الإدارة عمل إنساني يتم بالإنسان ولصالحه، ويعتبر بناء الإنسان وصقل خبراته وتمكينه من الاعتماد على مكنون قدراته وطاقاته واحدا من أهم الأهداف التي يسعى المخططون التربويون إلى تحقيقها. والتربية في مضمونها العام هي جزء لا يتجزأ من العملية الإدارية بشكلها العام، فالإدارة هي تنظيم لمجموعة من الأعمال أو الأفراد الذين يكونون القاعدة العملية للمؤسسة، وبنفس القدر فإن عملية التربية في مجملها هي عبارة عن تنظيم وترتيب لسلوك الطلاب وإعدادهم ليكونوا أكثر تفاعلا مع مجتمعهم. الإدارة فطرة ويصف الدكتور محمد سليم العوا الإدارة بأنها فطرة لأن كل إنسان يمارسها، بل لعل كل مخلوق «متحرك» يمارسها: إن الحركة قرار يصدر عن إرادة، والسكون قرار يصدر عن إرادة، والكلام والصمت، والرضا والغضب والقبول والرفض كلها حركات تصدر عن الإرادة. وتنجح الإدارة- أو تعتبر كذلك- بمقدار ما تحقق من أهداف النشاط الذي تقوم عليه مؤسسات الصناعة الإنسانية وعلى رأسها مؤسسات التعليم والتدريب. أليس الفرد -حتى في خاصة نفسه- يمارس الإدارة كل لحظة من لحظات حياته تخطيطاً وتنفيذاً ومراجعة وتقويماً، ويتحمل نتائج هذه الإدارة وتبعاتها، إن خيراً فخير يجنيه، وإن سوءاً وشراً فمثلهما يناله؟ إدارة .. وإدارة وإذا كانت الإدارة التنافسية- القائمة على تطبيق نموذج الإدارة الصناعية – تهتم فيها كل مؤسسة بذاتها، وتحاول أن تجيد عملها لتحقيق أعظم فائدة ممكنة منه، ويسرها إخفاق المنافسين بقدر ما يسرها نجاحها، فإن الإدارة المعنية بالإنسان لا تدار بهذا التوجه ولا تحكمها هذه الروح ولكنها تدار بروح الرسالة التي ترمي إلى تحقيق الخير للناس كافة، والمشاركة في المنافع بين البشر جميعاً، وتستشعر أن نجاح الواحد نجاح للمجموع. من جهة التعليم وحين نحاول تطبيق هذه الفكرة على إدارة مؤسسات التعليم، أو المؤسسات المعنية بالصناعة البشرية بوجه عام، فإننا نبدأ وننتهي من حقيقة يدافع عنها بحرارة أحد أعلام التربية العرب المعاصرين- الدكتور أحمد المهدي- الذي يرى التعليم نسقاً ثقافياً يحرص القائمون عليه على أمرين متلازمين: أولهما، نقل الذاتية الثقافية للمجتمع- وهي التي تميزه عن غيره من المجتمعات- من جيل إلى جيل. وثانيهما، تجديد المتغيرات الثقافية في المجتمع وفقاً للتحديات التي يفرضها التطور العلمي والتكنولوجي والتقدم في مجال المعلومات والتواصل البشري. والمقصود بالمتغيرات الأساليب والوسائل والتقنيات التي تطبق في الحياة اليومية، والمقصود بالذاتية الثقافية الثوابت المميزة للأمة وأهمها: القيم الدينية والخلقية والاجتماعية، ولغة المجتمع، التي هي وعاء ثقافته. ولأن التعليم نسق ثقافي فإن أهم ما ينبغي أن تتجه الإدارة التربوية إليه هو تأصيل الذاتية الثقافية. فالثقافة مزية اختص بها الإنسان عن سائر الخلق بما أودعه الله فيه من قدرة على التفكير والإدراك والنظر والتذكير والتحليل والتعليل والتفسير والتجريد والتوقع والتخطيط والتواصل مع الآخرين والاعتماد المتبادل على الغير…الخ. وهي مفهوم تجريدي يستدل عليه بما هو كائن في عقول أبنائها من تصور للكون وخالقه، وللحياة وغايتها، ولمكانة الإنسان ودوره فيها، وما هو مستقر في وجدانهم من معتقدات وقيم، وما يقدمونه للإنسانية من ألوان المشاركة الفكرية والإبداع الفني والجمال. لذا فإن