البساطة عالجت قلب فاطمة وساعدتها في التفوق

فاطمة: أختي وصديقتي المعاقتان نموذجان حقيقيان للنجاح.

قدَّمت المواطنة فاطمة سنان، طالبة في كلية القانون في جامعة عجمان، أنموذجاً غير تقليدي بالنسبة لفتاة تعاني مرض القلب، فقد حققت شهرة كبيرة بين أساتذتها وزملائها بفضل الكتيبات التي تؤلفها وتنشرها لتبسيط المواد المقررة عليها وتسهيل مذاكرتها، فضلاً عن عملها ناشطة في مجال دعم ذوي الاحتياجات الخاصة. وكانت فاطمة حصلت على الثانوية العامة في عام 1998 ثم التحقت بكلية التقنية. لكن مرض قلبها منعها من مواصلة مشوارها في التعليم العالي، وأجبرها على خوض رحلة علاج امتدت نحو عامين. وتعزو فاطمة شفاءها من المرض الى أنها قررت أن تعيش الحياة ببساطتها، وألا تتوقف أمام تعقيداتها. وهو الأسلوب ذاته الذي اتبعته في دراستها، كما تقول. ولهذا، لم يكن التفوق حلماً بعيد المنال.

بعد رحلة علاجها، توظفت فاطمة في الطب الوقائي في عجمان عام 2000، لكن طموحاتها كانت أبعد من ذلك، كما قالت لـ«الإمارات اليوم»، فقد كانت تحلم بدراسة القانون. ولهذا قررت ألا تتأخر عن تحقيق هذا الحلم أكثر من ذلك، فالتحقت بالدراسة مباشرة. وبدأت خلال فترة قصيرة تثير اهتمام عميد الكلية والطالبات، خصوصاً عندما بدأت تأليف كتيبات راجت بين زميلاتها، فضلاً عن عملها متطوعة في رعاية المعاقين. وتقول فاطمة إن هناك محركات عدة دفعتها لاستكمال تعليمها العالي، أبرزها تجربتا فتاتين متفوقتين على صعـيد العمل على الرغم من إعاقتيهما.

«الأولى صديقــة لي نجحت في تجاوز إعاقتها الحــركية، وحققت إنجازات كبيرة على مستوى الوظيفة، والثانية شقيقتي التي انتصرت على إعاقتها ورفضت أن ترى العالم من خلالها». وتابعت فاطمة أن قرارها دراسة القانون في جامعة عجمان قوبـل باعتراض من أسرتها لخوفهم من تجدد مرضـها. لكنها واجهت هذه الاعتراضات وأصرت على موقفها؛ لأنها كانت تحلم بالالتحاق بهذه الكلية منذ صغرها. وتحكي قصتها مع تأليف الكتيبات قائلة: «كنت أعتمد على جمع المحاضرات من زميلاتي. لكنني شعرت بأنني أستطيع تبسيط المواد.

وبدأت بكتاب (المدخل في القانون) الذي ألفه عميد الكلية الدكتور خليفة الشعالي. وأعترف بأنني خشيت من غضبه لأنني آخذ شيئاً ليس من حقي. لهذا، فقد قررت مواجهته بذلك، وفوجئت بأنه رأى الكتيب وأعجب به، وشجعني على مواصلة عملي وتبسيط الكتب في صورة أسئلة وأجوبة». وأضافت فاطمة أنها تعمل حالياً على إعداد بحث خاص حول تفعيل قانون تشغيل المعاقين على المستوى المحلي، تعتمد فيه على مقابلات ميدانية في مؤتمرات وحلقات نقاشية وورش عمل. وأوضحت فاطمة أن عملها كناشطة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة كشف لها كثيراً من الحقائق التي تتمنى توضيحها للجميع، «سعياً الى ترسيخ حق المعاقين في العمل والصحة والتعليم والدمج في المجتمع».

ومن جانبـها، قالت زميلتـها الطالبة عهود التي تدرس في كلية القانـون في جامعة عجمـان، إن «كتابات فاطمة كانـت محصـورة في البداية بين صديقـاتها، لكـننا فوجـئنا بأن معظـم الطالبـات يسـألن عنها ويطلـبن نسخـاً منها»، لافتة الى أنهـا «تكـتب بأسلوب مبســط ومصطلحــات سهلة جــداً». وأضافت عهود أن «فاطمة بذلت مجهوداً كبيراً في إعداد هذه الكتيبات، وكانت حريصة على أن تفهم كل نقطة في الكتب الأساسية حتى تستطيع تبسيطها بهذه الطريقة».

وتابعت أن «المذكرات مطبوعة على الكمبيوتر بشكل أنيق، ما يسهل على الجميع تصويرها»، لافتة إلى أن «فاطمة لا تتقاضى أي مقابل مالي». وأبدى عميد كلية القانون في جامعة عجمان، الدكتور خليفة الشعالي، إعجابه بالطريقة التي اتبعتها فاطمــة في تبســيط الكتب، وبمساعدتها المستمرة للطلاب، فضلاً عن جديتها الكاملة في الدراسة. وأكد أنه شجعها على ذلك ولم ينزعج إطلاقاً من إعدادها مذكرة حول كتابه؛ «لأن العلم حق للجميع، ويكفي أنها تجتهد وتحرص على القراءة وإعداد الأبحاث بما يفيدها وينعكس على زملائها».