التمويل مشكلة أساسية و115 طالباً وطالبة على قوائم الانتظار
مراكز ذوي الاحتياجات في القطاع الخاص إمكانات قليلة وقدرات استيعابية محدودة آخر تحديث:الاثنين ,28/04/2008
تحقيق: ريم الهاجري – شيرين الشامسي
1/2
تنفذ الدولة من خلال مؤسساتها الحكومية والخاصة والأهلية العديد من مشاريع دمج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي، ويعاني هؤلاء الطلبة من إعاقات مختلفة منها الحركية، والسمعية، والبصرية، والشلل الدماغي، والإعاقات الذهنية والسلوكية، وصعوبات تعلم، وقد تم دمج 50 طالباً وطالبة، على مستوى الدولة العام الماضي في مدارس التعليم العام، بينما هناك 115 طفلاً على قائمة الانتظار من دون رعاية وتأهيل، إما لقلة الكوادر البشرية المدربة أو لعدم وجود شواغر بسبب الطاقة الاستيعابية للمباني، فبقوا على قائمة الانتظار في حين يحتاجون إلى مراكز تحتضنهم ليحظوا بفرصة في المجتمع والتعليم، حتى يواكبوا عملية الدمج الذي ينفذه عدد من الجهات والمؤسسات.
هذه الحالة تتطلب تفعيل دور المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة المختصة، للمشاركة مع مؤسسات ومراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، عبر تبني أسلوب دمجهم في المدارس النظامية، ما يسهم في توفير أماكن للأطفال المسجلين على قائمة الانتظار منذ أكثر من عام.
“الخليج” التقت بعض أولياء أمور أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة مقيمين في أبوظبي، ونقلت صورة واقعية لمعاناتهم، وعدم قدرة المركز الوحيد الشامل في العلاج التأهيلي على استيعاب أبنائهم، وعدم توافر مراكز للإعاقات الأخرى.
تقول والدة الطفل راشد عصام البطاينة من ذوي الاحتياجات: “تسبَّبَ خطأ طبي أثناء ولادة ابني قبل 8 أعوام أن يعيش معاقاً بمرض “الشلل الدماغي”، بالإضافة إلى عدم قدرته على السير منذ صغره إلا باستخدام الممشى “الووكر”، ونتيجة ذلك الخطأ، أدخلته مركز الضياء لذوي الاحتياجات الخاصة، المتخصص بعلاج الإعاقات الحادة لمرض “الشلل الدماغي”، حيث كان المركز الوحيد على مستوى أبوظبي المتخصص في استقبال مثل تلك الحالات فقط”.
وأضافت: “ان ابني استفاد كثيراً من مركز الضياء حيث بدأ يتحسن ذهنياً، ومع مرور الوقت أخبرتنا إدارة المركز أنه سيغُلق خلال فترة وجيزة، ويجب علينا نقل أطفالنا إلى مركز آخر بديل قبل إغلاقه فعلياً، فبدأنا أنا وزوجي رحلة البحث عن مركز آخر، حيث لم نجد في أبوظبي إلا مركزاً واحداً يستطيع مساعدة ابننا وتأهيله، وهو مركز المستقبل”، مشيرة إلى أن المراكز الأخرى لا تقبل الإعاقات الشديدة مثل حالة طفلها.
وأوضحت أنها تقدمت بطلب قبول ابنها (راشد) في مركز المستقبل قبل إغلاق مركز الضياء، وهنا بدأت المفاجأة، وهي أن مركز المستقبل لا يستطيع قبول طفلها، بسبب اكتمال نِصابه العددي، واكتفائه بما لديه من الطلبة، كما أن المكان لا يتسع لاستقبال معاقين آخرين، مشيرة إلى أنه تم السماح لها فقط بتسجيل اسمه ضمن قائمة الانتظار، حتى تسنح الفرصة له ولغيره عند خروج أحد الطلبة المعافين من المركز.
وقالت: “تولَّد عندي وعند زوجي شعور بالقلق إزاء إغلاق مركز الضياء منذ أكثر من 5 شهور، فسعينا إلى تقديم طلب في مركز التأهيل الطبي الحكومي بالمفرق، التابع لهيئة الصحة في أبوظبي، ذلك من أجل تأهيل طفلنا (راشد)، وأتت الموافقة حديثاً بإمكانية ضمه إلى المركز فقط لفترة محددة من جلسات العلاج”، موضحة أنهما جلستان علاجيتان فقط مدة كل منهما ساعة واحدة على مدار يومين كل أسبوع، من دون توافر الخدمات التدريسية والاندماج مع الأطفال من ذوي الإعاقة نفسها.
