مراكز ذوي الاحتياجات تعاني نقص التمويل وآثار الصيف آخر تحديث:الخميس ,08/01/2009
تحقيق: خالد عبدالعزيز
1/1
أمل صبري: حالات التوحد تشكل تحدياً كبيراً للتربية الخاصة
موفق مصطفى: الدمج الاجتماعي للمعاقين مسؤولية الجميع
سميرة سالم: نقص فادح في الوسائل التعليمية الخاصة
أجمع الكثير من مسؤولي مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة على أن أهم الصعوبات، والعقبات التي تعترض مسيرتها، وتعوق عمليات التطوير فيها، هي نقص الموارد المالية، لتمويل الخدمات التي تقدمها، والتي تشمل تطبيق برامج تدريبية وتأهيلية ذات طابع خاص، بواسطة كادر تعليمي مؤهل، مما يفوق امكانات أي مؤسسة تأهيلية، إلى جانب عدم تعاون الكثير من الأسر لدعم عمل المراكز، حيث انه في كثير من الأحيان وخلال الاجازات الصيفية، يفقد الطفل نحو 50% من المكتسبات التي حصل عليها في المراكز، نظراً لعدم متابعة الأسر لأطفالها.
“الخليج” التقت عدداً من مسؤولي مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحدثوا عن المشكلات والمعوقات التي يواجهونها.
أكدت أمل جلال صبري، مديرة مركز الإمارات للتوحد، أن مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة عامة، ومراكز التوحد بصورة خاصة، تواجهها العديد من المشكلات التي تعترض مسيرتها، وأهمها مشكلة نقص الموارد المالية، التي تحتاج إليها المراكز لتمويل الخدمات المقدمة إلى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
حالات التوحد
وأضافت أن حالات ذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة حالات التوحد أصبحت تشكل تحدياً كبيراً للعاملين في مجال التربية الخاصة، بسبب تزايد تلك الحالات في الآونة الأخيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى خصوصية الاعاقة، التي تستلزم تطبيق برامج تدريبية وتأهيلية، ذات طابع خاص بواسطة كادر مؤهل، وبحيث يكون هناك مدرس لكل حالة مما يتطلب تكاليف انفاق عالية، تفوق امكانية أي مؤسسة تأهيلية، بالإضافة إلى تكلفة الخدمات المساندة، التي تتضمن تجهيزات خاصة للمراكز وموارد بشرية لتفعيلها، كغرفة التكامل الحسي، وجهاز التكامل السمعي، بالإضافة إلى معامل الكمبيوتر، والصالة الرياضية، وغرفة الموسيقا، إلى جانب ورشة الأعمال الفنية وورشة التأهيل المهني لفئة البالغين.
الأبحاث والدراسات
وأشارت إلى أن هناك مشكلة أساسية تعاني منها مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، ليس في دولة الإمارات فحسب، وإنما على مستوى دول العالم الثالث، وهي عدم توافر البحوث والدراسات والاحصائيات الميدانية، التي تضع حجر الأساس أو قاعدة البيانات للتعامل مع المشكلة برمتها، والتي تسهم في الكشف عن الاحتياجات الفعلية، ومن ثم تمكن الجهات المعنية من التخطيط، وتحديد الموارد المطلوبة للتنفيذ بشكل علمي ومنهجي.
وأكدت صبري أهمية التعاون بين الأسر والمراكز، الأمر الذي يؤدي إلى انجاز البرامج التدريبية والتأهيلية للأطفال بنجاح، ومن هنا يأتي دور المراكز من خلال قسم الإرشاد الأسري، في أن تعمل على تقديم المشورة والنصح للأسر حول كيفية التعامل مع الأطفال، وإطلاعها على البرنامج التعليمي الفردي للطفل، وأهدافه القصيرة وبعيدة المدى، وما هو مطلوب منها لتعميم المهارات التي اكتسبها الطفل، واستخدامها في أكثر من بيئة ما يسهم في تحقيق استقلاليته.
