الهـــــــــــــــــــــــلاك
استمر نبى الله هود عليه السلام يدعو قومه من اهل (( عاد )) إلى ترك عبادة الأصنام , والاتجاه إلى عبادة الله الواحد الأحد , الفرد الصمد . .
لكن قومه لم يستجيبوا له , ولم يؤمنوا به , بل سخروا منه , واستهزءوا بعقله , واتهموه بأشياء هو برئ منها .. اتهموه بأن عقله قد أصبح مختلا ,
ولهذا فهو يهذى بكلمات لامعنى لها ..
قالوا له فى سخرية :
– لاشك أن أحد آلهتنا قد مسك بسوء يا هود , ولذلك أصبح عقلك مختلا , وأصبحت تهذى بكلمات لامعنى لها , ولا حقيقة لها , إلا فى عقلك وتفكيرك أنت وحدك . . ما معنى هذا الاستغفار الذى تطلبه , وتزعم أن الله يرسل علينا السماء بالمطر بعده ياهود ؟!
ماهذا الكلام الغريب يا هود ؟!
وأضافوا قائلين فى استهزاء :
– وما هذا الذى تدعيه بأن الله سوف يمدنا بالمال ويزيد فى قوتنا , إذا استغفرناه . . إن السماء تمطر وتفيض علينا بالماء , سواء استغفرنا إلهك او لم نستغفره يا هود ,, وإن أموالنا وقوتنا فى ازدياد با ستمرار , سواء استغفرنا إلهك أو لم نستغفره يا هود ..
ثم سألوه :
– ما معنى هذه الأشياء الغريبة التى تحدثنا عنها يا هو د؟! ما معنى يوم الحساب ؟! وما معنى الجنة والنار ؟! كيف يحيينا إلهك بعد ان نموت , وتتحول أجسادنا إلى تراب , تذروه الرايح . ويختلط بتراب الأرض ؟! هيهات .. هيهات يا هود . . ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا . ولن نبعث ثانية ..
فقال لهم هود عليه السلام :
إن هذا لا يصح منهم , وإنه لا يطلب منهم على نصيحته لهم أجرا , ولا يطلب أن تكون له الرياسة بينهم , أو الزعامة عليهم , لأنه لا يطلب الأجر , أو يرجو الثواب إلا من الله تعالى ..
وما دام الأمر كذلك , فلا بد أن يكون هود , هو أبعد الناس عن المنفعة او المصلحة , التى يتهمونه بها , وهذا أدعى إلى أن يصدقوه , وؤمنوا به ..
وبرغم ذلك لم يؤمن بهود عليه السلام أو يصدقه سوى عدد قليل من قومه , أما الأغلبية فكانت من الكفار المعاندين . .
ولما ضاق هود عليه السلام بتكذيبهم وإعراضهم عنه , أشهد الله تعالى عليهم , وأشهدهم على انه برئ من كفرهم , وأنه برئ من تلك الأصنام , التى يزعمون أنها آلهة , وأن لها القدرة على أن تمسه بسوء . .
وتحدى هود عليه السلام قوم (( عاد )) وتحدى لآلهتهم التى يزعمون ان تمسه بسوء , بل وطلب منهم أن يكيدوا له ,
وأن يسرعوا بتقديم الأذى إليه إذا كانوا صادقين , أو كان الأذى فى مقدروهم , لأنه واثق من إلهه الذى بيده ملكوت كل شئ , وبيده نواصى كل العباد , وكل ما على الأرض من دابة , وإلى أنه سوف ينصره , ويمنعه من أذاهم . .
وأعلن هود عليه السلام قومه بأنهم إذا تولوا عنه معرضين عن قوله , ولم يستمعوا إلى نصيحته , فإنه قد قام بواجبه , الذى كلفه الله إياه .. وأنه أنذرهم إذا لم يقلعوا عن كفرهم , ويؤمنوا بالله تعالى , فإن الله سوف يهلكهم , ويأتى بقوم غيرهم , وإن هذا لن يضر الله شيئا , ولن ينقص من ملكه شيئا . .
فلما هددهم هود عليه السلام وتوعدهم بالعذاب , لم يخافوا أو يرتدعوا ,
بل قالوا ساخرين :
– ما هذا العذاب , الذى تهددنا وتتوعدنا به فى الآخرة يا هود ؟! وما هذا الهلاك الذى تهدنا بأن
إلهك سيوقعه بنا فى الدنيا , ّا لم نجب دعوتك ونعبد إلهك ؟!
فقال لهم هود عليه السلام :
إن ما يحذرهم منه هو الحق لا جدال فيه , وإن الهلاك والعذاب واقع بكم إن لم تؤمنوا . .
فقال له القوم :
– لن نستمع لما تقوله يا هود , ولن نرجع عن عبادةآلهتنا , لنعبد إلهك الذى تزعم .. لن نترك آلهة آبائنا , مهما كان ..
وأضافوا قائلين :
– إن كنت صادقا فى رسالتك , وصادقا فى تهديدك , بأن إلهك يستطيع ان يعذبنا , أو يهلكنا , فأتنا بما تعدنا من العذاب أو الهلاك يا هود ..
فماذا كان جواب هود عليه السلام ؟!
حزن هو عليه السلام عندما تبين العناد والإصرار من قومه ..
وقال لهم :
إنه سوف يستمر فى إبلاغهم رسالة الله تعالى إليهم , مهما أعرضوا , ومهما كذبوا ..
لن يبالى بقوتهم أو بطشهم .. دعاهم بشتى الطرق , لكن القوم كانت قلوبهم كأنها خلقت من حجارة قاسية ..
وأخيرا يئس هود عليه السلام من حاولة هدايتهم أو إصلاحهم , فتوجه إلى الله تعالى , داعيا إياه أن ينصره على هؤلاء القوم الظالمين المكذبين . .
وأراد الله تعالى أن ينصر رسوله , وأن يضع حدا لهؤلاء القوم الكافرين المكذبين .. أراد سبحانه أن يعاقبهم على ما اقترفوه فى حق أنفسهم , وفى حق الله , وفى حق نبيهم , وفى حق غيرهم من البشر , ليكونوا عبرة وآية لمن بعدهم من الأمم والأقوام . .
فماذا فعل الله تعالى بهم ؟! وكيف عاقبهم وعذبهم على عنادهم وكفرهم ؟!
أمسك الله تعالى المطر عنهم . . لم تعد تمطر السماء كما تعودوا ,, نقص الماء الذى كان يسقط إليهم من السماء , فجفت الأرض , ومات الزرع , ونفقت ماشيتهم ..
أحس القوم بالمعاناة من جراء نقص المطر , فذكرهم هود عليه السلام بدعوته ..
قال لهم :
إنه لن ينجيكم من الهلاك سوى الإيمان بالله . .
لكن القوم بدل أن يؤمنوا , ويعترفوا بخطئهم , زادوا كفرا وعنادا ..
قالوا لهود فى تحد :
– مهما يحدث لنا , فلن نؤمن بك , أو بإلهك . .حتى لو متنا من العطش ..
وبدلا من أن يتجهوا إلى الله يستغفرونه , ويطلبون الرحمة , اتجهوا إلى أصنامهم , طالبين منها نزول المطر , ولكن هل تملك الأصنام أن تفعل شيئا ؟!
وكلما ألح هود عليه السلام فى دعوته , ازدادوا كفرا وعنادا . .
وأرسل الله تعالى عليهم سحابا أسود قاتما . .
امتلأت السماء بهذا السحاب الأسود .. ورأى قوم (( عاد )) السحاب فراحوا يتسألون فى دهشة :
– ما هذا السحاب القاتم االذى يملأ السماء فوقنا ؟!
فأجاب بعضهم قائلا :
-إنه سحاب عارض , سيمطرنا مطرا غزيرا , ثم ينقشع . . ويبدوا ان القوم قد استعدوا لاستقبال المطر الغزير , الذى سيهبط عليهم , ويسقى حقولهم , بعد طول انتظار .. ويبدوا أنهم قد فرحوا لذلك أشد الفرح , وأعدوا له العدة ..
ولكن نبى الله هودا عليه السلام أنذرهم للمرة الأخيرة بقوله :
– يا قوم . . هذا السحاب ليس سحابا عاديا يحمل المطر والخير لكم , كما تتوهمون ..
فنظر إليه القوم ساخرين , وقالوا :
– وماذا يحمل السحاب غير المطر يا هود؟! هذه هى المرة الأولى التى نعرف فيها أن السحاب يحمل شيئا غير الماء ..
فرد عليهم نبى الله هود عليه السلام قائلا:
– هذا السحاب ليس رحمة او نعمة من الله , كما تتوهمون , ولكنه ريح عذاب ونقمة , ستحل بكم عما قليل , وهو العذاب الذى استعجلتموه ..
ولكن القوم لم يؤمنوا ولم يتعظوا .. أفلتوا الفرصة الأخيرة للنجاه من أيديهم .. فما إن انتهى هود عليه السلام من كلامه , حتى حلت اللعنة الإلهية بقوم (( عاد )) .. اشتدت الريح وزمجرت بصورة مخيفة , لم يعهدها القوم من قبل .. وقبل أن يفيق القوم من ذهولهم بدات الرايح القوية تحمل كل شئ , وتلقى به فى أماكن بعيدة .. قذفت الرياح بالناس والدواب والأشجار والصخور والرمال , وكل شئ ..
وأسرع القوم الظالمون إلى بيوتهم يحتمون بها ظنا منهم أنها ستمنع عنهم عذاب الله . .
ولكن الوقت كان قد فات . . كانت الريح تحمل الرمال والصخور وتقذف بها داخل البيوت
واستمر عذاب الله مسلطا فى هذه الرايح القوية مدة سبع ليال وثمانية أيام حسوما , أى متوالية . .
فأهلك الله تعالى جميع الكافرين من قوم (( عاد ))
وأبادهم من الحياة , حتى صاروا مثل أعجاز النخل الجافة الخاوية من الداخل . .
أما نبى الله هود عليه السلام فقد نجاه الله تعالى , هو والقلة المؤمنة التى كانت معه , حتى هدأت الريح وانتهى عذاب الله , فعادوا لممارسة الحياة , وقد اورثهم الله ملك الظالمين المعاندين ..
ويقال :
إن نبى الله هوداًعليه السلام قد رحل إلى بلاد حضرموت , بعد هلاك قوم (( عاد )) وعاش هناك , إلى أن توفاه الله , فدفن هنــــــــــــــاك . . .
وإلى اللقاء فى الموضوع التالى
{ صـــــــالح عليــــــــه الســــــــــلام }
كان ودي اساعدج بس ما أدرس هذا الصف .