ويعتبر النشاط المدرسي جزءاً من منهج المدرسة الحديثة ، فهو يساعد في تكوين عادات ومهارات وقيم وأساليب تفكير لازمة لمواصلة التعليم وللمشاركة في التنمية الشاملة . كما أن الطلاب الذين يشاركون في النشاط لديهم قدرة على الإنجاز الأكاديمي وهم يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة ، كما أنهم إيجابيون بالنسبة لزملائهم ومعلميهم . ويتمتع الطلاب المشاركون في برامج النشاط بروح قيادية ، وثبات إنفعالي وتفاعل اجتماعي كما أنهم أكثر ثقة في أنفسهم وأكثر إيجابية في علاقاتهم مع الآخرين ، وأنهم يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار ، والمثابرة عند القيام بأعمالهم ، وان الطلاب المتفوقين في المدرسة الثانوية لديهم رغبة للمشاركة في برامج النشاط بالكلية ، وهم أكثر رضا عن الحياة الاجتماعية وأقدر على تحقيق العلاقات الاجتماعية مع زملائهم ومعلميهم ، وأكثر ميلاً إلى الخلق والإبداع والمشاركة في الأحداث السياسية ، والتفاعل الاجتماعي ، وثقة أكبر في الناس والمدرسة والعاملين فيها.
ويؤكد أهمية المناشط المدرسية والدور الذي تؤديه في مخرجات العملية التربوية المتكاملة الدعوة إلى إدخال مساقات خاصة بالمناشط المدرسية في الكليات الجامعية وفي الكليات المعنية بتخريج المعلمين على وجه التخصيص ، وعقد دورات خاصة في المناشط المدرسية لمديري المدارس والمعلمين المشرفين على ممارسة المناشط ، وإيفاد المبرزين منهم في دورات دراسية أو استطلاعية في الخارج ، والتوسع في المناشط عند تعديل المناهج الدراسية .
والجدير بالذكر في هذا المقام أن النشاط ليس مادة دراسية منفصلة عن المواد الدراسية الأخرى ، إنه يتخلل كل المواد الدراسية ، بل هو جزء مهم من المنهج المدرسي بمعناه الواسع الذي يترادف فيه مفهوم المنهج والحياة المدرسية لتحقيق النمو الشامل المتكامل والتربية المتوازنة ، كما أن المناشط المدرسية تشكل أحد العناصر المهمة في بناء شخصية الطالب وصقلها وهي تقوم في ذلك بفعالية وتأثير عميقين ، من هنا وجب إعطاؤها الاهتمام الكافي الذي يتناسب مع الدور المناط بها . كما أن الآراء والأفكار التي برزت في مجال المناشط المدرسية، والتي جذبت الطلبة وعمقت فيهم مفاهيم الانتماء آخذة بعين الاعتبار التطور التقني تدعو إلى ضورة مراجعة مناشطنا بغية تحديثها وتحسينها وتطويرها.
وتعتمد المجتمعات المزدهرة في تطورها على استثمار مواردها الطبيعية ، وإمكاناتها البشرية بقصد النمو والتقدم وتحقيق رغد العيش ، والإفادة من جميع الطاقات الإنسانية ، الأمر الذي يدعونا إلى تعرفها وتحديدها في الجسم والعقل والنفس ، والطريق إلى ذلك هو أن تتاح لها فرصة التكشف والظهور حتى يمكن تعديلها وتهذيبها وتنميتها .
وتتيح المدرسة لكل طالب وطالبة تعرف ذاته وميوله ، وتنمية مواهبه وإشباع حاجاته ، حيث يعيش في جو يتبادل فيه الخبرات مع الآخرين طلاباً ومعلمين ، ويطلع فيه على إمكانات مدرسته لينمي مواهبه ويصقلها ، فيشعر بالاكتمال النفسي ، وينمو الحس الجماعي لديه نمواً سليماً . وإذا كانت المدارس تتيح للطلاب قضاء أوقاتهم الحرة فيها كيفما يريدون فإن عليها أن تعودهم حرية التصرف في هذه الأوقات الحرة ، وكيفية قضائها بما يكفل حسن التعبير عن النفس ، وبذلك يحيا الطلاب حياة حرة وهم يتصرفون بإمكاناتهم المتاحة لهم بحرية ، ويختارون لطاقاتهم وسائل التعبير المناسبة . كما أن المدارس أمكنة يجتمع فيها الطلاب ، هي بذلك مراكز للتطوير والابتكار ، تظهر فيها طاقات خلاقة عن طريق أفكار الطلاب وأعمالهم البناءة .
