مراكز التربية الخاصة التعليم المستمر.. خدمة إلزامية
بقلم :محمد العمادي
استكمالاً لموضوع سابق كنت تطرقت فيه إلى عدم توفر برامج أكاديمية كافية لمختلف التخصصات العاملة مع ذوي الاحتياجات الخاصة أو غياب بعض تلك التخصصات عن جامعاتنا ومعاهدنا، مقالتي اليوم تتحدث عن قضية لا تقل أهمية بل هي وثيقة الارتباط في موضوعنا السابق ألا وهي التعليم المستمر أو التدريب على رأس العمل أو بمعنى آخر تنمية وصقل الخبرات العملية والعلمية للموظف وهو على رأس عمله بكل ما هو حديث في مجال أو أكثر من المجالات العلمية والإنسانية اعتماداً على معارف تخصصية سابقة اجتازها الموظف ويجري تحديثها باستمرار.
إن الأهمية التي يمثلها التعليم المستمر تكمن في إبقاء الموظف على اطلاع بأحدث ما توصلت إليه المعرفة في تخصصه الذي يعمل فيه وبالتالي ضمان استمرارية العمل بأفضل المعايير العالمية والذي ينعكس إيجاباً على تقديم خدمات عالية الجودة للعملاء والمراجعين بشكل عام وعلى تميز المؤسسة مقارنة مع المؤسسات الأخرى. كما يسهم التعليم المستمر في غرس الولاء الوظيفي نحو المؤسسة ويزيد من درجة الرضا لدى الموظف.
إن المتتبع لأهمية التعليم المستمر والحاجة إليه يجد أنها مصلحة متبادلة لكلا الطرفين المؤسسة والموظف يفرضها علينا الوضع القائم فالموظف وخصوصاً الجديد الذي ينخرط بالعمل الروتيني وتمضي السنة تلو السنة دون أن يطور من معارفه ويواكب مستجدات تخصصه يفقد الحماس في الاستمرارية بالعمل ويقل عطاؤه لتلك المؤسسة ويؤثر بالتالي على تلك المؤسسة التي يعمل فيها. كما أن المؤسسة التي لا تعنى بالتعليم المستمر وبتطوير كادرها الوظيفي تفقد صلتها بالعالم الخارجي وتصبح منغلقة على نفسها وترتفع فيها نسبة التسرب الوظيفي مما يؤثر على ديمومتها وبقائها.
إلا أن تلك الحاجة قد تواجهها بعض الصعوبات التي تحد من قدرة المؤسسة على توفيرها والتي منها عدم توفر الدعم المادي والذي يعتبر عقبة أساسية لدى معظم مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة. ذلك الدعم المتمثل بتوفير الخبرات العلمية ذات العلاقة بالمجال وتغطية التكاليف المادية اللازمة لتلك العملية.
مما يؤكد حاجة تلك المراكز إلى توفير دعم مادي مستمر لضمان توفير خدمات ترقى بمستوى التطور الذي تشهده مختلف القطاعات في إماراتنا الحبيبة. ولعله من المناسب هنا التطرق إلى أهمية العمل المجتمعي ودعم تلك المراكز من قبل المؤسسات العامة والخاصة تفعيلاً لدورها في خدمة قضايا المجتمع.
حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أهمية التعليم المستمر ففي دراسة حديثة أجرتها الجمعية الأميركية للسمع والنطق بينت أن الموظفين الذين تلقوا تعليماً مستمراً كانوا أكثر دقة في تحليل النتائج وتوظيف المعلومات بطريقة تطبيقية عند العمل مع الأطفال مما انعكس إيجاباً على الأطفال الخاضعين للتدريب.
كما بينت دراسة لمجلس سياسات التعليم والأبحاث والتطوير في ولاية فلوريدا الأميركية أن التعليم المستمر المبني على طرق علمية منظمة يؤدي إلى تحسين قدرات الأطفال.
من هنا أدركنا في مركز دبي للتوحد أهمية التعليم المستمر وتأثيره الايجابي فخلال السنوات الخمس السابقة قام المركز بتوفير برامج التدريب على رأس العمل للكادر الإداري والفني من خلال عقد الدورات وورش العمل المتخصصة وزادت نسبة تلك الورش خلال السنوات الأخيرة مما زاد من فعالية الكادر وانتمائه الوظيفي.
وقفة أخرى لكل إدارات مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة لتبني تلك السياسة التي أثبتت نجاعتها على المستوى المحلي والعالمي، وكلمة لمؤسساتنا العامة والخاصة بضرورة مد يد العون لتلك المراكز دعماً للعمل المجتمعي وضماناً لاستمراريتها.