التصنيفات
إثراءات التوجيه التربوي

البيئة الصفية تستغيث

المقامة الصفية
( البيئة الصفية تستغيث)
د.محمد البحتري
موبايل (5374275 )
البريد الألكتروني / albohturi@hotmail.com

حضرت منذ أيام قليلة حصة في الصف الثامن في مادة النحو، وكان المعلم يراجع مع تلاميذه الفرق بين الاسم والفعل، فذكر لكل منهما علاماته التي تميزه عن الآخر ، ثم طلب منهم أمثلة على الاسم ، فبادر أحدهم قائلاً : الكلب ، ثم قال الآخر : الحمار ، فبدت على زميلي المعلم علامات الخجل والإحراج أمامي ، فتظاهرت بعدم الاهتمام بهذا الأمر ، فانتقل إلى موضوع آخر …..
ولكنّي تذكّرت وأنا أتابع الموقف الصفي البيت الذي بدأ به الشاعر (توفي 249ه ) علي بن الجهم مديحه لأحد الخلفاء في العصر العباسي ، وهو قوله :
أنت كالكلب في وفائك للصحب وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلواً من كبار الدلا كثير الذنوب
الذنوب بفتح الذال الدلو العظيمة)
وتذكّـرت أيضاً حينما همّ الحاضرون وقتها أن يبطشوا بهذا الشاعر الذي لم يحسن استهلال قصيدته ،ولم يرتفع إلى مستوى المجلس ، ولكنّ الخليفة كان حكيما ،فمنعهم ، وقال : أين تعيش يا أخا العرب ؟قال الأعرابي: أعيش مع عجوز وماعز يرعاهن كلب وتيس ، فتوجه إلى وزيره ، وأشراف قومه وقال لهم : ماذا تتوقّعون من هذا الأعرابي غير هذه المفردات ؟ خذوه إلى الرصافة في أطراف بغداد حيث المها والماء والخضرة والوجه الحسن ، ثمّ أحضروه إلي بعد ثلاثة أشهر ، وفعلاً ، عاش شاعرنا الأعرابي هناك بين زقزقة العصافير وخرير المياه ووجوه الحسان من المها والغزلان ، ثم عاد لينشئ بين يدي الخليفة قصيدته الرائعة المشهورة :
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن سلوت ولكن زدن جمراً على جمر
إخوتي المعلمين إننا بحاجة إلى حكمة هذا الخليفة الذي استطاع أن يغير مفردات الأعرابي في مدة قصيرة، من كلب وتيس ، إلى المها والهوى والعيون والشوق ، أفنعجز نحن على تقديم المفردات اللطيفة والعبارات الجميلة إلى أبنائنا التلاميذ ؛ كي تصبح من مخزونهم اللغوي ، أليس من أمثلة الأسماء التي ينبغي أن يسمعها طلابنا منا : الغزال والفرس والحصان ، والوردة والزهرة والنخلة ، والعلم والجمال والسعادة والبسمة …أين هذه المفردات في بيئتنا الصفية ؟
أسمعوا تلاميذكم الكلام الحلو الذي يبعث على التفاؤل والسعادة ، اذكروا لهم الطرائف الجميلة ،والحكم الرشيدة ، وأبيات الشعر التي تغصّ بها دواوين شعرائنا الفحول كالمتنبي، وأبي فراس الحمداني والبحتري الذي استهل مديحه للخليفة بهذه الأبيات الجميلة :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبّه النيروز في غسق الدجى أوائل ورد كنّ بالأمس نوّما
ولا يكفي الإسماع فقط ، بل اجعلوهم يدققون في المفردات الجميلة ، تأملوا معي المفردات اللطيفة التي استخدمها الشاعر البحتري في البيتين السابقين (الربيع – الطلق ضاحكاً- الحسن – الورد … )، دربوا أبناءكم على توظيف المفردات التي تبعث على الراحة والتفاؤل ،كي يستخدموها في جمل مفيدة .. أسمعوهم الحكم الرائعة، والعبارات الطريفة ، والجمل اللطيفة ، ثم اطلبوا منهم بعد اٌقل من ثلاثة أشهر أن يقدموا لكم أمثلة عن الاسم والفعل فلن تجدوهم أقل إبداعاً من شاعرنا الأعرابي علي بن الجهم .
أحبتي المعلمين البيئة الصفية تستغيث ، ونحن أبناء العربية خير من ينجدها؛ لأننا أهل الفصاحة والبيان ،والأقدر على امتلاك المفردات اللغوية الساحرة .
عزيزي المعلم أحسن الاستهلال في بداية حصتك، ودرّب طلابك على إشاعة المفردات اللغوية التي تحرّك المشاعر والأحاسيس ،وتخاطب القلوب والعقول النيّرة ، وخصص لهم في بداية كل حصة فسحة من الوقت كي يدوّن بعضهم عبارة جميلة أو حكمة لطيفة تثري المنهج وتعمقه ، ولابأس أن يكون الصف مزيناً ، فيه اللوحة الفنية المعبرة ، والسبورة المنظمة ، وأوراق العمل التي تحيط بأطرافها الألوان، والعبارات التي تريح الآذان، وتستميل الأذهان .
ألم تعلموا أإخوتي المعلمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد أعجب ببراعة استهلال كعب بن زهير في قصيدته المشهوره ( بانت سعاد ) ،وخلع عليه بردته ؟أم يقل الشارقة إنّ من البيان لسحراً ) ، اقرؤوا إن شئتم في كتب البلاغة حول براعة الاستهلال في الشعر والكلام، وما قاله ابن قتيبة عنها ، واجعلوا ذلك ساعة تنمية ذاتية لكم ، لعلكم تنقذون البيئة الصفية التي تستغيث بكم ، تنقذونها مما يشيع فيها من المفردات الفجّة ، واعملوا بحكمة الخليفة العباسي ،الذي حوّل الأعرابي من جلف خشن المقام إلى شاعر يتغنى بأعذب الكلام . فالكلمة الطيبة صدقة .
من مقامات/ د.محمد البحتري
موبايل (5374275 )
البريد الألكتروني / albohturi@hotmail.com

ما أروعها من مشاركة زميلنا الفاضل ..

