المرة الأولى
قصة للأطفال بقلم: جميل السلحوت
قلب بكر ابن الخمس سنوات الورقة الأولى من دفتره ….
بكر يحمل قلم الرصاص في يده اليمنى …
بكر يحاول ان يمسك قلمه بأصابعه الثلاثة – الإبهام والسبابة والوسطى – كما تفعل معلمته زينب …
بكر لم ينجح في وضع القلم بين أصابعه كما تفعل معلمته …. يحاول ….. ويحاول …. مرة يضم أنامل أصابع يده اليمنى الخمس … ومرة يفلت إصبعه الخنصر .
لكنه لم يرض عن كيفية إمساكه للقلم ، لأنه لا يشبه إمساك معلمته له .
… تتحرك الصفحة البيضاء مصفقة لبكر …. مثلما تصفق والدة لابنها الرضيع وهو يخطو خطوته الأولى متهيبا خائفا من الوقوع .
بكر يسمع الورقة تقول له : لا بأس يا صديقي … هيا اكتب اسمك على صدري …. لا تتردد … فيدك الصغيرة الجميلة وأصابعك تلتف على القلم كزهرة اللوز .
بكر يتشجع … يحمل القلم بأربع اصابع … يضغط على الورقة بقوة … تنكسر رصاصة القلم بعد ان كتب حرف الباء " بــ " ابتسمت الورقة … وقالت له : لا تخف يا عزيزي ….
غضب بكر..ألقى القلم على الدفتر وعاد الى سريره حزينا…رأته والدته …خففت من روعه …وقالت له:يحدث هذا دائما مع الأطفال جميعهم في مثل عمرك…لكن بما أنّك الأذكى فانك ستتعلم قبلهم …طبعت قبلة على جبينه وهي تـُردد :هيا انهض يا بني وحاول مرة أخرى ،فأنا متأكدة أن محاولتك هذه ستكون ناجحة…نهض بكر على استحياء وتوجه الى الطاولة…
بكر يحمل المبراة … ويبري القلم من جديد…
بكر يكرر المحاولة مرة أخرى…بكر لم يضغط على القلم بقوة مثل المرة السابقة … بكر كتب من جديد بـ …..ك….. جاء حرف الكاف بين السطر الأول والثاني … وحرف الكاف جاء على لاسطر الثاني.
الورقة تبتسم لبكر مرة أخرى وتقول له : ممتاز أيها الولد الوسيم، لكن يجب ان تكتب اسمك على سطر واحد ، حاول مرة اخرى .
بكر يمحو ما كتب .. يضغط على الممحاة .. يصدر صرير عن الورقة … لكنها لم تتكلم ، الورقة تئن .. تنبعج الورقة .
بكر يغضب … وتكشيرة تعلو وجهه.
الورقة تبتسم وتقول لبكر : لا عليك يا عزيزي … اكتب مرة اخرى على صدر شقيقتي.
بكر يعتدل في جلسته … يمسك القلم …يكتب اسمه على صدر الورقة الجديدة … يكتبه على السطر الأول بحروف كبيرة .
نسمة خفيفة تمر على وجه الدفتر … الأوراق تتحرك وتصفق لبكر …
بكر يسمع الورقة تقول له : ممتاز ايها الطفل الرائع …
بكر يفرح كثيرا … يشكر الورقة التي فتحت ذراعيها له ويكرر كتابة اسمه خمس مرات في كل سطر …
بكر يكتب على سطر ويترك السطر الذي يليه الى أن امتلأت الورقة …
في السطر الأخير كان اسم بكر جوهرة تتلألأ على صدر الورقة، فصفقت له بصحبة والدته التي فرحت لابنها الذي يتعلم اصول الكتابة والقراءة.