التصنيفات
الصف العاشر

خصائص الجماعات – عاشر ف2

هذا المضوع عجبني أنشاء الله تستفدون
خصائص الجماعات

الجماعة Population :
مجموعة أفراد من نفس النوع ( ذات قرابة تصنيفية واحدة ) تعيش في موضع معين وبزمـن معين وتكون هذه الأفراد قادرة على التكاثر فيما بينها . وتمتلك هذه الجماعة مورثات تشكل القاعدة الوراثية لتلك الجماعات وتوزع المورثات بين أفراد الجماعة الواحدة يكون مشتركاً .

ولا بد من التذكير بأن المساكن أو المواقع المناسبة لاستقرار نوع ما هي في الأغلب منفصلة أو منعزلة ، وبهذا فإن النوع يتكون من مجموعة جماعات . وتظهر لدى الجماعة خصـائص وصفــات مميزة لنشأتها وتركيبها ، كالكثافة والتنفس بين أفرادها ، ومعدل الولادات ومعدل الوفيات ومعدل النمو … الخ . أما لفظة أو مصطلح مجّمع Populment فيطلق على مجموعة أفراد ( جماعات ) عدة أنواع تشغل أرضاً أو موقعاً محدداً . ومن وجهة بيئية ، فالمجتمع هو جميع الجماعات المتواجدة في مساحة معينة كالغابة أو المستنقع … الخ .

وأبرز صفات المجتمع هي ظهور ما يسمى بالمستويات الغذائية ( السلاسل الغذائية والشبكات الغذائية ) وتطلق على الدراسـات التي تهتم بتفسير تغيرات غزارة الأنواع في الشروط الطبيعية تعبير ديناميكية الجماعات ، التي لها أهمية كبيرة سواء من وجهة النظر النظرية أو التطبيقية ، كالتنبؤ بزمن تكاثر الأنواع الضارة مثلاً واستخدام المكافحة الحيوية في الوقت المناسب . ومن أجل تفسير هذه التغيرات فإنه من الضروري معرفة تأثير العوامل اللاإحيائية المسـيطرة في كل وسـط من الأوساط المدروسة .

وتجدر الإشارة إلى أن تلك التغيرات في الجماعة يمكن أن تكون أيضاً ناجمة عن تحريض وراثي ، لهذا يجب أن نتحرى عن وراثة الجماعة .

وسنعرض فيما يلي أهم خصائص الجماعة :
1 ـ الكثـافــة :
وهي عدد الأفراد الموجودة في وحدة معينة من سطح أو حجم خلال فترة زمنية محددة ، ويُعدّ تحليلها أمراً مهماً جداً لأن تأثير نوع ما في أي نظام بيئي يعتمد في جزئه الأكـبر على كثافة ( غزارته ) . أما طرائق تعيين الكثافة فهي متنوعـة وتختلف حسب الجمــاعات المدروسة ، ونميز من تلك الطرائق ما يلي :
أ ـ العد المباشر للجماعة :
كأن نعد ثدييات حقل مكشوف أو كأن نعد الطيور عن طريق الأعشاش التي تبنيها وبخاصة لدى طيور البحر التي تعيش في الفوالق . إن الإحصاء الكلي لجماعات النوع أمر نادر لأنه عمل طويل ومكلف ولا يتم هذا عادة إلا في بعض الأنواع النادرة أو التي في طريقها إلى الانقراض ، وتستخدم عادة لأجل عملية العد المباشر الطائرات ذات الطيران المنخفض والبطيء والتصوير الجوي وذلك لإحصاء بعض الأنواع الهوائية من الثدييات وبعض الطيور . كما يمكن اللجوء إلى طريقة العد المباشر لبعض الحشرات ، ونذكر مثالاً على ذلك : أن كثافة مستقيمات الأجنحة في جبال الألب قدرت بفردين في المتر المربع الواحد . وان الضباء في أمريكا قدرت عام 1949م بـ 29.940 فرداً في مساحة 100.000 كم2 .

ب ـ طريقة القبض وإعادة القبض :
لتكن جماعة N فرداً ، فإذا كان عدد الأفراد M التي تم القبض عليها والتي وسمت بطريقة ما ( حلقة ، خاتم ، عنصر مشع ) ثم أطلق سراحها عشوائياً ، ومن ثم أعيد اصطياد مجموعة منها m ومنها غير معلمة u فيكون :

مفترضين بذلك أن الجماعة مستقرة وغير مهاجرة وبدون وفيات أو ولادات . وقد طبقت هذه الطريقة على الطيور وبعض الحشرات والأسماك وبعض الثدييات . وعادة لا تطبق هذه الطريقة إلا إذا كانت N, m, u, M بأعداد كبيرة .

جـ ـ طريقة العينات :
تختلف الطريقة باختلاف الأنماط والمواقع المدروسة . ففي البيئة البرية أو اليابسـة نأخــذ مثلاً حـالة مفصليات الأرجل التي تعيش إما على الأعشاب أو على الأشجار .

ـ في حالة النباتات العشبية :
يتم أولاً تحديد المساحة المطلوبة وذلك حسب الأنماط الحيوانية المراد دراستها ، فتحدد بـ 5 م2 للحيوانات ذات القامة الكبيرة ، وبـ 1 م2 للحيوانات صغيرة القامة . يقص كل العشب في المساحة المعينة ويفحص جيداً وبعناية وتقلب الحجارة وتنبش التربة لذلك يلزم للقيام بذلك 4 أشخاص للمتر المربع الواحد و 12 شخصاً للـ 25 م2 و24 شخصاً للـ 100 م2 . وتعّبر عن النتائـج الحاصـلة إما بعدد الأفراد أو بالوزن ( الكتلة الإحيائية Bio-mass ) للأنواع الأخرى .

ـ في حالة الأنواع التي تعيش على الأشجار :
تُهز الأغصان فوق بساط من الكتان عادة بمساحة 1 م2 وبهذه الطريقة تتساقط فقط مفصليات الأرجل غير القادرة على الطيران ، وقد أشار عدد من الباحثين إلى إمكانية وضع الغصن المعني في كيس كبير من الكتان وإغلاقه بعد وضع مادة مخدرة فيه ثم إحصاء الأنواع الموجـودة على الغصن . وفي حـالة الحيوانــات الصـغيرة ( الحشرات مثلاً ) والتي يصعب مسكها باليد أو الملقط فتشفط عن طريق أدوات بسيطة ( الشفاط ) وهو عبارة عن وعاء زجاجي شفاف له سدادة من المطاط أو الفلين مزودة بمخرجين يرتبط بهما أنبوبين من البلاستيك أحدهما يوضع في الفم والثاني بالقرب من الحشرة المراد شفطها ، أما الحشرات أو الحيوانات التي تعيش في التربة فيلجأ إلى استخدام مسبار التربة .

تقنيات التفخيخ :
هناك أفخاخ خاصة للثدييات كالقوارض مثلاً ، وأخرى لبعض مفصليات الأرجل أبسطها يتم بوضع أوعية في التربة بحيث تكون حافتها العلوية على مستوى التربة . ويوضع فيها مواد حافظة كالكحول بحيث يقتل الحيوانات المتساقطة فيها ويحفظها من التلف ، وقد لا توضع المواد الحافظة فيما إذا أردنا الإبقاء عليها حية بغية وسمها وإطلاقها ، وهناك أفخاخ على شكل شريط لاصق أو الضوء أو الأشعة فوق البنفسجية .

أخذ العينات في الماء العذب :
أ ـ العوالق Plancton :
إن أخذ العينات من أجل الدراسة الكيفية أمر سهل ولكنه صعباً عندما يكون الهدف هو الدراسة الكمية . وهناك أنماط متعددة من شباك البلانكتون ، ويلجأ عادة في حالة الأبحاث إلى رفع كمية معلومة من الماء ( سطل ) وسكبه فوق منخل ذي فتحات مناسبة تحتجز العوالق النباتية والحيوانية .

ب ـ القاعيات Pentose :
ويتم باستخدام جرّافة ، وهناك طرائق متنوعة لجمع العينات وأبسطها يتم باليد إذا كان العمق مناسباً أو عن طريق سحبها بالقارب . أما الأسماك وبعض القشريات الكبيرة فتستخدم شبكات الصيد .

أخذ العينات في مياه البحر :
من أجل أخذ عينات من وسط بحري تستخدم بالنسبة للعوالق شبكة البلانكتون ، إذا كان الجمع في المياه السطحية ، أما في الأعماق فتستخدم قوارير nansen الخاصة التي ترسل بحبل إلى العمق المراد دراسته ، ويمكن أن تفتح القوارير وتغلق بواسطة حبال خاصة . وفيما يخص القاعيات البحرية فإنه يمكن جمعها باليد مباشرة عند الغوص ، أو عن طريق الجرافات .

الطرائق غير المباشرة في تعيين الكثافة :
1 ـ تعداد الجحور للقوارض وبخاصة الصحراوية منها ، حيث الجحور الفردية أي أن لكل حيوان جحر خاص به .
2 ـ إغلاق فتحات الجحور ومراقبة ما قد أعيد فتحه منها . ويلجأ أحياناً إلى عد جذور بعض النباتات الملقاة على الأرض بالنسبة للفئران والأرانب .

2 ـ معدل النمو الذاتي الطبيعي للجماعة :
نسبة الولادات (Natality) :
يقصد بنسبة المواليد (Natality) القدرة التكاثرية للجماعة ، أو في عبارة أخرى معـدل الزيـادة في تعــداد الجماعــات (Populations) ، ويعتمد معدل المواليد (Birth Rate) على السعة التكاثرية (Reproduction capacity) للنوع ، وتتوقف السعة التكاثرية أو الطاقة التكاثرية للنوع على عوامل وراثية حيث تختلف أنواع الكائنات الحية في درجة الخصوبة ، هذا ، وتؤثر العوامل البيئية مثل وفرة الغذاء ونوعه والأعداد الطبيعية والعوامل الفيزيائية على السعة التكاثرية للأنواع المختلفة . ومن ثم يمكن تقسيم معدل المواليد إلى :
ـ مـعدل الولادات الفسـيولوجية : وهي التي تكـون تحت ظروف بيئية مناسبة المثلى .
ـ مـعدل الولادات البيئية : وهي التي تكون تحت الظروف البيئية الطبيعية .

نسبة الوفيات (Mortality) :
نسبة الوفيات هي معدل الموت في أفراد الجماعات ، وعادة ما يتم التعبير عن معــدلات المــوت في الأعمــار المختلفة بمنحنيـات الحيــاة العمــــرية (Age Specific Survivor-ship Curves) والتي تعبر عن معدلات الوفيات في الأعمار المختلفة . وهي تنقسم إلى :
ـ معدل الوفيات الفسيولوجية : وهي التي لا تحدث إلا نتيجة الكبر .
ـ معدل الوفيات البيئي : وهي التي تكون تحت التأثير العوامل البيئية .

