الشيخة بدور القاسمي: نسعى إلى تقديم نموذج مشرف لأدب الطفل العربي
حوار: ميرفت الخطيب
تأتي “كلمات” إضافة مميزة على أجندة عاصمة الثقافة الشارقة من حيث أبعادها الثقافية وهويتها التي تؤكد “القص” العربي أي النتاج العربي لأدب الأطفال.
من هنا انطلقت دار “كلمات” الإماراتية كأول دار طباعة ونشر وتأليف لكتب الأطفال.
وتمتلك “كلمات” الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائب رئيس مجلس إدارة نادي سيدات الشارقة ورئيسة مشروع تطوير قناة القصباء والتي أطلقت مشروعها منذ عدة أشهر وتشارك اليوم للمرة الأولى في أول حضور علني للدار في مهرجان الشارقة القرائي الثاني بمجموعة من القصص للأطفال يبلغ عددها خمسة مخصصة للفئة العمرية 2 6 سنوات وهي “لا أخاف”، “مرجان”، “ألوان الدكان”، “أ ب ت الحيوانات”، و”تويت كواك كواك بق بق بق”، حيث تعاملت الدار مع الكاتبة اللبنانية فاطمة شرف الدين في معظم المجموعة المقدمة.
“الخليج” التقت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في معرض كتاب الطفل باكسبو الشارقة.
بداية نوهت الشيخة بدور القاسمي بالمستوى المميز للمعرض والعناوين والمشاركات العربية، وأثنت على جهود المنظمين وتحديداً إدارة مراكز الأطفال والفتيات التابعة للمجالس الأعلى لشؤون الأسرة.
وقالت إن المجتمع الإماراتي بحاجة اليوم إلى مثل هذه التجمعات التي من شأنها أن تضع اللبنة الأولى لدى الأطفال في تعليمهم للقراءة ولإقامة علاقة مع الطفل خاصة أن الدراسات العلمية أثبتت أن الطفل يتلقى معارفه من مصادر محيطة به وتبقى راسخة في ذهنه إذا حدثت في السنوات الأولى من عمره.
وقالت الشيخة بدور القاسمي إن مشروع “كلمات” أبصر النور لأنني لمست بنفسي مدى افتقارنا في الوطن العربي لكتب الأطفال وأنا كأم كنت أبحث عن هذا الأمر ولم أجده متوافراً من هنا شعرت أنه من واجبي أن أقدم نموذجاً مشرفاً لكتاب الطفل بإطار جديد ومشوق والابتعاد كلياً عن المذهب المتبع حالياً لدى الكثير من الدور عن التقليد والترجمة والتي نراها منتشرة هنا وهناك.
وعن هدفها في توفير هذا النوع من الكتب أجابت: أردت أن أقدم كتباً للأطفال تتمتع بالجودة من ناحية الشكل والمضمون ومثل هذه النوعية غير متوفرة للأسف. في حين أننا نجدها بكثرة في القصص الأجنبية التي تتميز بطرح العديد من الخيارات أمام الطفل، من هنا نجد أن أطفالنا ينجذبون إليها أكثر من الكتب والقصص العربية التي تكون أقل جذباً للطفل.
لذا حرصت في “كلمات” على أن أتعامل مع كتّاب ورسامين من العرب كونهم يحملون الثقافة العربية ويقدمون أيضاً رسومات من البيئة العربية وليس من بيئة ممجوجة لا تحمل هوية أو انتماء، وهؤلاء قادرون على فهم نفسية الطفل العربي وما يريد. ورأيت أن أفضل وسيلة للوصول إلى هذه الشريحة جذبها عن طريق الرسومات والألوان وأيضاً الخطوط البسيطة سهلة القراءة، كما اعتمدنا في بعض الكتب، خاصة تلك المخصصة للفئة العمرية الأولى، أن تكون أوراقها قاسية شديدة كي يتحكم الطفل في مسكها وأيضاً لا يقطعها.