فراسة أستاذنا الدكتور قادته إلى تقديم أروع نصائح للمعلمين
في التعامل مع مفردات اللغة الجميلة وكيفية
تعويد الطلاب على استخدامها في الحصة
حتي ترقق من أذواقهم وتسمو بأنفسهم
جزيت خيرا يا أستاذنا على هذه النصائح الغالية

والذي نفسه بغير جمالٍ… لا يرى في الوجود شيئا جميلاً.
والإنسان ابن بيئته ، والموقف الصفيّ جزء من هذه البيئة ، والمقامة الصفية تحتاج إلى راوية -مدرس- ينتقي الكلام كما ينتتقي صاحب الجواهر الدرر ، ولعل في نقل هذا المشهد الصفي على لسان أستاذنا الدكتور البحتريّ ما يؤكد لنا رهافة حسه ، وفطرة ذوقه ،وأصالة التربية الجميلة التي ورثها عن جده أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتريّ والذي كان عند حسن ظن أستاذه أبي تمام حينما نصحه قبل أن يشتهر بشعره فقال له : فإذا أردت النسيب فاجعل اللفظ رقيقا والمعنى رشيقا "العمدة لابن رشيق".
ولعل أستاذنا الدكتور البحتري وقد لا يعلم ذلك الكثيرون أنه مهتمٌ ببيان الوجه التربوي الناصع في أدبنا العربيّ ، ويتضح ذلك من خلال مانقله عن أسلوب الخليفة التربوي في التغيير المنشود الذي أثمر ذلك الشاعر الرقيق القائل : عيون المها بين الرصافة والجسر** جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ..الله اللهَ ويا لَجمال التربية حين تختلط باللغة ، وأعظِم بها من مقامة تموج أدباً وتحوي وتمتلئ أدبا X أدبٍ X أدب … وإلى لقاء آخر مع مقامات البحتري الباهر !!!

أستاذي الدكتور البحتري (من يكن في نفسه جميلا يحب أن يرى كل ما حوله جميلا ):
عندما قرأت كلماتك أحسست أنها تنساب جميلة ناعمة تمس شغاف القلب ؛ لأنها نابعة من قلب محب أشغلته هموم الميدان و أهمه أن يرى القبح قد طغى على الجمال حتى أصبحت الكلمات تنساب على ألسنة طلابنا فجة بشعة لا يلقون لها بالا خاوية من الحس و الذوق ، فأين دور المربي لماذا تقتصر أمثلتنا لطلابنا على جمل خالية من الجمال و من الإحساس ، لماذا لا نقدم لهم أمثلة شعرية من شعر الغزل العفيف و المديح الرقيق و الوصف الأنيق و موروثنا الشعري ثري بها ينتظر المعلم المتذوق الذي يستخرجها و يطلقها من عقالها فهي خير معلم و خير مهذب لأذواق أبنائنا ، فلنجعل لكل حصة دراسية شعارا أو حكمة نعمق بها معانى الجمال في نفوس طلابنا و نقول لهم ( كن جميلا ترى الوجود جميلا ) ، كل التقدير لصاحب الذوق و الجمال الدكتور البحتري .

اقتباس:
عزيزي المعلم أحسن الاستهلال في بداية حصتك، ودرّب طلابك على إشاعة المفردات اللغوية التي تحرّك المشاعر والأحاسيس ،وتخاطب القلوب والعقول النيّرة ، وخصص لهم في بداية كل حصة فسحة من الوقت كي يدوّن بعضهم عبارة جميلة أو حكمة لطيفة تثري المنهج وتعمقه ، ولابأس أن يكون الصف مزيناً ، فيه اللوحة الفنية المعبرة ، والسبورة المنظمة ، وأوراق العمل التي تحيط بأطرافها الألوان، والعبارات التي تريح الآذان، وتستميل الأذهان

<div tag="9|80|” >أستاذنا الدكتور البحتري ها أنت ومن خلال هذه العبارات المقتبسة من مقالتك قد وضعت يدك على الجرح ، المعلم ،نعم المعلم هو أساس العملية التعليمية وما سمعت من طرح للأمثلة السلبية الآ تعبير مباشر من الطلاب عن الملل الذي ينتابهم من أسلوب المعلم ولو عوّد المعلم طلابه على الكلام الجميل لاستشهدوا بالتأكيد بأمثلة جميلة تليق بجمال كلمات مدرسهم الذي عوّدهم على سماعها
ولكن ما سمعت للأسف هو تعبير عن الوجه الآخر للصورة ، أتمنى أن تكون رسالتك الواضحة هذه قد وصلت للجميع لعل وعسى أن تحدث تغيرا ايجابيا في نفوس البعض.

يعطيكم ألف عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااافي
يعطيكم أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأألف عاااااااااااااااااااااااااااااااافيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.