المدرسة الابتداعية ( الرومانسية ) – ( الاتجاه الوطني والسياسي )
إلــى طغــــاة العـــــــالم
أبو القاسم الشابّي
** البنـاء الفكـري والشعوري :
1 ) مضمون القصيدة :
— من الشعر الوطني الذي يدور حول قضايا الوطن ومشكلاته السياسية ..
— يحكي النص قصة المستعمرين مع الشعوب في مراحلها الثلاث :
** مرحلة الاستضعاف وفرض الهيمنة.
** مرحلة الكمون والتربص ، وتجميع الطاقات .
** مرحلة المحاسبة والقصاص ، والثورة على المستعمر .
— في المقطع الأول : ( من 1 – 3 ) يبرز الشاعر ملامح المستعمر ، ويفضح جرائمه : فهو طاغية ، ظالم ، مستبد ، مطبوع على الشر، ميال إلى التخريب ، يسلب الشعب حقوقه ، ويعشق الجهل والظلام ، يعادي الحياة ؛ قاسي القلب ، متحجر المشاعر ، يسخر من آلام الضعفاء ، ويريق الدماء متلذذا بها ، ويشوه معالم الجمال ، وينشر الحزن والشقاء .
— وفي المقطع الثاني : ( 4 – 6 ) يتحدث الشاعر عن هدوء الشعب ، واستكانته ، وانخداع المستعمر بهذا الهدوء الظاهري ، ولا يدري أن الشعب يجمع طاقاته لينقض حين تسنح له الفرصة ؛ فهدوء الشعب هدوء يسبق العاصفة ، والثورة الكامنة كنارٍ تحت الرماد لا بد أن تتوقد حين يحين موعد القصاص .
— في المقطع الثالث : ( 7 – 9 ) يشمخ الشاعر أمام الطغاة ، يُقَرِّعهم ، ويهددهم ، وينذرهم أن يوم الثأر قادم حين يندفع الشعب في ثورة عاصفة جارفة تجتث المستعمر من أصوله .
2 ) ســمات الأفكــار في النص :
** الجدة والابتكــــار : الموضوع السياسي النضالي ، والمسألة الوطنية ، والتحريض على المستعمر .
** الوضــــوح : فهي سهلة تصل إلى المتلقي بيسر ، ودون عناء ، خاصة أن الشاعر يخاطب الجماهير العادية .
** التسلسل المنطقي : ترتبط أجزاء الأفكار بعلاقات السبب والنتيجة : فمع البداية يكون البطش ، والفتك ، وبالبطش يكون الاستسلام ، ولكن إلى حين ، ويركن الطاغية إلى قوته الغاشمة ، ليفاجأ بالثورة العارمة تقضي عليه .
** قــوة المنطــق والقــدرة علــى الإقناع : فتاريخ الاستعمار عار وشنار ، ودماء ودموع ، وجرائم المستعمر وليدة ظلمه وجبروته ، ودليل وحشيته وعدوانيته ، وسبب عقابه وسوء عاقبته .. وهدوء الشعب تدبير إلى حين ، وصحو تتبعه العاصفة .. ودماء الشهداء ، ودموع الأبرياء وقود الثورة الشعبية الجارفة ، والمستعمر قد حكم على نفسه بنفسه ، وخط لنفسه سطور نهايته .
** التصوير من خلال الوجدان : وجدان الجماعة ، ووجدان الفرد . فالشاعر يتحدث عن آلام شعبه وثورته من خلال ذاته ، وتجربته الشخصية .
** الطابع الإنساني : يؤكد هذا الطابع أن النص لا ذكر فيه لتونس ، مع أنها وطن الشاعر ، لذا اتسعت دعوته لكل وطن مقيد مغلوب على أمره .
3 ) مـلامح الـمدرسـة الـرومانسية في القصيدة :
* الذاتية ، وعمق المعاناة ، وصدق التجربة .
* الاهتمام بالخيال ، والولع بالطبيعة التي يستمد منها صوره .
* اللغة المستمدة من الطبيعة (الرومانسية التعبيرية) مثل سحر الوجود – الربيع – صحو الفضاء – رباه – زهور الأمل – قصف الرعود – شوك الأسى ..)
