التصنيفات
التربية الخاصة

اضطرابات النطق لدى طلبة المدارس تتزايد سنويا مع نقص الاختصاصيين

اضطرابات النطق لدى طلبة المدارس تتزايد سنويا مع نقص الاختصاصيين

يعاني العديد من الطلبة في مراحل الدراسة التأسيسية من اضطرابات وعيوب في النطق وذلك لأسباب منها الاجتماعية والنفسية والعضوية، وتمثل الاضطرابات النطقية ثاني أعلى نسبة للمشاكل التي تواجه الطلبة في عمر المدرسة على مستوى العالم ويكشف المسح الميداني السنوي للعديد من المدارس في الإمارات عن ارتفاع معدل انتشار هذه الاضطرابات مما يتطلب الكشف المبكر والعلاج، ورغم وضوح ذلك إلا أننا لم نتمكن من مواجهة ذلك بشكل فعال نظرا لمحدودية أعداد اختصاصيي النطق العاملين في الميدان ، فهناك 19 اختصاصي نطق فقط موزعين على مستوى المناطق التعليمية جميعها، بينما يطالعنا الواقع بحاجة ماسة لمواجهة تلك الاضطرابات.

وتعاني هذه المشكلة من غياب الاحصاءات الدقيقة حول أعداد الطلبة الذين يعانون من اضطرابات النطق على مستوى الدولة.وأوضح مؤيد الحميدي موجه أول علاج النطق بوزارة التربية أن العام الماضي بلغ عدد الحالات التي تم تقييمها على أنها تعاني من مشكلات واضطرابات النطق واللغة ألفا و47 طالبا وطالبة على مستوى الدولة من بينهم 541 حالة تم إخضاعها لجلسات علاج فردية ويمكن القول إن 60% من الذين خضعوا لتلك الجلسات الفردية لا يزالون بحاجة لخطط علاجية ومتابعة مستمرة ليتخطوا هذه الاضطرابات.مشيرا إلى أن هذه الإحصائية لا تعبر عن إجمالي حجم المشكلة على مستوى الدولة بل هي أقصى حد يمكن لاختصاصيي النطق متابعته كل في منطقته لأن كل أخصائي يغطي خمس مدارس فقط، لذا فالأعداد اكبر من ذلك بكثير،هذا بالإضافة إلى تضاعف المشكلة مع توجه وزارة التربية لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس وكثير منهم بحاجة لاختصاصيي نطق ولغة.

وقال الحميدي أن اضطرابات النطق مشكلة عالمية ومن أكثر المشكلات التي يعاني منها الطالب في عمر المدرسة وأن نسبة وجودها في العالم تقع بين 10 إلى 20% من الطلبة في المدرسة الواحدة، وتقاس النسبة ذاتها على الصف الواحد، وهذا مشابه لواقعنا الميداني، وتدرك وزارة التربية ذلك .

وقد أعلنت مؤخرا عن حاجتها لتعيين اختصاصيي نطق من حملة البكالوريوس أو الماجستير في هذا التخصص، وكانت أعداد المتقدمين قليلة جدا بسبب ندرة التخصص إلى جانب ارتفاع نسبة المعايير المطلوبة للتعيين نظرا لحاجة المجال للتخصص والدقة، مضيفا أنه لا يمكن الاعتماد على شهادات لدورات قصيرة في مجال النطق، لأن قلة الخبرة ضارة للطالب أكثر، مشيرا إلى وجود إلى وجود محاولات من قبل الوزارة للتواصل مع الجامعات المحلية للاهتمام بطرح مثل هذه التخصصات في ظل الحاجة المتزايدة إليها.

كما أشار إلى تنفيذهم لدورة تدريبية متخصصة في العام 2001م تدريبية لمدة أربع سنوات ضمت33 معلمة تربية خاصة من المواطنات لتأهيلهن للعمل كاختصاصيات نطق وتخرج منهن 11 معلمة تم دعم الميدان بهن ليصبح لدينا 19 اختصاصية نطق موزعات في المناطق التعليمية ككل، مؤكدا على نجاح التجربة، وإمكانية تكرارها لسد النقص.

