——————————————————————————–
فالى الموقف الأول
سلسلة مواقف من الميدان الأول
في أول يوم استلمت العمل مديرًا للمدرسة في تاريخ: 18/5/1419هـ .
ولقد وُجهت إلى متوسطة وثانوية تبعد عن سكني (100 كم) ولما قدمت المدرسة وجدت المدير قد درس معي بالجامعة؛ فطلبت منه أن ينتظر يومين فقط لكي أطلع على سير المدرسة، وأستفيد منه فيما أحتاج إليه، فأنا جديد على المدرسة والعمل الإداري، فرحَّب بالفكرة، وجلست معه، ومما لفت نظري طالب يأتي معه ملف فيطرده المدير، وبَيَّنَ أنه سيئ السلوك، ثم أتى من الغد طرده المدير أيضًا، وكذلك في اليوم الثالث، ولَمَّا استلمت الإدارة أتى الطالب، فقلت: تأتي غدًا، وقام المعلمون بصف واحد قائلين: لا تقبل هذا الطالب.. لأن فيه وفيه وفيه……………الخ ؟؟!!
وأتى من الغد وقلت له: تأتي غدًا، ولما كان من الغد في يوم الأربعاء فأتى، وقلت له: تأتي نهاية الدوام؛ لأني لن أقبله بسهولة، ولما خرج الطلاب والمعلمون وبقيت أنا لوحدي فأتى، قلت له: اجلس، وما خبرك ؟
فقال: يا أستاذ ! المدير الأول ومعلم الرياضة الذي انتقل مع المدير.. وذكر عنهم أن فيهم وفيهم كذا وكذا………..الخ ؟!!
فقلت: أريدك أن تعلم أن المعلمين كلهم رافضون قبولك، وأنا لست قاضيًا لكي أحكم بينك وبين المدير الأول ومعلم الرياضة، ولكن أثبت لي أنهم ظلموك، وأنك على حق، وسوف أخالف جميع المعلمين في المدرسة وأقبلك، ولكن بشرط أن تتعهد لي بعدم المخالفة، والأيام بيننا، وملفك سيكون عندي؛ لأن جلوسك مؤقت على حسب أدبك مع المعلمين..، فاتفقنا على ذلك وخرج الطالب.
وكان الطالب يظهر عليه سلوك سيء، وأنه انفعالي بشكل غريب، درست حالة الطالب، فماذا تتوقعون من حاله؟ وجدت أنه يتيم الأم والأب!! ويسكن هو وأخواته عند عمه!! فسبحان الله !!
ولما رأيت من شدة عصبيته وانفعاله جعلته عريفًا على فصله، فكان انفعاله سببًا في ضبط الفصل، وتكلمت مع المعلمين وقلت لهم: نثبت النجاح لأنفسنا إذا استطعنا احتواء هذه النوعية من الطلاب.
وفي إحدى المرات وجدته يغش من زميله في امتحان شهري أمام باب إدارة المدرسة، فأخذت الورقة ومزقتها، وما كان منه إلا أن قام برمي ملف العريفية بعصبية وانفعال!!
فقلت له: بدلاً منك يوجد ستون طالبًا، ولا تظنن أنه لا يوجد عريف غيرك!!
ولما انتهى الدرس أوقفته عند الإدارة، وكان في غاية الانفعال والعصبية، وكان عندي أحد المعلمين، فقلت له: الطالب لو دخل علي في هذه الحالة ستكون مشكلة!! وربما نخسر هذا الطالب، فاذهب إليه وكلمه، وقل له: أنت قد غششت! والذي أمسكك هو المدير! وماذا تنتظر منه أن يفعل بك؟ ثم انتبهْ!! قد تخسر شيئًا كثيرًا!! فالمدير يمكن أن يعيد لك الاختبار، ويمكن أن يصحح لك الورقة، فذهب إليه – جزاه الله خيرًا – وكلمه بعقل وحكمة، وامتصَّ ما فيه من الغضب، ثم أتى به إلى الإدارة، وقال الطالب: أنا آسف يا أستاذ!! وأستحق الصفر، ولدي طلب.
قلت: ما هو؟
قال: لا أريد أن أكون عريفًا !!
قلت: غيرك كثير !!
ثم ذهب إلى الفصل، ومباشرة طلبت رائد الفصل وقلت له: إذا لم يبق الطالب عريفًا فسوف ينهدم كل ما بنيناه مع الطالب !!
قلت له: تكلم مع الطالب وقل له: أنت العريف، وليست جميلة أن يطردك المدير من عرافة الفصل، وسيكون وضعك أمام الطلاب سيئًا، حيث إنك كنت العريف ثم طردك المدير منها، ذهب المعلم وتكلم مع الطالب، وأقنعه بأن يبقى عريفًا؟!
ومر العام الدراسي ونحن في المدرسة نعتبر الطالب حالة خاصة جدًّا ونداريه، وفي نهاية العام نجح ولله الحمد، وكلما تذكرت تلك المدرسة وذكرت ذلك الطالب أقول: يكفي ذكرى طيبة، ونجاح وعمل خير قدمته من أجل ذلك الطالب، فنسأل الله القبول.
أعطيت الطالب شهادة النجاح، وقلت لا تنسنا من دعائك !
عبد الله محمد العواجي
محافظة الرس
سابح ضد تيار
مدير سابق
منصور طالب متميز، كان سبباً في العفو عن زملائه المخالفين !!
من الأهداف التي نسير عليها في المدرسة هي الاهتمام بالطالب المتميز، ورفع شأنه، وذات مرة كنت في إدارة المدرسة، ودخل عليّ طلاب في مخالفة يستحقون العقاب عليها، ولما اصطفوا أمامي وكان معهم طالب اسمه منصور ناصر، وكان قمة في الأخلاق والأدب والاجتهاد في الدراسة، ولما رأيته معهم قلت للطلاب: حقيقة أني أستحي أن أتكلم ومنصور معكم، ولولا وجود منصور لرأيتم ما لا يرضيكم، فأعطيتهم ورقة إلى فصلهم مع أنهم يعرفون أن الإحالة للمدير تعني العقاب الشديد………..!!!
وموقف آخر كنا نبهنا الطلاب على عدم إخراج الكتب من الفصل عند الخروج للصلاة لما فيه من الإهانة لها ووضعها مع الأحذية، ووجدنا صعوبة في هذه القضية .
وقبل الصلاة وبينما أنا واقف أمام الطلاب وجدت أن أحد الطلاب من المرحلة المتوسطة قد أخفى كتبه في مكان غير لائق! فأخذتها وناديت على اسمه، ولما حضر وهو في شدة الخوف إذا هو طالب متميز! وصاحب أخلاق رائعة! أوقفته بجانبي وقلت للطلاب: أتشرف أن أقف أمامكم مع الطالب محمد، وأعطيته كتبه، ولم أعتبه ولو بكلمه واحدة، والطلاب كانوا يعتقدون أنني سوف أعاقبه.
كانت هذه الطريقة لها الأثر الإيجابي على سير المدرسة، والأثر الايجابي على شخصية الطلاب المتميز.
مدير سابق
من اعجبته المقالات ارجوا نقلها لمنتديات أخرى حتى تعم الفائدة
كنا في المدرسة قد وضعنا ركناً للشريط الإسلامي في المكتبة، ومن استعار خمسة أشرطة يكرم في الطابور الصباحي، ودارت العجلة، وكثرت الاستعارة، وذات مرة كنت أمشي في ممر المدرسة وإذا بطالب يجري نحو المكتبة ؟!