* نغمة الحزن والأسى ( الشاعر متألم ، ساخط على المستعمر ) .
* تنويع القافية .
* الوحدة العضوية .
* النزعة الإنسانية .
4 ) العــــاطفــة :
وطنية إنسانية فيها الإشفاق والألم لما يصيب الشعب ، والثقة بقدرته على تذليل الصعاب ، وتحقيق النصر ، والنقمة على المستعمر، والسخرية منه ، والتمجيد للأحرار …
5 ) الـــوحدة العضـــويـة :
وحدة القصيدة العضوية مُحْكَمَة ، تترابط الأبيات فكرا ووجدانا : أجزاؤها متحدة ، وتراكيبها قوية ، لا نفور في أبياتها ، ولا تشتت في معانيها. لا تستطيع تقديم بيت أو تاخيره أو حذفه ، وذلك : نتيجة لتحقق الوحدة الفكرية والوحدة النفسية .
** البنـــاء التعبـــــيري :
1 – أدوات الخطــاب :
* ( ألا ) الاستفتاحية .
* النداء ( أيها الظالم ) .
* ضمير الخطاب " الكاف " في ( كفك – يخدعنك .. ) .
* الأمـر في ( تأمل ) ، وفي ( اسم فعل الأمر " حذار " ) ، وفي (المصدر المؤكِّد لاسم الفعل " رويدك " ) .
** ضمير المخاطب في خاتمة القصيدة ، علامة دالة على تحول المستعمر من فاعل للحدث ومصدر للشقاء : (سخرت – سرت – تشوه – تبذر- حصدت – رويت – أشربت ) ؛ حيث يسخر ، ويسير ، ويشوه ، ويبذر ، ويحصد ، ويشرب ؛ إلى مشلول الإرادة ، خائر القوى ، يقع عليه الفعل : ( سيجرفك – يأكلك .. ) ، فينقلب الضعف قوة ، والقوة ضعفا ..
** والخطاب متكرر في بداية كل مقطع ، حاد اللهجة ، منوع الأدوات والأساليب ، يؤكد عنف المواجهة :
— المقطع الأول : ( ألا ) لإثارة الانتباه والاستفتاح .
( أيها الظالم ) نداء للذم والسخط .
— المقطع الثاني : ( رويدك ) مصدر مؤكد لفعل الأمر .
( لا يخدعنك ) نهي .
( حـذار ) أمــر . – وتفيد جميعا السخرية والتحذير والوعيد
والتهديد .
( تحت الرماد اللهيب ) أسلوب خبري .
( ومن يبذر الشوك يجن الجراح ) أسلوب شرط ..
— المقطع الثالث : ( تأمل ) أمر للتوبيخ والتقريع .
( أنى حصدت ) استفهام للإنكار ، وبيان أن ما كان لا ينبغي أن يكون ،
وما كان للمستعمر أن يفعله ..
( سيجرفك السيل – ويأكلك العاصف المشتعل ) أسلوبان خبريان
للتهديد بعنف المحاسبة ..
2 – الرمــز والإيحــاء :
— ( السيل ) رمز لقوة الشعب وفاعلية المقاومة ، والرغبة في الحرية ، والعزم على الظفر .
— ( الشوك ) رمز لمعاناة الشعوب مما يعترض نهضتها وكفاحها من عقبات وصعاب .
— ( الوجود ) رمز الحياة الواسعة الحرة وما فيها من حق وخير وجمال .
— ( الزهور ) رمز للشباب ، والمستقبل ، والأماني العذاب ، والحياة الهنيئة .
— ( الظلام ) في قوله ( حبيب الظلام ) رمز للتخلف والجهل والقهر.( وهو رمز شر هنا ) — ( الظلام ) في قوله ( هول الظلام ) رمز لعتو الثورة التي تفقد المستعمر الرؤية ..وتنذره بسوء المصير .. ( وهو رمز خير هنا ) . .
— ( الربيع ) في قوله ( لا يخدعنك الربيع ) رمز القوة والغرور ، والهيمنة [ في نظر المستعمر ] ؛ ورمز الهدوء والاسترخاء والراحة ، والخضوع ، وتحين الفرص [ كما يراها الشعب ] ..
— ( مخضوبة ) توحي بساديّة المستعمر ، حيث يرى في الدماء زينة ..
— ( تأمل ) توحي بطيش المستعمر ، وقصر نظره ، وضيق أفقه .
— ( هنالك ) توحي باتساع نطاق العدوان .
— ( ثمل ) توحي بالامتلاء ووصول الأمر إلى حد لا مزيد عليه ، وتوحي بنشوة ( التراب ) الوطن ، لاستبشاره بقرب الثورة ، وساعة الخلاص .
— ( السين ) في ( سيجرفك ) تقوي الإيحاء السابق ، وتوحي بسرعة الشروع في الرد ، وعنفه ، وهوله .
— ( حتى ثمل ) : " حتى " حرف غاية وابتداء ، يوحي أن ما يعنيه في قوله ( سيجرفك السيل ) غاية ونهاية لما حدث من قبل : ( سخرت – وسرت تشوه – وتبذر – حصدت رؤوس الورى – رويت بالدم – أشربته الدمع ..)
3 ) أثـر العـاطفـة فـي التعبــير :
** الألفاظ تبرز أحاسيس الشاعر :
— الألفاظ : ( الدمع – الدم – الجراح – أنات – الأسى ) مشحونة بالكآبة ، وتعبر عن الإشفاق ، والتحسر .
— الألفاظ : ( الظالم – المستبد – حبيب الظلام – عدو الحياة – سخرت – تشوه – تبذر شوك الأسى – تأمل – حصدت رؤوس الورى – رويت – أشربته الدمع ) مشحونة بالتوبيخ والتقريع ، وتعبر عن البغض والاحتقار .
— الألفاظ : ( هول الظلام – قصف الرعود – عصف الرياح – سيجرفك السيل – ويأكلك العاصف المشتعل ) استوحت من الطبيعة عناصر القوة ، ومظاهر الرعب ، وتعبر عن تمجيد الشعب وتضخيم الثورة ..
4 ) المحســنات البـديعـية :
— الطبـــاق بين ( حبيب الظلام ) و ( عدو الحياة ) يوحي بحرص الطغاة على تخريب العالم وتدمير الحياة .
— الجناس بين ( قصف ) و( عصف ) فيه موسيقا صاخبة ورنين قوي سريع كقوة الرعد وسرعة الريح ؛ ويبرز حدة الانفعال وفورة الغضب .
— الجناس بين ( الدم ) و ( الدمع ) يصدر رنة توحي بالأسى .
— الجناس بين ( الظالم ) و ( الظلام ) ، بموسيقاه وإيقاعه ، يوحي أن الظالم وضع نهايته بيده ، لأن الظلم ظلمات على الظالم .
** البنــاء التـصــــويـــري :
1 — التصــوير الجــزئـي :
أ ) التشــــبيه : يقوم أكثره على إضافة المشبه به إلى المشبه :
— ( شوك الأسى ) يوحي بعمق الألم وشدة المعاناة .
— ( سحر الوجود ) يوحي بأثر الوجود الجميل في عين من يراه ، وسرعة ميل القلب إليه
لجماله وفتنته .
— ( زهور الأمل ) يوحي بشراسة المستعمر وجبنه ، فقد تجاوز القتل والتدمير ، إلى
مطاردة الأحلام ، ومصادرة أماني الشعب في الحرية والكرامة .
— ( سيل الدماء ) يوحي بالتحول في أسلوب المواجهة إلى المقاومة ، وبروعة الفداء ، وعظم التضحية .
— ( التشبيه الضمني بين البيتين : الرابع والخامس ، وصدر البيت السادس ) ؛ فقد شبه الربيع والصحو والهدوء الظاهري الذي يخفي تحته ثورة مدمرة ، وظلاما ورعودا ورياحا ، بالرماد الذي يخفي تحته لهيبا .. ويقدم هذا التشبيه دليلا حسيا على إمكان ولادة الثورة الشعبية في الوقت الذي تشتد فيه سطوة المستعمر .. ويفسـّـر النكسة والوثبة في تحرك الشعب ، والتخلف والنهضة في حركة المجتمع .
ب ) الكنـــــاية :
— ( سخرت بأنات .. ) كناية عن تحجر المشاعر .
— ( كفك مخضوبة ) كناية عن كثرة إراقة الدماء ، وقسوة القلب .