واختتمت حديثها والدمع يذرف من عينيها قائلة: “طفلي راشد يحتاج إلى علاج تأهيلي وطبيعي مكثَّف أكثر من أي وقت آخر”، مناشدة الجهات المعنية سواء كانت حكومية أم خاصة بالوقوف معهم في محنتهم ومساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على تكملة علاجهم التأهيلي، إما بافتتاح مراكز أخرى تستوعب هؤلاء الأطفال أو بالسماح لهم بإدخالهم في المراكز الحكومية التي تعنى بإعاقات الاحتياجات الخاصة.
مراكز تأهيلية
من جهتها شرحت والدة الطفل أحمد مثقال أحمد الحدَّاد، من سكان بني ياس، قصة عدم وجود مراكز التأهيل الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، لمعالجة “الشلل الدماغي”، واضطرارها إلى السفر مع طفلها لتكملة العلاج في دولة التشيك قائلة: “تعرقلت مسيرة حياتي وحياة طفلي البالغ من العمر 8 أعوام عند إغلاق مركز الضياء”، موضحة أن إدارة المركز أشعرتها قبيل إغلاقه بضرورة البحث عن مركز آخر. ولأنه لا يوجد مركز تأهيلي في أبوظبي يقبل أطفال “الشلل الدماغي”، وخاصة حالات الإعاقة الشديدة سوى مركز المستقبل، توجهت إليه مباشرة، حيث وجدت قائمة انتظار أسماء وصلت إلى العشرات أمام طفلها، وأن هناك أولوية في عملية القبول حسب، من سبق في التسجيل أولاً.
وأوضحت أن حالة ابنها كانت تتدهور يوماً بعد يوم، بعد إغلاق مركز الضياء، خاصة أنه استفاد منه سابقاً في تأهيله وتقدمه، حيث لم تتحمل أن يقبع ابنها في البيت غير راضٍ عن نفسه، فسعت باحثة عن مكان تستطيع من خلاله تأهيله.
وقالت: “بناء على ما سبق، استند والد (أحمد) إلى إمكانياته المادية البسيطة، حيث يعمل مشرف عمال في شركة خاصة، وعمل على إرسالي مع طفلنا المعاق إلى دولة التشيك للعلاج، موضحة أن مرحلة التأهيل استمرت قرابة 3 أشهر، وبلغ إجمالي المصاريف التي تكبدها والده من إقامة وعلاج وعمليات تأهيل وتذاكر سفر وغيرها، 80 ألف درهم”، لافتة إلى أن مؤسسة “وقف عبدالجليل الخيرية” قامت بسداد الجزء المتعلق بالعلاج متحملة بذلك قيمة مالية بلغت 27 ألف درهم من المبلغ الإجمالي.
وأضافت أن ابنها يتلقى علاجه التأهيلي حالياً بمركز التأهيل الطبي الحكومي في المفرق بمعدل جلسة واحدة في الأسبوع، مدتها ساعة فقط.
وناشدت والدة (أحمد)، الجهات المسؤولة أن تتفاعل مع وسائل الإعلام المختلفة، حينما تعرض قضية أحد المعاقين، مقترحة إنشاء مراكز حكومية وخاصة تتابع حالات ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنها حالات الإعاقة الشديدة التي لا تقبلها أغلبية المراكز، والوقوف على احتياجاتها.
سنتان من الانتظار
وأكدت والدة الطفل (حمزة عادل أحمد)، المُصاب بإعاقة “التأخُّر النمائي”، أنها قد تقدمت منذ سنتين إلى مركز المستقبل لتسجيل طفلها البالغ من العمر حالياً 6 أعوام، موضحة أنه إلى الآن لم يلحقه الدور في القبول.
وأشارت إلى أن ابنها يحمل جميع الصفات الطبيعية، ويحتاج إلى جلسات في النطق وبرامج تأهيلية متخصصة، كما أنه لا يقدر على المشي من تلقاء نفسه إلا بواسطة استخدام الممشى “الووكر” أو بمساعدة الآخرين، مع اكتسابه حديثاً مهارات السير وحده.
وأوضحت أنه بعد إغلاق مركز الضياء، قامت بتسجيل طفلها بمركز أبوظبي لاضطرابات اللغة والكلام، حيث قَبِلَ الأخير به كون درجة إعاقته غير شديدة.
