كيف تتغلب على كلمة (لا) عند أبنائك؟
المرحلة العمرية من نهاية العام السابع للطفل إلى العام الرابع عشر هي المرحلة الفارقة في تكوين شخصية الطفل.. نسمع من أبنائنا كثيراً في تلك الفترة من العمر كلمة (لا) فكيف يتعامل معها الآباء؟
هل يرضخون لها وينفذون كل ما يريده أبناؤهم في محاولة لإرضائهم؟ أم يقفون عندها بشيء من الحكمة والصبر، والبعد عن العصبية، حتى لا يحدث الصدام الذي لا يجب أن يكون بين الآباء والأبناء الذين هم زينة الحياة الدنيا، مجلة (ولدي) حرصت على تظليل هذه المنطقة في أسلوب تربيتنا لأبنائنا، وإبرازها، وإلقاء الضوء على كيفية معالجتنا لهذه المشكلة التي تؤرق بيوتنا ومن ثم مجتمعنا.. أولا بأخذ آراء بعض المربين وتجاربهم الشخصية سواء السلبية أو الإيجابية ثم بالعرض على المختصين للوصول إلى حلول.. فكانت بداية الحوار مع أم فدوى حيث قالت:
الدين أولاً وأخيراً
من قراءاتي الكثيرة وجدت أنه لا حل لجميع مشاكلي مع أبنائي (ابنتي 12سنة وابني 8سنوات) إلا بالدين.. فقمت بتأسيس وترسيخ قواعده في ضمير أبنائي بالقصص الجميلة المحببة، والأسلوب اللين في الحوار، وحرصت أن أكون قدوة طيبة لهم، مما فتح لي جسرا للتفاهم بيني وبينهم، فإذا سمعت كلمة (لا) أتبعتها بلماذا؟
لأعرف أسباب اعتراضهم، وبشيء من الصبر وبرصيد الحب الذي عملت على تخزينه طول السنين بيني وبينهم نصل إلى حل وسط يرضينا جميعاً.. فنتجاوز دائماً الخلاف، ونصل إلى منطقة من التفاهم أقوم باستغلالها في ترسيخ مفهوم آخر جديد، فمثلاً ابنتي جاءتني باكية في أحد الأيام من المدرسة لأن كل زميلاتها يتابعون برنامج استار أكاديمي يومياً، بل لحظة بلحظة، وسألتني ولم نحن لا؟
فأخذتها وبحثت عن هذه القناة وقلت لها شاهدي واحكمي بنفسك على ما فيه من إباحية وخروج عن الدين.. وبعد أن شاهدت، ولأني ربيتها على خشية الله، امتنعت من نفسها ورأت فيه مضيعة للوقت، وأن هناك تسلية نافعة أخرى قد تجد فيها عوضاً عن هذا الذي يغرق فيه أبناؤنا..
ورأي آخر للسيدة أميرة عمر، حيث قالت:
الثواب والعقاب
عادة ما أترك لأبنائي شيئاً من الحرية في إبداء آرائهم في اختيار ملابسهم أو نوعية الطعام الذي يحبونه أو حتى بالتعبير عن أنفسهم في تلك السن الصعبة التي تحتاج منا إلى قدر من رحابة الصدر، والصبر الجميل يساعدني على ذلك، فأنا أعلم أن تربيتي لأبنائي هي مسؤولية أمام الله، أما إذا ظهرت بوادر عناد أو إعلان حالة عصيان وسمعت منهم كلمة (لا) عالية..
أولاً احذرهم وإلا أتبع أسلوب العقاب بحرمانهم من مشاهدة التلفاز أو استخدام الكمبيوتر وقد يمتد العقاب إلى أسبوع أو أكثر على حسب نوع الخطأ.. وتكون هذه فرصة لهم لقراءة ما أشتريه لهم من كتب مفيدة تناسب سنهم، وبالتأكيد فهي أيضاً راحة لي من صخبهم ولو قليلا.. وأقول لكل الأمهات اللائي يعانين في تربية أبنائهن احتسبن عند الله هذا الجهد فيهون بذلك كل شيء.
وجانب آخر من الآراء تسرده السيدة نجوى..
