لمن نسوق مراكز التربية الخاصة؟
بقلم :محمد العمادي
إن الدخول مباشرة في حيثيات أي موضوع بطريقة مباشرة قد يريح الكاتب نوعاً ما ويوفر عليه عناء البحث عن مقدمة طالت أو قصرت، لهذا آثرت البدء بمقالتي هذه دون أية مقدمات وليعذرني القارئ على بعض عباراتي أو تجاوزاتي إلا أنها الحقيقة التي قد تكون جارحة بعض الشيء.
يعتبر العمل المجتمعي ركيزة من ركائز نمو المجتمعات وتقدمها لما يثمر عنه من تفاعل مجتمعي وإنماء لمؤسسات النفع العام في الدولة، إلا أن ما نراه ونلمسه أحيانا من سوء فهم واستغلال من قبل بعض الشركات لمراكز ذوي الاحتياجات الخاصة ليقلل من أهمية هذا العمل وينقص من قيمته.
هذا يدفعني إلى التطرق إلى حادثة حدثت معي وتكررت لأكثر من مرة وخلال فترات مختلفة، حيث عرض أحد مطاعم الوجبات السريعة وإحدى شركات السياحة بأن يقوموا بدعم مركز دبي للتوحد تفعيلاً للعمل المجتمعي ومساهمة منهم في دعم خدمات المركز التربوية من خلال تقديم وجبات سريعة للأطفال المصابين بالتوحد أو الذهاب بهم إلى نزهة بحرية قصيرة. تساءلت عندها أي دعم مجتمعي سأحصل عليه!! وأي تسويق سيحظي به المركز!!
وأي مردود إيجابي على الأطفال أو حتى على أسرهم وعلى مجتمعهم من هذا الدعم!! وهل نسمي هذه الفعالية أو هذا التسويق لتلك المطاعم والمؤسسات المشابهة دعما مجتمعياً؟
إن الفكرة الأساس من الدعم المجتمعي هو حصول فائدة مجتمعية وإبراز دور الشركات والمؤسسات في دعمها لمسيرة مؤسسات النفع العام في الدولة، وما نجده من مساهمات لبعض المؤسسات والشركات قد يكون في أحيان كثيرة بعيداً كل البعد عن هذا الهدف وتلك الرسالة، بل يتعدى ذلك إلى أنانية تجارية واستخدام خاطئ لمفهوم الخدمة الاجتماعية، حيث تهدف هذه المطاعم والمؤسسات إلى تسويق نفسها واستغلال مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة مستخدمين مصطلح الدعم والمساهمة.
هكذا ننظر إليها وهكذا يجب أن يُنظر إليها، فالدعم الذي لا يخدم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل مباشر وفعّال ولا يدعم برامجهم ولا يحقق غاياتهم التي شُرع من أجلها فالأولى ألا يكون، فليست القضية قضية وجبة أو لعبة نقضي بها وقت مرحاً، على العكس لا بد أن نحاول استغلال جميع أنشطتنا الداخلية والخارجية لتعليم وتأهيل هؤلاء الأطفال واستغلال كل لحظة لما فيه تطورهم ودمجهم كأفراد فاعلين في مجتمعهم.
لعلنا لا نضع في حسباننا ونحن نخطط لتلك الفعاليات والأنشطة الوقت والجهد الذي تستهلكه هذه الفعالية أو تلك، وما هي التكلفة الفعلية لذلك اليوم الدراسي؟
وهل كانت تلك التجربة مفيدة وذات مردود على أطفال المركز على أقل تقدير؟ وماذا كان الهدف الحقيقي وراء ذلك كله؟ أسئلة كثيرة تتزاحم في مخيلتي ولا بد لها من إجابة ولا بد لها من قرار إداري حاسم من إدارات مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة.
المدير العام/عضو مجلس الإدارة مركز دبي للتوحد