تماضر بنت عمر بنت الحارث السلمية …
شاعرة في عصر الرجال .وكل ما عرفناه عنها بالتفصيل أنها راثية الأخوين ، يذكر أنها كانت آسرة الجمال ، ويتوقف الباحثون كثيرا عند الخنس في الأنف ، وسمة الجمال فيه ، ولكنني أتجاوزه معكم إذ يستوقفني صوت قوي في تأكيد حقها الإنساني ، إذ تقف رافضة رجلا مشهورا في عصرها ، كدريد بن الصمة ، وتهجوه إذ تجرأ على خطبته لها مع إدراكه التفاوت العمري بينهما ، شخصية المرأة التي أدركت إنسانيتها في عصر الموؤدات والمأسورات …
ولا يسع والدها إلا أن يقول عنها : ( إن لها في نفسها ما ليس لغيرها )، لبست مجد قبيلتها ، وآثرت أبناء العمومة في زواجها ، فكانت جديرة بالحديث عن الحسب والنسب والبظولة والعزة ، حديث الانتماء لقيم الجاهلية بكل أبعادها وما تقتضيه من مساندة لمعاني الكرامة والمروءة والكبرياء ..
وما كانت مكانة شعرها لحكمة عميقة ، أو قوة في الألفاظ والخيال ، بل لعاطفة صادقة غلبت عليه ، وموسيقى مؤثرة صافية تأخذ بمجامع القلوب ، ولأخوة جديرة بالوقوف عند معانيها ومآثرها وفروسيتها إذ تقول :
يا عين فيضي بدمع منك مغزار وابكي لصخر بدمع منك مدرار
إني أرقت فبت الليل ساهرة كأنما كحلت عيني بعوّار
وتقول :
إذا القوم مدوا بأيديهم إلى المجد مدّ إليه يدا
فنال الذي فوق أيديهم من المجد ثم مضى مصعدا
يكلفه القوم ما عالهم وإن كان أصغرهم مولدا
ترى المجد يهوي إلى بيته يرى أفضل الكسب أن يحمدا
هذي المراثي الحزينة ، لم نجدها للخنساء في الإسلام ، لاسيما حينما استشهد أولادها ، وبعيدا عن تخمينات المؤرخين فإن الخنساء أسلمت في العام الثامن للهجرة ، كما ثبت تاريخيا ، أي في طلائع شيخوختها … فانظر لامرأة تريد أن تستدرك عمرها ، أتلجأ لقول الشعر ؟ لقد رثتهم في الجاهلية دعوة للثأر وحمية الجاهلية ، أمّا ما ورد لها من مراث في الإسلام فخوف على أحبتها من النار والعذاب .. امرأة نذرت عمرا جديدا أصبح بعيدا عن حميّة الجاهلية ، وليس ببعيد عن القرآن ،وعن الآيات التي ذكرت الشعر والشعراء ، فهل في العمر من بقية ؟
أيها المؤرخون ، كم من الشعراء توقفوا بعد إسلامهم عن قول الشعر لاهتمامهم بكلام ربٍّ العزة وحفظه وتدبره ، فلم يعزّ عليكم أن تتوقفوا عند هذا السبب في إحجام الخنساء عن قول الشعر في استشهاد أولادها الثلاث أم الأربع ، إمرأة غيرت حسبها ونسبها فانتسبت إلى العقيدة الجديدة، نادمة على عصبيّة الجاهلية، فربما تعوّض ما فاتها من الحق والغفران ، عجوز ربت أبناءها على الحق فملأ ضمائرهم ، فكانوا ممن صدقوا الله وعده ، وشاعرة ارتدت ثياب الحداد ثلاثين عاما ، أما حقّ لها أن ترتدي ثياب التقوى وترتوي من ينابيع التوبة …
فهنيئا لك خنساء توبتك ، وهنيئا لك مجد الإسلام الذي كلل العمر كلـّه ، فرثى الجاهلية وقوضّها من أعماقك .
