وقيل أن القصيدة كتبت مساء السبت الثامن عشر من مارس 63 م بعد أن زار السفير السوري في مدريد وزوجته ونزار مدينة غرناطة وقضوا فيها يومين …والقصيدة تحمل لمحة من الحزن ، اعتبرها الكثيرون تأثرا بجلال المكان وذكريات ضياع غرناطة ..
ماحكاية القصيدة ؟
باختصار كان نزار قباني يزور اسبانيا (بلاد الأندلس) في عصر المسلمين قبل سبعة قرون ,, وكانت الأندلس مهد الحضارات والإبداع والعلم والفن ,, وذهب الكثيرون إلى أن تطور أوربا بسبب الأندلس التي ساهمت في بناء أوربا ,, إضافة إلى ماكانت تتمتع به من أمور كانت الطبيعة فيها رائعة والقصور وغيرها من أمور حضارية جميلة ,, على كل حال زار قباني اسبانيا في هذا العصر ,, وذهب إلى قصر الحمراء الموجود في غرناطة ,, وهذا القصر إلى الآن موجود في اسبانيا بناه المسلمون,, عموما حينما ذهب قباني إلى قصر الحمراء ,, وهو يتجول فيه وجد فتاة ……………….. ,,, ولن أكمل ماحصل ,, فلعلكم تقرؤونه فيما يلي من شرح للقصيدة من خلال الأبيات ,, وأود أن أذكركم أن القصة هذه حقيقية حسبما سمعت من أكثر من مصدر :
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا .. ما أطيب اللقيا بلا ميعاد
هنا يقول نزار أني كنتُ أريد أن ادخل قصر الحمراء ,, ولما أردت أن ادخل من عند الباب وجدتُ فتاة ,, فهو هنا يقول وجدتها عند مدخل الحمراء ,, ويقول ماأجمل هذا اللقاء وما أطيبه حيث تم من دون ميعاد بل جاء صدفه ,, وكأنه هنا يقول أن الفتاة هذه قد أحببتها صدفة حينما وجدها عند باب قصر الحمراء .
عينان سوداوان في حجريهما .. تتوالد الأبعاد من أبعاد
يقول أن هذه الفتاة عيونها سوداء ومتلألئة من بعيد لمحت هذه العيون السود ,, ويقول لأن عيونها سوداء استبعدتُ أن تكون اسبانية ومن المؤكد أنها من الشرق أو أنها عربية ,, فالأسبان عيونهم خضراء وزرقاء ,, المهم قال لهذه الفتاة :
هل أنت إسبانية؟ ساءلتها .. قالت: وفي غرناطة ميلادي
يقول أني سألتها لما شاهدت عينها أريد أن أتأكد هل هي فعلا اسبانية أم لا ,, فقال لها أيتها الفتاة هل أنت ِ أسبانية ,, وبردة فعل منها وبتعجب ,, قالت : وفي غرناطة ميلادي ,, كأنها تقول أنا لست اسبانية فقط بل من غرناطة ,, كقول النجدي حينما يسأل هل أنت سعودي يقول سعودي ومن نجد أي من مدى انه سعودي هو من نجد ,, بحيث لايمكن أن يكون هناك مدخل للشكوك بأنه ليس سعودي ,, فلذلك قالت وفي غرناطة ميلادي أي أنا ولدت في غرناطة وموطني أسبانيا ,,, ولما قالت هكذا أدرك شيئا كبيرا نزار,, وقال
غرناطة!؟ وصحت قرون سبعة .. في تينك العينين.. بعد رقاد
تذكر غرناطة مدينة المسلمين والعرب تذكر أيام العرب والأمة التي كانت هناك ,, فقال : غرناااااااااااااطة ,, أنه يتذكرها الآن وتعود به الذاكرة إلى أيام المسلمين وقوتهم وأثارهم ,, فقال يالله ياغرناطة لقد صحيتي في تلك العينين السود التي في هذه الفتاة ,, فأدرك نزار أن الفتاة التي قالت عن نفسها إنها من اسبانية ومن غرناطة أيضا ,, أنها هي عربية في الأصل , ,فآبائها هم من كانوا العرب قبل سبع قرون ,, وأدرك الآن نزار قباني أن هذه الفتاة هي عربية ولكنها لاتعلم ذلك أنما تظن نفسها أنها اسبانية 100% ,, ولما أدرك نزار ذلك ,, صمت ولم يعلمها أنها من أصول عربية ولعله قال سأصبر إلى أن يحين الأمر واخبرها ,,, المهم أن نزار لم يخبرها حتى الآن .
