عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
الالعام لمادة التاريخ و التربية الوطنية
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
سلمتَ أستاذنا على هذه المعلومات …
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
<div tag="8|80|” >
عجائب الدنيا الحديثة 1.doc (112.0 كيلوبايت, المشاهدات 33) |
مشكورة أختي أمل السويدي
الله يعطيج الصحة والعافية والســــــــمـــــــــــــوحـــــــــه |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
تسلم يا اخي على هذه المشاركة الطيبة
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
رحمك الله يا والدي زايد ..
تسلم يا اخي على هذه المشاركة الطيبة |
<div tag="8|80|” >
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
نبذة عن حياة صاحب السمو رئيس الدول الشيخ خليفة بن زايد.doc (122.0 كيلوبايت, المشاهدات 123) |
شحالكم يا أعضاء المنتدى عساكم بخير ؟!
طلبتكم ابي مساعدتكم اليوم لأن يوم الأحد عندي إذاعة نحتفل فيها عن المؤرخين التاريخ وسوف نكرم معلمات التاريخ ونعرض مسرحية بسطية لمادة التاريخ واهميتها بس ابي منكم3 أشاء فقط بس دخيلكم ابي اليوم
1- مقدمة بسيطة للإذاعة عن المؤرخ التاريخ
2- اهمية المؤريخين التاريخين
3- عبارات جميلة (( لو سطرين )) نقولها قبل تكريم معلماتنا التاريخ
وشكرا بليز ابي اليــــــــــــــــــوم
ممكن حد يساعدني اذا عنده تقرير عن احوال أوروبا في العصور الوسطى
لو سمحتم اللي عنده ابااه اليوم ضروري
والسموحهـ
بااااااااااي شكرا
اريد امتحان للتربيه الوطنيه للصف الاول .
من درس لنعمل معا لين درس ماهوو دوري.؟
لو تسمحوون ..
الدولـــــة الأيوبيـــــة ( 567 – 648 هـ / 1171 – 1250 م )
ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 533 هـ / 1138م بمدينة تكريت على نهر دجلة شمالي سامرا بالعراق واتصل والده نجم الدين أيوب وعمه شيركوه بالأتابك زنكي فنشأ صلاح الدين فى ظل البيت الزنكي وتعلم علوم أولاد الأمراء من حفظ القرآن وتعلم الأدب ودراسة الفقه واشترك مع عمه شيركوه فى الحملات التى قادها لمنع الصلبيين من الاستيلاء على مصر أواخر الدولة الفاطمية .
وبعد وفاة نور الدين زنكي سنة 570 هـ / 1174م استطاع صلاح الدين أن يعلن نفسه سلطانا على مصر فوجه عنايته بعمل العديد من الأعمال الداخلية بمصر فبني قلعته التى عرفت باسمه وأحاط القاهرة والفسطاط .
معا بسور واحد كما شجع على بناء مدارس لدراسة فقه السنة منها مدرسة الإمام الشافعي ، أما من الناحية الخارجية فقد اتجه صلاح الدين الأيوبي إلى حرب الصلبيين وذلك بأن اتبع سياسة الجهاد ضدهم حتي انتصر عليهم انتصارا حاسما فى معركة حطين سنة 583 هـ / 1187 م واستولي على الكثير من مدنهم حتي لم يبق لهم بالشام سوي بعض المدن مثل صور وعكا وإنطاكية وطرابلس .
وبعد وفاة الناصر صلاح الدين الأيوبي خلفه اثنان من أبنائه هما العزيز بن صلاح الدين الذى تولي الحكم من سنة 589 هـ إلى سنة 595 هـ 1193 م / 1198 م ثم ابنه المنصور بن العزيز 595 – 596 هـ / 1198 –
1200م ، ثم تولي الحكم بعدهم السلطان العادل أخو صلاح الدين الأيوبي 596 – 615 هـ / 1200 – 1218م وهكذا انتقل الحكم من أبناء صلاح الدين إلى أخيه العادل وأبنائه ، وقد حدث اختلاف كبير بين أبناء البيت الأيوبي فى مصر والشام وتحاربوا فيما بينهم فاستعان الأيوبيين سواء فى مصر أو الشام بأجناد من المماليك المجلوبة من مختلف البلاد المجاورة وازداد نفوذ هؤلاء المماليك بسبب استمرار الحروب بين أبناء البيت الأيوبي وكان السلطان فى ذلك الوقت هو الصالح بن الكامل نجم الدين أيوب ،
إلا أن السلطان نجم الدين الأيوبي توفي سنة 647 هـ / 1249 م وهو يحارب الصلبيين فاضطرت زوجته شجر الدر لإخفاء موته حتي انتصر المسلمون على الصلبيين فى موقعة المنصورة ثم فارسكور سنة 647 هـ / 1250م وتقلدت شجر الدر الحكم بعد أن تخلصت من توران شاه ابن الصالح نجم الدين الأيوبي سنة 648 هـ / 1250م ، وهكذا انتهي حكم الدولة الأيوبية من مصر بعد أن حكموها إحدى وثمانين سنة ليبدأ بعد ذلك عصر المماليك .
والسموحة على القـــــــــــصور
وبعد
ما أروع المعرفه عندما تجتمع مع التاريخ وتوضح لنا
اشياء كنا نجهلها ولا نعرف عنها الكثير فهي بمثابة
دروس ومرجع ومعجم نعود اليه كلما احتجنا الى معلومه
اعزائي مشرفين واعضاء وزوار هذا الصرح الشامخ تعالوا
معي هنا لنهل من عالم العلم والمعرفه ونأخذ ونتعلم ماكنا
نجهله….
فبسم الله وعلى بركة الله
( معجم الأماكن )
( أبَانُ )
بالهمزة والموحدة وبعد الألف نون :
جاء في قول امرئ القيس :
كأن أبانا في عرانين ودقه كبير أناس في بجاد مزمل
قلت : ويروى : في أفانين ، بدل عرانين . ويروى : كأن ثبيرا ، بدل أبانا . وأبان : أبانان ، يقال لأحدهما أبان الأحمر ويقال للآخر أبان الأسود ، وليس الأحمر أحمر باللون المعروف ولا الأسود أسود باللون المعروف ، إنما أحدهما أشقر : بين البياض والحمرة ، وثانيهما أسمر ، وهو لون غير السواد . وهما جبلان من جبال القصيم بنجد ، يمر وادي الرمة بينهما ، فيجعل الأسود يساره ، والأحمر يمينه والأسود على الطريق من المدينة إلى بريدة والأحمر يناظره من الجنوب ، ومدن القصيم تقع شرقيهما .
( أَبُو قُبَيْسٍ )
بضم القاف وفتح الموحدة ، ومثناة تحتية ساكنة ، وآخره سين مهملة : يتردد كثيرا في السيرة ، وفي كتب البلدانيات . وهو من أشهر جبال مكة وليس من أكبرها ، تراه يشرف على الكعبة من مطلع الشمس . وأهل مكة يقولون : الواقف على أبي قبيس يرى الطائف ! .
( أَبْيَنُ )
بفتح الهمزة وقد تكسر ، وسكون الموحدة ، وفتح المثناة فوق ، وآخره نون ، وكأنه الأكثر بيانا : جاء في سجع للكاهن " سطيح " حين سأله ربيعة بن نصر ملك اليمن عن رؤيا رآها ، فقال سطيح : . . . لتهبطن أرضكم الحبش ، فلتملكن ما بين أبين إلى جرش .
وكان " أبين " فيما يبدو إقليما واسعا ، وكأنه الزاوية الجنوبية الغربية من اليمن ، أي منطقة لحج وعدن وما حولهما ، لأن عدن كانت تدعى " عدن أبين " لشهرة أبين ووقوع عدن فيه أو بجواره ، وفي ذيل السيرة أنه مخلاف من اليمن منه عدن ، وهو مطابق لما قدمناه ، وهو قول ياقوت في معجم البلدان ، وينقل ياقوت عن عمارة اليمني قوله :
أبين : موضع في جبل عدن ، قد يقال : يبين أيضا . وأقول : هو اليوم موضع من جبل عدن كما ذكره عمارة ، فلعل الاسم انحصر في هذا الموضع بعد قيام مخلاف لحج . ويقول السيد هادون العطاس : أبين منطقة زراعية إلى الشمال الشرقي من عدن ، يزرع فيها القطن الطويل التيلة .
وجاء في " طبقات فقهاء الزيدية : وإليه تضاف عدن لأنها منه ، وقيل : سمي بأبين بن زهير بن الهميسع بن حمير .
وخلاصة القول : أن أبين منطقة معروفة اليوم قرب عدن ذات زراعة وسكن .
( أَجَأٌ )
جلبنا الخيل من أجأ وفرع ***** تغر من الحشيش لها العكوم
حذوناها من الصوان سبتا ***** أزل كأن صفحته أديم
أقــامت ليلتين على معـــان ***** فأعقب بعد فترتها جموم
ويروى البيت الأول :
" جلبنا الخيل من آجام قرح "
وقرح هو مدينة العلا اليوم . قلت : أجأ ، أحد جبلي طيئ ، والآخر يسمى سلمى ، ويقال اليوم : جبلا حائل ، لأنهما يشرفان على مدينة حائل ، ويقال : جبلا شمر ، وشمر ، قبيلة من بقايا طيئ ، تضرب دائرة حول حائل وتسكن الجبلين ، وجل سكان حائل من شمر ، وفرع : جبل من جبال شمر لا زال معروفا في الطرف الشمالي من سلسلة جبل أجأ ، وهو من أشمخ رءوس تلك السلسلة ويسمى " الفرع " .
( أَجَنَادَيْنُ )
الأكثرية أنه بلفظ التثنية ، وغيرهم يقول بلفظ الجمع " أجنادين " يتردد " ذكرها في السيرة وتأريخ صدر الإسلام ، وهي مدينة كانت بفلسطين فاندثرت .
جاء في " معجم البلدان " : وفي كتاب أبي حذيفة إسحاق بن بشير بخط أبي عامر العبدري : أن أجنادين من الرملة ، من كورة بيت جبرين ، كانت به وقعة بين المسلمين والروم ، مشهورة . وقالت العلماء بأخبار الفتوح : شهد يوم أجنادين مائة ألف من الروم ، سرب هرقل أكثرهم ، وتجمع الباقي من النواحي ، ثم إن الله تعالى هزمهم وفرقهم . وفيه يقول زياد بن حنظلة :
ونحن تركنا أرطبون مطردا ***** إلى المسجد الأقصى ، وفيه حسور
عشية أجنادين لـما تتـابعوا ***** وقامت عليهم بالعراء نسور
قلت : الرملة وبيت جبرين مدينتان معروفتان في فلسطين غرب بيت المقدس قرب الساحل ، وهما تحت الاحتلال الإسرائيلي اليوم ، وما سمعت بأجنادين أثناء تجوالي في فلسطين ، وما سمعت أحدا ذكر اسمها . ولكنها بالتحديد " بين بيت المقدس والساحل " .
( أَجْيَادُ )
شعبان بمكة يسمى أحدهما أجياد الكبير والآخر أجياد الصغير ، وهما حيان – اليوم – من أحياء مكة .
وقيل : إن جرهما وقطوراء احتربت بمكة ، فخرج السميدع ملك قطوراء بالخيل الجياد فسمي موضع خروجه أجيادا ، وخرج مضاض بن عمرو بجرهم من قعيقعان فقعقع السلاح معهم فسمي قعيقعان بذلك ، فالتقوا بفاضح فهزمت قطوراء فقيل افتضحوا ، فسمي فاضحا .
( أُحُدٌ )
بضم الهمزة والحاء المهملة ، وآخره دال مهملة : تردد كثيرا في السيرة وإليه تنسب إحدى غزواته صلى الله عليه وسلم ، غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة . وهو من أشهر جبال العرب ، يشرف على المدينة من الشمال ، يرى بالعين ، ولأهل المدينة به ولع وحب ، وهم يسمونه " حن " من باب التدليل ! وقد وردت في فضله أحاديث ، ولونه أحمر جميل ، وهو داخل في حدود حرم المدينة .
( أَذَاخِرُ )
كأنه جمع قلة للإذخر ، شجر معروف ، جاء ذكره في غير موضع من السيرة ، منها : أنه صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح من ثنية أذاخر .
قلت : أذاخر جبل تضاف إليه الثنية ، فيقال ثنية أذاخر ، وهذه الثنية تهبط على الأبطح من الشمال عند الخرمانية ، وتفضي من الجهة المقابلة إلى ما كان يعرف بمكة السدر ، ويعرف اليوم بالصفيراء ، حي من مكة ، وقد وضعت اليوم في أسفلها من جهة الصفيراء المجزرة ، نقلت إليها من الحجون . والعامة – اليوم – تقول : " ذاخر " بدون ألف في أوله ، ويسمون الثنية " ريع ذاخر " ، وذكره بلال فجعله " إذخر " ليستقيم له وزن الشعر ، فقال :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ***** بفخ وحولي إذخر وجليل
وكلها قد ذكرت .
( أَذْرُحُ )
بفتح الهمزة ، وسكون الذال المعجمة ، وبعد الراء حاء مهملة : قرية أردنية تجاور الجرباء ، وقد استوفي الحديث عنها في الجرباء وبها وبالجرباء كان أمر الحكمين بين علي ومعاوية ، على الرواية الراجحة . وقد أفاض الشعراء في القول في قضية الحكمين بأذرح فأورد ياقوت منها عدة أبيات ، وفي هذا الكتاب لا يعنينا الشعر كثيرا ما لم يكن نصا من السيرة ، فتركنا ما ذكر في أذرح .
( أَذْرِعَاتُ )
بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة ، وكسر الراء ، وعين مهملة وآخره مثناة : فوقه جاء في قول شاعر من أهل المدينة ، يذكر جلاء اليهود :
وأجلى النضير إلى غربة *****وكانوا بدار ذوي زخرف
إلى أذرعات ردافى وهم ******على كل ذي دبر أعجف
قلت : خاض المتقدمون في موقع أذرعات ، فاتفقوا على أنها بالشام ، واختلف في تحديد موقعها فقائل إنها من البلقاء ، وقائل إنها من حوران . وأذرعات وقد تسمى " أذرع " وهو الأصل في اشتقاقها : قرية – اليوم – من عمل حوران ، داخل حدود الجمهورية السورية ، قرب مدينة " درعة " شمالا يدعها الطريق يسارا وأنت تؤم دمشق ، وهي من أعمال مدينة درعة .
( أَرْضُ الْعِرَاقِ )
جاءت في النص : فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق – قال ابن هشام : بالبحرين ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم – كرهت حمير وقبائل من اليمن المسير معه . . إلخ
قلت : العراق ، الأرض التي يجري فيها نهرا دجلة والفرات ، وقد يقال : العراقان ، فيراد بهما البصرة والكوفة ، وكان يقال : العراق : أرض بابل ، وبابل معروفة من العراق ، وهي اليوم دولة من دول العرب عاصمتها بغداد ، أما قول ابن هشام : بالبحرين :
فالبحرين ليست من العراق ، غير أن أهل الحجاز كانوا يسمون الساحل عراقا ، فاختلط عليهم ، واسم البحرين كان يطلق على ساحل نجد بين قطر والكويت والعراق – اليوم – غير مجهول ، ولكن أوردته هنا لالتزامي بتحديد كل موضع ورد في السيرة ، وفي هذا الكتاب ذكر لكثير من مدن العراق .
( أَرْضُ الْعَرَبِ )
جاءت في النص : . . . وكان موقع أصل ذلك الدين – دين عيسى – بنجران ، وهي بأواسط ( أرض العرب ) في ذلك الزمان .
قلت : أرض العرب في كتابات المتقدمين يقصد بها جزيرة العرب ، وقد اختلفوا في حدود هذه الجزيرة ، فمنهم من قال : هي ما بين البحر الأحمر والخليج والمحيط الهندي وبادية الشام ، وقال غيرهم بهذه الحدود ، غير أنه قال : تمتد شمالا ، يحدها من الشرق الفرات ، ومن الغرب نهر الأردن ، فتشمل بذلك بلاد الشام الشرقية ، مثل : البلقاء وحوران وما شمال شرقي دمشق ، وهذه أرض العرب التي جاءهم الإسلام وهم سكانها . وكتاب اليوم يقولون " بلاد العرب " ، ويقصدون : الجزيرة العربية والعراق وكل بلاد الشام . وإذا أضافوا عرب إفريقيا ، قالوا : العالم العربي .
( النَّازِيَةُ )
بعد النون والألف زاي ثم مثناة تحت مخففة ، وآخره تاء مربوطة .
تقدم في النص الذي رويناه في " المنصرف " ، وهي أرض فياح إذا خرجت من بلدة المسيجيد تؤم مكة ، سرت فيها ، يسيل فيها من على يمينك وادي رحقان ، ويصب على أسفلها مما يلي المستعجلة وادي " خرص " وفيها بئر تسمى بئر عباس ، وكان عباس هذا شيخ الظواهر من حرب ، والنازية ملك للظواهر المذكورين
( أَرْضُ بَنِي سُلَيْمٍ )
جاءت في قوله : وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم ، أصيب بها هو وأصحابه جميعا .
قلت : أرض بني سليم كانت واسعة شاسعة ، تشمل معظم حرة الحجاز من جنوبي المدينة إلى شمالي مكة ، وهي الحرة التي كانت تسمى حرة بني سليم ، ثم تنساب ديارهم مشرقة حتى تصل إلى الدفينة وحرة كشب ومشارفها الشرقية وإلى قرب الربذة ، ولكن المقصود هنا – فيما يبدو – هي الأرض القريبة من مهد الذهب ، فالغزوة كانت هناك .
( أَرْضُ بَنِي سُلَيْمٍ )
جاءت في قوله : وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم ، أصيب بها هو وأصحابه جميعا .
قلت : أرض بني سليم كانت واسعة شاسعة ، تشمل معظم حرة الحجاز من جنوبي المدينة إلى شمالي مكة ، وهي الحرة التي كانت تسمى حرة بني سليم ، ثم تنساب ديارهم مشرقة حتى تصل إلى الدفينة وحرة كشب ومشارفها الشرقية وإلى قرب الربذة ، ولكن المقصود هنا – فيما يبدو – هي الأرض القريبة من مهد الذهب ، فالغزوة كانت هناك .
( أَرْضُ خَثْعَمٍ )
جاءت في النص : ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له ، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم : شهران وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب ، فقاتله فهزمه أبرهة . . إلخ .
قلت : أرض خثعم كانت وما زالت بين جرش وبيشة فإلى شعوف السراة وإلى البياض شرقا ، وكان النسابون يقولون : خثعم سميت بجبل نزلته ، وقال آخرون : تخثعموا أي تلطخوا بالدم لحلف عقدوه بينهم ، ولا خلاف بين النسابين أن خثعم هي شهران وناهس ابنا عفرس بن خلف بن أفتل بن أنمار ، وفي أنمار خلاف ولكن هناك من يضيف إليهما أكلب بن ربيعة بن نزار ، أي حالفهم ، فعلى هذا تكون ثلاث قبائل ، وكثرت شهران في صدر الإسلام حتى سميت " شهران العريضة " وانفصلت في التسمية عن خثعم ، وكذلك أكلب فيقال اليوم : شهران وأكلب وخثعم ، فشهران لها خميس مشيط إلى بيشة وأكلب في بيشة ، وخثعم بين الباحة والنماص ، وأكبر بطونها اليوم شمران والعليان
( أُرَيْنَقُ )
كتصغير أرنق ، لعله من الرنق ، وهو الطين الذي يخلفه السيل : جاء في قول خوات بن جبير الأنصاري يرد على عباس شعره الذي قدمناه في الشظاة :
تبكي على قتلى يهود وقد ترى ***** من الشجو لو تبكي أحب وأقربا
فهلا على قتلى ببطن أرينق *****بكيت ولم تعول من الشجو مسهبا
قلت : لم أر من تعرض لأرينق هذا فحدده ، وواضح من الشعر أنه واد لبني سليم قتل فيه قوم لهم صلة بعباس بن مرداس رضي الله عنه ، فأراد خصمه أن يذكره بهم . وعباس قال شعره في بكاء يهود قبل إسلامه ، وقد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه فأصبح صحابيا .
( أَشْمَذَانُ )
مثنى أشمذ : ذكر في كلمة " السر " ، وهو من أشهر جبال ما بين خيبر والمدينة .
( أَطْرِقَا )
كأنه أمر للاثنين : جاء في قول عبد الله بن أبي أمية المخزومي ، يخاطب بني كعب من خزاعة ، وكان يطالبهم بدم الوليد بن المغيرة :
إني زعيم أن تسيروا فتهربوا *****وأن تتركوا الظهران تعوي ثعالبه
وأن تتركوا ماء بجزعة أطرقا *****وأن تسألوا : أي الأراك أطايبه
وقال أبو ذؤيب الهذلي :
على أطرقا باليات الخيا م ***** إلا الثمام وإلا العصي
ولم يتفق المتقدمون على تحديد له ، غير أنه لا شك من نواحي مر الظهران ، وقد يكون كان بين ديار خزاعة وهذيل ، حيث يرتاده كل منهم ، أي أنه شرق بلدة الجموم وجنوب مكة ، ولا يعرف اليوم .
( أُمُّ الْعَرَبِ )
جاءت في النص : قال ابن لهيعة : أم إسماعيل : هاجر ، من أم العرب ، قرية أمام الفرما من مصر . ويعلق محقق السيرة على هذا قائلا : ويقال فيها " أم العريك " ، كما يقال إنها من قرية يقال لها " ياق " .
قلت : فلعل كلمة " أم العرب " أطلقت عليها بعد أن صارت هاجر أما لنصف العرب ، أي ولد إسماعيل .
( أَمَجُ )
بالتحريك ، وآخره جيم : جاء في النص الذي ذكرناه في عسفان ، وفي خبر مهاجرته صلى الله عليه وسلم . ويعرف أمج اليوم بخليص : واد زراعي على مائة كيل من مكة شمالا على الجادة العظمى . وقد أفضت عنه القول في المعجم كان من ديار كنانة ، ثم آل إلى حرب ، وهم سكانه اليوم .
( أَنْصَابُ الْحَرَمِ )
ترد كثيرا في السيرة . وهي أنصاب مبنية من الحجارة ، المجصصة ، على جوانب الطرق الخارجة من مكة ، فما وراءها حل ، وما دونها حرام . وهي حدود موروثة من عهد قريش ، ثم أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحافظ عليها المسلمون على مر السنين .
( أَنْصِنَا )
كورة من مصر في الصعيد شرقي النيل ، خرجت علماء نسبوا إليها ، جاءت مقرونة مع حفن في النص ، انظرها
( أَوَانٌ ( ذُو . . )
بفتح الهمزة والواو وألف قبل النون : جاء في قصة مسجد الضرار ; قال ابن إسحاق : فلما نزل – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم – بذي أوان ، أتاه حبر المسجد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مالك بن الدخشم ، ومعن بن عدي ، فقال : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ، وحرقاه . ويقول ابن إسحاق – أيضا – : ذي أوان : بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار .
قلت : حدده ابن إسحاق بساعة من نهار ، وهذا يعني أنه غربي المدينة على طريق العائد من تبوك ، ونقل ياقوت قول ابن إسحاق ، ولم يزد عليه شيئا ، وكذلك فعل البكري . ولا قول فيه غير قول ابن إسحاق ، إلا أن البكري شكك في صحة الاسم وقال : أظنه ( أروان ) ثم ألمح إلى بئر ذروان ، ولا يعرف اليوم بالمدينة .
( أَوْطَاسٌ )
كأنه جمع وطس : جاء في ذكر يوم حنين ، قال : سأل دريد بن الصمة : بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس ، قال : نعم مجال الخيل = إ لا حزن . ضرس ولا سهل دهس .
قلت : وقول دريد هذا حدا ببعض الباحثين أن يظن أن أوطاسا من حنين ، وليس الأمر كذلك ، بل هو بعيد عنه ، فأوطاس سهل يقع على طريق حاج العراق إذا أقبل من نجد قبل أن يصعد الحرة ، فالحاج ، حاج البصرة – إذا تسهل من كشب مر بطرف وجرة الشمالي ، ثم في غمرة ، وبها بركة تنسب إلى زبيدة ، ثم يجزع وادي العقيق – وليس هذا بعقيق المدينة – ثم يسير في أوطاس ساعة ، فهي ضفة العقيق اليسرى ، ثم يصعد الحرة فيرد الضريبة الميقات ، فهي شمال شرقي مكة ، وشمال بلدة عشيرة ، وتبعد عن مكة قرابة ( 190 ) كيلا على طريق متعرجة ، وكان حاج العراق يخرج من مكة على طريق واحدة هي طريق المنقى ، فإذا وصل إلى أوطاس افترق ، فذهب البصري يمينا ، والكوفي ثم البغدادي يسارا .
( أَيْلَةُ )
بفتح الهمزة وسكون المثناة تحت وفتح اللام وهاء : جاءت في النص الذي ذكرناه في " الكوثر " ، وذكرها في كتب التاريخ مستفيض ، وتعرف اليوم باسم " العقبة " ميناء المملكة الأردنية الهاشمية ، على رأس خليج يضاف إليها " خليج العقبة " ، وهي عامرة كثيرة التجارة ميناؤها يزدحم بالسفن ، وبها فنادق ومتنزهات على الشاطئ وخليج العقبة أحد شعبتي البحر الأحمر .
وقد أفضت الحديث عنها وخليجها والبحر الأحمر في " معجم معالم الحجاز " . ولها ذكر فيما قدمنا في رسم ( جرباء ) . وكان الاسم يطلق على كعبة كأداء تأتي المدينة من الجنوب ، وكان فمها يسمى البويب ، ثم أضيفت المدينة إلى تلك العقبة ، فقيل : مدينة العقبة ، وكان البويب سنة 1379 ه الحد الفاصل بين المملكتين الأردنية والسعودية ، فكان المخفر السعودي بجانبه القبلي ، وكان المخفر الأردني بجانبه الشمالي ، وكنت أتردد آنذاك على العقبة ، ثم عدلت الحدود بين الدولتين فدخل في الأردن .
( إسَافٌ وَنَائِلَةُ )
كانا صنمين على موضع زمزم ، ينحرون عندهما . وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم – إساف بن بغي ، ونائلة بنت ديك – فوقع إساف على نائلة في الكعبة ، فمسخهما الله حجرين .
وقد نصبت جرهم إسافا ونائلة ليعتبر بها أهل البغي والفجور ، وكانا عبرة لمن اعتبر فلما طال الأمد عبدوهما فيما عبدوا من الأصنام ، ثم ذهبا مع هبل وأمثاله ، بعد الفتح ، فلا يعرف اليوم لهذه الأصنام موضع ولا أثر .
( إضَمٌ )
بكسر الهمزة وفتح الضاد المعجمة ، وآخره ميم ، جاء ذكره في إحدى الغزوات ، وهي غزوة ( بطن إضم ) .
قلت : إضم ، هو وادي المدينة إذا اجتمعت أوديتها الثلاثة – بطحان وقناة والعقيق – بين أحد والشرثاء يسمى الوادي " الخليل " إلى أن يتجاوز كتانة التي يذكرها " كثير " – وهي غير كتانة غيقة – فيسمى الوادي " وادي الحمض " إلى أن يصب في البحر بين الوجه وأم لج . هذه أسماؤه اليوم ، أما اسمه قديما ، فكان يسمى إضما منذ اجتماع تلك الروافد إلى أن يصب في البحر .
( إلال )
بكسر الهمز وبعضهم يفتحها :
ورد في لامية أبي طالب التي ذكرناها في الحجر الأسود ، فقال :
وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له إلال إلى مفضى الشراج القوابل
قلت . إلال ، جبل عرفة ، وهو أكمة مرتفعة في الجهة الشرقية الشمالية من عرفة ، وكان يسمى " النابت " أيضا لأنه كالنبتة في الأرض السهل ، ويسمى اليوم جبل عرفة وجبل الرحمة ، وتسميه البادية القرين . قال بدوي : حمدت اللي منعني من ثقيف ومن بني سفيان
حمدت اللي منعني من ثقيف ومن بني سفيان *****بعد صكو على الجيش الأغبرماش ماويه
عطوا بي من يماني القرين ومن طرف نعمان *****مكتفة يديه بالحبال وطلق رجليه
( الأبْطَحُ )
بفتح الهمزة وسكون الموحدة ، وطاء مفتوحة وآخره حاء :
جاء ذكره كثيرا ، منه : قتال قصي خزاعة وبكرا بالأبطح حتى كثر القتل في الفريقين ، فحكموا يعمر بن عوف البكري الكناني .
قلت : الأبطح : جزع من وادي مكة بين المنحنى إلى الحجون ، ثم تليه البطحاء إلى المسجد الحرام ، وكلاهما من المعلاة ، ثم المسفلة : من المسجد الحرام إلى قوز المكاسة " الرمضة " قديما .
وعلى الأبطح هذا المثل القائل :
" اختلط سيلها بالأبطح "
ذلك أن مكة كثيرة الشعاب التي تصب في الأبطح فيختلط سيلها هناك ، وقد سمي اليوم الشارع المار من المنحنى إلى ريع الحجون " شارع الأبطح " ، وهو شارع واسع كثير العمائر والأسواق ، وعليه طريق الحاج من المسجد الحرام إلى منى .
( الأَبْوَاءُ )
على زنة جمع بو : ترددت في السيرة ، وجاء ذكرها في غزوة ودان ، وهي غزوة الأبواء .
والأبواء واد من أودية الحجاز التهامية ، كثير المياه والزرع ، يلتقي فيه واديا الفرع والقاحة فيتكون من التقائهما وادي الأبواء ، كتكون وادي مر الظهران من التقاء النخلتين ، وينحدر وادي الأبواء إلى البحر جاعلا أنقاض ودان على يساره ، وثم طريق إلى هرشى ، ويمر ببلدة مستورة ثم يبحر .
ويسمى اليوم " وادي الخريبة " غير أن اسم الأبواء معروف لدى المثقفين ، وسكانه : بنو محمد من بني عمرو ، وبنو أيوب من البلادية من بني عمرو .
( الأُثَيْلُ )
كأنه تصغير أثل ، جمع أثلة الشجرة المعروفة . جاء في رثاء قتيلة بنت الحارث أخاها النضر بن الحارث :
أيا راكبا إن الأثيل مظنة ***** من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بـأن تحيـة ***** ما إن تزال بها النجائب تخفق
وشدد ياءه " كثير " حين قال :
أربــع فحي معــالــم الأطـــلال ***** بالجزع من حرض فهن بوال
فشراج ريمة قد تقادم عهدها *****بالسفح بين أثيل فبعال
وهذه المعالم كلها قريبة من الأثيل .
وقد حدده المتقدمون بأنه بين بدر ووادي الصفراء ، مع أن بدرا من وادي الصفراء ، ولكنهم يعنون به قرية الصفراء المعروفة اليوم بالواسطة .
( الأَجْرَدُ )
كالذي لا نبات فيه .
جاء في النص : ثم أخذ بهما على الجداجد ، ثم على الأجرد .
قلت : يعرف اليوم بأجيرد – تصغير – شعب يصب في وادي ثقيب ، وثقيب أحد روافد القاحة ، وهو ومرجح والمدالج ، على طريق قديم قد هجر ، وهو طريق الهجرة . انظر تفاصيل أوفى في كتابي " على طريق الهجرة " .
وهذه المواضع تقع جنوب المدينة على قرابة ( 160 ) كيلا ، قريبة من وادي الفرع ، بل تصب مياهها فيه .
(الأَخَاشِبُ )
جمع أخشب ، وهو الجبل الخشن :
جاء في قول امرأة مؤمنة ترد على كعب بن الأشرف ، واسمها ميمونة بنت عبد الله من بني مرير من بلي :
تحــنن هـــذا العبد كـــل تحنــن ***** يبكي على قتلى وليس بناصب
بكت عين من يبكي لبدر وأهله ***** وعلت بمثليها لؤي بن غالب
فلــيت الـذين ضرجوا بدمائهم ***** يرى ما بهم من كان بين الأخاشب
قلت : الأخاشب – هنا – جبال مكة ، فالجبلان اللذان عن يمين المسجد الحرام ويساره ، يقال لهما : الأخشبان ، وهما : قعيقعان وأبو قبيس ، ويقال لجبلي منى أيضا الأخشبان ، والجبلان اللذان يمر الحاج بينهما ليلة النفر من عرفة ، أخشبان أيضا ، وهما حد المزدلفة مما يلي عرفة .
(الأخْدُودُ )
وهو حفرة مستطيلة فالأرض كالخندق : جاء في النص : فملكوه – يعني ذا نواس – واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن ، فكان آخر ملوك حمير ، وهو صاحب الأخدود .
وليس هذا هو النص الوحيد الذي ذكر الأخدود ، ولكننا كما قدمنا لسنا معنيين باستقصاء النصوص إنما تحديد المعالم الواردة في السيرة ، وقد سميت مدينة نجران – آنذاك – الرئيسية " مدينة الأخدود " وهي اليوم آثار ذات مبان منكرة ، وخيل إلي أنني وجدت الأخدود في المدينة ، بل وجدت الرماد فيه ، ووصفت ذلك كله في كتابي " بين مكة وحضرموت " . وليس في نجران من يجهل مدينة الأخدود ، وقد أقيمت بجوارها مدرسة سميت مدرسة الأخدود . وقد ذكرها الله في القرآن ، فقال : قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود .
( الأُرْدُنُّ )
بضم الهمزة وسكون الراء وضم الدال المهملة ، وآخره نون مشددة ، ولا ينطق إلا معرفا بالألف واللام
جاء في النص : فحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي – اليهودي – قال : لما اجتمعوا له ، وفيهم أبو جهل بن هشام ، فقال وهم على بابه : إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره ، كنتم ملوك العرب والعجم ، ثم بعثتم من بعد موتكم ، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن .
قلت : قبل أن نصف الأردن على حاله اليوم يجمل أن نذكر شيئا مما ذكره المتقدمون عنه ، وأحسن ما جاء في كتب أولئك المتقدمين ما ذكره ياقوت في معجمه ، قال : وهي كورة واسعة منها : الغور وطبرية وصور وعكا ، وما بين ذلك .
وقال ابن الطيب : هما أردنان ; أردن الكبير وأردن الصغير ، فأما الكبير فهو نهر يصب في بحيرة طبرية ، بينه وبين طبرية لمن عبر البحيرة في زورق اثنا عشر ميلا ، وأما الأردن الصغير فهو نهر يأخذ من بحيرة طبرية ويمر نحو الجنوب في وسط الغور ، فيسقي ضياع الغور ، وعليه قرى كثيرة ، منها بيسان وقراوى وأريحا والعوجاء ، وغير ذلك ، ويجتمع هذا النهر ونهر اليرموك فيصيران نهرا واحدا ، حتى يصب في البحيرة المنتنة في طرف الغور الغربي ، ولأردن عدة كور منها كورة طبرية وكورة بيسان وكورة بيت رأس وكورة جدر وكورة صفورية وكورة صور وكورة عكا .
ثم يذكر من مدنه أيضا : أفيق ، وجرش ، وقدس ، والجولان . فإذا كان الأردن إقليما كبيرا من بلاد الشام يمتد من البحر الميت جنوبا إلى صور من لبنان شمالا ، ويصل إلى البحر الأبيض غربا ، ويشمل من الشرق إقليم البلقاء حيث كانت جرش قصبة تلك الكورة .
الأردن في العصور الحديثة : كان في عهد الأتراك مقسما ، بعضه يتبع دمشق وبعضه يتبع بيروت وآخر يتبع بيت المقدس . وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وأغار المنتصرون فاقتسموا بلاد العرب غنائم حرب ، توجه الأمير عبد الله بن الحسين – الملك فيما بعد – إلى بلاد الشام فنزل معان من أرض الشراة ، فاستطاع أن يؤسس إمارة عربية جعل عاصمتها عمان ، فسميت هذه الإمارة إمارة شرق الأردن ، ذلك أن الأردن أصبح علما على النهر الذي يأخذ من بحيرة الحولة ويصب في البحر الميت ، وهذه الإمارة تشمل الأرض الواقعة إلى الشرق من ذلك النهر ، وبالتحديد : من المدورة – سرغ قديما – جنوبا ، إلى الرمثاء – في حوران – شمالا ، ومن نهر الأردن غربا إلى أعماق صحراء العرب شرقا ، وتطل على رأس البحر الأحمر بمينائها الوحيد " العقبة " .
وبعد انتهاء الحرب بين العرب واليهود سنة 1368 ه 1948 م كان الجيش الأردني قد استطاع أن يحافظ على جزء كبير ومهم من فلسطين ، يشمل مدينة القدس ونابلس وجنين والخليل وأريحا ، ومدنا كثيرة أخرى . فاختار أهل القسم المحرر من فلسطين الانضمام إلى شرق الأردن فتكونت المملكة الأردنية الهاشمية ، وسميت منطقة شرق الأردن الضفة الشرقية ، وسميت المنطقة المحررة من فلسطين الضفة الغربية .
غير أن الحرب عادت مرة ثانية بين العرب واليهود ، أثارها من لا يعرف إمكانياته وليست لديه خبرة بشؤون العرب اليوم وقدراتهم ، فاحتل اليهود ما كان باقيا من فلسطين سنة 1387 ه 1967 م . وظل العرب بعد ذلك ولا يزالون يستجدون العالم ويقدمون الاحتجاج تلو الاحتجاج على احتلال بني صهيون أرض فلسطين .
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
( الأضْوَجُ )
كأنه جمع ضوج :
جاء في قول كعب يرثي حمزة وشهداء أحد :
وقتلاهم في جنــان النعيــم *****كرام المداخل والمخرج
بما صبروا تحت ظل اللواء *****لواء الرسول بذي الأضوج
وجاء في فسره في حواشي السيرة : أنه جانب الوادي ، وجانب الوادي كثيرا ما يكون سفح جبل ، أي أنه مثل الجر ، الآتي ، وهو يقصد وادي قناة من جانب أحد حيث قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه . وأورده ياقوت بفتح الواو ، وأورد البيت الأخير مسقطا البيت الأول وبيت قبله ورد في السيرة ، ومهما يكن فالمكان من جانب أحد حيث دارت المعركة .
(الأعْوَصُ )
كل حروفه مهملة ، وبين العين والصاد واو :
جاء في النص الذي ذكرناه في المنقى . وهو واد يشرف عليه من الغرب جبل ( وعيرة ) وفيه مطار المدينة اليوم ، يصب في وادي الشظاة " صدر قناة " من الشمال ، شمال شرقي المدينة على 17 كيلا . وعندما عبد طريق الشام سلك فيه ، وفيه يفترق طريق الشام عن طريق القصيم .
(الْبَحْرَيْنِ )
بلفظ مثنى بحر : جاءت في النص المذكور في " أرض العراق " وقد ألمحنا إليه هناك ، والبحرين كان اسما لسواحل نجد بين قطر والكويت ، وكانت هجر قصبته ، وهي الهفوف اليوم وقد تسمى " الحسا " ثم أطلق على هذا الإقليم اسم الأحساء حتى نهاية العهد العثماني ، وانتقل اسم البحرين إلى جزيرة كبيرة تواجه هذا الساحل من الشرق ، هذه الجزيرة كانت تسمى " أوال " وهي إمارة البحرين اليوم . وعندما تكونت المملكة العربية السعودية أطلق على هذا الإقليم اسم " المنطقة الشرقية " وجعلت مدينة الدمام قاعدتها ، والإقليم من الأقاليم العامرة ، كثير المدن والمياه والسكان .
ومن أهم مدنه : الهفوف ، والمبرز – متجاورتان – والقطيف ، والظهران – عاصمة البترول – والخبر ، والدمام : القاعدة ، والجبيل ، وسيهات ، ومدن أخرى عديدة . وفيه منابع البترول ، وموانئ تصديره ، ومصاف للتكرير وصناعته مزدهرة ، ويرتبط بالبحرين ( الدولة ) بجسر على البحر ، وبالرياض بسكة حديد وطريق مزفتة .
(الْبَرْكُ )
بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وآخره كاف : جاء في قول عثمان بن مظعون رضي الله عنه :
أتيم بن عمرو للذي جاء بغضه ***** ومن دونه الشرمان والبرك أكتع
قلت : عثمان قال ذلك وهو في بلاد الأحباش ، وأعتقد أنه يعني " البرك " بكسر الباء ، فهو موضع قديم معلوم بين حلي والقنفذة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر ، وكان يسمى " برك الغماد " وذكره أبو دهبل في رحلته خارجا من مكة فقال :
فقلت لها :
قد بعت غير ذميمة ***** وأصبح وادي البرك غيثا مديما
وهو اليوم معروف بهذا الاسم بلدة مرفأ على الساحل ، جنوب مكة على قرابة ( 600 ) كيل ، ولها واد يسمى بهذا الاسم ، والبرك : نبات ذكي الرائحة قد يوضع مع الشاي كالنعنع ، وأهل الحجاز يسمونه " البعيثران " أما الشرمان فلا شك أنه يقصد شرما أو يقصد البحر فثناه ليستقيم له الوزن .
(الْبَصْرَةُ )
بفتح الموحدة ، وسكون الصاد المهملة ، وراء ثم هاء : ذكرت في النص الذي ورد في ميسان ، وهي من أعظم المدن التي قامت في صدر الإسلام ، اختطها المسلمون عند فتح العراق ، فقيل إنه لم تبق قبيلة من العرب لم يكن منها في البصرة حاضر .
واشتهرت بمربدها الذي احتل مكانة عكاظ في الشعر ، وقيل ما رأى العرب مدينة أقرب إلى البدو والحضر معا كالبصرة ، فغربيها يمتد في صحراء العرب القاحلة متصلا بالفلاة ، وشرقيها يسفح عليه شط العرب وتظلله النخيل ، فكان العربي يستطيع أن يسيم ماشيته في غربها ويزرع في شرقها وشمالها . وعندما جاء التدوين كانت للبصرة مدرسة في النحو تضاهي مدرسة الكوفة ، ثم تأخرت على مر العصور ، ولا تزال مدينة عامرة رأيتها سنة 1399 ه وهي ميناء العراق ، تقع على الشاطئ الغربي لشط العرب قرب مصبه في الخليج .
أهم صادراتها التمر ، وسكانها من العرب الأقحاح . وفي مادة القادسية نشرنا مخططا تظهر فيه البصرة ، فانظره .
(الْبِطَاحُ )
جمع بطحاء : جاءت في قول الحصين بن الحمام المري :
ندمت على قول مضى كنت ***** قلته تبينت فيه أنه قول كاذب
فليت لساني كان نصفين منهما بكيم*****ونصف عند مجرى الكواكب
أبـــــونا كنــاني بــمكة قـــبره *****بمعتلج البطحاء بين الأخاشب
لنا الربع من بيت الحرام وراثة *****وربع البطاح عند دار ابن حاطب
وكأن الحصين بهذا الشعر يعقب على قول له تقدم يقول فيه
ألا لستم منا ولسنا إليكم **** برئنا إليكم من لؤي بن غالب
وكانت عوف بن سعد بن ذبيان الغطفانية يدعون أنهم بنو عوف بن لؤي بن غالب من قريش ، وكان من عوف هؤلاء : مرة ، قوم الحصين ، ودهمان بطن آخر .
والشاعر يعترف في شعره الأخير أن عوفا من قريش . انظر ذلك في معجم قبائل الحجاز .
وكانت قريش تقسم إلى : قريش البطاح ، وهم سكان مكة ، والبطاح : مسايل أوديتها . وقريش الظواهر ، سكان ظاهر مكة كمنى وعرفات والمغمس .
( الْبَطْحَاءُ )
وهو اسم يطلق على كل واد شقه السيل فجعل أرضه كالرمل : جاءت في قول الحصين بن الحمام المري الغطفاني ، وكانت بنو مرة بن عوف تدعي النسب في قريش :
أبونا كناني بمكة قبره **** بمعتلج البطحاء بين الأخاشب
وكانت البطحاء علما على جزء من وادي مكة ، هو : بين الحجون إلى المسجد الحرام ، ومنها الغزة وسوق الليل .
أما في عصرنا فقد عبدت فذهبت البطحاء . فإذا ذكرت بطحاء مكة فهي هذا الموضع ، أما بطحاء قريش فهي غير هذه ، إنما هي مكان قرب جبل ثور . وقد ذكرت في " معالم مكة التأريخية والأثرية " .
( الْبَقِيعُ )
بفتح الباء الموحدة ، وكسر القاف ومثناة تحتية وعين مهملة : جاء في ذكر إسلام ثمامة بن أثال الحنفي ، من بني حنيفة بن لجيم من ربيعة .
ثم قال النبي يوما : أطلقوا ثمامة ، فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع ، فتطهر فأحسن طهوره ، ثم أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام .
قلت : البقيع : مقبرة أهل المدينة ، به دفن أجلة الصحابة وزوجات رسول الله وبناته وأبناؤهن . . وهو مطلع الشمس من المسجد النبوي يرى رأي العين ، كثير من المسلمين يزوره بعد زيارة خير البشر ، ويقال له : بقيع الغرقد .
( الْبَلْقَاءُ )
بفتح الباء وسكون اللام ثم قاف ، ممدود معرف : جاء في ذكر زيد بن نفيل وطلبه دين إبراهيم ، حيث قال : . . . حتى انتهى إلى راهب بميفعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون .
قلت : البلقاء ، إقليم من أرض الشام في المملكة الأردنية الهاشمية ، وهو الإقليم الذي تتوسطه مدينة عمان عاصمة الأردن ، ومن أشهر مدن هذا الإقليم : عمان والسلط ومادبا والزرقاء والرصيفة ، يتصل به في الجنوب إقليم الشراة الذي قاعدته معان ، وفي الشمال إقليم حوران ، ويشرف إقليم البلقاء على الغور الأردني غربا ، ويتصل ببادية الشام وصحراء العرب شرقا ، ومنطقته جبلية عالية ، وانظر الحديث عن عمان ، والبلقاء بقبائلها وجغرافيتها في كتابي رحلات في بلاد العرب وهي مركز الثقل في المملكة الهاشمية الأردنية
(الْبُوَيْرَةُ )
تصغير : قال حسان بن ثابت رضي الله عنه ، يشمت ببني قريظة . ويلمز مشركي قريش ، الذين تخلوا عنهم بعد الأحزاب :
تفاقد معشر نصروا قريشا *****وليس لهم ببلدتهم نصير
هم أوتوا الكتاب فضيعوه ***** وهم عمي من التوراة بور
كفرتم بالقرآن وقد أتيتــم ***** بتصديق الذي قال النذير
فهان على سراة بني لؤي ***** حريق بالبويرة مستطير
قلت : هي من أموال بني قريظة شرقي العوالي ، من ظاهر
المدينة المنورة ، ولم تعد معروفة .
( الْبَيْتُ الْحَرَامُ )
جاء في النص : قال ابن إسحاق : وتبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة ، وساق الحبرين من يهود المدينة إلى اليمن ، وعمر البيت الحرام وكساه .
وكلمة البيت الحرام تعني : الكعبة ، وتسمى البيت العتيق أيضا ، وإذا قصد المسجد قيل : المسجد الحرام ، أما الحرم فمكة كلها حرم ، بل إن حدود الحرم الغربية والشرقية تبعد عن البيت قرابة ، عشرين كيلا ، أما الجنوبية فأقل من ذلك ، إذ تقع الحدود الجنوبية على الآكام التي تحف بوادي عرنة على قرابة ( 13 ) كيلا جنوبا ، ومن هذه الآكام : اللبينات ، والوتائر تلاع – وسود حمى ، جبال سود كالغربان .
أما من جهة الشمال ، فالحد مسجد عائشة رضي الله عنها على رأس وادي التنعيم ، وعنده ينقسم الماء إلى وادي التنعيم شمالا في الحل ، وتلعة ذات الحنظل جنوبا في الحرم ، ويبعد هذا المسجد قرابة 8 أكيال عن المسجد الحرام شمالا . أي إن حرم مكة يبلغ ( 882 ) كيلا مربعا بالتقريب .
(الْبَيْضَاءِ )
ضد السوداء : جاءت من قصة الإسراء من قوله صلى الله عليه وسلم الذي رويناه في ضجنان ، وتمامه : . . ثم غطيت عليه كما كان ، وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ، ثنية التنعيم ، يقدمها جمل أورق .
قلت : هي الثنية التي ينحدر الطريق الآتي من المدينة منها إلى وادي فخ بمكة ، وعلى قرارتها اليوم مسجد عائشة ، ومنه يعتمر الناس ، ويسمى المكان العمرة ، وعمرة التنعيم ، ولا تعرف البيضاء في زماننا .
والتنعيم : الوادي الذي يأخذ من هذه الثنية إلى الشمال فيصب في وادي يأجج ، ويأجج يصب في مر الظهران .
(التَّلاعَةُ )
بفتح التاء وتخفيف اللام وأهلها يكسرون التاء : جاء في قول بديل بن عبد مناة الخزاعي :
أمن خيفة القوم الألى تزدريهم **** تجيز الوتير خائفا غير آئل
وفي كل يوم نحن نحبو حباءنا ****لعقل ولا يحبى لنا في المعاقل
ونحن صبحنا بالــتلاعة داركــم ****بأسيافنا يسبقن لوم العواذل
ونحن منعنا بين بيض وعتود **** إلى خيف رضوى من مجر القبائل
في هذا النص : التلاعة : واد صغير يسيل من جبال راية فيصب في وادي أدام ، رأسه لهذيل ، وأسفله للجحادلة من بني شعبة من كنانة ، يقع جنوب مكة على قرابة ( 60 ) كيلا .
الوتير : ذكر في بابه .
بيض وعتود : واديان متجاوران بين حلي وجازان ، لا زالا معروفين .
خيف رضوى : هو رضوى الجبل المذكور في بابه ، وكانت ديار كنانة تمتد من بيض وعتود جنوبا إلى رضوى وينبع شمالا ، فكان ينبغي أن يكون هذا الشعر لرجل من كنانة ، لا لرجل من خزاعة ، فخزاعة كانت أذل من أن تحمي هذه المساحة التي تقدر بألف كيل على امتداد ساحل الحجاز ، لأن ديار خزاعة تبدأ من غربي مكة إلى الجنوب ممتدة شمالا على عسفان وثم جزء من أمج فقديد ، ثم جزء منها قرب الفرع ، وهي مجزأة غير متصلة ، في مسافة طولها قرابة ( 300 ) كيل وشريط ضيق في العرض يدخل في كثير من أجزائه ضمن ديار كنانة ولعل قول بديل هذا قريب من قول عمرو بن كلثوم في لاميته :
( لنا الدنيا ومن أضحى عليها )
! فإذا كانت الدنيا كلها ومن عليها لبني تغلب ، فلا بأس أن تحمي خزاعة أرضا لا تحلها ولا تملك منها شبرا .
( التَّنَاضِبُ )
جمع قلة للتنضب الشجر المعروف : جاءت في قصة هجرة عمر رضي الله عنه ، حيث قال : اتعدت ، لما أردنا الهجرة إلى المدينة ، أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل السهمي التناضب ، من أضاة بني غفار فوق سرف ،
قلت : التناضب وأضاة بني غفار موضع واحد ، الأضاة أرض تمسك الماء فيتكون فيها الطين ، والتناضب شجرات في هذه الأضاة ، وهي لا زالت مشاهدة على جانب وادي سرف الشمالي ، إلى جوار قبر أم المؤمنين ميمونة ، وقد صارت التناضب والأضاة أرضا زراعية لأناس من لحيان ، وكلما قطع شجر التنضب عاد أخضر يتنعم ، وقد قام بجانبها الغربي حي اليوم على 13 كيلا من مكة ، ولا أراها إلا ذاهبة من هذا التقدم العمراني المحموم ، بعد أن قاومت الزمن طيلة هذه القرون ، ولكن اليوم كل شيء يتغير بسرعة ، ولا حماية لمثل هذه الأماكن . وأهل الديار يسمونها اليوم " الودينة " تصغير ودنة ، وهي مزرعة الحبحب ، وذلك أن هذه الأرض لا تزرع إلا حبحبا .
( التَّنْعِيمُ )
كأنه تفعيل من النعومة . جاء ذكره في مواضع من السيرة ، وقد يقال وادي التنعيم ، وهو واد خارج الحرم من الشمال ، ينحدر من الثنية البيضاء المتقدمة في هذا الكتاب ، فيتجه شمالا محاذيا الطريق العام المتجه إلى المدينة ، فيصب في وادي يأجج الذي يذهب سيله إلى مر الظهران شمال غربي مكة على قرابة ( 20 ) كيلا . وقد تحدثت عن اشتقاق اسمه في المعجم .
( الثَّنَايَا )
جمع ثنية ، وهي المسلك بين جبلين : جاءت في وصف هزيمة هوازن يوم حنين ، فقال ابن إسحاق : وتوجه بعضهم نحو نخلة – يقصد اليمانية – ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف ، وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ، ولم تتبع من سلك الثنايا .
قلت : الثنايا ، تخرج أولاها من رأس حنين على قرابة ( 50 ) كيلا شرق مكة ، ثم تقابلها أخرى قرب قرية الخليصة ، ثم أخرى تخرجك على وادي قرن المنازل قرب دحنا ، ثم يأتي طريقها الطائف من الشمال من جهة المليساء . وهذه الطريق كانت إحدى الطرق المؤدية إلى الطائف من مكة يستقصرها أهل الجمال . وقد اندثرت هذه الطريق اليوم .
( الثَّنِيَّةُ )
وهي المسلك بين جبلين : جاءت في خبر انهزام مالك بن عوف يوم حنين . ( السيرة : 2 456 )
قلت : هي ثنية تسلك من رأس حنين ، وهي إحدى الثنايا المتقدمة ، وتسمى الثنية بلا إضافة . ولا زال هذا اسمها اليوم .
( الْجَبَاجِبُ )
جمع جبجب بتكرار الجيم والباء الموحدة : جاء في قول أبي قيس بن الأسلت :
لقد علم الأقوام أن سراتكم على كل حال خير أهل الجباجب
قلت : هو يعني جبال مكة ، وقد قال قوم : الجباجب جبال مكة ، وقال آخرون : هي جبال منى ، وقال غيرهم أقوالا غير ذات بال . والجباجب عند عرب اليوم هي الجبال الحجرية الظاهر الطينية الداخل ، إذا حفر فيها وجدت هشة . ولكن النص هنا صريح بأن جبال مكة كانت تدعى الجباجب .
( الْجُحْفَةُ )
جيم مضمومة وحاء ساكنة وفاء ثم هاء :
جاءت في النص : غسان : ماء بالمشلل قريب من الجحفة .
وأقول : كانت الجحفة مدينة عامرة ومحطة من محطات الحاج بين الحرمين ، ثم تقهقرت في زمن لم نستطع تحديده ; إلا أنه قبل القرن السادس ، وتوجد اليوم آثارها شرق مدينة رابغ بحوالي ( 22 ) كيلا ، إذا خرجت من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك حوز السهل من الجبل ، وقد بنت الحكومة السعودية مسجدا هناك يزوره بعض الحجاج .
وقد توسعت في ذكرها في " معجم معالم الحجاز " ، باب الجيم ، وفي كتابي . . " على طريق الهجرة " وصف كامل لها ، فراجعه إن شئت .
( الْجَرُّ )
جاء في قول هبيرة المخزومي ، في يوم أحد :
نحن الفوارس يوم الجر من أحد
هابت معد فقلنا : نحن نأتيها
ويقول اللغويون : الجر : سفح الجبل . إذا هذا المكان هو سفح جبل أحد .
( الْجَزِيرَةُ )
باسم " الحيز الأرضي " وسط الماء : جاءت في قصة زيد بن الخطاب وهيامه في الأرض يطلب دين إبراهيم .
قلت : هذه تميز باسم " الجزيرة الفراتية " ، وإذا أطلقت في الشام والعراق فهي معروفة ، وهي الجزء الشمالي من الأرض التي يكتنفها نهرا دجلة والفرات ، أي بين منخفض الثرثار إلى الموصل وتلعفر – في العراق – إلى أبي كمال ودير الزور والرقة ، في سورية . وهي من أخصب أرض العرب ، ومن أهم أعلامها " جبل سنجار " يرتفع 1453 مترا ، وجبل عبد العزيز ( 920 ) مترا .
ومن أعظم القبائل العربية التي تسكن الجزيرة اليوم : قبيلة طيئ ، هاجرت من شمال نجد في زمن متقدم ، وهي عراقية ، وتتوغل قبيلة عنزة ، التي هاجرت من شمال الحجاز وشمال نجد في القرن الحادي عشر الهجري – في الجزيرة من أطرافها الغربية في حدود سورية ، وفي الشمال في حدود العراق ، وعنزة – اليوم – : قبيلة أردنية سعودية سورية عراقية .
( الْجِعْرَانَةُ )
ترددت في السيرة ، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الغنائم والسبي من يوم حنين بالجعرانة ، ومنها اعتمر . قلت : لا زالت تعرف في رأس وادي سرف حين تعلقه في الشمال الشرقي من مكة ، يعتمر منها المكيون ، وبها مسجد ، وقد عطلت بئرها اليوم ، وكانت عذبة الماء يضرب المثل بعذوبته . وقد أفضت في القول عنها في " معجم معالم الحجاز " .
( الْجَلِيلُ )
بفتح الجيم وبين اللامين مثناة تحتية ، بوزن كبير :
جاء في قول صيفى ويكنى أبا قيس بن الأسلت الأوسي الأنصاري ، قبل إسلامه :
فـلولا ربنا كنا يهــودا **** وما دين اليهود بذي شكول
ولولا ربنا كنا نصارى****مع الرهبان في جبل الجليل
قلت : جبل الجليل ، جبل ضخم عال كثير القرى والمدن شمال فلسطين ، يشرف على بحيرة طبرية من الغرب ، وعلى ساحل عكا من الشرق ، ومن مدنه " صفد " والناصرة ، وشفا عمرو ، ويتصل به من الشمال " جبل عامل " في لبنان ، وهو – الجليل – تحت الاحتلال الصهيوني اليوم ، وقد انتشرت فيه مستوطنات اليهود قهرا ، وصودر كثير من أراضيه من أيدي العرب وأعطيت لليهود الوافدين . ويبدو أن الجليل كان في الشام كالسراة في الحجاز ، إذ يقول ياقوت : وهو جبل يقبل من الحجاز ، فما كان بفلسطين منه فهو جبل الحمل ، وما كان بالأردن فهو جبل الجليل ، وهو بدمشق جبل لبنان ، وبحمص جبل سنير .
( الْجَمَّاءُ )
بلفظ التي لا قرون لها : ذكر ابن هشام : أن لقاحا لرسول الله كانت ترعى في ناحية الجماء ، وكان بعض البجليين قد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابهم الوباء ، فأخرجهم إلى لقاحه ليشربوا من ألبانها ، فشفوا فقتلوا الراعي واستاقوا اللقاح . . إلى آخر الخبر هناك .
قلت : في المدينة ثلاث جماوات في الجهة الجنوبية الغربية ، وهي متقاربة متجاورة ، وهي : جماء تضارع وجماء العاقر ، والثالثة كانت تدعى جماء أم خالد . وجماء تضارع هي التي تجعلها على يمينك وأنت تخرج من المدينة على طريق مكة ، وعلى يسارك حينئذ قصر عروة ، فهي تفيء إليه العشي . وإذا أطلق اسم الجماء فهي المقصودة ، اليوم ، أما جماء أم خالد فتلاصقها من الغرب ، أصلهما واحد وجسماهما منفصلان . أما جماء عاقل فتناظرها من الغرب ، بينهما وبين جبل حبشي ، تقع العرصة الصغرى بينها وبين العقيق .
( الْجَمْرَةُ الْكُبْرَى )
جاءت في لامية أبي طالب :
وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها ** يؤمون قذفا رأسها بالجنادل
قلت : الجمرات في منى ثلاث : الجمرة الكبرى وتسمى جمرة العقبة ، وهي أولاها مما يلي مكة وأول منى من هذه الناحية ، والجمرة الوسطى تليها من مطلع الشمس وعلى بعد أدنى من مد النظر ، ثم الصغرى على مثل هذه المسافة بعد الوسطى من مطلع الشمس ، والحاج يرمي الجمرة الكبرى جميع أيام الحج ، أما الوسطى والصغرى فيبدأ رميهما في اليوم الثاني بعد الزوال .
( الْجَمُومُ )
بفتح الجيم وميمين بينهما واو : جاء في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ قال : وغزوة زيد بن حارثة الجموم من أرض بني سليم
قلت : الجموم ماء لا زال معروفا على السفوح الشرقية لحرة كشب ، وهو اليوم للروقة من عتيبة . وحرة كشب : حرة تقابل حرة الحجاز من الشرق بينهما وادي عقيق عشيرة ، إلا أن كشبا أصغر ، وأقصر مدى في الأرض ، وهي تمتد من الجنوب في صحراء السي إلى الشمال عند الصحراء المتصلة بمهد الذهب " معدن بني سليم قديما " .
( الْجِنَابُ )
بكسر الجيم : ونون وآخره موحدة . جاء في قول ثعلبة بن عبد الله من سعد هذيم من قضاعة يذكر إسعافهم ونجدتهم قصي بن كلاب في حربه مع خزاعة :
جمعنا الخيل مضمرة تغالى ***من الأعراف أعراف الجناب
إلى غــوري تهامة فالتقينا *** من الفيفاء في قاع يباب
قلت الجناب : أرض واسعة تقع شمال خيبر وتمتد إلى تيماء ، يعرف جلها اليوم باسم " الجهراء " كانت منازل قضاعة ، وهي اليوم لعنزة بن أسد .
( الْجَوْشِيَّةُ )
بفتح الجيم وسكون الواو ، وكسر الشين المعجمة : جاء في خبر فرار عدي بن حاتم إلى الشام ، وهو خبر مطول ، ومنه . . ثم قلت : ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام ، فسلكت الجوشية ،
قال ابن هشام : ويقال ، الحوشية ، وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر ، فلما قدمت الشام أقمت بها .
قلت : لا تعرف الجوشية – بالجيم – ولا الحوشية – بالحاء – اليوم ، وروينا في " معجم معالم الحجاز " ، أن الجوشية ، بالجيم : طريق كانت تأخذ من تيماء شمالا على الحول ثم جبل العلم ، ثم جوش ( جبل الطبيق اليوم ) ثم على أبائر ( بائر اليوم ) وكلاهما – جوش
وأبائر – من حدود الأردن مما يلي الحجاز ، وهذه الطريق ليست بعيدة عن ديار عدي ، ثم صارت طريقا لحاج الشام أو بعضه زمنا ليس باليسير ، ولا زالت معالمها واضحة والبرك في جبل الطبيق تمسك الماء .
( الْحَبَشَةُ )
يتكرر في السيرة اسم الحبشة وملك الحبشة والأحباش . والحبشة : اسم للأمة أطلق على أرضهم ، وتسمى دولتهم أثيوبيا ، وهي تضم أراضي إسلامية إلى جانب أرضهم .
وأرض الحبشة : هضبة مرتفعة غرب اليمن بينهما البحر ، وعاصمتها أديس أبابا ، ولهم صلات قديمة مع العرب ، ولملكهم موقف يذكر ويشكر مع المسلمين الأوائل الذين هاجروا إليه فوجدوا في كنفه ملجأ وحسن جوار .
والحبشة نصارى ، غير أن الإسلام زحف على بلادهم من زمن بعيد فأسلمت أطرافها من كل اتجاه ، وبقيت الهضبة حول أديس أبابا متمسكة بشدة بالنصرانية ولا زال الإسلام يتكاثر في العاصمة نفسها ، والإسلام هناك ليس مفروضا بالقوة ، إنما هو ينتشر بالدعوة الفردية وبالاحتكاك والجوار . وقد تحولت أثيوبيا منذ سنوات إلى جمهورية وطرد النجاشي .
ومن هذه الإمبراطورية أقاليم أصبحت عربية ، مثل : أريتريا ، وهي أرض تلي البحر الأحمر تبدأ من مضيق باب المندب جنوبا إلى جنوب " طوكر " في السودان . ومن مدن هذا الإقليم : أسمرة : ( العاصمة ) ومصوع : الميناء الرئيسي ، وكانت تسمى باضع ، وإليها هاجر الصحابة في هجرة الحبشة ، وعصب : ميناء في آخر الجنوب قرب عدول من أرض الدناكل .
وهذا الإقليم – لو تحرر واستقل – حجب الأحباش عن البحر الأحمر نهائيا ، وهذا من أهم الأسباب التي تجعلهم يتمسكون بأريتريا وقد أصبحت مشكلة أريتريا من المشاكل العربية الحادة تأتي بعد مشكلة فلسطين .
ومن الأقاليم المطالب بها من الإمبراطورية : إقليم أوجادين أو الصومال الغربي الذي تطالب به الصومال ، ومن أهم مقاطعاته مدينة " هرر " المشهورة بإنتاج البن الهرري . وهذا الإقليم كثير المحاصيل ، والأحباش يتمسكون به بشدة ويقاتلون دونه بضراوة ، ولا يقبلون فيه ولا في أريتريا مفاوضات . تقع " هرر " في الهضبة المرتفعة غرب باب المندب .
( الْحِجْرُ )
جاء في النص : قال ابن إسحاق : وكان عمر إسماعيل – فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ، ثم مات – رحمة الله وبركاته عليه – ودفن في " الحجر " مع أمه هاجر .
قلت : ولا زال الحجر يعرف ، ويسمى : حجر إسماعيل . هو فناء من الكعبة في شقها الشامي محوط بجدار ارتفاعه أقل من نصف قامة ، ويفتي العلماء أن صلاة الفريضة لا تصح فيه ، ذلك أنه من الكعبة نفسها فيما يروى في تأريخ مكة وحديث عن عائشة ; قالوا : إن قريشا عندما أعادت بناء الكعبة قبيل البعثة قصرت بهم النفقة فتركوا الحجر ، ثم حجروا عليه بذلك الجدار لئلا يختلط بصحن المطاف .
ولكن النص المتقدم يدل على أن الحجر كان معروفا في زمن إسماعيل ، وأنه دفن فيه بعد بناء الكعبة .
( الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ )
جاء في قول أبي طالب في لاميته التي ينحي فيها باللائمة على قريش ويقسم – وهو مشرك – بكل ما يراه عزيزا أنه لا ولن يترك محمدا ، فيقول :
وبالبيت حق البيت من بطن مكة **** وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجـــر المسود إذ يمسحونه **** إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
قلت : قال هنا ، المسود وهو يقصد الأسود ، والحجر الأسود بالكعبة لا يحتاج إلى تعريف .
( الْحُجُونُ )
بضم الحاء المهملة والجيم ، وآخره نون : جاء في قول عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض الجرهمي عندما جلت جرهم عن مكة :
كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفا ****أنيس ولم يسمر بمكة سامر
من قصيدة طويلة مشهورة .
الحجون الثنية التي تفضي على مقبرة المعلاة ، والمقبرة عن يمينها وشمالها مما يلي الأبطح ، تسمى الثنية اليوم " ريع الحجون " والبادية تسميه ريع الحجول .
" وانظر معجم معالم الحجاز " .
( الْحُدَيْبِيَةُ )
بضم الحاء المهملة ، وتشدد ياؤها وتخفف .
جاءت في قول ابن إسحاق : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالا ، وساق معه الهدي سبعين بدنة .
قلت : الحديبية على ( 22 ) كيلا غرب مكة على طريق جدة القديم ، وهو الطريق الذي يمر بالحديبية ثم حداء – على بضع أكيال من الحديبية – ثم على بحرة – منتصف الطريق – ثم على أم السلم فجدة . بها مسجد الشجرة ، قيل إن مكانه لم يثبت ، وهو اليوم مهدم ، وبها بويتات يعدها الناظر ، ومسجد غير مسجد الشجرة يصلى فيه ، وبها مخفر للشرطة ، وهي خارج الحرم غير بعيدة منه ، على مرأى ، وملاكها الأشراف ذوو ناصر .
( الْحَزْوَرَةُ )
بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي : تتردد كثيرا في السيرة ، وفي كتب الجغرافيا والتأريخ ، وهي ما يعرف اليوم باسم القشاشية ، مرتفع يقابل المسعى من مطلع الشمس كان ولا يزال سوقا من أسواق مكة ،
وكانت الحزورة تلا مرتفعا ، وهي كذلك اليوم غير أن ظهرها معمور بشوارع تجارية كشارع الصوغ ومبيعات الحقائب والحرم ونحوها .
( الْحِسَاءُ )
كأنه جمع حسي ، وهو الماء القليل ، جاء في قول عبد الله بن رواحة :
إذا أديتني وحملت رحلي ***مسيرة أربع بعد الحساء
فشــأنك أنعم وخــلاك ذم ***ولا أرجع إلى أهلي ورائي
قلت : لم يأت فيه شارح السيرة بشيء ، وجاء ياقوت بذكر حساءات لا أرى ابن رواحة يقصدها ، ذلك أن ابن رواحة قال شعره هذا بعد أن سار ليلة من المدينة في طريق الشام في غزوة مؤتة ، وهذا يعني أنه يقصد موضعا قرب المدينة .
