د/ مجدي محمد إسماعيل
باحث أول
قسم تكنولوجيا الألبان- معهد بحوث الإنتاج الحيواني- مركز البحوث الزراعية- وزارة الزراعة- مصر.
الألبان المتخمرة مثل الزبادى و اللبنة و اللبن الرايب هى مجموعة من المنتجات اللبنية التى تحضر باستخدام اللبن الكامل أو اللبن الفرز أو غيراهما باستخدام بادئات محددة على أن تظل الكائنات الدقيقة بها حية حتى يصل المنتج إلى المستهلك وألا تحتوى هذه المنتجات على اى بكتريا مرضية.
و يعود استخدام الإنسان للألبان المتخمرة إلى أزمنة سحيقة كما أن العالم العربى ابن سينا كتب فى كتابة الطبى الشهير (القانون) أن الألبان المتخمرة ذات فائدة كبيرة كمادة غذائية منشطة خاصة لكبار السن. و سوف نتناول الآن طريقة تصنيع الزبادي منزلياً.
صناعة الزبادى:
الزبادى هو أكثر أنواع الألبان المتخمرة انتشاراً فى مصر. كما أنة يصنع فى العديد من دول العالم و لكن بأسماء مختلفة حيث يعرف باليوغورت فى كثير من الدول. و فى مصر يصنع الزبادى بعدة طرق كما أن المعدات المستخدمة فى إنتاجه تختلف من طريقة إلى أخرى. إلا أن الأساس النظرى لصنعة الزبادى ثابت فى جميع هذه الطرق و هو كالتالى:
بكتريا حمض اللاكتيك هى الميكروبات الرئيسية و المستخدمة فى تحويل اللبن إلى زبادى أو إلى الأنواع الأخرى من الألبان المتخمرة. فعند توفر الظروف الملائمة لنشاط هذه البكتريا فأنها تنشط و تقوم بتخمير سكر اللاكتوز ( و هو السكر الرئيسى فى اللبن) ليتحول إلى حمض لاكتيك و بزيادة تكوين هذا الحمض فأنة يتحد مع أملاح الكالسيوم المرتبطة بالكازين ( الكازين هو البروتين الأساسى فى اللبن و يوجد فى صورة كازينات كالسيوم غروية) و نتيجة لذلك ينفصل الكالسيوم من كازينات الكالسيوم و ينفرد الكازين و هو غير قابل للذوبان فى الوسط فيتجمع و يترسب مصطحباً معه فى ترسبه بقية مركبات اللبن مثل الدهن و يتضح ذلك من المعادلة التالية:
كازينات كالسيوم + حمض لاكتيك ← لاكتات كالسيوم + كازين (مترسب)
و يستخدم لإنتاج الزبادى نوعان من بكتريا حمض اللاكتيك و هما بكتريا
Streptococcus saliverius var thermophilus و هى بكتريا ذات شكل كروى و بكتريا Lactobacillus dlbruckii subsp bulgaricus وهى بكتريا ذات عصوى حيث يوجد هذان النوعان فى البادئ ( وهو ما يطلق علية الخميرة و أن كانت تلك تسمية خطأ) المستخدم فى إنتاج الزبادى و حتى يمكن الحصول على زبادى ذو صفات جيدة فأنة لابد من وجود هذان النوعان بأعداد متساوية تقريباً و إلا سيؤدى عدم التوازن بينهما إلى إنتاج زبادى يفتقر إلى القوام المرغوب و الطعم النكهة المميزان للناتج الجيد.
صناعة الزبادى منزلياً:
يمكن تصنيع الزبادى فى المنازل و بجودة مرتفعة و أيضاً بسهولة و بتكلفة أقل من شراؤة من المحلات كالتالى:
1- فى أغلب الأحيان سوف يتم استخدام لبن جاموسى و حتى فى حالة عدم توفره فيمكن استخدام اللبن البقرى وأن كان يفضل استخدام خليط من اللبن الجاموسى و اللبن البقري للحصول على زبادى ذو جودة أفضل و في هذه الحالة يمكن خلط 1 كيلو لبن جاموسى مع 2كيلو لبن بقري . حيث يتم غليان اللبن كما فى حالة غليان لبن الشرب مع التقلب المستمر طوال فترة الغليان. و يفضل أن يتم تسخين اللبن فى حمام مائى حتى لا يتكون به الطعم المطبوخ (أو الشايط) عند تسخينه على النار مباشرة و لكن لأن تسخين اللبن فى حمام مائى يحتاج لوقت طويل مع صعوبة غليانه فى هذه الحالة فأنة يمكن تسخين اللبن باستخدام لهب متوسط مع التقليب المستمر حتى غليانه. و فى حالة توفر ترمومتر مئوى بالمنزل فأنة يمكن تسخين اللبن حتى درجة حرارة 90-92°م و لمدة 15 دقيقة و يمكن أن تتم هذه العملية فى حمام مائى. و بصفة عامة فأن عملية التسخين هذه تؤدى إلى:
أ- القضاء على معظم الكائنات الدقيقة غير المرغوبة و خاصة الميكروبات المرضية بما يضمن عدم منافسة ميكروبات البادئ أثناء التحضين و بعده. كما نتأكد من عدم انتقال أى ميكروبات مرضية للإنسان عن طريق الزبادى.
ب- دنترة بروتينات الشرش و ارتباطها بالكازين مما يحسن من قوام المنتج و لزوجته و ضمان عدم انفصال الشرش منه.
