الاثنين ,16/01/2012
إعادة هيكلة التعليم الثانوي ضرورة ملحة
حركة النهضة والتقدم في الإمارات يقودها بحكمة فائقة صاحب السموالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة للإنسان، وتأكيد موقع التعليم وسيلة أساسية لتحقيق كل أهداف الوطن .
التعليم في عصرنا الراهن ليس مجالاً لتحصيل المعارف فقط، بل هو الطريق إلى إعداد الشخصية المتكاملة، التي تتّسم ببُعد النظر والقدرة على التحليل، والالتفاف حول قيم المجتمع وأهدافه، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وجود نظام تعليمي كفء وقادر يحقّق النجاح والتفوق لكل طالب، وأن يكون هناك توقعات عالية للأداء التربوي على المستويات كافة سواء بالنسبة للطالب أو المعلم أو المدرسة، ويكون الطالب بدرجة أساسية محور العملية التعليمية، بما يتطلبه ذلك من مناهج دراسية جيدة وطرق تدريس حديثة، ونظم امتحانات فاعلة، ومكتبات وموارد تعليمية ثرية وملائمة، واستخدام مكثف للتقنيات الحديثة وأنشطة طلابية وثقافية مفيدة واهتمام مستمر باستقطاب النوعيات المتميزة للعمل بمهنة التدريس .
وتعكف مؤسسات وهيئات التعليم الحكومية، ممثلة بوزارتي التعليم العالي والبحث العلمي، والتربية والتعليم بهمة عالية وبمشاركة عدد من القيادات المعنية بالتعليم في الدولة، منها مجلس أبوظبي للتعليم، ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، على دراسة مشروع جديد للمرحلة الثانوية يهدف الى التطوير الشامل والدائم في مدارس الدولة، يركز على أربعة أمور أساسية، أولها تحديد النتائج المرجوّة من المناهج والأنشطة والمخرجات التعليمية، والثاني الأخذ بأفضل المناهج وطرائق التدريس، والثالث التركيز على المدرسة باعتبارها محور التطوير المنشود، وأخيراً تهيئة الجامعات والكليات من أجل انتقال الطلبة بشكلٍ سهلٍ ومُيسر من التعليم العام إلى التعليم العالي، بحيث لا تكون هناك طفرة أو فجوة بينهما .
“الخليج” تعرفت الى الخطط الطموحة التي تستعد لها القيادات التربوية والتعليمية بالدولة للقضاء على الفجوة القائمة حالياً بين التعليم العام والتعليم العالي بحيث يكون الطالب عند تخرجه في الثانوية العامة قادراً على مواصلة الدراسة في الجامعات والكليات بنجاح وتفوّق، والتخلص نهائيا من برامج التقوية التي تطرحها الجامعات والكليات التي كانت وما زالت تمثل أعباء اقتصادية وتعليمية بل ونفسية، سواء على المؤسسات التعليمية أو الطلبة أو أولياء أمورهم .
يؤكد الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم أن المجلس بصدد تطبيق نظام جديد للثانوية العامة خلال الفترة المقبلة يقوم على التخفيف من الكم والتركيز على الكيف وتحفيز الطلبة على الالتحاق بالتخصصات العلمية، التي تلبي احتياجات رؤية الإمارة، بعد أن أثبت النظام الحالي الذي يدرس فيه الطلبة نحو 13 مادة لم يفِ بالغرض المطلوب، مشيراً إلى ان النظام الجديد للثانوية يتضمن رؤية جديدة لامتحانات الثانوية العامة تركز على المخرجات العلمية التي تلبي متطلبات التنمية من خلال تطبيق نموذج مدرسي مستحدث لرفع المخرجات، واعتبار المعلمين مصدر القوة التي تساعد على تحقيق وتطبيقات التطلعات والطموحات لبناء نظام تعليمي متكامل ، لافتاً الى إن تقديم تعليم راق ومتميز يحقق التنمية المهارية والمخرجات التعليمية للطلاب، بات في مقدمة اهتمامات وأولوية القيادة الحكيمة، وذلك من خلال تطوير منظومة التعليم بشكل عام ووضعه على رأس أولوياتها .
