التصنيفات
الرعاية الاجتماعية و النفسية

رحلتي مع الإرشاد

<div tag="7|80|” >
رحلتي مع الإرشاد (19
الجانب الإنساني في الإدارة مهم جدا ، فنحن نتعامل مع بشر لانتعامل مع حديد نتعامل مع مشاعر وأحاسيس فبمقدار ما يكون المدير متفاعلا مع العاملين مقدرا لظروفهم مراعيا لأوضاعهم الحياتيه والصحية ، بمقدار ما يكسب ودهم وتفانيهم في العمل ، أما إذا كان المدير يتعامل مع مرؤوسيه رسميا و لايهمه في الدرجة الأولى إلا أن يسير عمله على خير مايرام بغض النظر عن الجانب الإنساني ، فالناظر سيلحظ أن هناك انضباطا في العمل ولكنه انضباط زائف لخلوه من الروح الإنسانية، والتعامل التفاعلي، وفي ظل الإدارة التعسفية يقل الانتاج وتكثر المشاكل ويسود النفاق والتبرم من العمل والغياب وقلة الانضباط0
قدمت هذه المقدمة البسيطة لأطرح أمثلة للتعامل الإنساني الراقي مع المرؤوسين ، حدثني أحد الأقارب عن شخصية معروفة في مجتمعنا تتسم شخصيته بالهدوء والوقار والعقلانية والعلم والأدب ، هذا الرجل هو معالي الدكتور/ غازي القصيبي يقول قريبي إن الدكتور غازي يجبرك أن تعمل معه بصدق وتفان ، ويفرض عليك حبه واحترامه قلت: كيف ؟ قال : عندما كان يعمل رئيسا لسكة الحديد بالرياض دخل عليه في مكتبه أحد العاملين في سكة الحديد كان يعمل في الورشة لابسا بدلة زرقاء ملطخة بالزيت ، وكان الدكتور غازي يتكلم بالتلفون فأشار الدكتور إلى الرجل أن يجلس على الكنب ، ولكن الرجل لم يجلس وبعدما فرغ الدكتور من حديثه قال للرجل: لماذا أقول لك أجلس على الكنبة فلم تجلس؟ فقال الرجل : يا دكتور غازي أنا لبسي غير نظيف كيف أجلس على الكنب وأنا هكذا، فقال الدكتور غازي : لوكان هذه الكنب يتكلم لقال لك وبكل احترام اجلس علي ، فتعجب الرجل لأنه لم يسمع من قبل بمثل هذا الكلام الراقي!! ، ثم سأل الدكتور غازي الرجل ، لماذا جئت إلى هنا ؟، فقال : لقد طلبت من مدير الورشة إجازة 5أيام لأن زوجتي في حالة وضع فرفض فقال له الدكتور غازي : خذ هذه 5 آلاف ريال سماوة لولدك من غازي وخمسة الآف ريال هدية من المحطة واذ هب يا ابني حتي تصلح أمورك وتعود لعملك بسلام ، فبكى الرجل وقبل رأس الدكتور غازي لأنه حسسه بإنسانيته التي لاتوجد عند كثير من المديرين 0
واقرأوا معي هذه القصة لأحد المرشدين في مدارس مدينة الرياض ، ورد إلى مكتبي عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد بإدارة التربية والتعليم ، معاملة لمرشد قدم استقالته عن العمل لأنه أصيب بمرض نفسي معروف اسمه ( انفصام الشخصية ) قدم استقالته لمدير مدرسته ففرح لذلك المدير ورفعها لمدير الشؤون الإدارية والمالية بمنطقة الرياض ، وقبل البت فيها اتصل بي مدير الشئون المالية ، وقال: هناك مرشد مقدم استقالته هل نوافق على ذلك وكنت اعرف هذا المرشد مريضا نفسيا ، يستخدم الأدوية النفسية فقلت لمدير الشئون المالية أرسل لي المعاملة ، وأخذت المعاملة وأغلقت عليها في مكتبي، وطلبت حضور أهل هذا المرشد وجاءوا لي ، وأخبرتهم بالقصة ، وإني غير راض عن تقديمه الاستقالة لأن حالته الصحية لاتخوله ليقرر قرارا سليما فلو فقد الوظيفة وقع في مشكلة أخرى غير مشكلته الصحية ، واقترحت على مديرا لشئون الإدارية أن تحور وظيفته إلى وظيفة إدارية ويكون في إحدى المدارس الابتدائية بعيدا عن الطلاب حتى يشفيه الله فوافق المدير على ذلك وكذلك والده وأخواه ، فكانوا يعرفون مديرا يمكن أن يتساعد معهم فنقل عنده ، انا أعتقد أن هذا موقف إنساني يجب أن يتسم به المدير الناجح في الإدارة 0