وطالبت والدة الطفل (حمزة)، الجهات الحكومية بتوفير مدارس وفصول خاصة، للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تتناسب مع قدراتهم وحالاتهم الصحية لتطوير مهاراتهم، حتى يتم دمج هؤلاء الأطفال في المراكز الحكومية التي تعنى بهم، مع ضرورة تقديم الدعم المالي سواء من القطاعات الحكومية أو الخاصة للجهات التي تحتضن هؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى تخفيف الرسوم المالية التي يدفعها أولياء الأمور لعلاج أطفالهم.
كما التقت “الخليج” عدداً من مديري المراكز، وأولياء امور ذوي الاحتياجات الخاصة الذين اشتكوا من عدم استيعاب أطفالهم في مراكز لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة بحجة الانتظار على قوائم قبول أبنائهم في المراكز ما شكل أزمة نفسية واجتماعية لعدم وجود مراكز تستوعب أطفالهم، حيث تقف هذه الأسر مكتوفة الأيدي تجاه طفل معاق من غير اهتمام أو تطوير بمهاراته وعلاقاته الإنسانية، مطالبين بتدخل الجهات الحكومية المختصة لتوفير الدعم والرعاية النوعية لأطفالهم وإيجاد مراكز متخصصة بديلة يتم إدخال أبنائهم فيها.
وأكد عدد كبير من أولياء الأمور أنهم في طي النسيان وهذا سيزيد الأمر سوءاً وخطراً، لا تدركه الجهات المسؤولة مع مرور الزمن على أعمار تلك الفئة ممن تعدوا سن الاهتمام لدى المراكز المتخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة حيث يبقى المعاق بلا اهتمام أو متابعة ويظل يعاني من الإهمال وتدهور صحته إلى أن يصل إلى حالة ميؤوس من شفائها.
قدرة الاستيعاب
وقال مدير مركز المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة، موفق مصطفى: بلغ إجمالي القدرة الاستيعابية لمركز المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة في أبوظبي، 180 طالباً، مقسمين على صفين. الأول، يشمل الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً مجزئين إلى مجموعات حسب تصنيف الإعاقات والعمر، والثاني، صغار الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 أعوام وأقل من 15 سنة، مجزئين كما سبق مع خلق الأثر الطيب في حياة الكثير من طلابه (ذكوراً كانوا أم إناثاً)، حيث استطاع بعض هؤلاء الطلبة الالتحاق بالتعليم النظامي السائد في الدولة، مشيراً إلى أن المركز أعد قائمة انتظار طويلة حيث بلغ عدد المسجلين 60 فرداً، من فئات عمرية مختلفة، من ضمنهم بعض المصابين بإعاقات شديدة، لم يتسنَ للمركز استيعابهم؛ بسبب عدم قدرة المبنى (فيلا) المكون من 3 طوابق و22 فصلاً على أن يحتضن الجميع، منوهاً بأن المركز يتلقى سنوياً دعماً مادياً من بعض الجهات الحكومية الرسمية والأهلية والخاصة تصل إلى نحو 4 ملايين درهم، موضحاً أن ارتفاع تكاليف الإيجار، والسعة الإجمالية لمساحة المركز، وتكلفة المعدات والأجهزة المستخدمة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى ارتفاع أجور العاملين الأكاديميين والمدربين، لا تمكّن من استيعاب أعداد أخرى من المعاقين.
وأوضح أنه منذ البداية كان المركز ولا يزال يساعد الطلبة على اكتساب المهارات الشخصية والاجتماعية ومهارات التواصل إلى جانب المهارات الأكاديمية، حيث وَفَّرَ 94 مدرساً ومدرباً أكاديمياً من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة مؤهلين أن يعيشوا ويتعايشوا في بيئة عمل منظمة وهادفة قادرة على العمل الاجتماعي وتقديم البرامج التأهيلية المتنوعة لذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن كل طالبين اثنين يقابلهما مدرس واحد يتابع حالتي الإعاقة.
دمج الطلبة
وأشار إلى أن مساهمة أولياء أمور الطلبة، والمتطوعين، جنباً إلى جنب، وسط جو من المساندة والعناية الفائقة، ساعدت المركز على إدماج أكثر من 30 طالباً في مدارس عادية بشكل جزئي خلال 7 أعوام من إنشائه، لافتاً إلى أن هؤلاء الطلبة هم من الذين تبيَّن أن لديهم القدرة على الاندماج مع البيئة الطلابية الطبيعية، على الخضوع لتدريب مكثف في جميع المجالات الأكاديمية.