إن القدرة الحيوية الكامنة في النوع لا يمكن إدراكها في الظروف العادية ، لذلك نجد أن الجماعة تزادا بالسرعة التي تستطيعها إذا لم تقاوم عوامل أو شروط الوسط الفيزيـائية والكيميـائية المختلفة التي تحـد أو تمنـع تزايدها . فمـثلاً نوع البكتيريا Bacillus coli ينقسـم كل 20 دقيقة ، وبذلك يمكن أن يعطي نظرياً خلال 36 ساعة كتلة تغطي سـطح الكـرة الأرضية بطبقة مستمرة إذا أتيحت لها الشـروط المناسبة لحياتها . والبراميسيوم الذي ينقسم كل 4 أيام فإنه يشكل نظرياً كتلة بروتوبلازمية بحجم 10 أضعاف الكرة الأرضية . ويعطي زوج من حشرة الفيلوكسيرا Phylloxera في عام واحـد من 1011ـ1018 فــرداً . وتعطي الأسـماك ملايين البيوض في الإباضة الواحدة ، وهناك الكثير من الطيور لا تبيض إلا 5ـ6 بيضات في السنة ، ومع ذلك يمكنها أن تعطي ذرية تبلغ 10 مليون فرد خلال 15 سنة ، وحسب داروين فإن زوج من الفيلة يعطي 19 مليون فيل خلال 740ـ750 سنة .

وهكذا نجد أن زيادة عدد أفراد الجماعة إذا لم يكبح فإنه سيتم وفق متوالية هندسية وتوافق هذه الزيادة بما يسمى مفهوم الكمونة الحيوية أي معدل النمو أو الزيادة الكامنة الذي لا يتحقق أبداً ـ كما أشرنا ـ في الطبيعة . بل نجد معدّل النمو أو الزيادة الحقيقية للجماعة مرتبط بمجموعة من عوامل الوسط التي تحد من الزيادة كعدم توفر الغذاء الكافي والمكـان المناســب والأمراض المختلفة وحوادث التطفل والافتراس وغيرها . وهنا لابد من الإشارة إلى معدل الوفيات إذا بقي أقل من معدل الولادات فإن الجماعة ستنمو بمعدل متزايد ، ولكن هذه الزيادة ستؤدي إلى ظهور شروط غير مناسبة للجماعة المعنية حيث ستلعب عوامل الكثافة ـ كما سنرى لاحقاً ـ دوراً مهماً وسيتناقص بالتالي معدل نمو الجماعة المدروسة حتى يصل إلى الصفر تقريباً وذلك عندما تصل الجماعة إلى حجمها الأعظمي في الموقع الأحيائي المعني ، أي تصل إلى حالة من الثبات النسبي مع بعض التذبذبات صعوداً أو هبوطاً .

يُعبر عن معدل النمو r بأنه الفرق بين معدلات الولادات b ومعدل الوفيات d أي r = b-d وإذا اعتبرنا أن N هي عدد أفراد الجماعة ، وt الفترة الزمنية التي حصل فيها النمو فإن :
التغير في عدد الأفراد = معدل النمو × عدد الأفراد
التغير في الزمن

أي أن معدل النمو هو عبارة عن التغيرات التي تطرأ على أفراد الجماعة خلال وحدة زمنية منسوبية إلى تعداد أفرادها الأصلي ، وهذه العلاقة البسيطة هي القاعدة الأساسية لديناميكية الجماعة .

وكما ذكرنا سابقاً فإن نمو الجماعة بدون تدخل عوامـل الوسط هو نمو غـير محدد أو أسي ، ولكن هذه الفرضية غير واقعية ولابد من إدخال معامل تصحيح إلى العلاقة السابقة أخذين بعين الاعتبار كثافة الجماعة والمقاومة البيئية وبالتالي يصبح منحنى النمو نسبي . ومعامل التصحيح هو : حيث K : هي أعلى عدد من الأفراد يمكن أن يتحمله الوسط ، أو حجم الجماعة الأعظمي في المنطقة المدروسة . وهذا ما نسميه قابلية الإعاشة ، وهنا تصبح العلاقة السابقة كما يلي :

وهذه معادلة تفاضلية ، لحلها نبحث عن عامل تكميل K . ويفترض هنا أن معدل النمو يزداد بشكل عكسي مع عدد الأفراد N وعندما يقترب عدد أفراد الجماعة من الحد الأقصى K فإن قيمة معامل التصحيح تتناقص وبالتالي يقل معدل النمو وهكذا إلى أن تصبح N = K حيث يكون معدل النمو عندها صفراً .

وكلما كانت العوامل البيئية أفضل اقتربت N من K والعكس بالعكس . وهنا نتبين دور العوامل البيئية وهو ما يسمى مقاومة المحيط لنمو النوع (المقاومة البيئية) ، كما أن قيمة r تختلف باختلاف الأنواع ومقدار أقلمتها مع الوسط الذي تعيش فيه ، وتختلف أيضاً ضمن النوع باختلاف العوامل البيئية التي تسيطر على الوسط الذي تعيش فيه .

وأخيراً ، هناك مجموعة من العوامل التي تحـول دون التكاثر بالشكل الأسي ، وتجعله من الشكل النسبي ومنها :
1 ـ القدرة القصوى على التكاثر ثابتة لكل نوع ولا يمكن زيادتها .
2 ـ تختلف الإناث في قابليتها للتكاثر .
3 ـ اختلاف التكاثر باختلاف العوامل البيئية .

3 ـ توزع الأعمار والنسبة الجنسية :
يمتاز كل مجموع بتباين أعمار الأفراد التي تكونه ، فمثلاً قسمّت الحشرات في هذا المجال إلى مجموعة من الأطوار تبدأ بالبيضة ثم اليرقة التي تمر بمجموعة من الأعمار تتحـدد بإنسلاخـات لتتحول أخيراً إلى طور العذراء التي ستعطي الحشرة الكاملة .

أما النسبة الجنسية فيقصد بها نسبة الإناث إلى الذكور في مجموعة أفراد الجيل الواحد ، وتُحسب على أساس نسبة الإناث إلى المجموع العام . والمهم في ذلك هو نسبة الإناث ، وعلى ذلك فليس بالضرورة تواجد الذكور بعدد مساوٍ لعدد الإناث ، وكلما كانت نسبة هذه الأخيرة أعلى كانت الكفاءة التناسلية أكبر . وابسط النسب الجنسية هي 1 : 1 أو قد يفوق عدد الإناث عدد الذكور أو العكس .

وعندما تُحدد أعمار مختلف الأفراد في مجموع ما ، فإنه يمكن أن نحصل على ما نسميه بالجداول الحياتية ، وأهرامات الأعمار ، ومنحنيات البقاء .

منحنيات البقاء :
1 ـ نمط المنحنى الهابط في حـالة المحـارات ( ذوات المصراعين ) والكثـير من الطيور والأسماك واللافقاريات :
وتمتاز أفراد تلك المجموعة بوفيات كبيرة في المراحل الفنية لتقل بعدها الوفيات ولكنها تتم بصورة بطيئة والمنحنى هابط .

2 ـ نمط المنحنى المستقيم كما في حالة الهيدرا :
ويمتاز بأن معدل الوفيات يبقى ثابتاً طيلة فترة الحياة وعندها يكون المنحنى على شكل مستقيم .

أهمية منحنيات البقاء :
تقدم منحنيات البقاء فوائد جمة للباحثين إذ تسمح لهم بمعرفة العمر الذي يكون فيه النوع قابلاً للعطب وعندها إذا تدخل الإنسان فإنه يتمكن من أن يعّدل من الوفيات أو الولادات زيادة أو نقصاناً ويتم التدخل عادة في الطور الأشد عطباً أو هشاشية . ولها تطبيقات عملية في مكافحة الحشرات الضارة ، أو في حسن استغلال الصيد فدراسة عوامل الوفيات ستكون إذاً ضرورية من أجل تفسير تغيرات الجماعة .

أهرامات الأعمار :
نشير أولاً إلى أن معدل الولادات والوفيات يتغير كثيراً مع العمر وبالتالي فإن النسبة المئوية لمختلف صفوف الأعمار في جماعة ما ستؤثر كثيراً في تزايدها ويمكن أن نميز في حياة الحيوان ثلاث فترات هي : فترة ما قبل التكاثر ـ فترة التكاثر ـ فترة ما بعد التكاثر التي يمكن أن تكون أطول فترات الحياة لدى بعض الأنواع مثل ذبابة أيار Ephemera التي تستمر نحو سـنتين لتتكاثر خــلال يوم واحـد لتموت بعدها بفترة واحـدة . أما بالنسبة للسـيكادا Cicada أو زيز الحصاد الأمريكـي الذي يعيش نحو 17 سنة في الحالة اليرقية فإن أهرامـات العمـر تسمح بالحصول على تمثيل مفيد . ويمكن أن نحصل على ذلك بتطبيق مستطيلات لها نفس الارتفاع ( العرض ) لكن بطول يختلف حسب عدد أفراد كل صف أو كل مجموعة عمر بحيث توضع الذكور والإناث إلى جانبي المتوسط . ويمكن أن نحدد أهرامات عمر بالنسبة لصفوف مراحل التكاثر أي قبل وأثناء وبعد التكاثر حسب أحد النماذج التالية :
نموذج أ :
نموذج بقاعدة واسعة وبنسب كبيرة من الصغار وهي تميز الجماعات ذات النمو السريع ، ويكون شكل الهرم مثلثي .

نموذج ب :
المتوسط مع نسب معتدلة من الصغار وتميز الجماعات الثابتة عددياً ويكون شكل الهرم جرسي .

نموذج جـ :
بقاعدة ضيقة متضمنة أفراداً معّمرة أكثر من الأفراد الفتية وهي تصف أو تميز الجماعات الهابطة أو المنحرفة أو التي بطريقها إلى الزوال ، ويكن الهرم بشكل فطر شكل ( 5 ) .

3ـ5 شكل النمو :
تتميز كل مجموعة بنموذج خاص من النمو وتسمى هذه النماذج " أشكال أو منحنيات النمو للجماعات " يوجد نموذجان رئيسيان من هذه المنحنيات هما : منحنى النمو على هيئة J ـ منحنى النمو على هيئة S ، الشكل ( 6 ) .

وفي المنحنى على هيئة J تزداد الكثافة بشرعة بشكل " أسي " أو على غرار الفائدة المركبة ثم تتوقف فجأة عندما تصبح مقاومة المحيط ملموس مثل الغذاء أو البرد أو أي عامل فصلي . ويمكن أن يمثل هذا الشكل من النمو بالنوذج البسيط :

حيث يوجد نهاية محددة في N و r هي قيمة معدل النمو .

أما في المنحنى بشكل S فإن نمو المجموعة يكون بطيئاً في البداية ثم يصبح سـريعاً كما في الشكل السابق ويتباطأ بعد ذلك تدريجياً حتى نصل إلى نوع من التوازن . إن هذا الشكل من النمو يمكن أن يمثل بالنموذج التالي :

حيث K ثابت ويشكل خطاً مقارباً .

ومن الجدير ذكره أنه في المنحنى بشكل J لا يوجد توازن نهائي إلا أن النهاية في N تمثل الحد العلوي الممكن للنمو والمفروض من قبل الوسط . هذا وإنه من الممكن أن يحدث انخفاض فجائي بعد هذه النهاية . إن المنحنى بشكل J هو مميز لكثير من الجماعات في الطبيعة مثل الأشنيات والنباتات الحولية وبعض الحشرات ( نمو حشرة التريبس على شجيرات الورد ) .

