:: الدورة التدريبية :: حدود علاقاتك الاجتماعية::

خُـلق الإنسان اجتماعياً، وهُيِّئت له طرق التواصل مع الآخرين من خلال الحواس الخمس، فغالبية البشر يمارسون التواصل اللفظي، وفئة قليلة –ذوي القدرات الخاصة – يمارسون التواصل بالإشارة كلغة أساسية بديلة. كما أن إجادة التواصل اللفظي تتبعه مهارات أخرى تسهل عملية استقبال المعلومة صحيحة عند الطرف المستقبل، مثل: فهم الذات/ إتقان لغة الجسد / القدرة على التحكم بالانفعالات وحدة الصوت.

سؤال ع الماشي:هل فكرت يوماً بهؤلاء البشر الذين حرموا من نعمة الحوار اللفظي ؟!

وما نوافذ جوهاري ؟
نوافذ جوهاري أداة تحليل سلوك البشر من خلال تقسيم السلوك إلى أربع مناطق أساسية، وفي حال استيعاب عمليات التوازن والترابط بين المناطق الأربع ينضج إدراكنا ويتحقق فهم أفضل للذات ولعملية التواصل مع الآخرين حسب الموقف والأشخاص الذين نتعامل معهم. فهذا صديق وذاك زميل وآخر عدو وغيره رئيس… وهكذا..

نوافذ جوهاري تمثل 4 مناطق: ( انظر الشكل)

منطقة النشاط الحر

منطقة القناع

المنطقة العمياء

وتسمى أيضا بمنطقة وضع النهار أو المكاشفة أو المصارحة، و تمثل هذه المنطقة كل ما تعرفه عن نفسك ويعرفه عنك الآخرون، أي منطقة التعامل المسموح به (وفق حدود معين)

مثال : الزملاء يعرفون عنك اسمك، و ظيفتك، مسكنك، اسم العائلة، يعرفون أيضا أنك مرح أو عصبي أو مزاجي، لديك جوانب تميز أداء أو تفوق علمي، القيم التي تتحلى بها، بمعني أي سلوك ظاهر تعرفه عن نفسك أنت ومن حولك.

نستطيع القول أن زملائك يتنبئون بقدرتك على تحصيل أعلى درجة في الفيزياء، مثلا، من خلال تعاملاتهم اليومية معك في الفصل، ويعرفون أنك تتحلى بقيم أخلاقية تمنعك من قبول الغش في الامتحان.. فلا يضايقونك ولا تُحْرج معهم.

منطقة القناع:

وتسمى المنطقة الخفية أو الحميمية المستترة، تتمثل في السلوكيات التي تعرفها عن نفسك ولكن لا يعرفها عنك الآخرين، ولا تقبل أن تكشفها لأنها تمثل خصوصياتك فهي إذا الواجهة المجهولة من شخصيتيك التي تخفيها وراء الأقنعة المختلفة.

ومثالها: طالبة تعيش أسوأ الظروف العائلية ابتداء من سيطرة الأب إلى إهمال الأم وقسوة الأوضاع المعيشية، ولكن ما أن تدخل الحرم المدرسي حتى تنسى كل الهموم وتتخاطب بشخصية فذة ولا يعرف عن حالها أي شخص، وفي حال اضطرت إلى النقاش فإنها تتحدث بثقة عن الاستقرار الأسري متجاهلة وضعها المرير .

هذه الفتاة لا تكذب – من وجهة نظرها – ولكنها تلبس قناع السعادة فيستعليها المجتمع المحيط ويقدرها سعيدة!

إذا هي تعرف عن حياتها ما لا تريد أن يعرفه الآخرين.

هل لديك مثال؟..

المنطقة العمياء:

وتمثل المنطقة المظلمة بالنسبة لنا والمكشوفة للآخرين، وتضم كل الصفات والخصائص والتصرفات التي تميز سلوكك وشخصيتك ولكنها تفلت من وعيك الشخصي لها، بينما هي بادية للعيان، ويعرفها الآخرون.

من أمثلتها: قلة عدد أصدقائك وعدم استجابة الآخرين لطلباتك، نفور والديك منك، وأنت لا تدري ما السبب.

ويكون السبب الحقيقي أنك غير مهذب في طريقة التعامل معهم، أو عدواني في تصرفاتك، أو مغرور مما يجعل الآخرين ينفرون من التواصل معك وأنت لا تعرف السبب.

