النقطة السوداء
بالرغم من ترامي المساحات المليئة بالفراغ في هذه الحياة ، والألوان التي تزخر بها الطبيعة ، والزمن الممتد على طول الحياة وعرضها ، والقوة التي مُنحت لك وتملأ جسمك ، والحس الذي ألهمك الله أياه … لن تتمكن من رسم لوحة تمثلك على دروب هذه الحياة ، مع أن مِداد فرشاة رسمك ثلج أبيض انهمر من مزن أسود ولم يلامس شوائب ساكني الأرض .
منذ بدأ الخطوات الأولى التي تخطوها في مشوار الحياة وأنت ترسم على صفحة حياتك لوحات منها العبثي ومنها الجاد وكلما طال بك المشوار اقتربت من وضوح الرسم وبيانه … يصبح جهدك منصباً على أن لا يدنس رسمك نقاط سوداء تشوه ما ترسم ، لكنك لن تستطيع ؛ لأنك لست من المعصومين عن الخطأ ولكن تحاول أن لا يطغى لون الخطايا على ما تخط أو ترسم … أكثر الذين تلتقيهم على هامش دربك أو في وسطه يقرؤون لوحتك من خلال ذاكرتهم وليس من خلال عيونهم كما الأطفال يرسمون ما يتذكرون لا كما يشاهدون … بتعظيم النقطة السوداء التي علقت بلوحتك بقصد منك أوبغير قصد يبدأ العداء بين صغير السواد وكثير البياض ، في عيونهم ينتصر الصغير على الأبيض ، ويطغى سواد شارعهم على الثلج الذي يغطيه ؛ لأن ميزان العدل عندهم لا زال صغيراً ولا ينتصر إلا إلى النقطة السوداء وإلى ما هو صغير.
على رصيف حياتك وهامشها يقع بصرك على من هم متلبسون بثياب القديسين ويسكن داخلهم شيطان رجيم … يتشحون الأسود من الثياب وعليك أن تراها بيضاء … ألسنتهم تقطر دماً من ذبح الحقيقة ويحاولون اقناعك بان النحل هو من يتخذ داخلهم بيتاً … احسانك لهم فرض كما الاساءة لك منهم … حملك هدايا البيت العتيق الذي لم يتغير من عهد أبا الانبياء لم يغير فيهم … يحملون المحفوظ من رب العزة في أيديهم ولا يحفظون عهد عمود الدين فيهم … شعارهم نقطتك السوداء تغطي لونك الأبيض ونقتطهم البيضاء يا ليتها تضيء ليلهم في غياب القمر .
كيف تجعلهم ينتصرون إلى الحق من القول والفعل ؟ كيف تكسر كبرياء الباطل فيهم ؟ كيف تجعلهم قادرين على تمييز الحياديين ( الأسود والأبيض ) ؟