إن المنحنى بشكل S ينتج عن التأثير المتزايد للعوامل المحيطة المقاومة للنمو . أي بعكس المنحنى بشكل J حيث تظهر مقاومة المحيط للنمو فجأة بالقرب من النهاية . إن نمو عدد كبير من المجموعات . والتي تمثل كائنات حية دقيقة ونباتات وحيوانات سواء في الطبيعة أو في المختبر . يتبع المنحنى بشكل S . هذا وإن هذا المنحنى بشكل S ينطبق بشكل خاص على نمو الكائنات الحية التي تتميز بتاريخ حياة بسيطة .

وكمثال على ذلك أدخلت الأغـنام لأول مـرة إلى جزيرة تاسمانيا بالقرب من استراليا في عام 1800م وقد سجلت كل الولادات بدقة . وقد اتضح من ذلك أن عدد الأغنام قد اتبع المنحنى بشكل S ، كما أن الجماعة قد وصلت إلى الخط المقارب في عام 1850م تقريباً وثبت العدد تقريباً على 1700.000 رأساً تقريباً مع تغيرات بسيطة فوق أو تحت هذا العدد نتيجة لتغيرات العوامل المناخية نفسها شكل ( 7 ) .

3ـ6 تأرجحات الجماعة Population fluctuations :
وجدنا في الفقرة السابقة أن الجماعات تميل إلى الوصول إلى نوع من التوازن في منحنى النمو . وقد دلت الدراسات العديدة أن كثافة الجماعة تتأرجح تحت وفوق الخط المقارب كما ظهر ذلك في مثال ازدياد الأغنام في تاسمانيا . يمكن أن تنتج هذه التأرجحات عن التغيرات التي تطرأ على العوامل المناخية أو عن علاقات متبادلة بين أفراد الجماعة أو بين الجماعة وجماعات أخرى . وإن أهم أسباب التأرجحات تتعلق بعوامل ترتبط بالكثافة مثل التنافس والافتراس والتطفل والتغذية والأمراض من جهة وبعوامل مستقلة عن الكثافة مثل تغيرات العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والإضاءة والأمطار … مثل موجات البرد أو موجات الجفاف التي تحدث من وقت إلى الآخر .

3ـ7 انتشار الجماعة Population dispersal :
إن انتشار الجماعة هو حركة الأفراد ( أو البذور ، الأبواغ ، اليرقات … الخ ) داخل أو خارج الجماعة أو المساحة التي تحتلها الجماعة . تأخذ هذه الحركة ثلاثة أشكال :
1 ) حركة باتجاه واحد خارج الجماعة emigration أو الهجرة الخارجية .
2 ) حركة باتجاه واحد داخل الجماعة أو الهجرة الداخلية Immigration .
3 ) حركة دورية من ذهاب وعودة أو " الهجرة الدورية " migration .

إن الهجرة الدورية تحدث عند الكائنات المتحركة مثل الفقريات والحشرات . إن انتشار الجماعة يكمل الولادة والوفاة في إعطاء شكل النمو والكثافة الخاصين بكل جماعة . في غالب الأحيان فإن بعض الأفـراد ( أو مـواد التكاثر ) تدخل أو تخرج باستمرار من الجماعة . وغالباً فإن هذا النموذج التدريجي من الانتشار لا يكون لـه إلا تأثير ضعيف في الجماعة ككل ( وخاصة إذا كانت وحدة القياس عند الجماعة كبيرة ) وذلك إما لأن الهجرة إلى الداخل تعادل الهجرة إلى الخارج أو لأن الربح يعادل الخسارة نتيجة تغيرات في الولادة والوفاة . وفي بعض الحالات فإنه يمكن أن تحدث هجرة جماعية مسببة تغيرات سريعة وما يتبعها من تأثيرات مناسبة في الجماعة .

إن الانتشـار يتأثر كثيراً بالحواجز وبالقدرة الحركية الذاتية للأفراد أو لنواتج تكاثرها ( بذور ، أبواغ ) . إن العصافير والحشرات لها قدرة كبيرة على الانتشار وكذلك فإن الثمار المجففة ( مثل ثمار القيقب والصنوبر ) والبذور ذات الاوبار الطويلة هي سهلة الانتشار .

إن الهجرات الفصلية والنهارية للحيوانات تسمح باحتلال مناطق كان يمكن أن تكون غير ملائمة لولا الهجرة كما تسمح للحيوانات بأن تحافظ على معدل عال من الكثافة ومن الحيوية . إن الجماعات التي لا تهاجر عادة غالباً ما تضطر إلى التخفيض من كثافتها أو تدخل في مرحلة ركود خلال الفترات غير الملائمة للنمو .

هناك عصافير وأسماك تهاجر إلى مسافات بعيدة جداً . إن هذه الهجرات البعيدة والشديدة التنظيم تشكل حقلاً واسعاً للتجارب والأبحاث إذ أن أسبابها لا تزال غير معروف تماماً . ويبدو أنه من المؤكد بأن الحيوانات لا تستجيب للقوى المغناطيسية الأرضية . إلا أنه يبدو أيضاً أن العصافير والحشرات تتأثر بالضوء وتستعمله بشكل وصلة ضوئية .

3ـ8 انتقال الطاقة داخل الجماعة :
إن معرفة انتقال الطاقة ( أي نسبة التمثيل ) داخل جماعة معينة يعتبر من أهم الأسس وأكثرها أمانة من أجل : تقدير التأرجحات الملاحظة في الكثافة من جهة ومن أجل تحديد الدور الذي تلعبه جماعة ما داخل المجتمع الحيوي الذي تنتمي إليه من جهة أخرى . وقد وجد في بحث النظم البيئية أن دراسة انتقال الطاقة هي أكبر دقة من دراسة الأعداد ودراسة الكتلة الحية . إذ أن دراسة الأعداد تضخم أهمية الكائنات الصغيرة . كما أن دراسة الكتلة الحية تقلل من أهمية هذه الكائنات . إن ما ينطبق على النظام البيئي ينطبق على الجماعة أيضاً .

3ـ9 التوزع المكاني للجماعة Repartition spatiale :
إن الأفراد التي تكون جماعة معينة تتوزع في المكان بأنماط مختلفة تعكس ردود فعل هذه الأفراد تجاه التأثيرات الخارجية المختلفة مثل البحث عن الغذاء أو عن شروط فيزيائية مناسبة أو نتيجة للتنافس . من المفيد معرفة نمط توزع الكائنات الحية لا سيما عندما يراد تقدير كثافة الجماعة .

فمن الضروري مثلاً أن تكون المساحة المستخدمة للتقدير كبيرة في حال الأفراد المجتمعين . لنفرض أنه تم أخذ (n) عينة . فإن سمينا (m) متوسط عدد الأفراد في كل عينة . فإن التباين (s2) variance يعطي من المعادلة التالية :

يكون التوزيع للأفراد منتظماً إذا كانت قيمة (s2) تساوي الصفر إذ أن عدد الأفراد في كل عينة هو ثابت ويساوي المتوسط . وفي حال التوزيع العشوائي تكون قيمة المتوسط (m) وقيمة التباين (s2) متساويتين . أما في حال التوزيع بشكل مجموعات فتكون قيمة (s2) أعلى من المتوسط (m) هذا وأن قيمة (s2) تزداد أكثر فأكثر كلما زاد ميل الحيوانات نحو التجمع .

ولذلك فإنه يمكن معرفة نمط التوزيع المكاني للجماعة عن طريق مقارنة قيمتي (s2) و (m) . فإذا كانت النسبة m/s2 يتجه نحو الصفر يكون التوزيع منتظماً . وإذا كانت هذه النسبة تتجه نحو الواحد يكون التوزيع عشوائياً ، أما إذا كانت النسبة أعلى من واحد فيكون التوزيع بشكل مجموعات .

إن التوزيع المنتظم نادر في الطبيعة وهو ينتج عادة عن تنافس شديد بين أفراد الجماعة ، كما هو الحـال بالنسبة للأسماك اللاحمة . أما التوزيع العشوائي فلا يلاحظ إلا في الأوساط المتجانسة وعند الأنواع التي ليس عندها ميل نحو التجمع . كما هو الحال في توزيع حشرة الأرقة pucerons في الحقل خلال الفترة الأولى من الغزو وعندما تكون الكثافة منخفضة . إن بيوض الحشرات واليرقات الفتية الناتجة عنها تتوزع عادة بشكل عشوائي ولكن عندما تكبر اليرقات فإنها تميل إلى التجمع . وقد ثبت ذلك عن اليرقـات الدودة البيضــاء Amphimallo majalis ويرقــات الحشـرة Pieris rapae . هـذا ومن الجـدير الإشـارة إليه أن التبدلات التي تطرأ على كثافة الجماعات تؤثر في نمط توزيعها الذي لا يبقى توزعاً عشوائياً . فعندما تتكاثر الارقة في حقل ما . فإن توزعـها يصبح بشكل مجموعات . والحال نفسه يصادف عند يرقات Pieris eapae .

إن التوزع بشكل مجموعات هو الأكثر انتشاراً على الإطلاق . وهو ينتج عن تبدلات طفيفة في العوامل البيئية إلا أنها هامة بالنسبة للكائن الحي أو عن سلوك هذه الكائنات الحية . هذا وإن المجموعات يمكن أن تتوزع أيضاً عشوائياً أو مجتمعة . وعلى هذا فتتوزع الجماعات في المكان عادة وفق أنماط ثلاثة هي :
أ ـ التوزع المتجانس :
وينجم على الأغلب من منافسة حادة تحدث بين مختلف الأفراد وهذا أمر نادر أو غير شائع في الطبيعة ، نذكر منها توزع السمك الشائك الظهر الذي يمتاز بأنه يعيش منفرداً وبالتالي يكون توزيعه متجانساً وكذلك توزع فأسـي القدم الذي يعيش في بعض الشواطيء ( رمال المانش ) .

ب ـ التوزع العشوائي :
يمتاز بأنه لا يخضع لنظام معين ويظهر لدى الأنواع التي ليس لها أي ميل للتجمع ونذكر كمثال عليها توزع خنفساء الدقيق في وسط أو حقول زراعة الحبوب .

جـ ـ التوزع على شكل مجموعات :
وهو ما يبدو الأكثر انتشاراً وينجم غالباً عن تغيرات طفيفة في خصائص الوسط أو نتيجة تغيرات في سلوكية هذه الحيوانات أو للعلاقـات الاجتماعية للحيوانـات فيما بينها . ويمكن لهذه المجموعات الحيوانية أن تعود وتتوزع على شكل مجموعات جديدة بطريقة الصدفة ، وهي على نظامين :
ـ توزيع المجموعات المنتظمة .
ـ توزيع المجموعات العشوائية ( شكل 8 ) .

العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية
" العوامل الحيوية "

هناك نمطين من العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية التي تعيش في منطقة بيئية معينة :
1 ـ العلاقات بين أفراد النوع الواحد .
2 ـ العلاقات بين أفراد تابعين للأنواع مختلفة .

العلاقات ضمن النوعية ( بين أفراد النوع الواحد ) :
Intraspecific Relatioships (Within the Species)
التكاثر Reproduction :
يعتبر التزاوج من أهم العلاقات ضمن النوعية لأنه الوسيلة لحفظ النوع واستمراره في الأنواع المتكاثرة جنسياً . والخطوة الأولى والأساسية في التكاثر هي العثور على فرد من الشق الآخر ( الجنس الآخر ) للقيام بعملية التزاوج ، ويتم التقاء الذكر والأنثى في عالم الحيوان بعدة طرق منها :

الفيرمونات (Oheromones) :
وهي مركـبات كيميـائية تفـرزها إنـاث بعض الأنواع مـثل بعض أنواع الحشـرات ، وينجذب الذكـر إلى روائـح تلك الفيرمـونات فيتعرف على مـكان الأنثى ( مصدر الرائحة ) ويتجه إليه للقيام بعملية التزاوج .