وحول الشراكة والتعاون بين مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، قالت انه يتم الآن في أبوظبي، الاعداد لشراكة بين مراكز التوحد للتشجيع على تبادل المعلومات والخبرات بين العاملين في هذا المجال، من أجل تدعيم برامج التطوير المهني، والاعداد لتصور شامل للخدمات المقدمة إلى الأطفال، والعمل على تقنين ووضع معايير موحدة للجودة، مما يسهم في حل المشكلات التي تواجهها المراكز، الأمر الذي سيعود عليها بالفائدة، ويساعد على تحسين نوعية الخدمات التي تقدمها، مناشدة جميع هيئات الدولة، ومؤسساتها وأفرادها ان ينظروا إلى المراكز الخاصة، نظرة شاملة ويقوموا بدعمها بكل الوسائل، حتى تستطيع القيام بالدور المنوط بها على أكمل وجه.
الدمج الاجتماعي
ومن جانبه، أكد الدكتور موفق مصطفى جمعة، مدير مركز المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة، أن أهم العقبات التي تواجهها مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، الدعم المادي، والدمج الاجتماعي والتعليمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم تقبل المجتمع لهم، وما يتركه ذلك من آثار سلبية، تحد من جدوى ما تقوم به هذه المراكز من جهود لدمج هؤلاء الأطفال في المجتمع، والذي يعد من الأهداف الأساسية التي تسعى إليها المراكز، حيث يزيد هذا الدمج من مهارات، ومعارف ذوي الاحتياجات الخاصة، ويكسبهم عادات جديدة وطرق تواصل وتبادل المعلومات بطريقة جديدة تمكنهم من الانخراط في شتى أنواع النشاطات.
وأضافت: لا بد من النظر إلى مستقبل ذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على وجودهم في أسواق العمل مع أقرانهم الأسوياء، مطالباً الشركات والهيئات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، بالدعم والمساندة لهذه الفئة، واتاحة الفرصة أمامها للتدريب والالتحاق بالعمل في هذه الشركات، مشيراً إلى ان من المشكلات التي تواجهها المراكز أيضاً عدم تعاون الكثير من الأسر مع المراكز، حيث من الملاحظ ان هناك تقصيراً واضحاً من قبل الأسر في متابعة أبنائها، على الرغم من أهمية دور الأسرة في تكامل العمل مع المركز.
بطاقات هوية
وحول التعاون والتنسيق بين المراكز، أشار إلى ان هناك تعاوناً بين هذه المراكز، إلا انه ليس بالمستوى المنشود، مشيراً إلى بعض المبادرات الجيدة من قبل بعض المراكز، ومنها مبادرة مركز أبوظبي للتوحد، حيث قام بعمل بطاقات هوية خاصة لكل أطفال مراكز التوحد، وهي مبادرة طيبة تسهل عليهم اجراءات السفر في المطارات، وتتيح لهم الحصول على تسهيلات في المستشفيات، ودخول الأماكن المختلفة في المجمعات التجارية من دون أي مقابل.
وأعرب عن تمنياته في أن يتم تنظيم اجتماعات دورية منتظمة على مستوى مديري مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يتيح فرصة تبادل وجهات النظر حول المشكلات التي تواجهها المراكز، وتقديم الحلول لها، مما يساعد على الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها هذه المراكز.
طاقة معطلة
وأشار محمد طالب، نائب مدير مركز المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة إلى انه على الرغم من أن الاحصاءات العالمية تؤكد أنه يوجد في كل مدرسة نسبة تتراوح بين 5 إلى 10% من الطلاب يعانون من مشكلات تعليمية وصعوبات في التعلم، وغيرها من المشكلات، إلا ان هذه المراكز تواجه مشكلات في عمليات دمج طلابها بالمدارس، حيث من الملاحظ ان هناك عدم تقبل للطفل المعاق لدى جميع شرائح المجتمع، كما انه ينظر إليه كطاقة معطلة، على الرغم من أن هناك حالات تصل إلى درجة كبيرة من القدرة على الاندماج في المجتمع، ولكن هذه النظرة السلبية، وعدم التجاوب يحولان دون تحقيق الدمج المنشود، والذي يزيد من ثقة هؤلاء الأطفال بأنفسهم لإحساسهم بالمساواة مع أقرانهم الأسوياء، وبأنهم يعيشون حياة طبيعية كباقي الأطفال.