فناديته وقلت: أين تذهب ؟!
قال: إلى المكتبة؛ لكي أسلِّم الشريط، وأستلم شريطاً آخر، فأخذت الشريط منه وقلت له: ما اسم الشريط ؟
قال: حكم الغنة ؟
قلت: من الملقي ؟
فقال: لا أعرف، والشريط عنوانه: حكم الغناء!!
فتبين لي أن بعض الطلاب يأخذ الشريط ولا يستمع إليه، فتركته وقلت: لا بد من حل لكي نضمن استفادة الطالب من الشريط، فقمنا بكتابة نموذج فيه اسم الطالب، والفصل، وعنوان الكتاب أو الشريط، واسم الملقي، ثم بعد ذلك نبذة مختصرة عن مادة الشريط والعناصر المهمة، ثم أشياء لم تفهم بالشريط.
وسبحان الله تفجرت مواهب الطلاب!! ورأينا عجباً مما يكتبه بعض الطلاب من إبداع وتجاوب مع مادة الشريط، وبهذه الطريقة استطعنا أن نؤثر على الطالب من خلال اختيار شريط، ربما أننا نختاره له؛ لأنه بحاجة ماسة إلى مادة الشريط.
اسم الطالب:……………………………………. ………………………………….
الفصل:…………………………………….. ……………………………………..
اسم الملقي:……………………………………. ……………………………………
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نبذة مختصرة عن مادة الشريط أو الكتاب
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ……..
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشياء لم تُفهم بالشريط أو الكتاب
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. …………….
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ……..
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ……..
كنا في المدرسة، في أول سنة لي في الإدارة، إذا تغيب معلم قدمنا الحصص، وأخرجنا الطلاب من المدرسة قبل موعد الخروج، وذات مرة وصلتني رسالة من ولية أمر تقول: أنتم إذا تغيب عندكم معلم تخرجون الطلاب قبل الموعد؛ مما كانت فرصة للتسيب، والتعرف على بعض العادات السيئة، وحدوث مشاكل بين الطلاب، وتعرض بعض الطلاب الصغار من الكبار لبعض السلوكيات الشاذة؛ لأن الطالب يجلس عند باب المدرسة ينتظر أخاه في فصل آخر، وأيضًا الطالب تعود أن يعود للبيت في ساعة معينة، وإذا خرج قبل الوقت يكون له فرصة أن يذهب يمنة ويسرة!! وولي الأمر ينام مرتاح البال؛ لأنه يعلم متى خروج ابنه.
عندها منعت تقديم الحصص، وإذا تغيب معلم ينزل بدله الانتظار، وبهذا عالجنا المشكلة، مع أن هذا القرار قابله أغلب منسوبي المدرسة بالرفض؛ لأنه يؤخر خروج المعلم من المدرسة، ومع ذلك تم تنفيذه، وذلك من باب خوف الله في هؤلاء الطلاب
إذا تأملنا فئة من الطلاب ممن عندهم حياء شديد، وربما عندهم خوف من المعلم أو المدير، نجد أنهم تواجههم مشاكل وعقبات، ولكن ليس عندهم الجرأة على تقديمها وعرضها؛ مما كانت عند البعض عقد نفسية، ربما تكون سبباً في ضياع مستقبل الطالب.
ومن منطلق أن الطلاب أمانة في عنق المدير أمام الله فقد عالجنا هذه القضية بوضع صندوق رسائل خاص بمدير المدرسة، وأعلنت للطلاب أن الصندوق لا يفتحه إلا المدير، وهو عبارة عن همزة وصل بين الطلاب والإدارة. وقلت لهم: إن كان لك حاجة اطلب مقابلتي على انفراد.
وذات مرة وصلتني رسالة من طالب كثير المخالفات، وضعيف في المستوى الدراسي، ويطلب مقابلتي على انفراد، فذهبت لمكتب المرشد، لأنه هيئ للمقابلة، وطلبت الطالب وقلت له بأسلوب لطيف: ما عندك؟
قال الطالب: أنت يا أستاذ تكرهني! وتتعمد التركيز علي! ودائمًا تشك فيّ!! فأمس قدمتني بالصلاة ومرة فتشتني في الفصل!!
يقول هذا الكلام وهو في خوف شديد!!
قلت له: هل ستصدقني أم لا ؟
قال: سوف أصدقك.
قلت له: أنت مثل أخي، ولو قسوت عليك لا يعني أني أكرهك، وما في قلبي عليك إلا المودة والحب، وأنا لم أتعمدك في شيء…الصلاة لا أريدك أن تجلس في الخلف حتى لا تتحدث مع غيرك، والتفتيش جميع الطلاب مطبق عليهم هذا الأمر!
فاقتنع ثم انصرف، وبعد انتقالي من المدرسة إلى مدرسة أخرى إذا هو يتصل بي، ويدعوني لحضور مناسبة زواج أخته، فما كان في نفسه انتهى، وقد أجبت الدعوة، وذهبت للزواج، فهذه نتيجة واحدة من نتائج كثيرة لذالك الصندوق، والذي جنيت منه خيراً عظيماً.
فيما بعدد خصصنا جوال خاص وبريد اكتروني وعممناهـما على الطلاب وألياء الامور والمعلمين
ايضا من الفوائد
ان البعض يفرغ الشحنات التي في نفسه فيكتب كل مافي خاطره من اي كلام وبهذا يكون قد فرّغ مافي نفسه والتفريغ يكون بهذه الطريقة ولايكون بالاعتداء
حقيقة هذه التجارب ربما تكون بسيطةً وسهلةً جداً، وربما لا تستحق هذه التسمية: (سلسلة)، لكن على قدر حالنا نشارك، ونستفيد من توجيهات إخواني وأخواتي في الميدان؛ من خلال تعليقهم عليها، كنت معلماً، وكان أحد الفصول فيه (45) طالباً من جميع الأعمار والأجناس، فكان هذا الفصل مزعجاً للمعلمين من خلال كثرة مشاكله، ومن ذلك مع دخول المعلم فلا بدَّ من وقت حتى يهدأ الفصل ويستقر، فكنت إذا أردت الدخول على الفصل أقف عند الباب، وآخر طالب يتكلم أسْأَله مباشرة عن الدرس الماضي أسئلة كاملة، فكنت بمجرد ما أقف بالباب يصمت الجميع بنفس واحد بدون مبالغة، وكنت أبدأ بشرح الدرس كاملاً ثم قراءة الكتاب، ولا أعطي أي فرصة للتشويش… لأن الطالب إذا لم تشغله أشغلك، وكان طالب مشاكسًا يجلس بجانب طالب مثله، فكنت أقدم الطالب المشاكس إلى الأمام…
وبهذا التعامل لم أواجه المشاكل، والتي أصبحت قضية من الزملاء عند إدارة المدرسة ومدير المدرسة أعجبته تلك الطريقة.
انتقلت إلى مدرسة، وكانت المباشرة للعمل متأخرةً جداً بسبب ظروف المدرسة المنتقل منها. ولما بدأت امتحانات نصف السنة وكانت علاقتي مع المعلمين يغلب عليها بعض الأمور الرسمية بحكم أني جديد عليهم، فرأيت أن التصحيح تأخر، وهناك مواد من الأسبوع الأول لم تصحح بعد!! وقد يكونون اعتادوا على هذا العمل، ورأيت أن المعلمين يغلب عليهم البرود، ولا بد من التصرف لعلاج مثل هذا الموقف.