ولا يقتصر دور التربية الحديثة على الصف الدراسي في تزويد الطلاب بالثقافة العامة الأساسية ، وتنمية القيم والاتجاهات والميول والمهارات وأساليب التفكير المرغوب فيها ، بل يمتد إلى العمل خارج الصف الدراسي كجانب أساسي من جوانب مسئولياته التربوية . "فهناك الكير من الأهداف يتم تحقيقها من خلال النشاط التلقائي الذي يقوم به الطلاب خارج الصف الدراسي ، كما أن فعالية تدريس المعلم داخل الصف الدراسي تتوقف إلى حد بعيد عن المناخ العام للمدرسة ، وعلى تنظيمها الإداري والفني" .
يضاف إلى ذلك أن تحقيق أقصى نمو مكن للطلاب لا يتم داخل الصفوف بصورة كافية في ضوء الأساليب التي تسمح بها إمكاناتها المادية والزمنية ، وأن التربية المتكاملة تتطلب مناخاً عاماً يسود المدرسة ، ويهيئ الظروف والإمكانات المناسبة لممارسة النشاط غير الصفي .
غير أن الكليات النظرية والعملية التي يعمل خريجوها معلمين ، وكذا كليات التربية لا تتضمن برامجه الأكاديمية أو المهنية أو الثقافية برنامجاً عن المناشط المدرسية غير الصفية تساعد في توعية الطلاب بها أو تدريبهم عليها بما يحقق فهماً لأهميتها ، وأهدافها ، وطبيعتها ، وأنواعها والعوائق التي تواجهها، وعلاقتها بجداول الدراسة الصفية وتحقيق التربية المتكاملة .
أما النشرات التي تدرها وزارات التربية والتعليم ومراكز البحوث التربوية ، والتوجيهات التي يسطرها موجهو المواد الدراسية المختلفة في دفاتر الزيارات المدرسية فإنها تكتفي بالتنبيه إلى ضرورة العناية بالمناشط المدرسية وربطها بالمواد الدراسية تحقيقاً للأهداف العامة بالمرحلة الثانوية ، والأهداف الخاصة بالمواد الدراسية المختلفة التي تقدم فيها ، ولا تمتد إلى "بذل الجهد الحقيقي في وضع النشاط المدرسي موضعه الصحيح في الخطة المدرسية وفي توفير الحد الأدنى من الإمكانات المناسبة للقيام بهذا النشاط ، وفي توجيه المعلمين إلى كيفية تنظيمه" .
كما أن مفهوم التدريس يرتبط في أذهان بعض المعلمين بفصول دراسية ذات جدران أربعة ، وهم بذلك لا يلتفتون إلى المناشط التي يجب أن يمارسها الطلاب لأنهم يعتبرونها نوعاً من الترفيه والتسلية ، ولا يدركون أن التربية هي تنمية شاملة لشخصية المتعلم معرفياً ووجدانياً وسلوكياً ، وأن هذه المناشط تسهم في تنمية بعض الجوانب الأخرى فهي تتيح للطالب أن يمارس بعض المهارات وظيفياً بعيداً عن المواقف المصنوعة داخل الفصل الدراسي ، وهو بذلك يكتسب الخبرة بجوانبها المتنوعة اكتساباً متكاملاً ييسر له التفاعل مع المواقف المماثلة خارج المدرسة .
وينظر بعض أولياء الأمور نظرة خاطئة إلى النشاط ، فهم يرون أنه مضيعة للوقت الذي يجب أن يصرفه الطالب في الدراسة خارج الفصل استعداداً لتأدية الامتحان في المواد الدراسية .
