بسم الله الرحمن الرحيم
الصدق طريق النجاة
خرج غلام في قافلة من مكة المكرمة إلى بغداد في طلب العلم
و كان عمره لا يزيد عن اثنتي عشرة سنة ، و قبل أن يغادر مكة المكرمة
قال لأمه : يا أماه أوصيني ؟! قالت له أمه : يا بني عاهدني على ألا تكذب
فعاهدها على ذلك ، ثم أعطته أربعمائة درهم ينفق منها في غربته
فـ ركب دابته و انظم إلى القافلة المتوجهة إلى بغداد ، و في بعض الطريق خرج عليهم قطاع الطريق فاستوقفوهم و أخذوا يسلبوهم واحداً واحداً
فلما وصلوا إلى الغلام سألوه عما يحمل و ماذا يخبئ قال لهم :
معي أربعمائة درهم ، فسخروا منه و قالوا له : انصرف أتهزأ بنا ؟!
أمثلك يكون معه أربعمائة درهم ؟! فتركوه ، و بينما هو في الطريق
إذ خرج عليه رئيس العصابة نفسه فاستوقفه و قال له :
كم معك يا غلام ؟! فقال الغلام : معي أربعمائة درهم
وضعتها أمي في معطفي و أخاطت عليها بخيط متين كي لا تسقط مني أثناء الطريق ، فسلبه إياها ، ثم سأل الغلام :
لماذا صدقتني عندما سألتك و لم تكذب علي كما يفعل الآخرون ، و أنت تعلم أن المال إلى ضياع ؟!
فقال له الغلام :
صدقتك لأنني عاهدت أمي على ألا أكذب ، و أنا أرعى عهد أمي فلم أكذب
فتأثر قاطع الطريق بما سمع و خشع قلبه لله رب العالمين
و قال للغلام :
عجبت لك يا غلام تخاف أن تخون عهد أمك ، و أنا لا أرعى عهد الله جل جلاله ؟!
يا غلام خذ مالك و انصرف آمناً ، و أنا أعاهد الله أنني قد تبت إليه على يديك توبة لا أعصيه بعدها أبداً
و في المساء جاء التابعون له من السارقين ليسلموه ما تجمع لديهم من النهب و السرقة ، فوجدوه يبكي بكاء الندم
ثم قال لهم : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
فقالوا له : يا سيدنا إذا كنت قد تبت و أنت زعيمنا فنحن أولى بـ التوبة منك إلى الله