فقمت بمساعدة المعلمين في مراجعة بعض المواد بنفسي، وكل معلم يراني أراجع المواد يبادر في إنهاء أعماله، وبهذا التصرف استطعت -بفضل من الله ومنته- أن أعالج الموقف بهدوء، ولما رأى المعلمون أني أساعدهم في مراجعة المواد ازداد حماسهم وبادروا للتصحيح والمراجعة، وانتهت الاختبارات، وأخرجنا النتيجة في وقتها بدون أي مشاكل ولله الحمد والمنة.
انتهى الماء، ولا تصب الحنفيات قطرة ماء في المدرسة، وذهب المستخدم لكي يشغل (الدينمو) لكي يرفع الماء، وعندما شغل (الدينمو) وجده معطلاً، فمباشرة أتى إليّ وقال: (الدينمو) عطلان!!
فقلت له: ماذا عملت ؟
قال: شغلته ووجدته لا يعمل!
قلت له: ماذا عملت ؟
قال: لم أعمل شيئًا !!
قلت له: ارجع وحاول، ولا تأتني إلا وقد استنفدت جميع المحاولات لإصلاحه، وسوف أسألك عن المحاولات، فهذا (الدينمو) موجود في كل بيت، وهذه المشكلة تمر علينا جميعًا .
بهذه الطريقة – التي أتعامل بها مع الجميع حتى مع ابني في البيت – استطعت أن أجعل كل من حولي يستخدم عقله، ويشاور ويبحث عن الحل؛ لأني سوف أسأله عن المحاولات التي بذلها من أجل إتمام المهمة، ولا يكون دور من حولي هو التنفيذ فقط والاعتماد الكلي على المدير؛ لأن الجميع لديه طاقة وعقل وقدرة، لكن متى تعطلت أو اعتمدت على غيرها أصبح صاحبها عالة على غيره.
كثيراً ما تأتي تعاميم للمدرسة، ومطلوب إطلاع جميع المعلمين عليها، وأخذ التوقيع على ذلك، وكانت الطريقة أن يأخذ مراسل المدرسة التعاميم بعد شرح المدير عليها، ويدور على المعلمين لكي يوقعوا عليها، وكانت هذه الطريقة مكلفة، وتأخذ وقتاً، خصوصاً أن المستخدم لا يدخل على المعلم في الفصل، والمعلم يحتاج إلى وقت لكي يطلع عليها !!
فطرحنا هذه الطريقة عبر نموذج مخصص يكون كما يلي:
الإخوة الزملاء !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
توجد تعاميم نرجو الإطلاع عليها والتوقيع .
(تعميم النقل الداخلي) (التوقيع…………………)
(تعميم بشان دورة في إدارة الفصل)
(التوقيع…………………)
(تعميم بشان بطاقة المعلم)
(التوقيع…………………)
(تعميم بشان النقل الخارجي)
( التوقيع…………………)
ملاحظة: التعاميم موجودة في غرفة المعلمين، وغرفة الكاتب .
ويطبع أسماء المعلمين خلف الورقة لكي يوقع كل معلم أمام اسمه.
هذه الطريقة اختصرت الوقت والجهد، كما تضمن إطلاع الجميع عليها؛ لأنه ليس لأحد العذر بعدم الإطلاع
فجعنا مرة بوفاة ولي أمر طالب يدرس في ثاني ثانوي (عبد الرحمن..) في حادث مروري، ورغبة في تربية الطلاب على مساندة زميلهم زرنا الفصل، وأخبرناهم بوفاة والد زميلهم، وقلنا لهم: إنه من باب الوقوف مع زميلكم لابد من زيارته في بيته لمواساته.
الأمر الثاني: سنجمع مبلغاً تشترون به ذبيحة، وتذهبون بها إلى الطباخ ثم تهدونها لأهل زميلكم.
ثم ذهبت أنا والمرشد إلى أهل المتوفى، وسلمنا عليهم وعزيناهم، وقلنا لأخيهم الكبير: زملاء عبد الرحمن يريدون مشاركة زميلهم بعشاء، أرجو أن تقبلوا مشاركتهم لزميلهم، فرحب وشكر.
ذهب الطلاب ونسقوا مع أهل زميلهم وقدموا لهم العشاء .
في الامتحانات وعند تصحيح المعلمين لإجابات الطلاب ومن باب العجز والكسل ترى بعض المعلمين -هداهم الله- حين يصحح لطالب ضعيف لا يهتم بتدقيق ورقة الإجابة! والبعض يسأل المعلمين عن مستوى الطالب وإذا علم أنه ضعيف عند الجميع لا يهتم بتدقيق التصحيح من باب أنه لا فائدة!! فالطالب في رأيه ضعيف ومهمل..!!
وبهذه الطريقة يُظلم الطالب، ويغلق في وجهه باب النجاح ولو بالدور الثاني. وعلاجاً لهذه المشكلة اتفقنا مع المعلمين أن المراجعة لها طريقة جديدة، وهي عند رصد الدرجات من لجنة الرصد وعندما يبقى لطالب ( 5 ) خمس درجات على النجاح تُرجع الورقة للمعلم للمراجعة النهائية وبدون معرفة المعلم عن مستوى الطالب في المواد الأخرى.
حقيقة هذه الطريقة -وبفضل من الله- نقلت طلاباً من الرسوب إلى النجاح، وفتحت الأمل لبعض الطلاب لدخول الاختبار في الدور الثاني، حيث تقلصت المواد من عشرة إلى خمس مواد، وخرجنا من الامتحانات بنفوس مطمئنة؛ لأننا شعرنا بتأدية الواجب والأمانة التي في أعناقنا لأبناء المسلمين.
كان هناك طالب في المدرسة (بدر) كثير الغياب، وليس عنده مبالاة بالمدرسة ونظامها، وفشلت معه جميع طرق الإصلاح من منسوبي المدرسة.
ولما بقي على نهاية العام شهر واحد ترك المدرسة، وحاولنا البحث عنه فلم نستطع، وكنا حقيقة قد أسفنا لتركه للمدرسة في العام الماضي، وفي بداية العام الجديد لم أشعر إلا وقد دخل عليّ مع خاله في الإدارة، ( لأن أباه مريض) ولما رأيته فرحت به حقيقةً وهو يظن أني سوف أعاتبه.
وعندما دخلوا سلمت على خاله، ورأيت منه خوفاً وتردداً مني، فبادرته بالسلام، وقبلته، ورحبت به ترحيباً حارًّا جدًّا، وسألته عن حاله، وحال أهله، وهو متعجب من أسلوبي معه.
فقال خال الطالب: بدر سوف ينتقل إلى مدرسة أخرى قريبة من بيته، ويقول: أحب أن أغير مدرستي؛ لأنني أود فتح صفحة جديدة، لكن مدير المدرسة هناك رفض قبوله، وكان في رأيي الخاص أن ينتقل إلى مدرسة أخرى.
فرفعت سماعة الهاتف أمامه، وكلمت المدرسة في قبوله، ورفضوا قبوله في البداية، وبعد إلحاح وافقوا على قبوله من أجلي، وقلت: اذهبوا إلى المدرسة، وسوف يعطونكم خطاب قبول.