ويحلل أحد الباحثين هذه النظرية الخاطئة إلى النشاط .. فيبين أنه لا يصل إلى الغالبية العظمى من الطلاب ، وأن قلة من الطلبة هم الذين يمارسونه ، وهذا الوضع يفقد النشاط مغزاه . وأن النشاط ينحصر في حرص المدارس على الفوز في المسابقات التي تجري في مجال النشاط أكثر منه إتاحة الفرصة أمام الطلاب لممارسته . كما أن النشاط المدرسي يتسم بالقصور خارج الصف الدراسي مما يجعل فاعليته في تحقيق الأهداف التعليمية محدودة ، وأن المنطلقات الفكرية للنشاط المدرسي غير واضحة لدى واضعي المناهج ، وأن النظام التعليمي بوضعه الحالي لا يسمح بالأخذ بالمعايير المتصلة بالنشاط المدرسي بالقدر المناسب .
وقد بحث "مؤتمر العملية التربوية في مجتمع أردني متطور" في آيار 1980 عدداً من القضايا الأساسية في النظام التربوي ، والتي تحمل في طياتها بذوراً للتطوير والتكيف مع مجتمع المستقبل . ومن هذه القضايا التي بحثها المؤتمر المناشط المدرسية ، على اعتبار الدور المهم الذي تؤديه هذه المناشط في مخرجات العملية التربوية المتكاملة . وقد أوصى هذا المؤتمر ببعض التوصيات العملية التي من أهمها إصدار دليل (مرجع) للمناشط المدرسية لإلقاء الضوء على التطبيقات التربوية لها ، وليكون مرجعاً للمشرفين والموجهين من مديري المدارس والمعلمين .
وخلاصة القول أن المناشط المدرسية جزء مهم من المنهج الدراسي بمفهومه الحديث الذي يترادف فيه مفهوم المنهج والحياة المدرسية ، وأن المناشط أحد العناصر المهمة في بناء شخصية الطلاب وصقلها ، وأن كثيراً من الأهداف يتم تحقيقها مكن خلال المناشط التلقائية التي يقوم بها الطلاب خارج الصف الدراسي ، كما أن فاعلية تدريس المعلم داخل الصف الدراسي تتوقف إلى حد بعيد على ممارسة الطلاب للمناشط ، وان تحقيق أقصى نمو ممكن للطلاب لا يتم بصورة كافية داخل الصفوف الدراسية التي لا تسمح بها إمكاناتها الزمنية والمادية ، وأن التربية المتكاملة تتطلب مناخاً عاماً يسود المدرسة ويهيئ الظروف لممارسة النشاط .
ورغم هذه الأهمية التي تحظى بها المناشط المدرسية في مخرجات العملية التربوية المتكاملة ، إلا أن هناك كثيراً من جوانب القصور التي لا تساعد المناشط في تحقيق أهدافها ، وتتسع هذه الجوانب وتتنوع لتشمل تخرج معلمين ليست لديهم مهارات ممارسة المناشط ، وليسوا مؤمنين بقيمتها التربوية ، وواقع النشاط المدرسي يجعله في غير موضعه الصحيح من الخطة المدرسية ، ونظرة أولياء الأمور تعتبره مضيعة للوقت الذي يجب أن يصرفه الطالب في الدراسة داخل الفصل استعداداً للامتحان في المواد الدراسية ، ومنطلقات فكرية للنشاط المدرسي غير واضحة لدى واضعي المناهج ومتاعبي تنفيذها وتقويمها .
وهذا الوضع غير المتوازن بين أهمية المناشط وواقعها وما يحيط به من أفكار يدعونا إلى إعادة النظر في هذه المناشط من حيث أهدافها ، وأهميتها ، ووظائفها ، ومعايير الحكم على النشاط المدرسي ، ومواصفات من يشرفون عليه ، ومعوقاته ، وواقع استخدام النشاط في مدارسنا وعلاقته بخطة الدراسة وأنواع المناشط اللازمة للطلاب . وهو ما يمكن أن يتضمنه دليل للمناشط يمثل مرجعاً أساسياً وضرورياً للمشرفين والموجهين والمدراء والمعلمين .
واحسنت الاختيار
موضوع مهم
على هذا الموضوع
فهل من كلمة توجهونها لمن له مثل هذه الأفكار؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!