عبدالرحمن عبدالعزيز آل الشيخ
هناك رواية "إدارية" قديمة مضمونها أنه خلال عقد السبعينيات الميلادية من القرن الماضي قررت احدى الشركات التجارية الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية تعيين مدير عام للشركة.. حينها قرر مجلس إدارة الشركة وبسرية تامة أن يكون الاختيار لهذا المنصب مقتصراً فقط على احد مديري فروع الشركة المنتشرة في الولايات.. وبعد عملية تقييم دقيقة وشاقة تم حصر الترشيح في اثنين من مديري الفروع بعد ان ثبت أن أداء وإنتاجية مديري هذين الفرعين متكافآن جدا من كافة الجوانب مما جعل عملية اختيار احدهما لهذا المنصب ترفع لرئيس مجلس الإدارة ليقرر شخصياً اختيار أحدهما !!
حينها قرر رئيس مجلس الإدارة القيام بزيارة لكلا الفرعين من أجل أن يقف شخصياً على طبيعة أداء هذين الفرعين ومعرفة شخصية المرشحين مباشرة قبل اتخاذ القرار دون ان يعلما عن القصد من هذه الزيارة ..
وعندما وصل رئيس مجلس الإدارة إلى ولاية الفرع الأول وجد مدير الفرع في استقباله في المطار.. وعندما طلب منه رئيس الإدارة ان يبقى في مكتبه لأداء العمل فأجابه مدير الفرع بأنه أوجد في الفرع أشخاصاً ومديري أقسام ومسؤولين يثق فيهم وأوكل إليهم إدارة دفة العمل وفق اختصاصات ومسؤوليات منظمة بدقة لكل منهم وان دوره فقط هو إشراف وإدارة هؤلاء الأشخاص لذلك فانه سيرافقه طيلة برنامج الزيارة لأن سير العمل ومستوى الإنتاجية ليسا مرتبطين بتواجده المستمر في مكتبه !!
وفي مكتب مدير الفرع لاحظ رئيس مجلس الإدارة ان المكتب هادئ جدا وشبه مفتوح وخال من الأوراق والملفات.. وخلال الزيارة حرص مدير الفرع بشدة على إتاحة الفرصة لجميع مديري الإدارات والأقسام وكبار موظفي الفرع لمقابلة رئيس مجلس الإدارة والسلام عليه معرّفا بشخصية كل واحد منهم ودوره ووظيفته وبمهامه وبإنتاجيته بإشادة وبإسهاب كبير وعلني مكررا أن هؤلاء الأشخاص هم بكل فخر من يعملون بصدق وإخلاص !!
وعندما وصل رئيس مجلس الإدارة إلى الفرع الثاني في الولاية الأخرى لاحظ أن مدير الفرع لم يكن في استقباله في المطار!! عندها ذهب مباشرة إلى مقر إدارة الفرع ووجد مدير الفرع على رأس العمل في مكتبه غارقا بين كم كبير جدا من الأوراق والملفات والأعمال والاتصالات كما لاحظ وجود عدد كبير من الموظفين والمراجعين الذين ينتظرون مقابلة مدير الفرع.. كما لاحظ رئيس مجلس الإدارة ان مدير الفرع يبذل جهوداً عملية كبيرة وشاقة ومتواصلة ويتواجد على رأس العمل لساعات طويلة تمتد إلى آخر الليل فهو يتولى بنفسه إدارة العمل والاطلاع على كل مجريات الأداء أولاً بأول من خلال لقاءات واجتماعات متواصلة ومستمرة مع كافة مديري الأقسام والمسؤولين في الفرع الذين اعتادوا على الحضور او الاتصال بمكتب مدير الفرع فقط لأخذ الموافقة او التوجيه في أي موضوع حتى في أدق تفاصيل العمل والإنتاجية وعلى مدار الساعة تقريباً حتى وهو في منزله..
وفي نهاية الزيارة سأل رئيس مجلس الإدارة عن مقابلة المسؤولين في الفرع لكن مدير الفرع اعتذر عن حضورهم معللا بان الكل في عمله كما قدم اعتذاره لرئيس مجلس الإدارة عن عدم تمكنه من استقباله او توديعه في المطار معللاً ذلك بأن مصلحة العمل تتطلب منه التواجد على رأس العمل خلال هذه الأوقات !!