الأصوات :
تصدر ذكور بعض أنواع الحشرات والفقاريات مثل الضفادع وغيرها أصواتاً معينة لجذب الإناث .

الرؤية :
تعثر الأفراد في العديد من الأنواع على أفراد من الجنس الآخر عن طريق الرؤية .

وتجدر الإشارة إلى أن العثور على الشق الآخر والقيام بعملية التزاوج يتضمن تنافساً بين أفراد الشق الواحد ( الذكور غالباً ) ويؤدي التنافس إلى العراك والاشتباك الذي يؤدي بحياة أحد المتنافسين ، ومن النادر أن تتنافس الإناث على الذكور في الطبيعة .

العناية بالذرية (Care of Offspring) :
تعتبر العناية بالذرية من أهم العلاقات ضمن النوعية ، وغالباً ما تقوم الأنثى بهذه الوظيفة ، كما في حالة العديد من الثدييات ولكن ذكور الكثير من أنواع الطيور تشارك الإناث في حماية البيض ورعاية الصغار .

الحياة الاجتماعية Social life :
هناك العديد من العلاقات الاجتماعية في الطبيعة مثل العيش في مجموعات . والحياة الاجتماعية مثل حياة الحشرات الاجتماعية التي تعيش في مستعمرات ، وتنقسم المستعمر إلى فئات (Casts) تؤدي كل فئة وظيفة معينة ، وتختلف أفراد الفئات في بنائها المورفولوجي حتى تتلاءم كل فئة مع الوظيفة التي تؤديها في المستعمرة .

التنافس (Competition) :
ينشأ التنافس بين أفراد النوع الواحد على المصادر الطبيعية مثل الغذاء والمكان وغيرهما كما يحدث التنافس على التزاوج ، ويحدث التنافس ضمن النوعي في أية مرحلة من مراحل العمر ، كما يمكن أن يحدث التنافس بين الصغار على المصادر الطبيعية وبين الأفراد البالغة على التزاوج .

العلاقات بين النوعية ( بين الأنواع المختلفة )
Interspecific Relationships (Between species) :
التكاثر والانتشار (Reproduction and Dispersal) :
يتطلب تلقيح العديد من النباتات الزهرية وجود حيوانات متحركة لنقل حبوب اللقاح ، وتشتمل هذه الحيوانات على بعض أنواع الطيور والحشرات والثدييات والخفافيش ، وهـناك ميكانيكية مختلفة تسـاعد حـبوب اللقاح على الالتصاق بجسم الحيوان ، ومع تنقل الحيوان بين الأزهار تنتقل حبوب اللقاح من الزهرة المذكرة إلى الزهرة المؤنثة ، وفي مقابل ذلك تتغذى الحشرات والحيوانات الأخرى الملقحة للأزهار من الرحيق وحبوب اللقاح .

وتعتمد العديد من النباتات على بعض أنواع الحيوان في الانتشار ، وعلى سبيل المثال تتغذى بعض الطيور على الثمار وتخرج البذور مع الفضلات البرازية في مكان آخر ، وبهذا ينتشر النبات في مكان جديد ، كما تنقل بعض أنواع الحشرات جراثيم الفطريات من مكان لآخر ، وتلتصق بذور بعض النباتات بفراء الحيوانات ، ومع انتقال الحيوان إلى مكان آخر تنتقل البذور لتثبت في مكان بعيد عن النبات الأم .

التنافس (Competition) :
يعتبر التنافس بين النوعي من العوامل المحددة لكثافة وانتشار العديد من أنواع الأحياء في البيئات المختلفة ، ويتم التنافس على المصادر الطبيعية مثل الغذاء والمكان ، وقد يحدث التنافس بين أفراد متشابهة أو غير متشابهة من الناحية المورفولوجية ولكنها تحتاج إلى نفس المصادر .

هــناك مـبدأ معــروف بمبــدأ " جـوز للاستبعــاد التنافســـى " (Gauses’s Competitive Exclusion Principle) ويقضي هذا المبدأ بعدم إمكانية تواجد نوعين تواجداً مشتركاً إذا احتل كل من النوعين نفس الحيز البيئي (Niche) ، نظراً لأن التنافس بين النوعين على الحيز البيئي سوف يؤدي في النهاية إلى تغلب أحدهما على الآخر وإزاحته من البيئة ، وقد أجرى (Gause, 1934) مجموعة من التجارب على التنافس والتواجد المشترك لنوعين من البراميسيوم :
Paramecium caudatum – Paramecium Aurelia

وقد توصل إلى النتائج الآتية :
1 ـ عند نمو كل نوع في مكان منفصل ( أي بدون تنافس ) استطاعت أفراد كل نوع أن تتكاثر وازدادت أعدادها .
2 ـ عند نمو النوعين معاً استطاع كل من النوعين أن يتكاثر في البداية ، ولكن مع مرور الوقت أدى التنافس إلى فوز P. aurelia حيث تزايدت أعداد هذا النوع بينما تقلصت أعداد P. caudatum نتيجة عدم قدرته على المنافسة . واعتبر النوع الخاسر في هذا التنافس ، شكل ( 9 ) .

وبالرغم من حدوث التنافس في الطبيعة إلا أن هناك ما يسمى بالتواجد المشترك (Coexistence) حيث تتواجد الأنواع المتنافسة في نفس البيئة ، شريطة ألا يحدث تداخل تام بين الأحيزة البيئية للأنواع .

المعايشة والتكافل (Commensalism and Mutualism) :
يجب أن نفـرق بين المعايشة (Commensalism) والتكافل (Mutualism) فالمعايشة هي علاقة بين نوعين يحصل أحدهما على منفعة ولا يتأثر الآخر من جراء تلك العلاقة . أما التكافل فهو عبارة عن تبادل منفعة بين نوعين مرتبطين من الكائنات الحية ؛ فكلا النوعين مستفيد من الآخر .

وهناك العديد من العلاقات التكافلية بين الكائنات الحية ، وعلى سبيل المثال توجد العديد من العلاقات التكافلية بين الحيوانات الفقارية واللافقارية ، فالنمل الأبيض يستطيع أن يتغذى على الخشب ، نظراً لوجود نوع من السوطيات وحيدة الخلية داخل أمعاء النمل ، وتستطيع هذه السوطيات هضم السليولوز ، وبذلك يحصل النمل على المنفعة وفي نفس الوقت يمد النمل الحيوانات الأولية بمكان مناسب للحياة . ومن الأمثلة المعروف للتكافل وجود العديد من أنواع البكتيريا والكائنات الدقيقة في تجاويف الفم والأمعاء في الإنسان والحيوان ، وتتغذى البكتيريا على بقايا الطعام ، وفي المقابل تنتج بعض أنواع الفيتامينات مثل فيتامين (K, B) التي يستفيد منها الحيوان ، ومن أمثلة التكافل ارتباط الطيور بالأبقار ووحيد القرن في شمال أمريكا وأفريقيا ، وتقوم الطيور بتخليص أجسام الحيوانات من الحشرات ، كما أن الطيور تنبه تلك الحيوانات للخطر بالطيران المفاجيء . وفي المقابل تحصل الطيور على مصدر مستمر للغذاء يتكون من الحشرات والطفيليات التي تنتشر على جسم الحيوان .

المعايشة (Commensalism) هي ارتباط نوعين من الكائنات الحية يحصل أحدهما على فائدة بينما لا يضار الآخر ولا يستفيد من هذه العلاقة . ومن الأمثلة الشـائعة للمعايشـة ارتبـاط شــقائق النعمان (Sea-anemon) بالسرطان الناسك (Hermit Crab) حيث يثبت شــقائق النعمان جسمه فـوق محار السرطان الناسك ، ويضمن الانتقال وتزداد فرصته في الحصول على الغذاء . أما السرطان فلا يحصل على أية فائدة أو يقع عليه أي ضرر من جراء العلاقة ، ويمكن اعتبار العلاقة بين سمك الريمورا (Remora) المسمى بقمل القرش (Shark Louse) وأسماك القرش ـ نوعاً من أنواع المعايشة حيث تتحور أحد الزعانف الظهرية لقمل القرش إلى ممصات تستعمل لتثبيت الريمـورا على جســم القرش مما يضمن له الانتقال مع القرش وعدم التعرض لأي اعتداء ، بالإضافة إلى أنه يحصل على بعض بقايا الطعام المتبقي من سمك القرش .

الافتراس (Predation) :
يحصل النوع المفترس على غذائه من فرائسه وتنتهي العلاقة بموت الفريسة ، ولا يقتصر الافتراس على الثدييات فقط ، ولكنه سلوك شائع في اللافقاريات والنباتات ، فهناك آلاف الحشرات المفترسة التي تتغذى على الحشرات واللافقاريات الصغيرة ، كما تتحور أوراق نباتات القدر (Pitcher Plant) إلى تركيب يشبه الأنبوبة يمتليء بماء المطر ، وعندما تنزلق الحشرة داخل الأنبوبة لا تستطيع الخروج ، نظراً لوجود زوائد متجهة لأسفل الجدار الداخلي للأنبوبة ، وتلك الزوائد تمنع الحشرة من الصعود إلى أعلى بعد انزلاقها ويفرز النبات المفترس عصارات هاضمة تحول المركبات النيتروجينية المعقدة في جسم الحشرة إلى مواد نيتروجينية بسيطة يستطيع النبات امتصاصها والاغتذاء عليها .

التطفل (Parasitism) :
يطلق مصطلح طفيل (Parasite) على الكائن الحي الذي يتغذى على نوع آخر من الكائنات بدون أن يسبب الموت الفوري للعائل (Host) . وبعض الطفيليات مثل الديدان الشريطية تظل متصلة بالعائل معظم فترة حياتها ؛ حيث تعيش هذه الديدان داخل القناة الهضمية للعائل . وبعض الطفيليات مثل القراد تترك العائل بعد فترة طويلة من التغذية . ويتغذى البعوض على العائل لفترة تعتبر قصيرة نسبياً . وبهذا التعريف يمكن اعتبار الكثير من الحشرات التي تتغذى على النبات طفيليات على عوائلها النباتية .

وتدافع العوائل عن نفسها ضد الطفيل بالعديد من الطرق والتفاعلات كما يلي :

1 ـ دفاع الخلايا :
تحيط يرقـات الحشـرات بيض الطـفيل بغطـاء يؤدي إلى موت البيض داخل العائل .

2 ـ الاستجابة المناعية في الفقاريات :
وتتمثل في جهاز المناعة الذي يقاوم الميكروبات المسببة للأمراض في الإنسان والحيوان .

3 ـ مناورات إبعاد الطفيل :
يحاول العائل إبعاد الطفيل أو الهرب منه ، وعلى سبيل المثال تتحرك بعض يرقات الذباب للهروب من المفترسات والطفيليات .

4 ـ سلوك إزالة العائل :
يوجد هذا السلوك في الطيور والثدييات ، حيث يحاول العائل إزالة الطفيل الذي يعلق بجسمه .