ج- التخلص من الأكسجين من اللبن و بذلك تتوافر الظروف البيئية المناسبة لنمو بكتريا البادئ. بالإضافة لإنتاج حمض الفورميك المنشط لهذه البكتريا.
د- تبخير نحو 10% من حجم اللبن مما يزيد من تركيز المواد الصلبة به و يعطى زبادى صلب القوام.
ن- تثبيط عمل المواد الطبيعية فى اللبن.
2- ينقل بعد ذلك وعاء اللبن و يوضع فى وعاء آخر به ماء مع تغير هذا الماء باستمرار حتى يتم تبريد اللبن بسرعة و فجائياً إلى درجة حرارة 45°م. وأن تعذر ذلك فيتم تغطية وعاء اللبن و تركة ليبرد إلى 45°م. و هذه الدرجة يمكن حسها بأصابع اليد فيمكن أن يتحملها جسم الإنسان.
3- يتم أعداد البادئ لأضافته للبن. حيث تكشط الطبقة السطحية لعبوة الزبادى و التى سوف تستخدم كبادئ و ذلك لزيادة نسبة الدهن بهذه الطبقة و أيضاً أرتفاع نسبة التلوث بها لملامستها للجو مباشرة. و لابد من استخدام زبادى طازج كبادئ لضمان نشاط بكتريا حمض اللاكتيك حتى يمكن الحصول على زبادى جيد من حيث الطعم و القوام و فى وقت مناسب. و عادة يضاف البادئ لنسبة 2-3% من وزن اللبن أي ملعقة صغيرة من البادئ لكل كيلو لبن. حيث تنقل كمية البادئ المستخدمة إلى كوب فارغ و تقلب و تدعك جيدا ثم يضاف إليها القليل من اللبن ثم تدهك مرة أخرى ثم تضاف كمية لبن أخرى و يقلب البادئ جيداً ثم يضاف لبقية اللبن و يقلب هذا اللبن جيداً لضمان توزيع البادئ به.
4- بعد ذلك يتم تعبئة اللبن فى أكواب زجاجية أو بلاستيكية أو فى سلاطين فخار ( كما كان يتم قديماً قبل استخدام عبوات الزبادى الموجودة حالياً) مع مراعاة المحافظة على درجة حرارة اللبن قريبة من 45°م لأنها درجة الحرارة المناسبة لنشاط البادئ و لذلك يفضل أن يتم تبريد اللبن بعد الغليان إلى درجة حرارة 47-48ºم وذلك لحدوث فقد فى الحرارة أثناء أعداد البادئ و تعبئة الأكواب.
5- توضع هذه الأكواب بعد ذلك فى مكان دافئ و يمكن أن يستخدم فرن البوتوجاز بعد أن يتم إشعال اللهب به لفترة حتى يصبح دافئ (حرارة أعلى من 50ºم بقليل) و قد يستخدم البعض كرتونة يعلق بها مصباح كهربي بعد وضع الأكواب ثم تغلق هذه الكرتونة و يتم إضاءة المصباح لتوفير درجة الحرارة المناسبة أو قد توضع الأكواب فى وعاء بلاستيك ثم يفرغ بهذا الوعاء ماء ساخن مع تغطيته بغطاء مناسب لمنع فقد الحرارة كذلك يمكن وضع هذه الأكواب في علب بلاستيك لهل غطاء محكم .
6- بعد 3 ساعات تقريباً يتم الكشف عن الزبادى فإذا كان على الدرجة المناسبة من الصلابة و التى يمكن معرفتها عن طريق رج الأكواب رج خفيف تنقل الأكواب إلى الثلاجة بعد أن تترك لتبرد قليلاً إلى درجة حرارة الغرفة و تحفظ فى الثلاجة على درجة 5ºم حتى يتم استهلاكها. أما إذا كانت صلابة الزبادى ما زالت ضعيفة فأن الأكواب تترك بالفرن حتى الوصول للصلابة المناسبة.
الفوائد الاقتصادية لصناعة الزبادى:
1- يمكن تحويل اللبن الزائد عن حاجة المعمل إلى منتج ذو شهرة استهلاكية عالية و من ثم يباع بكثرة و بسعر جيد.
2- لا تحتاج صناعته إلى تكاليف أو رأس مال كبير.
2- تباع بسعر جيد و أرباح معقولة مع سرعة دورة رأس المال.
3- سهولة صناعته.
الفوائد الغذائية للزبادى:
1- يحتوى على جميع مكونات اللبن الطبيعية و بصورة مركزة فيما عدا اللاكتوز الذي يكون أغلبه قد تحول إلى حمض لاكتيك يساعد على امتصاص الكالسيوم و القضاء على البكتريا التعفنية.
2- يوجد الكازين فى الزبادى على حالة مجزأة و بالتالى يكون أسهل فى الهضم.
3- استهلاك الألبان المتخمرة و منها الزبادى يساعد على القضاء على الاضطرابات المعوية و الإمساك.
4- الزبادى أكثر مناسبة من اللبن للأشخاص المصابون بحساسية للاكتوز.
5- يمكن أن يكون الزبادى مصدراً إضافياً للفيتامينات الذائبة فى الماء و خاصة مجموعة فيتامينات B المركبة.
6- تقليل نسبة الكولسترول بالدم و تثبيط نمو بعض الخلايا السرطانية.
دمتي بوووووود
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خيراً
ومرااجع