وقال: إن التمويل هو المشكلة الأساسية التي تواجه المراكز المعنية بالإعاقة، موضحاً أن الحكومة من غير الممكن أن تخصص ميزانية سنوية تغطي كامل احتياجات المراكز التأهيلية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
وبلغ عدد الطلبة في مركز الرعاية الخاصة بأبوظبي نحو 66 طالباً وطالبة، من 14 جنسية مختلفة، تتراح أعمارهم بين ثلاث سنوات و18 سنة، حيث يقدم لهم الرعاية الخاصة والتعليم المناسب خاصة إلى الأطفال الذين يعانون من إعاقات فكرية أو جسدية، وذلك بغية أن يصبح هؤلاء الطلاب قادرين على تطوير شخصياتهم بشكل يؤهلهم للانخراط في المجتمع الذي يعيشون فيه وعيش حياة طبيعية قدر الإمكان.
وكشفت الرئيسة التنفيذية لمركز الرعاية الخاصة، ريم الفهيم، عن أن المركز يسعى إلى جمع مبلغ 25 مليون درهم من خلال التبرعات والمساهمات، وذلك لإقامة مركز متكامل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إن المركز الحالي أصبح غير مناسب للطلبة مع مرور الوقت وازدياد الأعداد، كما ظهرت مشكلة احتياج الأطفال إلى مكان أوسع لإقامة الفصول التعليمية ومساحات لممارسة الأنشطة الخاصة بهم، حيث أصبح المركز بحاجة إلى مبنى أكبر لاستيعاب عدد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن عدد المسجلين في قائمة الانتظار تعدَّى ال 55 فرداً من فئات عمرية مختلفة، كما أن إدارة المركز أوقفت استقبال الطلبات من أولياء الأمور نظراً لانتظار بعضهم منذ أكثر من عام.
مصادر التمويل
وأوضحت أن مركز الرعاية الخاصة، يعتبر مركزاً خيرياً لا يهدف إلى الربح، وأن مبنى المركز (فيلا) الحالي يتكون من طابقين، وانه يتكون من 6 فصول دراسية يستوعب كل منها ما بين 8 و12 طالباً وطالبة، ومزود بالمعدات اللازمة للتعليم والتأهيل والتدريب. ويضم المركز كذلك قسما إداريا، ويحتضن الأطفال من ذوي الإعاقات التي تتفاوت ما بين المتوسطة والبسيطة، لافتة إلى أن المركز يتلقى دعماً مالياً سنوياً من جمعية القلوب الرحيمة، حيث يغطي الدعم حوالي 70% من مصاريف واحتياجات المركز، فضلاً عن مصدر آخر للتمويل يوفر نحو30% من دخل المركز وهو قيمة اشتراكات الأطفال السنوية والذي يبلغ خمسة آلاف درهم في السنة.
وقالت ريم الفهيم إن القائمين على المركز تقدموا إلى الجهات المعنية في الحكومة للحصول على قطعة أرض، وإنه إذا تمت الموافقة على التخصيص فإن ذلك سيوفر مبلغاً كبيراً للمركز، من أجل تكاليف إنشاء المبنى بحيث يكون متخصصاً ومهيأ لهذه الفئة، مشيرة الى أن المشروع يهدف إلى تقديم الرعاية والتأهيل لحوالي 300 طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشارت إلى أن حملة المركز لجمع التبرعات ستستمر لمدة عام بدءاً من مارس/ آذار الحالي، وأنها ستتضمن العديد من الفعاليات والأنشطة المتميزة شهرياً، موضحة أنه سيجري جمع التبرعات من خلال طرح كوبونات تحمل نموذجا للمبنى الجديد، بفئات مالية مختلفة تبدأ من خمسة دراهم حتى 100 درهم، مشيرة إلى أنه تم جمع مبلغ مليون و200 ألف درهم، خلال حفل تم تنظيمه لبيع اللوحات الفنية لعدد من الفنانين في مزاد علني، بحيث يعود ريعه للمركز، بالإضافة إلى مشاركة طلبة المركز بعدد من اللوحات والتي تم بيعها أيضاً، إلى جانب مساهمة مؤسسة الإمارات بقيمة 900 ألف درهم يتم تقديمها على مدى ثلاث سنوات لتجهيز “وحدة التكامل الحسي” التي يجري العمل حالياً على إنشائها في المركز.