شاعرة في عصر الرجال .وكل ما عرفناه عنها بالتفصيل أنها راثية الأخوين ، يذكر أنها كانت آسرة الجمال ، ويتوقف الباحثون كثيرا عند الخنس في الأنف ، وسمة الجمال فيه ، ولكنني أتجاوزه معكم إذ يستوقفني صوت قوي في تأكيد حقها الإنساني ، إذ تقف رافضة رجلا مشهورا في عصرها ، كدريد بن الصمة ، وتهجوه إذ تجرأ على خطبته لها مع إدراكه التفاوت العمري بينهما ، شخصية المرأة التي أدركت إنسانيتها في عصر الموؤدات والمأسورات …
ولا يسع والدها إلا أن يقول عنها : ( إن لها في نفسها ما ليس لغيرها )، لبست مجد قبيلتها ، وآثرت أبناء العمومة في زواجها ، فكانت جديرة بالحديث عن الحسب والنسب والبظولة والعزة ، حديث الانتماء لقيم الجاهلية بكل أبعادها وما تقتضيه من مساندة لمعاني الكرامة والمروءة والكبرياء ..
وما كانت مكانة شعرها لحكمة عميقة ، أو قوة في الألفاظ والخيال ، بل لعاطفة صادقة غلبت عليه ، وموسيقى مؤثرة صافية تأخذ بمجامع القلوب ، ولأخوة جديرة بالوقوف عند معانيها ومآثرها وفروسيتها إذ تقول :
يا عين فيضي بدمع منك مغزار وابكي لصخر بدمع منك مدرار
إني أرقت فبت الليل ساهرة كأنما كحلت عيني بعوّار
وتقول :
إذا القوم مدوا بأيديهم إلى المجد مدّ إليه يدا
فنال الذي فوق أيديهم من المجد ثم مضى مصعدا
يكلفه القوم ما عالهم وإن كان أصغرهم مولدا
ترى المجد يهوي إلى بيته يرى أفضل الكسب أن يحمدا
هذي المراثي الحزينة ، لم نجدها للخنساء في الإسلام ، لاسيما حينما استشهد أولادها ، وبعيدا عن تخمينات المؤرخين فإن الخنساء أسلمت في العام الثامن للهجرة ، كما ثبت تاريخيا ، أي في طلائع شيخوختها … فانظر لامرأة تريد أن تستدرك عمرها ، أتلجأ لقول الشعر ؟ لقد رثتهم في الجاهلية دعوة للثأر وحمية الجاهلية ، أمّا ما ورد لها من مراث في الإسلام فخوف على أحبتها من النار والعذاب .. امرأة نذرت عمرا جديدا أصبح بعيدا عن حميّة الجاهلية ، وليس ببعيد عن القرآن ،وعن الآيات التي ذكرت الشعر والشعراء ، فهل في العمر من بقية ؟
أيها المؤرخون ، كم من الشعراء توقفوا بعد إسلامهم عن قول الشعر لاهتمامهم بكلام ربٍّ العزة وحفظه وتدبره ، فلم يعزّ عليكم أن تتوقفوا عند هذا السبب في إحجام الخنساء عن قول الشعر في استشهاد أولادها الثلاث أم الأربع ، إمرأة غيرت حسبها ونسبها فانتسبت إلى العقيدة الجديدة، نادمة على عصبيّة الجاهلية، فربما تعوّض ما فاتها من الحق والغفران ، عجوز ربت أبناءها على الحق فملأ ضمائرهم ، فكانوا ممن صدقوا الله وعده ، وشاعرة ارتدت ثياب الحداد ثلاثين عاما ، أما حقّ لها أن ترتدي ثياب التقوى وترتوي من ينابيع التوبة …
فهنيئا لك خنساء توبتك ، وهنيئا لك مجد الإسلام الذي كلل العمر كلـّه ، فرثى الجاهلية وقوضّها من أعماقك .
موضوع رائع
تسلمي
تسلمي
ما أعظم الإسلام !
ما أعظم الإسلام بالفعل !!
وما أروع تراثنا العربي !
أنا أعشق الأدب العربي وأهوى مطالعة كنوزه .. وتفحص درره بين الفينة والأخرى
وموضوعك بالفعل .. يتحدث عن درة عربية ستبقى خالدة على صفحات تاريخنا المشرق
شكرا أختي ..
وشكرا لخنساء العرب ..
وما أروع تراثنا العربي !
أنا أعشق الأدب العربي وأهوى مطالعة كنوزه .. وتفحص درره بين الفينة والأخرى
وموضوعك بالفعل .. يتحدث عن درة عربية ستبقى خالدة على صفحات تاريخنا المشرق
شكرا أختي ..
وشكرا لخنساء العرب ..