التصنيفات
المعلمين والمعلمات

الأغبياء فقط لا يفكرون كالشجرة

الأغبياء فقط لا يفكرون كالشجرة

توني بوزان باحث بريطاني له كتب عديدة عن تطوير الذات والارتقاء بالمواهب. وقد اشتهر تحديداً بطريقة متفرعة في التفكير دعاها «خرائط المخ». ففي رأي بوزان يجب أن نتصور الفكرة الأساسية كـ «جذع الشجرة» تخرج منه فروع ثانوية تتفرع بدورها إلى أغصان أصغر فأصغر. ووضع الأفكار على الورق بهذه الطريقة يحفز المخ على الاستطراد ويعطيك فهماً أفضل للموضوع ولا يجعلك تفوت أي احتمال ثانوي..
ولفهم فكرة بوزان بشكل أفضل تذكر معي آخر مرة حاولت فيها حساب شيء ما ثم عند حد معين بدأت تفتش عن ورقة وقلم لتنظيم أفكارك بشكل أفضل. فأنت مثلاً يصعب عليك (بطريقة ذهنية فقط) حساب راتب التقاعد لأبعد من خطوة أو خطوتين، كما يصعب عليك تنظيم أي مشروع تجاري أو تخطيط التفاصيل الداخلية لبيتك الجديد بدون اللجوء إلى الورقة والقلم.. وباستعمال طريقة بوزان (في التفرع بالاحتمالات والنتائج على ورقة بيضاء) ستضاعف من خياراتك المتاحة وستخرج بالمزيد من الحلول والأفكار المبدعة..

وقبل تقديم نموذج عملي لهذه الطريقة أشير إلى أن الناس (حين يخططون لحياتهم أو يجرون حساباتهم) يفعلون ذلك بطريقة متتالية مستقيمة على نمط 1، 2، 3، 4 ومن المآخذ على هذه الطريقة انك حين تنطلق من الفرضية (1) يذهب تفكيرك إلى احتمال وحيد هو (2) وفي حالة فشل هذا الاحتمال لا تجد أمامك غير رقم (3) ومنه إلى (4)… ومن عيوب هذه الطريقة أن تفكيرك ينطلق بخط مستقيم ولا تحصل إلا على احتمال واحد في كل مرة. وإن كان الأساس الذي بنيت عليه فكرتك خاطئاً منذ البداية ستنهار كل الخطوات التالية ولا تجد أمامك حلولاً جديدة!.
والآن دعنا نفترض أن اسمك «عبدالله» وانك ترغب في تنظيم حياتك بشكل أفضل:
.. في البداية اكتب اسمك في منتصف الورقة وضع حوله دائرة كبيرة.. من تلك الدائرة ارسم فرعين واكتب أمام الأول (الدنيا) والثاني (الاخرة). والآن اسأل نفسك ماذا تريد من الاثنين.. من الدنيا فرّع إلى دوائر أصغر واكتب بداخلها أشياء مثل: المال، السعادة، السفر، الاستقرار العائلي. ومن الآخرة فرّع إلى دوائر واكتب : العبادات، الخطايا، المنجيات، حقوق الناس (ولا تنس وضع دائرة حول الجميع)..
والآن اختر إحدى الدوائر الصغيرة (ولتكن المال مثلاً) وتفرع منها إلى دوائر أصغر تضم أبرز العناصر التي يمكن أن تحقق ذلك الهدف. وبعد أن تنتهي افعل الشيء نفسه مع العناصر الأخرى وستدهش للكم الهائل من الأفكار والطرق التي توصلك لمبتغاك – والتي لم تكن لتخرج بها لو اتبعت الطريقة القديمة المتوالية!!.

ويكمن جمال هذه الطريقة في تربية الذهن عليها بحيث تصبح مع الأيام طريقتك العفوية في التفكير والاستنباط – بصرف النظر عن الورقة والقلم – .. ورغم أنها تبدو للوهلة الأولى بدهية ومسلّماً بها لكنها في الحقيقة غير مطبقة في حياتنا العملية حيث يغلب على تفكيرنا السير باتجاه واحد، فالشاب العاطل مثلاً ليس في رأسه غير الوظيفة للحصول على الدخل، في حين أن التفرعات (التي خرجت من دائرة المال) قد تلفت انتباهه إلى إمكانات أخرى كثيرة حوله.. اضف لذلك أن مجرد وضع الأفكار على الورق يجعل الموضوع ثابتاً في الذهن ومتجسداً أمام العين – لأننا كثيراً ما نتحمس لمشروع ما ثم يتلاشى بالتدريج ما لم نحفظه على الورق – ..
بقي أن أوجه الدعوة لتعليم أطفال المدارس التفكير بهذه الطريقة المتفرعة (بدل الطريقة المتوالية) كونها تقدم حلولاً أكثر وبدائل اعمق للمعضلات التي ستواجههم مستقبلاً (.. فالأغبياء وحدهم يذهبون بخط مستقيم!!).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.