ويوجد اليوم مكان يسمى " الحسا " جنوب المدينة على ( 15 ) كيلا ، وهو جزع من عقيق المدينة ، ذو زراعة ونزل .
وبيت ابن رواحة : " إذا أديتني وحملت رحلي " رواه ياقوت : ( إذا بلغتني . إلخ )
وهناك قرية بالأردن شمال معان تسمى " الحسا " وتقع شرقي مؤتة ، ولكن هذه أيضا لا أعتقد أن ابن رواحة يقصدها لأن مسيرة أربعا وراءها لا معنى له .
( الْحَضْرُ )
بفتح الحاء المهملة ، وسكون الضاد المعجمة . جاء في النص : والحضر : حصن عظيم كالمدينة ، كان على شاطئ الفرات .
وتحدث عبد الجبار الراوي في كتابه " البادية " فقال : قصر الحضر في الجزيرة ، بناء شيد من الحجارة الصماء على ضفة الثرثار اليمنى ، في موقع متوسط بين دجلة والفرات ، ولا شك أن مدينتي الموصل وتكريت من المدن القديمة المعاصرة لهذا البناء ، ثم يقول : لم يبق الآن من هذا البناء إلا جدران قائمة وسقوف مائلة للانهدام ،
وبهذا نرى أن موقع الحضر في شمال العراق ، في الجزيرة الفراتية .
وللحضر قصة ذكرها المؤرخون نأتي بملخص لها للعبرة والاعتبار ، تقول القصة : كان الضيزن بن جلهمة القضاعي ملك الحضر ، فأغار على سابور الجنود ملك الفرس فسبى أخته ، فغزاه سابور وحاصره سنتين لا يقدر عليه ، وذات يوم أشرفت النضيرة بنت الضيزن على سابور فنظر كل منهما إلى الآخر فأعجبها وأعجبته ، فأرسلت إليه : ما لي عندك إن أنا فتحت لك الحضر ؟ فوعدها أن يتزوجها ويرفعها على نسائه . فدلته على ذلك ، ففتح الحضر ، وقتل أباها وخرب الحصن وتزوجها .
ولما قفل عائدا بات في الطريق فلم تنم النضيرة تلك الليلة ، وادعت خشونة الفراش فنظر فإذا تحتها ورقة آس قد أثرت في جلدها ، فقال لها : بم كان يغذوك أبوك ؟ قالت : بشهد الأبكار من النحل ولباب البر ومخ الثنيات .
فقال سابور : أنت ما وفيت لأبيك على هذا الصنيع ، فكيف تكون حالك معي ؟ فبنى لها بناء عاليا فقال لها : ألم أرفعك فوق نسائي ؟ قالت : بلى . فأمر أن تربط ذوائب شعرها في ذنبي فرسين جموحين ثم نفرا فقطعاها إربا
( الْحَطِيمُ )
: بمعنى المحطوم ، من باب فعيل بمعنى مفعول :
جاء في قول مسافع بن عبد مناف الجمحي يحرض بني مالك بن كنانة على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
يا مال ، مال الحسب المقــدم **** أنشد ذا القربى وذا التذمم
من كان ذا رحم ومن لم يرحم **** الحلف وسط البلد المحرم
عند حطيم الكعبة المعظم
قلت : اختلف في الحطيم وموقعه ، وخير الأقوال وأصحها أنه ما بين الحجر الأسود إلى زمزم إلى مقام إبراهيم .
( الْحَمْشُ )
بإهمال الحاء وسكون الميم : جاء في ذكر غزوة الحديبية ، فقال ابن إسحاق يصف طريقه إلى الحديبية : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : اسلكوا ذات اليمين بين ظهراني الحمش في طريق تخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة .
قلت في هذه الرواية :
1 – الحمش من تحديده هنا أنه شمال ثنية المرار ، وأن السائر فيه لا يلبث أن يدخل تلك الثنية . وأرى صوابه ( الحمض ) لأن تلك الأرض تسمى الحمض لكثرة نبات العصلاء فيها .
2 – ثنية المرار : إذا وقفت في الحديبية ونظرت شمالا عدلا رأيت جبلين بارزين بينك وبينهما وادي مر الظهران ، بينهما فج واسع ، هذا الفج هو ثنية المرار ، وتعرف اليوم بفج الكريمي ، وقوله : مهبط الحديبية غير واضح ، فالحديبية بئر يعرف اليوم موقعها بالشميسي .
( الْحَنَّانُ )
ككثير الحنين :
رمل يشرف على قرية بدر من الشمال ، وتسميه العامة " قوز علي " . وقد ورد في النص الذي ذكرناه في " الدبة " .
( الْحِيرَةُ )
بكسر الحاء المهملة .
مدينة كانت على شاطئ الفرات الغربي ، كانت عاصمة ملوك لخم المشهورين بالمناذرة .
جاءت في النص : قال ابن إسحاق : وأما قنص ابن معد فهلكت بقيتهم – فيما يزعم نساب معد – وكان منهم النعمان بن المنذر ملك الحيرة .
وكان لمعد بن عدنان أربعة من الولد : نزار بن معد ، وإليه تنتسب النزارية ، وقضاعة بن معد – على خلاف في نسب قضاعة ، ، وقنص ويقال : قنص بن معد ، وإياد بن معد ، والذي لا خلاف فيه هو أن نزار بن معد ، أما بقية أبناء معد ففيهم خلاف ، ليس هذا موضعه ، وقد احتلت اليوم مدينة النجف موقع الحيرة على أميال من آثار الكوفة .
( الْخَابُورُ )
جاء في الشعر الذي ذكرناه في دجلة ، وهو من الأنهار التي تصب في الفرات في وسط الجزيرة الفراتية ، وعليه مدن سورية وقرى ، من أهمها مدينة الحسكة ، وهناك خابور آخر ذكره المسعودي فقال : يخرج من أرض أرمينية ويصب في دجلة في أرض الموصل .
ولم يكن المسعودي واهما فذاك يعرف بالخابور الصغير ، وهو غير هذا .فالذي يصب في دجلة وفي أرض الموصل ومنشغه من أرمينية هو نهر " الزاب الكبير " . أما الخابور الكبير فقد وصفه ياقوت بصورته اليوم فقال : يخرج من " رأس عين " هي رأسه اليوم ، ويصب في الفرات . وهكذا فإن الخابور هذا يتعلق رأسه اليوم في رأس عين أو قربها ، وهي بلدة سورية على الحدود مع تركية ، ثم يصب في الفرات كما قدمنا ، وهو أكبر روافده على الإطلاق ، وعليه حياة وسط الجزيرة .
( الْخَرَّارُ )
كفعال من خرير الماء ونحوه :
جاء في ذكر هجرته صلى الله عليه وسلم : ثم أجاز بهما من مكانه ذلك ، فسلك بهما الخرار ثم سلك بهما ثنية المرة ، ثم سلك بهما لقفا .
قلت : الخرار ، واد ، هو وادي الجحفة وغدير خم ، يقع شرق رابغ على قرابة ( 25 ) كيلا عند غدير خم ، وقد أوفيت الحديث عنه في " معجم معالم الحجاز " .
( الْخَنْدَقُ )
جاء ذكره في غزوة الخندق ، وتسمى غزوة الأحزاب ، ذلك أن كفار قريش والأعراب واليهود تحزبوا واتفقوا على غزو المدينة سنة خمس للهجرة ، وقيل سنة أربع .
فلما دنوا من المدينة وأحاطوا بها هم ذلك المسلمين وبلغت القلوب الحناجر ، فأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عيه وسلم بحفر خندق حول المدينة ، فكان .
ولما كانت المدينة المنورة محاطة بالحرار من ثلاث جهات ، فإن الجهة الوحيدة التي تصلح أن يحشد فيها المشركون هي الجهة الشمالية الغربية ، بين سلع وأسفل حرة الوبرة ، وتسمى اليوم حرة المدينة الغربية ، والجهة الشمالية الشرقية بين سلع أيضا وحرة واقم ، فحفر الخندق بين الحرتين مطيفا بجبل سلع من ورائه ، بعمق يصعب على العدو أن يخرج منه لو هبطه ، واتساع يصعب على خيل المشركين قفزه . ودارت الدائرة على المشركين ، فنصر الله عبده وهزم الأحزاب وحده . وانظر " مجمع الأسيال " .
( الْخَوَرْنَقُ )
بفتح الخاء المعجمة والواو ، وسكون الراء وفتح النون ، وآخره قاف : جاء في قول أعشى بني قيس ، أو قول الأسود بن يعفر النهشلي ، قال ابن إسحاق هو للأعشى ، وعقب عليه ابن هشام بأنه للأسود :
بين الخورنق والسدير وبارق
والبيت ذي الكعبات من سنداد
ويقال : البيت ذي الشرفات من سنداد
وكان الخورنق قصرا بالحيرة من ظاهرها بين نهر الفرات ، والبر ، يشرف على النجف . بناه – على أرجح ما قيل – النعمان بن امرئ القيس بن عمرو اللخمي ، وقد حكم ثمانين سنة ، وكان الذي بنى الخورنق رجل من الروم يقال له سنمار ، بناه في ستين سنة ، فلما فرغ من بنائه ونظر إليه النعمان فأعجبه قال له سنمار : إني أعرف موضع آجرة لو زالت انقض القصر من أساسه ! فقال له : أيعرفها أحد غيرك ؟ قال : لا . قال : لأدعنها وما يعرفها أحد فأمر به فقذف به من أعلى القصر فقضى . فضربت العرب بفعله المثل ، فقيل : جزاء سنمار . لمن يجازي على الفعل الحسن بالسوء " ملخص مما ذكر في معجم البلدان " .
وفي " مروج الذهب " : ملك النعمان بن امرئ القيس – قاتل الفرس – خمسا وستين سنة . ولم يذكر خورنق عند ذكر النعمان ، وما ذكره صاحب " البادية " : اللواء عبد الجبار الراوي ، ولكني لا أعتقد اختفاءه تماما ، فلعله – اليوم – معلوم من آثار الحيرة . وكان الخورنق لا يذكر إلا مع السدير ، فيقال : الخورنق والسدير ، ولا يذكران إلا ومعهما الفخر والأبهة ، ولما فتح المسلمون الحيرة قال عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة ، وهو نصراني :
أبعد المنذرين أرى سواما تروح بالخورنق والسدير
تحاماه فـوارس كــل حي **** مخافة ضيغم عالي الزئير
فصرنابعد هلك أبي قبيس **** كمثل الشاء في اليوم المطير
تقسمنا القبائـل من معــد **** كأنا بعض أجزاء الجزور
وفي قصة سنمار وهلاكه بعد بناء الخورنق ، يقول شاعر :
جزاني ، جزاه الله شر جزائــه **** جزاء سنمار ، وما كان ذا ذنب
سوى رمه البنيان ستين حجة **** يعل عليه بالقراميد والسكب
قلنا : بلى إن لسنمار لذنبا ، وأنه كان يضمر غدرا ، وإلا ما بال بنائه العجيب يتوقف مصيره على آجرة واحدة ؟ ! وفي الخورنق والسدير يقول علي بن محمد الكوفي :
كم وقفة لك بالخورنق ما توازى بالمواقف
بين الغدير إلى السدير **** إلى ديارات الأساقف
ويقول عدي بن زيد : وتبين رب الخورنق ، إذ أشرف يوما ، وللهدى تفكير سره ما رأى وكثرة ما يملك والبحر معرضا ، والسدير " عن معجم البلدان " .
على وزن الحيف ، إلا أن خاءه معجمة : جاء في قول موهب بن رياح في قتل أبي بصير العامري :
هم منعوا الظواهر غير شك إلى حيث البواطن فالعوادي
بكــل طــمرة وبكل نـهــد **** سواهم قد طوين من الطراد
لهم بالخيف قد علمت معد ****رواق المجد رفع بالعماد
قلت : الخيف من منى ما زال معروفا ، والشهرة لمسجد الخيف يصلي فيه الإمام يوم النحر ، وهو مسجد عامر جدد تجديدات عديدة على مر العصور .
( الدَّارُومُ )
على صيغة فاعول من ( درم ) : جاء في ذكر بعث أسامة إلى الروم ، فقال ابن إسحاق : وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين .
قلت : لا يعرف الداروم اليوم بالأردن ولا بفلسطين .
ويقول ياقوت : والداروم : قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر ، الواقف فيها يرى البحر إلا أن بينها وبين البحر مقدار فرسخ ، خربها صلاح الدين لما ملك الساحل في سنة 584 .
قلت : وياقوت قد مر من هنا في إحدى رحلاته ، ولا شك أنه شاهدها . ويبدو لي أنها ما يعرف اليوم بدير البلح ، خاصة أن ياقوت الذي ذكر الداروم لم يذكر دير البلح ، وهي بلدة على الطريق من غزة إلى مصر ، وهي قريبة من
غزة .
( الرَّبَذَةُ )
بالراء والموحدة والذال المهملة ، وبالتحريك ، جاء في قول ابن إسحاق : لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة ، وأصابه بها قدره ، لم يكن معه إلا امرأته وغلامه ، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ، ثم ضعاني على قارعة الطريق ، فأول ركب يمر بكم فقولوا : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعينونا على دفنه .
قلت : كانت الربذة فلاة بأطرف الحجاز مما يلي نجدا ، وهناك من عدها في ( شرف نجد ) ولما كانت ولاية عمر حماها لإبل الصدقة ، ثم قامت فيها محطة صارت بلدة على طريق حاج البصرة .
وأورد ياقوت في معجم البلدان : أن الربذة خربت سنة 319 ه ، بسبب حروب كانت بينهم وبين أهل ضرية .
ضرية لا زالت معروفة في شرف نجد ) وأن أهل ضرية استعانوا بالقرامطة على أهل الربذة ، فارتحل أهل الربذة فخربت ، وكانت من أحسن المنازل في طريق مكة .
ثم يقول – عن نصر – : الربذة من منازل الحاج بين السليلة والعمق . وهذا وهم من نصر ، فالربذة تقع بين السليلة وماوان ، وكلاهما شمال العمق ، على طريق الحاج المعروف بدرب زبيدة ، وهي اليوم خراب وبقايا آثار برك في الشرق إلى الجنوب من بلدة الحناكية .
والحناكية : بلدة على مائة كيل من المدينة على طريق القصيم ، وتبعد الربذة شمال مهد الذهب ( معدن بني سليم سابقا ) ، على ( 150 ) كيلا مقاسة على الخريطة ، ومياهها تتجه إلى الغرب فتصب في العقيق الشرقي .
وقول ياقوت : إن الربذة تخربت سنة ( 319 ) ، لا يعني أنها اندثرت من ذلك التاريخ ، إذ وجودها على الطريق التي ظلت هي طريق حاج العراق حتى منتصف القرن المنصرم يجعلها عامرة ولو بعض الشيء ، لأن هذا الحاج لا بد أن يحط بها ، إذ أنها تأتي بعد النقرة وماوان ، ثم تأتي بعدها السليلة ، وكل من هذه المحطات تبعد عن التي تليها بمرحلة ، أي من المتعذر – مثلا – أن يرحل الحاج من ماوان فيتجاوز الربذة ويحط في السليلة . غير أن المحير أن اسم الربذة قد اختفى ، فالأهالي لا يعرفون الربذة ، ولكن يعرفون بركة أبو سليم . فالاسم – إذا – قد تغير من زمن بعيد
( الرَّجِيعُ )
بفتح الراء ، وكسر الجيم ، وآخره عين مهملة : جاء في ذكر يوم الرجيع ، حيث قتلت الهون والقارة النفر من الصحابة الذين بعثهم معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم : مرثد بن أبي مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وعبد الله بن طارق ، فقتلتهم غدرا على ماء الرجيع بالهدة .
قلت : الرجيع : ماء يعرف اليوم باسم " الوطية " يقع شمال مكة على قرابة سبعين كيلا ، قبيل عسفان إلى اليمين ، في طرف شامية ابن حمادي من الشمال ، بسفح حرة بني جابر الجنوبي . وشامية ابن حمادي هي : أسفل الهدة ، والهدة : واد يمر شمال مكة ، وعلى يمين الجادة إلى عسفان ، ويدفع سيله في البحر على ذهبان ، وقد أوفيت البحث عنه وعن الرجيع في " معجم معالم الحجاز " . ورجيع آخر : ذكر في عصر .
( الرَّدْمُ )
كالذي قبله : جاء في قول ابن إسحاق : وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة ، أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا ، حتى أثخنوهم في يوم كان يقال له : يوم الردم .
قلت : هذا موضع من ديار مراد ، وديار مراد ، : كانت تمتد من نجران جنوبا أو قربه إلى أطراف نجد الغربية الجنوبية ، حيث كان لهم وادي تثليث .
ويبدو أن سبب تسميته كسبب تسمية الذي قبله ، فهو كاسم المقبرة ، . وليس علما على موضع بعينه . وقد يأتي الردم عند العرب بمعنى السد الذي يحجز الماء ، وأهل الحجاز اليوم تقول . العقم .
( الرَّوْحَاءُ )
بفتح الراء وسكون الواو والحاء مهملة ، على زنة فعلاء : هي بئر الروحاء ، ويقول الناس اليوم : " بير الرحا " و " بير الراحة " وهما من تحريفات العوام .
وردت في النص المقدم في تربان ، وحددنا مسافة الطريق منها إلى المدينة في " السيالة " . وقد ظلت الروحاء أو بئر الروحاء ، محطة عامرة على مر العصور ، ولما كثر الحاج شاركتها بلدة " المسيجيد " المعروفة قديما بالمنصرف . ولما جاءت السيارات خف أمر الروحاء وتقدمت جارتها فصارت بلدة عامرة ، وتوجد اليوم في الروحاء مقاه وحوانيت بسيطة ، ويحرص إخواننا المغاربة على التروي من ماء بئر الروحاء . وكانت بئرها تسمى " سجسج " .
( السَّافِلَةُ )
أسافل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد كان أعلاها يسمى العالية ، وأسفلها يسمى السافلة ، وهي قاعدة عند العرب ، فمكة يسمى أعلاها المعلاة ، وأسفلها المسفلة .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زيد بن حارثة إلى أهل السافلة يبشرهم بنصر الله يوم بدر .
( السَّدِيرُ )
ككبير : موضع بالحيرة لا يكاد يذكر إلا مع الخورنق ، ولذا أوردنا النص هناك ، ومعظم الشواهد ، لأنها مشتركة ، ويقال فيه : إنه قصر له ثلاث قباب قريب من الخورنق . وقيل : بل نهر قرب الخورنق .
وقيل : السدير ما بين نهر الحيرة إلى النجف إلى كسكر . وهي مساحة تحيط بالكوفة وتشمل ما بين دجلة والفرات من شرقي الكوفة إلى واسط ، وهي غيوط كالليل الداجي بين البصرة وبغداد ، وإلى بغداد أقرب ، أي مساحة من الأرض الزراعية يشرف عليها الخورنق ، فإذا كانت كذلك فإن صاحب الخورنق يملكها ، وإنها بكرمها تضاهي الخورنق بشموخه ، وأن مال السدير كان يجبى للخورنق . وأنا أميل إلى هذا التحديد لأن تلك الأرض بخضرتها الداجية تشبه الليل السادر ، فهي سدير بمعنى سادر ، فأدخل عليها الألف واللام للتعريف والتمييز .
( السِّرُّ )
بلفظ سر الإنسان وهو ما يكتمه ويخفيه : جاء في قول رزاح بن ربيع أخي قصي لأمه :
جمعنا من السر من أشمذين ومن كل حي جمعنا قبيلا
من قصيدة طويلة له يذكر فيها نجدة قضاعة – قوم رزاح – لقصي في حربه مع خزاعة ، يذكر رزاح في هذه القصيدة أن قيامه وقومه كان من السر من أشمذين ، وعدد مراحل الطريق إلى مكة : وفي هذا الكتاب أبيات متفرقة من القصيدة . قلت . أشمذين ما زالا معروفين ، جبل ذو رأسين يشرف على الصلصلة من الجنوب الغربي : والصلصلة على ( 118 ) كيلا من المدينة على طريق خيبر ، ولم يذكر أحد من الجغرافيين السر هذا الذي قرنه الشاعر مع أشمذين ، إنما هناك السرير ، كان أحد أودية خيبر ، ويطلق الاسم اليوم على أكمة بوادي الدوم ثم عمم على ذلك الوادي ، وهو يجاور أشمذين ، ويبدو أن السياق لم يستقم بالسرير فعدل عنه الشاعر إلى السر ، فهو إذا السرير الموضح آنفا .
( السَّرَاةُ )
بسين مفتوحة وراء وآخره تاء مربوطة : جاءت في النص : ثم ارتحلوا عنهم – أي عمرو بن عامر ومعه الأزد – فتفرقوا في البلدان ، فنزل آل جفنة الشام ، ونزلت الأوس والخزرج يثرب ، ونزلت خزاعة مرا ، ونزلت أزد السراة – السراة ، ونزلت أزد عمان – عمان .
السراة في هذا النص هي المنطقة الجبلية الواقعة جنوب الطائف إلى قرب أبها ، وما زالت قبائل الأزد تنتشر فيها ، وتتميز بالكرم والشجاعة والفصاحة . وإذا أطلقت السراة في جزيرة العرب فإنما يقصد بها هذه المنطقة . أما قبائل السراة ، من أزد وخلافهم فقد تحدثت عنهم – مفصلا – في كتابي " بين مكة وحضرموت " .
( السُّرَيْرُ )
تصغير سر . جاء ذكره في غزوة خيبر ، حيث قال : وكان وادياها وادي السريرة – كذا بزيادة الهاء – ووادي خاص ، وهما اللذان قسمت عليهما خيبر .
قلت : السريرة ، صوابه السرير ، من دون هاء ، وهو موضع ما زال معروفا بوادي الغرس ، أما خاص أو خلص – كما ذكر بعض المؤرخين – فهو إما وادي الصوير أو أبي وشيع ، وهما الواديان الرئيسان اليوم في خيبر .
وفي مكان آخر يقول ابن إسحاق : الكتيبة ، وهي وادي خاص . قلت : هذا ما يعرف اليوم باسم " أبو وشيع " واد من واديين هما عمود أودية خيبر ، هذا واحد والثاني الصوير . ولعل السرير وخاصا ، هما الصوير وأبو وشيع ، فهما واديا خيبر إلى يومنا هذا .
( السُّنْحُ )
بضم السين المهملة وسكون النون وآخره حاء مهملة : جاء في ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أبا بكر كان عند زوجته بنت خارجة ، بالسنح
قلت : لم يحدد صاحب السيرة – كعادته – موضع السنح ، غير أن نصوص ما تقدم ذكرت أنه من عوالي المدينة ، وقيل : بينه وبين منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ميل ، وإنه من منازل بني الحارث بن الخزرج ، ومنازل بني الحارث كانت في الشمال والشمال الشرقي من المسجد النبوي ، أي إن السنح هذا ليس بعيدا من العريض المعروف اليوم ، بينه وبين المدينة ; وكل هذه الأرض قد عمرت اليوم وصارت أحياء من المدينة المنورة .