وأمية راياتها مرفوعة .. وجيادها موصولة بجياد
هنا يتكلم عن بني أمية الذين حكموا هذه البلاد وفتحوها عن طريق عبدالرحمن الداخل
ما أغرب التاريخ كيف أعادني .. لحفيدة سمراء من أحفادي
هنا يقول ماأغربك أيها التاريخ كيف أعدتني إلى فتاة كان أبي أبيها واحد ,, كيف اعدتنا الى أن نرى بعض ونحن أحفاد لأب واحد ,, كيف اعدتني الى هذه العربية التي تجمعنا وحدة الدم والإخوة ,, فهو يقول لحفيدة من أحفادي , وهنا يقول سمراء ,, (ويقال في العربية أن السمراء هي البيضاء ),, أو أن نزار أراد أن يقول سمراء ,, قياسا بما يقوله الغرب ,, فالأبيض لدينا في العرب يقول عنه الغربيون أنه اسمر وليس ابيض قياسا ببياضهم .
وجه دمشقي رأيت خلاله .. أجفان بلقيس وجيد سعاد
يقول هنا أني لما شاهدتها وقالت أني من غرناطة وعرفت ان عيناها سوداء ,, بدأت تتبين لي أشياء من ضمنها وجهها وجه دمشقية عربية ورأيت فيها أجفان بلقيس ملكة سبأ وجيد سعاد المحبوبة والعربية التي يضرب بجمالها المثل
ورأيت منزلنا القديم وحجرة .. كانت بها أمي تمد وسادي
بعد ذلك بدأ نزار قباني يتمشى في قصر الحمراء ,, ويقول رأيت غرفة ,, وتخيل انها غرفته ويقول رأيت ان هناك منزل وهناك حجرة كانت أمي توسدني وتمد تلك الوسادة كي أنام
والياسمينة رصعت بنجومها .. والبركة الذهبية الإنشاد
وهنا يصف الياسمينة ولعلها السقوف ,, ويصف البركة الموجودة في القصر .
لما تعرف نزار على هذه الفتاة التي هي من أصول عربية ,, قال لها أنني من دمشق ,, سألته الفتاة الاسبانية ( العربية الاصل ) يانزار هذه دمشق التي تقول انك منها , أين تقع !!؟
فصمت نزار وراح يكتم عبراته وأخذ يقول في قلبه وهو صامت لم يرد على سؤال تلك الفتاة البريئة التي حتى الآن لم تعرف شيئا عما في قلب نزار
فسأترككم مع هذا الحوار ,, وما قاله نزار بصدره بعد أن صمت بعد سؤالها عن دمشق أين تكون :
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها .. في شعرك المنساب.. نهر سواد
وفي وجهك العربي، في الثغر .. الذي ما زال مختزناً شموس بلادي
في طيب «جنات العريف» ومائها .. في الفل، في الريحان، في الكباد
هنا يقول لها بصدره دون أن يوجه الكلام إليها دمشق ياسيدتي هي أنتِ انظري إلى شعرك الأسود انظري إلى وجهك العربي انظري إلى ثغرك الذي مختزن تلك الذكريات المجيدة العربية انظري إلى الجنات إلى الرياحين وغيرها من الامتيازات التي تتميز بها معالم العرب
سارت معي.. والشعر يلهث .. خلفها كسنابل تركت بغير حصاد
يتألق القرط الطويل بجيدها .. مثل الشموع بليلة الميلاد
يقول سارت معي ,, أي مشينا جميعا ,, ونحن نمشي يلهث شعرها خلف ظهرها كأنها سنابل طويلة تركت ولم تحصد .
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي .. وورائي التاريخ كوم رماد
يقول أخذت بيدي هذه الفتاة حيث لا أعلم ,, يقول مشيت خلفها لتدلني الطريق حيث نذهب ,, يقول مشيت خلفها كالطفل الذي يمشي خلف أمه ,, وأنا امشي أتذكر ذلك التاريخ المجيد الذي أصبح رمادا الآن ,, وأنا امشي والذكريات تمر إمام مخيلتي
الزخرفات.. أكاد أسمع نبضها .. والزركشات على السقوف تنادي
يقول وأنا امشي خلف هذه الفتاة كأني اسمع نقوش وزخرفات التي تنقش أيام العرب بل أني الآن وأنا اشاهدها بأم عيني كأني اسمعها تنبض ,, وها أنا الآن أشاهد الزركشات التي في السقوف كأني بي تنادي , على كل حال نزار قباني الآن هو مازال يمشي خلف هذه الفتاة التي يقول عنها انه يمشي خلفها كأنه طفل يمشي خلف رجل ,, وهو في طريقه لا يعلم أين تريد هذه الفتاة أن تأخده ,, كل مايعرفه نزار أن هذه الفتاة تريد أن تأخذه لأمر لايعلم ماهو ,, ولكنه يقول لامانع سأمشي معها الآن وسأرى مالذي تريد أن تريني إياه .
قالت: هنا «الحمراء» زهو جدودنا .. فاقرأ على جدرانها أمجادي
ولما وصلت إلى المكان الذي تريد أن تريني,, قالت تلك الفتاة الاسبانية مفتخرة ومتباهية ,, قالت هنا الحمراء ,, كأنها تقول أيها السائح الذي أتيت لتزور اسبانيا تعال وانظر هنا الحمراء زهو جدودنا فإقرء على جدرانها أمجادي,, انظر إلى هذه الجدران كيف بناها آبائنا الأسبان انظر كيف أبدعوا انظر أيها السائح إليها ,, الآن نزار اندهش واضطرب وقال بكل حسرة وألم :
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نازفاً .. ومسحت جرحاً ثانياً بفؤادي
أمجادها ,, أي أمجاد تتحدث هذه الفتاة التي تقول تعال وانظر إلى أمجادنا الاسبانية ,, ألا تعلم هذه الفتاة أن أمجادها هذه الذي بنوها أبائها العرب ,, إلا تعلم إنها عربية ,, انها لاتعلم ,, فقد كانت تظن ان الذين بنوها هم الاسبان ,, ويقول لما قالت ذلك الامر مسحت جرح نازف بقلبي وهو جرح اخر غير ذلك الجرح ,, ولما قالت ذلك ولما تعجب من قولها ,, ولما مسح الجرح الذي في فؤاده ,, قال
يا ليت وارثتي الجميلة أدركت .. ان الذين عنتهم أجدادي
يقول ياليت هذه الفتاة التي جعلت أمامي تفتخر ونزهو.. تقول انظر إلى أمجاد آبائي الأسبان ,, باليتها أدركت أنها عربية ياليت هذه الفتاة الوارثة التي هي من أصلاب العرب ,, أن هؤلاء الذين بنوا الحمراء هم أجدادي وأجدادها العرب وليسوا الأسبان ولكنها لاتعلم ولاتدرك ذلك ,, فهي ولدت اسبانية ولاتعرف أن أصلها عربي ,, وأن هذه القصور ليست اسبانية إنما هي عربية ,, وبعد أن مر وقت وربما اخبرها نزار أو لم يخبرها ولما حان وقت الرحيل جاء يريد إن يعانق هذه الفتاة التي أصولها عربية وكانت لاتعلم ذلك ,, يقول :
عانقت فيها عندما ودعتها .. رجلاً يسمى «طارق بن زياد»
وطارق بن زياد هو الذي قاد الجيش العربي لفتح الاندلس
لكي مني كل الشكر والتقدير على هذا المجهود الذي تستحقين عليه وسام شرف
وان شاء الله يستفيد منه الطلبه والطالبات
تقبلي مروري وتحياتي
وبورك قلمك ..
بارك الله فيكِ
بارك الله فيك
تقبلي مروري