التصنيفات
التربية الخاصة

الإسلام وذوو الاحتياجات الخاصة

إبداع
الإسلام وذوو الاحتياجات الخاصة

يواجه بعض ذوي الاحتياجات الخاصة صعوبة في عملية التكيف مع المجتمع وهذا لا يأتي من قبلهم بل يقع على عاتق الذين يحيطون بهم بتوجيه الاهتمام لهم مثلهم مثل أي شخص طبيعي يمارس حياته، فالمعاق إنسان كسائر البشر له إحساسه وكيانه وتفكيره، بل بسبب معاناته يكون أكثر إحساساً.

كما أنه إنسان طموح لا يحب الهزيمة ولا يحب نظرات العطف والشفقة، بل يحتاج إلى من يفهمه ويمد له يد العون ويفتح له باب المجتمع على مصراعيه للاندماج فيه وجعله فرداً نافعاً له، وقد أعطى الإسلام للمعاق حقه مثله مثل أي فرد آخر دون تفرقة من مبدأ أنه بحاجة إلى المساعدة والتفهم وليس إلى التذمر أو الحرمان، فهو غير مسؤول عن التأخر أو الانحراف في النمو الموجود لديه وليس عدلاً أن نعاقبه أو نرفضه.

كما اتجه الإسلام إلى المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المعاق فيعلمهم ويربيهم على السلوك الذي يجب عليهم أن يسلكوه في معاملتهم لإخوانهم وأهليهم من ذوي الاحتياجات الخاصة فهو يعلن أن ما حل بإخوانهم لا ينقص قدرهم ولا ينال من قيمتهم في المجتمع، فهم جميعاً سواء لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى، فقد يكون الفرد المعاق أفضل وأكرم عند الله من ألف صحيح معافى، فقال تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

والمتأمل في آيات الله تعالى يجد نفسه أمام آيات كثيرة توحي بأن الإسلام اهتم اهتماماً كبيراً بكل فئات المجتمع وحث المسلمين على الرعاية الكاملة للضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة، قال تعالى: «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج»، وقوله تعالى: «ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج». كما أن من حقهم عدم السخرية منهم وكسر نفسهم أو إهانتهم أو التحقير من شأنهم، كما قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم».

كما أن المتأمل في القرآن لكريم يجد أن الله عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في قصة «عبدالله بن أم مكتوم» ذلك الأعمى الذي حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجلس معه كما تعود فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم فراغه وانشغاله بدعوة كفار مكة وسادتها، ومحاولة جذبهم إلى توحيد الله وأدار وجهه عنه والتفت إليهم، وبالطبع لم يرَ ابن أم مكتوم ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أعمى.

فجاء عتاب الله لنبيه: «عبس وتولى أن جاءه الأعمى…»، وبهذه الآيات بين الله تعالى لنبيه ولأمته أن المؤمن الضرير الكفيف هو أطيب عند الله من هؤلاء الصناديد الكفرة، فكان صلى الله عليه وسلم كلما رآه هشّ له ورحّب وقال: «أهلاً بمن عاتبني فيه ربّي».

وقد حرص الإسلام أيضاً على دمج المعاق في مجتمعه فقد ولى الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث ابن أم مكتوم على ضرورة الصلاة مع الجماعة، وهذا أكبر دليل على أن المعاق ينبغي ألا يحجب عن المجتمع بأي حال من الأحوال، بل يجب أن يكون عضواً فاعلاً فيه بدلاً من أن يكون عبئاً عليه. لذا لنساهم معاً في تحدي الإعاقة، ولنقل لهؤلاء أنتم في قلوبنا.. نحن معكم دوماً.. فأنتم جزء من هذا الوطن.

عبدالسميع كارم الفخراني ـ أبوظبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.