وحول مشاركات ومشاريع دار “كلمات” المستقبلية أجابت الشيخة بدور القاسمي بأن المشروع مازال في بدايته والأحلام والطموحات كثيرة في أن نغذي المكتبات العربية بكتب للأطفال، وبالتالي لدينا حالياً 20 كتاباً للطفل قيد الطباعة للفئة العمرية من الصف الأول وحتى السادس وكافة الإصدارات متوافرة في المكتبات بالدولة. وسوف نشارك الأسبوع المقبل في معرض أبوظبي للكتاب وكذلك ستكون لنا مشاركة دولية في معرض كتب الأطفال في بولونيا بإيطاليا. وكذلك في معرض الكتاب بلندن خاصة أن هذا المعرض سوف يحتفل في هذه الدورة بالكتاب العربي، وفي نهاية العام سنشارك بمعرض الشارقة الدولي للكتاب وفي معرض آخر في فرانكفورت.
أما عن مهرجان الشارقة القرائي فأبدت الشيخة بدور إعجابها بالفكرة وتنظيمها خاصة أن تنظيمها يأتي متزامناً مع اليوم العالمي للكتاب وعلينا جميعاً الاحتفال به. ودعت إلى الاهتمام أكثر بالكتاب والقراءة التي بدأ وهجها يخف لدى الأطفال في ظل وجود وتوفر آليات جديدة أمام الطفل مثل الانترنت والحاسوب، من هنا لا بد من المحافظة على الكتاب كضرورة وليس كنوع من الكماليات بل كأساسي في حياة الطفل. وبكونه الصديق الأول له ومن ثم تأتي المصادر الأخرى.
ورأت أن المهرجان جاء إضافة إلى عاصمة الثقافة الشارقة وعلى صعيد آخر فإن احتواء المهرجان لمعرض للكتب وآخر للورش اختيار ناجح من قبل إدارة مراكز الأطفال والفتيات وينم عن تفكير متقدم ومدروس ونحن نشكرهم على هذا الخيار الذي جاء بحلة مرتبة ومنظمة. وبالتالي فإن الدمج بين اللعب والترفيه والتعليم ينسجم أيضاً مع أهدافنا في دار “كلمات”.
وعلى صعيد آخر اهتم المهرجان بنواحي أخرى مثل الجوائز التي يقدمها للأسرة القارئة والكتاب الذهبي وغيره من الأمور التي احتضنها المهرجان كالإعلان عن الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال وكل هذا من شأنه التشجيع على الاهتمام بأدب الطفل ونشر قصص للأطفال.
والمهرجان أيضاً هو بمثابة استثمار غني للأهل لأن الكتب والقصص لا تموت بل تتوارثها الأجيال وراء بعضها بعضاً وليس كالأدوات الأخرى المسلية للطفل مثل الألعاب التي يملها الطفل ويرغب بشراء أخرى حديثة التصميم بل الكتب والقصص تحفظ في المكتبة وتبقى موجودة بعكس الألعاب الأخرى التي تفقد قيمتها أو تتكسر.
وأضافت الشيخة بدور القاسمي أن التواصل بين الأسرة والطفل من أهم الأشياء التي يجب الحرص عليها ومن شأنها أن تحبب الطفل وتقربه إلى عالم القراءة وكذلك للمدارس دور كبير.
وأردفت بالقول لقد تعاملنا مع مجموعة من المدارس وعرضنا عليها مجموعتنا في إصدارات الطفل واتفقنا على وضعها في مكتبة المدرسة ونحن اليوم بصدد الاتصال بوزارة التربية والتعليم للتعاون معها في تزويد مكتبات المدارس بقصصنا وهو أمر نعول عليه كثيراً، لأننا نهدف مستقبلاً إلى مواءمة القصص وموضوعاتها بحسب المناهج الدراسية خاصة أن وزارة التربية والتعليم قد بدأت بخطوات التغيير في ما يتعلق بالمناهج وقامت بصرف 500 مليون درهم على هذه الخطوة.
عباءة الحكايات..القدرة على السرد
الشارقة “الخليج”: تستمر فعاليات مهرجان الشارقة القرائي الثاني ومعها قصص وحكايات كان من أبرزها ندوة “حكايات للأطفال” روتها مها ناجي من اليمن والتي قامت بسرد حكايات متنوعة كما كانت تفعل الجدات منذ زمن، قامت مها ناجي التي ارتدت زيها الشعبي التقليدي بوصف ما سمته “عباءة الحكايات” التي ارتدتها فوق الرأس لتنطلق منها قصص وحكايات لا حصر لها، فكل من يرتديها يصبح قادراً على السرد.