التأثر بالأصدقاء
ابنتي لم تكمل عامها العاشر وأعلنت حالة التمرد، وهي تفرط في العناد وتقليد أصدقائها وكلمة (لا) هي نغمة جديدة ترددها كثيراً.. أحاول احتوائها بالتقرب لها، ومصادقتها، ولكن رأي أصدقائها هو الأقوى دائماً وقد زاد من المشكلة استهانة أبيها بكل أخطائها، بقوله إنها فترة مراهقة وستمر، مما أثر سلبا عليها.. وأخشى أن تستمر في عنادها فينعكس ذلك على شخصيتها في المستقبل.. لا أعرف كيف السبيل إلى إحداث التغيير للأفضل ومعي في هذه المشكلة الكثير من الأمهات.
ونفس الشكوى من الابنة تذكرها د.هالة قائلة:
لا للطعام
ابنتي لا تجيب سوى بـ (لا) حين يكون الحديث عن الأكل، فهي مضربة دائماً عن الطعام، ولا تريد سوى أكل المطاعم وإلا فلن تأكل.. فألد أعدائها الخضار والفاكهة وكل شيء مفيد.. حاولت بشتى الطرق أن أتفنن في تقديم ألوان الطعام المختلفة لها.. ولا فائدة.. احترت معها كثيراً.. ولا أعرف ماذا أفعل مع كم الإعلانات عن الأطعمة السريعة كالبيتزا والبرجر وغيرها؟
لا … !!! قبل أن أبدأ الكلام!
وتحكي لنا أم عبدالله جانبا من جوانب التمرد قائلة: فبعد إنجاب ابني الصغير لاحظت تحول ابني الأكبر إلى العنف، وأصبح دائم الشجار ولا يستجيب لي، لدرجة أنه يجيب بـ(لا) حين أبدأ معه الكلام.. يصرخ دائماً.. ودائماً عنيف مع أخيه.. ويأخذ منه كل شيء في يده.. أخشى أن يستمر معه العنف ويكون صفة مميزة في شخصيته حين يكبر.. احاول طمأنته دائماً بأن مشاعري نحوه لم تتغير وأني أحبه مثل ما أحب أخاه الصغير.. وأحاول أن أفرغ له الوقت حتى أستمع إلى أسئلته وأحاول الإجابة عليها.
الحقيقة أنني لم أكن أعرف أن تربية الأطفال شاقة بهذا القدر.. أعاننا الله عليها.. ورحم أمهاتنا.. فكم أتعبناهم.
مسلسل العنف
تؤكد السيدة ناهد على كلام أم عبدالله.. بأن التمرد والعنف أصبحا ظاهرة منتشرة بين أطفالنا.. فلا نسمع من صغارنا سوى كلمة لا أريد.. لا أأكل.. لا .. لا ..
فالكبير عندي (7سنوات) يفرض سيطرته على إخوته الصغار، ويتصرف كأنه هو القائد الذي لا يحب ألا يقال له سوى نعم.. وصراخ هنا وهناك، وصخب، واستغاثات طوال الوقت..
أغرق في هذه الدوامة من أول النهار إلى آخره.. وفترة ذهابهم إلى المدرسة هي فترة راحتي الوحيدة، مما دفعني إلى القراءة الكثيرة والبحث على النت في الاستشارات النفسية لعلي أجد حلا بين السطور لهذا الذي يحدث في بيتنا!!
تعلمت من موت أخي!!
ورأي من نوع خاص لأم سلطان التي تقول:
أمي دللت أخي الأصغر ولم تكن ترفض له طلباً، مما دفعه إلى عالم الانحراف الذي إذا دخله أحد لا يخرج سالماً ومات شابا رحمه الله..
وتلك التجربة كان لها أكبر الأثر حين ربيت أبنائي، خصوصاً الذكور، فتعمدت أن أكون حازمة معهم.. فلا تدليل زائد ولا إسراف زائد.. خشية أن أفسدهم.. وكلمة (لا) عندي مرفوضة تماما.. وإلا فهناك عقاب صارم.
أعلم أن الشدة وحدها لن تعطي النتائج التي أرجوها، ولكني أحاول بينها وبين بعض اللين أحياناً..! وأعاننا الله على تربية أبنائنا في هذا الزمن الصعب.
وفي محاولة منا لوضع الأشياء في نصابها الصحيح قامت المجلة بأخذ رأي أ.د.وائل أبو هندي أستاذ مساعد الطب النفسي بكلية الطب جامعة الزقازيق بمصر، من موقع مجانين (استشارات نفسية).
المجلة: ما أهم الملامح السلوكية في هذه المرحلة العمرية للطفل؟
المختص: هي مرحلة بداية النضج ويصحبها بعض التشوش في تحديد الطفل للملامح الضرورية لتكوين الإنسان، فيقوم بلفت الانتباه إليه بكافة الطرق، حيث يشعر الأبناء في هذه المرحلة بذاتهم ويريدون فرض آرائهم لإشعار المحيطين بهم بأن لهم شخصيتهم المستقلة.. ويتم ذلك عبر الرفض والقبول والتجريب بما يحمله من احتمالات الخطأ والصواب.
المجلة: كيف نفهم نفسية الطفل في هذه المرحلة؟
المختص: يجب أن يعي الآباء أنهم أمام طاقة متفجرة لا يقودها عقل ناضج بعد، أو أنهم في مجابهة فرس جامحة لا لجام لها، وأن مشاعرهم وعواطفهم في هذه الفترة الحساسة متغيرة، ويمرون بحالة من التوتر والتخبط، ويحاولون فهم الأشياء من حولهم ويتأثرون كثيرا بأصدقائهم وأفكارهم، ويحاولون تقليدهم، ويحبون التعبير عن مشاعرهم بلا توقف، ويضخمون الأشياء التافهة، وقد تعني الكثير بالنسبة إليهم.
المجلة: كيف نتعامل مع الطفل في هذه المرحلة.. هل بالرفض الدائم لرغباته؟ أم بالقبول ومحاولة إرضائه؟
المختص: أمام تلك المشاعر المتضاربة والطاقة المتفجرة التي يملكها الطفل في هذه المرحلة يجب على الآباء أن يتعاملوا مع الأبناء تعاملا اجتماعيا راشدا في محيط الأسرة فلا يصلح معهم أسلوب النقد بهدف الرضوخ والإذعان وتنفيذ الأوامر، ولا التعامل بنظام عسكري صارم وكأنهم في ثكنة عسكرية أو مسعكر تأديب، فهذه السن الحرجة تحتاج منا إلى تفهم من قريب، وهي مرحلة قال عنها الإمام علي كرم الله وجهه "صادقه سبع" أي بعد مرحلة الملاعبة في السنوات السبع الأولى ثم التأديب في الثانية، ويأتي دور الصحبة للسبع السنوات الثالثة تمهيداً لاستقلاله ونضجه.
ولا يكون القرب هنا بالضغط ولا بالعنف بل بالإقناع والتفهم والتفاهم ومعرفة ما يدور في ذهنه وتوجيهه بشكل غير مباشر عبر ضرب الأمثلة بنماذج حسنة والتنبيه إلى العواقب الوخيمة التي حاقت بنماذج أخرى واقعية سيئة.
ومن استعراض تجارب الحياة معه في ود، والاقتراب منه لمعرفة اهتماماته وأصدقائه وأقرانه عن كثب يمكن تقديم النصح الهادئ وإلا سينفر من بيت لا يرى فيه إلا النقد والضغط والرفض إلى دوائر أخرى ربما تكون بداية نهايته، بينما لو وجد في أسرته الصدر الواسع والعقل الراجح والرأي الهادئ السديد فسيلجأ إليها في كل شؤونه.
وأخيراً: فإن الارتباط بالله عز وجل وربط الأسرة جميعها برباط الحب المتبادل والحرص المشترك على نجاح الابن سيسهل كثيرا من هذه المهمة الشاقة.
مجلة ولدي العدد (89) ابريل 2022 ـ ص: 14
والإطراءُ لـيس هنـا يُــقالُ
مع خالــص الأحترام والتقدير
لا حرمنا ومن قلمك المبدع والمتألق دائما
وفى انتظار الجديد من ابداعاتك
الصمتُ في مقام الجمالِ جمـالُ
والإطراءُ لـيس هنـا يُــقالُ مع خالــص الأحترام والتقدير |
كل الاحترام والتقدير لك اختي حلوة المعاني
لك مني كل الشكر يا استاذنا الفاضل على مواضيك الطيبه التى اسعدتنى جدا
لا حرمنا ومن قلمك المبدع والمتألق دائما وفى انتظار الجديد من ابداعاتك |
شكرا لك اختي الشامسية لمرورك الكريم وردك الطيب