وقال إن أحدث الدراسات أثبتت ارتفاع نسبة طلاب إمارة أبوظبي الذين يلتحقون بمؤسسات التعليم العالي من دون الحاجة إلى سنوات من التعليم الأساسي الى 10% في العام الدراسي الماضي من بعد أن كانت نسبتهم 3% قبل نحو أربعة أعوام، الأمر الذي دعا إلى وقفة جادة لزيادة هذه النسبة إلى معدل يتناسب مع الارتقاء بالمنظومة التعليمية وتأهيل الطلاب للالتحاق بالتعليم العالي دون الحاجة إلى هذه السنة التحضيرية والتعرف إلى التحديات التي تواجه الطلبة في العملية التعليمية، إضافة إلى العمل على إيجاد حلول لمشكلة عدم استمرارية الطلبة في مقاعد التعليم العالي، من دون الحاجة إلى أي برامج تأسيسية تتسبب في إهدار الوقت والجهد .
وأضاف الخييلي أن المجلس حرص على إلقاء الضوء على عمليات التطوير الجوهرية الجارية بشأن مدارس الحلقة الثالثة منذ العام الدراسي 2022 -2010 بهدف مساعدة الطلبة على الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي مباشرة دون الحاجة للحصول على أية برامج تأسيسية، حيث تم زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي لطلبة المرحلة الثانوية من أجل تعزيز مهارات حل المشكلات ومهارات التواصل لديهم، ومضاعفة حجم محتوى مادة العلوم باللغة الإنجليزية وكذلك محتوى مادة اللغة الإنجليزية نظراً لأن لغة الدراسة في مؤسسات التعليم العالي في إمارة أبوظبي هي اللغة الإنجليزية، علاوة على تدريس حصتين يومياً لمواد اللغة الإنجليزية والرياضيات واللغة العربية .
نمط تقليدي
ويشير الدكتور رفيق مكي مدير مكتب التخطيط والشؤون الاستراتيجية بمجلس أبوظبي للتعليم إلى أن أبرز أسباب تعثر طلبة الثانوية العامة الذين يلتحقون بالدراسة الجامعية، يرجع إلى ضعف اللغة الإنجليزية لديهم، خصوصاً أن مواكبة التطور الحديث الذي يشهده العالم يتطلب إتقان اللغة الإنجليزية، التي تشكل مطلباً أساسياً في الدراسات العلمية مثل الرياضيات والعلوم وتقنية المعلومات، ومن الأسباب الأخرى الاعتماد على النمط التقليدي في التعليم في الحفظ والتلقين والتركيز على الكتاب مصدراً رئيساً، والبعد عن مهارات التفكير الإبداعي التي تساعد على التطوير التعليمي للطلاب، لافتاً إلى أن الطرق التعليمية الحديثة تعتمد على مصادر تعليمية وتقنية أخرى، موضحاً أن تقليل المواد الدراسية والتعمق في دراستها سيفيد طلاب الحلقة الثالثة، حيث سيتم التركيز على أربعة مجالات في عملية تطوير التعليم لهذه الحلقة من خلال مشروع تحديد الأهداف التعليمية وربطها بالمناهج الدراسية، فمجال تطوير المناهج يتطلب المزيد من التركيز والعمق والتمكن من البنية المعرفية للمواد الدراسية وتنمية مهنية مستمرة للمعلمين، أما مجال توفير الاحتياجات المتعددة فيتطلب تعدد المواد الدراسية الذي يشمل اختيارات اكاديمية ومهنية، فيما يتطلب المجال الثالث “مسارات التعليم” توافق التعليم والمهارات المكتسبة مع الاحتياجات الاقتصادية والتوجيه المهني، أما مجال الدقة في التقييم فيساعد على التنبؤ بالإنجازات المستقبلية، ودعم التوجيه المهني، وتعدد الخيارات .