بدأت قصتها الأولى التي هدفت من روايتها إلى التركيز على الوحدة والعزلة وما قد تفعله بالطفل كما أشارت من خلال أبطالها “الطفلة ميرا” و”الغول جرجوف” إلى قيمة الصداقة، مؤكدة أنه لا يمكن إجبار أحد ليكون صديقاً أو احتجازه للعب.
كل هذا أوضحته عبر قصة “ميرا” الخائفة والجائعة التي وجدها “جرجوف” وعرض عليها صداقة أبدية واصطحبها إلى منزله الكبير ذي السبع غرف لتلعب معه يومياً. ومع مرور الوقت شعرت بالضيق والحزن والاشتياق لأهلها رغم أنها لعبت كثيراً وتغلبت على صديقها في لعبة النرد وتعرفت إلى ست غرف من الموجودة بالمنزل فمنها غرفة الألغاز والشوكولاته والزهور والفواكه التي تظهر في مواسم غير مواسمها والكتب المتكلمة والألعاب، أما الغرفة السابعة فظلت سرية لم يخبرها عن محتواها جرجوف وظل الفضول يداعب ميرا إلى أن التقت يوماً ما طائراً متكلماً حدثها بالحقيقة وأخبرها محتوى الغرفة التي ذهلت منها فهي مليئة بأصدقاء جرجوف الذين حاولوا الهروب من منزله عندما احتجزهم فحولهم إلى تماثيل حجرية، أخبرها الطائر أنها يمكن أن تنقذ هؤلاء الأصدقاء وترجعهم لحالتهم الطبيعية وتنقذ صديقها “جرجوف” الطيب القلب رغم أفعاله السيئة إذا ما وجدت التعويذة التي تساعد على ذلك، وبعد رحلة بحث وصلت لها وأنقذت الجميع ليصبح “جرجوف” طيباً غير أناني.
وقد توالت حكاياتها وقصصها فمنها الخيالية كالتي روتها من قبل ومنها العلمية التي قدمت فيها معلومات عن ذرة النيتروجين والأوكسجين وقطرة الماء وأخرى عن مساعدة الآخرين من اليتامى والفقراء من خلال قصة الطفل “عتبة” الذي خزن أغراضه القديمة من ملابس وأحذية وألعاب، فلم يعد بحاجة إليها كما لم يستفد منها الآخرون حتى قرر أن يصنع شيئاً مفيداً، فدعا أصدقاءه ليوزعوا أغراضهم القيمة التي لم يعودوا في حاجة إليها ليضيفوا السعادة ويرسموا الابتسامة على وجه الغير.
وقام الأطفال بالمشاركة في الندوة بأداء بعض الأغاني ورواية القصص والعروض التمثيلية كما شارك في الندوة د. أسامة اللالا مشرف عام النشاط الرياضي بالمراكز بتقديم قصة للأطفال تدعو للقراءة وممارسة الرياضة والاهتمام بالصحة من خلال قصة “نزيه” الطفل السمين الزائد الوزن الذي سخر منه الأصدقاء فابتعد عنهم وشعر بالوحدة إلى أن قرر تغيير حياته بالرياضة والطعام الصحي.
“تعالوا نقرأ”
في معهد الأمل للصم
ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي والذي تنظمه مراكز الأطفال والفتيات إحدى مؤسسات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة تحت شعار “تعالوا نقرأ”، ألقت ريم نشابه معوض مديرة مدارس فيستا لذوي الإعاقة في لبنان صباح أول أمس الأحد في معهد الأمل للصم بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية محاضرة بعنوان “أساليب مبدعة وجديدة لتعليم ذوي الإعاقة التمتع بالقراءة” استفاد منها أساتذة معهد الأمل للصم ومدربوه ومشرفوه.
وتطرقت في محاضرتها إلى أفضل الطرق السليمة الواجب اتباعها أثاء القراءة على مسامع الطلاب المعاقين نظراً للأثر العميق الذي تخلفه القراءة الجيدة في خيال الطفل، مؤكدة الأساليب المتنوعة في سرد القصة من خلال طريقة النطق والحركات الإيمائية والإشارات المعبرة وقصص الدمى.