وتحدث الحميدي عن دراسة أجراها في خمس إمارات في العام 2001م على مستوى فصول التربية الخاصة ووجد أن نسبة الطلبة الذين يعانون من اضطرابات نطق فقط في هذه الفصول 23%، وانتشار هذه الاضطرابات ليس أمرا خاصا بنا بل هو عالمي، ولكننا بحاجة لمعالجين ومختصين لمواجهة هذه المشكلة، خاصة حين يضم الفصل العادي أكثر من 10% يعانون من مشكلات في النطق.

كما أشار الحميدي إلى مسح عدد من رياض الأطفال هذا العام بأن ذلك يأتي في إطار اهتمامهم بالكشف المبكر لحالات أعمارها أقل من خمس سنوات، وهنا يجب التمييز بين لغة الطفل والعيوب التي يمكن أن يعاني منها مستقبلا، لذا فان اختصاصي النطق سيتابع التطور الطبيعي للغة الطفل ليتمكن اختصاصي النطق من متابعة التطور الطبيعي للغة الطفل.

مشاكل تراكمية

من جانبها ذكرت رئيسة قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في تعليمية أبوظبي أمل الجنيبي أن عيوب النطق من أكثر المشكلات التي يعاني منها الطلبة في الميدان، وعليه نقوم بمسح ميداني سنوي لعدد من المدارس لكشف الحالات والتعامل معها بالعلاجات الفردية أو الجماعية، ولكن المسح يشمل نحو عشر مدارس فقط بسبب الاعتماد على اثنين فقط من اختصاصيي النطق على مستوى المنطقة، وكل اختصاصي يتابع خمس مدارس ليتمكن من حصد نتائج لعمله، خاصة الحالات الفردية حيث تتطلب المتابعة والعلاج لفترات زمنية تستمر طوال العام الدراسي.

وأشارت إلى الحاجة الماسة لدعم الميدان بالمزيد من الاختصاصيين لأن الكشف المبكر لحالات عيوب النطق يسهل العلاج وينعكس على أداء الطالب الأكاديمي لأن استمرارها يؤدي لتراكم ينعكس على الطالب علميا ونفسيا، فهناك طلبة في مراحل دراسية متقدمة يعانون من هذه المشكلات وتسبب لهم إحراجا بين زملائهم،منها حالات تعاني من التأتأة وتحتاج لعلاج وتدريب.

شراكة مجتمعية

ونوهت الجنيبي إلى عمليات تحديث الأجهزة في مركز «قدرات» التابع للمنطقة والذي يهتم بمتابعة مشكلات صعوبات التعلم وعيوب النطق، وأنهم تلقوا دعما من شركة الإمارات للألمنيوم التي قدمت لهم جهاز «بلاتوميتر» وهو أحدث جهاز لعلاج عيوب نطق الأصوات وسيتم تدريب اختصاصيي النطق عليه، كما قدمت سابقا أجهزة كمبيوتر وشاشات عرض وعدسات لدعم عملية علاج الطلاب، مثمنة تعاونهم الذي يؤكد الشراكة المجتمعية لدعم التعليم.

من جانبها ذكرت أمينة الكعبي اختصاصية علاج عيوب النطق بتعليمية ابوظبي أن لديها 50 حالة تعاني اضطرابات نطق متنوعة في 3 مدارس، وان نحو 6 حالات من كل مدرسة ستتطلب جلسات علاجية منفردة بينما يمكن إخضاع الآخرين لجلسات إرشاد وتدريب جماعية مؤكدة ازدياد الحالات سنويا، بدليل وجود قوائم انتظار كل عام.

وأوضحت أن عيوب النطق التي تتطلب علاجات فردية تشمل مشكلات نطق الأصوات وهي منتشرة، إلى جانب التأتأة والحبسة الكلامية وعسر القراءة والتأخر اللغوي المتقدم، وتنوع أسباب الإصابة بها.

وأضافت أن مشكلات النطق التي يمكن أن تعالج بالإرشاد والجلسات الجماعية فهي التأخر اللغوي الذي ينتج عن بيئة غير محفزة للطفل في البيت وسط انشغال الأسرة عن أطفالها أو بسبب التدليل المفرط لهم، والمشكلة الأخرى ترتبط بازدواجية اللغة لدى الطالب وتنتج عن الأم الأجنبية بحيث تكون الحصيلة اللغوية لدى الطفل ضعيفة لوجود لغتين في المنزل.

وأشارت أن الحلول تأتي من التوعية للأسرة وللمعلمين وضرورة التعاون للكشف المبكر، موضحة أن مركز «قدرات» يبذل جهودا في هذا الجانب منها اقتراح إعداد قافلة باسم مركز «قدرات» يمكنها أن تصل إلى المدارس خاصة خارج أبوظبي لتقديم برنامج إرشادي للمعلمين وأولياء الأمور لأن اقتصار ورش التوعية على المركز غير كافية.

40 حالة فردية

أيمن عبد اللطيف أخصائي علاج عيوب النطق بتعليمية أبوظبي ذكر أن أكثر من 6% من الطلبة في الصف الواحد لديهم مشكلات نطق وأنه سيبدأ عقب إنهاء المسح بمتابعة نحو 40 حالة وعلاجها، وكلها تحتاج لجلسات علاج فردية يتم متابعتها في المدرسة خلال ساعات الدوام، وتتطلب كل جلسة قرابة النصف ساعة، وأغلب الحالات تعاني من مشكلات نطق الأصوات وطلاقة اللغة، مؤكدا أنه لم يلمس أي تميز بين إصابة الطلبة الذكور عن الإناث فالحالات منتشرة لدى الفئتين.

غياب الحوار وحضور التقنيات

ذكر مؤيد الحميدي أسبابا عديدة وراء إصابة أطفالنا باضطرابات النطق منها عضوي يرتبط بنقص القدرات السمعية أو العقلية، وضعف اللياقة الصحية، إضافة لمشكلات عصبية وكذلك طبيعة التركيب التشريحي لأعضاء النطق، ومنها بيئية عديدة تعود لطبيعة الأسرة، فالطفل في بعض الأسر لا يتعرض لبيئة لغوية سليمة خاصة في مراحل ما قبل المدرسة، ومرد ذلك ضعف التواصل الأسري، وعدم وجود لغة حوار بين الوالدين وأفراد الأسرة تساعد الطفل على اكتساب أساسيات اللغة.

وكذلك الاعتماد على الخدم وترك الأطفال معهم لفترات طويلة وهم لا يتحدثون لغتنا العربية فيبدأ الطفل في المزج بين اللغتين، كذلك التقنيات الحديثة وترك الطفل من عمر سنة أمام شاشة التلفاز وأفلام الكارتون، وتعامله فيما بعد مع ألعاب الفيديو التي تقلل من التعامل اللغوي والحواري اليومي، كلها أسباب يجب الالتفات لها، معتبرا أن عملية التوعية هامة للأسرة في المراحل الأولى من أعمار أبنائهم لتفادي العديد من مشكلات النطق.

كما أشار إلى أهمية إجراء المسح السمعي للطلبة مع بداية دخولهم المدرسة لأهمية هذا المسح في كشف مشاكل الطلبة،لأن بعض الأهالي لا يعلمون بمعاناة أبنائهم من ضعف سمع وما يترتب عليه من مشاكل في تحصيلهم، لذا يجب أن تعي الأسرة وتهتم بصحة الطفل خاصة في النواحي الأساسية من السمع والبصر والنطق.

أبوظبي ـ لبنى أنور

جزيت خيرا وشكرا لك
شكرا جزيلا و جزاكم الله خيرا على جهودكم الطيبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.