منهجية شاملة
الدكتورة لين بيرسون المديرة التنفيذية لقطاع سياسات التعليم المدرسي بمجلس أبوظبي للتعليم، أوضحت أن الخطة الاستراتيجية للمجلس تستلزم البدء بتطوير التعليم بالمراحل المبكرة أولاً، ومن ثم يتم تعميم ذلك التطوير على المراحل الأعلى تدريجياً كلما انتقل الطلبة إلى الصفوف الأعلى، وبالتالي الانتهاء من التطبيق الشامل لخطط التطوير حتى الصف الثاني عشر بحلول العام الدراسي 2022-2014 إلا أنه قد أصبح واضحاً أننا نحتاج إلى البدء الآن في إعادة هيكلة الحلقة الثالثة نظراً للحاجة الملحة إلى تلبية احتياجات الطلبة .
وقالت بيرسون إن المجلس يقوم حالياً بتطبيق النموذج المدرسي الجديد على طلبة مدارس الحلقة الأولى (من الروضة وحتى الصف الرابع)، ويأتي ذلك في إطار تنفيذ الخطة الاستراتيجية للتعليم المدرسي التي أطلقها المجلس في عام ،2009 وهي تتضمن استراتيجية طويلة المدى تستهدف الارتقاء بالعملية التعليمية على مستوى جميع المراحل الدراسية، وعلى الرغم من البدء بتطبيق النموذج المدرسي الجديد على المراحل التعليمية المبكرة والصفوف الأولى، فقد تم أيضاً تنفيذ استراتيجية قصيرة المدى لتطوير مهارات طلبة الحلقة الثالثة، من خلال زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي واستقطاب أفضل المعلمين والتركيز على تنمية مهارات حل المشكلات، وكذلك مهارات التواصل لدى الطلبة من أجل التغلب على مشكلة انخفاض مستوى الطلبة في اللغة الإنجليزية ، والعمل على إقامة علاقات شراكة مع أفضل المؤسسات التعليمية المتخصصة من أجل التطوير السريع لأساليب ووسائل التدريس في المدارس، مشيرة إلى أنه بعد صدور نتائج عملية التقييم الشاملة – التي أجرتها شركة بارثينون جروب الاستشارية العالمية المتخصصة في المجال التربوي – على المناهج الدراسية الحالية، اتضحت الحاجة إلى تبني نهج أكثر شمولاً عن طريق إعادة هيكلة مدارس الحلقة الثالثة بالكامل، ومن المتوقع أن تسفر التغييرات عن منهجية شاملة للعملية التعليمية في كل صف من الصفوف بغرض إعداد وتأهيل الطلبة للمنافسة في سوق العمل العالمية .
توسيع اختيارات
ويقول الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير عام معهد التكنولوجيا التطبيقية، إنه بات من الضروري إعادة هيكلة نظام التعليم في الدولة، من خلال زيادة رقعة التعليم الفني والتكنولوجي، ليستوعب قرابة 40% من الطلبة، إضافة الى إصلاح التعليم الثانوي الأكاديمي في الدولة لتوسيع اختيارات الطلاب، مع التركيز على العلوم الطبيعية، مقترحاً زيادة رقعة التعليم الفني والتكنولوجي من خلال توفير ثلاثة برامج رئيسة في المرحلة الثانوية للطلاب، بعد إتمامهم الصف العاشر، وهي برامج الثانويات الفنية، لتوفر فرص التعليم لما نسبته 10% من الطلاب، وبرامج التعليم في الثانويات التكنولوجية لتوفر فرص التعليم لما نسبته 30% من الطلاب، وبرامج الدراسة في الثانويات الأكاديمية لتوفر فرص التعليم لما نسبته 60% من الطلاب، مؤكداً أن النظام التعليمي المقترح يتمتع بقدر عال من المرونة، لما يوفره من مسارات محتملة لانتقال الطالب بين برنامج وآخر بناءً على أدائه واكتشافه لميوله المهنية، مشيراً إلى ضرورة توافر فرص التحويل من الثانوية الأكاديمية إلى الثانوية التكنولوجية أو الفنية .