وشرحت المحاضرة بعضاً من الأساليب المبتكرة في تعليم القراءة للأطفال من ذوي الإعاقة مثل التهجئة والتقطيع والقراءة بالحروف المجزأة، والقراءة التأليفية الشاملة والقراءة المشتركة والقراءة باستعمال الحواس.
وركزت على أن القصة وسيلة مهمة في تأسيس شخصية جميع الأطفال، وخاصة المعاقين منهم، ومن هنا تأتي أهمية اتقان القائها من قبل الأساتذة والاختصاصيين، فبطريقة الإلقاء الجيدة يستطيع المدرب أن يجذب الطفل المعاق للاستماع إليه وبالتالي فهم القصة والغرض منها.
وأوضحت أن القصة بالنسبة لجميع الأطفال شيء بالغ الأهمية في تركيب الشخصية المستقبلية، وهي تأخذ منحى أكثر أهمية بالنسبة للأطفال المعاقين لأنها تساعدهم على تخطي بعض مشكلاتهم، لذا لا بد للمربي أن يكون متقناً لطريقة سرد القصة وأن يركز على محورها وجوهرها.
وفي اليوم نفسه وبمناسبة مهرجان الشارقة القرائي أقيم في ساحة معهد الأمل للصم نشاط ثقافي وترفيهي قدم فيه الأطفال من مركز الجزات بالشارقة عدداً من اللوحات التي تخدم أهداف المهرجان القرائي ومضمونه تفاعل معها زملاؤهم في معهد الأمل للصم.
وأكدت منشطة الفنون ناهد زين عبد الإمام أن الهدف من هذا النشاط هو دمج الطلبة المعاقين مع اخوتهم من غير المعاقين في نشاط يجمعهم وينمي في نفوسهم مفهوم التقبل للآخر، واللعب معه، وتمتين عرى الصداقة فيما بينهم، الأمر الذي يسعى إليه الجميع ليكون المجتمع قادراً على الاستفادة من خدمات أبنائه المعاقين وغير المعاقين.
وأشارت نجوى جمعة مشرفة برامج الإذاعة والتلفزيون بمراكز الأطفال والفتيات إلى أن المهرجان القرائي يتضمن يومياً بثاً مباشراً على الهواء لاستوديو “تعالوا نقرأ” وفيه تغطية كاملة لفعاليات المهرجان ما يتضمنه من محاضرات وندوات وبرامج وفعاليات تحض على القراءة لأن القراءة عماد رقي الشعوب وازدهارها.
بدعات في الصالونات الأدبية
الشارقة “الخليج”:
جمع صالون أدبي عقد على هامش معرض الشارقة القرائي الثاني، أمس، الأطفال والطلبة بكاتبتين لقصص الأطفال، وأبدى الأطفال إعجابهم الشديد لتمكنهم من التعرف إلى الكتّاب الذين يقرأون قصصهم في مناهجهم الدراسية.
قالت الكاتبة أسماء الزرعوني، التي نشرت قصصها في كتب الصفين الأول والرابع الابتدائيين، إن الصالون يمنح فرصة للأطفال للتعرف إلى كاتب أو كاتبة القصة بشكل شخصي، حيث يفرح القارئ الطفل بمقابلة الأديب شخصياً.
وأضافت أن الهدف من هذا الصالون الأدبي هو تحفيز الأطفال والفتيات من جميع الأعمار على القراءة والحث على إغناء وقت فراغهم ومحاولة الكتابة، فضلاً عن تشجيع الأطفال على الحوار ومناقشة الأفكار التي تدور في أذهانهم، وعلى إغناء الطفل باللغة العربية وتشجيعه على استعمالها والبعد عن المفردات الدخيلة والتحدث والكتابة بلغة القرآن الكريم.
كما أن هذه اللقاءات تشجع الطفل على التردد على الصالونات الأدبية وعلى المعرفة والمطالعة منذ صغره.
وقالت الكاتبة سمية سالم إن مثل هذه الصالونات تعرف الأطفال بطريقة كتابة القصة، وأهمية أن يواصل الطفل الكتابة، وتحثه على المشاركة في المسابقات الثقافية التي تنظم بين الحين والآخر.
وأشارت إلى أنها نجحت في وقت سابق في الحصول على جائزة الإبداع الأدبي من خلال قصة قامت بنشرها.