التصنيفات
الرعاية الاجتماعية و النفسية

رحلتي مع الإرشاد

رحلتي مع الإرشاد(45)
أنا لم أعجب من شيء عجبي من أن المعلم في يوم وليلة يتحول إلى مرشد طلابي ، وكأن الإرشاد محطة استراحة من عناء التدريس ، ومع ذلك عندما تقول للمسئولين كيف يحصل ذلك يقولون المعلم أدرى بمصلحة الطلاب من غيره ، وهو يتحول إلى وكيل وإلى مدير وممكن يصبح مدير تعليم فليس لدينا خصوصيات في التعليم وما الذي يميز الإرشاد حتى لايتحول إليه المعلم ، قلنا إن الإرشاد عمل فني يحتاج إلى تدريب ومهارة ، والمعلم لم يعد أصلا ليصبح مرشدا طلابيا قالوا يمكن أن يدربوا على رأس العمل بعد أن يصبح المعلمون مرشدين ، لكن المعلمين الذين تحولوا للإرشاد لم يدربوا ، وبقوا يمارسون الإرشاد بشكل صوري ، سجلات ونصائح ومواعظ لا أقل ولا أكثر 0
ع عندما نتحدث عن الإرشاد المهني ينبغي لنا أولا أن نعرف الإرشاد المهني لأن البعض لا لا يعرف ماهو الإرشاد المهني؟ ، فالإرشاد المهني هو ( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وفقا لقدراته وميوله واستعداداته ) ، والإرشاد المهني جانب مهم من جوانب التوجيه والإرشاد ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن ، هل الإرشاد المهني مطبق في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية وغيرها؟ ، وهل كل موظف الآن يعمل في وظيفة أو مهنة تتفق مع قدراته وميوله ؟ الحقيقة المرة أن الإجابة (لا )مع الأسف الشديد ، لقد دخل الإرشاد المهني في المدارس عندما ارتفعت نسبة الراسبين في التعليم العام وأصبح السبب واضحا للتربويين ، أن أسباب رسوب الطلاب أوتركهم للجامعة لأنهم يسجلون في كليات لاتتفق مع قدراتهم وميولهم ، عندما تسأل طالبا ما هل أنت راغب هذه الكلية التي تدرس فيها؟ يقول : ماذا أعمل أنا لا أحب هذا النوع من الدراسة ، ولكن أمري لله لقد وضعوني فيهاوإذا لم يعجبني الوضع أضرب براسي عرض الحائط ، مثل هذا الطالب مع الأسف يمكث في هذه الكلية مدة قليلة ثم يخرج منها ، لأنه لايحب هذا النوع من الدراسةالتي لاتتفق مع قدراته وميوله 0
نحن في التعليم العام نقول إن لدينا إرشادا تعليميا ومهنيا ، بمعنى أن الطالب يوجه للدراسة التي تتناسب مع قدراته وميوله ولكن الواقع يقول غيرذلك لأن الطالب لايعرف نفسه ولايعرف قدراته واستعداداته لأنه يتخرج من الثانوية وهو لايدري إلى أي كلية يتجه ، لأنه لم يجد في المدرسة الثانوية من يوجهه إلى الدراسة التي تتفق مع ميوله وقدراته لذا نجده يتخبط بعد أن يتخرج من الثانوية العامة لايدري إلى أين يتجه ؟لأنه لم يرسم هدفا يتجه إليه ، فمن المسؤول عن هذا الكم الهائل من الطلاب الذين لايدرون إلى أين يتجهون؟ أهو المدرسة أم الجامعة ، والطلاب الذين يفشلون في الجامعة إلى أين يذهبون ؟ وهم بعد لم يتهيأوا للعمل ، كما أن هناك أعدادا هائلة من خريجي الكليات لم يحصلوا على وظيفة بعد 0
وما دمنا بصدد الإرشاد المهني ، هل سألنا أنفسنا يوما عن سبب تأخر بعض الموظفين أو غيابهم عن العمل وعدم إنتاجهم ، المدير لايهمه إلا أن يحسم على الموظف الذي يغيب أويفصله دون أن يكلف نفسه بالسؤال عن سبب غياب الموظف ، أليس هذا الموظف ربما يكون غيابه وقلة إنتاجه سببه أنه لايناسبه هذا العمل لماذا لايفكر الرئيس أو المدير بتغيير عمل الموظف إلى عمل آخر ربما يناسبه وتزدادانتاجيته فيه أفضل من فصله أو الحسم عليه ، أذكر أني كنت رئيسا للتوجيه والإرشاد بمنطقة الرياض التعليمية ولدي أحد الموظفين كثير الغياب وقد نبهته عدة مرات ولكن لم يفد معه هذا التنبيه ، فعرضت أمره على مدير الشئون الإدارية فاقترح المدير وضعه في قسم يناسبه وهو قسم الجوازات ( جوازات المتعاقدين ) بحيث يأتي في الصباح ويأخذ الجوازات ويذهب بها إلى الجوازات وفي الظهر يعيدها ، فناسبه هذا العمل واستمر فيه ، فلو كان مديرو الإدارات يفكرون هذا التفكير لذللت أكثر المصاعب التي تعترض الموظفين ، لأنه من ناحية إنسانية الراتب الذي يستلمه هذا الموظف في الواقع هو لأطفاله وزوجته فكأننا إذا حسمنا على موظف غائب نعاقب من لاذنب له( الزوجة والأطفال 0)
المشكلة التي نعاني منها في هذا المجتمع أمية الإرشاد المهني ، تجد موظفا يمسك بزمام عمل مهم وحساس وهو لايفقه شيئا ، فهو ليس في مكانه المناسب ، ومن هنا تسؤ حالة العمل ويتذمر الموظفون الذين يرأسهم لأنهم لايجدون الدعم والمساندة من مديرهم ففاقد الشيء لايعطيه ، أنا على يقين بأن الرئيس الذي يوضع في غير مكانه لن يكون مرتاحا ، وإنما هو يمسك بالوظيفة ليعيش أو يستفيد من ورائها مكانة ومركزا يشبع فضوله أمام الناس أما إنتاجيته في العمل فستكون صفرا – مع الأسف الشديد -أن الكثير ممن يعمل في السلك الحكومي لاينتجون ، فقط تجد الكثير منهم يحافظ على الدوام وقراءة الجرائد ، ويستلم الراتب في نهاية الشهر فهو أشبه ما يكون بمن يستلم راتبه من الضمان الاجتماعي 0
لقد كانت إدارة القياس النفسي في وزارة التربية والتعليم تعمل على انتاج اختبار يسمى إختبار القدرات والميول ولكنه لم ير النور حتى ساعة كتابة هذا المقال ، فالمدارس الثانوية وبالذات طلاب الصف الأول ثانوي بحاجة ماسة إلى هذا الاختبار ، لتقسيم الطلاب على الأقسام المعروفة في المدرسة (القسم الطبيعي والإداري و الشرعي ) لأنه من خلال هذا الاختبار يستطيع الطالب أن يعرف ماهي قدراته وميوله في وقت مناسب ، أما أن يترك يتخرج من الثانوية العامة وهو لايدري إلى أين يتجه فهذا هو الضرر الذي ما بعده ضرر ،وأنا على يقين أن الضعف الذي لحق بالتوجيه والإرشاد فاقم هذه المشكلة إذ أن أغلب المتحولين إلى الإرشاد من المعلمين لايدركون أهمية الإرشاد المهني في المدارس وبالذات في المرحلة الثانوية فضلا عن قيامهم بتبعا ته،، والله الهادي إلى سواء السبيل 0
شكرا ويعطيك العافية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.