الآلات الموسيقية عند البدو هي آلات قليلة وبدائية، نظراً لانشغالهم بمواشيهم وأرزاقهم، ولكن بالرغم من كلّ ذلك فهناك آلات موسيقية مختلفة أَلِفَها البدويّ وصنعها بنفسه، وعبّر بها عن مشاعره وأحاسيسه واصطحب بعضَها وهو يتنقّل مع قطيعه من تلٍّ إلى تلّ، ومن رابيةٍ إلى أخرى، وسامرَ بعضها وبثَّها شجونه وهو يجلس وحيداً في ساعات خُلْوَتِه وفراغه.
والآلات الموسيقية التي استعملها أهلُ البادية تُقسم إلى عدّة أقسام منها
النفخيّة والوتريّة والإيقاعيّة،
|
…
ونبدأ بالآلات النفخيّة وهي:
هي آلةٌ موسيقية نفخيّة عبارة عن أنبوبةٍ مُجَوَّفة من البُوص أو المعدن، وطولها نحو نصف متر أو أقلّ بقليل، ولها ستة ثقوب تبعد عن بعضها بمقدار ما يبعد الإصبع عن الآخر أو أكثر بقليل، ويُنفخ في طرف فتحتها العليا فتُخرج صوتاً يُعَدّلهُ العازفُ بتحريك أصابع يديه ليخرج له اللحن الذي يريده.
والشبَّابة صديقةٌ للراعي فهو يحملها في يده، أو يضعها تحت حزامه، ويُخرجها ليُشَبِّبَ بها وينفخ فيها ما يطيب له من الألحان فلا يشعر بالملل وهو يقضي الساعات الطوال في رعي المواشي بين تلال الصحراء وهضابها، وقد يستعملها كعصا يطرد بها قطيعه أو يدفعه ويسوقه بها.
ولا يقتصر استعمال الشبابة على الراعي فقط، فهي تستعمل كذلك في مناسبات الأعراس حيث يخرج أحد الشبَّان الذين يتقنون العزف عليها، ويتحلّق حوله عددٌ من أترابه ويأخذ في عزف الألحان الشجيّة على شبابته، بينما يُغنّي شخص آخر على نفس النغمة،
المقرون:
هو نايٌ ذو أنبوبتين يُصنع من عيدان البوص المجوفة، وهاتان الأنبوبتان متوازيتان ومقرونتان الواحدة منهما بالأخرى بخيوط متينة تُلَفُّ على القصبتين من الأسفل والأعلى، وقد جاء اسم المقرون من قَرْنِ القصبتين ببعضهما كما ذكرنا.
وللمقرون كما للشبّابة ستة ثقوب في كل قصبة من قصباته، تبعد عن بعضها بمقدار ما يبعد الإصبع عن الآخر أو أكثر بقليل.
أما أجزاء المقرون فهي:
وهما الأنبوبتان الطويلتان المثقوبتان والمقرونتان ببعضهما كما ذكرنا.
وهما أنبوبتان قصيرتان رفيعتان بطول 6 أو 7 سم، تُثبّتان في أعلى القصبتين، وتسمى الواحدة منهما عَزَبَة، والجمع عَزَبَات، والعَزَبَة في لغة العامة هي المرأة الثيّب التي لا زوج لها.
هما زمّارتان رفيعتان من نفس عود القصب تُقْطع الواحدة منهما من فوق عقدة العود فتكون مغلقة من الأعلى ومُجوّفةً من الأسفل، وتُشقّ في طرفها من الأعلى فيما يشبه اللسان، وتوضع أحياناً شعرة تحت أعلى هذا اللسان حتى تسمح بمرور الهواء وخروج الصوت والصفير.
يشبه المقرون في جميع أجزائه إلا أنّ له عُصَيَّة من البوص تُدخل في الطرف السفليّ لإحدى الأنبوبتين المثقوبتين. وتساعد هذه الأنبوبة على الرّدّ على اليرغول واستمرار اللحن دون انقطاع، وكذلك تعطيه نغمة خاصة تختلف قليلاً عن نغمة المقرون.