التصنيفات
الرعاية الاجتماعية و النفسية

رحلتي مع الإرشاد


رحلتي مع الإرشاد(23)

طلبت مني دكتورة مشهورة في علم النفس هي الدكتورة / أمل المخزومي ا التعاون معها في إعداد بحث عن الإرشاد على اعتبار أنها خارج البلاد وأنا عايشت التعليم والإرشاد فترة من الزمن تقارب 34عاما فعرفت حلوه ومره ، كان البحث الذي اقترحته الدكتورة مقارنة الإرشاد في البلاد العربية بالدول المتقدمة فيه، وقالت إذا كان لديك بحوث حول ذلك الموضوع فزودني بها فرددت عليها بالنفي- مع الأسف الشديد- ، وأنا في غاية الحياء والخجل،
، وتذكرت أن أحد الدكاترة في جامعة الملك سعود ، قسم علم النفس أقترح أو أن الأسرة الوطنية للتوجيه والإرشاد كلفته بإعداد بحث مهم جدا للإرشاد وهو بحث ميداني لتقويم برامج الإرشاد المعمول بها الآن لاستخلاص ما يخدم الطالب من عدمه وإلغاء بعض البرامج التي لاتفيد الطالب كثيرا ، ولكن الوزارة بخلت بالإنفاق عليه مع أنه ضروري جدا والوزارة كما يقولونتزلق في البنه ) مثل عامي أهل نجد يعرفونه ، بينما هي تنفق أموالا طائلة على الحفلات والانتدابات والرتوش والنقوش وأمور ثانوية لا توازي أهمية هذا البحث ، والسؤال الآن ، كيف بنا نستطيع تطوير برامج الإرشاد بدون البحث العلمي؟ ، هذا مستحيل طبعا 0
هناك ملاحظة لابد من ذكرها وهي أننا في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد حاولنا إنشاء إدارة أو قسم خاص للقياس النفسي يشرف عليه أحد الأخوة الزملاء المختصين الهدف منه مسح الميدان والاطلاع على المقاييس والاختبارات الموجودة في الجامعات واختيار ما يصلح منها وتطبيقه على الطلاب ولكن عورض إنشاء هذا القسم خوفا- كما ذكروا- من الازدواجية لوجود إدارة عامة للقياس النفسي في الوزارة لم يستفد منها الإرشاد شيئا حتى هذه الساعة ، فلا القسم أحدث في الإدارة ولا إدارة القياس أفادت الإرشاد شيئا وعلى ذلك فقس كأن الإرشاد يدور في حلقة مفرغة لايدرى أين طرفاها ؟ 0
أتذكر لما كنت معلما في المرحلة الثانوية ، دخلت على طلاب الصف الأول ثانوي ولا حظت أن أحذية علقت على السبورة ، ففكرت وقلت في نفسي إذا غضبت وزمجرت وعاقبت الطلاب جميعا لأنهم لن يخبروني بالفاعل ، مع علمي أن علاقتي بالطلاب ممتازة ، وما فعلوه مجرد عمل صبياني لأن الطلاب عادة يحبون استفزاز المعلم ليعرفوا ردة فعله ، المهم أخذت الأحذية من على السبورة ووضعتها جانبا ، بعد ذلك كتبت على السبورة هذه العبارة ( وضع الطالب الحذاء على السبورة ) ثم طلبت من الطلاب التفكير في أعراب هذه الجملة وأقمت أحدهم ليعرب العبارة وهكذا مرت هذه الحادثة دون أية ردة فعل مني وكأن شيئا لم يحصل ، ولم يعد الطلاب لفعل مثلها مرة أخرى ، هذا موقف من المواقف التي تحصل في المدارس ، لكن المعلمين يختلفون في علاج مثل هذه المشكلات فبعض المعلمين يغضب ويزمجر ويرتفع ضغطه بدون فائدة والطلاب يضحكون عليه بل يزدادون في العبث الصبياني الذي يستفز معلمهم لأن ذلك يروق لهم 0
لم أكثر من الحديث عن زياراتي خارج الرياض ، فهي زيارات ممتعة وجميلة التقيت فيها بأخوة وزملاء يتدفقون حيوية ونشاطا ، غمروني بكرمهم واهتمامهم حتى بعد تقاعدي ، وكثيرا ما يشكو المتقاعد من تخلي الرفقة الأصحاب عنه لخفوت الأنوار عنه وفقدانه منصبه أما أنا فلا أشكو من التقاعد -والحمد لله -إنما أعتبر التقاعد فترة التفرغ للنفس والراحة والمتعة والصلة بالله وبالناس والأرحام وهذه متعة الدنيا ولا شيء غير ذلك ، المهم أنني زرت محافظة الأحساء وهي محافظة جميلة لي قيها ذكريات الصبا والشباب ، وأهل الإحساء بطبيعتهم طيبون لم تفسدهم المدنية بعد ، عندما يزورهم الضيف فكأنما هو عند أهله وعشيرته ، حصل أ ني في إحدى زياراتي لمحافظة الإحساء موقف ظريف لابأس من ذكره وهو أن أحد الزملاء المشرفين في المحافظة دعاني ليلالتناول العشاء معه في أحد المطاعم الجميلة في الهفوف ، وكان معي شنطة فيها بعض الأغراض وضعتها في سيارته في المرتبة الخلقية وعند الانتهاء من تناول العشاء عدنا للسيارة فلم نجد الشنطة فقام زميلي وبلغ الشرطة فحضر الشرطي وأخذ البصمات وطلب منا مراجعة القسم للتبليغ عن السرقة وذهبت أنا وزميلي وبلغنا ، وعندما هممنا بالخروج لفت انتباهي شاب واقف عند مدخل باب المركز في سن الدراسة ،وهو يحمل في يده رشاشا، فسألته لماذا لاتكمل دراستك يا ابني ؟ فقال. بكل برود الدراسة ما توكل عيش يا أستاذ، تضمن لي أن أدخل الجامعة ـ فقلت: لا قال تضمن لي بعد التخرج وظيفة ، فقلت أيضا لا فقال إذا دعني وشأني قلت في نفسي إن هذا الشاب كلامه صحيح إذا لم يقبل بعد تخرجه من الثانوية في الجامعة إلى أين يذهب؟ المرحلة الثانوية صممت مناهجها للطلاب الذين يقبلون في الجامعة والطالب الذي لايقبل في الجامعة إلى أين يذهب ؟ الشركات لاتقبل إلا من لديه مهارة وخبرة ، إذن ليس أمامه إلا أن ينام في منزله أو يتسكع في الطرقات ، الجامعات اليوم لاتقبل الطالب إلا الحاصل على مستوى ( ممتاز) وأكثر فأين يذهب أغلبية الطلاب الذين مستوياتهم؟ ( جيد جدا) وأقل ، أنا في نظري ليس شرطا أن الطالب يدخل الجامعة ولكن لابد أن يكون لديه مهارة حتى يستطيع أن يحصل على وظيفة في إحدى الشركات أو المؤسسات ، غالبا الطلاب بطيء التعلم لايستطيعون دخول الجامعة لأن قدراتهم العقلية لاتسمح لهم بذلك ، فهم ينجحون إلى حد كبير في المهن التي لاتتطلب التفكير المجرد فلماذا لايعدون لها؟ ، حتى نضمن عدم انحرافهم ونستثمرهم لصالح الوطن ، كما أن هناك طلابا تعتريهم ظروف عائلية تمنعهم من مواصلة الدراسة فأين يذهب هؤلاء ؟ والله الموفق إلى سواء السبيل 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.