وتحدثت الرئيسة التنفيذية، عن أن الهدف من إنشاء “وحدة التكامل الحسي” التي قرر المركز أن تحمل اسم “مؤسسة الإمارات”، هو تحسين المهارات الحسية الحيوية للأطفال الذين يعانون من خلل في نظام التكامل الحسي، وسيتم استخدام التمويل المالي الذي قدمته مؤسسة الإمارات في شراء المعدات والأجهزة الطبية والفنية التي صممت لمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يعانون من مرض التوحد، أو”متلازمة داون”، أو غيرهما من الأمراض التي قد تعيق التعلم لتحقيق نتائج طبية إيجابية بعيدة المدى.
وذكرت أنه تم شراء هذه المعدات والأجهزة أنه تم جمع مبلغ 945 ألف درهم لمصلحة المركز، من خلال المبادرة التي أعلن عنها بنك “ستاندرد تشارترد” – أحد البنوك الأجنبية في الإمارات- بالتبرّع من خلال خوض بطولة الثلاثي “تحدي الرجل الحديدي”، التي يشارك فيها أفضل الرياضيين وليتسابقوا ضمن تحد يتضمن السباحة وسباق الدراجات الهوائية وسباق الماراثون، حيث ستموّل عملية بناء المركز الجديد وستوفر التعليم لضعف عدد الأطفال الحالي.
التعليم والمناهج
ومن جانبها قالت نيشا توماس، رئيسة قسم التعليم والتدريب في “مركز الرعاية الخاصة في أبوظبي”، إن التعليم الخاص بالأطفال المعاقين فكرياً وجسدياً يحتاج إلى عدد من الأمور تتمثل في توفير منهاج تعليمي خاص، مصمم بشكل يساعد الأطفال على تعلم مهارات الحياة الطبيعية، والأساليب التقييمية، وأساليب التعليم المعتمدة على طرق ومناهج اللعب الإدراكي والمعرفي، وتعليم طرق المساعدة، وتمييز أنواع المواد والمعدات، إلى جانب العلاج المساعد من خلال العلاجات المختلفة مثل تطوير مهارات القدرة على التكلم والمخاطبة، والتأهيل الوظيفي والفيزيائي، والموسيقي، والفنون والمهن، كما أن المنهج مصمم لتلبية كل الاحتياجات التدريبية للطلاب الذين يعانون من حالات مختلفة مثل متلازمة داون، والتوحد، والضعف الفكري، والشلل الدماغي، واضطرابات متطورة أخرى، موضحة أن المركز يعتمد على المناهج التي تركز على تطوير المهارات في عدد من المجالات.
برامج التقييم
وأوضحت أن الهدف من التقييم التعليمي هو معرفة المستوى الأساسي للطلاب، وبناء عليه يتم تقديم برامج التعليم الفردية المتطورة للطلبة، والمتوافقة مع احتياجاتهم التدريبية، مضيفة أن برامج التدريب لطلبة مركز الرعاية الخاصة، مدعومة من خلال علاج القدرات اللغوية، ويتم فيه تطوير القدرات اللغوية والمحادثة للأطفال، من خلال استعمال تقنيات حديثة وأجهزة متطورة في مجال تنمية المهارات.
وذكرت أن هناك علاقة تعاون وثيقه بين العاملين لدى مركز الرعاية الخاصة وأولياء أمور الأطفال، ويتم عقد اجتماع كل 3 أشهر بين الآباء والمدرسين والاخصائيين، ما أسهم في دمج ثلاثة طلاب في المدارس النظامية. وإلى جانب ذلك أن المركز يؤمن بأن تقديم العديد من الخبرات المتنوعة يشجع على اكتشاف الجوانب الايجابية الخفية للأطفال، موضحة أنه يتم اصطحاب الطلبة في رحلات خارجية للمساهمة في اندماجهم في المجتمع، إلى جانب تنمية مهاراتهم الإبداعية وملكاتهم الخاصة من خلال الدراما، والموسيقا، والعزف، والرسم والأداء المسرحي، والجولف وركوب الخيل والسباحة واليوغا والكاراتيه، والتي تعتبر جزءاً من نشاطات المركز.
وأشارت إلى وجود أعداد كبيرة من المتطوعين الذين يشكلون جمعية المتطوعين، الذين يعملون على مساعدة هيئة التدريس والمعالجين بشكل مستمر في النشاطات التي يتم فيها جمع التبرعات.
نقص الكوادر
ومن جهتها أفادت وفاء بن سليمان مديرة إدارة رعاية الفئات الخاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية، بأنه على الرغم من توافر الكثير من التخصصات في المراكز الخاصة والحكومية في الدولة إلا أن هذه المراكز تحتاج إلى المزيد من الكوادر المختصة، خاصة في مجال علاج اللغة والكلام والعلاج الوظيفي، وذلك نظراً لعدم توافر هذه الاختصاصات في الجامعات الإماراتية، وهذا الأمر ينطبق على العديد من الدول العربية التي لا تكفي مخرجاتها من هذه الاختصاصات حاجة مراكز ومؤسسات المعاقين، مشيرة إلى أن عدد الطلبة في المراكز الحكومية والخاصة لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى الدولة حسب آخر إحصائية بلغ حوالي 3753 طالباً وطالبة في 36 مركزاً ومؤسسة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضافت: ان سياسة القبول في المراكز الخاصة ترجع إلى طبيعة المركز من حيث ترخيصه وقدرته على استقبال مثل هذه الحالات، وتوفير المختصين القادرين على التعامل معها، حيث تحتاج هذه الحالات إلى الكثير من الرعاية والخدمات الصحية والحياتية اليومية بإشراف مباشر، الأمر الذي يرفع من كلفتها، إضافة إلى أن بعض هذه الحالات نظراً لشدتها وتلقيها الأدوية ومعاناتها من النوبات والانتكاسات المفاجئة، فإنها تخضع للرعاية الطبية في المستشفيات. وعلى الرغم من ذلك هناك بعض الحالات الشديدة الملتحقة بالمراكز التابعة للوزارة نظراً لأسباب خاصة بظروفها الأسرية ووضعها النفسي والاجتماعي، ما يتطلب تقديم بعض المهارات الأساسية لها.
توجه لإنشاء مركز جديد متخصص ومتطور
قال محمد عبدالجليل الفهيم، رئيس مجلس إدارة مركز الرعاية الخاصة: إن المركز يهدف إلى تقديم خدمات تخصصية تأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة، لتأهيلهم جسدياً واجتماعياً ونفسياً، ويسعى لمساواتهم بالأسوياء من خلال خدماته التأهيلية الشاملة، مؤكداً أن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة سمة المجتمعات المتحضرة والراقية، وديننا الحنيف يحث على ذلك، ويشجع على العمل في هذا المجال.
وأضاف: تجلت خدمة هذه الفئة في مجتمعنا في كثرة الجهود المبذولة التي تتمثل في تنوع وتعدد الخدمات التي تقوم بها الدولة بإنشاء مراكز، إلى جانب مساهمة القطاعين الأهلي والخاص في إنشاء مراكز تلبي حاجة فئات مختلفة من المجتمع، لافتاً إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة فئة بالغة الأهمية، أثبتت قدرتها على العطاء، شأنها في ذلك شأن بقية أفراد المجتمع، موضحاً أن نشر الوقاية من الإعاقة من خلال توفير سبل الوقاية والمشاركة مع بقية قطاعات الدولة في زيادة الوعي تجاه هذه الفئة وتوضيح الحقوق التي يجب تقديمها لهم ضمن أهداف المركز، إضافة إلى تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المجتمع.
وأشار رئيس مجلس إدارة المركز، إلى أن المشروع سيكون بجهد ودعم مضاعف من المجتمع والقطاع الخاص، موجهاً الدعوة للجميع، لزيارة فعاليات حملة التبرع، التي ستنطلق خلال مارس/ آذار الجاري، وتستمر لمدة عام، للوقوف على تلك الأنشطة والاستفادة مما يقدمه المركز لزواره من آراء وتوجيهات يمكن الاستفادة منها في التعرف إلى احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركتهم في تفعيل الخدمات المتعلقة بهم.
وذكر أن المشروع يهدف إلى جمع التبرعات من أجل بناء مركز جديد متخصص ومتطور، يقدم خدمات ذات مستوى عالٍ لطلبة المركز المسجلين فيه والأطفال الذين ينتظرون على قائمة الانتظار، والذين حرموا من أبسط حقوقهم في الرعاية والتأهيل والاندماج في المجتمع، ولهذا أقدم لكم حملة لجمع التبرعات تحت شعار “طوبة منكم.. طوبى لكم.. تبرع بطوبة” لإنشاء المركز.
كما أشار الفهيم إلى أن المركز الجديد سيعمل خلال الفترتين الصباحية والمسائية، حيث ستخصص الفترة المسائية للحالات غير المسجلة في المركز، وهو مزود بكل الوسائل الحديثة والبصرية، وفيه أقسام متعددة منها تقديم خدمات علاجية تتضمن القدرات اللغوية، وعلاج التحرك العضوي، والنفسي، وتقديم استشارات ونصائح للأهالي وتنظيم مقابلات جماعية، كما يحتوي على وحدة التقويم الجسدي، وقاعة التمريض، بالإضافة إلى تقديم خدمات الرعاية للطلبة من خلال إنشاء قاعات الدراسة، ووحدة التدخل المبكر، والعلاج المهني، والمكتبة، والمختبر للحاسوب والعلوم، وتعليم الفتيات الاقتصاد المنزلي، وقاعات الفنون والحرف، والموسيقا، والتكامل الحسي.
كما سيوفر المركز الأنشطة الخاصة بالسباحة، والرياضة، مضيفاً أن المركز سيضم محلاً للهدايا المدرسية، واستراحة، وقاعتين واحدة للمحاضرات، وأخرى للاجتماعات، كما سيكون هناك ركن للعب وذلك لتنمية قدرات وطاقات ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أقصى حدودها.
438 طالباً وطالبة من مراكز“الشؤون” للرعاية
أكدت وفاء بن سليمان أن جميع الخدمات المقدمة من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الأشخاص ذوي الإعاقة في مراكز التأهيل التابعة لها، مجانية، ولا تندرج الأهداف الربحية تحت تصورات واستراتيجية عمل الوزارة، إلا أن الموضوع يخضع للدراسة والبحث من مختلف الجوانب، خاصة بالنسبة لحالات غير المواطنين الذين يريدون الالتحاق بمثل هذه المراكز والذين تشكل الخدمات المرتبطة بإعاقة أبنائهم عبئاً مادياً كبيراً عليهم.
وتحدثت عن طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في مراكز الرعاية والتأهيل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في الدولة، فأشارت إلى أن عددهم يبلغ 438 طالباً وطالبة، من ضمنهم خمس حالات لغير المواطنين، موزعين ما بين 4 حالات في رأس الخيمة، وواحدة في دبا الفجيرة، لافتة إلى أن عددهم يبلغ في دبي نحو 142 حالة، وفي عجمان نحو ،37 بينما يبلغ عددهم في رأس الخيمة نحو ،134 إلى جانب 88 حالة في الفجيرة، و37 في دبا الفجيرة، وتحرص الوزارة على توفير الخدمات التأهيلية والاجتماعية المتكاملة لهذه الفئات سواء أكانت إعاقتهم ذهنية أم حسية أم حركية على اختلاف درجاتها.. بسيطة أو متوسطة أو شديدة، وفقاً لأحدث الأساليب المعاصرة.
وأوضحت أن الذكور بلغت نسبة الإناث 41%، كما أن طلبة مراكز رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى الدولة، يقعون ضمن أربعة قطاعات هي القطاع الحكومي الاتحادي وتبلغ نسبة المنتسبين فيه 12% أما القطاع الحكومي المحلي فتبلغ نسبتهم فيه 24%، وفي القطاعين الأهلي والخاص تبلغ النسبة 64% مقسمة بالتساوي بينهما 32% لكل منهما.
وقالت: إن هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تقدم دعماً مادياً لبعض المراكز الخاصة وذلك عن طريق تغطية أقساط بعض الطلاب المحتاجين، إضافة إلى رعاية بعض الأنشطة التي تقوم بتنظيمها هذه المراكز، وهذا ينطبق على الجهات الخيرية الأخرى التي تتولى رعاية المناسبات والنشاطات.
كما أوضحت وفاء بن سليمان أن هناك انسجاماً مع التوصيات الاستراتيجية للوزارة في الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص وإعلاء المسؤولية المجتمعية، حيث تسعى إدارة الفئات الخاصة إلى أن يكون العديد من المناسبات والأنشطة في المراكز والمطبوعات والمؤتمرات والندوات التي يتم تنظيمها برعاية من القطاع الخاص لإشراكه في المسؤولية الاجتماعية تجاه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.