— ( صحو الفضاء ) كناية عن مواتاة الظروف ..
** والكناية تقدم المعاني في صور حسية ، وتعرض الحقائق مصحوبة بالدليل ..
حـ ) الاســــتعارة :
— ( الظلام ) استعارة تصريحية للتخلف والغدر والظلم .
— ( الحياة ) استعارة تصريحية للكرامة والحرية .
— ( زهور الأمل ) استعارة تصريحية للشباب .
— ( حصدت رؤوس الورى ) استعارة مكنية ..
— ( قلب التراب ) و ( أشربته الدمع حتى ثمل ) استعارتان مكنيتان ، فيهما تشخيص للتراب ، في صورة إنسان نشوان بالدم ، وإيحاء بأن دماء الشهداء ، ودموع الأبرياء وقود الثورة ، وأن فجر الحرية قد اقترب .
— ( ومن يبذر الشوك يجن الجراح ) استعارة تمثيلية ؛ فقد شبه هيئة المستعمر الذي يزرع الشر فلا يحصد إلا الشر ، بهيئة فلاح يبذر شوكا فلا يحصد سوى الجراح .
2 – التصــويــر الكلــي :
— ( صورة كلية للمستعمر الطاغية ) : فهو ظالم ، متحجر المشاعر ، تقطر يداه دما ، يشوه معالم الحياة ، وينشر الخراب والدمار .
خــطــــوطــــها : — اللون المثير للكآبة والحزن [ مخضوبة – الظلام – الشوك ]
— الصوت المثير للحزن والحسرة [ أنات – سخرت ]
— الحركة المبرزة لقسوة المستعمر [ سرت – تبذر ]
( راجع المقطع الأول )
— ( صورة كلية للثورة في مرحلة الكمون والمخاض ) : هدوء ظاهري تجمع الثورة فيه طاقاتها ، وتعد العدة للقضاء على المستعمر ، ويظنه المستعمر خضوعا واستكانة نهائية .
خــطـــوطـــــها : — اللون [ الربيع – الصحو – الفضاء – الضوء – الصباح – الأفق – الظلام – الرماد – اللهيب – الشوك – الجراح ]
— الصوت : [ قصف – الرعود – عصف ]
— الحركة : [ عصف – الرياح – يبذر – يجني ]
( راجع المقطع الثاني )
— ( صورة كلية للثورة في مرحلة الولادة والانطلاق ) : فهي ذات قدرات متعددة ، فحين تبطش بالمستعمر تشبه حيوانا مفترسا يأكله ، وحين تندفع بأبنائها الثائرين تشبه سيلا جارفا ، أو ريحا عاصفة تقتلعه من أرضه ، وحين تمتلئ بحماسة الشباب وحرارة النضال تشبه إعصارا مشتعلا : [ سيجرفك السيل سيل الدماء ويأكلك العاصف المشتعل ]
** يذكرقول الشابي : [ حذار فتحت الرماد اللهيب ] بقول نصر بن سيار يحذر مروان بن محمد آخر خلفاء بني أميــة :[أرى بين الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام ]
** ويذكر قوله : [ حصدت رؤوس الورى ] بقول الحجاج : [ إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ] ..
** البنــــاء المـوســيقي :
1 – الموسـيقا الخارجية :
— البحر بحر ( المتقارب ) وتفعيلاته :
فعولن ، فعولن ، فعولن ، فعولن فعولن ، فعولن ، فعولن ، فعولن
— وهو من البحور ذات التفعيلة الواحدة المكررة .
— القصيدة ثلاثة مقاطع تنوع في قافيتها ( الرويّ ) بين الهاء ، والحاء ، واللام ..
— القافية في المقطع الأول تناسب تأوّه الشاعر ، لأن الألف الممدودة والهاء الساكنة تشبهان ( الآه ) في الأبيات الثلاثة.
— في المقطع الثاني، تثير الحاء المسبوقة بألف المد الإحساس بالحسرة والحرقة المكبوتتين .
2 – المـوسيقا الـداخليــة :
— تكرار الحروف والكلمات : كتكرار ( التاء و السين و الراء ) في البيت الثالث ؛ وتكرار ( السين ) في البيت الأخير [ ســيجرفك الســيل ســـيل الدماء ]
— حسن التقسيم : كما في عجز البيت الأول [ حبيب الظلام ، عدو الحياة ] ، وكما في الأبيات ( الرابع ، والخامس ، والسابع ) .