منقول

هذا المضوع عجبني أنشاء الله تستفدون
خصائص الجماعات

الجماعة Population :
مجموعة أفراد من نفس النوع ( ذات قرابة تصنيفية واحدة ) تعيش في موضع معين وبزمـن معين وتكون هذه الأفراد قادرة على التكاثر فيما بينها . وتمتلك هذه الجماعة مورثات تشكل القاعدة الوراثية لتلك الجماعات وتوزع المورثات بين أفراد الجماعة الواحدة يكون مشتركاً .

ولا بد من التذكير بأن المساكن أو المواقع المناسبة لاستقرار نوع ما هي في الأغلب منفصلة أو منعزلة ، وبهذا فإن النوع يتكون من مجموعة جماعات . وتظهر لدى الجماعة خصـائص وصفــات مميزة لنشأتها وتركيبها ، كالكثافة والتنفس بين أفرادها ، ومعدل الولادات ومعدل الوفيات ومعدل النمو … الخ . أما لفظة أو مصطلح مجّمع Populment فيطلق على مجموعة أفراد ( جماعات ) عدة أنواع تشغل أرضاً أو موقعاً محدداً . ومن وجهة بيئية ، فالمجتمع هو جميع الجماعات المتواجدة في مساحة معينة كالغابة أو المستنقع … الخ .

وأبرز صفات المجتمع هي ظهور ما يسمى بالمستويات الغذائية ( السلاسل الغذائية والشبكات الغذائية ) وتطلق على الدراسـات التي تهتم بتفسير تغيرات غزارة الأنواع في الشروط الطبيعية تعبير ديناميكية الجماعات ، التي لها أهمية كبيرة سواء من وجهة النظر النظرية أو التطبيقية ، كالتنبؤ بزمن تكاثر الأنواع الضارة مثلاً واستخدام المكافحة الحيوية في الوقت المناسب . ومن أجل تفسير هذه التغيرات فإنه من الضروري معرفة تأثير العوامل اللاإحيائية المسـيطرة في كل وسـط من الأوساط المدروسة .

وتجدر الإشارة إلى أن تلك التغيرات في الجماعة يمكن أن تكون أيضاً ناجمة عن تحريض وراثي ، لهذا يجب أن نتحرى عن وراثة الجماعة .

وسنعرض فيما يلي أهم خصائص الجماعة :
1 ـ الكثـافــة :
وهي عدد الأفراد الموجودة في وحدة معينة من سطح أو حجم خلال فترة زمنية محددة ، ويُعدّ تحليلها أمراً مهماً جداً لأن تأثير نوع ما في أي نظام بيئي يعتمد في جزئه الأكـبر على كثافة ( غزارته ) . أما طرائق تعيين الكثافة فهي متنوعـة وتختلف حسب الجمــاعات المدروسة ، ونميز من تلك الطرائق ما يلي :
أ ـ العد المباشر للجماعة :
كأن نعد ثدييات حقل مكشوف أو كأن نعد الطيور عن طريق الأعشاش التي تبنيها وبخاصة لدى طيور البحر التي تعيش في الفوالق . إن الإحصاء الكلي لجماعات النوع أمر نادر لأنه عمل طويل ومكلف ولا يتم هذا عادة إلا في بعض الأنواع النادرة أو التي في طريقها إلى الانقراض ، وتستخدم عادة لأجل عملية العد المباشر الطائرات ذات الطيران المنخفض والبطيء والتصوير الجوي وذلك لإحصاء بعض الأنواع الهوائية من الثدييات وبعض الطيور . كما يمكن اللجوء إلى طريقة العد المباشر لبعض الحشرات ، ونذكر مثالاً على ذلك : أن كثافة مستقيمات الأجنحة في جبال الألب قدرت بفردين في المتر المربع الواحد . وان الضباء في أمريكا قدرت عام 1949م بـ 29.940 فرداً في مساحة 100.000 كم2 .

ب ـ طريقة القبض وإعادة القبض :
لتكن جماعة N فرداً ، فإذا كان عدد الأفراد M التي تم القبض عليها والتي وسمت بطريقة ما ( حلقة ، خاتم ، عنصر مشع ) ثم أطلق سراحها عشوائياً ، ومن ثم أعيد اصطياد مجموعة منها m ومنها غير معلمة u فيكون :

مفترضين بذلك أن الجماعة مستقرة وغير مهاجرة وبدون وفيات أو ولادات . وقد طبقت هذه الطريقة على الطيور وبعض الحشرات والأسماك وبعض الثدييات . وعادة لا تطبق هذه الطريقة إلا إذا كانت N, m, u, M بأعداد كبيرة .

جـ ـ طريقة العينات :
تختلف الطريقة باختلاف الأنماط والمواقع المدروسة . ففي البيئة البرية أو اليابسـة نأخــذ مثلاً حـالة مفصليات الأرجل التي تعيش إما على الأعشاب أو على الأشجار .

ـ في حالة النباتات العشبية :
يتم أولاً تحديد المساحة المطلوبة وذلك حسب الأنماط الحيوانية المراد دراستها ، فتحدد بـ 5 م2 للحيوانات ذات القامة الكبيرة ، وبـ 1 م2 للحيوانات صغيرة القامة . يقص كل العشب في المساحة المعينة ويفحص جيداً وبعناية وتقلب الحجارة وتنبش التربة لذلك يلزم للقيام بذلك 4 أشخاص للمتر المربع الواحد و 12 شخصاً للـ 25 م2 و24 شخصاً للـ 100 م2 . وتعّبر عن النتائـج الحاصـلة إما بعدد الأفراد أو بالوزن ( الكتلة الإحيائية Bio-mass ) للأنواع الأخرى .

ـ في حالة الأنواع التي تعيش على الأشجار :
تُهز الأغصان فوق بساط من الكتان عادة بمساحة 1 م2 وبهذه الطريقة تتساقط فقط مفصليات الأرجل غير القادرة على الطيران ، وقد أشار عدد من الباحثين إلى إمكانية وضع الغصن المعني في كيس كبير من الكتان وإغلاقه بعد وضع مادة مخدرة فيه ثم إحصاء الأنواع الموجـودة على الغصن . وفي حـالة الحيوانــات الصـغيرة ( الحشرات مثلاً ) والتي يصعب مسكها باليد أو الملقط فتشفط عن طريق أدوات بسيطة ( الشفاط ) وهو عبارة عن وعاء زجاجي شفاف له سدادة من المطاط أو الفلين مزودة بمخرجين يرتبط بهما أنبوبين من البلاستيك أحدهما يوضع في الفم والثاني بالقرب من الحشرة المراد شفطها ، أما الحشرات أو الحيوانات التي تعيش في التربة فيلجأ إلى استخدام مسبار التربة .

تقنيات التفخيخ :
هناك أفخاخ خاصة للثدييات كالقوارض مثلاً ، وأخرى لبعض مفصليات الأرجل أبسطها يتم بوضع أوعية في التربة بحيث تكون حافتها العلوية على مستوى التربة . ويوضع فيها مواد حافظة كالكحول بحيث يقتل الحيوانات المتساقطة فيها ويحفظها من التلف ، وقد لا توضع المواد الحافظة فيما إذا أردنا الإبقاء عليها حية بغية وسمها وإطلاقها ، وهناك أفخاخ على شكل شريط لاصق أو الضوء أو الأشعة فوق البنفسجية .

أخذ العينات في الماء العذب :
أ ـ العوالق Plancton :
إن أخذ العينات من أجل الدراسة الكيفية أمر سهل ولكنه صعباً عندما يكون الهدف هو الدراسة الكمية . وهناك أنماط متعددة من شباك البلانكتون ، ويلجأ عادة في حالة الأبحاث إلى رفع كمية معلومة من الماء ( سطل ) وسكبه فوق منخل ذي فتحات مناسبة تحتجز العوالق النباتية والحيوانية .

ب ـ القاعيات Pentose :
ويتم باستخدام جرّافة ، وهناك طرائق متنوعة لجمع العينات وأبسطها يتم باليد إذا كان العمق مناسباً أو عن طريق سحبها بالقارب . أما الأسماك وبعض القشريات الكبيرة فتستخدم شبكات الصيد .

أخذ العينات في مياه البحر :
من أجل أخذ عينات من وسط بحري تستخدم بالنسبة للعوالق شبكة البلانكتون ، إذا كان الجمع في المياه السطحية ، أما في الأعماق فتستخدم قوارير nansen الخاصة التي ترسل بحبل إلى العمق المراد دراسته ، ويمكن أن تفتح القوارير وتغلق بواسطة حبال خاصة . وفيما يخص القاعيات البحرية فإنه يمكن جمعها باليد مباشرة عند الغوص ، أو عن طريق الجرافات .

الطرائق غير المباشرة في تعيين الكثافة :
1 ـ تعداد الجحور للقوارض وبخاصة الصحراوية منها ، حيث الجحور الفردية أي أن لكل حيوان جحر خاص به .
2 ـ إغلاق فتحات الجحور ومراقبة ما قد أعيد فتحه منها . ويلجأ أحياناً إلى عد جذور بعض النباتات الملقاة على الأرض بالنسبة للفئران والأرانب .

2 ـ معدل النمو الذاتي الطبيعي للجماعة :
نسبة الولادات (Natality) :
يقصد بنسبة المواليد (Natality) القدرة التكاثرية للجماعة ، أو في عبارة أخرى معـدل الزيـادة في تعــداد الجماعــات (Populations) ، ويعتمد معدل المواليد (Birth Rate) على السعة التكاثرية (Reproduction capacity) للنوع ، وتتوقف السعة التكاثرية أو الطاقة التكاثرية للنوع على عوامل وراثية حيث تختلف أنواع الكائنات الحية في درجة الخصوبة ، هذا ، وتؤثر العوامل البيئية مثل وفرة الغذاء ونوعه والأعداد الطبيعية والعوامل الفيزيائية على السعة التكاثرية للأنواع المختلفة . ومن ثم يمكن تقسيم معدل المواليد إلى :
ـ مـعدل الولادات الفسـيولوجية : وهي التي تكـون تحت ظروف بيئية مناسبة المثلى .
ـ مـعدل الولادات البيئية : وهي التي تكون تحت الظروف البيئية الطبيعية .

نسبة الوفيات (Mortality) :
نسبة الوفيات هي معدل الموت في أفراد الجماعات ، وعادة ما يتم التعبير عن معــدلات المــوت في الأعمــار المختلفة بمنحنيـات الحيــاة العمــــرية (Age Specific Survivor-ship Curves) والتي تعبر عن معدلات الوفيات في الأعمار المختلفة . وهي تنقسم إلى :
ـ معدل الوفيات الفسيولوجية : وهي التي لا تحدث إلا نتيجة الكبر .
ـ معدل الوفيات البيئي : وهي التي تكون تحت التأثير العوامل البيئية .