تعاون الأسر
وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تقف في طريق تقدم عمل المراكز، وهي عدم التعاون مع معظم الأسر، وعدم قيامها بالدور المطلوب منها، حيث إنه في كثير من الأحيان، وخلال الاجازات الصيفية يفقد الطفل نحو 50% من المكتسبات التي حصل عليها في المراكز، نظراً لعدم متابعة الأسر لأطفالها، ما يؤثر بدوره في تحسن الطفل، ويحول دون تقدمه إلى الأفضل.
التكاليف والرسوم
وذكرت سميرة سالم، مديرة مركز تنمية القدرات لذوي الاحتياجات الخاصة أن مشكلة التكاليف والرسوم، تعتبر أهم العوائق التي تواجه المراكز الخاصة، حيث إن تكلفة إنشاء مركز لذوي الاحتياجات الخاصة، مرتفعة للغاية، نظراً إلى حاجة المركز لعدد كبير من الفصول حيث لا يستوعب الفصل الواحد إلا عدداً قليلاً من الأطفال، نظراً إلى خصوصية الاعاقة والتي تستلزم العمل الفردي في أغلبية الأحيان، بالإضافة إلى الحاجة إلى عدد كبير من الكوادر المؤهلة في العديد من التخصصات المتعلقة بهذا المجال، هذا إلى جانب حاجة المراكز إلى وسائل تعليمية كثيرة ومتعددة.
وأشارت إلى ان هناك بعض الجهات، تقدم بعض الدعم المادي، لكنه في حدود ضيقة، ولا يفي بمتطلبات المراكز، مطالبة الجهات والمؤسسات الحكومية بتقديم الدعم الشامل لهذه المراكز، حتى تخفف العبء عن كاهلها، ولكي تستطيع القيام بدورها على أكمل وجه، إذ يجب أن يكون هناك تكامل وترابط أوثق بين المراكز الخاصة، والمراكز والمؤسسات الحكومية، لأن الهدف واحد، وهو خدمة هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً.
وأكدت ان المجتمع في حاجة إلى خطة طويلة الأمد للتوعية بالمعاق واحتياجاته، ومدى تأثير نظرة المجتمع السلبية في المعاق وأسرته، علماً أن هذه التوعية يجب أن تكون لجميع الفئات العمرية في المجتمع، من أجل تغيير هذه النظرة وتصحيحها لدى جميع أفراد المجتمع، وتوعيتهم بقدرات المعاق وحقه في الحصول على الفرص التعليمية، وفي جميع مناحي الحياة على قدم المساواة مع جميع أفراد المجتمع، مشيرة إلى انه يجب ان تحرص جميع الهيئات والمؤسسات على تقديم كل أشكال الدعم لهذه الفئة، وتوفير أماكن خاصة بها وخاصة في الطائرات، نظراً إلى معاناة الكثير من الأسر من عدم قدرتها على السفر مع أبنائها المعاقين.
دور الأسرة
ومن جانبه، أكد أيمن البرديني، اخصائي تخاطب، أهمية دور الأسرة في دعم عمل المراكز، حيث لا يصح أن يقوم المركز بالعمل منفرداً، وتكون الأسرة بمعزل عن البرامج التي يقوم بتطبيقها.
وأضاف ان هناك تجربة نفذت في مصر، وهي تجربة التأهيل المرتكز على الأسرة، والذي يقوم على تدريب الأسرة على كيفية التعامل مع الطفل كبديل للمركز، مع ضرورة ان تكون هناك متابعة أسبوعية من قبل المركز للتعرف إلى الصعوبات التي تواجهها هذه الأسر في ما يتعلق بتنفيذ البرنامج المعد للتعامل مع الطفل، وبغية اطلاعها على الأهداف الجديدة، لافتاً إلى ان هذه التجربة مناسبة لدولة الإمارات، نظراً إلى قلة عدد المراكز فيها.