فذهبوا إلى المدرسة، ثم أتوا إلينا مرة أخرى، فقلت للطالب: اذهب لتأخذ الكتب، ولما خرج قال لي خاله: أسلوبك وطريقتك معه لم يكن يتصورها أبداً، وكان يتوقع منك العتاب والتأنيب، ولقد أحدثت في نفسه شيئاً غريباً، ولا تعلم كم هو خجلان من نفسه.
ولما أخذ الكتب وأرادوا الخروج من المدرسة وخرج خاله.. انتظر وسلَّم عليّ وقال: سامحني يا أستاذ وأنا متأسف جداً !!
فقلت له: يا بدر أنت مثل أخي، وقدرك في نفسي شيء عظيم، وأنت سامحنا، وودعته وأعطيته رقم الجوال، وأبديت له الاستعداد لأي أمر، ورأيت أني أحدثت في نفسه شيئًا عظيماً.
خرج من عندي ومن الغد رأيت رسائل ترد على جوالي منها:
عسى السعادة في حياتك تباريك *** والوقت يضحك لك على طول دنياك
وتكرر هذا النوع من الرسائل وأنا لا أعرف مصدرها، ثم أتت رسالة من نفس المصدر مكتوب فيها أكيد لم تعرفني أنا (بدر) فسبحان الله! بفضل من الله وتوفيق منه انقلبت علاقتي مع هذا الطالب من مدير وطالب إلى الأخوة حتى أنه يتصل ويسلم علي! وقد زارني مرة فلله الحمد والمنة، وله الفضل وهو على كل شيء قدير
في كثير من الأحيان يشتكي الزملاء من المديرين والمعلمين من عدم جدية عمال النظافة في تأدية عملهم، وأنهم بطيئون، وفيهم…. وفيهم…………….. إلخ.
ولله الحمد والمنة، وله الفضل في كل شيء فلم نجد ما يشتكي منه الزملاء على مدار أربع مدارس خدمت فيها.
ولكن نعاملهم كأنهم إخوة، ونكنُّ لهم التقدير والاحترام، ففي دخول الشتاء نؤمن لهم ملابس نظيفة وجديدة، ونساعدهم فيما يتيسر، حتى الإفطار نشاركهم فيه، فلا أتناول الإفطار إلا معهم، أو أتأكد من تناولهم الإفطار بعد المعلمين، هذا من جانب، ومن جانب المتابعة حين أوقع في الصباح بداية الدوام أتفقد الفصول والمرافق والملاعب، وإذا وجدت شيئاً غير نظيف أعاتبهم، وأتابع أعمالهم، وإذا رأيت منهم تهاوناً ربما أعاقبهم، ومن باب أن الشيء بالشيء يذكر، أذكر أني انقطعت عن المدرسة شهراً كاملاً بسبب عملية جراحية، وكانت المدرسة تبعد عن سكني (100كم) وإذا بطارق يطرق الباب! ولما فتحت الباب إذا هو عامل المدرسة! أتى مع إحدى السيارات من 100كم ليزورني، وهو يبكي خوفاً عليّ ويقول: الوكيل لقد سأل عنك مراراً وبكى لما أخبرناه أنك مريض.
أحسنْ إلى الناسِ تَسْتَعبِدْ قلوبَهمُ *** فطالما استعبدَ الإنسانَ إِحسانُ([1])
([1]) البيت لأبي الفتح علي بن محمد البستي، من قصيدة نونية له عنوانها: (عنوان الحكم).
الجدول المدرسي ذلك الأمر المعقد، والذي فيه ومن أجله تحصل من الأمور ومن المشاكل بين المعلمين والإدارة الشيء الكثير ..؛ لأن أصعب شيء يواجهه المدير في مدرسته هو العدل، وفي نظري أن الجدول هو مرآة للمدير، ومن خلاله تحكم على المدير ومدى جودة إدارته .
في بداية عملي في الإدارة نزلنا الجدول بالعدل بين المعلمين تحت قاعدة معينة، فالمعلم له ثلاث أسابيع ويوم سادسة ويوم رابعة.
فتقدم المعلمون بطلب فتح التغيير مع الزملاء، فكل زميل يغير مع زميله في الجدول، وذلك على حد قولهم من باب التعاون بين المعلمين، فوافقت على ذلك.
ولما بدأ المعلمون في التغيير رأيت بعض المعلمين وخصوصاً من يبحثون عن مصالحهم الخاصة، وليس عندهم تقدير لأحد، رأيت جداولهم مريحة، ويخرجون بعد الرابعة، ولهم استراحة، وباقي المعلمين ممن عندهم صفة الحياء تتابعت عليهم الحصص في جداولهم، فترى الجدول من الثانية إلى السابعة، ولا يخرجون إلا بعد السابعة، ولما كلمتهم قالوا: نستحي من زملائنا، ولا نستطيع رفض طلب الزميل بتغيير الجدول!
وبعضهم جاء يشتكي هذا الوضع، ويرمي السبب على إدارة المدرسة بأنها فتحت باب التغيير .
ولما كان الفصل الثاني نزلت الجدول، ومنعت التغيير إلا لمصلحة، وبدون تغيير وقت خروج المعلم، فكان بعض المعلمين يعارض وبشدة، ولكني تمسكت في رأيي ومنعت التغيير، فكان الجدول مقسماً بالعدل بين الزملاء .
وكنت متذكراً قاعدة: " رضا الناس غاية لا تدرك "، فراقبت الله سبحانه في مسألة المساواة بين الزملاء.
ومن خلال الأعوام كنت إذا أردت وضع الجدول أطلب من المعلمين طلباتهم، فمنهم من يريد الدرس الأول، ومنهم من يريد الخروج بعد الرابعة يوماً معيناً……..إلخ
وعند إخراج الجدول أطلب منهم ملاحظاتهم على أن يعمل بها على قدر الإمكان، فكانت هذه الطريقة جيدة، وعند مناقشة المعلم لي في الجدول أقبل النقاش بنفس هادئة، وأستمع إلى كلامه، وأنظر في رأيه إن كان وجيهاً، وإلا أقول: وزملاؤك لهم حق.
ذات مرة اعترض معلم وقال: أصحابك تراعيهم في الجدول !!
فقلت له وأنا واثق من نفسي: خذ الجدول، وإذا ذهبت إلى بيتك انظر فيه بتمعن، فإن وجدت فرقاً بين المعلمين فلك ما تشاء !! عندها سكت، واقتنع بما أعطيته من عمل.
سلسلة مواقف من الميدان السادس عشر
من باب تفعيل رسالة المدرسة من جميع الجوانب، ومن ذلك الاهتمام بالفقراء والمساكين من الطلاب، وحيث إن بعض الطلاب يواجهون مشكلة الإفطار في الفسحة، والجلوس أمام الطلاب بدون إفطار، وعلاجاً لهذه القضية قمنا بالبحث عن الفقراء والمساكين وإحصائهم، ثم قمنا بطباعة دفاتر بها كروت بفئة ريال وريالين، والدفتر قيمته خمسون ريالاً، ومن باب الستر على هؤلاء الطلاب، ومراعاةً لنفسياتهم تم الإعلان للطلاب أن المدرسة تبيع كروتاً للإفطار، بحيث تدفع خمسين ريالاً، وتأخذ دفتراً تشتري من المقصف من خلاله، ثم بطريقة خاصة وزعنا الكروت على الطلاب الفقراء عن طريق من يثقون به من المعلمين أو المرشد بعد إخبار ولي الأمر بذلك حتى لا يعطي أبناءه قيمة الإفطار، وبينا للطالب الفقير أنه لن يعلم بها أحد؛ لأن إدارة المدرسة قد باعت على بعض الطلاب، فمن يراكم يظن أنكم قد اشتريتموه من المدرسة، وأفضل من ذلك أن يكون الاتفاق مع ولي الأمر إذا كان ممكناً بحيث إن الطالب يظن أن ولي أمره قد اشتراه من المدرسة.