إن القدرة الحيوية الكامنة في النوع لا يمكن إدراكها في الظروف العادية ، لذلك نجد أن الجماعة تزادا بالسرعة التي تستطيعها إذا لم تقاوم عوامل أو شروط الوسط الفيزيـائية والكيميـائية المختلفة التي تحـد أو تمنـع تزايدها . فمـثلاً نوع البكتيريا Bacillus coli ينقسـم كل 20 دقيقة ، وبذلك يمكن أن يعطي نظرياً خلال 36 ساعة كتلة تغطي سـطح الكـرة الأرضية بطبقة مستمرة إذا أتيحت لها الشـروط المناسبة لحياتها . والبراميسيوم الذي ينقسم كل 4 أيام فإنه يشكل نظرياً كتلة بروتوبلازمية بحجم 10 أضعاف الكرة الأرضية . ويعطي زوج من حشرة الفيلوكسيرا Phylloxera في عام واحـد من 1011ـ1018 فــرداً . وتعطي الأسـماك ملايين البيوض في الإباضة الواحدة ، وهناك الكثير من الطيور لا تبيض إلا 5ـ6 بيضات في السنة ، ومع ذلك يمكنها أن تعطي ذرية تبلغ 10 مليون فرد خلال 15 سنة ، وحسب داروين فإن زوج من الفيلة يعطي 19 مليون فيل خلال 740ـ750 سنة .

وهكذا نجد أن زيادة عدد أفراد الجماعة إذا لم يكبح فإنه سيتم وفق متوالية هندسية وتوافق هذه الزيادة بما يسمى مفهوم الكمونة الحيوية أي معدل النمو أو الزيادة الكامنة الذي لا يتحقق أبداً ـ كما أشرنا ـ في الطبيعة . بل نجد معدّل النمو أو الزيادة الحقيقية للجماعة مرتبط بمجموعة من عوامل الوسط التي تحد من الزيادة كعدم توفر الغذاء الكافي والمكـان المناســب والأمراض المختلفة وحوادث التطفل والافتراس وغيرها . وهنا لابد من الإشارة إلى معدل الوفيات إذا بقي أقل من معدل الولادات فإن الجماعة ستنمو بمعدل متزايد ، ولكن هذه الزيادة ستؤدي إلى ظهور شروط غير مناسبة للجماعة المعنية حيث ستلعب عوامل الكثافة ـ كما سنرى لاحقاً ـ دوراً مهماً وسيتناقص بالتالي معدل نمو الجماعة المدروسة حتى يصل إلى الصفر تقريباً وذلك عندما تصل الجماعة إلى حجمها الأعظمي في الموقع الأحيائي المعني ، أي تصل إلى حالة من الثبات النسبي مع بعض التذبذبات صعوداً أو هبوطاً .

يُعبر عن معدل النمو r بأنه الفرق بين معدلات الولادات b ومعدل الوفيات d أي r = b-d وإذا اعتبرنا أن N هي عدد أفراد الجماعة ، وt الفترة الزمنية التي حصل فيها النمو فإن :
التغير في عدد الأفراد = معدل النمو × عدد الأفراد
التغير في الزمن

أي أن معدل النمو هو عبارة عن التغيرات التي تطرأ على أفراد الجماعة خلال وحدة زمنية منسوبية إلى تعداد أفرادها الأصلي ، وهذه العلاقة البسيطة هي القاعدة الأساسية لديناميكية الجماعة .

وكما ذكرنا سابقاً فإن نمو الجماعة بدون تدخل عوامـل الوسط هو نمو غـير محدد أو أسي ، ولكن هذه الفرضية غير واقعية ولابد من إدخال معامل تصحيح إلى العلاقة السابقة أخذين بعين الاعتبار كثافة الجماعة والمقاومة البيئية وبالتالي يصبح منحنى النمو نسبي . ومعامل التصحيح هو : حيث K : هي أعلى عدد من الأفراد يمكن أن يتحمله الوسط ، أو حجم الجماعة الأعظمي في المنطقة المدروسة . وهذا ما نسميه قابلية الإعاشة ، وهنا تصبح العلاقة السابقة كما يلي :

وهذه معادلة تفاضلية ، لحلها نبحث عن عامل تكميل K . ويفترض هنا أن معدل النمو يزداد بشكل عكسي مع عدد الأفراد N وعندما يقترب عدد أفراد الجماعة من الحد الأقصى K فإن قيمة معامل التصحيح تتناقص وبالتالي يقل معدل النمو وهكذا إلى أن تصبح N = K حيث يكون معدل النمو عندها صفراً .

وكلما كانت العوامل البيئية أفضل اقتربت N من K والعكس بالعكس . وهنا نتبين دور العوامل البيئية وهو ما يسمى مقاومة المحيط لنمو النوع (المقاومة البيئية) ، كما أن قيمة r تختلف باختلاف الأنواع ومقدار أقلمتها مع الوسط الذي تعيش فيه ، وتختلف أيضاً ضمن النوع باختلاف العوامل البيئية التي تسيطر على الوسط الذي تعيش فيه .

وأخيراً ، هناك مجموعة من العوامل التي تحـول دون التكاثر بالشكل الأسي ، وتجعله من الشكل النسبي ومنها :
1 ـ القدرة القصوى على التكاثر ثابتة لكل نوع ولا يمكن زيادتها .
2 ـ تختلف الإناث في قابليتها للتكاثر .
3 ـ اختلاف التكاثر باختلاف العوامل البيئية .

3 ـ توزع الأعمار والنسبة الجنسية :
يمتاز كل مجموع بتباين أعمار الأفراد التي تكونه ، فمثلاً قسمّت الحشرات في هذا المجال إلى مجموعة من الأطوار تبدأ بالبيضة ثم اليرقة التي تمر بمجموعة من الأعمار تتحـدد بإنسلاخـات لتتحول أخيراً إلى طور العذراء التي ستعطي الحشرة الكاملة .

أما النسبة الجنسية فيقصد بها نسبة الإناث إلى الذكور في مجموعة أفراد الجيل الواحد ، وتُحسب على أساس نسبة الإناث إلى المجموع العام . والمهم في ذلك هو نسبة الإناث ، وعلى ذلك فليس بالضرورة تواجد الذكور بعدد مساوٍ لعدد الإناث ، وكلما كانت نسبة هذه الأخيرة أعلى كانت الكفاءة التناسلية أكبر . وابسط النسب الجنسية هي 1 : 1 أو قد يفوق عدد الإناث عدد الذكور أو العكس .

وعندما تُحدد أعمار مختلف الأفراد في مجموع ما ، فإنه يمكن أن نحصل على ما نسميه بالجداول الحياتية ، وأهرامات الأعمار ، ومنحنيات البقاء .

منحنيات البقاء :
1 ـ نمط المنحنى الهابط في حـالة المحـارات ( ذوات المصراعين ) والكثـير من الطيور والأسماك واللافقاريات :
وتمتاز أفراد تلك المجموعة بوفيات كبيرة في المراحل الفنية لتقل بعدها الوفيات ولكنها تتم بصورة بطيئة والمنحنى هابط .

2 ـ نمط المنحنى المستقيم كما في حالة الهيدرا :
ويمتاز بأن معدل الوفيات يبقى ثابتاً طيلة فترة الحياة وعندها يكون المنحنى على شكل مستقيم .

أهمية منحنيات البقاء :
تقدم منحنيات البقاء فوائد جمة للباحثين إذ تسمح لهم بمعرفة العمر الذي يكون فيه النوع قابلاً للعطب وعندها إذا تدخل الإنسان فإنه يتمكن من أن يعّدل من الوفيات أو الولادات زيادة أو نقصاناً ويتم التدخل عادة في الطور الأشد عطباً أو هشاشية . ولها تطبيقات عملية في مكافحة الحشرات الضارة ، أو في حسن استغلال الصيد فدراسة عوامل الوفيات ستكون إذاً ضرورية من أجل تفسير تغيرات الجماعة .

أهرامات الأعمار :
نشير أولاً إلى أن معدل الولادات والوفيات يتغير كثيراً مع العمر وبالتالي فإن النسبة المئوية لمختلف صفوف الأعمار في جماعة ما ستؤثر كثيراً في تزايدها ويمكن أن نميز في حياة الحيوان ثلاث فترات هي : فترة ما قبل التكاثر ـ فترة التكاثر ـ فترة ما بعد التكاثر التي يمكن أن تكون أطول فترات الحياة لدى بعض الأنواع مثل ذبابة أيار Ephemera التي تستمر نحو سـنتين لتتكاثر خــلال يوم واحـد لتموت بعدها بفترة واحـدة . أما بالنسبة للسـيكادا Cicada أو زيز الحصاد الأمريكـي الذي يعيش نحو 17 سنة في الحالة اليرقية فإن أهرامـات العمـر تسمح بالحصول على تمثيل مفيد . ويمكن أن نحصل على ذلك بتطبيق مستطيلات لها نفس الارتفاع ( العرض ) لكن بطول يختلف حسب عدد أفراد كل صف أو كل مجموعة عمر بحيث توضع الذكور والإناث إلى جانبي المتوسط . ويمكن أن نحدد أهرامات عمر بالنسبة لصفوف مراحل التكاثر أي قبل وأثناء وبعد التكاثر حسب أحد النماذج التالية :
نموذج أ :
نموذج بقاعدة واسعة وبنسب كبيرة من الصغار وهي تميز الجماعات ذات النمو السريع ، ويكون شكل الهرم مثلثي .

نموذج ب :
المتوسط مع نسب معتدلة من الصغار وتميز الجماعات الثابتة عددياً ويكون شكل الهرم جرسي .

نموذج جـ :
بقاعدة ضيقة متضمنة أفراداً معّمرة أكثر من الأفراد الفتية وهي تصف أو تميز الجماعات الهابطة أو المنحرفة أو التي بطريقها إلى الزوال ، ويكن الهرم بشكل فطر شكل ( 5 ) .

3ـ5 شكل النمو :
تتميز كل مجموعة بنموذج خاص من النمو وتسمى هذه النماذج " أشكال أو منحنيات النمو للجماعات " يوجد نموذجان رئيسيان من هذه المنحنيات هما : منحنى النمو على هيئة J ـ منحنى النمو على هيئة S ، الشكل ( 6 ) .

وفي المنحنى على هيئة J تزداد الكثافة بشرعة بشكل " أسي " أو على غرار الفائدة المركبة ثم تتوقف فجأة عندما تصبح مقاومة المحيط ملموس مثل الغذاء أو البرد أو أي عامل فصلي . ويمكن أن يمثل هذا الشكل من النمو بالنوذج البسيط :

حيث يوجد نهاية محددة في N و r هي قيمة معدل النمو .

أما في المنحنى بشكل S فإن نمو المجموعة يكون بطيئاً في البداية ثم يصبح سـريعاً كما في الشكل السابق ويتباطأ بعد ذلك تدريجياً حتى نصل إلى نوع من التوازن . إن هذا الشكل من النمو يمكن أن يمثل بالنموذج التالي :

حيث K ثابت ويشكل خطاً مقارباً .

ومن الجدير ذكره أنه في المنحنى بشكل J لا يوجد توازن نهائي إلا أن النهاية في N تمثل الحد العلوي الممكن للنمو والمفروض من قبل الوسط . هذا وإنه من الممكن أن يحدث انخفاض فجائي بعد هذه النهاية . إن المنحنى بشكل J هو مميز لكثير من الجماعات في الطبيعة مثل الأشنيات والنباتات الحولية وبعض الحشرات ( نمو حشرة التريبس على شجيرات الورد ) .