— التقفية الداخلية ( الترصيع ) : كما في [ رويدك ، لا يخدعنك ] في البيت الرابع ؛ وقوله : [ سيجرفك .. ويأكلك ] في البيت العاشر .
— تجانس الوزن الصرفي لبعض الكلمات ،مثل : [ صحو – ضوء – قصف – عصف ]
و[ رؤوس – زهور ] .
— المحسنات ، ولا سيما الجناس ( كما سبق ) …
المقال الأدبيّ
خاص بالقسم الأدبيّ
الشـــمــــس
د. أحمــد أمــين
التحليـل الأدبـي :
1 – سـمات التعبــير :
أ ) الأساليب الخبرية والإنشائية :
* الأساليب الخبرية شائعة في النص مثل :
— " فقد أقرسنا البرد حتى اصطكت منه أسناننا ، وانكمش جلدنا .."، للتقرير والتوضيح .
— " فلها – صيفا – جمال القوة ، وجمال القهر ، وجمال السفور .." ، للتقرير والإعجاب .
— " خلعت من جمالك على الزهر .." ، للإعجاب .
— " تلعبين بالناس ، فتنيمينهم ، وتوقظينهم .." ، للإعجاب والتقرير .
— " فهي في سمائها تؤدي رسالتها ، وتسير سيرتها ، وتبهرنا بجمالها .." ، للإعجاب والتقرير والتوضيح .
* الأساليب الإنشائية :
— الاستفهام في قوله : " أي شيء أحب إلى النفس من المتعة بالشمس ؟ – أأصاب العرب إذ أنثوها ، أم أصاب الإنجليز إذ ذكروها ؟ " ، للنفي ، والإثارة والحيرة .
— التعجب في قوله: " فما أعظم من خلقك ! "، لإظهار الإعجاب والانبهار بعظمة الخالق .
ب ) الدقة اللغوبّة :
— الترتيب المعنوي في استخدام الأفعال : " اصطكت أسناننا ، انكمش جلدنا ، يبست أطرافنا ." فالبرودة تتصاعد في هذه الأفعال ، ويتصاعد معها الإحساس بها .
وفي قوله : " نحتضن النار ، ونلتهم الجمرة " ، وفيه تصعيد لدرجة الحاجة إلى الدفء الخارجي ، والدفء الداخلي .
وفي قوله :" فتحت النافذة ، فتدفقت أشعتها ، وملأتها ، وملأتني دفئا ، وملأتني معاني ".
وفي قوله : " تضربينه بشعاعك ، وتلفحينه بنارك .."
جـ ) التوكيد : وأساليبه في النص :
— الأدوات : " قد – لقد – إنّ " .
— التوكيد اللفظي : " لا تستطيع أن تحكم هي " – " ثم أنت أنت أحرقت الأشجار " .
— التوكيد المعنوي : " فإذا الدنيا كلّـها لعبة .." ، ويفيد الشمول .
— القصر : " لا يعلمها إلا الله .." – " ما أفكارنا إلا منك .." – " ليس إلا نعمة منك .. " ليست إلا نقطة من دمك .." – " لا يلد إلا امرأة .."
— تقديم ما حقه التأخير : " لهـا في كلٍّ جمال .." ويفيد التخصيص ؛ فقد قصر صفة الجمال على الموصوف ( الشمس ) .
— التوكيد بالمفعول المطلق : " وهكذا دواليك " – " لا نشتاق لشيء شوقــنا لرؤيتها " ..
— التوكيد بالترادف : " ..نعظمها ، نجلها " – خفف من حدتنا ، لطف من ثورتنا "– " تظهر وتختفي ، تسفر وتتحجّب ، تخرج من قناعها ثم تتقنع " – " تقسو وترحم ، تشتدّ وتلين " ، وفي الترادف تلوين الأسلوب ، وتوكيد المعنى ، ودقة التعبير ..
— التكرار لمثل : " الشمس – الجمال – القوم – النار – الصيف – الشتاء " .. وفي التكرار تنويع ، وإيقاع وتنغيم ، مثل : " فلها – صيفا – جمال القوة ، وجمال القهر ، وجمال السفور الدائم .."