وبهذا المشروع وفرنا لأكثر من (45) طالباً إفطاراً مجاناً، وصاحب المقصف يعطينا في نهاية الشهر الكروت ونعرضها على أهل الخير من المعلمين أو غيرهم، فيتبرعون بها. القائم على المشروع الأستاذ صالح عليان الصقر .
فهذا جزء من رسالة المدرسة، والله نسأل الأجر والمثوبة، والله أعلم.
طلابنا أبناؤنا وإخواننا، وسَنُسأل عنهم يوم القيامة.
في امتحانات الدور الثاني غالباً يكون الجدول عند الأسر في البيوت غير منتظم بسبب الإجازة، وغالباً يسهر الناس وينامون من بعد الفجر إلى الظهر .
وفي أول يوم من الاختبارات وعند بداية اللجنة يتأخر طلاب عن الامتحان فيقوم المرشد الطلابي أو الوكيل بالاتصال على بيت الطالب، وذلك مراعاةً لأمه وأبيه، فربما أنهم تعبوا وصرفوا عليه مبالغاً ثم تذهب سدًى، وكان الإخوة الوكيل سليمان صالح العقيل والمرشد عبد الله سليمان المحيسني جزاهم الله خير يتصلون كل يوم، وإحدى المرات اتصلوا على أحد البيوت فردت الأم، وقالوا: ابنكم عنده امتحان ولم يأت!
فقالت الأم – والله – الجميع نائمون، وولي أمر البيت مسافر، فأيقظت الطالب، وجاء إلى المدرسة مسرعاً، ولما سألتهم عن مواد الطالب قالوا: عنده مادة واحدة فقط توحيد، وراسب في النصف الأول فقط، فدخل الطالب اللجنة واختبر ونجح، فقلت للمرشد والوكيل هنيئاً والله لكم، إن هذا الموقف والذي لا يمكن أن ينساه لكم الطالب وأم الطالب، وستبقون في ذاكرتهم ما عاشوا، كلما تذكروكم دعوا لكم، فجزاكم الله خيراً.
فهذا من باب الأمانة التي في أعناقنا لهؤلاء الطلاب، والذين نريد لهم ما نريد لأبنائنا وإخواننا.
انتقلت إلى مدرسة ضمن حركة مديري المدارس، ولما اعتمدت الحركة وكان توجيهي للمدرسة سمعت الناس يقولون عن معلم: إنه يعتبر مشكلة من ست سنوات، وإنه يتصف بالشدة وعدم التعاون، وإنه بطريقته ينفر الطلاب من المدرسة ويكرههم المادة.
ويقولون أيضاً: إن أولياء الأمور قدموا فيه أكثر من شكوى على إدارة التعليم، وقد تم التحقيق معه، وقد نُقل من مدرسة إلى مدرسة، ومع ذلك لم ينفع فيه، ويقولون: إذا فعل أي شي لا يمكن أن يتراجع عنه و…و… مما جعلني أتصور أنه…؟؟؟!!!
سمعت هذا الكلام قبل أن أباشر العمل ومن خارج المدرسة، قدمت للمدرسة، وباشرت العمل، وكل هذا الكلام وضعته على جانب، وتعاملت مع المعلم وكأني لم أسمع عنه أي شيء!! لأني تعلمت من دروس الحياة:
أن لا تبني قرارًا ولا تحكم على أساس لم تقف عليه بنفسك .
ومرة زارني مشرف الأستاذ، وبدأ يشكو منه ومن مشاكله ووووووووووو الخ المهم رأيت المدرسة، وبدأت العمل، وكنت أرتقب الوضع، ولكني رأيت شيئًا غريباً، رأيت أن موقع التوعية الإسلامية أكثر من رائع، ورأيت الجهود الجبارة والعظيمة، وكلها من جهود هذا الأستاذ فتعجبت من ذلك.
ورأيته رجلاً عبقرياً في الحاسب، ومتمكناً من المادة العلمية، وعنده لغة إنجليزية وفرنسية، وإنسان مستقيم يخاف الله، وهو الوحيد الذي لا يخرج من المدرسة إلا بعد السابعة، فدارت في رأسي أمور كثيرة، وتعجبت من الوضع فقلت: لا بد من وجود شيء لم أفهمه !!
ومرة كنت في الإدارة، فأتى الوكيل وقال: الأستاذ ( المعني ) طرد طالباً، والطالب هرب من المدرسة .
وبعد خمس دقائق دخل أحد أولياء الأمور، وكان في شدة الغضب، فجلس وبدأ يتكلم بشدة عن المعلم، ولما رأيته بهذا الشكل قلت له: اذهب وتأتيني غداً.
وقلت له كذا لأني لا أعلم عن تفاصيل الموضوع، وثانياً لأنه لا يمكن التفاهم معه وهو في هذه الحالة، وخرج ولي الأمر بعد إلحاح شديد، عندها قلت في نفسي: هنا تخرج النتيجة مع المعلم، ومدى كلام الناس عنه.
سألت المعلم عن الموضوع، فقال بكل أدب: الطالب غش في الاختبار، وقلت له: اخرج خارج الفصل، وبعد الدرس أنظر في موضوعك، فخرج الطالب من الفصل، وهذا الذي حصل فقط !
وهنا وصلنا إلى مربط الفرس، وهو كلام الناس عنه أنه لا يتقبل أي توجيه!!
فقلت: يا أستاذ الآن ما العمل؟
قال: الذي تريد.
سبحان الله! أين كلام الناس..؟!! وأين الشدة..؟!! وأين عدم تقبل التوجيه..؟!! وووووووووو…..
عندها قلت للمعلم: سنجتمع غداً في الإدارة مع ولي الأمر والمرشد، وأرجو أن تمسك أعصابك، فيبدو أنه بينك وبينهم مشكلة قديمة .
المهم اجتمعنا من الغد، وخرجنا بنتيجة إيجابية جداً، واعتذر ولي الأمر، وقال: أنا الذي قدمت فيك الشكوى، وأنا الذي جمعت الناس ليوقعوا ضدك وهم لا يعلمون شيئاً عن الموضوع، وأنا… وأنا… وأنا… الخ .
فقلت في نفسي: هذا السر الذي كنت أبحث عنه، وهي شرارة المشكلة، وخلاصتها أنه بقي للطالب عند الأستاذ في مادته درجتان فقط وينجح، وتسربت النتيجة للطالب وولي الأمر، فذهبوا للأستاذ وقالوا له: زد الطالب!!
فرفض الأستاذ، عندها بدأت المشكلة .
المهم خرجنا من الإدارة أحباباً، وسمناً على عسل، ومن الغد ورد إلينا خطاب نقل المعلم عن المدرسة للمصلحة العامة، وسبب النقل شكوى أولياء الأمور، والتي تزعمها ولي الأمر !!