إن المنحنى بشكل S ينتج عن التأثير المتزايد للعوامل المحيطة المقاومة للنمو . أي بعكس المنحنى بشكل J حيث تظهر مقاومة المحيط للنمو فجأة بالقرب من النهاية . إن نمو عدد كبير من المجموعات . والتي تمثل كائنات حية دقيقة ونباتات وحيوانات سواء في الطبيعة أو في المختبر . يتبع المنحنى بشكل S . هذا وإن هذا المنحنى بشكل S ينطبق بشكل خاص على نمو الكائنات الحية التي تتميز بتاريخ حياة بسيطة .

وكمثال على ذلك أدخلت الأغـنام لأول مـرة إلى جزيرة تاسمانيا بالقرب من استراليا في عام 1800م وقد سجلت كل الولادات بدقة . وقد اتضح من ذلك أن عدد الأغنام قد اتبع المنحنى بشكل S ، كما أن الجماعة قد وصلت إلى الخط المقارب في عام 1850م تقريباً وثبت العدد تقريباً على 1700.000 رأساً تقريباً مع تغيرات بسيطة فوق أو تحت هذا العدد نتيجة لتغيرات العوامل المناخية نفسها شكل ( 7 ) .

3ـ6 تأرجحات الجماعة Population fluctuations :
وجدنا في الفقرة السابقة أن الجماعات تميل إلى الوصول إلى نوع من التوازن في منحنى النمو . وقد دلت الدراسات العديدة أن كثافة الجماعة تتأرجح تحت وفوق الخط المقارب كما ظهر ذلك في مثال ازدياد الأغنام في تاسمانيا . يمكن أن تنتج هذه التأرجحات عن التغيرات التي تطرأ على العوامل المناخية أو عن علاقات متبادلة بين أفراد الجماعة أو بين الجماعة وجماعات أخرى . وإن أهم أسباب التأرجحات تتعلق بعوامل ترتبط بالكثافة مثل التنافس والافتراس والتطفل والتغذية والأمراض من جهة وبعوامل مستقلة عن الكثافة مثل تغيرات العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والإضاءة والأمطار … مثل موجات البرد أو موجات الجفاف التي تحدث من وقت إلى الآخر .

3ـ7 انتشار الجماعة Population dispersal :
إن انتشار الجماعة هو حركة الأفراد ( أو البذور ، الأبواغ ، اليرقات … الخ ) داخل أو خارج الجماعة أو المساحة التي تحتلها الجماعة . تأخذ هذه الحركة ثلاثة أشكال :
1 ) حركة باتجاه واحد خارج الجماعة emigration أو الهجرة الخارجية .
2 ) حركة باتجاه واحد داخل الجماعة أو الهجرة الداخلية Immigration .
3 ) حركة دورية من ذهاب وعودة أو " الهجرة الدورية " migration .

إن الهجرة الدورية تحدث عند الكائنات المتحركة مثل الفقريات والحشرات . إن انتشار الجماعة يكمل الولادة والوفاة في إعطاء شكل النمو والكثافة الخاصين بكل جماعة . في غالب الأحيان فإن بعض الأفـراد ( أو مـواد التكاثر ) تدخل أو تخرج باستمرار من الجماعة . وغالباً فإن هذا النموذج التدريجي من الانتشار لا يكون لـه إلا تأثير ضعيف في الجماعة ككل ( وخاصة إذا كانت وحدة القياس عند الجماعة كبيرة ) وذلك إما لأن الهجرة إلى الداخل تعادل الهجرة إلى الخارج أو لأن الربح يعادل الخسارة نتيجة تغيرات في الولادة والوفاة . وفي بعض الحالات فإنه يمكن أن تحدث هجرة جماعية مسببة تغيرات سريعة وما يتبعها من تأثيرات مناسبة في الجماعة .

إن الانتشـار يتأثر كثيراً بالحواجز وبالقدرة الحركية الذاتية للأفراد أو لنواتج تكاثرها ( بذور ، أبواغ ) . إن العصافير والحشرات لها قدرة كبيرة على الانتشار وكذلك فإن الثمار المجففة ( مثل ثمار القيقب والصنوبر ) والبذور ذات الاوبار الطويلة هي سهلة الانتشار .

إن الهجرات الفصلية والنهارية للحيوانات تسمح باحتلال مناطق كان يمكن أن تكون غير ملائمة لولا الهجرة كما تسمح للحيوانات بأن تحافظ على معدل عال من الكثافة ومن الحيوية . إن الجماعات التي لا تهاجر عادة غالباً ما تضطر إلى التخفيض من كثافتها أو تدخل في مرحلة ركود خلال الفترات غير الملائمة للنمو .

هناك عصافير وأسماك تهاجر إلى مسافات بعيدة جداً . إن هذه الهجرات البعيدة والشديدة التنظيم تشكل حقلاً واسعاً للتجارب والأبحاث إذ أن أسبابها لا تزال غير معروف تماماً . ويبدو أنه من المؤكد بأن الحيوانات لا تستجيب للقوى المغناطيسية الأرضية . إلا أنه يبدو أيضاً أن العصافير والحشرات تتأثر بالضوء وتستعمله بشكل وصلة ضوئية .

3ـ8 انتقال الطاقة داخل الجماعة :
إن معرفة انتقال الطاقة ( أي نسبة التمثيل ) داخل جماعة معينة يعتبر من أهم الأسس وأكثرها أمانة من أجل : تقدير التأرجحات الملاحظة في الكثافة من جهة ومن أجل تحديد الدور الذي تلعبه جماعة ما داخل المجتمع الحيوي الذي تنتمي إليه من جهة أخرى . وقد وجد في بحث النظم البيئية أن دراسة انتقال الطاقة هي أكبر دقة من دراسة الأعداد ودراسة الكتلة الحية . إذ أن دراسة الأعداد تضخم أهمية الكائنات الصغيرة . كما أن دراسة الكتلة الحية تقلل من أهمية هذه الكائنات . إن ما ينطبق على النظام البيئي ينطبق على الجماعة أيضاً .

3ـ9 التوزع المكاني للجماعة Repartition spatiale :
إن الأفراد التي تكون جماعة معينة تتوزع في المكان بأنماط مختلفة تعكس ردود فعل هذه الأفراد تجاه التأثيرات الخارجية المختلفة مثل البحث عن الغذاء أو عن شروط فيزيائية مناسبة أو نتيجة للتنافس . من المفيد معرفة نمط توزع الكائنات الحية لا سيما عندما يراد تقدير كثافة الجماعة .

فمن الضروري مثلاً أن تكون المساحة المستخدمة للتقدير كبيرة في حال الأفراد المجتمعين . لنفرض أنه تم أخذ (n) عينة . فإن سمينا (m) متوسط عدد الأفراد في كل عينة . فإن التباين (s2) variance يعطي من المعادلة التالية :

يكون التوزيع للأفراد منتظماً إذا كانت قيمة (s2) تساوي الصفر إذ أن عدد الأفراد في كل عينة هو ثابت ويساوي المتوسط . وفي حال التوزيع العشوائي تكون قيمة المتوسط (m) وقيمة التباين (s2) متساويتين . أما في حال التوزيع بشكل مجموعات فتكون قيمة (s2) أعلى من المتوسط (m) هذا وأن قيمة (s2) تزداد أكثر فأكثر كلما زاد ميل الحيوانات نحو التجمع .

ولذلك فإنه يمكن معرفة نمط التوزيع المكاني للجماعة عن طريق مقارنة قيمتي (s2) و (m) . فإذا كانت النسبة m/s2 يتجه نحو الصفر يكون التوزيع منتظماً . وإذا كانت هذه النسبة تتجه نحو الواحد يكون التوزيع عشوائياً ، أما إذا كانت النسبة أعلى من واحد فيكون التوزيع بشكل مجموعات .

إن التوزيع المنتظم نادر في الطبيعة وهو ينتج عادة عن تنافس شديد بين أفراد الجماعة ، كما هو الحـال بالنسبة للأسماك اللاحمة . أما التوزيع العشوائي فلا يلاحظ إلا في الأوساط المتجانسة وعند الأنواع التي ليس عندها ميل نحو التجمع . كما هو الحال في توزيع حشرة الأرقة pucerons في الحقل خلال الفترة الأولى من الغزو وعندما تكون الكثافة منخفضة . إن بيوض الحشرات واليرقات الفتية الناتجة عنها تتوزع عادة بشكل عشوائي ولكن عندما تكبر اليرقات فإنها تميل إلى التجمع . وقد ثبت ذلك عن اليرقـات الدودة البيضــاء Amphimallo majalis ويرقــات الحشـرة Pieris rapae . هـذا ومن الجـدير الإشـارة إليه أن التبدلات التي تطرأ على كثافة الجماعات تؤثر في نمط توزيعها الذي لا يبقى توزعاً عشوائياً . فعندما تتكاثر الارقة في حقل ما . فإن توزعـها يصبح بشكل مجموعات . والحال نفسه يصادف عند يرقات Pieris eapae .

إن التوزع بشكل مجموعات هو الأكثر انتشاراً على الإطلاق . وهو ينتج عن تبدلات طفيفة في العوامل البيئية إلا أنها هامة بالنسبة للكائن الحي أو عن سلوك هذه الكائنات الحية . هذا وإن المجموعات يمكن أن تتوزع أيضاً عشوائياً أو مجتمعة . وعلى هذا فتتوزع الجماعات في المكان عادة وفق أنماط ثلاثة هي :
أ ـ التوزع المتجانس :
وينجم على الأغلب من منافسة حادة تحدث بين مختلف الأفراد وهذا أمر نادر أو غير شائع في الطبيعة ، نذكر منها توزع السمك الشائك الظهر الذي يمتاز بأنه يعيش منفرداً وبالتالي يكون توزيعه متجانساً وكذلك توزع فأسـي القدم الذي يعيش في بعض الشواطيء ( رمال المانش ) .

ب ـ التوزع العشوائي :
يمتاز بأنه لا يخضع لنظام معين ويظهر لدى الأنواع التي ليس لها أي ميل للتجمع ونذكر كمثال عليها توزع خنفساء الدقيق في وسط أو حقول زراعة الحبوب .

جـ ـ التوزع على شكل مجموعات :
وهو ما يبدو الأكثر انتشاراً وينجم غالباً عن تغيرات طفيفة في خصائص الوسط أو نتيجة تغيرات في سلوكية هذه الحيوانات أو للعلاقـات الاجتماعية للحيوانـات فيما بينها . ويمكن لهذه المجموعات الحيوانية أن تعود وتتوزع على شكل مجموعات جديدة بطريقة الصدفة ، وهي على نظامين :
ـ توزيع المجموعات المنتظمة .
ـ توزيع المجموعات العشوائية ( شكل 8 ) .

العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية
" العوامل الحيوية "

هناك نمطين من العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية التي تعيش في منطقة بيئية معينة :
1 ـ العلاقات بين أفراد النوع الواحد .
2 ـ العلاقات بين أفراد تابعين للأنواع مختلفة .

العلاقات ضمن النوعية ( بين أفراد النوع الواحد ) :
Intraspecific Relatioships (Within the Species)
التكاثر Reproduction :
يعتبر التزاوج من أهم العلاقات ضمن النوعية لأنه الوسيلة لحفظ النوع واستمراره في الأنواع المتكاثرة جنسياً . والخطوة الأولى والأساسية في التكاثر هي العثور على فرد من الشق الآخر ( الجنس الآخر ) للقيام بعملية التزاوج ، ويتم التقاء الذكر والأنثى في عالم الحيوان بعدة طرق منها :

الفيرمونات (Oheromones) :
وهي مركـبات كيميـائية تفـرزها إنـاث بعض الأنواع مـثل بعض أنواع الحشـرات ، وينجذب الذكـر إلى روائـح تلك الفيرمـونات فيتعرف على مـكان الأنثى ( مصدر الرائحة ) ويتجه إليه للقيام بعملية التزاوج .