د ) المحسنات البديعية :
— الطباق مثل : ( واصلة – هاجرة ) – ( قاسية – راحمة ) – ( أصلح – أفسدت ) – ( ضمد – جرحت )-( غيبته- طلعت ) – ( ماء جاريا – ماء راكدا )- ( سخونة- برودة ) – ( أنثوها – ذكروها) – ( شعر برضاك – أمن من غضبك ) – ( تظهر – تختفي ) – ( تسفر – تتحجب ) – ( تخرج من قناعها – تتقنع )-( تقسو – ترحم ) – ( تشتد – تلين )
–المقابلة: مثل : ( يرجو بقاءها – يخشى زوالها ) – ( فارقته ملوحته – عاد إليه صفاؤه وعذوبته ) .
— الجناس مثل : ( جمالها – جلالها )-( شغل – شغف ) – ( عنك – منك ) – ( حولك – حذوك ) .
— السجع مثل : ( أصلح ما أفسدت ، وضمد ما جرحت ) – ( تضربينه بشعاعك ، وتلفحينه بنارك ) .
— رد العجز على الصدر وهو : ورود لفظ في بداية الفقرة، وما يجانسه في آخرها ، مثل : ( ثم تحركت فملأت الحياة حولك حركة ).
— الاقتباس من القرآن الكريم : " فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفكهة وأبـّا * " سورة عبس : 27 – 31
— التضمين ، وهو إيراد الشعر ضمن النص النثري: ( وما التأنيث لاسم الشمس عيب ) ؛ مأخوذ من قصيدة " المتنبي " في رثاء والدة سيف الدولة : ولـو كان النساء كمن فـقـدنا لفضلـت النسـاء علـى الرجال
ومـا التنيث لاسم الشمس عيب ولا التـذكـير فخـر للـهــلال
— الالتفات ، وهو نقل الكلام من أسلوب إلى آخر تجديدا لنشاط السامع ، وإبعادا له عن الضجر من أسلوب واحد لا يتجدد ، كالتحول من التكلم إلى الخطاب أو الغيبة ، ومن الخطاب إلى التكلم أو الغيبة ، ومن الغيبة إلى التكلم أو الخطاب .
— من ذلك قوله : " وهي شتاء تطلع علينا بوجه آخر ترينا فيه جمال الحنو.. تشاغلك فتظهر وتختفي ." فقد انتقل الحديث من جماعة المتكلمين( نا ) ، إلى المخاطب المفرد (الكاف) .
2 – سمات التصوير :
أ ) التشبيه : ومنه :
— ( هي كالمربي الحكيم ) – ( رسولها اللطيف الوديع القمر ) – ( أشعتها القفضية ) – ( الوردة الحمراء ليست إلا نقطة من دمك ) – ( النرجس الأصفر ليس إلا تبرا .. ) – ( أرسلته إلى خدمك في الأرض من أزهار وأشجار ) – ( الدنيا لعبة في يده ) ..
* بعض التشبيهات فيه تقليد ، مثل : ( أشعتها الفضية ) ..
* وبعضها فيه طرافة وابتكار مثل : ( الوردة الحمراء ليست إلا نقطة من دمك )..
ب ) الكناية : ومنها :
— ( اصطكت منه أسناننا ، وانكمش جلدنا ) – ( وددنا إذا رأينا النار أن نحتضنها ، وإذا رأينا الجمرة أن نلتهمها ) – ( تسفع جلودنا ، وتكوي جباهنا ) – ( تسحر العقول ، وتبهر العيون ) ..
* والكناية هنا تجلو العاطفة ، وتوضح الأفكار .
جـ ) الاستعارة :
— ( ترسل علينا شواظا ) ، استعارة تصريحية : استعار الشواظ لشعاع الشمس .
— ( تخرج من قناعها ) ، استعارة تصريحية : استعار القناع للسحاب .
— ( تنتقم من رسولها الذي غارت منه صيفا ) ، استعارة تصريحية: استعار الرسول للقمر .
— ( فهي تزين ثيابها بأكثر مما تزينها ثيابها ) ، استعارة تصريحية: استعار الثياب للألوان .
