بسم الله الرحمن الرحيم
نظراً لعدم فهم الدارسات مفهوم مناقشة الشخصية ، سأتناول اليوم شرحاً مبسطاً حوله .
فمثلاً لو كنت تستمعين إلى برنامج ما ، وأعجبتك شخصية المقدم للبرنامج
وقتها قولك عنه للآخرين بأنه قال كذا أو بدرت منه إشارة كذا ، أو كان يرتدي كذا
وعبّر عن فكرة خاصة به ، هذا الذي شرحتيه للآخرين يعتبر أنك قمت بتحليل شخصيته سواء
أكانت مقنعة أم لا .
شخصية الحارث بن غيث ستتناولين في تحليل شخصيته أربعة عناصر هي :
الصفات والأفعال والأقوال والمشاعر ، وتخلصين برأيك الخاص في مدى مصداقيتها أم لا .
هاك مثلاً :
الطفرة الاقتصادية أثرت كثيراً على حياتنا الاجتماعية خاصة تلك الهوة التي وُجدت
بين الأجيال وكأن كلّ السُبل التي مهدت لها الأيادي المكافحة تضيع في طرفة عين .
نعم الأب هنا يصرّح في حديثه الداخلي معبراً عن خوفه بأن لا تكون أحلام عبدالله
كأحلام والده الذي ضاع مع المدينة في ازدحامها وطفرتها الامتناهية ويرجو بقلقه
وخوفه أن لا يضيع الطفل حينما يكبر ويسير خلف أحلامه .
ويأتيك النداء بقوله مخاطباً حفيده عبدالله : أخبر والدك بأننا سنكون في زيارته هذا المساء
الوسيط في النداء يعمق مقدار الهوة السحيقة بين الأب وولده ويزيد من أنّ
هذه الزيارة ما هي إلا لرغبة الوالدة في رؤية والدها ، أم الأب فوصله النفسي
بعيد المنال !
حينما تتأمل القول تصرّ على أنّ الوالد قد رفع كلّ السبل للوصول إلى ابنه
فزيارته تلبية لرغبة زوجته فهي واجب ليس إلا ، ولا تأخذ من أشكال الوصل
إلا النهل البسيط .
وفي موضع آخر تراه ضاغطاً زرّ الجرس ليأتيه النداء أنّ السيد غير موجود
ويكون بصوت ابنه ليزيد من صرخات أعماقه المدوية نحو شظايا الصمت
والرفض لكل ما جاء به ابنه حينما تجرد من مشاعره تجاه والده فبدت الكذبة
واضحة بأن السيد غير موجود وهو بالفعل غير موجود في قلب
والده وهو الذي ساهم في هذه النهاية الحتمية بتصرفاته الرعناء الجوفاء في صلته للرحم .
وتعاودك الصورة مرة أخرى حينما يخلع الحارث بن غيث ملابسه ليكومها قرب
حفيده بهذا التمازج بين الماضي والحاضر يأتي الحفيد ليقبع بجانب جده في قصة
تتردد كلّ يوم وبأنّ الحياة تأخذ منّا فلذات الأكباد في جريهم وراء المدنية ويبقى
الأحفاد في صورتهم البريئة نموذجاً حياً للتواصل بصمت ولكنه في قالب متقولب
بالكثير من الزوايا التي لربما تنجرف يوماً واء الآباء بموت الأجداد .
هذا نموذج مبسط لكم ، وعليه يستطيع التلاميذ محاكاته بيسر .