قلنا: مادمنا متفقين مع ولي الأمر، والمدرس بهذا التميز ستفقده المدرسة، لعلنا نكلمه حتى يتنازل عن الشكوى، كلمنا ولي الأمر متزعم الشكوى حتى يسحب الشكوى، ويجلس المعلم في المدرسة، فوافق، ومن الغد تراجع عن الموضوع!! وتفاجأت أنه سيدخل نفسه في خصوصيات المدرسة، ولما علمت قلت له: داخل سور المدرسة لا يحق لك التدخل ولو بحرف واحد!!
عندها سحب كلامه في التنازل، بل نقل ابنه من المدرسة، وشن الحرب على المدرسة بشكل عام، وبدأ بتحريض أولياء الأمور على المدرسة.
قمت بطلب الموقعين على الشكوى؛ لكي نبين لهم الأمر، وقدم إلينا واحد فقط، وقال: نحن لا نعرف شيئاً، والموضوع عند فلان، وهو الذي كتب الشكوى، ووقعنا عليها!!
أدخلت ( رئيس المركز ) الأستاذ الفاضل عبد الله ناصر العقيل بحكم أنه رئيس مجلس المدرسة، فجمعهم وكلمهم، ووافقوا على التنازل لكن بعد خروجنا من مجلس رئيس المركز رجعوا ونقضوا كلامهم ورفضوا التنازل مرة أخرى!! بل ذهبوا جميعاً لمدير التعليم، يهددون ويشتكون!!
ولَمَّا رأيت الموضوع وصل إلى هذه الدرجة قلت في نفسي: لا بد من السعي إلى نهاية الطريق معهم، حتى إن بعض الزملاء قال: الدور الذي عليك قمت به، ولست مكلفاً في أي شيء آخر!!
فلم أوافقهم، فقمت وكتبت عرضاً كاملاً للقضية، وفندت دعواهم، وأرفقت كشف درجات المعلم، والذي أقل طالب في مادته أخذ (11) درجة من (15) درجة، وأثنيت على الأستاذ، وبينت أن من الموقعين من ليس لهم أبناء في المدرسة، وبعضهم ليس له أبناء في ثالث ثانوي، وبعضهم أبناؤهم ضاعف في المستوى الدراسي وإنما دعواهم كيدية.
وفي الأخير كتبت: الأستاذ، تمت المفاهمة معه على تجنب ما يثير الرأي العام، وليس فيه مخالفة للنظام، ووقعت ووقع المعلم والمرشد والوكيل، ورفعتها لسعادة مدير التعليم، ومدير التعليم كتب عليها للإشراف، والمشرف زارني في المدرسة، وجلس معي، ثم ذهب إلى الأستاذ وجلس معه، ولما أتى من عند الأستاذ، وجلست معه في الإدارة كانت عليه علامات التعجب! ويقول: ماذا فعلتم مع الأستاذ؟!! ليس هذا الأستاذ الذي أعرفه!! وبدأ يثني عليه ثناءً كثيراً، وخرج من المدرسة، وبعد فترة رجع ليتأكد مرة أخرى، ومازال متعجباً من الوضع، ويقول: لا أصدق أن هذا هو الأستاذ…؟؟!!
وبعد فترة استدعى المشرف المعلم لإدارة التعليم، وجلس المشرف والمعلم ورئيس الإشراف، وأبدى المعلم استعداده لكل شيء، وعندها تم نقض قرار النقل، وتم تثبيت الأستاذ في المدرسة.
وهنا موقف لا يمكن أن ننساه لسعادة مدير التعليم، وذلك رفعه خطابنا للدراسة، وموقف لسعادة رئيس الإشراف، والذي أوقف النقل، وأعطانا فرصة لعلاج الموضوع، وموقف المشرف التربوي، والذي تعامل مع الموقف بهذه الصورة، وبغض النظر عن خلفياته، حيث قدموا – جزاهم الله خيراً – رأي المدرسة على غيره، مع شدة المطالبة من أولياء الأمور، مما كان له الأثر الإيجابي على شخصية مدير المدرسة والمدرسة أمام الرأي العام، فجزاهم الله ألف خير على موقفهم، والذي أنهى المدرسة من مشاكل كبيرة، وأصبح موضوع صاحب الشكوى (ولي الأمر) عبرة لغيره.
ظل ولي الأمر يكيد للمدرسة عامًا كاملاً ويتربص بنا! لكنه لم يستطع أن يحقق شيئًا مما في نفسه، فمرة قدم فينا شكوى على الوزارة ولكن بدون فائدة! ومرة وقع خطا على ابنه وحضر وهو في شدة الغضب يعتقد أننا ضربناه،ولكن تبين أن ظنه في غير مكانه وفي آخر العام أتى ولي الأمر بنفسه للمرشد الطلابي واعترف وأقر على نفسه بأنه كان يتعمد الدخول في شؤون المدرسة، وأنه كان يصدق أبناءه المراهقين، وتعهد بعدم التدخل مرة أخرى.
خمس دقائق فقط تقضي على فوضى خمسين ومائتين (250) طالب .
كثيراً ما نعاني من عدم انضباط الطلاب في الصلاة، وتأخرهم عن الحضور، إما لبقاء الطلاب في الفصول، أو في دورات المياه (أكرمكم الله)، والجميع يعرف مشكلة الإشراف، والتي تعتبر عبئاً على المعلم، والقليل من يقوم بها على الوجه الأكمل، وكثير من المشاكل والتي تحصل بين الإدارة والمعلمين فيما يخص متابعة الإشراف.
وحلاً لكل هذه المشاكل أخبرنا الطلاب أن الصلاة سوف تقام بعد الجرس خمس دقائق فقط، ومن يتأخر ويتكرر منه سيعرض نفسه للمسائلة.
بعد هذا العمل انتهت جميع المشاكل من تأخر الطلاب في الفصول ودورات المياه (أكرمكم الله)، وممرات المدرسة، حتى وبدون مبالغة جميع الطلاب يسلمون مع الإمام لا تفوتهم ولا ركعة، حتى المسئول عن متابعة الإشراف والمشرفون أصبح دورهم سهلاً جداً، مع العلم أن عدد الطلاب (250 ) طالب ومرحلتين !!
من باب إسناد المهمة للطلاب، وتنمية روح القيادة، وتحمل المسؤولية عند الطالب، ومن باب الطرح المبسط والجديد لطلاب أول متوسط، ومحاولة إعطاء الطلاب توجيهات معقولة ومبنية على واقع عاشه الطلاب.
ففي أول العام الدراسي نستقبل في المدرسة دفعة جديدة من الطلاب في أول متوسط، وهؤلاء الطلاب بحاجة إلى شرح وتبيين للمرحلة الجديدة المتوسطة.
والذي قمنا فيه بالمدرسة إسناد المهمة إلى طلاب (3/ث) مع مشاركة المرشد، وكان البرنامج المعد: اليوم الأول استقبال للطلاب، وإقامة ندوة من مواضيع مشتركة:
1 – منها ترحيب بالطلاب، وتوضيح اختلاف المرحلة المتوسطة عن الابتدائية.
2 – شرح لنظام المدرسة، وكيفية التعامل مع توجيهات الإدارة والمعلمين.
3 – توضيح المناهج الجديدة، وكيفية التعامل معها.
اليوم الثاني: قام طلاب (3/ث) بإقامة مسابقة ثقافية لطلاب أول متوسط، ثم جولة في المدرسة، وتبيين بعض المرافق العامة كالملعب والمكتبة والمختبر.
حقيقة كانت الفكرة جداً رائعة، ووافقت حماسة وتفاعلاً من طلاب (3/ث) وقبولاً من طلاب أول متوسط. والله أعلم.