عملية اختيار القيادات التربوية تعد من أهم وأخطر العمليات الإدارية على الإطلاق.. فالتربوي القيادي هو من يبني شخصية مدير الغد ومخطط السياسات وموجه المجتمع. أسس هامة ومن الضروري جداً وضع المعايير والأسس المناسبة لاختيار القيادي التربوي حتى نضمن بناء صحيحا لقيادي المستقبل. ومن أهم الأسس التي يستوجب اتباعها من أجل ضمان ترسيخ مبدأ القيادة التربوية: – الإعداد السليم للقيادات التربوية. – تطبيق نظام القيادة الجماعية. – منح الإدارات التربوية جميع الصلاحيات اللازمة للعمل مع تكثيف أعمال المتابعة والتوجيه والتقويم المستمر. – تطبيق نظام التخطيط طويل المدى والمتوسط المدى وقصير المدى لتنظيم برامج عمل الإدارة التربوية. – تفعيل دور البحث التربوي لأنه أداة مهمة للتعلم الذاتي والتطوير السريع. – تعزيز إدارات التطوير التربوي وتنشيط دورها. – الاستفادة من التقنية الحديثة (الحاسوب) لتحقيق سرعة تبادل الخبرات وتوثيقها تدريب وإعداد الكوادر الإدارية: للتدريب أهمية قصوى في تفعيل وتنشيط الإدارة التربوية وبدونه لا يمكن ضمان إعداد الإداري الكفء القادر على القيام بواجباته التربوية المنوطة به. ومن أهم الفوائد التي يحققها تدريب الكوادر الإدارية: علاج القصور الإداري. تنمية القيادات التربوية فكريا ووظيفيا. تطوير المهارات الفنية للقيادي التربوي. كما يسعى التدريب إلى تمكين القائد التربوي من المهارات اللازمة لإدارة المؤسسة التربوية، مثل المهارات الفنية والفكرية والإدارية. الإدارة التربوية والمتغيرات التكنولوجية: أضافت المتغيرات العالمية والتكنولوجية أبعاداً جديدة على العملية التربوية، وأصبح من الضروري معها إعداد الإداري التربوي إعداداً يناسب تلك المتغيرات ويتفاعل معها، ولا يعقل أن ننتظر من إداري تربوي يعيش بأفكاره القديمة أن يكون لنا جيلا متناسقا مع التطورات التكنولوجية والعلمية الحديثة ما لم نقم بإعداده الإعداد الجيد الذي يضعه في خط متواز مع تلك التطورات. وأصبح من الضروري على التربويين أن يصمموا خططهم على أساس المتغيرات المحيطة بهم وعلى أساس الجو النفسي الذي يعيشه الطلاب من جراء ما يحيط بهم من متغيرات. ومن أهم المشكلات التي تواجه القادة التربويين مشكلة المحافظة على الجو النفسي للمعلمين و توفير الجو المناسب لهم ليشاركوا في العملية التربوية بقدر عال من الفاعلية والنضوج. صفات الإداري التربوي: لأن الإداري التربوي هو رأس الرمح في العملية التربوية فإنه يصبح من الضروري اتصافه بصفات أخلاقية وإدارية معينة من أهمها: أن تقوم شخصية القيادي التربوي على الإيمان الذي يجعل من القيادي التربوي شخصا متوازنا ومتصفا بكافة الصفات الإيمانية التي تبعده عن الشبهات. توخي الموضوعية في اتخاذ القرارات وعدم السماح للميول الشخصية بأن تسيطر على توجهاته وقراراته. الاعتدال والوسطية في حسم الأمور. انتهاج الأساليب العلمية في وضع وتبني الخطط الإدارية والتربوية. من هو الإداري التربوي الناجح؟ الإداري التربوي الناجح هو الذي ينجح في تحقيق أغراض رئيسية تتمثل في: 1- جعل مهام العمل وبيئته أكثر جاذبية. 2- الربط بين مهام العمل وإنجاز الأهداف المحددة. 3- الربط بين تحقيق أهداف العمل والعائد الشخصي.
<div tag="8|80|” >
جزيت خيرا على المعلومات
معلومات قيمة …نتمنى من الجميع قراءتها