لقد أملت عليهم طبيعة المنطقة التي سكنوها أن ينظروا إلى البحار، لأن السهل الساحلي ضيق حيث شكلت الجبال سداً بين المنطقة الساحلية والمناطق الداخلية لذلك صنعوا سفنهم وركبوا البحر للتجارة فيه، ومن أهم مدنهم أوغاريت (رأس شمرا) في سوريا الذي نقب فيها منذ عام 1929 كلودشيفر. وتبين أنها كانت مركزاً تجارياً هاماً. وفيها اكتشفت أبجدية يرجع عهدها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، مكتوبة بالمسمارية وتضم ثلاثين حرفاً. وكذلك مدينة جبيل (بيبلوس) التي كانت علاقتها مع مصر متينة، حتى عُدت من أتباع الفراعنة. وصيدون سيدة الساحل الفينيقي ما بين 1500 ـ 1200 ق.م. مع أنها كانت تحت النفوذ المصري، لقد سيطر تجار صيدون على قبرص الغنية بالنحاس، ورودس وعدداً من بحر إيجة، حيث الرخام والكبريت والذهب والأرجوان.
ومدينة صور التي أصبحت زعيمة المدن الفينيقية من 1000 ـ 500 ق.م. فكانت مراكبهم تجوب البحر الأحمر، حتى وصلت إلى الهند وعادت محملة بالتوابل والذهب والأحجار الثمينة، ووصلوا في تجارتهم إلى انكلترا.
وهم الذين أسسوا مدينة قرطاجة في تونس حوالي عام 804 ق.م. والتي تبعث صور ولكنها أشرفت على بقية المراكز في غربي المتوسط وكانت ترسل في كل سنة بعثة إلى معبد ملقارت إله معبد صور. وتقدم إليه عشر وارداتها. وقد ازدادت أهمية قرطاجة بعد سقوط صور بيد الكلدانيين. إذ انتقل إليها التجار الصوريون، ولما بدأت الدولة الرومانية بالتوسع اصطدمت بقرطاجة وببطلها الأسطوري هنيبعل. الذي غزا إيطاليا نفسها بعد حروب البونية الشهيرة. والتي انتهت في آخر الأمر باستيلاء الرومان على قرطاجة عام 146 ق.م. فحرقوها ودمروها تماماً.