لذلك فأن المنطقة العمياء من الأهمية التركيز عليها والاستفادة من التغذية الراجعة التي تحصل عليها من المقربين لأنها المنطقة التي تسهم في تطوير الذات، والأهم أن تتقبل رأي الآخرين في سلوكك (رحم الله امرئ أهداني عيوبي)

هل ممرت بموقف استفت فيه من نصيحة زميلة حول سلوكك في التعامل مع الآخرين؟

المنطقة المجهولة:

تمثل الجانب الغائب أو اللاوعي، ذلك الجانب المجهول في شخصيتنا، فلا أنت تعرف ما تضمنه ولا يعرفه عنك الآخرين، وهي أكثر المناطق خفاء وأحيانا لا بد من مساعدة عيادية للوعي بمحتوياتها.

من أمثلتها: الخوف المرضي (الفوبيا)/ القلق والوسواس

ولا يشترط أن تكون جميع سلوكيات المنطقة العمياء نفسية فقد تكون أحيانا غيبية علمها عند الله.

أسئلة لمن يرغب في المناقشة:

استرجع الذاكرة، هل صادف أن تفوهت يوما بسر شخصي وسيء استغلاله؟

هل صادف أن تعرفت يوما على شخص أحببت التعرف على مكنونات شخصيته، وكنت تحاول وتحاول حتى تقربت منه وفهمت شخصيته؟… هل عرفت أسباب فضولك نحوه؟

نكتفي بهذا القدر في عرض اليوم الأول..

وغدا نتعرف على طرق الاستفادة من نوافذ جوهاري لتحسين علاقاتنا الاجتماعية.

بعد أن تعرفنا على نوافذ جوهاري.. نتعرف اليوم على طرق الاستفادة من النوافذ..وكيف نعمل على التوازن والترابط بين المناطق الأربع لتواصل أفضل مع الآخرين.

وتجدر الاشارة إلى أن أنموذج نوافد جوهاري ينطبق على أنواع البشر كافة، ولكن ما يختلف من شخص إلى آخر نسبة التوسع في منطقة على حساب منطقة أخرى.. وهنا يتبدل السلوك بين الأفراد..

كيف تتم عملية التوسع في منطقة وتتقلص منطقة أخرى؟

(انظر الشكل)

ولاحظ: بتوسيع منطقة النشاط الحر تتقلص منطقتي القناع والمنطقة العمياء..

كيف نفسر ذلك:

أولا: حدود التوسيع:

إن ما يحدث في هذه العملية أننا نحتاج إلى توسيع منطقة النشاط الحر طولاً وعرضاً والدخول على المناطق المجاورة تدريجياً (كما في الشكل) وبناء على رغبتنا في توسيع منطقة النشاط الحر نجد أننا لا نمانع من الانفتاح المرغوب باطلاع الآخرين على بعض الخصوصيات – حسب الشخص والموقف- فنفصح عن ذواتنا، ميولنا، ميزاتنا، نظرتنا للحياة، نعرض مواقف مررنا بها في النجاح والفشل .. بعض المواقف الشخصية… وهكذا..

إن ذلك التوسع يساعد الآخرين خلال للتعامل معنا والانجذاب لشخصياتنا ومن ثم فإننا نسمح بمبادراتهم لمواجهتنا نحو سلوك سلبي في شخصيتنا ولم ندرِ به.

ثانيا: إبقاء القناع:

في حين ننصح بتوسيع منطقة النشاط الحر للاستفادة، إلا أننا نحذر من التعري أمام الآخرين، منطقة القناع حساسة جداً، ولابد من عملية توازن محبوكة فيما ينبغي أن نوسعه وما ينبغي أن نقلصه في هذه المنطقة بحسب الموقف والأشخاص، وبالتالي حذار من مسح منطقة القناع نهائيا .. فتكون صفحة بيضاء أمام الآخرين وتًسقط كل أقنعتك.

فما زال هناك من الخصوصيات الدقيقة التي يجب أن نحتفظ بها لأنفسنا فتقينا تطفّل الآخرين وتحمينا إحراجا نحن في غنى عنه.

كما احذر من المكاشفة والمصارحة من جانب واحد فقط، فأنت بذلك (تؤذي) ذاتك و(تعري) شخصيتك أمام الآخرين، فبقدر ما يكاشف الصديق زد عليه قليلاً فستجده يزيد الكشف عن ذاته، فتزيده أنت عما لديك عن نفسك، هكذا تدريجياً، وبذلك يحدث الانسجام مع الطرف الآخر وتتعمق العلاقة بينكما، فالعملية متدرجة وليست فورية.