سفينة الإرشاد تمخر عباب البحر ، فتتعرض في طريقها إلى اللصوص والأعداء الذين يحاولون أن يسرقوا ما بداخلها من مجوهرات ثمينة أو على الأقل يعرقلوا سيرها ، ونحن بداخل هذه السفينة نتعرض للأذى والمخاوف فالبحر مخيف ، وفي نفس الوقت جميل ، فمن رواد هذه السفينة الخائف أو الساكت لأنه ليس لديه قدرة على المواجهة ومنهم الصامد المكافح الذي رد على كيد الأعداء ، بالقلم واللسان ، سفينة الإرشاد تسير بهدوء وببطء تراقب الأحداث ،وحالة البحر ، تنتظر الإغاثة من أصحاب الشأن وأهل الحل والعقد ، ومما يبشر بالخيرأنها هذه الأيام بدأت سفينة الإرشاد تشم طعم الراحة ، وبدأ الناس يعرفون ماهية الإرشاد 0
من القذائف التي أطلقت على الإرشاد أن مصدره غربي ونحن لاحاجة لنا بالغرب ، فلدينا من التراث ومن الكتاب والسنة ما يغنينا عن معتقدات الغرب وفساد أخلاقه ، هذا صحيح نحن لاحاجة لنا بمعتقدات الغربيين وأخلاقهم ، ولكننا في الإرشاد لانأخذ معتقداتهم ولا أخلاقهم إنما نستفيد من تجاربهم وأساليبهم في التعامل مع الكائن البشري والحكمة ضالة المؤمن يبحث عنها أنى وجدها ، أما كون الإرشاد مصدره من الغرب فنحن نأخذ من الغرب ما يتفق مع مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا ونرفض ما عداه ، ومع الأسف الشديد أننا نحتاج لغيرنا في أتفه الأشياء ، فهم يصنعون لنا ملبسنا ومركبنا ومأكلنا وكل شيء ونحن نأكل وننام فقط و لانعمل شيئا ، نحن أمة مستهلكة لاأقل ولا أكثر ، وهذا سبب تأخرنا عن غيرنا 0
الاختبارات التحصيلية لاتكشف عن المواهب والقدرات والإبداع لأنها تركز على الحفظ والاستيعاب للمادة المدروسة وتنتهي علاقة الطالب أو الطالبة بالمادة العلمية عند الانتهاء من الاختبار وهذه مصيبتنا في التعليم ، من ذكرياتي القديمة لما كنت وكيلا لثانوية الجزيرة بالرياض أن طلب منا المسئولون عن إذاعة الرياض ترشيح طالبين من طلاب المدرسة للمشاركة في برنامج اسمه طلابنا في الميدان هذا البرنامج كان يقدمه المذيع اللامع إبراهيم الذهبي –رحمه الله- قمت بترشيح طالبين كالعادة من القسم العلمي واحد من ثالث ثانوي والآخر من الصف الثاني ثانوي ، وقد اعترض بعض الزملاء على الطالب الذي من الصف الثاني لأنه غير متفوق دراسيا ، وأما الآخر فكان متفوقا ويحصل على الترتيب الأول دائما ، فأصريت على ترشيح الطالب الأخر على الرغم أنه غير متفوق ولكنه واسع الثقافة يقرأ دائما ولديه موهية شعرية لكنه لايركز على استذكار دروسه ، واختياري لهذا الطالب كان نابعا من إيماني أن الموهبة والإبداع شيء والتفوق الدراسي شيء آخر ، لذا فإن هناك فئات من الطلاب مظلومة في المدارس لايتلقون الرعاية والاهتمام مثل هذا الطالب ، لقد شارك هذان الطالبان في البرنامج المذكور وتفوق هذا الطالب على المشاركين جميعا بمن فيهم الطالب الأول بمدرستنا ، والله الموفق 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.