اسد الله و سيد الشهداء
حمزة بن عبد المطلب
ولد حمزة بن عبد المطلب في العام الذي ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم .. عام الفيل .. وتربيا معا ورضعا معا ولعبا معا..
كان حمزة عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكنه كان أخوه في الرضاعة . وكان من أعز فتيان قريش وأقواهم ارادة وأرجحهم عقلا ..
كان حمزة يحب حياة الانطلاق.. يركب حصانه وينطلق معه الى الصحاري والقفار .. يجوبها ويصطاد حيواناتها ، ويعود الى مكة يجالس رجالها ويستمع الى قصصها وأخبارها .. وكان حديث محمد ودينة الجديد قد بدأ في مكة، ينادي بعباده الله وترك عبادة الاصنام التي كانت تملا الكعبة المشرفة وبيوت العرب .
واهتز أهل مكة بحديث محمد ورسالتة الجديدة. فهل يعقل أن يترك القوم دين ابائهم وأجدادهم؟… وماذا يريد محمد هذا؟ أيريد أن يكون زعيما على قريش والعرب ؟ أم يريد المال والجاه؟.. هل يكذب؟ هل هو مجنون ؟ أم هو ساحر ؟ ماذا يريد بهذا الدين الجديد يا ترى؟!
وبدأت دعوة محمد سرا.. ولكن زعماء الكفر منة قريش قاوا بمحاربتها علنا وبشراسة. ويقود أهل الكفر أبو جهل: عمرو بن هشام، وأبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.. ويعرف حمزة الامر فيستغرق من الطرفين معا.. يستغرب من ابن أخية محمد وقد عرفه منذ صغره صادقا أمينا لا يكذب.. ومن سادة قريش وأبي لهب كيف يحاربون محمدا ويؤذونه؟
ويعود حمزة ذات يوم الى مكة من رحلة صيد في الصحراء ، فتلقاه خادمته وتحدثه عما أصاب محمد في ذلك اليوم من ابي جهل وابي لهب من سب وايذاء وشتم .. فتثور ثائرته وينطلق الى الكعبة ويضرب أبا جهل بقوسه فيشج رأسه ويقول:" أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول؟.. الا فرد علي ذلك ان استطعت.."
كان حمزة رجلا قويا مرهوب الجانب فمن الذي سيرد عليه؟؟..
لم تكن المشكلة في رأس أبي جهل ولا الدماء النازلة عليه.. كانت المشكلة الكبرى هي فيما سمعة القوم من فم حمزة نفسه . فهل يسلم حمزة ،ويترك دين ابائه واجداده ويتبع دين محمد الجديد؟! هل يسلم أعز فتيان قريش، هكذا وبكل بساطة؟.
ولكن المشكلة في صدر حمزة نفسه كانت أكبر .. لقد عاد الى بيته يفكر بما قال.. فهل حقا أنه تبع دين محمد؟ أم انها كانت لحظة غضب وانفعال؟!
وركب حمزة حصانه وانطلق الى الصحراء يجوبها وينظر الى سمائها ورملها وفضائها، وهو يفكر في أمر نفسه وأمر هذا الدين الجديد كان يفكر بالله الواحد الاحد، ثم يفكر بالاصنام في الكعبة يفكر بالدين الجديد ويقارنه بدين ابائه واجداده.. انه حتى هذه اللحظة لا يعرف الكثير مما يدعو اليه ابن أخيه, ولكنه لا يشك بصدقه ونزاهته وأمانته أبدا.. فهل هذا هو الطريق الحق؟؟ وهل خالق الكون هو اللع الواحد الاحد الملك الصمد؟؟.. كيف يعبر الشك الى اليقين؟! كيف يصل الى الحقيقة.
وظل حمزة أياما يحاور نفسه وأتى الكعبة وأخذ يرجو الله أن يشرح له صدره للحق ويذهب عنه الشك فلما دخل قلبه الايمان همز حصانه وانطلق به منشرح الصدر هادىْ النفس الى حيث محمد (ص) فأعلن بين يديه اسلامه، ونطلق بالشهادتين فدعا له الرسول أن يثبت الله قليه على دين الاسلام.
أعز الله الاسلام بحمزة بن عبد المطلب وكان درعا ووقاية لللرسول وللمستضعفين من المسلمين ولكنه لم يستطيع بالطبع أن يمنع كل أذى قريش عن المسلمين ، فهاجر مع الرسول والمسلمين الى المدينة المنورة حيث بنوا أول مسجد يرفع فيه اسم الله .