الأصوات :
تصدر ذكور بعض أنواع الحشرات والفقاريات مثل الضفادع وغيرها أصواتاً معينة لجذب الإناث .

الرؤية :
تعثر الأفراد في العديد من الأنواع على أفراد من الجنس الآخر عن طريق الرؤية .

وتجدر الإشارة إلى أن العثور على الشق الآخر والقيام بعملية التزاوج يتضمن تنافساً بين أفراد الشق الواحد ( الذكور غالباً ) ويؤدي التنافس إلى العراك والاشتباك الذي يؤدي بحياة أحد المتنافسين ، ومن النادر أن تتنافس الإناث على الذكور في الطبيعة .

العناية بالذرية (Care of Offspring) :
تعتبر العناية بالذرية من أهم العلاقات ضمن النوعية ، وغالباً ما تقوم الأنثى بهذه الوظيفة ، كما في حالة العديد من الثدييات ولكن ذكور الكثير من أنواع الطيور تشارك الإناث في حماية البيض ورعاية الصغار .

الحياة الاجتماعية Social life :
هناك العديد من العلاقات الاجتماعية في الطبيعة مثل العيش في مجموعات . والحياة الاجتماعية مثل حياة الحشرات الاجتماعية التي تعيش في مستعمرات ، وتنقسم المستعمر إلى فئات (Casts) تؤدي كل فئة وظيفة معينة ، وتختلف أفراد الفئات في بنائها المورفولوجي حتى تتلاءم كل فئة مع الوظيفة التي تؤديها في المستعمرة .

التنافس (Competition) :
ينشأ التنافس بين أفراد النوع الواحد على المصادر الطبيعية مثل الغذاء والمكان وغيرهما كما يحدث التنافس على التزاوج ، ويحدث التنافس ضمن النوعي في أية مرحلة من مراحل العمر ، كما يمكن أن يحدث التنافس بين الصغار على المصادر الطبيعية وبين الأفراد البالغة على التزاوج .

العلاقات بين النوعية ( بين الأنواع المختلفة )
Interspecific Relationships (Between species) :
التكاثر والانتشار (Reproduction and Dispersal) :
يتطلب تلقيح العديد من النباتات الزهرية وجود حيوانات متحركة لنقل حبوب اللقاح ، وتشتمل هذه الحيوانات على بعض أنواع الطيور والحشرات والثدييات والخفافيش ، وهـناك ميكانيكية مختلفة تسـاعد حـبوب اللقاح على الالتصاق بجسم الحيوان ، ومع تنقل الحيوان بين الأزهار تنتقل حبوب اللقاح من الزهرة المذكرة إلى الزهرة المؤنثة ، وفي مقابل ذلك تتغذى الحشرات والحيوانات الأخرى الملقحة للأزهار من الرحيق وحبوب اللقاح .

وتعتمد العديد من النباتات على بعض أنواع الحيوان في الانتشار ، وعلى سبيل المثال تتغذى بعض الطيور على الثمار وتخرج البذور مع الفضلات البرازية في مكان آخر ، وبهذا ينتشر النبات في مكان جديد ، كما تنقل بعض أنواع الحشرات جراثيم الفطريات من مكان لآخر ، وتلتصق بذور بعض النباتات بفراء الحيوانات ، ومع انتقال الحيوان إلى مكان آخر تنتقل البذور لتثبت في مكان بعيد عن النبات الأم .

التنافس (Competition) :
يعتبر التنافس بين النوعي من العوامل المحددة لكثافة وانتشار العديد من أنواع الأحياء في البيئات المختلفة ، ويتم التنافس على المصادر الطبيعية مثل الغذاء والمكان ، وقد يحدث التنافس بين أفراد متشابهة أو غير متشابهة من الناحية المورفولوجية ولكنها تحتاج إلى نفس المصادر .

هــناك مـبدأ معــروف بمبــدأ " جـوز للاستبعــاد التنافســـى " (Gauses’s Competitive Exclusion Principle) ويقضي هذا المبدأ بعدم إمكانية تواجد نوعين تواجداً مشتركاً إذا احتل كل من النوعين نفس الحيز البيئي (Niche) ، نظراً لأن التنافس بين النوعين على الحيز البيئي سوف يؤدي في النهاية إلى تغلب أحدهما على الآخر وإزاحته من البيئة ، وقد أجرى (Gause, 1934) مجموعة من التجارب على التنافس والتواجد المشترك لنوعين من البراميسيوم :
Paramecium caudatum – Paramecium Aurelia

وقد توصل إلى النتائج الآتية :
1 ـ عند نمو كل نوع في مكان منفصل ( أي بدون تنافس ) استطاعت أفراد كل نوع أن تتكاثر وازدادت أعدادها .
2 ـ عند نمو النوعين معاً استطاع كل من النوعين أن يتكاثر في البداية ، ولكن مع مرور الوقت أدى التنافس إلى فوز P. aurelia حيث تزايدت أعداد هذا النوع بينما تقلصت أعداد P. caudatum نتيجة عدم قدرته على المنافسة . واعتبر النوع الخاسر في هذا التنافس ، شكل ( 9 ) .

وبالرغم من حدوث التنافس في الطبيعة إلا أن هناك ما يسمى بالتواجد المشترك (Coexistence) حيث تتواجد الأنواع المتنافسة في نفس البيئة ، شريطة ألا يحدث تداخل تام بين الأحيزة البيئية للأنواع .

المعايشة والتكافل (Commensalism and Mutualism) :
يجب أن نفـرق بين المعايشة (Commensalism) والتكافل (Mutualism) فالمعايشة هي علاقة بين نوعين يحصل أحدهما على منفعة ولا يتأثر الآخر من جراء تلك العلاقة . أما التكافل فهو عبارة عن تبادل منفعة بين نوعين مرتبطين من الكائنات الحية ؛ فكلا النوعين مستفيد من الآخر .

وهناك العديد من العلاقات التكافلية بين الكائنات الحية ، وعلى سبيل المثال توجد العديد من العلاقات التكافلية بين الحيوانات الفقارية واللافقارية ، فالنمل الأبيض يستطيع أن يتغذى على الخشب ، نظراً لوجود نوع من السوطيات وحيدة الخلية داخل أمعاء النمل ، وتستطيع هذه السوطيات هضم السليولوز ، وبذلك يحصل النمل على المنفعة وفي نفس الوقت يمد النمل الحيوانات الأولية بمكان مناسب للحياة . ومن الأمثلة المعروف للتكافل وجود العديد من أنواع البكتيريا والكائنات الدقيقة في تجاويف الفم والأمعاء في الإنسان والحيوان ، وتتغذى البكتيريا على بقايا الطعام ، وفي المقابل تنتج بعض أنواع الفيتامينات مثل فيتامين (K, B) التي يستفيد منها الحيوان ، ومن أمثلة التكافل ارتباط الطيور بالأبقار ووحيد القرن في شمال أمريكا وأفريقيا ، وتقوم الطيور بتخليص أجسام الحيوانات من الحشرات ، كما أن الطيور تنبه تلك الحيوانات للخطر بالطيران المفاجيء . وفي المقابل تحصل الطيور على مصدر مستمر للغذاء يتكون من الحشرات والطفيليات التي تنتشر على جسم الحيوان .

المعايشة (Commensalism) هي ارتباط نوعين من الكائنات الحية يحصل أحدهما على فائدة بينما لا يضار الآخر ولا يستفيد من هذه العلاقة . ومن الأمثلة الشـائعة للمعايشـة ارتبـاط شــقائق النعمان (Sea-anemon) بالسرطان الناسك (Hermit Crab) حيث يثبت شــقائق النعمان جسمه فـوق محار السرطان الناسك ، ويضمن الانتقال وتزداد فرصته في الحصول على الغذاء . أما السرطان فلا يحصل على أية فائدة أو يقع عليه أي ضرر من جراء العلاقة ، ويمكن اعتبار العلاقة بين سمك الريمورا (Remora) المسمى بقمل القرش (Shark Louse) وأسماك القرش ـ نوعاً من أنواع المعايشة حيث تتحور أحد الزعانف الظهرية لقمل القرش إلى ممصات تستعمل لتثبيت الريمـورا على جســم القرش مما يضمن له الانتقال مع القرش وعدم التعرض لأي اعتداء ، بالإضافة إلى أنه يحصل على بعض بقايا الطعام المتبقي من سمك القرش .

الافتراس (Predation) :
يحصل النوع المفترس على غذائه من فرائسه وتنتهي العلاقة بموت الفريسة ، ولا يقتصر الافتراس على الثدييات فقط ، ولكنه سلوك شائع في اللافقاريات والنباتات ، فهناك آلاف الحشرات المفترسة التي تتغذى على الحشرات واللافقاريات الصغيرة ، كما تتحور أوراق نباتات القدر (Pitcher Plant) إلى تركيب يشبه الأنبوبة يمتليء بماء المطر ، وعندما تنزلق الحشرة داخل الأنبوبة لا تستطيع الخروج ، نظراً لوجود زوائد متجهة لأسفل الجدار الداخلي للأنبوبة ، وتلك الزوائد تمنع الحشرة من الصعود إلى أعلى بعد انزلاقها ويفرز النبات المفترس عصارات هاضمة تحول المركبات النيتروجينية المعقدة في جسم الحشرة إلى مواد نيتروجينية بسيطة يستطيع النبات امتصاصها والاغتذاء عليها .

التطفل (Parasitism) :
يطلق مصطلح طفيل (Parasite) على الكائن الحي الذي يتغذى على نوع آخر من الكائنات بدون أن يسبب الموت الفوري للعائل (Host) . وبعض الطفيليات مثل الديدان الشريطية تظل متصلة بالعائل معظم فترة حياتها ؛ حيث تعيش هذه الديدان داخل القناة الهضمية للعائل . وبعض الطفيليات مثل القراد تترك العائل بعد فترة طويلة من التغذية . ويتغذى البعوض على العائل لفترة تعتبر قصيرة نسبياً . وبهذا التعريف يمكن اعتبار الكثير من الحشرات التي تتغذى على النبات طفيليات على عوائلها النباتية .

وتدافع العوائل عن نفسها ضد الطفيل بالعديد من الطرق والتفاعلات كما يلي :

1 ـ دفاع الخلايا :
تحيط يرقـات الحشـرات بيض الطـفيل بغطـاء يؤدي إلى موت البيض داخل العائل .

2 ـ الاستجابة المناعية في الفقاريات :
وتتمثل في جهاز المناعة الذي يقاوم الميكروبات المسببة للأمراض في الإنسان والحيوان .

3 ـ مناورات إبعاد الطفيل :
يحاول العائل إبعاد الطفيل أو الهرب منه ، وعلى سبيل المثال تتحرك بعض يرقات الذباب للهروب من المفترسات والطفيليات .

4 ـ سلوك إزالة العائل :
يوجد هذا السلوك في الطيور والثدييات ، حيث يحاول العائل إزالة الطفيل الذي يعلق بجسمه .

منقول

الشارقة
مشكور أخوي شعباوي -23

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.