وعند عودة رئيس الإدارة اجتمع إلى مجلس الإدارة وأبلغهم أنه قرر اختيار مدير الفرع الأول لمنصب مدير عام الشركة لسبب رئيسي ومهم وهو أن مدير الفرع الأول استطاع تحقيق هدفين رئيسيين الأول: تحقيق نتائج إيجابية موازية للنتائج التي حققها زميله مدير الفرع الثاني.. والهدف الثاني أن مدير الفرع الأول استطاع تهيئة وإعداد "جيل" إداري قيادي ذي كفاءة عالية قادر على إدارة دفة العمل بنجاح وبكل سلاسة وسيكون هذا الجيل الإداري القيادي مهيّأً للمشاركة في إدارة العمل في إدارة الشركة في المستقبل في شتى المهام.. لذلك فقد تأكد له ان مسؤولية ومهام الإداري الناجح لا تتوقف فقط على ادارة العمل وتحقيق مكاسب مادية بل ويجب معها أيضا تحقيق مكاسب أخرى! من خلال صناعة وإعداد كفاءات إدارية مميزة يمكن الاعتماد عليها في المستقبل.. وأن إدارة الأشخاص بعيداً عن (المركزية الإدارية) من أهم وأصعب مسؤوليات الإداري القيادي ؟؟
بينما أداء وإنتاجية الفرع الثاني ونتائجه معتمدة كليا على مديره وبمركزية شديدة ومن المؤكد أنه في حالة غيابه أو عدم تواجده لأي ظرف ستختل او تتوقف درجة العمل في الفرع وهذا أسلوب إداري شخصي (مركزي بحت) لا يخدم الشركة !!
السؤال والعبرة من هذه الرواية هو: كم هو عدد الحالات التي تتجسد فيها صورة هاتين الحالتين في واقعنا الإداري !!
__________________
وشكرا على هذه الاضاآت التي تتحفينا بها
والتي تستحق ان نستذكرها بين الفينة والفينة
لنستخلص منها الدروس والفوائد .
في شتى أنواع الإدارات
الأستاذ
ابومذكور
شكرا لمرورك
وشكراً على ما رسمته أناملك بين ثنايا هذة السطور
واتمنى ان اكون عند حسن الظن دائما
تقبل مني جزيل الشكر والامتنان
بين أروقة صفحات مدونة منطقة الشارقة التعليمية
أذواق اختلفت … وأقلام نيره أبحرت .. فأفادت و أمتعت…
وفي مدونة الإدارة المدرسية على الود والمحبة التقينا
وبسحر مقالكِ .. وروعة اختياركِ وبجمال طرحكِ
استرخينا هنــا
فراق لنا وجودنا هنـا بين سطور كلمات موضوعك
فلكِ ودي وكل احترامي
فاننا بحاجة بين فتره وأخرى للتذكير …
اتمنى ان اكون من النوع الاول …. ولكن عملي يحتم علي التواجد دائما لكون الموظفين اما جدد بجاحة الى متابعة أو قدامى تقاعسوا عن العمل او لا يحبون التجديد .. ولا بد من متابعتهم باستمرار
الا ان هذا الاسلوب يولد الضغط النفسي والارهاق ….
حاليا بعد قيامي بتدريب البعض واعطائهم الثقة ….. لم يبقى لدي الا مشكلة القدامى وان شاء الله ساتمكن من حلها
الوحيد الذي يقبل كل ذلك هو الواثق والمتميز.. وهو المدير الذي يقتنع بالواقع وأنه إنسان يخطأ ويصيب.. وحين يخطأ فهو يطلب ممن حوله أن يساعدوه ويقوموه، تماماً كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب..الذي يستشهد بأفعاله وأعماله على مر السنين في أمور القيادة الحكيمة.. والقارئ والمتتبع لسيرهم لن يجد أفضل من قصصهم.
شكرا على الاختيارات الموفقة.. ونتمنى دائما أن تتحفوننا بمواقف جديدة.. نتمنى أن تكون حقيقية ولكن إيجابية.. حتى نرتقي بمستوى الميدان ونشجعه …
بالتوفيق
المُعاناة ..
شكرا لتواجدك ,
وتعليقك على الموضوع ..