وأوضح أن هيكل النظام التعليمي المقترح يكتمل بتوفير برامج تقدم تعليما وتدريبا يؤهلان الطلاب للالتحاق بسوق العمل، ودعم التقدم والتطور التكنولوجي والصناعي في الدولة، مشيراً إلى أن المقترح يتضمن برامج تكنولوجية وفنية تطرحها كليات فنية ومعاهد بوليتكنك تؤهل الطلاب للحصول على درجتي الدبلوم والدبلوم العالي في التخصصات التكنولوجية والفنية، فضلاً عن وجود برامج جامعية تؤهلهم للحصول على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في تخصصات مختلفة، مع إمكان التحاق خريجي الكليات الفنية ومعاهد البوليتكنك بالدراسات الجامعية وإعطائهم فرصة استكمال المسار الاكاديمي متى رغبوا في ذلك .
مرونة المناهج
وأكد اكاديميون وتربويون أن 95% من خريجي الثانوية العامة غير مؤهلين لدخول الجامعات، مشيرين إلى أهمية إلغاء السنة التحضيرية في الجامعات داخل الدولة، التي تُفرض على الطلبة غير المؤهلين لدخول الجامعات بسبب ضعفهم في اللغة الإنجليزية، لأنها تستنزف موازنات مؤسسات التعليم العالي، إذ تذهب تلك النسبة الكبيرة من الموازنة في الإنفاق على طلبة من أجل إعدادهم وتأهيلهم في أربعة مساقات، هي اللغتان العربية والإنجليزية والرياضيات والحاسب الآلي – تقنية المعلومات، بما يمكنهم من الالتحاق بالتخصصات الدراسية الجامعية والتفاعل معها بصورة مباشرة .
وأشاروا إلى أنه يجب أن تتسم المناهج الدراسية بالمرونة والتحفيز وأن تركز على دمج المهارات المطلوبة في القرن الحادي والعشرين والهوية الوطنية وثقافة وتراث الدولة والمهارات الوظيفية/الحياتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأنشطة التعليمية للطلبة .
ويقول مدير جامعة زايد الدكتور سليمان الجاسم، هناك جهود كبيرة تبذل من قبل وزارة التربية والتعليم، وكذلك مجلس أبوظبي للتعليم، وغيرها من الجهات المعنية ذات العلاقة بالشأن التعليمي، موضحاً أن الجهود تستهدف النهوض بمستويات الطلبة في المرحلة الثانوية في اللغات والرياضيات والعلوم التطبيقية، ومن بين هذه الجهود مشروع مدارس الغد لوزارة التربية والتعليم الذي انطلق قبل أعوام في مدارس الدولة، وكذلك مشروع النموذج المدرسي الجديد الذي يطبقه مجلس ابوظبي للتعليم منذ العام الماضي في مدارس إمارة أبوظبي بهدف رفع المستويات العلمية للطالب في تلك المساقات، وتأهيله للانخراط مباشرة في التخصص الجامعي، موضحاً أن 30% من موازنات مؤسسات التعليم العالي تذهب إلى الإنفاق على طلبة السنة التأسيسية، ليتم اعدادهم وتأهيلهم بما يمكنهم من الالتحاق بالتخصصات الدراسية الجامعية والتفاعل معها بصورة مباشرة .