— ( فإذا خشيت أن نطمئن إليه ) -( أدركتها الغيرة ) – ( ترينا جمال الرحمة ) – ( تسفر وتتحجب ) – (تخرج من قناعها ثم تتقنع ) – ( تدفقت أشعتها ) – ( يصعد إليك ليستجير منك ، ويمثل بين يديك ) – ( فارقته ملوحته ).** وهذه جميعا استعارات مكنية ..
** وقد شخص الكاتب الشمس على امتداد النص ؛ وشخص القمر، والهواء، وماء البحر ..
د ) الصور الكلية :
— ( صورة البرد القارس ) ، وخطوطها : اللون : ( أسناننا – جلدنا – النار – الجمرة )
الصوت : ( اصطكت – نلتهمها – قطـار )
الحركة أقرسنا – اصطك – انكمش – يبست – النار- نحتضنها نلتهمها- فرانا- طباخا – سائق – قطار )
— ( صورة الشمس صيفا ) ، وخطوطها :اللون : ( صيفا – جمال – السفور – بنارها جلودنا – جباهنا – القمر – جرحت – شواظا – نار – جمالها – ببهائها )
الصوت : ( بنارها – غلى – حدتنا – سورتنا )
الحركة : ( نهرب – تشتد – تلين – تلفحنا – نارها – ترسل – شواظا – نار – فتشع – تكوي – إلى-وغر – غابت – أرسلت – رسولها – فخفف – جرحت – أدركتها – فغيبته – طلعت -دواليك)
— ( صورة الشمس شتاء ) ، وخطوطها : اللون شتاء – بوجه – جمال – الغادة -قناعها – القمر- صيفا – تتلون – الألوان – العيون- بيضاء – حمراء- صفراء – تزين – ثيابها )
الحركة : ( تطلع – ترينا – اللعوب – تشاغلك – تظهر – تختفي – تنتقم – فيطلع – واصلة – هاجرة – تسحر – تسفر – تتحجب – تخرج – تتقنع – تبهر – تزين ..)
— ( صورة الشمس والقمر )..
— ( صورة الشمس والزهر : وقد انعكس جمالها الفتان على الزهر فخلع عليه فتنة من ألوان ساحرة )،
وخطوطها : اللون : ( جمالك – الزهر – ألوانه – قبس – ألوانك – فأبيضه – أحمره – أزرقه – أصفره – الوردة-الحمراء-دمك – الياسمين – الأبيض – لمحة – نورك – النرجس – الأصفر – تبرا – شعاعك ..).
الحركة : ( خلعت – للناظرين – مدد – فيضك – نقطة – ذائبا ..).
— ( صورة الشمس والناس ) ..
— ( صورة الشمس والشجر ) ..
— ( صورة الشمس في عليائها تسمو مؤدية رسالتها، باهرة الجمال ، موحية بالأسرار ، غير مهتمة بمن شُغِل بها فأنثها أو ذكرها ) ،
وخطوطها : اللون : ( الشمس – سمائها – حدتنا – سورتنا – أصلح – بجمالها ).
الصوت : ( توحي – أسرارها )
الحركة : ( تؤدي – تسير – سيرتها – أفسدت – ضمد- تبهرنا )
** خصائص المقال الأدبي ( الشمس ) :
يحمل طابع المقال الأدبي الذاتي .
ينطلق من موقف تأملي ذاتي ، صبيحة يوم مشمس من أيام الشتاء القارسة البرودة .
أملى هذا المشهد على الكاتب مشهد الشمس ، وقد تدفقت أشعتها الفضية اللامعة من نافذة حجرته ، فملأتها دفئا ، ومعاني ، وحياة ، وفاضت عليها أفكارا وخواطر ، وعواطف وانفعالات .
يتحدث الكاتب في هذا المقال عن الشمس وإلى الشمس حديث مناجاة وشوق .
وخصائصه ) بشكل عامّ ) :
معالجة قضايا الأدب والنقد وما يتصل بهما .
التأنق في العبارة ، وتخير الألفاظ ، وسلامة الصياغة وجمالها .
قوة العاطفة .
روعة الصورة وطرافتها .
العناية بموسيقية التعبير .
ادعوا لصاحبه بالشفاء العاجل.