إن التعامل مع الطلاب يجب أن يراعى فيه كثير من الأمور، ومنها:
مراعاة حالة الطالب الاجتماعية، وإحدى المرات سألت طالباً: من ولي أمرك؟
قال: أبي.
فقلت: أين هو؟
قال: متوفى!
فحزت في نفسي تلك الكلمة، ورأيت أني ربما بعثت جرحاً قديماً لدى الطالب، وأني أحزنته!!
ومراعاةً لتلك القضية – وهو الطالب اليتيم – إذا أردت أن أسأل الطالب لا أقول: أين أبوك؟ بل أقول: من ولي أمرك ؟
كل ذلك حرصاً على عدم جرح الطالب اليتيم، خصوصاً لَمَّا أسأله أمام الطلاب.
– ومن مراعاة نفسيات الطلاب كان إفطار المعلمين في غرفة المعلمين، ودائماً الإفطار – ولله الحمد – مما لذ وطاب!! وغرفة المعلمين يتردد عليها الطلاب في أمور كثيرة، ويرون الإفطار على الأرض! ومراعاةً للطالب الفقير، وحرصاً على نفسيته، وأنه ربما يتمنى بعض ما هو على الأرض، أو أنه ربما يرى شيئاً من الطعام لا يمكن الحصول عليه في البيت..؛ لهذا السبب قمنا بنقل الإفطار إلى مكان آخر لا يرتاده الطلاب. كل ذلك مراعاة لنفسية الطالب اليتيم والفقير، وما ذاك إلا ابتغاء وجه الله تعالى. والله أعلم.
أحرص كثيرًا على وحدة الصف، وعمل الوقاية من حدوث المشاكل وتفاقمها، فكونت لجنة أسميتها لجنة: " تقريب المفاهيم "، وهم مجموعة من المعلمين الجادين والمتميزين، ووكلت إليهم مهمة الإصلاح، وقلت: ما تجتمعون عليه أوقع عليه مباشرة، إلا إذا كان فيه مخالفة، أو ليس فيه مصلحة، وها أنا أجعل المدرسة في ذمتكم، فأي معلم يشتكي من ظلم، أو أي شي ترونه غير مناسب فقد وكلتكم بإصلاحه؛ لأنكم في وسط الميدان، وترون ما لا نرى في الميدان.
بهذه الطريقة أصبحت المدرسة تسير بكل مثالية وهدوء، فالمشكلة تقوم وتموت في مكانها؛ لأن المعالجين لها في كل مكان.
وذات مرة تقدم أحد المعلمين بطلب إجازة، فرفضت لأسباب، وخرج المعلم وهو غاضب!! وتحدث عند المعلمين عن رفضي لإجازته، وبدأ بكلام تضجر وشكوى، عندها أمسكه أحد المعلمين وهو الأستاذ محمد عبد الرحمن الصقعبي وقال:
المدير لم يرفض إلا بسبب، وسوف أتأكد من ذلك.
سألني المعلم عن موضوع الأستاذ، فقلت له: قد تقدم غيره بطلب إجازة، وهذا المعلم ليس له إلا الاستئذان، وطلب الإجازات، ولو أن عنده عذراً وجيهاً لأعطيته.
رجع المعلم وقال: المدير هذا كلامه، وهذا رأيه، ورأيه وجيه، ورجاء لا تحدث في المدرسة مشاكل.
وأيضاً حرصاً على فئة من المعلمين ممن يكون لهم حاجات ورغبات معينة، ولكن يمنعهم الحياء من طلبها، فكون المعلمين (لجنة تقريب المفاهيم) بينهم ووسطهم، فتجد تلك الفئة تفضي بما عندها لزملائهم، لقربهم منهم، فدور اللجنة متابعة موضوعهم مع الإدارة، فكثيراً ما تأتي طلبات ورغبات من تلك الفئة عن طريق زملائهم.
فبهذا استطعنا أن نريح تلك الفئة بالمدرسة، وراحتهم كانت إيجابية مع طلابهم، والله أعلم.
انتقلت إلى مدرسة في عام (1420) للهجرة، وكنا نتحدث عن قبول الطلاب، فقال أحد أفراد المدرسة: تقدم إلينا طلاب في العام الماضي ولم نقبلهم.
فقلت: ليس لكم حق! لأنهم قريبون من المدرسة، ويسكنون في بيوت متنقلة (خيام )، والمدرسة كبيرة، والعدد فيها قليل!!
المهم أن المدرسة تبعد عن بيتي (50كم)، وفي كل صباح أذهب إلى المدرسة كانت تقابلني سيارة قديمة، وفيها بدون مبالغة (10) طلاب، مزدحمون فيها، وكان الطريق ضيقاً وخطراً جداً، وكنت كلما قابلتهم يرتجف قلبي خوفاً عليهم من شر الحوادث، فكنت إذا قابلتهم أدعو الله أن يحفظهم، وأن يردهم لأهلهم سالمين، فالسيارة قديمة!! والطريق خطر لأنه يمر على جسر وادي الرمة طوله 1000م !!
ومرة وجدتهم قد تعطلت سيارتهم، فوقفت عندهم وسألتهم عن السبب، قالوا: ليس فيها بنزين، فأخذت أحدهم إلى المحطة وسألتهم في أي مرحلة أنتم؟
قال: في الثانوية والمتوسطة .
فقلت: لما ذا تتركون المدرسة النبهانية (مدرستنا) وهي قريبة جداً لكم؟!! فلم يعطني جواباً مقنعاً !!
فقلت في نفسي: ربما يكونون هؤلاء الذين لم يقبلوا في العام الماضي حسب قوله.
المهم قلت لهم: أنا مدير المدرسة، وبلغ أهلك السلام، وقل لهم: لا بد أن تأتوا إلى المدرسة لقربها، ولأن المدرسة التي تذهبون إليها بعيدة، وطريقها خطر !!
وجدتهم مرة أخرى قد تعطلت سيارتهم، فوقفت عندهم وساعدتهم وأكدت عليهم القدوم للمدرسة.
سارت الأيام، ودارت السنة، انتهى عام (1420هـ)، وانتهى عام (1421هـ)، وفي عام (1422هـ)، تم نقلي إلى متوسطة وثانوية قصر ابن عقيل وهي أقرب من الأولى، وفي بداية العام وقبل أن أتنقل إلى المدرسة المنقول إليها أتى الطلاب الذين كنت أقابلهم في الطريق قبل عامين، ومعهم ولي أمرهم يريدون النقل إلى المدرسة.
فقلت لولي أمرهم: لماذا تتركون المدرسة وهي قريبة لكم؟ ولماذا لم تأتوا يوم أن قلت لأبنائكم قبل عامين ؟
المهم سلمت المدرسة للمدير الجديد، وانتقلت إلى المدرسة المنقول إليها، وبعد فترة وقعت مشكلة كبيرة في المدرسة التي انتقلت منها مع أحد الطلاب الذين كنت أقابلهم في الطريق، وهذه المشكلة ليس لها حل إلا التنازل من ولي الأمر، وإلا سيكون مشاكل وتحقيق، لأن الخطأ على المدرسة، ولما تأزم الأمر قالوا لولي الأمر: الموضوع سيكبر، وسيشمل المدير الأول والوكيل الأول لأن المشكلة كانت مع بداية العام.
فقال ولي الأمر: المدير الذي أوقف أبنائي في الطريق وساعدهم وطلب منهم أن يأتوا إلى مدرسته وذلك خوفاً عليهم من الطريق؟!!
والله لا نطالب بشيء من أجل صنعه مع أبنائنا، ونحن نتنازل ولا نطالب في أي حق .
وانتهت القضية، وتنازل ولي الأمر لأسباب، ومنها حفظهم لذلك المعروف، وفي مثل هذا الموقف قال الرسول : ((صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوء))(1).
اللهم أنا نسألك الإخلاص في القول والعمل، ونسألك ألا يكون لأنفسنا حظاً من أعمالنا.، والله الموفق.
معاناة طالب وولي الأمر تنتهي بتغيير الواجب.
في أول عام لي في الإدارة عام (1419) للهجرة، ومن خلال العمل في المدرسة والتي كانت تبعد عن المنزل مسافة (100كم) في إحدى قرى المحافظة.
كان عندنا طالب من إحدى الدول العربية الشقيقة، وهو الوحيد في المدرسة والقرية، وهو بالطبع متميز، وكان يعاني هو وأهله من قضية مضايقة الطلاب له من أجل نقل الواجب، وذكر لي أحد المعلمين أنه في العام الماضي تعرض الطالب وولي أمره لمشاكل ومضايقات!! ولم يحمهم إلا مركز الشرطة لأن الطلاب يأخذون الواجب بالقوة !!
وهذه السنة تكرر الموضوع مرة أخرى، فبعد صلاة العشاء يتردد الطلاب على بيت الطالب من أجل أخذ الواجب رغماً عنه، وهو مسكين لا حول ولا قوة له!!
ففكرنا في الموضوع، وقلنا: الوقاية خير من العلاج، فكلفت المعلمين بتغيير واجب الطالب عن باقي الطلاب، عندها انتهت المشكلة بالنسبة للطالب، وانتهى إزعاج البيت وكانت هذه الفكرة سببا انهاء مشكلة معقدة كانت تعاني منها هذه الأسرة ، ولله الحمد.
وكل ما ارجوهـ واطمع فيه هو دعاء امه وأبيه وعملت ذلك من منطلق ان الطالب احد ابنائي
أول طريق الجريمة الغياب، وهكذا عالجناه.
إن للشر كما هو معروف طرقاً وأبواباً، والخير كذلك، ومن أبواب الشر والفساد : الغياب عن المدرسة.
فمن المعروف أن في المجتمع قوماً ضلوا عن طريق الصواب، فتراهم بدون عمل ولا دراسة، فهم همج رعاع، وحيث إن النفس أمارة بالسوء تجد كثيراً من الطلاب وخاصة ممن اهتم بهم أولياء أمورهم ولم يأذنوا لهم بمصاحبة هؤلاء وبدافع الهوى والنفس الأمارة بالسوء لا يجد وقتاً مناسباً لمصاحبة هؤلاء إلا عن طريق الغياب عن المدرسة، فمن هنا يبدأ الضياع .
والمسئولية في ذلك تقع على عاتق المدرسة: إدارةً ومدرسين. فولي الأمر يخرج الطالب من عنده إلى المدرسة، ولا يعلم عنه إلا بعد رجوعه إلى البيت قادماً من المدرسة؛ لذا يتعين على المدرسة أن تخبر ولي أمر الطالب عن غيابه بأي طريقة، سواء عن طريق الطالب نفسه، أو عن طريق أحد إخوانه، أو أقاربه، وليس للمدرسة أي عذر في التساهل بهذا الأمر، حتى ولو كانت المدرسة نائية، فالحزم والإصرار يعالج هذه الظاهرة والكمال لله وحده.
أحد الطلاب تغيب ثلاثة أيام، ورفض أن يتعاون معنا في قدوم ولي أمره، ولا يوجد هاتف، وسكنه بعيد، وبطريقتنا الخاصة طلبنا ولي الأمر واتضح أن الطالب يأتي بإخوانه للمدرسة وينزلهم، ثم يذهب ينام في أحد الأودية، لأنه كان يسهر مع شباب ليس لهم أي عمل.
وبهذه المناسبة أطرح كيف تم معالجة الغياب، حيث إن الطلاب يأتون ربما من مسافة (50كم)، فقد تم إخبار الطلاب أنه إذا غاب أحد منهم لا بد من حضور ولى الأمر، أو ورقه من المستوصف التابع له، حيث يوجد أربعة مستوصفات، ويكتب في الورقة أنه يحتاج إلى راحة، وبعض الأطباء كان متساهلاً في منح الإجازة بحكم أنه يقع في الحرج أو لأسباب أخرى، وتم مكاتبة المستوصفات من قبل المدرسة، والتأكيد عليهم بعدم كتابة راحة إلا لمن يستحقها، وأنهم يتحملون المسؤولية في ذلك في حال حدوث مكروه للطالب او صدر منه مخالفة جنائية او غير ذلك ، لأنه لوحظ كثرة الأوراق من المستوصفات، والتي تعطي راحة للطالب ، وبعد المكاتبة انعدمت التقارير الا من طالب شديد المرض وبعض الطلاب ولي أمره ليس موجوداً، فعمله خارج المنطقة، ولا يوجد وسيلة اتصال مع البيت فهؤلاء نتفاهم مع رئيس المركز التابع له ونطلب منه إبلاغ أهل الطالب أن ابنهم لم يحضر للمدرسة ، وقد تم مكاتبة المركز في ذلك (هذا النظام مرن على حسب الطالب وأخلاقه وسلوكياته).
هذه الأمور قللت نسبة الغياب، بل انه انحسر الا من فئة قليلة جدا من الطلاب وأيضاً ربطت ولي الأمر بالمدرسة، حيث كثير منهم لم يكن يأتي، لكن إصرار ابنه عليه جعله يأتي للمدرسة، وكم تلقينا من اتصالات من خارج المنطقة كلهم يستأذن لابنه، وبهذه الطريقة عالجنا مشكلة من أكبر المشاكل، والتي كانت منها تبدأ رحلة الضياع والفشل.
خوف الأمهات على الأبناء ربما يكون أول طريق للضياع !!
في إحدى المرات وكنت عند إحدى قريباتي، ورأيتها اتصلت على المدرسة، وأخبرت عن ابن أخيها أنه مريض، وهو في الحقيقة ليس كذلك، فلما سألتها قالت: أصر عليّ !!
ومرة تغيب أحد الطلاب فسألته عن سبب الغياب فقال: كنت عند أبي المريض. فاتصلت على أبيه وقال: ليس عندي، وكانت أم الطالب تسمع كلام الأب، فقالت: قل لهم: إنه ذهب بي إلى السوق!!
من شفقتها تريد أن تتستر عليه!! فسألته: هل ذهبت بأمك إلى السوق؟
قال: لا .
وبعد التحقيق معه وجد أنه سهر مع شباب منحرفين ومتعاطي مخدرات !!
وفي نوعية خاصة من الطلاب كالأيتام وممن آباؤهم كبار في السن لا نقبل في استئذان الأم لابنها، ولا نقبل باتصال أمه على المدرسة تخبرنا بسبب تغيب الطالب؛ لأنه تكرر معنا تعاطف الأمهات مع الأبناء، وذلك من باب الرحمة والشفقة عليهم، ولأن بعض الأبناء يرفضون تلبية طلبات أمهاتهم إلا في الفترة الصباحية حتى تستأذن الأم لابنها لكي يخرج من المدرسة !