اللغة الإنجليزية
وأكدت مديرة مدرسة عائشة بنت أبي بكر للتعليم الثانوي في أبوظبي عائشة الشامسي، أن التجربة التي قام بها مجلس أبوظبى للتعليم في استقدام مدرسين أجانب لتدريس اللغة الإنجليزية لطلاب المرحلة الثانوية في مدارس أبوظبي، قد تكون لها نتائج ملموسة على الطلاب حتى يختصروا تلك السنة التحضيرية، مشيرة إلى أن الطلاب لا يتعلمون إلا بالاحتكاك المباشر مع أهل تلك اللغة، حتى يتمكنوا من إتقان اللغة في أسرع وقت، لافتة إلى أن السنة التحضيرية في الجامعات يمكن الاستغناء عنها لو أحسن تدريس اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات والحاسب الآلي في المرحلة الثانوية .
وأشارت مديرة مدرسة أم عمار للتعليم الثانوي أمينة الماجد إلى أنه لابد من التركيز على تدريس اللغة الإنجليزية في المراحل التعليمية المختلفة حتى يمكن الاستغناء عن تلك السنة التحضيرية، موضحة أن تنظيم دورات تدريبية صيفية لتعليم الطلاب اللغة الإنجليزية أو إرسالهم في تلك الفترة إلى الخارج لتعلمها سيكون له الأثر الإيجابي في رفع مستواهم في هذه اللغة، مشيرة إلى أن هذا ما يقوم به مجلس أبوظبي للتعليم من سنوات قليلة ماضية، لافتة إلى أن المدارس الحكومية تحتاج إلى تفعيل دور اللغتين العربية والإنجليزية لطلابها .
مغير الخييلي: تطبيق تجريبي لنظام الثانوية الجديد العام الدراسي المقبل
قال الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم ان نسبة الملتحقين بالقسم الأدبي زادت بما يقارب 25% خلال السنوات العشر الأخيرة، على الرغم من استثمار الدولة الهائل في مجال التعليم، مشيراً الى أن ظاهرة عزوف الطلبة عن الالتحاق بالمسار العلمي باتت مشكلة بحاجة إلى علاج وحل في وقت سريع .
وأكد الخييلي سعي المجلس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والجهات التعليمية المعنية بتطوير المرحلة الثانوية، إلى تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد كمرحلة تجريبية في صفوف محددة بمدارس معينة مع بداية العام الدراسي المقبل 2022 ،2013 وذلك بهدف التعرف إلى نقاط الضعف والقوة في هذا المنهاج الجديد، تمهيداً لتطبيقه بشكل عام على المدارس الثانوية بالدولة، مشيراً إلى أن آلية اختيار المدارس التي سيتم التجريب فيها للنظام الجديد للمرحلة الثانوية ستضم مدارس من كل إمارات الدولة .
ويحتاج نظام الثانوية الحالي إلى تغيير وتطوير مخرجاته، لتحويله إلى ثانوية مختلفة تركز على ست أو سبع مواد أساسية ، بدلاً من تدريس 13 مادة، تكون فيها مساقات علوم اختيارية لتطوير مهارات الطلاب، حتى ترغّبهم في العملية التعليمية وتعطيهم ما يفضلونه من العلوم التي تفيدهم ، وتعكف وزارة التربية والتعليم ومجلس ابوظبي للتعليم ووزارة التعليم العالي حالياً على وضع النظام الأمثل للمرحلة الثانوية بما يتماشى مع حاجات التنمية والتطوير بالدولة، حيث سيتم تطبيق النظام الجديد على ثلاث مراحل، الأولى تقييم النظام الحالي، وتم الانتهاء منها، والثانية التطوير- جار العمل فيها – والمرحلة الثالثة خاصة بالتقييم .
مبارك الشامسي: مناهجنا توفر الأسس اللازمة للإصلاح التعليمي
أبوظبي – “الخليج”:
يقول مبارك سعيد الشامسي نائب مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني في أبوظبي إن العمل المشترك والجهود التي تبذلها الجهات المعنية في مجال التعليم العام والعالي الحكومي وباشراك القطاع الخاص بحد ذاته خطوة نوعية لتطوير الحلقة الثالثة (التعليم الثانوي)، بهدف الوصول بالعملية التعليمية إلى المستويات العالمية وبما يحقق رؤية أبوظبي 2030 .