( السَّيَالَةِ )
بفتح السين ، ومثناة تحت مخففة وألف ثم لام ، وآخره هاء :
وردت في النص الذي قدمناه في تربان ، وهي محطة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم اتخذها الحاج محطة ، فظلت عامرة حتى قضي على قوافل الجمال ، وقد غير اسمها فسميت " بئار الصفا " لأن آبارها منحورة في صخر ، وقد أطلق عليها " بئر مرزوق " وما زالت آثار مبانيها ماثلة ، وآبارها يورد بعضها . تبعد السيالة ( 47 ) كيلا عن المدينة على الطريق الذي مر في تربان ، ويأخذ الطريق منها إلى الروحاء على ( 75 ) كيلا من المدينة ، فالسيالة : المرحلة الأولى ، والروحاء : المرحلة الثانية
( الشَّامُ )
يتردد الشام كثيرا في كتب السير والمغازي ، وله ثلاثة اصطلاحات : الشام في عرف العرب كل ما هو في جهة الشمال ، والشام في عرف بعض العامة هو دمشق فحسب ، أما الشام تاريخيا فيشمل : سورية والأردن ولبنان وفلسطين ، وهذه الأقطار تسمى أيضا – سورية الكبرى ، وهي تسمية متأخرة .
كان أول دخول المسلمين الشام زمن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة – وستأتي – ثم افتتحوا كل بلاد الشام في زمن عمر ، والشام اليوم من أعمر بلاد العرب ، ذات قرى متراصة يكاد بعضها يمس بعضا ، ذات أنهار جارية ومزارع خضرة نضرة ، وأهم مدنها : القدس الشريف ، المحتل من قبل الصهاينة الأشرار ، وعمان : عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية ، ودمشق : عاصمة الجمهورية السورية ، وبيروت عاصمة لبنان . وعشرات المدن كالعقبة وأربد ونابلس وحماة وحمص وحلب وطرابلس وصور وصيدا ويافا وحيفا ، وغيرها كثير .
( الشَّظَاةُ )
بفتح الشين ، والظاء معجمة : جاءت في قول عباس بن مرادس السلمي :
فإنك عمري هل أريك ظعائنا **** سلكن على ركن الشظاة فتيأبا
عليهن عين من ظباء تبالة **** أوانس يصبين الحليم المحربا
قلت : ورد البيت هنا ( . . . الشطاة فتيأبا ) بإهمال الطاء . وهو تصحيف ، فالمقصود الشظاة ، والشطاة : صدر وادي قناة ، إذا تجاوز سد العاقول ، سمي الشظاة إلى أن يقبل على أحد ، ثم يسمى قناة حتى يجتمع بالعقيق وبطحان ، ثم يسمى إضما . وهذه مسميات قديمة لا تكاد تعرف اليوم ، فالشظاة وقناة ، يسمى اليوم وادي العيون ، وقد يسمى أعلاه وادي العاقول ، وإذا اجتمعت أودية المدينة سمي " الخليل " فإذا وصل إلى الجسر الذي عند مصب مخيط ، سمي وادي الحمض إلى البحر .
( الشِّعْبُ )
شعب أحد :
جاء في النص : ومضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي إلى الجبل ، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد .
قلت : الشعب ، ما زال معروفا ، يرى من مشهد حمزة رضي الله عنه ومن جبل عينين ، رأي العين ، ينقض من جبل أحد إلى ضفة قناة اليمن ، وفيه المهراس .
( الشَّوْطُ )
جاء في النص . حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد ، انخذل عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس .
قلت : مكانها بين وادي قناة وبين المدينة من شرقي السبخة ، ومن أسفل الحرة الشرقية ، وهناك كان يجري سباق الخيل ، ولعل لهذا الاسم علاقة به . ولم يعد الاسم معروفا اليوم .
( الصَّفْرَاءُ )
من اللون الأصفر :
جاءت في قول هند بنت أثاثة ترثي عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب :
لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا **** وحلما أصيلا وافر اللب والعقل
عبــيدة فابــكيه لأضــياف غــربة ****وأرملة تهوي لأشعث كالجذل
قلت : كانت الصفراء قرية ، تعرف اليوم باسم الواسطة ، ثم أعطت اسمها لوادي يليل ، وهذا العطاء قديم جدا حيث نجد مضيق الصفراء وغيره ، وكأن الاسم أصيل للوادي وأن القرية كانت قرية الصفراء ، غير أن الخبر الوارد في غزاة بدر سمى القرية الصفراء ، وهو أول خبر عنها وعن الوادي .
ووادي الصفراء من أودية الحجاز الفحول ، كثير القرى كثير الخيوف ، وإن كان أكثرها اندثر اليوم ، إذا خرجت من المدينة فتجاوزت الفريش فأنت في أول نواشغ وادي الصفراء ، ثم تسير فيه مارا بالمسيجيد والخيف والواسطة حتى تتجاوز بدرا ، أي إنه يلقاك على ( 51 ) كيلا من المدينة ، ثم يفارقك على ( 163 ) كيلا منها . ثم يدفع في البحر على آثار مدينة الجار التأريخية . وسكان هذا الوادي اليوم بنو سالم من حرب ، لا يخالطهم فيه إلا نزيل . وكان قديما لغفار من كنانة ، ويبدو أن بني غفار انصهرت في حرب ، وكثير من القبائل تفعل ذلك حفاظا على أوطانها وأملاكها .
( الصَّمَّانُ )
جمع على صيغة التثنية : جاء في قول عباس بن مرداس السلمي :
يا بعد منزل من ترجو مودته ****ومن أتى دونه الصمان فالحفر
في هذا النص :
الصمان : أرض من أسافل نجد بين الدهناء وساحل الخليج ، ذات حزوم وقففة صلبة ، وهي من أشهر مرابع العرب قديما وحديثا ، وهي تمتد محاذية لكل من الدهناء وساحل الخليج غير أنها أقصر منهما ، وهي في الوسط ومياهها تنحدر إلى الخليج .
2 – الحفر : بالحاء المهملة والفاء وآخره راء ، محركا : واد كان يسمى حفر الباطن في الشمال الشرقي من نجد ، إذا فاض وادي الرمة اتصل به ، ويقال : إن ماء الحفر إذا أفاض دفع في الكويت ، وقد قامت في ذلك الموضع مدينة في هذا العصر ، سميت " مدينة حفر الباطن " ويقال : مدينة الحفر .
( الصَّمْغَةُ )
جاءت في ذكر المشركين يوم أحد ، قال : قد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة ، من قناة للمسلمين .
قلت : تعرف اليوم بالعيون ، وهي أرض زراعية كثيرة العيون والنخل ، إذا تجاوز قناة مشهد حمزة ، دفع في الصمغة .
( الصَّوْرَانِ )
تثنية صور ، وهو عند أهل النخل الحشوش المتداخلة : جاء في ذكر غزوة بني قريظة ، قال : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة .
قلت : موقع الصورين قرب العوالي مما يلي المدينة ، ولعمر بن أبي ربيعة فيها أبيات ، في قصة ليس في هذا الكتاب موضعها .
( الطَّائِفِ )
عقيق الطائف : جاء في النص : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الطائف يعني مال بني الأسود بن مسعود – نازلا بواد يقال له العقيق .
قلت : إذا كان يقصد نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء حصاره الطائف ، فإنه لم يكن بالعقيق ، إنما كان بين الطائف ووج ، والطائف آنذاك كان إلى الجنوب مما يعرف اليوم بباب الريع إلى جنوب غربي مسجد ابن عباس ، وقد نصت نصوص كثيرة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نازلا في موضع مسجد عبد الله بن عباس اليوم . أما العقيق فواد إلى الشمال من الطائف ، ويعرف بعقيق الطائف ، وظل حتى أدركناه خارجا عن مدينة الطائف ، ولكنه اليوم دخل فيها ، ولا يمكن أن ينزل العقيق من يريد حصار الطائف ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء من الشمال ثم طوق الطائف من الجنوب ، والعقيق في الشمال ، ولو أراد أن ينزل بالعقيق لما تجشم هذا التطويق الذي استلزم مدة يومين على الأقل .
ولكن يظهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عندما انسحب عن الطائف نزل العقيق ، وكان مال بني الأسود لعله بوادي لقيم أو قربه ، فخافت ثقيف أن يقطع نخله . وبهذا تستقيم الرواية ، إذ أن رسول الله عندما انسحب كان طريقه على دحنا إلى الجعرانة ، وهذا يقتضي أن يكون سلك من الطائف على أسفل العقيق ثم على لقيم ثم على دحنا ثم على الثنايا التي ذكرنا فيما سبق ، ثم على حنين ثم على الجعرانة .
( الطُّورُ )
بضم الطاء المهملة وسكون الواو وآخره راء ، جاء في قصة قوم موسى ، وتردد في السيرة .
وهو طور سيناء ، وجبل سيناء ، وذكره الله في القرآن والطور وكتاب مسطور ، وشجرة تخرج من طور سيناء وهو جبل ما زال معروفا ، إذا وقفت في آخر شمال الحجاز رأيته شامخا ليس بينك وبينه غير خليج العقبة ، وبه بلدة عامرة اليوم تسمى " الطور " وقد احتله اليهود في سنة 1387 هـ 1967 م ، وهم يرفضون الجلاء عنه ، ويستميتون في التمسك به ، وكان قبل ذلك من أراضي مصر ، هو وكل صحراء سيناء " المحتلة اليوم " .
وفي اتفاقية صلح عقدت قبل سنوات بين مصر والعدو نص على أن تجلو إسرائيل عن كل سيناء بما فيها الطور في مدة لم يبق منها سوى عدد من الشهور ، فعسى أن يتم الجلاء قبل أن يتم طبع هذا الكتاب . وقد جلا الإسرائيليون عنه وعن كل سيناء ، في نيسان سنة 1982 م الموافق شهر رجب سنة 1402 ه
( الظُّرَيْبَةُ )
تصغير ظربة ، وبالظاء المعجمة : جاءت في قول أبان بن العاص حين أسلم أخواه :
ألا ليت ميتا بالظريبة شاهد **** لما يفتري في الدين عمرو وخالد
ثم يقول ابن إسحاق : الظريبة ، من ناحية الطائف .
وأقول : لا شك أن هذا تحريف " الضريبة " وهو تحريف سماعي وتصحيف إملائي . والضريبة : ميقات أهل العراق إلى عهد قريب ، وكان المكان يسمى ذات عرق ، والضريبة شعبة هناك ، فغلب اسم الضريبة واندثر اسم ذات عرق ، ولعل إحداهما أو كلاهما تمر في هذا الكتاب فنحددها بأدق من هذا . وقد مرا في كتابي " معالم مكة التاريخية والأثرية " .
( الْعَالِيَةُ )
إذا ذكرت في المدينة فهي أعلاها من حيث يأتي وادي بطحان ، ويطلق اليوم على تلك الجهات " العوالي " جمع عالية . جاء في السيرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية ، بفوز المسلمين في بدر .
( الْعَبَرُ )
عين مهملة وباء موحدة ثم راء ، وبالتحريك : جاء في قول ابن الذئبة الثقفي .
لعمرك ما للفتى من مفر **** مع الموت يلحقه والكبر
لعمرك ما للفتى صحــرة **** لعمرك ما إن له من وزر
أبعـــد قبائل مـن حمير **** أبيدوا صباحا بذات العبر
بألف ألــوف وحرابــة **** كمثل السماء قبيل المطر
يصم صياحهم المقربات **** وينفون من قاتلوا بالذفر
قلت : العبر : لا زال معروفا من أطراف حضرموت الشمالية الغربية ، يجتمع فيه حاج حضرموت ، ثم يسير بطرف رملة السبعتين إلى مأرب ، وانظر وصفا كاملا لطريق العبر في كتابي " بين مكة وحضرموت " . وأهل حضرموت يقولون : ( العبر ) بسكون الموحدة
( الْعَثَاعِثُ )
كأنها جمع عثعث : جاءت في قول ابن الزبعرى :
أمن رسم دار أقفرت بالعثاعث **** بكيت بعين دمعها غير لابث
قلت : عثعث ، اسم مرادف لاسم سليع بالمدينة ، وسليع أكمة صغيرة غرب سلع ، إذا كان الشعر موجها إلى أبي بكر – كما في السيرة – فأقرب مآله عثعث هذا ، أما إذا كان لمجرد مطابقة الروي فهناك أجبل ذكرت قرب حمى ضرية ، ذكرها المتقدمون . تسمى العثاعث . ولكني أرجح أن الشاعر جمع عثعثا بما حوله لمطابقة الروي .
عدن :
بالتحريك وآخره نون : جاءت في النص : قال : يليه إرم بن ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك أحدا منهم باليمن .
وهذا في قول سطيح لربيعة بن نصر ملك اليمن ، وإرم بن ذي يزن : سيف بن ذي يزن ، الذي طرد الحبش من اليمن . وعدن اليوم مدينة عظيمة على ساحل بحر العرب المتصل بالمحيط الهندي ، ولها خليج يعرف بخليج عدن ، يتصل رأسه الغربي برأس البحر الأحمر في مضيق باب المندب ، وكان يقال لها " عدن أبين " نسبة إلى مخلاف أبين المتقدم ، وكانت خضعت للاستعمار البريطاني ردحا من الزمن ، وكان الإنجليز لا يفكرون في الخروج منها ، ثم استقلت حضرموت وما تبعها من اليمن سنة 1389 ه فصارت عدن عاصمة هذا الجزء من اليمن ، فسمي " اليمن الجنوبي " .
( الْعِثْيَانَةُ )
بكسر العين المهملة ، وسكون المثلثة .
قلت : صوابه ، الغثريانة : فج من القاحة على الضفة اليسرى ، شمال شرقي السقيا " أم البرك اليوم " .
( الْعُدْوَةُ الْقُصْوَى )
قال ابن إسحاق : ومضت قريش – يعني يوم بدر – حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي ، خلف العقنقل وبطن الوادي ، وهو يليل ، بين بدر وبين العقنقل ، الكثيب الذي خلفه قريش ، والقلب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة .
قلت : العدوة القصوى والعقنقل ، جانب وادي يليل مما يلي مكة ، والعدوة الدنيا ، جانب وادي يليل مما يلي المدينة .
ولم يعد شيئا يعرف باسمه من هذه المسميات ، غير أن العارفين من أهل بدر يعرفون مواضعها ، وقوله : الكثيب . كذا في السيرة ، والكثيب معناه تل من الرمل ، وهذا غير موجود في العدوة القصوى ، إنما هناك أكمة أو حثمة ما زالت ماثلة ، والوصف ينطبق عليها .
( الْعِرَاقُ )
الإقليم المعروف من بلاد العرب . جاء في ذكر سرية زيد بن حارثة إلى ذي القردة – انظره – وتردد كثيرا في السيرة ، والعراق : هو البلاد التي يمر فيها نهرا دجلة والفرات ثم شط العرب إلى البحر ، وكان يقسم إلى عراق العرب ، وهو ما غرب دجلة والشط ، وعراق العجم ، وهو ما شرق دجلة والشط ، وعندما فتح المسلمون العراق في عهد عمر أصبح منطلقا لفتوحات عظيمة شملت فارس والسند وبعض بلاد الهند وأذربيجان وما وراء النهرين – سيحون وجيحون –
وعمر المسلمون مدينة الكوفة فاتخذها الإمام علي – كرم الله وجهه – عاصمة للخلافة ، ولما قامت الدولة العباسية اتخذت العراق مقرا لها وعمرت بغداد فكانت عاصمة دولة الإسلام ، ودام حكم بني العباس نيفا وخمس مائة سنة حتى انهارت دولتهم على أيدي التتار ، ثم اضمحل أمر العراق قرونا عديدة وظل الصراع عليه بين الترك والفرس ، حتى قامت الثورة العربية الكبرى سنة 1334 ه فانجلت عن تقسيم البلاد العربية إلى دويلات رأى الاستعمار مصلحته في تكوينها ، فتكونت مملكة العراق الهاشمية ، ملكها المرحوم فيصل بن الحسين بن علي ، ثم خلفه ابنه غازي ثم فيصل الثاني ابن غازي ، وفي سنة 1378 ه قامت الجمهورية العراقية الحالية على أثر انقلاب قام به الجيش ، وقتل الملك فيصل الثاني وولي عهده الأمير عبد الإله بن علي بن الحسين .
ويعتبر العراق من البلدان الغنية بثرواتها المائية والبترولية ، ولكن التقدم الذي حققه العراق في العهد الجمهوري ليس بحجم هذه الثروات .
( الْعَرْجُ )
بفتح العين المهملة وسكون الراء وآخره جيم : جاء في نص قدمناه في عسجد . وهو واد فحل من أودية الحجاز التهامية ، كان يطؤه طريق الحجاج من مكة إلى المدينة ، جنوب المدينة على ( 113 ) كيلا . وقد أفضنا في القول عنه في " معجم معالم الحجاز " .
( الْعِرْضُ )
جاء في شعر نسب لكعب بن مالك يرد فيه على هبيرة المخزومي :
نجالـــد لا تبقى علينا قبـيلـة ****من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا
ولما ابتنوا بالعرض قال سراتنا علام إذا لم نمنع العرض نزرع ؟
قلت : العرض هنا : وادي المدينة .
وهذا الشعر جاء في معجم البلدان . ولما هبطنا العرض قال سراتنا علام إذا لم نحفظ العرض نزرع ؟ ولم يسم الشاعر . وقال ما يفهم منه : أن كل واد شجير أو زراعي أو ذي قرى يسمى – في الحجاز – عرضا . وهذا هو معنى ما قدمنا من أن العرض عند أهل المدينة هو واديها حيث زروعهم وقراهم .
(الْعُرْفُ )
ذكر في العقيق . والأعراف في بلاد العرب كثيرة ، وهو اسم يطلق على كل جبل منقاد له سراة مستدقة تشبه عرف الحمار
( الْعُرَيْضُ )
بضم العين المهملة ، وفتح الراء ، وسكون المثناة التحتية ، وآخره ضاد معجمة : ناحية من المدينة في طرف حرة واقم ، شملها اليوم العمران ، ما زالت معروفة . جاء ذكرها في غارة أبي سفيان في غزوة السويق .
وكان ينسب إلى العريض هذا قوم من ولد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، يقال لهم العريضيون .
انظره في " معجم معالم الحجاز " وظهر في المخطط الذي نشرناه عن المدينة في هذا الكتاب .
( الْعُزَّى )
بضم العين المهملة ، وزاي مقصور ، الصنم المشهور : جاءت في النص : فكانت لقريش وبني كنانة العزى ، بنخلة ، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان ، من سليم ، حلفاء بني هاشم .
قلت : بنو شيبان بن جابر بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور ، وانظر عن سليم " معجم قبائل الحجاز " .
وموقع العزى معروف اليوم في فرعة سقام أحد روافد حراض ، وحراض هذا من روافد نخلة الشامية .
وقد أوفيت الحديث عنها في " معالم مكة وفي المعجم " . وهي التي قال فيها أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله مولانا ولا مولى لكم .
( الْعُصْبَةُ )
بضم العين المهملة ، وسكون الصاد المهملة أيضا وموحدة ثم تاء مربوطة : مكان كان من منازل بني جحجبا ، بالمدينة . قلت : كانت العصبة أرضا زراعية معروفة إلى عهد قريب ، وهي من جهات قباء مما يلي قربان ، أو كذا قيل لي .
( الْعَقَنْقَلُ )
بفتح العين والقاف وسكون النون وقاف أخرى مفتوحة أيضا وآخره لام :
جاء ذكره في غزوة بدر ، وفسر هناك بأنه كثيب يرى من ماء بدر ، وسألت شيخا ببدر : أين الكثيب ؟ قال : ذاك . وأشار إلى أكمة كالحثمة جنوبا من بدر ، رأي العين .
وهو الذي ذكره أمية بن أبي الصلت يرثي قتلى قريش :
ماذا ببدر فالعقنقل *** من مرازبة جحاجح
وما يعرف اليوم أحد اسم العقنقل إلا استنتاجا .
ومكانه بالعدوة القصوى ، والعدوة : جانب الوادي الأيسر . وقال حمزة بن مالك في يوم أحد :
ولقد إخال بذاك هندا بشرت **** لتميت داخل غصة لا تبرد
مما صبحنا بالعقنقل قومها **** يوما تغيب فيه عنها الأسعد
(الْعِيصُ )
بكسر العين ، ومثناة تحتية ساكنة وصاد مهملة ، جاء في النص : وبعث من مقامه ذلك ، حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، إلى سيف البحر من ناحية العيص .
قلت : العيص ، واد لجهينة بين المدينة والبحر ، يصب في إضم من اليسار من أطراف جبل الأجرد الغربية ومن الجبال المتصلة به ، ومن حرار تقع بين إضم وينبع ، وفيه عيون وقرى كثيرة ، وبه مركز إمارة ومدارس وشرطة ومحكمة شرعية .
( الْغَائِرُ )
من الغور ، وهو العمق في الأرض ونحوه : ريع يقع شمال ركوبة ، وقد مهد اليوم وعبرته السيارات .
( الْغَابَةُ )
كغابة الأشجار ونحوها :
جاءت في النص الذي ذكرناه في " ذي قرد " . وهي أرض من مقصر جبل أحد إذا أكنع في قناة إلى الشمال ، تشمل مدفع وادي النقمى في الخليل ، ويمكن اعتبار الخليل كله من الغابة ، والخليل : هو وادي المدينة بعد اجتماع : قناة وبطحان ، والعقيق .
( الْغَمْرَةُ )
بفتح الغين المعجمة ، وسكون الميم ، وبعد الراء تاء مربوطة : جاءت في قوله : وغزاة عكاشة بن محصن الغمرة .
قلت : هذا الاسم لا يدخل عليه الألف واللام ، فهو ( غمرة ) هي محطة من محطات الحاج العراقي قديما على الضفة الشرقية لوادي العقيق حين يمر بين عشيرة والمسلح شمال شرقي مكة على ست مراحل . وهذا عقيق عشيرة .
( الْغُمَيْصَاءُ )
تصغير ، غمصاء ، بالغين المعجمة : جاءت في قول أحد بني جذيمة من كنانة :
فكائن ترى يوم الغميصاء من فتى ****أصيب ولم يجرح وقد كان جارحا
وقول آخر منهم :
فلا قومنا ينهون عنا غواتهم ****ولا الداء من يوم الغميصاء ذاهب
وكان خالد بن الوليد أوقع ببني جذيمة من كنانة بالغميصاء من جنوب مكة بعد الفتح ، وتكلم المتكلمون في سبب هذه الوقعة وهوى خالد فيها ، ولم يحدد أحد الغميصاء مكة مكة الغميصاء
( الْفَاجَّةُ )
بعد الفاء والألف جيم مشددة ثم تاء مربوطة :
جاءت في ذكر هجرة النبي إلى المدينة ، وخلط المتقدمون بينها وبين القاحة ، بالقاف والحاء المهملة ، وهما متجاورتان . فالقاحة هي الوادي الرئيسي ، والفاجة ، رافد من روافده ، يصب فيه من الشرق ، يأتي من جبال قدس ، سكانه اللهبة من عوف من حرب
( الْفَرَمَا )
بفتح الفاء والراء معا مقصور :
جاء ذكرها مع ( أم العرب ) المتقدمة .
وكانت مدينة مصرية عامرة بها صنائع وتجارة .
ويعلق محقق السيرة فيقول :
الفرما أو الطينة : مدينة بمصر من شرق ، تبعد عن ساحل بحر الروم " البحر الأبيض " بقدر ميلين ، كان لها ميناء عامر ، ويصل إليها فرع من النيل مسمى باسمها اليوناني " بيلوزة " أو الطينة ، وكانت في عهد الفراعنة حصن مصر من جهة الشرق ، وتعرف الآن بتل الفرما ، ويقال : إن فيها قبر أم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وبها قبر جالينوس الحكيم ، وفيها ولد بطليموس القلوذي الفلكي المشهور ، صاحب كتاب المجسطي .
( فِلْسٌ )
بكسر الفاء ، وقيل بضمها .
قال ابن إسحاق : وكانت " فلس " لطيئ ومن يليها بجبلي طيئ ، يعني سلمى وأجأ . وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليا فهدمها ، فوجد فيها سيفين ، يقال لأحدهما : الرسوب ، وللآخر المخذم . فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوهبهما له ، فهما سيفا علي رضي الله عنه .
قلت : هذا الخبر روي في مناة ، وأتينا به في المعجم ، وجبلا طيئ هما اليوم جبلا شمر ، وقد يقال : جبل شمر ، ويقال : أجأ وسلمى ، ولا يقال : سلمى وأجأ .
والعرب يخضعون المعطوفات إلى نغمة موسيقية يجدونها في لغتهم لا علاقة لها بالأبجدية ، فهم يقولون – مثلا – : غامد وزهران ، ولا يقولون : زهران وغامد أبدا ، ويقولون : مكة والمدينة ، وحرب وجهينة ، ومصر والشام ، ويقولون : اليمن والشام . وهكذا دون النظر إلى الحروف . وشمر المنسوب إليها الجبلان هي فرع من طيئ ، وطيئ هاجرت إلى الجزيرة الفراتية ، فهي اليوم هناك في عدد وعدة . ولم يعد الفلس معروفا اليوم .
( فَيْفَاءُ الْخَبَارِ )
الأرض الفياح الواقعة بين الجماوات ، وتعرف اليوم بالدعيثة . بطحاء ابن أزهر : من فيفاء الخبار . ولا يعرفها أحد اليوم ولا المشترب .
الخلائق : أرض كانت تزرع بين فيفاء الخبار وملل ، ولا يعرف الاسم اليوم ، غير أن موضعها واضح ، وأرضه ما زالت صالحة للزرع ، إذا خرجت من ذي الحليفة تؤم مكة كانت على يمينك عن بعد .
شعبة عبد الله : هي اليوم إحدى مخيلصات ، معها ريع ينصب في مفيض وادي الضبوعة في ملل .
يليل : الوارد هنا صوابه ملل ، لأن يليل بعيدا من هنا ، ولأن الضبوعة تصب في ملل لا في يليل .
وملل : واد فحل ينقض من جبال قدس ، فيمر على نحو من أربعين كيلا جنوب المدينة ، فينضم إليه واديان ، هما : الفريش ، وتربان ، فإذا اجتمعت سمي المكان فرش ملل ، ثم يسير ملل حتى يصب في إضم " وادي الحمض اليوم " غرب المدينة .
الضبوعة : تلعة كبيرة تصب في ملل بعد الفرش من اليمن .
وذو العشيرة الوارد هنا : كان قرية عامرة بأسفل ينبع – ينبع النخل – ثم صارت محطة للحاج المصري هناك . وهي أول قرى ينبع النخل مما يلي الساحل ، وبها مسجد يقول بعض أهل ينبع : أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( الْقَاحَةُ )
245 – بعد القاف والألف حاء مهملة ، ثم تاء مربوطة : كثيرة الذكر في السيرة ، وردت في ذكر مهاجرته ، وحجه ، وجميع سفراته إلى مكة ، صلى الله عليه وسلم ، ذلك أنها على المحجة من درب الأنبياء . والقاحة : واد فحل من أودية الحجاز يقع أوله مما يلي المدينة على أربع مراحل ، ويسير فيه الطريق مرحلتين ، وفيه مدينة السقيا – سقيا
مزينة – ثم يجتمع بوادي الفرع فيسمى الوادي الأبواء ، على ست مراحل من المدينة وخمس من مكة ، سكانه – اليوم –
اللهبة من عوف من حرب ، في أعلاه ، والعبد من بني عمرو من حرب في أسفله ، ولهم السقيا وتعهن ، وغيرها . وفي القاحة صار الخلط بينها وبين الفاجة – بالفاء والجيم – وقد تقدمت .
( الْقَادِسِيَّةُ )
كمؤنث القادس : جاءت في تراجم من قتل في موقعة القادسية . وكانت موقعة القادسية من أعظم الوقائع التي حدثت بين المسلمين والفرس ، قال أهل الأخبار : ما زال الفرس هم الغالبون المتسلطون على العرب ، حتى حدث يوم ذي قار – قرب البصرة – فانتصف العرب من الفرس ، ولما توجه المسلمون إلى فتح فارس سخرت منهم الفرس واحتقرتهم ، فكان يوم القادسية ، أعظم يوم انهزم فيه الفرس وزالت دولتهم .
كانت القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص سنة 16 للهجرة ، فكانت من أعظم وقائع المسلمين ، وكانت أربعة أيام : يوم أرماث ، ويوم أغواث ، ويوم عماس ، وليلة الهرير ، ثم يوم القادسية وفيه هزيمة الفرس وقتل رستم قائدهم . تقع القادسية بين النجف والحيرة إلى الشمال الغربي من الكوفة ، وإلى الجنوب من كربلاء ، وبعد هذا مخطط يبين الكثير من معالم العراق التأريخية .
( الْقَاعُ )
وهو الطينة اليابسة قلما تنبت شيئا : جاء في قول حسان بن ثابت أو ابنه عبد الرحمن : وغزوة القاع فرقنا العدو به كما تفرق دون المشرب الرسل
قلت : لم يذكر في دليل الغزوات غزوة بهذا الاسم ، وما وجدت من حدد هذا القاع الذي غزاه المسلمون . والقيعة في بلاد العرب لا تحصى ، ولكننا بحثنا عن قاع فيه غزوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أغزاه فلم نجد ، ولعل الشاعر أراد قاع الجموم ، فللجموم غزوة ، والجموم : من أرض نجد بالسفوح الشرقية لحرة كشب ، شرق مكة على خمس ليال . وهي غير الجموم : القرية المشهورة بمر الظهران .
( الْقَرَدَةُ )
بفتح القاف والراء والدال المهملة ، وآخره تاء مربوطة : جاء في النص : وسرية زيد بن حارثة التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها حين أصاب عير قريش ، وفيها أبو سفيان بن حرب ، على القردة ، ماء من مياه نجد .
قلت : واختلف المتقدمون في ضبطه ، فقيل : القردة . وقيل : القردة . وأجمعوا على أنه ماء بنجد أو بين المدينة والشام " مما يلي نجدا " . وهذا الماء على طريق تمر من مكة إلى الشام جاعلة المدينة يسارها ، وهذا يعني أنه في المنطقة الواقعة شمال شرقي المدينة ، لأن مياه هذا الطريق معروفة حتى يصل إلى نخل ، ثم تفترق الطرق ، ويبدو أن هذه هي الطريق التي تجعل خيبر يسارها أيضا وتمر بسلاح المعروفة اليوم بالعشاش ، على مرحلة شمال خيبر .
( الْقَرْقَرَةُ )
بتكرار القاف والراء ، وآخره تاء مربوطة : جاء في قصة مقتل اليسير بن رزام ، وفيها طول على ما شرطناه لهذا الكتاب . ومنها : حتى إذا كان بالقرقرة ، من
خيبر على ستة أميال ، ندم اليسير بن رزام . . إلخ .
قلت : هذا قاع جنوب خيبر بين الحرة والصهباء المعروفة اليوم باسم ( جبل عطوة ) . وهو على ( 6 ) أكيال من خيبر يقسمه الطريق إلى المدينة ، ويسمى اليوم قاع ( قعقران ) ويستغنى عن قاع ، ويلفظونه ( قعقران ) .
( الْقَلْعَةُ )
باللفظ المرادف للحصن :
جاء ذكرها في حفر عبد المطلب زمزم ، وأنه وجد فيها أسيافا قلعية ، والعرب كانت تقول : سيف قلعي ، وسيف خطي ، وهندي ، إلخ .
وفي شروحات السيرة أن مسعر بن مهلهل ذكر القلعة في خبر رحلته إلى الصين ، فقال : وفي هذه القلعة تضرب السيوف القلعية ، وهي الهندية العتيقة . أما الخط ، فهي مدينة كانت بالبحرين على سيف البحر كانت تستورد منها السيوف الخطية .
( الْقَلِيبُ )
ومعناه البئر :
بئر ردم فيها قتلى قريش يوم بدر ، وقد ذهبت
( الْقُلَّيْسُ )
بضم القاف وتشديد اللام مع الفتح :
جاء في النص : ثم إن أبرهة بنى " القليس " بصنعاء فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض .
وأراد أبرهة أن يصرف العرب إلى حج قليسة بدل الكعبة المشرفة ، فغضبت العرب لذلك ، فخرج رجل من بني كنانة حتى أتى القليس فأحدث فيها .
فعزم أبرهة الأشرم على هدم الكعبة ، فكان من أمره ما هو معلوم . ويقول الرداعي في قصيدته الحجية :
بلاد ملك ضـل من يقيـس **** أرض بصنعاء لها تأسيس
ما لم يعد الحـرم الأنيــس **** أرض بها غمدان والقليس
بناهما ذو النجدة الرئيس **** تبع ملك وبنت بلقيس
وتراه هنا ينسب بناء القليس إلى تبع ، والتبابعة ملوك اليمن قبل أبرهة ، ومذهب الهمداني أن أحد ملوك حمير هو الذي بنى القليس ، وأن أبرهة اتخذه كنيسة ، ومن الأخبار المتواترة : أن أبرهة سخر أهل اليمن في بناء القليس وأنه كتب إلى ملك الحبشة إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك . فلعلها كانت مبنية وأن الأشرم رممها وزاد فيها وحسنها .
( الْكُدْرُ )
بضم الكاف ، وسكون الدال . جاء ذكره في غزاة إلى بني سليم ، قال ابن إسحاق : فبلغ ماء من مياههم يقال له : الكدر ، فأقام عليه ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ، ولم يلق كيدا .
قلت : ويقال : قرقرة الكدر . نقل – في معجم البلدان – عن الواقدي ، قوله : بناحية المعدن قريبة من الأرحضية ، بينها وبين المدينة ثمانية برد . وقال عرام : في حزم بني عوال مياه آبار منها بئر الكدر وقرنها كثير مع اللعباء وتغلمين وأظلم ، فقال :
سقى الكدر فاللعباء فالبرق فالحمى **** فلوذ الحصى من تغلمين فأظلما
وهي بالتحديد ، إذا سرت من المدينة فكنت بين الصويدرة والحناكية تؤم القصيم ، فهي على يمينك في ذلك الفضاء الواسع الذي يمتد إلى معدن بني سليم " مهد الذهب اليوم " . غير أن الاسم بذاته غير معروف اليوم .
وانظر " قرقرة الكدر " .
( الْكَدِيدُ )
بفتح الكاف وكسر الدال المهملة :
ورد في أماكن من السيرة ، أهمها في غزوة الفتح ، قال ابن إسحاق : وخرج لعشر مضين من رمضان ، فصام وصام الناس معه ، حتى إذا بلغ الكديد ، بين عسفان وأمج أفطر .
قلت : هنا تحديد دقيق للكديد بأنه بين عسفان وأمج ، والمسافة بينهما عشرون كيلا فقط ، وأمج يسمى اليوم " خليص " وعسفان ما زال معروفا ، وقد تقدم .
والكديد : يعرف اليوم باسم " الحمض " أرض بين عسفان وخليص على ( 90 ) كيلا من مكة على الجادة العظمى إلى المدينة ، وسمي الحمض لكثرة نبات العصلاء فيها ، وهي أرض تزرع عثريا يسقيها وادي غران ، وأهلها زبيد من حرب . وفي موضع آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغزى غالب بن عبد الله الكلبي الليثي بني الملوح بالكديد . وبنو الملوح من بني ليث من كنانة ، فالكديد كان من ديارهم .
( الْكَهْفُ )
الوارد في الذكر الحكيم : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا .
وذكرت القصة في 1 304 من النسخة التي اعتمدناها .
وقد قيلت في الكهف أقوال كثيرة كان أكثرها رجما بالغيب . فقال ياقوت : بالقرب من البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم ، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف ، والصحيح أنهم ببلاد الروم ، وقيل الرقيم لوح كتبت فيه أخبارهم .
ثم يقول : إن بأرض البلقاء بأرض العرب موضعا يزعمون أنه الكهف والرقيم قرب عمان ، وذكروا أن عمان هي مدينة ديقانوس . وهناك أقوال وخوض أهم ما يعاصرنا منها اليوم : قول الأردنيين أن كهفا بظاهر عمان هو موضع أصحاب الكهف ، وأن مدينة البتراء الأثرية الأردنية هي " الرقيم " ، وهذا يعني أن أصحاب الكهف ليسوا أصحاب الرقيم ، إنما عطف بعضهم على بعض في الخبر ، كقوله : النصارى والمجوس .
( الْكَوْثَرُ )
الوارد في قوله تعالى إنا أعطيناك الكوثر . جاء في النص : وقيل له : يا رسول الله ، ما الكوثر الذي أعطاك الله ؟ قال : نهر كما بين صنعاء إلى أيلة ، آنيته كعدد نجوم السماء ، ترده طيور لها أعناق كأعناق الإبل .
والكوثر – بالمناسبة فقط – مسجد في منى يسمى مسجد الكوثر ، وقد هدم اليوم في إصلاحات الجسور في منى .
( الْكُوفَةُ )
جاءت في النص : قال ابن هشام : وحدثني خلاد بن قرة عن جناد ، أو عن بعض علماء الكوفة بالنسب ، أنه قال : إن النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر .
والحضر : قصر ذكر في موضعه .
قلت : الكوفة – وكانت تسمى أحد العراقين ، والآخر البصرة – مدينة أسسها المسلمون عند فتح العراق أسسها سعد بن أبي وقاص سنة 17 للهجرة ، فكان يعين لها وال من قبل الخليفة بالمدينة ، وكان العرب أقاموها على أميال من الحيرة عاصمة المناذرة ، فقضت على الحيرة ، ولما تولى الخلافة الإمام علي – كرم الله وجهه اتخذ الكوفة عاصمة له ، فلما قتل دفن بظاهرها في موضع يدعى النجف ، وظلت الكوفة ردحا من الزمن تنافس البصرة ، وخرج فيهما مدرستا النحو : الكوفية والبصرية ، ولما تقدمت بغداد أخذ كل من النجف والبصرة تفقد مكانتها ، ثم اتخذ الشيعة النجف مزارا فتكونت به مدينة " النجف الأشرف " . كما يسميها العراقيون ، فقضت على آخر الكوفة ، وتوجد آثارها بظاهر النجف قرب التقاء خطي : 32 عرضا و25 و44 طولا وكلاهما على الضفة الغربية لنهر الفرات ، وما زال بعضها مغمورا .
ونشر الأستاذ حسن الدجيلي بحثا في " مجلة الفيصل السعودية " عدد 56 ، جاء فيه :
تقع الكوفة على نهر الفرات ، وعلى مسافة ثمانية كيلو مترات من مدينة النجف ، و156 كيلو مترا من بغداد ، وستين كيلو مترا جنوبي مدينة كربلاء . وأرضها سهلة عالية ، ترتفع عن سطح البحر ب22 مترا ، وشاطئها الغربي أعلى من الشرقي بستة أمتار تقريبا ، مما يجعلها في مأمن من الفيضانات قديما وحديثا . وكلما سرنا غربا ارتفعت الأرض عن سطح البحر تدريجيا لتصل إلى ستين مترا ونصف المتر . ثم تنحدر انحدارا شديدا نحو الجنوب الغربي لتمتد إلى بحيرة مالحة ضحلة عرفت ببحر النجف غربا .
لم تكن الكوفة معروفة بهذا الاسم قبل تعميرها ، وليس في موقعها ما يشير إلى أنها كانت في يوم من الأيام مستوطنا من المستوطنات العربية أو العراقية القديمة . " ولم نعثر في حفائرها أو في أرضها على آثار أو أبنية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ أو بعده ، وإنما كان موضعها جزءا سهليا من الضفة اليمنى للفرات الأوسط وإلى الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الحيرة ، ويدعى سورستان " .
إلى أن يقول :
وبتأسيس مدينة بغداد سنة 145 هـ ، أخذت الكوفة تفقد قرنا بعد قرن كثيرا من رصيدها العلمي ، وتحولت إلى قرية صغيرة تسكنها الأشباح والذكريات ، وتطوقها الخرائب والآكام ، وتعصف بها رياح الزمن العاتية ، إلا مسجدها الكبير الذي ظل صامدا يقارع العاديات ليبعثها من جديد .
لقد ظل مسجدها الكبير ، شاهدا على عنفوانها وعظمتها ، وصار لها رصيدا روحيا ، ورمزا للتضحية والاستشهاد ، واصطبغ أديمها بدماء الشهداء . ففي مسجدها اغتيل الإمام علي بن أبي طالب ، وفي أرض الطف القريبة استشهد الإمام الحسين بن علي وأهل بيته في واقعة كربلاء المروعة ، وفيها قتل وسحل وصلب حفيده الإمام زيد بن علي بن الحسين ، هذا فضلا عن عشرات الشهداء الطالبيين وغير الطالبيين .
وقد أنجبت الكوفة عددا كبيرا من عباقرة العلم والشعر واللغة والأدب . . فقد أنجبت " أبا الأسود الدؤلي ، وجابر بن حيان ، والأصمعي ، والكسائي ، والإمام أبا حنيفة النعمان ، والفيلسوف الكندي
( اللَّات )
جاء في النص : واللاتي : بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة .
قلت : هدم الله اللاتي كما هدمت العزى ومناة ، وموقع اللاتي اليوم غربي مسجد ابن عباس عن قرب ، وعوض الله ثقيفا في اللاتي مسجدا مطهرا .
وكان سدنتها بنو معتب من ثقيف .
وهي التي تقول فيها امرأة من المسلمين :
غلبت خيل الله خيل اللات **** وخيله أحق بالثبات
( اللَّيْطُ )
بكسر اللام ، وسكون المثناة تحت ، وآخره طاء مهملة : جاء في قول ابن إسحاق يصف دخول جيوش فتح مكة : وحدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد ، فدخل من الليط ، أسفل مكة .
وفي أخبار مكة ما يوحي بأن الليط هو السهل الذي ينتهي إليه سيل وادي طوى ، وهو ما نسميه اليوم التنضباوي أو الطنبداوي ، وقد أصبح حيا من أحياء مكة ، وبالتحديد : إذا خرجت من الشبيكة غربا على طريق ريع الحضائر هبطت الليط ، ويمتد هذا السهل حتى يجتمع بوادي إبراهيم في المسفلة عند قوز المكاسة .
( الْمُحَصَّبُ )
بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الصاد المهملة أيضا ، وآخره موحدة : جاء في قول نفيل بن حبيب شيخ خثعم في حادثة الفيل :
ألا حييــت عنــا يا رديــنا **** نعمناكم مع الأصباح عينا
أتــانـا قـابس منكــم عشــاء**** فلم يقدر لقابسكم لدينا
ردينة لـو رأيــت ولن تريـه **** لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمـري **** ولم تأسي على ما فات بينا
حمدت الله أن أبصرت طيرا **** وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل **** كأن علي للحبشان دينا
قلت : المحصب ما بين منى إلى المنحنى ، والمنحنى : حد المحصب من الأبطح ، فمنذ أن تخرج من منى فأنت في المحصب حتى يضيق الوادي بين العيرتين فذاك المنحنى .
والقصيدة الآنفة الذكر كثيرة الاختلاف ، وإنما اخترنا أحسن الوجوه ، وفي بعض النصوص : لدى جنب المغمس بدل المحصب ، وأراه أصوب ، لأن نفيلا فر من المغمس ، وأن الفيل وأصحابه لم يصلوا إلى المحصب .
( الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ )
هي : مدينة الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام ، وقد تكررت كثيرا في السيرة ، وهي أشهر من أن تعرف هنا ، ولها من التاريخ ما ملأ عشرات الكتب الضخام ، كانت تسمى يثرب فسماها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة ، وكره أن تسمى يثرب .
كانت المدينة عاصمة الإسلام ومنها انطلقت أعظم فتوحاته ، وبها مرقد خير البشر ، وفي الحديث : إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها .
( الْمَذَاد )
من ذاد يذود ، فهو مكان الذود ، أي دفع العدو : جاء في قول مسافع بن عبد مناف الجمحي ، يبكي عمرو بن عبد ود العامري القرشي ، ويذكر قتل علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – إياه :
عمرو بن عبيد كان أول فارس **** جزع المذاد ، وكان فارس يليل
ولقد تكنفت الأسنة فارسا ***** بجنوب سلع غير نكس أميل
قلت : هو من طرف الخندق حيث كان يتذاود المسلمون والمشركون ، وهناك قتل علي عمرا عندما جزع الخندق ونادى من مبارز ؟ وكان من فرسان قريش المهابين ، فخرج إليه علي فقتله .
والشاعر يحدده بجنوب سلع ، وليس الخندق بجنوب سلع ، ولكن اختار الشاعر هذا اللفظ لمناسبة موسيقاه للشعر . وقد ذكر الخندق .
( الْمُرَّةُ ( ثَنِيَّةٌ . . )
كذا وردت في هذا النص بتشديد الراء والمتواتر بالتخفيف ، وإن كنت أرى التشديد أصوب . جاء في النص الذي أوردناه في " الخرار " .
واستوفي الحديث عنها في " معجم معالم الحجاز " فأغنى عن التطويل هنا . وهو موضع ما زال معروفا بين غدير خم والفرع ، على طريق الهجرة .
( الْمَرْوَةُ )
( . . ) باسم الحصاة البيضاء المورية نارا . جاءت في النص : كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما – وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان – وكان والي المدينة – منازعة في مال كان بينهما بذي المروة .
قلت : ذو المروة له ذكر كثير في كتب التاريخ والجغرافيا ، وهو منسوب إلى حصاة بيضاء بارزة من نوع المرو ، يقع عند مفيض وادي الجزل إذا دفع في إضم ، شمال المدينة على قرابة ثلاث مائة كيل ، وما زالت معروفة بهذا الاسم .
( الْمَرَوْرَاةُ )
بعد الميم راءان بينهما واو ، وآخره هاء : جاء في قول زهير بن أبي سلمى :
تأمل فإن تقو المروراة منهم ****وداراتها لا تقو منهم إذا نخل
بلاد بها نادمتهم وألفتهم ****فإن تقويا منهم فإنهم بسل
والمروراة أرض كانت قرب رحرحان ، شرق المدينة .
( الْمُرَيْسِيعُ )
كأنه تصغير مرسوع ، وآخره عين مهملة : جاء ذكره في غزوة بني المصطلق من خزاعة .
قال ابن إسحاق : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له ، وقائدهم الحارث بن ضرار ، فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له : المريسيع ، من ناحية قديد إلى الساحل .
قلت : المريسيع ، جزع من وادي " حورة " أحد روافد ستارة ، فيه آبار زراعية ، ونزل من بني سليم ، وماؤه غيل يسيح على وجه الأرض ، وأهله يقولون : " المريصع " وهي عادة البادية في قلب أمثاله لتقارب مخارج الحروف .
وستارة وقديد واد واحد ، إنما الذي أوهم في تحديده حتى ظنه كثير من الباحثين من الساحل ، هو قول ابن إسحاق " إلى الساحل " والواقع أنه داخل عن الساحل ، فبينه وبين سيف البحر قرابة ( 80 ) كيلا ، بين جبال تهامة ، وأهله اليوم سليم ، ولا ذكر لخزاعة في هذه النواحي في يومنا هذا .
( الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى )
جاء في النص : ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وهو بيت المقدس من إيلياء .
قلت : المسجد الأقصى ما زال معروفا وما زال يسمى بيت المقدس ، والقدس ، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تزار عند المسلمين ، ويقال له : ثالث الحرمين ، والحرمان : مكة والمدينة ، وفي الحديث : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى .
والمدينة التي بها المسجد الأقصى تسمى مدينة القدس ، ولا تعرف إيلياء اليوم ، واليهود يسمونها " أورشليم " وهو اسم كنعاني عربي حرفوه " أورسليم " وهو كقولهم " بيرشيبع " في " بئر السبع " والقدس – اليوم – والمسجد الأقصى تحت الاحتلال اليهودي ، وقد قام أوغاد الصهاينة بإحراقه ثم رمم ، وهم اليوم يجرون حفريات تحت أساساته .
( الْمَسْعَى )
مكان السعي : جاء في قول حسان ، يهجو هذيلا ويبكي قتلى الرجيع :
فلا والله ما تدري هذيل **** أصاف ماء زمزم أم مشوب
ولا لهم إذا اعتمروا وحجوا ****من الحجرين والمسعى نصيب
ولكن الرجيع لهم محل ****به اللؤم المبين والعيوب
قلت : المسعى مكان السعي للحج ، وهو لا يحتاج إلى تحديد ، فالكل يعرفه ، وهو شارع بين الصفا والمروة من جانب المسجد الحرام ملاصق له من الشرق .
أما " الحجران " فقد أراد " الحجر " حجر الكعبة وحجر إسماعيل ، وهما واحد ، وقد تقدم . والغريب في ما حدث يوم الرجيع وقتل أولئك المؤمنين هناك ، أن الذي طلبهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم هم عضل والقارة ، وهم الذين غدروا واستصرخوا لحيان وبطونا من هذيل ، غير أن الذي ذهب بالسبة هم هذيل ، ولم نر من شهر بعضل والقارة ، بينما كانت أولى بالسب من هذيل .
( الْمُشَقَّقُ )
ذكره ابن إسحاق في طريق غزوة تبوك ، فقال : وكان في الطريق ماء يخرج من تبوك وشل ، ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة ، بواد يقال له : وادي المشقق ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سبقنا إلى ذلك الوادي فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه .
قلت : لم أجد من يعرف هذا الاسم بين الحجر وتبوك ، غير أن رأس الوادي الأخضر إذا تعلق في الحرة به ماء سرب ، وهو على طريق غزوة تبوك ، وقد ظهر في المخطط المرفق برسم تبوك . فلعله هو .
( الْمُشَلَّلُ )
بضم الميم ، وفتح الشين المعجمة ، وتشديد اللام الأولى :
جاءت في النص المتقدم في غسان ، ومنه : ويقال : غسان : ماء بالمشلل قريب من الجحفة .
قلت : المشلل : ثنية تأتي أسفل قديد من الشمال ، إذا كنت في بلدة " صعبر " بين رابغ والقضيمة ، كانت المشلل مطلع شمس مع ميل إلى الجنوب ، وحرة المشلل هي التي تراها من تلك القرية ، سوداء مدلهمة تشرق الشمس عليها ، وفيها كانت مناة الطاغية ، ومحلها معلوم ; وانظر أوفى من هذا في الجزء التاسع من " معجم معالم الحجاز " .
( الْمَطَابِخُ )
جمع مطبخ :
جاء في السيرة : إنه شعب بأعلى مكة ، نحر فيه مضاض بن عمرو الجرهمي للناس واطبخوا عندما هزم قطوراء وولي أمر مكة ، وقيل : بل نحر فيه تبع وأطعم الناس .
ويظهر أن هذا الاسم كان لشعب عامر قبل أن يطلق عليه هذا الاسم .
وشعب عامر : شعب يصب من الخنادم في البطحاء ، شرقي المسجد الحرام إلى الشمال
. .
( الْمُغَمَّسُ )
على صيغة المفعول ، وهكذا ينطقه أهله إلى اليوم : جاء في النص : قال ابن إسحاق : فبعثوا معه – يعني بني ثقيف – أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة ، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله " المغمس " فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك ، فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس .
قلت : المغمس مكان ما زال معروفا شرقي الحرم ، يشرف عليه من الشرق جبل كبكب ، والطريق من مكة إلى الطائف المارة بنخلة اليمانية تمر بطرف المغمس من الشمال ، وعرفة في نهاية المغمس من الجنوب ، وقد أفضت في ذكره في " معالم مكة ص 280 " ورسمت له مخططا هناك لا أرى ضرورة لنقله إلى هنا ، وقريب من ذلك في الجزء الثامن من المعجم .
أما القبر الذي يرجم فليس في المغمس إلا إذا كان المغمس كان يشمل أوسع من مسماه اليوم ، فقبر أبي رغال في رأس يدعان على ما يقرب من عشرة أكيال من المغمس ، وقد جرفه الطريق كما ذكرت في جـ 4 من المعجم ، وبقيت له بقية إلى اليوم .
( الْمُنْصَرَفُ )
مكان الانصراف :
قال ابن إسحاق – في ذكر غزاة بدر : حتى إذا كان بالمنصرف ، ترك طريق مكة بيسار ، وسلك ذات اليمين على النازية ، يريد بدرا ، فسلك في ناحية منها ، حتى جزع واديا يقال له رحقان ، بين النازية وبين مضيق الصفراء ، ثم على المضيق ، ثم انصب منه ، حتى إذا كان قريبا من الصفراء ( . . . . ) وهي قرية بين جبلين ، سأل عن جبليها ما اسمهما ؟ فقالوا : يقال لأحدهما ، هذا مسلح ، وللآخر ، هذا مخرئ .
قلت : المنصرف ، يعرف اليوم بالمسيجيد ، نسبة إلى مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت آثاره هناك ، وهي اليوم بلدة عامرة على ( 80 ) كيلا من المدينة على طريق مكة ، أهلها الحجلة من بني سالم من حرب ، وقد كثر فيها نزل الأحامدة في العهد السعودي ، ولها إمارة تتبع بدرا .
( الْمُنَقَّى )
جاء في النص : وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى انتهى بعضهم إلى المنقى ، دون الأعوص .
قلت : الطرق في الحرار تنقى من الحجارة حتى تسلك ، فيسمى أحدها منقى ، ومن أشهرها درب زبيد ، يسمى المنقى ، والمنقى الوارد في النص – لا شك – هو الطريق الخارج من المدينة باتجاه القصيم ، حيث كان يمر في حرة بني حارثة ، وهو نفس الطريق الذي زفت فيما بعد فسلكته السيارات ، وهو على مرأى من أحد ، جنوبا شرقيا بينهما وادي قناة .
( الْمِهْرَاسُ )
جاء في النص : فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى فم الشعب خرج علي بن أبي طالب ، حتى ، ملأ درقته ماء من " المهراس " فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب منه ، فوجد له ريحا فعافه ، فلم يشرب منه ، وغسل عن وجهه الدم ، وصب على رأسه وهو يقول : اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه .
قلت : المهراس : حجر يشبه القدح يمسك ماء المطر ، ومثله الوكرة ، أو هما واحد ، فإذا مكث الماء فيه طويلا أسن وتغير طعمه ولونه . والمهراس الوارد هنا ، في الشعب من أحد قرب مشهد حمزة رضي الله عنه ، وما رأيته ، ولكن هناك موقعه . وأكد لي الأستاذ عبد القدوس الأنصاري أنه رآه وشرب منه ، في ذلك الشعب .
( الْمَوْصِلُ )
بفتح الميم وسكون الواو وكسر الصاد المهملة : جاءت في قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وانتقاله من دين المجوس إلى النصرانية ثم إلى الإسلام .
والموصل : مدينة عظيمة بالعراق في آخر الشمال على الضفة الغربية لنهر الفرات قبل اجتماعه بالزاب الأعلى ، تقابلها على الضفة الشرقية للنهر آثار مدينة نينوى ، وإلى الشمال الغربي منها تلعفر ، يمر بها الطريق من بغداد إلى القامشلي في سورية ، وهي قاعدة شمال العراق ، ذات بساتين وعمران حسن ومدارس وتجارة .
( النَّاسَّةُ )
من أسماء مكة ، ذلك أنها – في الجاهلية – لا تقر فيها ظلما ولا بغيا ، ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته .
أي أنها تنسه نسا أي تيبسه ، وكانت أيضا تسمى النساسة ، والباسة ، وبكة ، وكلها قريب من ذلك .
( النَّجْدِيَّةُ )
كالمنسوبة إلى نجد .
جاءت في قصة أبي سفيان ، وغزوة السويق ، قال ابن إسحاق : فخرج – أبو سفيان – في مئتي راكب من قريش ، ليبر يمينه ، فسلك النجدية ، حتى نزل بصدد قناة إلى جبل يقال له : ثيب ، من المدينة على بريد أو نحوه . إلخ .
قلت : النجدية ، طريق تخرج من مكة على ملتقى النخلتين ثم تأخذ نخلة الشامية قبلا ، ثم في وادي الزرقاء ، ثم على الضريبة ، ثم تهبط من الحرة على النجيل ، ثم على حاذة ، ثم على معدن بني سليم ، فتأتي المدينة من المشرق .
وفي العصور الأخيرة سميت " الفرعية " لأن أهل الحجاز يقولون للشرق فرع ، وللغرب حدر .
( النُّجَيْرُ )
كأنه تصغير نجر :
جاء في قول أعشى قيس يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وأبتذل العيس المراقيل تغتلي **** مسافة ما بين النجير فصرخدا
ألا أيهذا السائلي أين يممت **** فإن لها من أهل يثرب موعدا
قلت : كان حصنا باليمن قرب حضرموت ، دارت حوله حروب بين المرتدين من بني كندة والمسلمين بقيادة زياد بن لبيد البياضي الأنصاري ففتح الحصن وقتل سبعمائة من أشراف المرتدين وتركها للسباع ، وسبى نساءهم وذراريهم ; كذا ورد في مصادر حروب الردة .
والبيت الثاني يروى : مسافة ما بين النجير وصرخد وصرخد ببلاد الشام ، والأعشى يدلل ببعد المسافة بين حضرموت والشام على كثرة سفراته .
والنجير اليوم : بقايا أطلال – في حضرموت – جنوب غربي العبر على قرابة ستين كيلا ، أي شمال غربي حضرموت . " روى ذلك الأستاذ هادون العطاس " .
( النُّخَيْلُ )
كتصغير نخل : ورد في نص ذكرناه في " اليمن " وتردد في أماكن أخرى . وهو قرية على واد بنفس الاسم يجاور وادي نخل " وادي الحناكية " يقع يمين قاصد القصيم من المدينة إذا أقبل على الحناكية ، والحناكية : على ( 100 ) كيل من المدينة على طريق القصيم .
( النَّدْوَةُ )
جاء ذكر " دار الندوة " في عمرة القضاء .
قلت : هي الدار التي بناها قصي بن كلاب ( مجمع قريش ) لاجتماعهم وتشاورهم ، وكان لا يعقد لواء الحرب إلا فيها ولا تزوج قرشية إلا فيها . كانت في الجانب الشمالي من المسجد الحرام ، ثم دخلت في توسعته في عهد بني العباس
( النَّقِيعُ )
فعيل من النقع :
قال ابن إسحاق ، يذكر عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق : وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع ، يقال له : بقعاء .
قلت : النقيع : واد فحل من أودية الحجاز ، يقع جنوب المدينة ، يسيل من الحرار التي يسيل منها وادي الفرع ، ثم يتجه شمالا جاعلا جبال قدس على يساره ، ويأخذ كل مياهها الشرقية ، وهو الذي حماه رسول الله للخيل . يسمى الوادي النقيع إلى أن يقبل على بئر الماشي – 38 كيلا جنوب المدينة – ثم يسمى عقيق الحسا ، إلى ذي الحليفة ، ثم عقيق المدينة حتى يدفع في إضم في مجمع الأسيال . فأول النقيع مما يلي المدينة يبعد عنها قرابة ( 40 ) كيلا ، جنوبا على طريق الفرع ، وأقصاه على قرابة ( 120 ) كيلا قرب الفرع .
( النِّيلُ )
بكسر النون وسكون المثناة تحت ، وبالتعريف . جاء في قصة النجاشي وحروبه أثناء وجود مهاجري الحبشة في جواره .
والنيل معروف معلوم حتى للعامة ، إنما الذي جاء ذكره غير النيل الكبير ، هو فرع منه يدخل في بلاد الحبشة يسمى النيل الأزرق ، يسيل من هضبة الحبشة إلى بلاد السودان ، ويقابله في الجهة الأخرى النيل الأبيض الذي يأتي من مرتفعات " أوغندة " فيشق أرض السودان طولا فيجتمع النيلان عند مدينة الخرطوم فيتكون النيل الكبير ، الذي يذهب منحدرا في أرض السودان ثم أرض مصر إلى أن يفيض في البحر الأبيض بين الإسكندرية وبورسعيد .
( الْهَبَاءَةُ )
هاء فموحدة تحتية : ذكرت في اليعملة ، وهناك تحديدها . وقال الحارث بن زهير :
تركت على الهباءة غير فخر **** حذيفة عنده قصد العوالي
( الْهَدْمُ )
بلفظ الاسم من هدم : جاء في قصة هدم اللاتي ، جاء في خبر ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أبا سفيان بن حرب ، والمغيرة بن شعبة لهدم الطاغية ، وهي اللاتي ، فلما وصلا إلى الطائف ذهب المغيرة لهدمها ، وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم .
وجاء في بعض المصادر " الهرم " . ولا يعرف اليوم بالطائف مكان بأحد الاسمين . فهل يكون هذا تصحيف " العرج " ؟ وكل من ذكره نقله عن ابن إسحاق من هذه الرواية .
( الْوَتِيرُ )
بفتح الواو وكسر المثناة تحت ، وآخره راء : جاء ذكره في فتح مكة .
وهو موضع معروف جنوب غربي مكة على حدود الحرم ، يبعد عن مكة ( 16 ) كيلا ، وهو من ديار خزاعة قديما وحاليا . وقد أوفيتها الحديث في " معالم مكة التاريخية والأثرية " ويجمع مع ما حوله فيقال : الوتائر ، وسماه الفاسي – العقد الثمين – الوتيرين ، وقد أطلق اليوم على حيز منه اسم الكعكية ، نسبة إلى الكعك الذي تملك هذا الحيز منه ، ويطلق على حيز آخر اسم
العكيشية .
( الْيَعْمَلَةُ )
أوله ياء مثناة تحت : جاء في قول عامر الخصفي :
أحيا أباه هاشم بن حرمله **** يوم الهباءات ويوم اليعمله
ترى الملوك عنده مغربله **** يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له
اليعملة : موضع كانت فيه وقعة ، وتقع جنوب الربذة بينها وبين مهد الذهب ( واد وجبال ) . والهباءة : أرض بها حفائر تقع في وادي بيضان قرب السوارقية ، وهم يقولون : الهباء ، بحذف الهاء الآخرة ، وانظر عن الهباءة : " معجم معالم الحجاز " .
( الْيَمَنُ )
تردد ذكره كثيرا في السيرة ، وهو الزاوية الجنوبية الغربية لجزيرة العرب ، كان منبع حضارات العرب القديمة ومنه خرجت الهجرات العربية التي عمرت ما يعرف اليوم بالعالم العربي ، وظل اليمن على مر التاريخ يتوحد ويتفرق ، وهو مكون في عهدنا هذا من دولتين : إحداهما اليمن الشمالي ، وعاصمته صنعاء ، واليمن الجنوبي ، وعاصمته عدن ، وكلاهما قد مر في هذا المعجم . والعرب من قديم تطلق على كل ما هو جنوب يمنا ، وعلى ما هو شمال ، شاما ، خاصة في الحجاز ، فهم يعتبرون كل ما هو جنوب مكة يمنا ، بل إن المحاكم بمكة تقول : ( يحد ملك فلان يمنا كذا ، وشاما كذا ) . ولذا قال هبيرة المخزومي :
سقنا كنانة من أطراف ذي يمن **** عرض البلاد على ما كان يزجيها
قالت كنانة : أنى تذهبـون بنـا ؟ **** قلنا : النخيل ، فأموها ومن فيها
النخيل : قرية عامرة على واد بهذا الاسم شمال بلدة الحناكية ، والحناكية : على مائة كيل من المدينة على طريق القصيم . انظر عنها – إن شئت – كتابي " الرحلة النجدية " . أما اليمن – جغرافيا – فهو ما حددناه ، آنفا .
( بِئْر )ٌ
تحت هذا الباب وردت في السيرة أسماء كثيرة لآبار بمكة وغير مكة ، لم تعد معروفة ، ولم أر فائدة من ذكرها ، وكلها قد تضمنها " معجم معالم الحجاز " غير أن بعضها له مناسبات تأريخية ، فذكرناه هنا ، وهو قليل من كثير
( بِئْرُ أُنَا أَوْ بِئْرُ أَنَّى )
قال ابن إسحاق : ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة : نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم ، يقال لها : بئر أنا ، قال ابن هشام : بئر أنى .
قلت : أموال بني قريظة كانت من شرقي العوالي – ولا زالت هناك قارة ( أكمة ) حائزة على ظهر الحرة شرق العوالي ، تسمى " قريظة " ، أي منازل قريظة ، أما البئر فلا أظنها تعرف اليوم ، تبعد تلك القارة قرابة 12 كيلا من المسجد النبوي شرقا ، على طريق ليست مستقيمة
( بِئْرُ مَعُونَةَ )
بفتح الميم وضم العين المهملة : جاء ذكرها في مواضع ، منها : حادثة قتل القراء من الصحابة على أيدي بني سليم ، حين استصرخهم عامر بن الطفيل ، فأجابته : رعل وذكوان وعصية .
وكان رسول الله يدعو عليهم .
قلت : بئر معونة ، كانت بلحف " أبلى " وأبلى : سلسلة جبلية سوداء تقع غرب المهد " معدن بني سليم قديما " إلى الشمال ، وتتصل غربا بحرة الحجاز العظيمة ، وهي اليوم ديار مطير ، ولم تعد سليم تقر بها . وكانت وقعة بئر معونة في صفر سنة 4 للهجرة ، بعد أربعة أشهر من أحد
( بابِلُ )
باءان موحدتان بينهما ألف ، وآخره لام : جاءت في قوله تعالى : وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت .
قلت : هي مدينة العراق العظيمة ذات التأريخ المجيد ، المشهورة بحدائقها : " حدائق بابل المعلقة " وكانت إحدى عجائب الدنيا القديمة السبع . وقد اندثرت بابل ، ولكن آثارها لا زالت باقية يؤمها مئات السياح يوميا .
تقع آثار بابل بين النهرين ، وهي إلى الفرات أقرب ، في الجنوب من بغداد ، وإلى الشرق من كربلاء ، بجوار مدينة الحلة ، والطريق الغربية بين بغداد والبصرة تمر بآثار بابل .
(بَارِقٌ)
بلفظ البارق الذي يبرق في السحاب : موضع على شاطئ الفرات يقرن مع الخورنق والسدير قالوا : هو ماء ، وهو الحد بين القادسية والبصرة ، وهو من أعمال الكوفة .
قلت : لا أرى لذكره مع القادسية والبصرة مناسبة ، فهو لا شك من الكوفة قرب الحيرة والخورنق والسدير ، فهو يذكر في الشعر مع الأخيرين
( بين الخورنق والسدير وبارق )
فقربه منهما يساوي قرب أحدهما من الآخر . ولا أراه يعرف اليوم ، وانظر : السدير ، والخورنق
( بُحْرَانُ )
كذا ورد في النصوص القديمة بضم الموحدة وسكون الحاء المهملة ، وعلى صيغة زنة فعلان : جاء ذكره في سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة .
وهو جبل يضرب إلى الخضرة والسمرة ، بين وادي حجر المعروف قديما بالسائرة ، ومر عنيب المعروف اليوم بمر وبوادي رابغ ، يقع بحران عند التقائهما ، يفترقان عنه . شرق مدينة رابغ على ( 90 ) كيلا . وهو في ديار زبيد من حرب .
(بَدْرٌ)
بفتح الموحدة وسكون الدال المهملة ، ثم راء : ذكرها في السيرة كثير ، وشهرتها تغني عن تعريفها ، فيها حدثت المعركة الفاصلة بين الإيمان والإلحاد ، والمسلمون يحتفلون بها كل يوم ( 17 ) من رمضان ، في جميع أنحاء الديار الإسلامية . كانت ماء لغفار ، ثم ظهرت فيها عين جارية ، فتكونت على العين قرية ، وكانت على طريق القوافل القادمة من الشام ومصر على الساحل الشرقي للبحر الأحمر
ولما انتشر الإسلام في تلك الديار صارت محطة للحاج ، وهي اليوم بلدة بأسفل وادي الصفراء ، تبعد عن المدينة ( 155 ) كيلا وعن مكة " 310 " أكيال ، وتبعد عن سيف البحر قرابة " 45 " كيلا ، وكان ميناؤها الجار ، فلما اندثرت قامت بالقرب منها بلدة " الرايس " ومنها اليوم يجلب السمك إلى بدر ، وسكانها حرب ، غالبهم بنو صبح ، وبها مدارس ومسجد جامع ، وإمارة عموم وادي الصفراء وساحل الجار
(بُسٌّ)
بضم الباء الموحدة ، وتشديد السين المهملة : جاءت في قول عباس بن مرداس في يوم حنين :
ركضنا الخيل فيهم بين بس **** إلى الأورال تنحط بالنهاب
بذي لجــب رسول الله فيهــم **** كتيبته تعرض للضراب
قلت : في هذا النص :
1 – بس : حرة تشرف على بلدة عشيرة من الشمال ، على قرابة ( 50 ) كيلا شمال الطائف ، وهي نهاية حرة الحجاز مما يلي الطائف ، وهي واقعة اليوم في ديار عتيبة .
2 – الأورال : جمع ورل ، لم أجد نصا على تحديده غير قول البكري : ضفرة دون مكة ، وقول ابن مقبل :
يا هل ترى ظعنا كبيشة فيهم **** متذنبات الخل من أورال
لعله يقصد ثنية خل ، وهي تنظر إلى حدود الحرم من جهة نجد . ولم أجد من يعرف الأورال اليوم
(بُصْرَى)
بضم الباء الموحدة ، وسكون الصاد المهملة ، وراء مقصور : جاء ذكرها من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام ، فلما نزل الركب " بصرى " من أرض الشام ، وبها راهب يقال له بحيرى . . إلخ .
قلت : كانت بصرى مدينة حوران ، وهي في منتصف المسافة بين عمان ودمشق ، وهي اليوم آثار قرب مدينة " درعة " التي احتلت محلها حتى ظن بعض الناس أنها هي ، وبصرى ودرعة داخل حدود الجمهورية السورية على أكيال من حدود المملكة الأردنية الهاشمية الشمالية . وحوران : إقليم من بلاد الشام يشمل معظم المنطقة الواقعة بين عمان – قاعدة البلقاء – وبين دمشق التي يعدها بعضهم من حوران . وطريق آثار بصرى يخرج من مدينة درعة باتجاه الشرق ، وهي قرب السفوح الغربية لجبل الدروز ( اسمه اليوم جبل العرب )
(بُعَاثٌ)
بضم الموحدة وتخفيف العين المهملة ، وآخره مثلثة ، وقد قيل بإعجام الغين ، ولا أراه شيئا .
جاء في مواضع من السيرة ، وهو موضع قرب المدينة دارت فيه حرب بين الأوس والخزرج ، عرفت بيوم بعاث .
ولم يستطع المتقدمون تحديده ، فقالوا : على ليلتين من المدينة ، وهذا قول مشكوك فيه ، لأن بلاد بني قيلة ما كانت تخرج عن يثرب ، وقالوا : من أموال بني قريظة ، وهذا معقول ، فهو في دائرة بلاد الأوس والخزرج ، الذين سموا فيما بعد بالأنصار ، فتركوا الفتن فماتت بعاث بموت الفتنة ، ولا أحد من أهل المدينة يعرف بعاثا اليوم ، غير أن تحديدها جاء واضحا في قصة قتل كعب بن الأشرف ، حيث قال محمد بن مسلمة ، بعد قتله – : فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد ، ثم على بني قريظة ، ثم على بعاث حتى أسندنا في حرة العريض ، وهذا يحددها في الشمال الشرقي من المدينة في الطرف الغربي الشمالي من نخل العوالي اليوم .
(بَقْعَاءُ)
على وزن فعلاء من البقع : ماء ذكر في مادة النقيع ، ولا أظنه يعرف اليوم
(بَلَادِحُ)
جمع بلدح : جاء في شعر أمية بن أبي الصلت ، يرثي قتلى بدر ، ومنها .
وهب المئين من المئين **** إلى المئين من اللواقح
ســوق المـــؤبل لــلمؤبل**** صادرات عن بلادح
قلت : أراد " بلدح " فجمع ، وبلدح هو : وادي مكة الثاني ، يسمى أعلاه عند حراء وادي العشر ، وكان على عهد الأزرقي يسمى " مكة السدر " فإذا توسط بين مكة وعمرة التنعيم سمي فخا ويسمى اليوم الزاهر ، ومنه الشهداء ، فإذا تجاوز جبل ملحات سمي " بلدح " ويسمى اليوم وادي أم الدود ، وغير اسم أم الدود إلى أم الجود ، وإذا تجاوز أم الدود وأقبل على الحديبية ، سمي وادي المقتلة ، ثم يصب في مر الظهران على مرأى من الحديبية شمالا
( بُوَاطُ )
بضم الموحدة وبعد الواو ألف ثم طاء مهملة : جاء في النص : ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول يريد قريشا ، حتى بلغ بواط ، من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا .
قلت : بواط : بواطان ، واديان أحدهما يصب في إضم غرب المدينة على قرابة ( 55 ) كيلا ، والآخر يقاسمه الماء من رأسه ويصب في فرعة ينبع غربا ، ورأساهما ينحدران من ريع يسمى ريع بواط ، يأخذه طريق بين المدينة وينبع ، مختصر وأقرب كثيرا من طريق المدينة إلى ينبع مرورا بوادي الصفراء ، وهو غير صالح لسير الثقال ، لذا نراه صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي العشيرة ترك هذا الطريق وأخذ على وادي الصفراء ، على طول تلك الطريق ، وقوله : حتى بلغ بواط ، كذا في الأصل ، وهو واجب النصب لأنه واد معروف ، وكان يمكن أن يقال : حتى بلغ بواطا الغوري ، أو بواطا الجلسي .
(بِيشَةُ)
بكسر الموحدة بعدها مثناة تحتية ، ثم شين معجمة مفتوحة ، وآخره هاء : جاءت فيما نسب إلى ضرار من رثاء ، ومنه :
وما كان ليث ساكن بطن بيشة **** لدى غلل يجري ببطحاء في أجم
بأجرأ منه حـين تــختلف القـنا **** وتدعى نزال في القماقمة البهم
الغلل : الماء الجاري في أصول الشجرة ، والأجمة : الغابة من الشجر ، والقماقمة : السادة الشجعان ، والبهم ، الشجعان أيضا ، كل هذا عن حواشي السيرة .
قلت : بيشة : واد فحل كثير القرى والنخيل والسكان ، ترفده أودية فحول عظام تجعل سيله يشبه خليجا من البحر يأخذ مياه خميس مشيط وما حوله ، وسراة آل حجر الشرقية ، وشرقي سراة بلقرن وخثعم فيتكون وادي بيشة شرقي مدينة الباحة ثم يتجه شرقا بميل إلى الشمال فيسير بين مزارع النخيل التي تشبه الغابات ، والتي يقدر نخلها بأزيد من مليون نخلة ، ثم يفيض سيله في موضع يسمى الفرشة : سهل واسع يحتويه عرق سبيع ، وهو ما كان يعرف برمل بني عبد الله بن عامر ، وهناك يجتمع به سيل : رنية ، والخرمة ، فلا يفيض لاحتواء الرمل له ، وساكن بيشة وجل فروعه قبيلة شهران العريضة ، ليس معها إلا نزيل ، ومن أهم روافده الضخام : وادي تبالة ، ووادي هرجاب ، ووادي ذهبان ، يسمى أسفله بيشة بن هشبل – بطن من شهران – ثم بيشة .
وقاعدة المنطقة " الروشن " مدينة قد يسميها البعض بيشة ، وهي أكبر ما في بيشة من البلدان ، فيها إمارة ومحكمة ووحدة زراعية وشرطة ، ومطار ، وجميع مرافق الدولة ، وبها تجارة رائجة ، وقد تضاعفت الأرض المزروعة بعد انتشار آلات الضخ ، فأنشئت مزارع في أراض كانت قفرا . وبيشة الكبرى : تميز فيقال : بيشة النخل ، تمييزا لها عن مثاني الوادي .
( بيْنُونُ )
بفتح الموحدة ، وسكون المثناة تحت . جاء في قول ذي جدن :
أبعد بينون لا عين ولا أثر ***** وبعد سلحين يبني الناس أبياتا
بينون من حصون اليمن العظيمة ، يقول الهمداني : . . وهي مآثر عظيمة تشابه بينون . وعندما يتحدث عن مخلاف عنس ، يقول : والمآثر به : بينون وهكر . . إلخ . وفي مكان آخر يقول الهمداني : وقطع بينون : جبل قطعه بعض ملوك حمير حتى أخرج فيه سيلا من بلد وراءه إلى أرض بينون : ويعلق الأكوع قائلا : بينون بلد يقع في ثوبان من بلد عنس شمال ذمار بشرق . وذمار : بلدة من جنوب اليمن شمال مأرب .
تَبَالَةُ
بفتح المثناة فوقه ، والموحدة ، وألف ولام ثم هاء : جاء ذكرها مع الشظاة .
وهو واد فحل ذو قرى ومياه ونخل ، يقع جنوب شرقي الطائف على قرابة ( 200 ) كيل . يسيل من سراة غامد وبلقرن ، من نواحي الباحة وبلجرشي وما والاهما جنوبا ، ثم يتجه شرقا فيصب في بيشة ، فهو أحد روافد وادي بيشة ، وأهله شهران . وذكره في كتب المتقدمين غير خامل . وعليه المثل : " أهون من تبالة على الحجاج "
( تَبُوكُ )
بفتح المثناة فوق ، وضم الموحدة ، وبعد الواو كاف : ذكرها ابن إسحاق في خبر مطول ، في غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم المسماة غزوة تبوك ، وجيش العسرة ، وكانت في زمن عسرة ، وفي فصل الصيف في شدة الحر ، كان ذلك في السنة التاسعة للهجرة . قلت : تبوك ، كانت منهلا من أطراف الشام ، وكانت من ديار قضاعة تحت سلطة الروم .
وقد أصبحت اليوم مدينة من مدن شمال الحجاز الرئيسية ، لها إمارة تعرف بإمارة تبوك ، وهي تبعد عن المدينة شمالا ( 778 ) كيلا على طريق معبدة تمر بخيبر وتيماء ، وقد مرت بها سكة حديد الحجاز سنة 1312 هـ ، وهي سكة عطلت إبان الثورة العربية الكبرى ، ولا زالت معطلة .
وترتفع تبوك عن سطح البحر ( 2543 ) قدما ، وفي الخريطة تقع قرب الدرجة = 32 36 طولا ، 27 28 عرضا ، وإلى الشمال منها تقع مدينة معان على ما يقرب من ( 238 ) كيلا شمالا وباديتها بنو عطية ، التي تضرب دائرة حولها . 502
( تَثْلِيثُ )
بفتح التاء المثناة فوق وسكون المثلثة وكسر اللام ثم ياء مثناة تحت ثم مثلثة أخرى : جاء في قول عمرو بن معدي كرب الزبيدي :
أعباس لو كانت شيارا جيادنا **** بتثليث ما ناصيت بعدي الأحامسا
قلت : تثليث واد فحل فيه قرى ومزارع يقع شرق وادي بيشة ، وهما شرق الطائف على بعد ، والاسم اليوم يشمل بلدة متقدمة بها مطار ومدارس وجميع المرافق ، ولتثليث طرق مواصلات برية مع خميس مشيط والرياض وبيشة ، كان من ديار زبيد من مذحج ، وصار اليوم من ديار قحطان ، وهي قحطان – من بقايا مذحج
( تُرْبَانُ )
بضم المثناة فوق وسكون الراء ، ثم موحدة ، على صيغة التثنية : قال ابن إسحاق وهو يذكر طريق رسول الله إلى بدر : ثم مر على تربان ، ثم على ملل ، ثم على غميس الحمام من مريين ، ثم على صخيرات اليمام ، ثم على السيالة ، ثم على فج الروحاء ، ثم على شنوكة .
قلت : تربان ، واد من روافد وادي ملل ، يأخذ من ثنايا مفرحات على " 24 " كيلا ثم يدفع جنوبا غربيا حتى يصب في فرش ملل ، يأخذه الطريق من المدينة إلى مكة ، من رأسه إلى مصبه
(تُرْبَةُ)
بضم التاء المثناة فوق وبعد الراء موحدة ثم هاء : جاء أثناء تعديد سرايا وغزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر .
قلت : تربة ، واد من أودية الحجاز الشرقية طويل ، ذو مياه وزروع وقرى ، أعلاه لغامد ، ووسطه للبقوم ، وأسفله لسبيع . وبه بلدة عامرة تقع شرق الطائف على قرابة ( 200 ) كيل ، تعرف بتربة البقوم ، وينصرف الاسم اليوم إليها ، أما أسفله ففيه بلدة عامرة لقبيلة سبيع تسمى الخرمة ، وهذا الوادي يسيل من سراة غامد قرب الباحة ، ويتعرج بين الشرق والشمال حتى يجتمع مع بيشة ورنية في مكان يسمى الفرشة ، قرب عرق سبيع المعروف قديما برمل بني عبد الله
(تِعِهِّنُ)
بكسر المثناة فوق ، وعين مهملة وتشديد الهاء وآخره نون : جاء في السيرة : ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة " تعهن " كذا جاء في النص بتخفيف الهاء .
قلت : تعهن ، مختلف في ضبط تائه ، وأهله اليوم يشددون الهاء ، ولا يجوز ذلك إلا بتحريك العين : واد من كبار روافد القاحة ، يأتيها من الشرق من جبال قدس فيدفع أسفل من السقيا على مرأى منها ، ونواشغه بين وادي الفرع والقاحة ، وقد وضحته في مخطط طريق الهجرة النبوية في كتابي " على طريق الهجرة "
(تِهَامَةُ)
بالمثناة فوق ، وبالتحريك : جاءت في قول عون بن أيوب الأنصاري :
فـــلما هبطــنا بطن مر تخـزعــت **** خزاعة في خيول كراكر
حمت كل واد من تهامة واحتمت **** لصم القنا والمرهفات البواتر
هذا على أن خزاعة من قحطان ، وهو الأرجح . وأحسن تحديد لتهامة هو : أنها تلك الأرض المنكفئة إلى البحر الأحمر من الشرق ، من العقبة – في الأردن – إلى المخا في اليمن ، ففي اليمن تسمى تهامة اليمن ، وهي هناك واسعة كثيرة القرى والزروع ، وفي الحجاز تسمى تهامة الحجاز ، وهي أضيق أرضا وأقل مياها ، ومنها مكة المكرمة ، وجدة ، والعقبة ، وفي تهامة أودية فحول تأخذ مياه سروات الحجاز واليمن فتصبها في البحر ، وكثير منها خصب كثير الزرع والأهل ، من هذه الأودية : وادي إضم " وادي المدينة " ، ووادي ينبع ، ووادي الصفراء ، ووادي أمج ، ومر الظهران ، والليث ، وقنونا ، وحلي ، وعتود وبيض ، وجازان ، وخلب ، وحرض ومور ، وزبيد . وغيرها كثير
..
مولده ونشأته:
هو الحسن، أبو علي، محمد بن الحسن بن الهيثم، ولد عام 354هـ 965م في البصرة، وكان كثير الأسفار، لم يذكر
المؤرخون شيئاً عن حياته في شبابه، حيث ظلت هذه المرحلة من عمره، غامضة، قدم إلى الشام وعاش فيها وعني بتحصيل العلم، والاطلاع على ماوصل إليه من سبقه من الفلاسفة والعلماء، في وقت كان قد تم فيه نقل آثار اليونان في الفلسفة والعلوم المختلفة، كما تم نقل آثار الهند وفارس، في علوم العدد والفلك، وكانت جميع هذه العلوم قد وجدت بين العرب مكاناً رحباً أساغته عقولهم وتمكنت جميعها في نفوسهم، فشرحوها، وعلقوا عليها، وصححوا أخطاءها، وأضافوا إليها الشيء الكثير من ابتكاراتهم•
علومه ومعارفه:
كان ابن الهيثم يعيش في عصر يملؤه ضجيج العلم، وتتنازع فيه العقول والأفكار بشكل تتألق فيه المعرفة، بنور البحث والكشف والتجريب، فانكب في صبر وجلد يغرف من جميع ذلك، ماوسعه الجهد ودرس كل ما وقعت عليه يداه من الكتب، ولا سيما ما كان قد نقل إلى اللغة العربية، عن العلماء والفلاسفة اليونان، فدرس إقليدس، وأبو لونيوس، وأرشميدس، وبطليموس، والمجسطي، ودرس في المنطق والطبيعة وما وراءها، في كتب أرسطو، وشارك في دراسة الطب، وله دراسة مشاركة وإسهام وتخصص في دراسة العين وتشريحها وغريزتها وتعمق في دراستها حتى كان رائدها•
وقد ورد في الجزء التاسع من معجم المؤلفين أن ابن الهيثم يلقب ببطليموس الثاني، وهو رياضي ومهندس وطبيب وحكيم وعارف بالعربية، ومشارك في علوم كثيرة منها العلوم الطبيعية والرياضية والهندسية، وكان دائماً يقول:" وإني مامُدَّت لي الحياة، باذل جهدي، ومستفرغ قوتي في مثل ذلك، متوخياً منه أموراً ثلاثة: أحدها إفادة من يطلب الحق ويؤثره، في حياتي وبعد مماتي، والآخر، أني جعلت ذلك ارتياضاً لي بهذه الأمور، في إثبات مايتصوره ويتقنه فكري من تلك العلوم، والثالث أني صّيرته ذخيرة وعدة لزمان الشيخوخة وأوان الهرم"•
وكان ابن الهيثم عالماً متقناً لعلوم كثيرة فهو صاحب "التصانيف والتآليف في علم الهندسة"، وكان عالماً في هذا الشأن، متقناً له، متفنناً فيه، قيماً بغوامضه ومعانيه، مشاركاً في علوم الأوائل، أخذ عنه الناس واستفادوا منه• ويقول ابن أبي أصيبعة صاحب طبقات الأطباء "إن ابن الهيثم كان متفنناً في العلوم، لم يماثله أحد من أهل زمانه في العلم الرياضي، ولا يقرب منه"•
مؤلفاته:
ذكر أن لابن الهيثم مايقرب من مئتي كتاب، خلا رسائل كثيرة، فقد ألف في الهندسة والطبيعيات، والفلك، والحساب والجبر والطب والمنطق والأخلاق، بلغ منها مايتعلق بالرياضيات والعلوم التعليمية، خمسة وعشرين، وما يتعلق منها بالفلسفة والفيزياء، ثلاثة وأربعين، أما ماكتبه في الطب فقد بلغ ثلاثين جزءاً، وهو كتاب في الصناعات الطبية نظمه من جمل وجوامع مارآه مناسباً من كتب غالينوس، وهو ثلاثون كتاباً:
الأول في البرهان، والثاني في فرق الطب، والثالث في الصناعة الصغيرة، والرابع في التشريح، والخامس في القوى الطبيعية، والسادس في منافع الأعضاء، والسابع في آراء أبقراط وأفلاطون، والثامن في المني، والتاسع في الصوت، والعاشر في العلل والأعراض، والحادي عشر في أصناف الحميات، والثاني عشر في البحران، والثالث عشر في النبض الكبير، والرابع عشر في الأسطقسات على رأي أبقراط، والخامس عشر في المزاج والسادس عشر في قوى الأدوية المفردة والسابع عشر في قوى الأدوية المركبة، والثامن عشر في موضوعات الأعضاء الآلمة، والتاسع عشر في حيلة البرء، والعشرون في حفظ الصحة، والحادي والعشرون في جودة الكيموس ورداءته، والثاني والعشرون في أمراض العين، والثالث والعشرون في أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، والرابع والعشرون في سوء المزاج المختلف، والخامس والعشرون في أيام البحران، والسادس والعشرون في الكثرة، والسابع والعشرون في استعمال الفصد لشفاء الأمراض، والثامن والعشرون في الذبول، والتاسع والعشرون في أفضل هيئات البدن، والثلاثون جمع حنين ابن إسحاق من كلام غالينوس وكلام أبقراط في الأغذية•
وتبين من تعداد هذه المصنفات أنه ألف في شؤون طبية هامة نقل معظمها عن غالينوس، ولكنه علق عليها وزاد فيها، وألف كتباً أخرى، ذات صلة بالطب والمعالجة، كرسالته في تأثير اللحون الموسيقية، في النفوس الحيوانية، وذلك في وقت لم تكن فيه معالجة بعض الأمراض النفسية، بالألحان الموسيقية قد وجدت طريقها أو احتلت مكانها في دنيا المعالجات النفسية•
شهرته:
وأما شهرة ابن الهيثم الكبرى فجاءته من دراساته الطبيعية والرياضية والهندسية، التي أدخل فيها إلى هذه العلوم نظريات وبحوثاً وتطبيقات جديدة، لم تكن معروفة قبله•
فقد قال عنه الأستاذ مصطفى نظيف في تصديره لكتاب الأستاذ قدري طوقان (الخالدون العرب) : (لقد قلب ابن الهيثم الأوضاع القديمة، وأنشأ علماً جديداً أبطل فيه علم المناظر، الذي أنشأه اليونان، كما أنشأ علم الضوء الحديث، وإن أثره في الضوء لايقل عن أثر(نيوتن) في المكيانيكا، فإن عُدّ (نيوتن) بحق، رائد علم الميكانيكا في القرن السابع عشر، فإن ابن الهيثم، خليق بأن يُعد بحق، رائد علم الضوء، في مستهل القرن الحادي عشر•
وبعد رحيله إلى مصر بأمر من الحاكم بأمر الله الفاطمي، استوطن قبة على باب الجامع الأزهر وراح يعمل بالتصنيف والتعليم ونسخ الكتب القديمة، كان ينسخ في كل سنة ثلاثة كتب، ويبيعها بمبلغ 150 ديناراً هي مؤونته السنوية، وبعد وفاة الحاكم بأمر الله الفاطمي أتم أكبر أعماله العلمية وأعظمها شأناً هو كتاب "المناظر" الذي أحدث دوياً كبيراً في الأوساط العلمية فيما بعد، كما ألف كتاب الذخيرة الذي اختلط أمره على بعض مؤلفي الغرب وظنوا أنه لأبي جعفر الخازن إلى أن وضح هذه الصورة المستشرق الألماني فيدمان Viedmann، وأثبت أن كتاب الذخيرة من تأليف ابن الهيثم، ووصفه ابن خلدون بأنه أشهر العلماء المسلمين، الذين كتبوا في علم الضوء الذي يعود إليه الفضل في إدخال العناصر الأولية من علم الضوء إلى أوربا، وما أورده في كتاب البصائر عن تشريح العين وغريزتها وكيفية الإبصار يدل على أنه كان مطلعاً اطلاعاً عميقاً على عناصر معرفتها فهو وصف العين وصفاً دقيقاً فيما يتعلق بوظيفتها في الإبصار•
وجاءت في كتابه "الذخيرة" ومخطوطة "الفاتح" صور لأجزاء كرة العين وعناصرها التشريحية•
من هنا نستطيع القول: إن ماأتى به ابن الهيثم قبل أكثر من ألف عام، شيء كثير يستحق أن ينحني العلماء أمامه إجلالاً واحتراماً• فهو بحق أكبر فيزيائي عربي، وكتابه في البصريات تضمن أول وصف صحيح للعين بأخلاطها المائية وجسمها البللوري وقرنيتها وشبكيتها وغرفتها المظلمة•
ومن كتبه الهامة أيضاً "الكرة والأسطوانة" و "المخروطات"•
توفي في القاهرة سنة 1039م، ويعد من أعظم العلماء وصاحب عبقرية خالدة ومازالت الحضارة البشرية تستمد منها النور والمعرفة، وكانت مؤلفاته مرجعاً للكثير من علماء الغرب، أمثال بيكون وكيبلرو نيوتن وغيرهم•