ومنذ أسلم حمزة أعطى كل بأسه وقوته وشجاعته لله ولدينه وكانت أول راية عقدها الرسول هي راية حمزة
وكانت أول سرية خرج بها المسلمون لملاقاة عدوهم هي السرية التي يقودها حمزة.
وفي يوم بدر … لبس حمزة لباس الحرب وغرس ريشة النعام على صدره يتزين بها، وانطلق الى مياه بدر … ووقف مع المسلمين على مياه ابار بدر وأذن الرسول لحمزة بن عبد المطلب وعلي بن ابي طالب وأبي عبيدة عامر بن الجراح بمنازلة ثلاثة من قادة جيش الكفار …. وانتصر الثلاثة في مبارزة نظراتهم . ثم قامت الحرب.
كان حمزة بن عبد المطلب يصول ويجول . في صفوف الاعداء حتى لقبه الرسول (أسد الله واسد رسوله…) وانتصر المسلمون وانهزم المشركون وعادوا يجرون أذيال الخيبة بعد أن خسروا الكثيرين من أكابرهم ، قتلى وأسرى…
وبعد عام كامل ، جمع المشركون جيشا كبيرا لمحاربة المسلمين ، وكان همهم الاكبر الوصول الى رجلين اثنين : رسول الله وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه…
وأوكل المشركون أمر حمزة لعبد اسمه "وحشي" عرف عنة الدقة والمهارة في قذف الحربة… ووعدوه ان قتل حمزة أن ينال حريتة فورا … القلائد والمجوهرات والذهب ان هو قتل حمزة …
وجاءت غزوة أحد ولبس حمزة لباس الحرب، وزين صدره بريشة التعام ، وراح يصول ويجول في صفوف المشركين… وقارب النصر المسلمين وأخذ المشركون ينسجون من أرض المعركة.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع خمسين من امهر الرماة على ظهر جبل أحد… وطلب منهم البقاء على الجبل لحماية ظهور المسلمين.
ولما رأى الرماة المعركة وقد انتهت لصالح المسلمين قرروا النزول عن الجبل واللحاق بهم وامتنع بعض الرجال عن النزول ، التزاما بأوامر الرسول . ولكن الغالبية ظنوا أن المعركة انتهت فتركوا مواقعهم… ورأى خالد بن الوليد ولم يكن قد اسلم بعد رأى الجبل وقد خلا من محاربيه، فالتف بجنوده وانقض على المسلمين من خلفهم…
وراح المسلمون يجمعون أنفسهم ويحملون أسلحتهم. وكان بعضهم قد القاها لاعتقاده أن الحرب انتهت . وكان موقفا صعبا جدا.
كان هم المشركين الوصول الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقتلة.. والتف من حول المسلمون يدافعون عنه ورأى حمزة الامر فزاد من قوتة ونشاطة.. ولكن "وحشي" كان يراقبة لا يرفع عنة عيتيه. ودقق وحشي النظر، وهز حربتة هزا حتى رضي عنها فرماها في صدر حمزة!!!
وظن المشركون ان محمدا قد مات ، فقد وقع في حفرة والماء تملا وجهه الكريم وبدأ المشركون بالانسحاب ولكن هندا بنت عتبه لاحقت وحشي ووعدته بالقلائد والذهب ان هو أحضر كبد حمزة لتشفي غليلها منه … فنفذه وعده ، وانطلق الى حال سبيله!!!.
وكانت نتيجه المعركة قاسية على المسلمين .. ومشى الرسول صلى الله عليه وسلم يتفقد القتلى والجرحى. فاذا به أمام جثمان حمزة.. عمه وصديقة واخية في الرضاعة وحبيبة … واغرورقت عيناة بالدموع وقال:
" لن أصاب بمثاك ابدا… وما وقفت موقفا قط أغيظ الي من موقفي هذا"…
ونادى المنادي على المسلمين ليصلوا على الشهداء في أرض المعركة … وجيء بحمزة فصلى علية الرسول والمسلمون … ثم جيء بشهيد اخر فوضع قرب حمزة وصلى الرسول والمسلمون عليهما، ثم رفع الشهيد وترك حمزة مكانة ثم جيء بشهيد ثالث ووضع قرب حمزة وصلى الرسول والمسلمون عليهما ثم رفع وهكذا … جيء بالشهداء اثر شهيد وحمزة مكانة، حتى صلى الرسول والمسلمون على حمزة سبعين صلاة …
انه أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء ….