السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ سنوات وأنا أدرس هذا الدرس وتلقيت ما ورد فيه من معلومات بدون نقد ولا تحقيق حتى صار مسلماً به عند الجميع مدرسين وطلابا أن مهن الأنبياء وفق البيان التالي
آدم عليه السلام كان,,,, مزارعا
ونوح عليه السلام كان,,,, نجارا
وإدريس عليه السلام كان ,,,, خياطا
وإبراهيم عليه السلام كان,,,, تاجرأقمشة
وإسماعيل عليه السلام كان,,,, قناصاً
وداود عليه السلام كان,,,, حداداً
وفي الحقيقة لا نجد في الكتاب المدرسي ذكراً لمهن الأنبياء إلا لآدم وداود ونوح وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم
وغرضي من هذا العرض بيان ما يظهر لي من وجه الصواب في مهن الأنبياء فإن كنت مصيباً فالحمد لله وحده وإن كانت الأخرى فالخير أردت وكم من مريد للخير لا يبلغه.
نوح – عليه السلام – كان يعمل في النِّجارة وصناعة السفن: {وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37]،
داود – عليه السلام -: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 11].كان يعمل في صُنع الدُّروع، وقد قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كان داودُ لا يأكل إلاَّ مِن عَمِل يَدِه))؛ رواه البخاري، قال ابن حجر: "والحِكمة في تخصيص داود بالذِّكْر أنَّ اقتصارَه في أكْلِه على ما يعمله بيده لم يكن مِن الحاجة؛ لأنَّه كان خليفةَ الله في الأرض، وإنَّما ابتغى الأكلَ من طريقٍ أفضل" ا.ه
ـ
إسماعيل كان قناصا ولعل من قال ذلك استدل بما رواه البخاري في قصة بناء البيت "……. ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِى نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِأَمْرٍ . قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ . قَالَ وَتُعِينُنِى قَالَ وَأُعِينُكَ . قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَبْنِىَ هَا هُنَا بَيْتًا . وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا . قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِى بِالْحِجَارَةِ ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِى ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِى ، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ ، وَهُمَا يَقُولاَنِ ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) . قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ ، وَهُمَا يَقُولاَنِ ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) . رقم الحديث 2368
أما قول زوجة إسماعيل "خرج يبتغي لنا " لا يلزم منه أنه خرج ليصطاد فلربما خرج يتاجر
وموسى – عليه السلام – عَمِل أجيرًا عند الرجل الصالح؛ قال تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27]، فتزوج ابنته، وعمل عنده عشر سنين، وعمل زكريا – عليه السلام – في النجارة والخشب؛ يقول – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كان زكريا – عليه السلام – نَجَّارًا))؛ رواه مسلم، قال النووي: "فيه جواز الصنائع، وأنَّ النِّجارة لا تُسقط المروءة، وأنَّها صنعةٌ فاضلة"." ا.هـ
هذا فقط هو كل ما لدينا من نصوص صحيحة أما ما ملأ المنتديات من تفصيلات عجيبة وتسميات لمهن غريبة كلها ضرب من الخيال لم يرد بها نص شرعي اللهم إلا ما ورد في مستدرك الحاكم
المستدرك على الصحيحين للحاكم (ج 9 / ص 440)
4130 – حدثناه الحسن بن محمد الإسفراييني ، ثنا محمد بن أحمد بن البراء ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال لرجل جالس عنده وهو يحدث أصحابه : ادن مني فقال له الرجل : أبقاك الله ، والله ما أحسن أن أسألك كما سأل هؤلاء ، فقال : ادن مني فأحدثك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله أحدثك عن آدم إنه كان عبدا حراثا ، وأحدثك عن نوح إنه كان عبدا نجارا ، وأحدثك عن إدريس إنه كان عبدا خياطا ، وأحدثك عن داود أنه كان عبدا زرادا ، وأحدثك عن موسى أنه كان عبدا راعيا ، وأحدثك عن إبراهيم أنه كان عبدا زراعا ، وأحدثك عن صالح أنه كان عبدا تاجرا ، وأحدثك عن سليمان أنه كان عبدا آتاه الله الملك وكان يصوم في أول الشهر ستة أيام وفي وسطه ثلاثة أيام وفي آخره ثلاثة أيام
وهذا الحديث قال عنه في فتح الباري شرح صحيح البخاري – دار المعرفة – بيروت – (ج 4 / ص 306)
رواه المستدرك عن بن عباس بسند واه.
وحكم عليه الألباني رحمه الله في "غاية المرام "بالبطلان
والخلاصة إن ما صح في مهن الأنبياء هو ما يلي
آدم – الزراعة والرعي
نوح – نجار
داوود -حداد
موسى – راعي
إسماعيل – قناص وفي القلب منها شيء ولكن تحتمل وجهات النظر
محمد صلى الله عليه وسلم كان راعيا ثم تاجراً ثم داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا.
تنبيه القول بأن إبراهيم كان تاجر أقمشة قول عليل لا مستند له بل يتعارض مع سياق قصته رغم شهرته هذه المعلومة في المنتديات فالشهرة لا تغني من الحق شيئاً.
وأخيرا لو طلب من الطالب ذكر مهنة أي نبي فذكر الرعي فجوابه صحيح فما من نبي إلا رعى الغنم
ومن أراد التحقيق العلمي فقد ذكرته لك.
ودمتم سالمين