وأضاف على الرغم من أن مناهجنا الدراسية الحالية توفر الأسس اللازمة للإصلاح التعليمي إلا أنه لا يزال هناك عدد من الفجوات مثل عدم امتلاك طلابنا في مرحلة التعليم العام المهارات، وإتقان المواد وعدم إشارة المناهج بوضوح للهوية الوطنية وثقافة وتراث الدولة، كما أن المعايير تركز فقط على ما يجب أن يتعلمه الطلبة وليس على المهارات التي يحتاجون إلى تطويرها، حيث تتعلق مهاراتهم بإظهار لما تعلموه وليس المهارات العملية وتطبيقاتها على المواقف الحياتية، كما تظهر الفجوات في محتوى المواد الدراسية في أوضح صورها عند تأهيل الطلبة للالتحاق ببرامج العلوم الحديثة والهندسة بمؤسسات التعليم العالي، لافتاً إلى أن معايير مناهجنا الحالية لا تلبي بصورة عامة المهارات المطلوبة في القرن الحادي والعشرين، ولا تستكشف مفاهيم معينة بصورة كافية كحل المشكلات والتفكير النقدي والاستدلال المجرد والكمي والنمذجة العلمية .
وقال الشامسي إنه يمكن التركيز على تطوير المهارات العليا كإعداد العمليات والمخططات البيانية والاستقصاء والتقييم والتحليل بدلاً من التركيز على مهارات التعرف والوصف والتصنيف، كما ينبغي إجراء تعديلات كبيرة على مناهج المواد الأساسية الرياضيات والعلوم واللغتين العربية والإنجليزية والتركيز على المهارات العليا لتلك المواد، وكذلك إجراء تغييرات على المقررات والوقت المخصص لدراستها منها خفض عدد المواد الدراسية الإجبارية ومعالجة متكاملة للمادة خلال السنة الدراسية .
عبد اللطيف الشامسي: المرحلة الجامعية ما زالت في عزلة
أكد الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير عام معهد التكنولوجيا التطبيقية أن النظام التعليمي المقترح للمرحلة الثالثة يتيح معالجة ظواهر الخلل في نظام التعليم الحالي، ويوفر مسارات متعددة للطلاب في مراحل دراسية مبكرة، الأمر الذي يدعم خطط إعداد الكوادر الوطنية الفنية والتكنولوجية، القادرة على بناء ودعم الاقتصاد المعرفي، مؤكداً أن هذا النظام يعمل على توفير التعليم الذي يواكب حاجة العصر وتقنياته، ليصبح الخرّيج قادراً على لعب دور في العملية التنموية لمصلحة المؤسسة والمجتمع في أقصر وقت ممكن ما يحول دون هدر الطاقات البشرية والمالية .
وقال إن الطالب خلال المسار التعليمي الثانوي الحالي يكرس 3 سنوات دراسية في حفظ المعلومات الأساسية عن ظهر قلب، ولكنه يصطدم بمتطلبات التعليم الجامعي وما يتطلبه من مهارات أخرى، الأمر الذي يتطلب منه تقوية مهاراته وخاصة في المواد الأساسية حيث يحتاج لسنة أو سنتين لتأهيله لدخول الجامعة، ولسد هذه الفجوة بات من الضروري اعادة هيكلة نظام المرحلة الثانوية، لافتاً إلى أنّ المرحلة الجامعية ايضاً ما زالت في عزلة عن المهارات الوظيفية لسوق العمل، حيث يتطلب من الخريج الانخراط في برامج تدريبية مكثفة قد تستغرق عاماً أو عامين حتى يتشرب مهارات المهنة أو الوظيفة في موقع عمله، مؤكداً أن النظام التعليمي الجديد سيركز على المهارات المطلوبة لسوق العمل منذ بداية المرحلة الثانوية التكنولوجية او الفنية .
المصدر : الخليج