ثالثا: التغذية الراجعة:

في الطرف الآخر من عملية التوسع في منطقة النشاط الحر تتقلص المنطقة العمياء، والتي تمثل تقبل الرأي الآخر بسعة صدر وتحليل أراء الآخرين في تصرفاتنا سواء أكانت سلبا أم إيجاباً

افهم ذاتك من خلال انطباع الآخرين عن شخصيتك وتعاملك معهم و مدى تقبلهم لتصرفاتك في مختلف المواقف الحياتية.

بتقليص المنطقة العمياء، ومنطقة القناع تتقلص تلقائياً المنطقة المجهولة وبشكل غير مباشر مما يزيد من سهولة التعامل مع شخصيتك.

نتيجة حتمية (2)

بسعيك في تقليص المنطقة العمياء، ومنطقة القناع أيضا وبذل الجهد في اتجاه توسيع منطقة النشاط الحر (وهي المنطقة المعروفة لي وللآخرين) سوف تتم علاقتك مع الآخرين بدون تشويه أو اضطرابات أو تأويل بحيث تكتسب العلاقة نوعاً من الشفافية المتبادلة.

وهكذا، فمن خلال القيام بهاتين العمليتين في آن معا نحقق الانفتاح على الآخرين، ويحقق الآخرون انفتاحهم علينا، على أن هذا الانفتاح المتبادل ليس بالعملية السهلة، حيث تحتاج إلى الثقة المتبادلة والشعور بالاطمئنان لإسقاط الأقنعة أمام الآخرين والخروج من القوقعة التي تشكل الحماية الذاتية لنا فتبعدنا عن جودة العلاقات.

عــــودة..

نعود للمشهد الأول في الدورة، والطالبة التي أسقطت كل الأقنعة وتحدثت عن كل خصوصياتها في أول لحظة صادفت زميلة هادئة، وكأنها تفش غـل أعوام في لحظة!

هل أحسنت تلك الطالبة التصرف عندما تحدثت عن كل همومها أمام زميلة جديدة وفي أول مقابلة بينهما؟

إن تحليل وضع الطالبة في المشهد لا يدخل ضمن إطار (فش خلق وتنفيس عن هموم).. بقدر ما يدخل في إطار (الجهل في رسم حدود العلاقة مع الآخرين)..

فما رأيكم؟..

(2) كوِّن الانفتاح الايجابي في علاقاتك لتضمن الشفافية والوضوح في التعامل معك.

(3) من بين عشرات الزملاء اختر شخصا واحد فقط ليمثل (بنك أسرارك) فان شاع سرك بين اثنين لن تعرف الوفي من غير الوفي. وتبدأ في رحلة الظنون والشكوك وتخسر علاقاتك الايجابية مع أقرانك.

(4) في حدود العلاقة مع الآخرين ألبس قناعا وتظاهر دائما (بحالة من السعادة/ القناعة/ الذكاء/ …. وكل الايجابيات) ولا تقبل أن يتعرف زملائك على همومك، فالهموم قد تــزال وترحل مع الأيام لكن نظرة الآخرين إليك تبقى سلبية.

لاحظ في ذلك فئة زملائك في المدرسة الذين يمثلون المجالس الطلابية ويمارسون الفعاليات والأنشطة ويلقون كل احترام وتقدير من الزملاء ومن الهيئة التعليمية في المدرسة وكذلك المجتمع، ألا يوجد من بين هؤلاء من آلمه هم وحزن؟!..

بلى.. وبكل تأكيد هناك فئة تعاني أوضاع أسرية أو مادية أو صحية أو اي ظروف أخري.. ولكن الذكاء الاجتماعي يتطلب أن يكون حذرا في الحديث عن خصوصياته المؤلمة.. ويتناساها .. فينساها المجتمع من حولة..

(5) أخرها.. دع الآخرين يرونك في حالة الابتسامة والسعادة والقناعة

واحمد الله كثيرا سرا وعلانية فإنك بذاك تطبع اللاوعي الايجابي في أفعالك..

::++::++::++::

كنتـــــــم مع دورة حدود علاقاتك الاجتــــــــــماعية

مع شكري وتقديري للعاملين على منتديات منطقة الشارقة التعليمية

وخالص الشكر للاعضاء المشاركين..