ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة(FAO) أن تثقيف تلامِذة
المدارس وتوعيتهم بالعادات الغذائيّة السليمة يطرح استراتيجيةً بالغة الفّعالية في الحدّ من نشوء الأمراض المُزمِنة المرتبطة بالغذاء والحِمية، في مراحل العمل اللاحقة، مؤكِّدةً أن هذا الاعتبار قد أهمِل طيلة وقتٍ طويل.
أوضح عزالدين بوطريف، مدير قسم التغذية وحماية المستهلِك، لدى المنظمة في دليلٍ شامل جديد اصدرته المنظمة لتطوير المناهج الدراسية يعالج ثقافة التغذية في المدارس الابتدائية “أن ما لا يدركه العديد من الناس هو أنه بالإضافة إلى كمية الغذاء المستَهلَكة فإن نوعية النظام الغذائي تؤثر تأثيراً حاسماً في نمو الأطفال وصحتهم وقدراتهم على التعلّم. فتناول الطعام ليس مجرد عملية بايولوجية وإنما يعتمد ذلك على عاداتٍ مُكتَسبة وتصوّراتٍ ذات صلة بالبيئة الثقافية والاجتماعية. ولهذا السبب فالتثقيف الغذائي أمرٌ مهم جداً”.
وقال إن التثقيف الغذائي الجيّد يُلقّن الأطفال كيف يمكِنهم مراعاة نظامٍ غذائي مفيدٍ لهم من خلال وسائلٍ محدودة، والاطّلاع على الأساليب السليمة لإعداد الغذاء ومناولة المواد الغذائية تفادياً للأخطار المرتبطة بالأغذية. وكأولياء أمورٍ في المستقبل سيدركون مزايا الرضاعة، والتغذية التكميلية وسيكون بمقدورهم تثقيف أطفالهم بالتالي وتوعيتهم بنُهُج النظام الغذائي المتوازن والتغذية الجيدة.
وأضاف بوطريف قائلاً: “إن التثقيف الغذائي في المدارس من شأنه أن يُساهم في الحدّ من التأثير المكلٍّف للأمراض ذات الصلة بالتغذية لأجيال المستقبل”. وأكد أنه “يتعيّن على الحكومات أن تجعل من التثقيف الغذائي إحدى أولوياتها”.
ولا تقتصر الأمراض المزمِنة ذات الصلة بالنظام الغذائي مثل زيادة الوزن، والبَدانة، والسكّري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب الوعائية على البلدان الغنية وحدها، إذ تتزايد أيضاً في جميع أنحاء العالم نتيجة أساليب الحياة الجديدة وانتشار العادات الغذائية الرديئة.
وعلى الصعيد العالمي الشامل، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية “WHO”، يعاني مليار و600 مليون شخص من زيادة الوزن… وعلى الأقل هنالك نحو 400 مليون شخص مُصاب بالبدانة، ومن بين كل ثلاثة أشخاص يعانون من فرط الوزن والبدانة يعيش اثنان لدى بلدان الدخل المنخفض والمتوسط، علماً بأن الأغلبية منهم تعيش في بلدان الأسواق الناشئة حديثاً والاقتصاديات الانتقالية.
ووفقاً لخبير التثقيف الغذائي بيتر كلاساور، لدى المنظمة، “فلا شك أن الجوع وسوء التغذية يظلان المشكلة الرئيسية لنحو 820 مليون نسمة بالبلدان النامية ممَن لا تتيسّر لهم الوسائل لشراء أو إنتاج غذاءٍ كافٍ وجيّد النوعية”.
وفي رأيه فإن “العَولمة والتنمية الاقتصادية أدخلت أغذيةً جديدة إلى مناطق جديدة، وغيّرت من العادات الغذائية وأنماط الحياة لدى العديد من البلدان النامية أيضاً”. فالهجرة من المجتمعات الريفية إلى المناطق الحضرية، على سبيل المثال، في تصاعُد مما يجعل عدد الاشخاص الذين ينتجون غذاءهم بأنفسهم في تناقُص مستمر ويؤدي إلى اعتماد الأغلبية منهم على إمدادات الأغذية التجارية. لذا، فإن التثقيف الغذائي في المدارس الابتدائية سبيلٌ فعَّال لتعزيز التغذية الجيدة والترويج لها.
ويستهدف دليل المنظمة الجديد لتطوير مناهج التدريس، مسؤولي الوزارات، والمدرّسين، وخبراء التغذية، وخبراء الصحة، وغيرهم من المعنيين بتخطيط برامج التثقيف الغذائي للمدارس الابتدائية. وحتى إن تناول الدليل أساسيات التغذية الصحية السليمة فهو ليس أداةً تعليمية مساعِدة لمادة التوعية التغذوية بالتحديد.
وبالأحرى، فالدليل يضمّ جملةً من الموارد تتألف من ثلاثة عناصر هي: كتابٌ يشرح الأفكار والمراحل الرئيسية لمجالات التغذية والصحة والتربية والتعليم؛ مجموعة جداول عملية مخصّصة للتخطيط المرحلي للسياق الكامل للتثقيف التغذوي؛ رسمٌ بياني منهجي للتدريس يُدرِج أهداف التثقيف الغذائي في المدارس الابتدائية للبُلدان النامية.
دمتي لنا ولمنتدانا الغالي