً لمواطنين صالحين يعملون على رفع مستوى الحياة في مجتمعهم ، عن طريق تهيئتهم بنوع من التعليم الأخلاقي و الروحي على مستوى عال 0 ولهذا تستحق الموسيقى بهذا المفهوم ، أن نطلق عليها عن جدارة كمادة دراسية في مراحل التعليم المختلفة ، و خاصة في المرحلة الابتدائية اسم التربية الموسيقية 0قال سيمون ( إن التربية الموسيقية تساهم في العملية التي تخلق فكراً من فكر و قلباً من قلب ) 0
و يقول كانت ( إن التربية الموسيقية تنمي عند الإنسان ملكة الكمال إلى أقصى حد تسمح به الطبيعة ) 0

احمد كامل محمد

<div tag="8|80|” >أخي العزيز موضوع شيق وجميل وايضا مفيد ،،،، ونريد المزيد

مشكر على هذا الموضوع القيم .
موضوع ممتاز شكرا جزيلا
شكرا على هذا الموضوع القيم جدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.